الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 9/5/2025 العدد 1303

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 9/5/2025

 

 

إسرائيل في درس الصاروخ الحوثي: إما الضفة الغربية أو الاستراتيجية

 

 

بقلم: يوسي بيلين

 

حتى الثلاثاء القادم، بداية زيارة ترامب للشرق الأوسط ربما يكون ممكناً وقف الحرب القادمة. صحيح أنها حظيت باسم جميل قبل أن تبدأ، لكن معناها الغرق في رمال غزة، ومخاطرة عالية جداً على حياة المخطوفين المتبقين على قيد الحياة، ويقين للثمن الدموي والكلفة المالية العسيرة على الحمل. ليست الحرب هي التي ستعيد المخطوفين. ولما كانت تصفية حماس ليست واقعية، فستبقينا في غزة حتى بدون تحقق الرؤيا العبثية للاستيطان المتجدد في هذا القطاع المكتظ والبائس.

الحرب التي بدأتها إسرائيل بعد بضعة أيام من السبت إياه كانت ضرورية، لكن المس بالسكان المدنيين كان مبالغاً فيه، وإسرائيل تدفع ثمناً باهظاً بمكانتها الدولية بسبب ذلك. أهداف الحرب (تقويض، تصفية، نصر مطلق) كانت غير عملية. وذلك لم ينبع من خطأ، بل من تفكير بأن حرباً طويلة ضد حماس وما تبقى منها سيخدم مصالح شخصية وسياسية معينة.

الهدف الاستراتيجي الحقيقي بقي كما كان عقب المذبحة: إعادة كل المخطوفين، وإنهاء الحرب (بضمانات أمريكية وأخرى)، وإخلاء قيادة حماس من القطاع واستبدالها بجهة متعددة الأطراف. ستشترط الجهة الدولية دخولها إلى غزة باستئناف الحوار الإسرائيلي مع العنوان الفلسطيني الشرعي، وهذه مصلحة إسرائيلية بقدر لا يقل عنها مصلحة عربية. أما رفض حكومة إسرائيل لمثل هذا الحوار حول “الصباح التالي” فهو العائق الأساس أمام مثل هذه الخطوة، ولعل ترامب يقنع نتنياهو بالموافقة على ذلك. الأخير لن يفقد وظيفته نتيجة لذلك، لأن أحزاب الوسط – اليسار ستمنحه شبكة أمان واسعة، لمسافة متفق عليها.

مع انقضاء خطر آر.بي.جي

عندما تحدث الوطنيون الصهاينة عن ضرورة تقسيم البلاد بين إسرائيل وإطار أردني أو أردني فلسطيني وبعد تخلي الملك حسين عن الضفة الغربية – بين إسرائيل ودولة فلسطينية مجردة، اصطدموا بنوعين من النار: لم نحاول الجدال مع أحدهما– سمعت هذا في حديثي مع الحاخام تسفي يهودا كوك الذي شرح بأنه من اللحظة التي احتللنا فيها المناطق، لم نتلق تخويلاً إلهياً بالتخلي عنها. أما الثاني فهو الخطر الأمني: ماذا سيحصل إذا خرجنا من معظم الأرض وأقيمت دولة فلسطينية سيادية، وتاق أحد ما لإطلاق آر.بي.جي نحو المطار ويعرض الطيران الإسرائيلي للخطر. أعطيت لهذا أجوبة أمنية، لكن الحجة اعتبرت قوية للغاية من المعسكر الصقري العلماني.

من كان بحاجة إلى برهان على ضعف هذه الحجة، تلقاها في بداية الأسبوع عندما وصل صاروخ باليستي حوثي إلى مجال المطار وكاد يضرب البوابة 3. نعم، لإسرائيل أجوبة على هجمات ليست لدى أي دولة أخرى في العالم، لكن في عالم الصواريخ بعيدة المدى يمكن لدولة معادية وبائسة أن تضر إحدى الدول الأغنى والأقوى في العالم. وليس هذا لأن حجم الأرض غير مهم، لكن التنازل عن أرض أكبر بثلاثة أضعاف من أرض إسرائيل بخطوط الهدنة يمنحها هدوءاً شبه تام مع مصر، والسلام مع الأردن يمنحنا عمقاً استراتيجياً من 95 ألف كيلومتر مربع. لا شك أن اتفاقات السلام التي عقدتها إسرائيل جلبت لها أمناً أكبر من أي أرض احتلتها وسلاح اقتنته. وإذا لم نكمل دائرة التسويات السياسية كجزء من اتفاقات إبراهيم أو بلا صلة بها، ستكون بوابة الدخول إلى إسرائيل في خطر.

إن الانسحاب من الضفة الغربية بغير صيغة أرئيل شارون التي أصر على خطوها من طرف واحد، ودون إخلاء مستوطنات أو هدمها مثلما فعل، سيضمن أمن إسرائيل أكثر بكثير من استمرار سيطرة على الأرض لا تمنع خطر الصواريخ.

 

 

-------------------------------------------

هآرتس 9/5/2025

 

 

عشية زيارة ترامب للسعودية.. محافل أمريكية لقادة إسرائيل: استيقظوا من سباتكم

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

 

في آذار، بعد فترة قصيرة على بدء ترامب هجومه الكثيف على قواعد الحوثيين في اليمن، أعلن الرئيس الأمريكي بأن “الحوثيين يتشوقون لصنع السلام، ويريدون وقف الهجمات بعد ضربهم بشدة. يمكنني القول بأن الهجمات، في النهار والليل، كانت ناجحة بصورة تتجاوز توقعاتنا. سنفعل ذلك لفترة زمنية طويلة”.

 

 

عملياً، استغرق الأمر سبعة أسابيع حتى تُرجمت رغبة الحوثيين في اتفاق لوقف إطلاق النار. يصعب معرفة كيف نضج الاتفاق الآن بالتحديد. حسب أحد التقديرات، السعودية هي التي ضغطت على ترامب لتمهيد الأجواء قبل زيارته إلى المملكة الأسبوع القادم. ثمة تحليلات أخرى تقول إن إيران “أوصت” الحوثيين بالموافقة على وقف إطلاق النار كبادرة حسن نية للدفع قدماً بالمفاوضات حول القضية النووية، التي ربما تستأنف الأحد القادم، رغم أن موقف إيران الرسمي يؤكد أن “وكلاءها” مستقلون في قراراتهم، وأن إيران تتدخل في تقديراتهم.

 

 

من خلال نسيج هذه التقديرات، تملصت حقيقة تفيد بأن الأمر يتعلق باتفاق بين دولة عظمى في العالم ونظام يعتبر منظمة إرهابية دولية، لكن يجدر تخفيف الصدمة. فهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها ترامب مفاوضات مع من صنفه هو نفسه بأنها منظمة إرهابية دولية. في 2019 بعد مهاجمة الحوثيين لمنشآت النفط في السعودية، وعلى رغم من أن السعودية طرحت دلائل على تدخل إيران في الهجوم الذي تسبب بأضرار كبيرة في قدرة المملكة على إنتاج النفط، فإن ترامب لم يضغط على الزناد. “أنا شخص غير معني بالحرب”، رد ترامب في حينه. وعندما سئل هل تتعهد بالدفاع عن السعودية؟ أجاب: “لا، لم أتعهد بشيء كهذا في أي يوم للسعودية. علينا الجلوس مع السعوديين وتخطيط شيء. كان هذا هجوماً على السعودية وليس علينا، لكننا سنساعدهم”.

 

 

بعد ذلك، أوضح ترامب بأن الاستعداد لمساعدة السعودية موجود، لكن بثمن. في موازاة ذلك، “عرض” على السعودية البدء في مفاوضات مع الحوثيين للتوصل إلى تسوية معينة. بعد سبعة أشهر تقريباً على ذلك الهجوم، هدد ترامب ولي العهد محمد بن سلمان بأنه إذا لم تقلص السعودية و”أوبك” إنتاج النفط وإنهاء حرب نفطهم مع روسيا التي تسببت بأضرار لصناعة النفط الأمريكية، فلن يستطيع ترامب وقف التشريع في الكونغرس، الذي ينوي المطالبة بإخراج القوات الأمريكية من السعودية، وصواريخ الباتريوت ومنظومات الدفاع ضد الصواريخ – أي منظومات الدفاع ضد إيران والحوثيين. بعد عشرة أيام، أعلنت السعودية تقليص حجم إنتاج النفط.

 

 

هذه الأحداث كان يجب أن تعلم إسرائيل الدرس لفهم الطريقة التي يدير فيها ترامب السياسة الخارجية، وربما يوفر عليها المفاجأة والإحراج الذي لحق بها من اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين، الذي وقع من وراء ظهرها. أحد أسس هذه السياسة يقول إن ترامب لا ينوي أن يحارب حروب الآخرين، سواء كانت السعودية، حليفة الولايات المتحدة منذ سبعة عقود تقريباً، أو أوكرانيا التي تحارب أمام العدو التاريخي للولايات المتحدة، وكما يبدو أيضاً إسرائيل. الأساس الثاني أصبح معروفاً ويفيد بأن ترامب يفضل الصفقات على المواجهات العنيفة. لتحقيق صفقة أمريكية جيدة، مع التأكيد على أمريكية، ليست لديه مشكلة لكسر أطر دبلوماسية تقليدية كالتي تفيد بعدم إجراء مفاوضات مع المنظمات الإرهابية، أو إصلاح خطأ ارتكبه عندما انسحب من الاتفاق النووي مع إيران.

 

 

تدخل مؤقت فقط

 

 

الضغط الذي استخدمه ترامب على بن سلمان لإجراء مفاوضات مع الحوثيين، الذي نضج في 2022 عندما تم التوصل إلى وقف لإطلاق النار معهم، سبق اتفاقاً آخر بخمسة أشهر، كان ترامب وقع عليه مع تنظيم إرهابي، طالبان، في 2020. الاتفاق الذي وقع في عاصمة قطر الدوحة، سمح لترامب بسحب 5 آلاف جندي تقريباً من أفغانستان. وخلق البنية التحتية لاتفاق آخر كان سيوقع عليه في آب 2023 بين الرئيس بايدن وطالبان، الذي تم في إطاره تنفيذ الانسحاب المشوش والمخجل للقوات الأمريكية المتبقية.

