غموض حول مصير الجولة السادسة من المفاوضات الأميركية الإيرانية وسط حالة من التوتر

يكتنف الغموض مصير الجولة السادسة من المفاوضات النووية بين الولايات المتحدة وإيران، التي كان يُفترض أن تُستأنف نهاية هذا الأسبوع في سلطنة عُمان، وسط حالة من التوتر المتزايد في المنطقة مع تعثر الوصول إلى اتفاق بين البلدين، في ظل رفض الإدارة الأميركية السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم، وإصرار الأخيرة على أن ذلك يجب أن يستمر داخل حدودها.
ونقلت صحيفة واشنطن بوست، عن مسؤولين أميركيين، قولهما إن جهود إحياء المفاوضات النووية بين واشنطن وطهران تعثّرت. وبينما لم تُعلن أي من العاصمتين رسميًا إلغاء الجولة السادسة، قال المسؤولان، أمس الأربعاء، إن انعقادها بات مستبعدًا بشكل متزايد، في ظل تزايد التوترات الإقليمية، وتصاعد التحذيرات من احتمالات التصعيد العسكري. وأفادت الصحيفة بأنّ الولايات المتحدة في حالة تأهب قصوى تحسبًا لضربة إسرائيلية محتملة على إيران.
إلا أن موقع أكسيوس الأميركي، أفاد، فجر اليوم الخميس، نقلا عن مسؤول أميركي بأن مبعوث البيت الأبيض ستيف ويتكوف سيلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في مسقط يوم الأحد لمناقشة رد طهران على المقترح الأميركي الأخير. وبينما لم تُقدّم إيران ردها بعد على المقترح الأميركي بشأن الاتفاق النووي، قال المسؤول: “يزداد احتمال انعقاد الجولة السادسة من المحادثات كما هو مخطط له”.
ويأتي هذا بعد أن قال مسؤول أمني عراقي ومصدر أميركي لوكالة رويترز الأربعاء إن السفارة الأميركية في العراق تستعد لإخلاء منظم نظراً لتزايد المخاطر الأمنية في المنطقة، وذلك بالتزامن مع استعدادات مماثلة تجريها وزارة الخارجية الأميركية لإصدار أوامر لموظفي سفارتي واشنطن في البحرين والكويت غير الأساسيين وأفراد عائلاتهم بمغادرة البلدين، لكن سفارة واشنطن في الكويت نفت ذلك. وفي غضون ذلك، قال مسؤول أميركي لوكالة رويترز إنّ الجيش الأميركي سيسمح لعائلات العسكريين الأميركيين في البحرين بمغادرة المملكة مؤقتاً بسبب التوتر المتصاعد في المنطقة.
وأعلنت إيران، الثلاثاء، أن “التحضيرات جارية” لعقد الجولة السادسة من المفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة يوم الأحد المقبل في سلطنة عُمان. ويسود ترقّب لرد إيران على المقترح الأميركي الذي تسلمته عبر سلطنة عُمان قبل نحو أسبوعين، إلى جانب تصعيد من جانب الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وألمانيا، في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، حيث تسعى هذه الدول لاستصدار قرار يتهم إيران بعدم التعاون مع الوكالة، فيما تؤكد السلطات الإيرانية اعتزامها الرد على ذلك.
وكانت الجولة الخامسة من المفاوضات، التي انعقدت في روما، يوم 23 مايو/ أيار الماضي، قد حقّقت “تقدمًا ما لكنه غير حاسم”، بحسب وزير الخارجية العُماني بدر البوسعيدي، الذي قال عبر منصة إكس: “نأمل أن نوضح القضايا المتبقية في الأيام المقبلة، لنتمكن من المضي قدمًا نحو هدفنا المشترك المتمثل في التوصل إلى اتفاق مستدام ومشرّف”. وقال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، حينها وفق ما نقله التلفزيون الرسمي الإيراني، إن البوسعيدي “قدّم أفكارًا سيتم نقلها إلى عاصمتي البلدين دون أن تُشكّل التزامات على أي طرف”، مضيفًا: “هذه المفاوضات معقّدة للغاية بحيث لا يمكن حلّها في اجتماعين أو ثلاثة… لسنا هناك بعد، لكننا لسنا محبطين أيضًا”. في المقابل، أفاد مسؤول أميركي رفيع تحدث لـ”أسوشييتد برس” شرط عدم الكشف عن اسمه بأن المفاوضات المباشرة وغير المباشرة “ما تزال بنّاءة”، وأنه “تم إحراز مزيد من التقدم، لكن لا يزال هناك عمل يتوجب القيام به”.
وتبقى مسألة تخصيب اليورانيوم هي نقطة الخلاف الأساسية. ففي حين طرحت واشنطن إمكانية السماح لإيران بالتخصيب بنسبة 3.67%، إلا أن موقفها تطوّر لاحقًا ليطالب بوقف كامل لأي نشاط تخصيب. من جانبها، تؤكد وزارة الخارجية الإيرانية أن التخصيب يجب أن يستمر داخل حدود البلاد، وسبق أن فشل اقتراح مماثل بتبادل الوقود عام 2010.
واشنطن تستعد لإخلاء سفاراتها في العراق والبحرين والكويت
وتشير “أسوشييتد برس” إلى أن إيران تمتلك مخزونًا من اليورانيوم المخصب بمستويات قريبة من درجة صنع الأسلحة، رغم أن خبراء يرجّحون أن إنتاج قنبلة فعالة قد يتطلب عدة أشهر. ووفقًا لتقرير حديث صادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأميركية، فإن “إيران لم تبدأ على الأرجح إنتاج أسلحة نووية، لكنها اتخذت خطوات تُسرّع قدرتها على ذلك في حال قررت المضي”.
إلى ذلك، كشف “أكسيوس”، الأربعاء، أنّ الخطوات الأميركية غير الاعتيادية بشأن البعثات جاءت قبل جولة تفاوضية كانت توصف بأنها “حاسمة”، وسط تهديدات أطلقتها طهران باستهداف القواعد الأميركية ردًا على أي هجوم على منشآتها النووية، في حين أشارت مصادر إسرائيلية إلى حالة “تأهب قصوى” لدى جيش الاحتلال الإسرائيلي تحسبًا لأي تصعيد.
وأفاد “أكسيوس” بأنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب سبق أن حدد مهلة مدتها شهران للتوصل إلى اتفاق، وتنتهي هذا الأسبوع. وبدورها أكدت بعثة إيران لدى الأمم المتحدة أنّ “الدبلوماسية هي السبيل الوحيد للمضي قدمًا”، وأن “التهديد باستخدام القوة الساحقة لن يغيّر الحقائق”، مشيرة، في سلسلة منشورات على “إكس”، إلى أن إيران لا تسعى لامتلاك سلاح نووي، وأن “العسكرة الأميركية تؤجج عدم الاستقرار فقط”.