الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 1/6/2025 العدد 1322

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 1/6/2025

 

 

انظروا الى عمليات الفتك التي تحدث في القدس وسترون اسرائيل

 

 

بقلم: جدعون ليفي

 

لقد قاموا بركله وضربه، رموا عليه اشياء، ضربوه وهو ينزف وعاجز ومرمي على ارضية الباص. حوله وقف الجمهور – كان هناك من هتفوا، واخرون صمتوا، وبعضهم كانوا قلقين. عملية الفتك التي جرت مع سائقي الحافلات العرب في القدس في نهاية الاسبوع هي عملية الفتك التي تنفذها اسرائيل في غزة منذ عشرين شهر. مثلما في حديقة اسرائيل المصغرة، هكذا كانت عملية الفتك: نموذج مصغر، لكنه مشابه بشكل ملحوظ. في اسرائيل هذا النموذج اثار معارضة اكبر مقارنة مع النموذج الاصلي. لكن الحرب في غزة اكثر وحشية من محاولة الفتك.

مشجعو بيتار لا يحتاجون الى ذريعة من اجل الاعتداء على سائق حافلة عربي يخدمهم. ولكن في هذه المرة كانت لهم ذريعة. زاهي احمد، لاعب عربي مثل السائق، تجرأ على تسجيل هدف ضد بيتار، واعطى فريقه هبوعيل بئر السبع الفوز في نهائي الكاس.

من ناحية مشجعي بيتار فان هدف بقدم لاعب عربي، لا سيما في نهائي الكاس، هو تقريبا مثل 7 اكتوبر، لا يمكن الصمت عليه. مثلما بعد 7 اكتوبر، فان الرد الفوري كان ضروري. بالنسبة لهم الدوري كان يجب ان يكون نقي من العرب منذ زمن، وقاحة لاعب عربي الذي سجل هدف امام الفريق اليهودي جدا، لا سيما في نهائي الكاس، لا يمكن ان تبقى بدون رد. الانتقام جاء بسرعة وعلى الفور، في الخط 505.

هل اصبتم بالصدمة من الفتك؟ كيف اذا لم تصابوا بالصدمة من الحرب؟ ما حدث في الحافلة هو نسخة دقيقة بدرجة مؤلمة لما يحدث في الحرب. عملية الفتك والحرب كانت لها ذريعة. من غير المحتمل حتى مقارنة فظائع 7 اكتوبر بهدف في مباراة كرة قدم، لكن ايضا لا يمكن مقارنة سائق مصاب مع ألف طفل رضيع قتيل. 7 اكتوبر كان جريمة فظيعة بالنسبة لـ “لافاميليا”، ايضا هدف عربي في مرمى يهودي هو جريمة لا يمكن تجاهلها.

من الان فصاعدا التشابه يتعزز. في الحالتين الرد كان غير متزن تماما، قانونيا وشرعيا. ان تقول بان الحرب في غزة هي حرب مبررة، اكثر حرب مبررة، هو جنون بالضبط مثلما تقول لمشجعي بيتار بانه كان يوجد سبب لضرب السائق. هذا السائق يرتبط بخسارة بيتار بالضبط مثلما ان اطفال غزة مرتبطين بـ 7 اكتوبر.

ان تقول ان هدف هو تحرير المخطوفين وهزيمة حماس، هذا امر مدحوض ولا اساس له، بالضبط مثل الاعتقاد بان عملية الفتك بالسائق ستمنع اهداف بقدم عربي. المشجعون فكروا بردعهم بواسطة عملية فتك، واسرائيل تفكر بردع غزة بواسطة الابادة الجماعية. ايضا شهوة الانتقام متشابهة.

في الحالتين لم يكن كوابح، سواء قانونية أو اخلاقية. الضرب بدون شفقة هو بالضبط مثل القصف بدون شفقة. في الحالتين الضحايا في معظمهم ابرياء. ايضا علاقة القوة متشابهة، عشرات الاشخاص ضد سائق واحد، هذا مثل الجيش الاكثر تسلحا في العالم ضد سكان عاجزين. توجد عملية فتك في غزة. قصفها والاستمرار في قصفها حتى وهي تنزف على الارض، جائعة ومريضة، هذا بالضبط مثل ركل سائق مرمي على الارض ينزف ومصاف.

عملية الفتك لم تكون الاولى في القدس ولن تكون الاخيرة. حسب بيانات نقابة السائقين كل يوم يحدث على الاقل اعتداءين على سائقين في القدس. الاعتداء الحالي على غزة ليس هو الاول وبالطبع لن يكون الاخير. الجمهور حولنا يصرخ ويقف جانبا. لا نعرف اذا كان مصدوم أو متحمس. لا أحد هب للدفاع عن السائقين. ايضا لا يوجد رجل واحد صالح في القدس. فقط في الخلفية يوجد شعار “لتحترق قريتكم”. السائقان لن يتعافيا بسرعة من هذه الصدمة. ومشكوك فيه انهما سيتمكنان من نقل المسافرين في هذه المدينة الفاشية. ايضا غزة لن تتعافى، هي ستبقى مصدومة الى الابد مما فعلته بها اسرائيل.

انظروا الى عملية الفتك في القدس وسترون اسرائيل. انظروا الى من يقفون جانبا ويصرخون، وستروننا. ستروننا جميعنا تقريبا.