 

 

ترامب، الذي أثبت أنه غير ملزم بقواعد اللعب السياسية والدبلوماسية المقبولة، أو منظومة علاقات تعتبر مسلمات، لم يتأثر أيضاً من أن ممثله آدم بوهلر، التقى هذه السنة مباشرة مع رئيس حماس خليل الحية، لمناقشة قضية المخطوفين والسيطرة في غزة. إسرائيل التي ليست جزءاً من الاتفاق مع الحوثيين وقد تستنج أن مكانتها أصبحت الآن تشبه مكانة السعودية في 2019. لم تعد هذه هي حرب الولايات المتحدة من الآن فصاعداً، على الأقل ما دام الطرفان ينفذان الاتفاق.

 

 

قائمة الإرهابيين الذين توافق الإدارة الأمريكية على إجراء مفاوضات معهم أيضاً تتجسد بالرئيس السوري أحمد الشرع، الذي التقت معه شخصيات أمريكية رفيعة حتى في فترة ولاية الرئيس بايدن. مؤخراً، التقى معه أعضاء كونغرس من الحزب الجمهوري، وسمعوا منه استعداده للانضمام إلى اتفاقات إبراهيم بشروط معينة. الشرع الذي التقى في زيارته الأولى لأوروبا هذا الأسبوع مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وسبق أن أجرى لقاءات مع زعماء السعودية والإمارات وقطر، يرسل من خلال وسطاء طلبات للالتقاء مع ترامب حين زيارته لدول الخليج الأسبوع القادم. حتى الآن، من غير المعروف إذا كان سيخرج لقاء كهذا إلى حيز التنفيذ، لكن الولايات المتحدة تجري مع دمشق نقاشات فعلية حول رفع العقوبات التي فرضت على سوريا للسماح بتدفق الأموال والاستثمارات إليها. وهي أيضاً أعفت قطر من هذه العقوبات عندما سمحت لها بإرسال عشرات ملايين الدولارات لإدارة الشرع لتمويل دفع الرواتب.

 

 

إسرائيل التي بدأت أمس في باكو عاصمة أذربيجان، جولة أخرى للمحادثات مع تركيا حول إقامة آلية تنسيق لنشاطاتها في سوريا، عليها من الآن فصاعداً مواجهة قيود جديدة على حجم وطبيعة عملها في المجال الجوي والبري في سوريا. عليها الأخذ في الحسبان موقف تركيا، بل وسياسة واشنطن الجديدة التي تعتبر تركيا ذراعاً حيوية لمحاربة داعش، وهي الدولة التي ستحل محل القوات الأمريكية التي بدأت بالانسحاب من سوريا.

 

 

الاتفاق مع الحوثيين والتقارب العلني من النظام السوري وتعزز التحالف مع تركيا، وهي الخطوات التي تم دفع إسرائيل فيها إلى مدرج المتفرجين، تشير إلى ملامح الخارطة الجيوسياسية التي يطمح ترامب إلى رسمها. هذه خارطة تلزم الولايات المتحدة بالتدخل بشكل مباشر، ودس يدها في المواجهات، لتمهيد الطريق للانسحاب منها في المستقبل القريب وترك للاعبين المحليين إدارة شؤونهم. هذه الخارطة لا تعطي لإسرائيل دوراً رئيسياً، ويلمح ترامب بأنها لن تشارك فيها إذا كانت ستشوش خطواته.

 

 

الانعطافة الدبلوماسية أمام إيران هي النتيجة الأكثر إثارة للانطباع لسياسة العزلة التي ينتهجها ترامب، التي لا تتردد في سحق تحالفات وتفاهمات تاريخية في الطريق إلى تطبيقها. بدون إشراك الاتحاد الأوروبي، ومن خلال وضع مطرقة ثقيلة على رأس نتنياهو، دخل في مفاوضات مع إيران وكأنها صفقة أمريكية – إيرانية خاصة، التي إذا تم التوقيع عليها فستقدم على أنها إنجاز شخصي لترامب وتأطيرها على أنها الاتفاق الأفضل، حتى لو شابه اتفاق 2015. لطالما كان ينظر إلى إسرائيل، الدولة الأكثر تعرضاً لتهديد إيران، بأنها تمتلك “الامتياز” الحصري لتحييد هذا التهديد. الآن، سحب منها هذا الامتياز الذي خضع في السابق لضغوط إسرائيل، ما تسبب في تحويل إيران إلى دولة حافة نووية.

 

 

صفقة القرن الاقتصادية أولاً

 

 

“مصير” مشابه ينتظر قطاع غزة، وهو منطقة حرب تمتلكها إسرائيل بشكل كامل، والتي لعبت فيها الولايات المتحدة دور الركيزة العسكرية والسياسية، وكوسيطة رئيسية في صفقة المخطوفين، والآن قد تنتقل إلى إدارة أمريكية. بالصورة التي تدير فيها إسرائيل الحرب، وتجويع سكان القطاع في الطريق إلى الاحتلال الكامل له، فقد حولت إسرائيل غزة إلى تهديد إقليمي، وتداعياته بالنسبة للولايات المتحدة أوسع بكثير من بؤر الاشتعال المحلية، مثل الاشتباك مع الحوثيين وصراع السيطرة في سوريا وتدمير حماس وحزب الله.

 

 

جهة أمريكية رفيعة تحذر إسرائيل من أن عدم استيقاظها سيدفع الولايات المتحدة إلى إبرام صفقة مع السعودية بدونها، وهذا استمرار مباشر لسياسة سبق أن بدأ تطبيقها، والتي بحسبها لن يسمح ترامب لإسرائيل بتخريب “صفقة القرن” الاقتصادية الخاصة به مع المملكة، التي تشمل شراء عسكرياً بمبلغ 100 مليار دولار واستثمارات سعودية بمبلغ تريليون دولار تقريباً في الولايات المتحدة.

 

 

ترامب الذي استوعب بالفعل استحالة مشروع ريفييرا غزة ونقل مليون غزي، وعاد إلى لوحة الرسم، يبدو أنه لن يكتفي بعملية أمريكية فقط بتعاون عربي لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة. ورغم غضب ائتلاف نتنياهو، فربما يرسم أيضاً هيكلية اليوم التالي، التي ستعتمد على اقتراح مصر. ومثلما فعل مع الحوثيين وإيران وسوريا، سيحول ترامب غزة إلى حربه الخاصة، يملي فيها شروطه ويتوقع الطاعة. ولن يترك شق طريقه إلى جائزة نوبل ولو بوسيط ما، حتى لو كان اسمه إسرائيل.

-------------------------------------------

 

هآرتس 9/5/2025

 

 

دانييلا فايس هي الخبيرة الاستراتيجية لاسرائيل

 

 

بقلم: رفيت هيخت

 

من بين الجنون المتنوع الموجود هنا – الحرب على مؤسسات الدولة، التفكك الداخلي الشامل، التمييز الوقح ضد القطاعات ذات الصلة، وأكثر من ذلك هذا التشويه يفوق كل شيء. نحن تعودنا بالفعل على أن تفرض الحكومة سياسة تفيد اقلية معينة بدون أي مشكلة خاصة، حتى لو كانت هذه السياسة تضر جدا بالجميع. وهناك عروض سخيفة مثل محاولة حماية الحريديين من الاسهام الحيوي في الدولة، وهناك امتيازات فاسدة، وهناك حكومة صفقات ووظائف لها معايير إجرامية. ولكن الشذوذ في هذا المجال، في الموضوع المغروس عميقا في قوانين الأرواح، هو استثنائي ويحتاج الى رد خاص.

دولة كاملة مع جيش الشعب الخاص بها، وكل مواردها وحياة مواطنيها، تتبنى وتخرج الى حيز التنفيذ رغبة ومواقف اقلية ممثلها السياسي لا يجتاز نسبة الحسم في الاستطلاعات. هي تستعد لحملة تقترب من الجنون، التي تهدف الى إعادة احتلال قطاع غزة والتضحية بالمخطوفين، وبعد ذلك إقامة في المكان حكم عسكري وبناء المستوطنات.

خلال 19 شهر لم ينجح نتنياهو في هزيمة منظمة مثل حماس، التي رغم أنها اوجعت إسرائيل مثلما لم ينجح في ذلك أي كيان حتى الآن، كانت وما زالت عصابة إرهابيين مع قدرات محدودة وبدائية. نتنياهو لم ينجح، سواء عسكريا وبالاساس سياسيا، في تغيير الواقع، والقيادة الى مواجهة افضل للنزاع، ناهيك عن أنه لم يقم بأي خطوات تجاه الحل.

رئيس الحكومة لم يحسن بل دهور أمن مواطني إسرائيل، بالتأكيد في كل ما يتعلق بالساحة الفلسطينية. ولكن بدلا من اجباره على دفع ثمن الفشل فان الجمهور المتعب الذي صدمه 7 أكتوبر، يوسع له اطار الاعتماد، مثل موظف الصندوق في كازينو الذي يضخ للمقامر المزيد من الأموال النقدية. الأموال النقدية هي حياة البشر – سواء المخطوفين والجنود وربما حتى مدنيين سيدفعون ثمن هذه المغامرة.

توسيع الحرب، التضحية بالمخطوفين، زيادة عدد القتلى ودخول جديد الى حكم عسكري في قطاع غزة، الذي سينمو على ظهره في فترة زمنية قصيرة أيضا المستوطنات. هكذا فان حزب سموتريتش، الذي في زمن حكمه حدثت الكارثة الأكبر في تاريخ إسرائيل، نجح في تسخيره في الواقع من اجل مصلحة حلمه.

