الزهر الفلسطيني لم يعد يذبلُ ابدا بل يتفجّر في عِزّ ايناعه وتورّده

لم يعُد الزهر الفلسطيني، لا في غزة ولا في الضفة الغربيّة، يذبل ابدا ومطلقا، انما ينفجر او يتفجّر في عزّ تورّده وايناعه، لينثر شذرات عبق المسك على الصاعدين إلى السماوات العُلا، وينثر بعضا من العطر على من تبقّى ينتظر "احدى الحُسنيين"،
المؤامرة كبيرة، والصمود اكبر،
ما زالت الغربان السود تتدفّق في مسامات قطاع غزة، مُهلكة الزرع ومُدمّرة البيوت وحارقة الاطفال في خيامهم وملجأ تشريدهم وتشرّدهم،
لكن في حديقة فلسطين المفعمة برائحة البارود والغبار ووميض انفجارات الصواريخ والقنابل، ما زالت ازهارنا لا تذبل ابدا، بل تتفجّر في عزّ عنفونها وتورّدها وايناعها وألوانها الوردية،
وتنثر المسك وعبق رائحة برتقال يافا على قوافل الشهداء المُتزاحمة على ابواب السماوات العُلا،
وتنثر العزّ والفخار على من تبقّى يحرس الثغور ويتمترس على الرمال الدافئة، وعلى شط البحر الخالي من صيادي الاسماك والسباحين المصطافين ، إلا من تغرق خيامهم المتاخمة للماء، يجرفها مدّ وجزر البحر، ويتبلل ساكنيها القسريين في المياه المالحة، إن كانوا يُجيدون السباحة أو يتعربشون على خشبة تائهة في الماء توصلهم إلى برّ الامان،
هذا هو حال ومآال الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، من عناء إلى عناء ومن لجوء إلى لجوء ومن خيام إلى خيام، ومن عراء إلى عراء،
ولكن من صمود إلى صمود ومن بطولة إلى بطولة، ومن املٍ إلى أمل،
الزهر والورد والاقحوان والياسمين في فلسطين لا يذبُل ابدا ومطلقا، وانما ينفجر في عزّ عنفوانه وتورّده ناثر العزة والكرامة على امّة العرب، وعلى الرجال الافذاذ الساهرين على تخوم باب المندب.