 

 

 ‏------------------------------------------

 

 

هآرتس 1/6/2025

 

 

المستوطنون قالوا: “اذا عدنا سيقتلوننا”

 

 

بقلم: هاجر شيزاف

 

 

البيت الذي اضطرت عائلة مليحات الى الانتقال اليه على مدخل قرية الطيبة، ما زال قيد البناء. في الليل ابناء العائلة السبعة يضعون الفرشات على الارض وينامون عليها، معظم الاثاث الموجود هنا ليس لهم. هم اضطروا الى الانتقال بعد ان اقام المستوطنون بؤرة استيطانية على اراضي قرية مغير الدير التي كانوا يعيشون فيها وقاموا بالتنكيل بهم. في يوم السبت الماضي، عندما كان السكان ينشغلون في حزم اغراضهم بعد ان قرروا المغادرة في اعقاب اعمال التنكيل، هاجمهم المستوطنون. “اعتقد انهم فعلوا ذلك كي لا نفكر في العودة الى القرية”، قال عمر مليحات (14 سنة)، الذي اصيب في الحادث في رأسه. “عندما يريد المستوطنون فعل ايشيء فهم لا يخافون، سواء من الجيش أو الشرطة أو النشطاء الاسرائيليين أو الفلسطينيين. هم خارج على القانون”. حسب باحث في “بتسيلم” فان الفلسطينيين تم نقلهم للعلاج في المستشفيات والعيادات بعد الاعتداء. اضافة اليهم اصيب في الحادث مستوطن وناشط يساري. لقد مر اسبوع على هذا الاعتداء وحتى الآن لم يتم اعتقال أي مشبوه.

 

 

الاعتداء في يوم السبت سبقه اسبوع من المضايقة والتهديد من قبل المستوطنين الذين اقاموا البؤرة الاستيطانية القريبة من بيوت القرية. المستوطنون حرصوا على المرور في اراضي القرية مشيا على الاقدام وفي التراكتورات الصغيرة والسيارات طوال الوقت واسماع التهديدات للسكان، الذين قرروا ترك المكان بعد خمسة ايام. حتى بالنسبة لنشاطات رجال البؤر الاستيطانية الاكثر عنفا هذا كان طرد سريع بشكل خاص. سكان التجمع قالوا انهم يعيشون في القرية منذ اربعين سنة، والصور الجوية تدل على انه كان يوجد هنا توطن في المكان منذ الثمانينيات.

 

 

في يوم السبت الماضي تجول المستوطنون بين بيوت القرية في الوقت الذي كان فيه السكان يقومون بتفكيك بيوتهم. بعد الظهر عندما كان احد السكان يقوم بتفكيك سطح حظيرة حاول المستوطنون منع مواصلة التفكيك. المصور والناشط الاسرائيلي افيشاي موهر الذي وثق الحادث، قال بعد ذلك بأنه بعد ان قام احد المستوطنين بدفع احد الفلسطينيين الذي كان على السطح بدات مواجهة بين الطرفين شملت رشق الحجارة، واثناء ذلك اصيب احد المستوطنين وعدد من الفلسطينيين. المستوطن الذي اصيب سقط على الارض وبعد ذلك نقل الى المستشفى. في ذلك الحين استل مستوطن مسدسه وبدا يطلق النار على الفلسطينيين. في هذه المرحلة سكان القرية وموهير بدأوا يهربون باتجاه الوادي.

 

 

قاموا برمي صخور كبيرة علينا من الجرف الموجود في الاعلى. هذا خطير بشكل جنوني”، قال موهير مساء يوم السبت بعد أن تسرح من المستشفى. في الطرف الثاني للوادي تنتصب البؤرة الاستيطانية المعروفة بسمعتها السيئة في الضفة الغربية وهي “مزرعة المكوك” للمستوطن نيريا بن بازي. في تشرين الاول 2023 كان اعضاء البؤرة الاستيطانية هم السبب في هرب سكان قرية السيك الى قرية اخرى. وفي اليوم الذي غادروا فيه القرية عدد من الفلسطينيين ونشطاء اليسار الذين كانوا معهم تم الاعتداء عليهم. الاحداث في الوادي الذي يفصل بين وادي السيك الذي تم اخلاءه وبين قرية مغير الدير تردد صداها في اوساط الكثيرين. مليحات اضاف وقال “مستوطن اسمه امير اطلق النار بين اقدامنا. نحن كنا محاطين من كل الجهات، رشقوا الحجارة علينا. بعد ذلك قال امير لنا: تعالوا، انا لن اؤذيكم. عندها اقتربنا منه”. وحسب قوله عندما وصلوا اليهم قاموا بتركيعهم وبدأوا يضربونهم. “طلبوا منا الركوع على الارض وبدأوا يضربوننا على رؤوسنا. ولم يسمحوا لنا برفع رؤوسنا”، قال مليحات. “ضربوني على راسي، سرقوا الهاتف والاموال، قاموا بصفعي ولكمي وضربوني بالعصي”. اثنان اخران قالا ان المهاجمين اخذوا هواتفهم وقاموا بتحطيمها.

 

 

قاموا بركلي وضربوني في كل جسمي. كانت ضربة وبعد ذلك لم اتمكن من رفع راسي وفقدت الوعي”، قال موهير. احد المستوطنين قال: لا تقوموا بقتله، انزلوا له بيضه. بعد ذلك حاولوا فتح رجلي وضربوني. في النهاية المهاجمين اطلقوا سراحي وسمحوا لي بالذهاب نحو الشارع. هناك شاهد عدد من المستوطنين، بينهم زوهر صباح ومركز الامن. الجنود الذين وصلوا الى المكان قاموا بتقديم العلاج له وتم نقله الى المستشفى.

 

 

في نفس الوقت الفلسطينيون بقوا مع المستوطنين الذين قاموا بحجزهم في الوادي. “ضربوني بالعصي، لم يبق مكان في جسمي لم يضربوني فيه”، قال مليحات. وقال انه في النقطة التي احتجزوا فيها لم يكن التقاط للهاتف، وانه لا يمكن رؤيتها من الشارع. في مرحلة ما حسب قوله اخذهم المستوطنون الى قاع الوادي وهناك شاهدوا سكان اخرين من القرية ينزفون على الارض. مليحات قال انه هو ايضا فقد وعيه لبضع دقائق. “قالوا لنا اذا رجعتم الى هنا سنقتلكم”، قال. وقد خاف من انه لن يخرج حي من هناك.