الحريديون الذين يمقتون بشكل جوهري الفكرة، وينشغلون فقط بأنفسهم، أي بقضية الاعفاء من التجنيد والميزانيات، لم يستخدموا كل ثقلهم، سواء في موضوع المخطوفين أو في موضوع احتلال القطاع. نتنياهو الذي يناور بين الاساسين في الائتلاف، ادرك بعد فترة قصيرة من 7 أكتوبر بأن الطريقة الى إعادة ترميمه في اليمين هي تبني سلم هجومي مع إشارات كهانية. وهو يعرف أيضا ان الحريديين في جيبه – هم لن يحصلوا من أي شخص آخر على خرق كبير جدا لحكم المحكمة العليا. نحن بسرعة وصلنا الى وضع فيه دانييلا فايس هي في الواقع الخبيرة الاستراتيجية الرائدة لدولة إسرائيل.

في بداية الحرب رفضوا كليا حتى في الحكومة وفي الجيش أيضا السيناريوهات المذكورة أعلاه، واكدوا على ضررها الكبير امام اجتماعات الهذيان لمسيحانيين مختلفين. الآن صوتهم خفت أو تغير، وهم يؤيدون خطة إقامة المستوطنات على ظهر المخطوفين العاجزين.

الانتقادات اللاذعة التي يوجهها معارضو الحكومة لايال زمير، ثبت أن معظمها غير مبررة. زمير يقف امام الوزراء الكهانيين، ولا يحقق رغبة نتنياهو في أن يزيل من جدول الاعمال موضوع تجنيد الحريديين، ويحاول بقدر الامكان منع أو تأجيل حل الجيش الإسرائيلي على خلفية الدوافع المتضاربة التي تتحكم بكل شيء. امام كل ذلك يصعب فهم كيف يقوم بشرعنة هذا التبجح الكارثي، واكثر من ذلك التطوع لقيادته.

-------------------------------------------

 

هآرتس 9/5/2025

 

 

بالنسبة لنتنياهو، زيارة ترامب في المنطقة تبدأ بالقدم اليسرى حتى قبل اقلاعه

 

 

بقلم: يوسي فارتر

 

عند إعطاء اسم “مركبات جدعون” للعملية المخطط لها في قطاع غزة، تطور في الاستوديوهات حوار تافه: هل كان لجدعون مركبات أم لا. النقاش المهم هو: هل ستكون عملية أم لا. واذا حدثت فأي ثمن سيكتنفها: هل حياة جنود، حياة فلسطينيين أبرياء، تأثير على اقتصاد إسرائيل، تأثير على الوضع السيء أصلا لعائلات رجال الاحتياط، الاغبياء بالنسبة لحكومة المتهربين من الخدمة.

حسب جدول الاعمال المقدر فانه في نهاية الأسبوع القادم سينهي ترامب زيارته في السعودية وقطر والامارات، وحتى ذلك الحين العملية معلقة، وستبقى عجين غير مخبوز، وخبزه الذي يمكن ان يكلف حياة جنود ومخطوفين ويثمر لا شيء، يرتبط بترامب.

في 2009 بدأ براك أوباما زيارته في مصر كهدف لزيارته الأولى كرئيس. عند القاء خطابه في جامعة القاهرة، أراد أن يبدأ علاقات الولايات المتحدة مع العالم الإسلامي (وجلب له جائزة نوبل غريبة). ترامب يفضل الأموال، الكثير منها. الحملة التي تقترب من ناحيته هي اقتصادية قبل أي شيء. يوجد له دوافع كثيرة، بعضها مكشوف وبعضها مكشوف اقل. دول الخليج الغنية، على رأسها السعودية، هي صديقة مفيدة للولايات المتحدة، هي تؤمن بالدولار وتستثمر في العقارات الامريكية، تمول بشكل جيد صناعة السلاح الضخمة التي لها تاثير كبير على أي إدارة، وبالتأكيد على الإدارة الحالية.

هي أيضا مفيدة لترامب، عائلته والمقربون منه شخصيا. من صناديق استثماراتهم ومرورا بالصفقات العقارية وحتى عملة الكربتو التي أصدرها الرئيس الأمريكي الفاسد وعديم الكوابح، الذي في نظره الرئاسة هي مشروع تجاري. هكذا أيضا يمكن فهم احداث هذا الأسبوع مع الحوثيين. بعد لحظة من مهاجمة إسرائيل لمطار صنعاء اعلن ترامب أنه والإرهابيين في اليمن قاموا ببلورة تفاهمات، ومن ناحيته التدخل الأمريكي في هذه الساحة – انتهى. ماذا بشأن إسرائيل؟ “سنناقش ذلك”، قال الرئيس في رده على هذا السؤال.

من اللحظة التي هز فيها اقتصادات العالم، ترامب يجب عليه تقديم وصولات في هذا الشأن. ان رفع التهديد عن التجارة البحرية الامريكية مهم له اكثر من الصواريخ اليمنية على إسرائيل، التي يبدو في هذه الاثناء بأنها لا تهمه أبدا.

بالنسبة لرئيس حكومة إسرائيل فان زيارة ترامب في المنطقة بدأت بالقدم اليسرى، حتى قبل صعود الرئيس الى الطائرة. نتنياهو يعيش في حالة فراغ سياسي صعبة، وليس من الغريب أن يكون الامر هكذا. يصعب إحصاء السيناريوهات الكثيرة التي يمكن أن تنشأ من هذه الزيارة. اتفاقات اقتصادية؟ سياسية؟ زيارة في طهران؟ وكالة “رويترز” ذكرت مساء أمس بأن ترامب لن يطلب من محمد بن سلمان التطبيع مع إسرائيل كشرط للتوصل الى اتفاق نووي مدني. جو بايدن وكمالا هاريس “اللاساميين” لم يكونا ليتجرءا على التطرف بهذه الطريقة.

السؤال الأساسي بالنسبة لنا، بالطبع، هو هل زيارته ستحرك (أو ستفرض) صفقة تبادل ووقف لاطلاق النار في القطاع؟ أو هل سيلوح بهذه القضية من فوق جدول الاعمال حتى اشعار آخر؟. التلويح يعني استمرار تجسيد الأوهام المشوهة لبتسلئيل سموتريتش، الفاشي المسيحاني، عن طريق خادمه المطيع نتنياهو. وما بينهما – من يعرف؟. ترامب المح، ضمن أمور أخرى، الى توسيع “اتفاقات إبراهيم”. في 2020 قطر رفضت الانضمام اليها. ربما برعاية المصالح الاقتصادية في واشنطن، والجنائية في القدس، هذا هو بالضبط الوقت المناسب لمثل هذه الخطوة.

لا يجب تأبين علاقات نتنياهو وترامب. قاعدتهما دفعت بهما وستدفعها بقدر الإمكان الى أحضان بعضهما. ولكن زواجهما لا يبشر بالخير. في بداية شهر شباط كان رئيس الحكومة هو “الزعيم الأول!” الذي حظي بزيارة في البيت الأبيض. هو جاء مع “سلة مشتريات” (تعبير تم صكه في عهد غولدا مئير)، وخرج مع القليل من السلاح والكثير من الأوهام التي فاجأته، حول الترانسفير في غزة وتحويل القطاع الى ريفييرا أمريكية.

في بداية شهر أيار مرة أخرى كان “الزعيم الأول!” الذي تمت دعوته للرئيس (بعد اعلان الجمارك). ولكن تبين أن الاحترام الكبير هو “قبعة حمراء”. في اللقاء المغلق طلب مهاجمة ايران والتطبيع مع السعودية بدون الفلسطينيين، وفي خلفية الصورة حصل على توبيخ مزدوج. بدءا بالإعلان عن المحادثات الامريكية مع طهران وانتهاء بتتويج الديكتاتور التركي اردوغان بلقب “بي.اف.اف” (اعز صديق الى الابد) الخاص به.

في حينه كان من الواضح أن شهر العسل الجديد لهذين الزوجين انتهى ابكر مما هو متوقع. ترامب وصل الى ولايته الثانية وهو يحمل الكراهية الشديدة لنتنياهو. قبل الانتخابات الطرفين تساوقا معا. نتنياهو وضع عليه كل الامال كي يخلق شبكة علاقات محسنة. ولكن لديه هذا دائما يتعطل. والآن يبدو أن الرئيس ببساطة مسرور بأن يوجه اليه ضربة.

محظور الاستخفاف بما كشفته “واشنطن بوست”، أنه على خلفية اقالة مستشار الامن القومي، مايك وولتس، تقف محادثاته مع نتنياهو، الذي ضغط من اجل القيام بعملية عسكرية في ايران. هذه المحادثات كانت في وقت سابق، في بداية ولاية ترامب – حتى قبل قمة ترامب ونتنياهو. أيضا في الولاية الأولى اكتشف ترامب بأن نتنياهو يكذب عليه ويخدعه ويأخذ منه الفضل. الآن هذا يبدو مثل إعادة بث. النتيجة: إسرائيل يتم تغييبها عن المحادثات مع طهران، وهي لاعبة ثانوية في زيارة الرئيس (التي يقفز عنها).

معظم الشروط التي طلبتها إسرائيل من الأمريكيين كي يتم إدخالها الى كل اتفاق لم تتحقق. لو أنه كان يوجد رئيس ديمقراطي في البيت الأبيض في هذه المرحلة كنا سنرى نتنياهو يأتي الى الكونغرس ويوجه التوبيخ له امام شعبه. الآن هو يصمت، يرتجف مثل ورقة، وينتظر رؤية ما الذي سيقرره الرئيس بشأنه وبشأننا، هذا اذا قرر. ماذا سيقول الرئيس؟ “سنرى ماذا سيحدث”.

 

الأسد الذي زأر

 

كثيرون لا يعرفون الى أي درجة اريه درعي عمل في السنتين الأخيرتين للحكومة كمثبت رئيسي لنتنياهو. في أي مشكلة ثارت في الائتلاف امام أي حزب أو امام أي شخص مارق، نتنياهو كان يتصل مع صديقه بسرعة. في الائتلاف اطلقوا عليه “رئيس هيئة بيبي”. رئيس الطاقم تساحي برفرمان، عمل كمتدرب، على الأكثر اغلق النهايات السائبة.