 

 

في الحادث تمت سرقة كاميرا موهير وحاسوبه وبطاقة هويته. السيارة التي بقيت في القرية اثناء الحادث تم اقتحامها. مليحات قال انه سرق منه كاميرا واموال. موهير قدم في هذا الاسبوع شكوى في الشرطة. وحسب قوله فان المحقق لم يصور الكدمات على جسمه. وقد جاء من شرطة اسرائيل بان الشرطة لا تعرف انه اصيب في الحادث فلسطينيون وانه لم تكن في المكان أي ادلة على اطلاق النار. منذ الحادث، يقول سكان القرية بانهم لم يعودوا اليها.

 ------------------------------------------

 

هآرتس 1/6/2025

 

 

الكارثة الدبلوماسية لم تحدث بعد، إلا أن مقاطعة اسرائيل اصبح يشعر بها

 

 

بقلم: ليزا روزوفسكي

 

ليس ممتاز، لكنه ايضا غير فظيع، هكذا يمكن الافتراض بأنهم لخصوا في اروقة وزارة الخارجية وجود الضيوف الكبار في المؤتمر ضد اللاسامية الذي استضافه في هذا الاسبوع وزير الخارجية جدعون ساعر في القدس. في هذا المؤتمر، الذي حسب بيان الوزارة كان يمكن ان يصل اليه وزراء خارجية ووزراء من دول كثيرة، تمكن وزراء خارجية اربع دول، النرويج والمجر والبانيا ومالدوفا، ووزير الداخلية لاستونيا ووزير الرعاية الاجتماعية للتشيك، من القدوم بعد عدد من الالغاءات والتأخيرات. وزير الخارجية الامريكي، ماركو روبيو، قام بارسال خطاب مسجل، الدول الاوروبية الاخرى والاتحاد الاوروبي نفسه تم تمثيلهم بمستويات متدنية اكثر، هذا في حين أن ارتفاع اللاسامية في الغرب هو حقيقي تماما. ومثلما صاغت ذلك منسقة مكافحة اللاسامية في الاتحاد كاثرينا فون شنورباين، فان الحديث يدور عن القفزة الاكبر منذ الحرب العالمية الثانية.

المؤتمر عرض صورة شاملة عن الوضع الدولي لاسرائيل. فرغم الكارثة التي ترتكبها في غزة وموجة التصريحات والادانات والخطوات وتهديدات الدول الغربية ضدها، إلا ان التسونامي الذي يتحدث الجميع عنه لم يجلب معه كارثة لا يمكن التراجع عنها. نحن نظهر بصورة سيئة لاننا نقوم بامر شرير. وضع صورة اسرائيل اسوأ من أي وقت مضى، والاضرار سترافقها لفترة طويلة، لكن الوضع ليس بشكل لا يمكن اصلاحها.

مثال على ذلك كان يمكن رؤيته في الزيارة التي قام بها في هذا الاسبوع في اسرائيل مبعوث الشؤون التجارية الثنائية من قبل الحكومة البريطانية، اللورد ايان اوستن، بعد اسبوع على اعلان بريطانيا تجميد المفاوضات حول اتفاق جديد للتجارة الحرة بين الدولتين. وزير خارجية بريطانيا دافيد لامي وصف في حينه اقوال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بأن اسرائيل ستدمر كل ما تبقى في القطاع وأنه سيتم نقل السكان الى دول اخرى، بانها اقوال متطرفة وخطيرة ومرفوضة وقبيحة. ولكن بعد الانتقاد الكبير وتجميد اتفاق التجارة وفرض عقوبات على بعض اعضاء اليمين المتطرف، اهتمت بريطانيا ايضا بتليين الرسالة ونشرت صورة لمبعوث شؤون التجارة على خلفية محلات تجارية في ميناء حيفا مرفقة بـ “الديمقراطية متعددة الثقافات” التي تمثلها اسرائيل.

الحرب تضع امام اسرائيل تحديات اعلامية كثيرة، تصعب رؤية كيف ستتخلص منها مع الاستراتيجية الدبلوماسية والسياسية القائمة. الموضوع الذي يشغل المجتمع الدولي هو توفير المساعدات الانسانية للقطاع. في هذا الموضوع تجري حرب روايات بين الامم المتحدة واسرائيل والصندوق الانساني لغزة (جي.اتش.اف)، الذي ينفذ البرنامج الاسرائيلي – الامريكي لتوفير المساعدات بطريقة “تتجاوز حماس”.

في الامم المتحدة (وفي الاتحاد الاوروبي) يقولون بان اجهزة الرقابة الوثيقة للمنظمة وامتداداتها هي ضمانة بان لا تصل المساعدات التي تقدم من خلالها الى حماس، وبالتاكيد ليس بحجم كبير. في الصندوق الانساني ينفون ذلك، ويقولون ان المساعدات بالضرورة خدمت حماس لانها الجهة المسيطرة بالفعل. اسرائيل، حسب الامم المتحدة، لم تعرض أي دليل على هذا الادعاء. المتحدث باسم شؤون الصندوق الانساني لغزة، شاحر سيغل، قال لوسائل الاعلام بانه سيقدم الادلة على تحويل مساعدات الامم المتحدة الى حماس، لكنه لم يقدم هذه الادلة حتى الان. ايضا في قسم المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي لم يردوا على الاسئلة حول الادلة على مساعدة الامم المتحدة لحماس.

من جهة اخرى، في اسرائيل وفي الصندوق يقولون ان الامم المتحدة غير قادرة على القيام بعمل الصندوق، سواء بسبب خطر النهب أو بسبب غياب الدافعية. من بين امور اخرى قيل ان موظفي الامم المتحدة لم يحضروا لجمع البضائع من مئات الشاحنات التي دخلت الى الطرف الغزي. ردا على ذلك يقولون في الامم المتحدة بأن من لا يسمح بالوصول الى معبر كرم ابو سالم هي اسرائيل، وان الالية القائمة تستهدف خدمة اهدافها السياسية.

 

التدهور يمكن وقفه

 

قبل عقد المؤتمر الفرنسي – السعودي حول حل الدولتين، في اسرائيل يهددون الدول الاوروبية من أنه اذا اعترفت بالدولة الفلسطينية فانه سيتم ضم مناطق في الضفة. في نفس الوقت اسرائيل بدأت بشكل فعلي وعلني ببناء مستوطنات جديدة وشرعنة بؤر استيطانية قائمة، هذا بالدمج بين عنف المستوطنين الذي يؤدي الى طرد تجمعات فلسطينية في الضفة وبين تجاهل الجيش والشرطة. رغم كل ما قيل فانه من ناحية سياسية – دبلوماسية، وبالتأكيد من ناحية عملية، تصعب رؤية كيف أن هذا المؤتمر “سيضر” اسرائيل أو حتى الحكومة اليمينية المتطرفة.

البروفيسور يوفال شني، الخبير في القانون الدولي في الجامعة العبرية، اكد على ان معظم دول العالم تعترف بالدولة الفلسطينية الآن، ومن غير المؤكد، من ناحية قانونية، ان مجرد الاعتراف يكفي لان تعتبر فلسطين دولة. “هذا غير مهم لان هناك اجماع كبير جدا بان المناطق هي مناطق محتلة وتسري عليها قوانين الاحتلال، سواء كانت اراضي دولة أو كيان ليس دولة”، قال شني. حسب قوله فان اعتراف واسع يمكن ان يساهم في تعزيز المكانة الدولية للسلطة الفلسطينية. “تحسين مكانتها الدبلوماسية في الدول التي تعترف بها، وفتح سفارات فيها، والقدرة على العضوية في منظمات دولية اخرى. ايضا المكانة ومستوى علاقات الفلسطينيين مع الاتحاد الاوروبي يمكن ان تتطور اذا كانت توجد كتلة حاسمة للدول الاوروبية التي ستعترف بهم”.

مع ذلك، احتمالية حدوث عملية اعتراف واسعة تبدو الان محدودة، حتى لو كان ذلك بسبب صياغة حذرة وملتوية، التي تربط فرنسا نفسها بها في سياق المؤتمر. هي تؤكد على ان الامر لا يتعلق بعملية احادية الجانب، بل “اعتراف بفلسطين مقابل التطبيع مع اسرائيل”، فقط من غير الواضح لمن سيعطى هذا المقابل. اسرائيل توجد الان بعيدا اكثر من أي وقت مضى عن استعدادها للاعتراف، او حتى التلميح بامكانية اعترافها بالدولة الفلسطينية. لذلك، من غير المعقول ان الدول الاسلامية والعربية ستوافق على التطبيع مع اسرائيل مقابل اعتراف فرنسا أو بريطانيا بفلسطين. تصريح الرئيس الاندونيسي في هذا الاسبوع اثناء زيارة ميكرون في اندونيسيا، اوضح بالضبط هذه النقطة. فقد قال ان بلاده ستكون مستعدة لاقامة علاقات دبلوماسية مع اسرائيل مقابل الاستقلال للفلسطينيين. من المؤكد ان دول اسلامية معتدلة اخرى، التي لم تقم بتسوية علاقتها بعد مع اسرائيل، ستتبع مقاربة مشابهة.

مع ذلك، الخبراء اكدوا بأنه حدث ضرر كبير بالفعل. حسب البروفيسور شني يجب ان ننظر ليس فقط الى الاتفاقات التي يمكن الغاءها او عدم تجديدها (مثل جزء من الاتفاقات مع الاتحاد الاوروبي)، بل ايضا الاتفاقات التي لن يتم التوقيع عليها في المستقبل. وقد قال “من الواضح انه لن يكون أي تحسن، او قدرة على التقدم امام الاتحاد الاوروبي او امام دول الاتحاد”. ايضا بنينا شربيت باروخ، مديرة برنامج الابحاث “اسرائيل في الساحة الدولية” في أي.ان.اس.اس، ورئيسة منتدى “دبورة”، اكدت على ان “المقاطعة الهادئة” لاسرائيل اصبح يشعر بها. هي توجد في قطع الاستثمار في مجال الهايتيك وفي وقف التعاون في مجال العلوم. “لا يقولون لك بشكل علني ان ذلك لكونك اسرائيلي، لكن فجأة لا يقومون بدعوتك الى المؤتمرات أو يجلبون خبراء. هذا يحدث طوال الوقت ويتم الابلاغ عنه في الاكاديميا، هذا شيء يحدث وتداعياته ستكون على المدى البعيد”، قالت.

الواضح هو ان التدهور يمكن وقفه، وبالتاكيد يمكن ابطاءه بشكل كبير. ومن اجل ذلك فانه مطلوب شيء واحد وهو وقف الجوع والقتل في غزة. السفير الالماني في اسرائيل، ستيفن زايبرت، وصف ذلك جيدا عندما قال ان والدته التي تشاهد الصور الفظيعة في التلفاز تتصل به وتسأله ما الذي يفعله بخصوص ما يحدث في غزة، والتي وصفها بأنها “الشخص الاكثر تاييدا لاسرائيل على وجه الارض.

 ------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 1/6/2025

 

 

التغيير الدراماتيكي في موضوع المساعدات أساسي لتغيير قواعد اللعب

 

 

بقلم: يوسي يهوشع

 

 إذا كان هذا منوطا برئيس الأركان الفريق ايال زمير، فان على إسرائيل أن تسير الى اتفاق في القطاع كي تخرج اكبر عدد ممكن من المخطوفين الاحياء، قبل فوات الأوان. هذه اقوال قالها زمير في المداولات المغلقة، مع العلم ان هذه هي دقائق الحسم: حماس توجد في نقطة الدرك السفلى العسكرية والمدنية الأخطر لها منذ 2007، حاجز الخوف لدى السكان في غزة منها انكسر وفي الميدان تعمل منذ الان عشائر مستقلة لا تعرف من هو ويتكوف وما هو منحاه. النجاح، كما يقول مسؤولون في الجيش، قد يتبين ككبيرا جدا: حماس هي منظمة وحشية وممقوتة، لكن معها تمت الاتفاقات السابقة. اذا كانت لا تستطيع اجراء مفاوضات، فيوجد خطر في أن يحسم مصير المخطوفين أيضا.