وزراء شاس شعروا اكثر من مرة بالحرج عند رؤية الأسد خاصتهم وهو يركض مثل كيسنجر بين الإباء الروحيين والأشخاص التنفيذيين مثل ايتمار بن غفير واسحق غولدكنوفف، والتوسط من اجل الزعيم. “هو يوجد عميقا في جيب بيبي، الذي أحيانا ببساطة لا يرونه”، قال منذ فترة كبير في شاس. في الأسبوع الماضي، عشية افتتاح الدورة الصيفية، حيث لغم التهرب من الخدمة لم يتم تحييده، ودرعي بقي مع الإنذار المضحك له مثل “كلب شناوزر المبلل في المطر” (كما قال يئير لبيد)، انفجر اللغم.

تصور نتنياهو انهار. فجأة اريه المخلص والموثوق والشاويش انضم لاخوته الاشكناز واعلن عن تمرد في التصويت. ليس مجرد “اعلن”، بل، حسب المعلومات التي وصلت الى مكتب رئيس الحكومة، هو دفع بذلك. أيضا الأصدقاء في يهدوت هتوراة الذين تعودوا على اقوال التهدئة على لسان درعي، تفاجأوا من سماع موسيقى مختلفة كليا منه.

في يوم الاثنين، اليوم الأول للدورة، كانت محادثة هاتفية بين نتنياهو ودرعي. وحسب مصادر في الليكود وشاس فانه لم تكن محادثة مثلها. “حديث الطرشان”، كما وصفها شخص، “شملت الصراخ”. نتنياهو توسل الى رئيس شاس الغاضب كي يتراجع عن العقوبات المتطرفة، عدم تأييد مشاريع القوانين الخاصة لليكود أول أمس، وضمن ذلك مشروع القانون الهام، “تقسيم منصب المستشار القانوني للحكومة”.

درعي بشكل عام لم يكن مستعد للسماع عن ذلك. وهكذا فانه في يوم الأربعاء علق الائتلاف كل مشاريع قوانينه. لقد تم صد أيضا الضغوط من مكتب وزير الخارجية جدعون ساعر، لاستثناء مشروع قانون تقسيم المنصب، الذي يعتبره ابنه. يجب الفهم بأنه اذا تم تقسيم هذا المنصب، والنائب العام يتم تعيينه من قبل وزير العدل، فانه لا يوجد شك في أن خطوته الأولى في المكتب، حتى قبل أن يسخن الكرسي، ستكون التوجه الى المحكمة المركزية في القدس وطلب تجميد الاجراء القانوني من اجل “إعادة فحص الأدلة التي أدت الى لائحة الاتهام”. هذا هو الهدف ولا يوجد هدف غيره.

حتى امس، اللقاء الرباعي في مكتب رئيس الحكومة الذي شمل نتنياهو ودرعي ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس لجنة الخارجية والامن يولي ادلشتاين، لم يثمر أي شيء. مقاطعة الحريديين بقيت على حالها الى يوم الأربعاء القادم. في نفس الوقت تزداد التقارير بأنه في يهدوت هتوراة يتعزز التيار المؤيد للانسحاب من الحكومة. درعي لا يؤيد ذلك – 90 في المئة من مصوتيه يثقون بنتنياهو – لكن كما قلنا هو أيضا لا يوجد في المكان الذي كان فيه في السابق (عميقا في جيب نتنياهو).

“هم لن يحلوا ولن يسقطوا الحكومة”، قال لي وزير في الليكود مطلع على قضية التهرب من الخدمة. “لأنه لا يوجد سيناريو يقول بأن الليكود سيفوز في الانتخابات فانهم لن يستفيدوا من الانتخابات. بل وضعهم سيكون أسوأ. لأنه لا شك بأننا سندفع ثمن باهظ في الانتخابات حول هذا الموضوع”. حسب رأيه فان الخيار الواقعي اكثر هو اقالة ادلشتاين من رئاسة اللجنة. “في اللحظة التي فيها درعي وغولدكنوفف وغفني يأتون فيها الى بيبي ويقولوه له: اما ادلشتاين أو نحن، عندها ستتم اقالته”.

“الهدف الأعلى” بالنسبة لنتنياهو ليس احراز النصر كما اعلن قبل أسبوع في احجية التناخ، الهدف الأعلى الوحيد هو الحفاظ على حكومة الذبح والخبث بقدر الإمكان، والهرب من محاكمته، ومن نار التحقيقات الجديدة التي تحرق مؤخرته.

-------------------------------------------

 

يديعوت 9/5/2025

 

تتخوف إسرائيل أن يعرض ترامب برنامج نووي سعودي وتنازلات تسمح لحماس بالبقاء

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

من الأفضل كتابة توقع مناخي من كتابة مقال تحليل يحاول تقدير تصريحات وخطوات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التالية. فتقدير المناخ يمكن أن يعد علما دقيقا في عصر انعدام اليقين الذين يزرعه ترامب حوله منذ دخل البيت الأبيض، لكن بعد اكثر من مئة يوم من ولاية ترامب الثانية بات ممكنا لنا أن نتميز بضعة مباديء توجه عمله. استنادا الى هذه المباديء يمكن محاولة فهم ما ننتظره في زيارته القريبة الى الشرق الأوسط التي ستبدأ الأسبوع القادم ولن تشمل إسرائيل وربما أيضا نفهم ما الذي سيصرح به بعد اقل من يوم – تصريح حسب ترامب نفسه يفترض أن يكون علامة طريق في سياسة الإدارة الامريكية الحالية الشرق أوسطية بعامة والغزية بخاصة.

واضح تماما في الظروف الحالية بان ترامب ورجال ادارته المقربين منه يتطلعون لان يسجلوا في صالحه إنجازات في مجال السياسة الخارجية والاقتصاد. هذه الحاجة لعرض إنجازات للجمهور الأمريكي تأتي للتغطية على الاضرار الجسيمة التي تلحقها سياسة الجمارك والتعريفات المتذبذبة لترامب بالتجارة الدولية والاقتصاد الأمريكي. مواطنو الولايات المتحدة يبدأون فقط بالاحساس بارتفاع الأسعار والضرر للاقتصاد النابعة من انعدام الاستقرار الذي تزرعه خطوات ترامب.

على كل هذا كفيل بان بان يغطي الإنجاز الذي يتطلع اليه ترامب في زيارته الى السعودية، قطر واتحاد الامارات. فهو يتوقع ببساطة ان يجلب لدى عودته الى الوطن في واشنطن عشرات مليارات الدولارات في توصيات بالتزود بالسلاح الأمريكي وباستثمارات دول الخليج العربية السنية الثرية بالبترودولارات، في الاقتصاد الأمريكي.

لكن الرئيس الأمريكي يعرف جيدا بان السعوديين والقطريين يريدون اكثر بكثير من الولايات المتحدة من مجرد مزيد من دمى حرب حديثه تبيعها لهم واشنطن. حتى لو زودتهم الولايات المتحدة بطائرات اف 35 وذخيرة دقيقة للمدى البعيد، فان السعودية، قطر، اتحاد الامارات والكويت سيواصلون الخوف من الإيرانيين. للدقة، من إمكانية ان يكون لإيران سلاح نووي. وعليه فهام جدا للسعودية ان توفر الولايات المتحدة لها قدرة تنمية واستخدام قوة نووية لاهداف مدنية. الدول السنية وعلى رأسها السعودية باتت تفهم منذ الان بان الولايات المتحدة ستسمح لإيران بالابقاء على برنامج نووي مدني وهم يعرفون على نحو ممتاز، مثل إسرائيل، بان الانتقال من برنامج نووي لأغراض مدنية الى تطوير قدرات سلاح نووي ليس مشكلة معقدة.

وعليه فقد طلب السعوديون من إدارات أمريكية سابقة، بما فيها إدارة ترامب نفسه مساعدتهم في ان يكون لهم برنامج نووي مدني بالضبط مثلما سيكون على ما يبدو لإيران، انطلاقا من الفهم إياه بانه يمكنه بجهد غير كبير ان يتحول، مع الميزانيات التي لدول النفط الى برنامج نووي عسكري.

هذا بالضبط هو السبب الذي جعل الولايات المتحدة لا ترغب في أن توفر لهم هذه القدرات حتى الان، والان على ما يبدو، حسب وكالات الانباء سيعلن ترامب بان الولايات المتحدة مستعدة لان تغير سياستها في هذا السياق وتساعد السعودية على إيجاد برنامج نووي.

 

التطبيع لن يحصل

 

معقول الافتراض أن هذا الموضوع سيندرج في تصريح ترامب، لكن السعوديين والقطريين لن يكتفوا بذلك. فدول الخليج السنية ترى أيضا في القصة الغزية متفجرا يمكنه أن يشعل حربا إقليمية وان يثير ضدها الجماهير في الداخل. فهي تريد لترامب ان ينهي لهم الحرب في غزة او على الأقل ان يحقق هدوءا مستقرا لمدى زمني طويل.

هم يريدون استئناف المساعدات الإنسانية لغزة؛ هم يريدون وقف نار مستقر طويل المدى؛ هم يريدون حكما فلسطينيا في القطاع في “اليوم التالي”؛ والسعوديون قالوا أيضا بصراحة انهم يريدون مفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين على إقامة دولة فلسطينية – ليس اتفاقا منتهيا على إقامة دولة فلسطينية في غزة وفي الضفة بل بداية مفاوضات عملية. يشارك في هذا التطلع بالطبع مصر والأردن.

بسبب حقيقة ان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعارض بالقطع حكم السلطة الفلسطينية في غزة والمفاوضات على دولة فلسطينية فيبدو أن موضوع تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية لم يعد على جدول الاعمال.

في إسرائيل، الخوف العظيم هو مما كفيل ترامب بان يعرضه على السعوديين، القطريين واتحاد الامارات. فإسرائيل تخشى جدا برنامجا نوويا سعوديا اذا كانت فيه قدرة سعودية مستقلة لتخصيب اليورانيوم، وكذا من الا يراعي ترامب مصالحها في رزمة المخطوفين، مقابل وقف نار واليوم التالي الذي يعرضه على السعودية.

لهذا الغرض يوجد وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر في واشنطن، وهو يحاول تحقيق امرين: الأول الا يفاجيء ترامب إسرائيل، والثاني الا يدفع ترامب لدول الخليج العربية مقابل استثماراتها في الولايات المتحدة بعملة غزة، بتنازلات إسرائيلية تسمح لحماس بالبقاء بسلاحها وزعمائها في غزة ولا تضمن تحرير كل المخطوفين الاحياء والاموات.

عامل آخر مؤثر جدا على سياسة ترامب هو الصراع الجاري في البيت الأبيض بين كتلتين شديدتي القوة. كتلة “الانعزاليين”، والثانية هي “الصقريين”، المحافظين الجدد.

 

النصر الذي لم يكن

 

المعركة ضد الحوثيين كلفت مالا طائلا على دافع الضرائب الامريكية، وترامب لا يحب تبذير المال. بالتأكيد عندما يحذره الانعزاليون في البيت الأبيض بانه سيتورط مثل بوش واوباما في العراق ومثل بايدن في أفغانستان. وعليه فترامب مثل ترامب: اعلن عن النصر وعن انهاء حملة “ Rough Rider“. الحقيقة هي انه عندما بدأت الولايات المتحدة الحملة، فانها فعلن ذلك بتصريحها بان غايتها هي السماح بحرية الملاحة في مضائق بان المندب وكل الدول بينما الاتفاق مع الحوثيين لا يتحدث الا عن سفن أمريكية، وهو الامر الهامشي في نظر ترامب. فهو يريد النصر وبالتالي اعلن عن النصر.

هذا بالضبط ما يرفع مخاوف إسرائيل الى الذروة. في إسرائيل يتبلور الفهم بان ترامب، مثلما تصرف في القصة الحوثية، سيتصرف في قصة الاتفاق مع ايران. وهو ببساطة سيعلن بان هذا اتفاق افضل بكثير من الاتفاق الذي حققه أوباما في 2015 حتى لو سمح لإيران بمواصلة تخصيب اليورانيوم والبقاء في مكانة دولة حافة نووية. إسرائيل في مثل هذا الوضع لن تتمكن من مهاجمة وتحييد البرنامج النووي الإيراني حتى لو كانت للجيش الإسرائيلي القدرة العسكرية لعلم ذلك.

لكن من الخطأ ان نفهم اعمال ترامب وكأنها تنبع من خصومة شخصية مع نتنياهو. هو ببساطة يفعل ما يراه منطقيا وضروريا في تلك اللحظة من زاوية نظر أمريكية او لان هذا ما همس به آخر شخص في اذنه. يوجد في إسرائيل كثيرون وانا منهم يتوقون منذ الان للرئيس بايدن وادارته. صحيح أنهم قيدوا ايدي إسرائيل في بداية الحرب واخروا ارساليات الذخائر لكن لدى إدارة بايدن كنت تعرف بالضبط اين تقف، ماذا يمكنك وماذا لا يمكنك عمله. اما لدى ترامب فكل الخيرات مفتوحة بما فيها الأسوأ.

-------------------------------------------

 

معاريف 9/5/2025

 

ترامب ينسج اتفاق نووي مع ايران وصفقة سلاح مع السعودية

 

 

بقلم: ألون بن دافيد

 

بلا أي إحساس بالاحتفال ومع قليل جدا من الامل بدأنا سنة استقلالنا الـ 78. صحيح اننا نجحنا في إطالة عمرنا اكثر من مملكة الحشمونائيم، السيادة اليهودية الأخيرة التي قامت لنا في بلاد إسرائيل، لكن الإحساس هو اننا دخلنا الى أيام الصمت. رئيس الوزراء بالفعل، بتسلئيل سموتريتش يقودنا الى تحقيق رؤيا الحرب الدائمة، ونجح منذ الان في أن ينزل سيد “مستوى آخر” الى تحت الخط الأحمر. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يشحب وجهه من يوم الى يوم مثل هوامش الطريق الى القدس في الأسبوع الماضي، يتلقى ضربة إثر ضربة من واشنطن، وحتى دور التزيين الأكثر كفاءة لا تنجح في تغطية العلائم.

معزول اكثر من أي وقت مضى ولا ينجح حتى في إيجاد مسار طيران لاجازة مزعومة في أذربيجان، يبدو أن نتنياهو اعتبر خاسرا من قبل الرئيس الأمريكي والمحب للناجحين. دونالد ترامب يتخذ سياسة أمريكية مستقلة في الشرق الأوسط ولاسرائيل ليس فقط لا يوجد مكان على طاولة أصحاب القرار بل انها حتى لا تطلع على ما يحدث. يعرف نتنياهو بالسياسة الامريكية من التلفزيون.

لقد هجرنا ترامب حيال الحوثيين، يدير مفاوضات مستقلة حيال ايران في الطريق الى اتفاق نووي ليس لنا أي فكرة ماذا يتضمن واذا كان جيدا لنا، وقريبا سيعلن عن صفقة سلاح مع السعودية، تفاصيلها أيضا نحن لا نعرفها. وفي موضوع غزة أيضا، هو الذي سيقرر اذا كنا نسير الى صفقة أم الى مواصلة الحرب.

لكن اذا كان ثمة احد يمكنه أن ينقذنا من الغرق في حرب لا نهاية لها وعديمة الجدوى في غزة – فهذا بالضبط هو الرئيس الأمريكي. صحيح أنه ضحل، عديم كل رؤية استراتيجية والخطوط الأساس لسياسته في الاشهر الأربعة في المنصب يمكن أن نجملها بكلمات: “انا أقول شيئا ما ولنرى ما سيحصل”.

لكن في هذه الاثناء لم يحصل له أي شيء جيد. كل الوعود، المقدمات والتهديدات تبينت ككلمات فارغة: لا “بوابات الجحيم” في غزة ولا الريفييرا أيضا. لا اتفاق بين أوكرانيا وروسيا. لا هجوم في ايران على كل نار من اليمن. وحتى درة التاج لديه – سياسة الجمارك – اضطر لان يدخلها الى الثلاجة. هذا يجلبه الأسبوع القادم الى الشرق الاوسط ليكون كمن هو عطش لانجاز مدوٍ. حتى رجل تسويق كفؤ مثله يعرف انه سيكون من الصعب جدا عرض صفقة سلاح في الخليج كانجاز اسطوري لسياسته الخارجية. هو يريد اكثر، وهذه الحماسة لتحقيق انجاز بكل ثمن واساسا عندما تكون متداخلة مع انعدام الاهتمام بالتفاصيل تنطوي على خطر على إسرائيل.

 

تصويت رجال الاحتياط

 

حيال ايران بالذات نضجت الظروف لاتفاق نووي محسن اكثر من سابقه. فمكانة ايران الإقليمية انهارت مع انهيار المحور الشيعي، اقتصادها محطم وسلسلة التفجرات التي تقع فيها تزيد الإحساس بانعدام الاستقرار. لقد استعد الإيرانيون لرئيس متصلب لكنهم اليوم يشخصون بان ترامب يهتم اكثر بالإعلان واقل بالجوهر.

المفاوضات يديرها مبعوثه ويتكوف حيال وزير الخارجية الإيراني ويحتمل أن تكون هذه تهتم بعموم الأمور وليس بتفصيلها. غير أن كل طبيعة الاتفاق ستكون مغروسة بالتفاصيل في كل غرام وغرام من المادة المشعة، في كل جهاز طرد مركزي وبالسرعة التي يدور فيها. وبدلا من أن يضاف الى المفاوضات علما من الطرفين يترك الامريكيون التفاصيل لرئيس الوكالة الدولة للطاقة الذرية، الجسم الذي سبق أن اثبت عجزه في انفاذ اتفاقات الرقابة.

نتنياهو، الذي لا يتكبد حتى الامريكيون عناء اطلاعه على تفاصيل المفاوضات يمكنه فقط ان يصلي لان تنهار المفاوضات ويتمكن من تنفيذ امنية حياته ويأمر بهجوم عسكري على منشآت النووي الإيرانية. هذه الامكانية تحوم في الهواء، بكل معنى الكلمة، وكلنا نسمع كل يوم وتيرة التدريبات المتسارعة لسلاح الجو. غير أن هجوما عسكريا لا يكون مسنودا بغلاف سياسي يضمن بعده نظام رقابة – لن يأخذ من ايران المعرفة النووية التي جمعتها حتى الان وبالتأكيد لن يخصي التطلعات الإيرانية لقدرات نووية.

بالمقابل، يعرف نتنياهو بانه كفيل أيضا بان يجد نفسه امام حقيقة ناجزة لاتفاق نووية سيء مثل سابقه او حتى أسوأ منه. في مثل هذه الحالة سيكون صعبا جدا عليه ان يخرج علنا ضد ترامب، الرئيس الذي ليس له أي كوابح، بل انه حتى يتمتع باهانة زعماء لا يروقون له. في سنة المتقدمة سيكون مطلوبا لنتنياهو كل كفاءات التباكي التي لا تزال متبقية له كي يشرح لماذا هذه المرة لن يقاتل ضد الاتفاق.

لكن حتى قبل الاتفاق الذي سيتحقق ام لا حيال ايران، سيقف نتنياهو الأسبوع القادم امام تصويت ثقة حرج من المجتمع الإسرائيلي. معدل رجال الاحتياط الذين سيمتثلون الأسبوع القادم لحرب غزة الثانية سيعكس اكثر من أي استطلاع مدى ثقة المجتمع الإسرائيلي بحكومة انتجت له الموسم الجديد من الحرب. في الجيش أيضا يعرفون بان هذا ليس استطلاعا – معدل الممتثلين سيعكس النتائج الحقيقية لخيار الجمهور الإسرائيلي الخادم.

وعليه، فان الجيش يتقدم بخطوان مقنونة ومترددة جدا نحو توسيع القتال. كما أن الخطط التي اقرت حتى الان تعكس تقدما بطيئا ومحسوبا الى داخل القطاع في محاولة لتقليص قدر الإمكان عدد المصابين الذين سيكونون لنا. موعد بدء العملية تأجل الى ما بعد زيارة ترامب على أمل ان حتى ذلك الحين لعل الرئيس الأمريكي يفاجئنا هذه المرة إيجابا.