في هذه الاثناء النهج المحدث لدى الجيش الإسرائيلي في غزة، من ناحية الضغط العسكري الجذري من جهة، والثورة في المساعدات الإنسانية من جهة أخرى يثبت نفسه. بخلاف عهد رئيس الأركان السابق هرتسي هليفي، فان الجيش يمسك بكل نقطة احتلها، يطهر بجذرية بنى تحتية للارهاب من فوق ومن تحت الأرض ويفضل عملا اثقل واكثر حماية لاجل التقليص الى الحد الأدنى لعدد المصابين بين المقاتلين – حتى وان كان الثمن هو تقدم ابطأ.

عمليا، لم يتبقَ من رفح شيء والان فرقتا 98 و 36 تعملان في خانيونس، حيث يطارد الجيش المخربين قبل سنة وهو الان في مرحلة تدمير البنى التحتية بحيث يمنع إمكانية إعادة البناء.  كما أن منطقة خزاعة، المكان الذي خرج منه مئات المخربين والمدنيين في 7 أكتوبر لاجتياح نير عوز، لم يتبقَ منها الكثير. “لم تعد هناك خزاعة، قال قائد القوة عملت هناك لجنوده، “اليوم يمكن لسكان نير عوز ان ينظروا من النافذة ليروا حقولا مفتوحة امام الأفق الذي كله سماء زرقاء. هذا بفضل فعل المقاتلين”.

 في جباليا أصدر الجيش أوامر اخلاء والسكان يتحركون نحو مدينة غزة قبل أن يواصل سلاح الجو هجماته. في الجيش يقولون ان الجيش يستولي على اكثر من نصف المنطقة وسينجح في تحقيق هدفه: السيطرة على 75 في المئة من المنطقة في غضون بضعة اشهر. التحفظ: كل هذا اذا لم يتحقق اتفاق يقرر وقف نار مؤقت وكيف ستتطور الاتصالات لانهاء الحرب. وحسب الرياح التي تهب من البيت الأبيض ليس مؤكدا ان لقيادة المنطقة الجنوبية يوجد الزمن الذي في العالم. وعليه ففي الجيش يقولون ان التغيير الدراماتيكي في موضوع المساعدات الإنسانية هو “مغير حقيقي لقواعد اللعب”. الرزم تنقل بشكل مباشر الى المواطنين الغزيين، حماس فقدت السيطرة على الشاحنات التي تسلبها والسكان اليوم اقل خوفا بكثير من اليد الحديدية للمنظمة. وكما اشرنا فهذه ليست انباء طيبة فقط. حماس لا تزال العنوان الوحيد في موضوع المخطوفين. وعندما يقول وزير الدفاع ان لحماس خيارين، إما صفقة أو إبادة، في الحالتين المعنى للمخطوفين حرج.

بينما تتواصل المعضلة والجمهور الإسرائيلي ممزق الاعصاب، لا مفر من النظر الى الوراء والبكاء على الزمن الضائع. كانوا محقين من انتقدوا إدارة الحرب من جانب وزير الدفاع السابق يوآف غالنت ورئيس الاركان في حينه هليفي وقائد المنطقة الجنوبية السابق يرون فينكلمان. رغم أنه في تلك الفترة كان الجيش منشغلا جدا بالجبهة حيال حزب الله الذي لم يهزم بعد، فان طريقة العمل في غزة كلفت زمنا باهظا وجبت ثمنا باهظا اكثر من القتلى والجرحى.

بالمقابل، تقع المسؤولية أيضا على رئيس الوزراء نتنياهو. الرجل الذي يدير حملة كاملة عن أنه كانت الأمور ستبدو مختلفة تماما لو أنهم ايقظوه في 7 أكتوبر، الا انه لم يتحدى شكل العملية ولم يطلب بدائل. كما أن الفعل السياسي اللازم، إيجاد بديل لحماس لم يكن هناك. الان مطلوب من إسرائيل ان تتصدى ليس فقط لخطر ان يصبح القطاع الصومال بل أيضا ازمة حساسة في ايران. في ضوء الاقوال الواضحة للرئيس ترامب، يبدو أن الفرصة لمهاجمة مواقع النووي في الولايات المتحدة انقضت وبدونها أيضا هذه ليست فكرة رائعة، وبالتأكيد عندما يقول الرئيس Don’t.

التقرير الذي نشرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية كشف كم هو التهديد النووي اقترب من التحقق منذ سحبت الولايات المتحدة، بضغط من نتنياهو من اتفاق الدول العظمى في 2017. مع الارتفاع في كمية اليورانيوم المخصب حتى 60 في المئة، لا تحتاج ايران الا أن تقرر تخصيبه الى مستوى 90 في المئة لتنتج حتى 10 قنابل. لا غرو أن رئيس الوزراء خرق العرف واصدر بيانا في اثناء السبت حذر فيه من ان “البرنامج النووي الإيراني ليس لأغراض سلمية. مستوى اليورانيوم المخصب الذي لديها لا يوجد الا لدى دول معنية بسلاح نووي”.

ليس واضحا كيف سيؤثر هذا على جولة المفاوضات التالية، لكن هذه بالضبط هي المشكلة في الموضوع الإيراني أيضا. وبقدر ما في الجبهة الغزية: إسرائيل ليست متعلقة بنفسها.