-------------------------------------------

هآرتس 9/5/2025

 

مصدر عسكري يكشف: الحكومة والجيش لم يضعا “عودة المخطوفين” هدفاً حقيقياً

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

حملة “عربات جدعون” في غزة مآلها الفشل مسبقاً. وقبل انطلاقها بات واضحاً بأنها لن تحقق أهدافها، بل وتفتقر لأي شرعية، سواء في أوساط كثيرين في الجمهور في إسرائيل أم في العالم. وعليه، فهذه العربات يجب أن تتوقف.

أمس، كشف ينيف كوفوفيتس في “هآرتس” بأن الحملة المعروضة على قادة الجيش تعد مسألة إعادة المخطوفين في أسفل قائمة الأهداف. وهكذا جاء تأكيد عسكري إسرائيلي لما اشتبه به منذ زمن بعيد: إعادة المخطوفين ليست الهدف الحقيقي للحرب. فالكشف عن قائمة الأهداف كما عرضت على قادة الجيش الإسرائيلي، يبين بصورة مقلقة وكأن الوعود التي أعلنها زامير والناطق العسكري ايفي دفرين، تعنى بعودة المخطوفين كهدف أعلى.

بينما ترى أغلبية الإسرائيليين في إعادة المخطوفين هدفاً أعلى، تدحر الحكومة والجيش أيضاً هذا الهدف إلى أسفل القائمة. وحتى الهدف المشبوه مسبقاً كجريمة حرب، “تجميع وتحريك السكان”، بلغة الجيش الإسرائيلي، والذي هو ليس سوى مغسلة كلمات للترحيل، فهو فوق الهدف السادس والأخير – إعادة المخطوفين.

وإذا لم يكن هذا بكاف، فقد قرر الجيش أيضاً استخدام اصطلاح جديد “الرهائن” بدلاً من الاصطلاح الدارج حتى الآن، مخطوفين. وسواء كانوا رهائن أم مخطوفين، فإن مصيرهم تواق لمشاركة إسرائيلية عاجلة وفورية. فهم لن يتحرروا إلا في صفقة مع حماس. وحملة “عربات جدعون” لن تؤدي إلى تحريرهم، بل وستعرض حياة من هم على قيد الحياة (21 أو 24) للخطر.

يتعاظم حمام الدماء في غزة الآن حتى قبل “العربات”. أول أمس، قتل الجيش الإسرائيلي 107 أشخاص، في أحد الأيام الأكثر دموية. بينهم 32 نازحاً وجدوا ملجأ مؤقتاً لهم في مدرسة في مخيم البريج، 9 منهم أطفال. وبينما ينشر الجيش الإسرائيلي تحذير إخلاء إلى مسجد مجاور، فإن طائراته الدقيقة قصفت المدرسة التي كانت ملجأ. الصور التي جاءت من هناك كانت من أكثر الصور صدمة في الحرب. عشرات الأشخاص ينزفون وينازعون الحياة على الأرض ولا أحد يستطيع تقديم أي مساعدة طبية لهم. برز بينهم -كما هو دوماً- الأطفال. هكذا تبدو حرب بلا جدوى، بلا حدود أخلاقية أو قانونية. عندما تكون إعادة المخطوفين في أسفل القائمة، فإن هذه الحرب تفقد ما تبقى من شرعية لعلها كانت. هذا هو الوقت للعودة لدعوة الحكومة والجيش: أوقفوا النار. فوراً. أوقفوا هذه الحرب وحرروا المخطوفين في صفقة.

-------------------------------------------

 

جندي من الاحتلال: فلسطينيون دخلوا معتقل سدي تيمان أحياء وخرجوا بأكياس

 

روى جندي احتياط في كيان الاحتلال الإسرائيلي خدم في معتقل "سدي تيمان" بصحراء النقب لصحيفة "هآرتس" فظائع ارتكبت بحق أسرى فلسطينيين من قطاع غزة.

وقال الجندي إن سدي تيمان - الواقع على بعد 30 كيلومترا من مدينة بئر السبع– معسكر تعذيب سادي، مضيفا أن هناك فلسطينيين دخلوه أحياء وخرجوا منه في أكياس.

وتابع أنه لم يعد موت المعتقلين في هذا المعسكر مفاجئا بل المفاجأة إن بقي المعتقل على قيد الحياة.

وأكد الجندي الإسرائيلي أن السجناء يتعرضون لانتهاكات ممنهجة بعلم المسؤولين الإسرائيليين.

وذكر أنه شاهد مصابين جراء الحرب يحتجزون ويتم تجويعهم لأسابيع ولا يحصلون على علاج.

كما قال جندي الاحتياط إن المعتقلين الفلسطينيين محتجزون في ظروف غير إنسانية، ونقل عن قائد المعتقل قوله إن سدي تيمان يوصف بالمقبرة.

ونقلت هآرتس عنه أيضا أن الجنود في سدي تيمان لا يسمحون للمعتقلين بالذهاب إلى دورات المياه.

وأشار إلى أن كثيرا من المعتقلين في هذا المعسكر مدنيون وليسوا مسلحين.

وأفادت شهادات أسرى فلسطينيين مفرج عنهم وتقارير من كيان  الاحتلال وشهادات أطباء إسرائيليين خدموا في المعسكر بتعرض المحتجزين في المعتقل لانتهاكات واسعة شملت التعذيب حتى الموت والتجويع والحرمان من العلاج.

وأسفرت هذه الانتهاكات عن استشهاد ما لا يقل عن 36 معتقلا فلسطينيا. وعلى الرغم من ذلك رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية في أيلول (سبتمبر) الماضي طلب منظمات أهلية بإغلاق معتقل سدي تيمان، معتبرة أن الحكومة "ملزمة باحترام القانون" فيه.

وكانت وزارة الأسرى والمحررين بغزة، قد قالت أن ما يجري فيما يسمى معتقل " سدي تيمان" سيء الصيت بحق المعتقلين من قطاع غزة هو انتهاكات ممنهجة ومدروسة وبتعليمات من قادة الاحتلال ترقى إلى جرائم حرب.

وقالت ما جرى من مسرحية سخيفة أمام معتقل "سدي تيمان" أبطالها أعضاء في الكنيست ووزراء في حكومة نتنياهو والمنظومة الأمنية والعسكرية للظهور أمام الرأي العام العالمي أن الانتهاكات التي تتم هي تصرفات فردية، والحقيقة أن ما يجري هو عمليات تعذيب ممنهجة تسببت في استشهاد عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين.

‏وشددت على أن ما جرى الكشف عنه مؤخرا من اعتداءات على أسرى فلسطينيين داخل معتقل "سدى تيمان" ونقلهم إلى المستشفيات بسبب التعذيب والتنكيل، يعد انتهاك صارخ وواضح للقوانين الدولية والإنسانية، ترقى إلى جريمة حرب.

وأضافت الوزارة، أن الأسرى يتعرضون للضرب والتنكيل والتعذيب ليس بناء على شبهات ومعلومات استخباراتية ضدهم، وإنما انتقاما وعقابا على عملية "طوفان الأقصى" التي جرت في السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

-------------------------------------------

 

نتنياهو ليس صديقا لأمريكا ويريد تحويل غزة إلى فيتنام على البحر المتوسط

 

 

بقلم: إبراهيم درويش

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا للمعلق توماس فريدمان قال فيه “هذه الحكومة الإسرائيلية ليست حليفة لنا”، وجاءت مقالته على شكل رسالة موجهة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بدأها بالقول إنه دعم عددا من المبادرات التي اتخذها ترامب منذ بدء ولايته الثانية باستثناء الشرق الأوسط و”حقيقة أنك مسافر إلى هناك الأسبوع المقبل واجتماعك بقادة المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، وأنك لا تخطط لمقابلة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في إسرائيل، تشير لي إلى أنك بدأت تفهم حقيقة حيوية: وهي أن هذه الحكومة الإسرائيلية تتصرف بطرق تهدد المصالح الأمريكية الأساسية في المنطقة. نتنياهو ليس صديقنا”.

فقد اعتقد نتنياهو بأنه قادر على التعامل مع ترامب كأحمق و”هذا هو السبب الذي يجعلني معجبا بالطريقة التي أشرت بها إليه من خلال مفاوضاتك المستقلة مع حماس وإيران والحوثيين، بأنك [يا نتنياهو] لا تملك أي سلطة علي، وأنك لن تكون كبش فداء في يده، ومن الواضح أنه في حالة ذعر”. ويعتقد فريدمان أن الشعب الإسرائيلي لا يزال ينظر إلى نفسه بصفة عامة باعتباره حليفا ثابتا للشعب الأمريكي، والعكس صحيح.

ولكن هذه الحكومة الإسرائيلية المتطرفة القومية المسيانية ليست حليفة لأمريكا. لأن هذه هي الحكومة الأولى في تاريخ إسرائيل التي لا تضع في أولوياتها تحقيق السلام مع المزيد من جيرانها العرب والفوائد التي قد يجلبها المزيد من الأمن والتعايش المشترك. فأولويتها هي ضم الضفة الغربية وطرد الفلسطينيين من غزة وإعادة إقامة المستوطنات الإسرائيلية هناك.

ويقول فريدمان إن حقيقة متابعة حكومة نتنياهو هذه الأجندة المتطرفة، تجعلها خطرا على المصالح الأمريكية.

عدم سماح ترامب لنتنياهو بأن يسيطر عليه ويتلاعب به كما فعل بقية الرؤساء الأمريكيين يعتبر رصيدا له، ولكن من المهم الدفاع عن النظام الأمني الذي بناه وصممه أسلاف الرئيس الحالي بالمنطقة

ومع ذلك، فعدم سماح ترامب لنتنياهو بأن يسيطر عليه ويتلاعب به كما فعل بقية الرؤساء الأمريكيين يعتبر رصيدا له، ولكن من المهم الدفاع عن النظام الأمني الذي بناه وصممه أسلاف الرئيس الحالي بالمنطقة.

وتعود بنية التحالف الأمريكي- العربي إلى إدارة ريتشارد نيكسون ووزير خارجيته هنري كيسنجر واللذين أسسا له بعد حرب تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973، بهدف إبعاد روسيا وجعل أمريكا القوة العالمية المهيمنة في المنطقة، وهو ما خدم مصالحها الجيوسياسية والاقتصادية منذ ذلك الحين.