-------------------------------------------

 

هآرتس 1/6/2025

 

 

المفاوضات عائقة، بين رغبة نتنياهو في العودة الى القتال، ومطالبة حماس بالضمانات

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

الرئيس الامريكي دونالد ترامب عاد واكد مساء السبت على أن اسرائيل وحماس قريبتان من صفقة تبادل جديدة. “اعتقد أنه توجد احتمالية. سابلغكم اليوم أو غدا عن ذلك”، قال الرئيس وتوقع ان اتفاق بين امريكا وايران ايضا حول كبح المشروع النووي الايراني ربما سيكون قريبا. حتى امس التحديثات التي وعد بها لم تصل. ربما ستعطى قريبا. الرئيس كالعادة لا يدخل الى التفاصيل، واكثر من ذلك، يبدو ان الامر يتعلق بالنرجسية المطلوبة من اجل جذب الانتباه الدائم لوسائل الاعلام. التوقع اليائس لكثير من الاسرائيليين والفلسطينيين لبشرى جيدة لانهاء الحرب في قطاع غزة، اقل اهمية بالنسبة له.

الاتصالات بين الولايات المتحدة واسرائيل لم تعد الان تجري مع طاقم المفاوضات الاسرائيلي، وتقريبا لا تقوم باشراك الوسطاء، مصر وقطر. ترامب ومبعوثوه يتحدثون مباشرة مع رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، والمبعوثون يوجدون في اتصال مباشر ايضا مع قيادة حماس في الخارج، التي يوجد كبار قادتها في الدوحة عاصمة قطر. بعد ان اعلنت اسرائيل عن قبول الخطة الجديدة التي عرضها المبعوث الامريكي ستيف ويتكوف فان الكرة الآن بدرجة كبيرة مرة اخرى في يد حماس.

حماس اعطت امس بعد الظهر رد اساسه “نعم، لكن”. ربما يمكن التغلب على بعض التحفظات التي قالتها حماس، لكن المطالبة الاساسية لحماس هي تقديم ضمانات امريكية توفر لها مستوى امان مرتفع بان اسرائيل لن تعود الى القتال بعد الحصول على الـ 10 مخطوفين الاحياء والـ 18 جثة. امس رفض ويتكوف رد حماس وقال انه “غير مقبول”، واعاد المحادثات الى الوراء.

ازاء الصعوبة في مواصلة الحرب لوقت طويل بالاساس بسبب تحفظات ترامب، فان نتنياهو سيطلب التوصل الى صفقة جزئية. بعد وقف اطلاق النار الذي سيستمر لشهرين تقريبا فانه ينوي استئناف القتال. هذا هو السيناريو الذي يخشون منه في حماس، لذلك يطالبون بضمانات من ترامب ومن ويتكوف. السؤال هو هل سيكونون في حماس على قناعة بان الرئيس سيفي باقواله ويفرض على نتنياهو بعد ذلك انهاء الحرب وانسحاب شامل للقوات الاسرائيلية من القطاع مقابل تحرير جميع المخطوفين واعادة الجثث.

في اراضي القطاع القتال ما زال يجري ببطء، الى جانب هجمات جوية كثيفة. يبدو ان اسرائيل تستخدم في هذه الاثناء حركة القوات البرية للجيش الاسرائيلي، بالاساس كتهديد على ما يتوقع للفلسطينيين ولحماس اذا لم تتحقق صفقة التبادل. الجيش يبذل ايضا جهود كبيرة للدفع قدما بالخطة الجديدة لتوزيع المساعدات الانسانية. المراكز اللوجستية تواصل العمل بادارة امريكية، رغم تشويشات تنبع من تدفق الجمهور من اجل الحصول على المساعدة ورغم محاولة حماس تخريب هذه العملية. اسرائيل لا تنجح في تجنيد في هذه المرحلة الامم المتحدة لهذه العملية، والوكالات العاملة من قبلها ترفض التعاون معها.

في نفس الوقت حكومة نتنياهو تواصل ادارة حرب مانعة ضد اتفاقات اليوم التالي للحرب، بالاساس محاولة ان يشمل الحل في القطاع السلطة الفلسطينية. اليوم يتوقع ان يلتقي مع رئيس السلطة، محمود عباس، في رام الله وزراء خارجية لعدة دول عربية واسلامية، من بينها ذلك السعودية، قطر، مصر تركيا. اسرائيل قررت منع هذه الزيارة رغم اعتمادها على هذه الدول في ادخال المساعدات الى القطاع وبلورة تفاهمات بعد ذلك عند انتهاء الحرب.

الحوار الكثيف بين ترامب ونتنياهو يتناول ايضا المفاوضات مع ايران. امس نشرت الوكالة الدولية للطاقة النووية تقرير خطير جاء فيه بان ايران تمتلك الان كمية من اليورانيوم المخصب بمستوى 60 في المئة، الذي يكفي لانتاج 10 قنابل نووية بعد ان يتم تحويله الى المستوى المطلوب، 90 في المئة. الكمية التي توجد في يد ايران ازدادت 50 في المئة. حسب المعلومات الاستخبارية الاسرائيلية فان عملية انتاج القنبلة نفسها يمكن ان تستغرق 6 – 18 شهر اخر. نتنياهو اصدر بيان استثنائي في يوم السبت دعا فيه العالم للعمل. ولكن ترامب يمكنه استخدام هذه المعطيات ايضا في الاتجاه المعاكس والادعاء بأن هذا هو الدليل على أنه مطلوب وبسرعة التوصل الى اتفاق مع ايران.

 

ضريبة كلامية

 

في الوقت الذي فيه نتنياهو والوزراء يواصلون دفع ضريبة كلامية لتحرير المخطوفين وافشال تحقيق اتفاق بالفعل، فان الشعور العام في اسرائيل مختلف كليا، كما تدل على ذلك جميع الاستطلاعات التي تشير الى الدعم الكبير للصفقة التي ستشمل اعادة جميع المخطوفين مقابل انهاء الحرب. في الاسبوع الماضي تم الاحتفال بالذكرى السنوية الـ 47 على سقوط قادة سرايا في لواء المظليين، النقيب نير زهافي والنقيب يفتاح عين، اللذان قتلا في عملية “شليخت” للجيش الاسرائيلي في جنوب لبنان.