 وقد أدت دبلوماسية نيكسون-كيسنجر إلى صياغة اتفاقيات فك الارتباط بين إسرائيل وسوريا ومصر في عام 1974. وأرست هذه المبادئ الأساس لمعاهدة كامب ديفيد للسلام. كما عبدت كامب ديفيد الأساس لاتفاقيات أوسلو للسلام، وكانت النتيجة منطقة تسيطر عليها أمريكا وحلفاؤها العرب وإسرائيل.

 إلا أن هذا البنيان الإستراتيجي اعتمد في جزء كبير منه على التزام أمريكي- إسرائيلي بحل الدولتين، بشرط التزام الفلسطينيين الاعتراف بوجود إسرائيل وأن تكون دولتهم منزوعة السلاح.

إلا أن حكومة نتنياهو جعلت ضم الضفة الغربية أولويتها عندما وصلت إلى السلطة في أواخر عام 2022 وقبل وقت من هجوم حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بدلا من الالتزام بنظام الأمن والسلام الأمريكي للمنطقة.

وقد توسلت إدارة جو بايدن ولعام تقريبا إلى نتنياهو أن يفعل شيئا واحدا لأمريكا ولإسرائيل: الموافقة على فتح حوار مع السلطة الفلسطينية حول حل الدولتين يوما ما مع سلطة مصلحة، مقابل تطبيع السعودية للعلاقات مع إسرائيل. ومن شأن ذلك أن يمهد الطريق أمام إقرار الكونغرس لمعاهدة أمنية بين الولايات المتحدة والسعودية لموازنة تأثير إيران وتجميد الصين.

وقد رفض نتنياهو الطلب لأن دعاة التفوق اليهودي المتطرفين في حكومته قالوا إنه إذا فعل ذلك فإنهم سيسقطون حكومته. ومع محاكمة نتنياهو بتهم متعددة بالفساد، فإنه لا يستطيع أن يتخلى عن حماية كونه رئيسا للوزراء من أجل إطالة أمد محاكمته ومنع إمكانية الحكم عليه بالسجن. ولكل هذا، يقول فريدمان، فإن نتنياهو يضع مصالحه الشخصية فوق مصالح إسرائيل وأمريكا.

ويعتقد الكاتب أن تطبيع العلاقات بين إسرائيل والسعودية، القوة الإسلامية الأكثر أهمية، والقائم على أساس الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل الدولتين مع الفلسطينيين المعتدلين، كما يقول، من شأنه أن يفتح العالم الإسلامي بأكمله أمام السياح والمستثمرين والمبتكرين الإسرائيليين، وأن يخفف التوترات بين اليهود والمسلمين في جميع أنحاء العالم، وأن يعزز المزايا الأمريكية في الشرق الأوسط التي بدأها نيكسون وكيسنجر لعقد آخر أو أكثر.

فريدمان: محاولات نتنياهو تضليل الجميع على مدى عامين، دفعت الأمريكيين والسعوديين لاتخاذ قرار لاستبعاد إسرائيل من الصفقة، وهي خسارة للإسرائيليين والشعب اليهودي

ويضيف أن محاولات نتنياهو تضليل الجميع وعلى مدى عامين، دفعت الأمريكيين والسعوديين لاتخاذ قرار لاستبعاد إسرائيل من الصفقة، وهي خسارة للإسرائيليين والشعب اليهودي، كما يقول.

وأشار فريدمان إلى ما نشرته وكالة أنباء “رويترز” يوم الخميس أن “الولايات المتحدة لم تعد تطالب السعودية بتطبيع العلاقات مع إسرائيل كشرط لإحراز تقدم في محادثات التعاون النووي المدني”.

وفوق كل هذا، تدهور الوضع للأسوأ، حيث يستعد نتنياهو لإعادة غزو غزة من خلال خطة لحصر السكان الفلسطينيين هناك في زاوية صغيرة، على البحر الأبيض المتوسط ​​من جهة والحدود المصرية من جهة أخرى. وفي الوقت نفسه يعمل على ضم الأراضي بحكم الأمر الواقع وبسرعة أكبر ونطاق أوسع في الضفة الغربية.

ومن خلال القيام بذلك، فإن الحملة الجديدة ستؤدي إلى المزيد من اتهامات جرائم الحرب ضد إسرائيل (وخاصة ضد رئيس أركان جيشها الجديد، إيال زامير) حيث يتوقع نتنياهو أن توفر إدارة ترامب الحماية له.

وفي الوقت الذي لا يتعاطف فيه فريدمان مع حماس ويحملها مسؤولية المعاناة في غزة، إلا أنه يقول إن خطة نتنياهو لإعادة غزو غزة لا تهدف إلى تقديم بديل معتدل لحماس بقيادة السلطة الفلسطينية، بل من أجل احتلال عسكري إسرائيلي دائم، وهدفه غير المعلن هو الضغط على جميع الفلسطينيين لحملهم على الرحيل. وهذه وصفة لتمرد دائم، فيتنام على البحر الأبيض المتوسط.

وفي كلمة له في 5 أيار/مايو أمام مؤتمر رعته الصحيفة الصهيونية الدينية “باشيفا”، تحدث بتسلئيل سموتريتش، وزير المالية الإسرائيلي اليميني المتطرف، مثل رجل لا يهتم على الإطلاق بما يفكر به ترامب: “نحن نحتل غزة من أجل البقاء”، كما قال، و”لن يكون هناك دخول وخروج بعد الآن”، وسوف يتم حصر السكان في أقل من ربع مساحة قطاع غزة.

 وكما أشار الخبير العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل: “بما أن الجيش سيحاول تقليل الخسائر، يتوقع المحللون أن يستخدم قوة عدوانية جدا، مما سيؤدي إلى أضرار جسيمة في البنية التحتية المدنية المتبقية في غزة. كما أن نزوح السكان إلى مناطق المخيمات الإنسانية، إلى جانب النقص المستمر في الغذاء والدواء، قد يؤدي إلى المزيد من الوفيات الجماعية بين المدنيين، وقد يواجه المزيد من القادة والضباط الإسرائيليين إجراءات قانونية شخصية ضدهم”.

ويعلق فريدمان أنه لو تم تنفيذ هذه الإستراتيجية، فلن تؤدي فقط إلى إثارة المزيد من اتهامات جرائم الحرب ضد إسرائيل، بل أنها ستهدد حتما استقرار الأردن واستقرار مصر. فهذان البلدان المهمان للتحالف الأمريكي في الشرق الأوسط يخشيان أن يسعى نتنياهو إلى دفع الفلسطينيين من غزة والضفة الغربية إلى بلديهما، وهو ما من شأنه بالتأكيد أن يؤدي إلى تأجيج عدم الاستقرار الذي قد يمتد عبر حدودهما حتى لو لم يفعل الفلسطينيون أنفسهم ذلك.

وهذا أمر غير مريح، حيث نقل عن هانز ويكسل، المستشار السياسي البارز السابق للقيادة المركزية الأمريكية: “كلما بدت الأمور أكثر يأسا بالنسبة للتطلعات الفلسطينية، قل الاستعداد في المنطقة لتوسيع التكامل الأمني ​​بين الولايات المتحدة والدول العربية وإسرائيل، والذي كان من الممكن أن يضمن مزايا طويلة الأجل على إيران والصين، ودون الحاجة إلى ما يقرب من نفس القدر من الموارد العسكرية الأمريكية في المنطقة للحفاظ عليها”.

وختم فريدمان مقالته بتذكير الرئيس بحدسه المستقل والذي يجب أن يتبعه، وإلا فإن أحفاده اليهود سيكونون من الجيل الأول من أطفال اليهود الذين سينشأون في دوله يهودية منبوذة، في إشارة لزواج ابنته من مقاول عقارات يهودي، أي جارد كوشنر.

وأنهى فريدمان مقالته بالإحالة لما ورد في افتتاحية صحيفة “هآرتس” بتاريخ 7 أيار/مايو: “يوم الثلاثاء، قتلت القوات الجوية الإسرائيلية تسعة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 3 و14 عاما حيث قال الجيش الإسرائيلي بأن الهدف كان “مركز قيادة وسيطرة لحماس”، وأنه “اتخذت خطوات للحد من خطر إيذاء المدنيين غير المتورطين”. يمكننا الاستمرار في تجاهل عدد الفلسطينيين في القطاع الذين قتلوا، أكثر من 52,000، بينهم حوالي 18,000 طفل، والتشكيك في مصداقية الأرقام واستخدام جميع آليات القمع واللامبالاة والنأي بالنفس والتبرير. لن يغير أي من هذا الحقيقة المرة، هذا ما اقترفته أيدينا، يجب ألا نغض الطرف: أوقفوا الحرب”.

-------------------------------------------

 

يجب وقف الحرب في غزة أولاً ثم الضغط على “حماس”..

 

 

و5 بالمئة من سكان القطاع قُتلوا

 

 

نشرت مجلة “إيكونوميست” افتتاحية في عددها الأخير دعت فيها إلى وقف الحرب في غزة. وقالت إن على الأمريكيين الضغط على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار، ثم الضغط من أجل نزع سلاح “حماس”.

وقالت إن المسؤولين الإسرائيليين أكدوا أن “المرة هذه ستكون مختلفة”، في إشارة إلى قرار الحكومة في 5 أيار/مايو، والذي وافقت فيه على خطة جديدة بشأن غزة.

وتهدف الخطة إلى تعبئة عشرات الآلاف من جنود الاحتياط. وسوف يستعيد الجيش جزءًا من القطاع، ويقوم بهدم بعض المباني أثناء تقدمه، وسيتم تهجير الفلسطينيين إلى قطعة صغيرة من الأرض في جنوب غزة.

وفي موازاة ذلك، ستسمح إسرائيل بإدخال بعض المساعدات إلى القطاع، الذي تفرض عليه حصارًا منذ 2 آذار/مارس، حيث سيتم تخزينها في مراكز يحرسها مرتزقة أمريكيون. ومن ثم تأتي العائلات مرة كل أسبوعين لجمع الطعام وبعض الضروريات.

يتفاخر بعض الوزراء بالفعل بأن مثل هذه الظروف من شأنها أن تدفع سكان غزة إلى المنفى، وهو ما يُعتبر بمثابة تطهير عرقي

وتقول المجلة إن أنصار الخطة يجادلون بأنها ستكون حاسمة، حيث سيتم تدمير ما تبقى من “حماس”، وحرمانها من المساحة لإعادة تجميع صفوفها، أو قمع سكان غزة ومنع الغذاء عنهم، بحيث لا تكون قادرة على إطعام مقاتليها.

وتعلّق المجلة أن نتنياهو أمضى 18 شهرًا وهو يعد بتحقيق “النصر الكامل”، ويقول مؤيدو الخطة إنهم بحاجة إلى بضعة أشهر أخرى فقط لتحقيقه.

وتقول المجلة إنه لا يوجد أي سبب يدعو لتصديق كلامهم. فبداية، لن تؤدي العملية إلى تحرير الأسرى المتبقين في غزة. إلى جانب ذلك، يعاني الجيش الإسرائيلي من أزمة معنويات، ففي بعض الوحدات العسكرية لم تستجب سوى نسبة 50% من جنود الاحتياط للدعوة إلى الخدمة مرة أخرى.

وتكشف الاستطلاعات أن نسبة 60% من الإسرائيليين يعارضون هجومًا جديدًا يؤدي إلى احتلال غزة.

كما حطّمت إسرائيل قيادة “حماس” ودمرت ترسانتها العسكرية بشكل يجعل من الصعب عليها شن هجمات معقدة، وما تبقى هو قوة عصابات، والتي ستجد إسرائيل صعوبة في القضاء عليها، لأن الأعداد الجديدة من المجندين كثيرة.

وبما أن “حماس” لا تستطيع حشد الكثير من القوة النارية، فقد لا يكون من المفيد تدميرها بالكامل.

وستؤدي الخطة الجديدة إلى مزيد من المعاناة لسكان غزة. فقد قُتل أكثر من 2,000 شخص منذ أن استأنفت إسرائيل القتال، في شهر آذار/مارس، ما يرفع إجمالي عدد القتلى إلى 52,000 شخص.

ويعاني المدنيون من الجوع بسبب الحصار، كما أن خطة إسرائيل لتقديم المساعدات لن تقدم سوى القليل من الإغاثة، ولا تتضمن أي إجراءات خاصة تتعلق بالأشخاص المرضى أو غير القادرين على الذهاب إلى مركز التوزيع.

وتقول المجلة إن المستفيد الوحيد من استمرار الحرب هو نتنياهو وتحالفه المتطرف، الذي يحلم بإفراغ غزة من سكانها وإعادة بناء المستوطنات اليهودية هناك.

ولو تمكّنوا من تحقيق هدفهم، فإن 2 مليون إنسان سوف يضطرون إلى العيش في 25% من مساحة غزة على أساس حصص غذائية.

ويتفاخر بعض الوزراء بالفعل بأن مثل هذه الظروف من شأنها أن تدفع سكان غزة إلى المنفى، وهو ما يُعتبر بمثابة تطهير عرقي.

وتضيف المجلة أنه يجب عدم استخدام الطعام كسلاح في الحرب، ويجب على إسرائيل السماح بدخول المساعدات إلى غزة، والسماح للمنظمات الخيرية بتوزيعها.

وتقول المجلة إنه حتى لو أخذت “حماس” بعضًا من المساعدات- وهذا أمر سيئ- فإن البديل سيكون المجاعة.

الحرب التي لا تنتهي سوف تُعمّق الخلافات في إسرائيل وتضر أكثر بمكانتها في العالم

وإلى جانب ذلك، فقد حان الوقت للتوصل إلى وقف إطلاق نار دائم.

ويجب على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يطالب نتنياهو بالموافقة على صفقة تبادل، مقابل إطلاق سراح جميع الأسرى، وهو ما لا يستطيع أي زعيم آخر أن يفرضه.

ويتطلع الرئيس إلى تحقيق انتصار في السياسة الخارجية، وعندما يزور الخليج، الأسبوع المقبل، ينبغي للقادة العرب أن يحثوه على مواصلة هذه الجهود.

وبعد وقف إطلاق النار، تقول المجلة إن على ترامب الضغط على “حماس”، مستخدمًا الوسيلة القوية والأخيرة، وهي إعادة الإعمار.

وتقدّر الأمم المتحدة أن هذه التكلفة ستصل إلى 53 مليار دولار على مدى العقد المقبل.

ويجب على ترامب أن يصدر إنذارًا نهائيًا: لن يتعهد المانحون بتقديم دولار واحد حتى توافق “حماس” على التنازل عن السلطة ونزع السلاح.

ولن يحتاج حلفاء أمريكا إلى الكثير من الإقناع، فمعظمهم يريدون رحيل “حماس”. وربما حاولت الأخيرة التمسّك بالسلطة، لكنها ستواجه شعبها الذي يريد وقف الحرب ويحتج على استمرارها.

ولو مثّلت “حماس” تهديدًا لإسرائيل، فمن حقها عند ذلك الرد.

وستكون النتيجة قاتمة، لكن المسار الحالي أشد قتامة، حيث سيموت المزيد من سكان غزة بسبب القصف والجوع. وسيموت الأسرى أيضًا.

والحرب التي لا تنتهي سوف تُعمّق الخلافات في إسرائيل وتضر أكثر بمكانتها في العالم. لقد حققت إسرائيل سلسلة من الانتصارات على أعدائها.

إذا انتهى الأمر بإخلاء غزة من سكانها وإعادة احتلالها، فسوف ترتكب خطأً استراتيجيًا وفضيحة أخلاقية.

وفي سياق آخر، نشرت مجلة “إيكونوميست” تقريرًا تساءلت فيه عن عدد الأشخاص الذين ماتوا في غزة. فمنذ بداية الحرب، في تشرين الأول/أكتوبر 2023، ظلت أرقام الضحايا محل خلاف، وفي أي حرب من الصعب إحصاء القتلى،

لكن الخبراء يحاولون تقديم أرقام حول من ماتوا في الحرب، ويرون أن الأرقام الحالية تظل منخفضة عن الرقم الحقيقي.

وقالت إن الإحصاءات اليومية الدقيقة الواردة من غزة غير عادية. ولم تظهر مثل هذه الإحصائيات من أوكرانيا.

لكن خلال هذه الحرب، كما في الحروب السابقة، أصدرت السلطات في غزة، التي تديرها “حماس”، تفاصيل عن عدد الفلسطينيين الذين قُتلوا.

وتقول إن الشكوك حول هذه الأرقام معقولة، ومن المفترض أن لدى “حماس” حافزًا لتضخيم الخسائر في صفوف المدنيين.

ومع ذلك، عندما انتهت الصراعات السابقة، كانت التقديرات الصادرة عن إسرائيل والأمم المتحدة لأعداد القتلى تتطابق تقريبًا مع تلك التي تم نشرها أثناء القتال.

أما هذه الحرب، فقد كانت أكثر اتساعًا واستمرت لفترة أطول من أي حرب أخرى في الماضي، وتم تدمير العديد من المؤسسات التي تقوم بإحصاء الوفيات، مثل المستشفيات.

وبلغت أرقام وزارة الصحة حتى أيار/مايو 52,615 شخصًا ماتوا في الحرب.

وفي كانون الثاني/يناير، قدّرت إسرائيل عدد القتلى بحوالي 20,000 شخص.

وتعتمد الوزارة على قائمتين، الأولى تقوم على معلومات من المستشفيات، والثانية من مسح على الإنترنت، والتي يعلن فيها الناس عن وفيات في عائلاتهم وأقاربهم، إلى جانب بيانات أخرى تشمل أشخاصًا ماتوا ولكن لم يتم التعرف عليهم. ومن خلال هذه المعلومات تصدر الوزارة قائمتها.

وفي دراسة حديثة للمجلة الطبية البريطانية “لانسيت”، قام الباحثون بفحص القائمتين، إلى جانب ثالثة، والتي جمعوها باستخدام تفاصيل من النعي على وسائل التواصل الاجتماعي (بما في ذلك الوفيات الناجمة عن الإصابات فقط).

المستفيد الوحيد من استمرار الحرب هو نتنياهو وتحالفه المتطرف، الذي يحلم بإفراغ غزة من سكانها وإعادة بناء المستوطنات اليهودية هناك

وتضمنت القوائم الثلاث أسماء القتلى، وأعمارهم وجنسهم. وكان لدى البعض منهم أيضًا رقم هوية. وأكد محققون مستقلون أن الأشخاص المدرجين في القائمتين اللتين وضعتهما الوزارة قد ماتوا على الأرجح.

وقد تجاهل الباحثون العدد الرسمي الذي أعلنته الوزارة، وبدلًا من ذلك، قاموا بفحص التداخل بين القوائم الثلاث، باستخدام البيانات من بداية الحرب حتى 30 حزيران/يونيو 2024.

واستخدموا هذه المعلومات لتقدير عدد الأشخاص الذين ربما ماتوا، ثم قارنوا ذلك بالإجمالي الرسمي للوزارة. وبالتالي، إذا ظهر جميع الرجال البالغين من العمر 30 عامًا في إحدى القائمتين أيضًا في القائمتين الأخريين، فمن الممكن احتساب جميع هذه الوفيات.

ولكن إذا كانت القوائم الثلاث تحمل أسماء مختلفة، فمن المحتمل أن تكون كل قائمة غير كاملة.

ووجد الباحثون أن التداخل كان صغيرًا جدًا، لدرجة أن العدد الحقيقي للوفيات كان على الأرجح أعلى بنسبة 46-107% من إجمالي الوفيات الرسمي الذي أعلنته الوزارة.

وإذا افترضنا أن النسبة ظلت على حالها منذ حزيران/يونيو الماضي (ولم تنخفض، كما حدث أثناء وقف إطلاق النار، على سبيل المثال) وطبقناها على الإحصاء الحالي، فسوف يشير ذلك إلى أن ما بين 77,000 و109,000 من سكان غزة قد قُتلوا، أي ما يعادل 4% إلى 5% من سكان القطاع قبل الحرب.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here