ما كتبه اصدقاء غي زهافي، شقيق نير، تمت قراءته في هذا الاحتفال الذي جرى في ذكرى مرور 600 يوم على الحرب وعلى المخطوفين، حسب قوله. “قبل اسبوع قتل في غزة جندي من غولاني، دانييلو موكنو”، كتب غي. “لم استطع عدم التوقف عند جزء التحقيق في حادثة انهيار المبنى، التي بحسبها عمل الجنود لساعات من اجل انقاذ دانييلو من تحت الانقاض، والقادة المسؤولون لم يوافقوا على ترك المكان بدونه. هذه بالضبط القصة حول انقاذ نير في عملية شليخت من المبنى في قاعدة الكوماندو البحري لفتح بين صور وصيدا، الذي انهار عليه وعلى يفتاح.

يفتاح عثروا عليه بسرعة، أما نير فلم يعثروا عليه. قائد لواء المظليين امنون ليبكين شاحك قاد العملية على الارض. امنون رفض امر الاخلاء بدون نير وصمم على مواصلة البحث عنه. بوغي يعلون، قائد الدورية في حينه، ويئير رفائيلي، قائد الكتيبة في حينه، قاما بتنظيم القوات لرفع حجر وراء حجر واطلاق النار على الكتل الاسمنتية، وفي نهاية المطاف نجحوا في انقاذه. والدي اهتما بعناق هرلاء الاشخاص الرائعين. الاشخاص الذين كانوا معه في لحظاته الاخيرة وصمموا على اعادته الى البيت. انا لا استطيع ان لا اربط قصة انقاذهم بالتخلي عن المخطوفين. القيمة التي بحسبها لا يتم ترك جنود (بشكل عام اشخاص) في الخلف، يجب ان تكون قيمة سامية في شعبنا. الجميع في صفقة واحدة الآن”، كتب.

 

لا يتصرفون هكذا

 

روعي شارون كشف في الاسبوع الماضي في “كان” قضية مقلقة. جنديان من لواء الناحل، اللذان كانا على وشك التسريح وخدم كل منهما بصورة متراكمة مدة سنة ونصف في القطاع، ابلغا القادة بأنه لن يمكنهما اكثر، وهما يريدان اعفاءهما من دخول اخر الى الحرب. الاثنان حكم عليهما من قبل المسوؤلين عنهما بعقوبة السجن الفعلي، احدهما 15 يوم والاخر 20 يوم. كل محاولات شارون وغيره لالغاء او تقليص سوء هذا المصير ووجهت بمعارضة كبيرة من قبل الجيش الاسرائيلي.

الجنود هم بالفعل رجال احتياط شباب تجندا للخدمة الالزامية في اب 2022، ومؤخرا انهيا الخدمة النظامية. الجيش الاسرائيلي في الواقع قرر ان يمدد مجددا الخدمة النظامية لثلاث سنوات بدلا من 32 شهر. ولكن هذه الخطوة قوبلت بصعوبات تشريعية في الكنيست. لذلك، هو يتبع طريقة اشكالية التي فيها الجندي الذي على وشك التسريح يحصل على الفور على الامر 8 ويتم تجنيده للاحتياط، وبعد ذلك يذهب مباشرة للخدمة النظامية في اطار نفس الكتيبة النظامية التي خدم فيها.

البعض يفترضون أن الجيش يخشى من انهيار كبير اذا تعامل بتساهل مع رفض الجنود. مع ذلك، الصفوف غير كاملة. فعبء العمل وما يصاحبه من استنزاف الوحدات النظامية كبير جدا، ويتم تسريح الكثير من الجنود من الخدمة الحربية بسبب مشاكل صحية، خاصة بسبب صعوبات نفسية. هذه ظاهرة منتشرة ولا تحظى إلا باهتمام محدود مقارنة مع الصعوبات التي تواجه جنود الاحتياط، الذين يسهل عليهم هم وزوجاتهم التواصل مع وسائل الاعلام.

الغضب من سلوك الجيش يزداد على خلفية جهود الحكومة لتمرير قانون الاعفاء من الخدمة للحريديين. نتنياهو هدد مؤخرا باقالة رئيس لجنة الخارجية والامن، عضو الكنيست يولي ادلشتاين (الليكود) من منصبه لانه لا يتعاون مع خطوات رئيس الحكومة والحريديين. هذه ايضا هي الخلفية لغياب التشريع بشأن تمديد الخدمة الالزامية: الحكومة تخشى من الردود، في الوقت الذي تشرعن فيه تهرب شباب القوائم الحريدية.

هذا مثل وضع اصبع في عين الجمهور الذي يخدم، والنظرة القاسية للجنود الذين لم يعودوا يستطيعون مواصلة الخدمة، في حين ان الفجوات في الوحدات المقاتلة خطيرة جدا، وهذا احد مظاهر مشكلة اكبر، في المستوى السياسي وفي الجيش. يبدو أنه لن يكون امام رئيس الاركان ايال زمير أي خيار في القريب باستثناء تشديد الخطوات الرمزية، وعلى الاقل اصدار المزيد من اوامر التجنيد لعشرات آلاف الحريديين المتهربين من الخدمة برعاية القوة السياسية لممثليهم في الحكومة وفي الكنيست.

في بداية الحرب قرر قائد لواء نظامي تشديد القواعد مقارنة مع الالوية الاخرى ومنع جنوده من الخروج الى اجازة من القطاع لاشهر كثيرة. احتجاجات الاباء لم تساعد، واعتراضات الصحافيين وقادة اللواء كانوا حذرين من التدخل في اعتباراته لفترة طويلة. يجب الامل بأنه في هذه المرة ستستيقظ القيادة العليا بصورة اسرع وتعمل على تخفيف العقوبة على الاقل. العقوبة التي حكم بها قائد الكتيبة على الجنديين من الناحل مبالغ فيها بشكل واضح. هكذا لا يتصرف الجيش الذين مقاتليه يهمونه، وهكذا يعمل الجيش الذي من شأنه ان يصل الى التفكك.

 

يعملون الخير

 

احد الادعاءات التي طرحت في لواء الناحل من اجل تبرير التصميم امام الجنديين هو ان الامر يتعلق بمشغلي حوامات، وان الكتيبة بحاجة اليهما بسبب اهمية مهمتهما المحددة. رغم ان حجم استخدام الحوامات ازداد كثيرا في الحرب، إلا أن الجيش ما زالت تنقصه الحوامات للوحدات التي تعمل على الارض، ويتم الشعور ايضا بنقص الجنود الذين اجتازوا دورات تدريب على تشغيل الحوامات.

الجنرال احتياط يعقوب بنجو، الرئيس السابق لقسم التخطيط في هيئة الاركان، الذي تم تسريحه من الجيش قبل فترة قصيرة على اندلاع الحرب، نشر في الشهر الماضي مقال عن استخدام الحوامات في الحرب، في اطار مركز بيغن السادات في جامعة بار ايلان. بنجو، الذي كتب المقال هو واحد العاملين في شركة “البيت”، الذي لم يسمح بنشر اسمه، طلب انشاء وحدة حوامات في الجيش الاسرائيلي.

المقال تناول بالاساس الحوامات الانتحارية الرخيصة. حسب قول كتاب المقال فان الثورة التي احدثتها الحوامات في ساحة المعركة “تغير بشكل عميق الحرب البرية وكل ابعاد القتال. الحديث لا يدور عن وسيلة قتال جديدة اخرى أو تطوير تكنولوجي واسع الانتشار، بل عن ثورة حقيقية تؤثر على تقنية القتال، وطبيعة تنظيم القوات وادارة الحرب التكتيكية… الحوامة الهجومية، البسيطة كما يبدو، تقتضي من التفكير العسكري ان يتطور وترك نظريات الماضي التي كانت ذات صلة بعصر الحرب الباردة ولها علاقة بعمليات القتال ضد الارهاب، لكنها لا تقدم رد في ساحة القتال الحالية”.

بنجو وشريكه كتبا في المقال بان استخدام الحوامات في الجيش الاسرائيلي يجري حتى الآن من خلال دوافع ميدانية وليس بناء على نظرية منظمة. حسب قولهما هناك “تاخيرات ثقافية (أي الثقافة التنظيمية)، تعيق ملاءمة الحوامات حتى الآن واعتبارها جزء لا يتجزأ من منظومة القتال. ما يجب أن يحدث الان هو قفزة بنيوية: ليس مجرد تجارب او وحدات قليلة، بل اقامة سلاح حوامات مخصص يشمل تطوير وسائل قتالية، منظومة تدريب واجهزة محاكاة وانتاج ضخم”.

 ------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 1/6/2025

 

 

من الشمال حتى الجنون: الخطة الاستيطانية لتعزيز الحدود الشرقية

 

 

بقلم: حنان غرينوود

 

 11 نقطة – من جبل الشيخ، عبر هضبة الجولان وحتى العربا: الحكومة أقرت مؤخرا المرحلة الأولى في خطة منظمة “الحارس الجديد” التي ستغير الطريقة التي تتعامل فيها دولة إسرائيل مع حدودها.

في خطة الحارس الجديد – منظمة اجتماعية، تعليمية وصهيونية اقيمت في 2007، يدور الحديث عن إقامة مدارس دينية وكليات تمهيدية تكون جزءا من حراسة الحدود واقعيا، تعزيز مستوطنات قديمة بشكل دراماتيكي، إقامة مستوطنات جديدة وخلق مجالات حراسة تسمح لها بالدفاع عن نفسها وعن المنطقة عند هجوم محتمل على نمط 7 أكتوبر. الان، لأول مرة، تكشف أوساط الحارس الجديد كيف تصبح الحدود الإسرائيلية محصنة – وقيمية.

قبل السبت الأسود فهموا في المنظمة بان الوضع الحالي لا يمكنه أن يستمر. منذ 2021، قبل أسابيع قليلة من نشوب اضطرابات حارس الاسوار، انعقد مؤتمر اول من نوعه لمشاركة “إسرائيل اليوم” بالنسبة للجريمة في المناطق الحدودية في إسرائيل. بعد وقت قصير من ذلك، في اعقاب الاضطرابات، بدأ الحديث عن إقامة الحرس القومي. بالتوازي عملت المنظمة على إقامة قرى طلابية في مناطق قليلة السكان لاجل تعزيز تلك المستوطنات.

أكدت 7 أكتوبر الفهم بان هناك حاجة لخطوة أوسع بكثير تعود عميقا الى المصادر الاصلية – الى سنوات إقامة دولة إسرائيل. “في العقد الأول من الدولة كان يغئال الون قلقا جدا. كمن قاد القتال المتحدي والدراماتيكي في حرب الاستقلال، فهم بانه بدون حدود قوية جدا فان الخطر عليها سيزداد فقط”، يشرح مؤسس ومدير عام الحارس الجديد يوئيل زلبرمان. ويعتقد الون انه يجب إقامة تجمعات سكانية قوية مدربة ومزدهرة. فهم من سيتيحون العمق الاستراتيجي لإسرائيل ويصدون بأنفسهم العدو الى أن يصل الجيش الكبير”.

والان تنكشف لأول مرة نتائج تلك الاستنتاجات التي احيتها المنظمة بدعم من الحكومة، من عقيدة يغئال الون. 11 نقطة بعضها اقر منذ الان وأخرى ستقر في المستقبل، ستعزز دراماتيكيا مناطق ضعيفة في حدود إسرائيل.

النقطة الأكثر شمالا ستكون في سفوح جبل الشيخ التي ستنضم الى “نافيه أطيب”. هذه النقاط الإسرائيلية، الى جانب مسعدة ومجدل شمس تحول المنطقة الى مرسى قوي بشكل خاص في منطقة تلقت منذ وقت قصير مضى تعزيزا استراتيجيا في شكل تاج جبل الشيخ.

في هضبة الجولان يخططون في الحارس الجديد لاقامة نقطتين قرب الحدود مع سوريا، تعززان جوهريا الاستيطان في شمال الهضبة. الأولى ستكون شرقي مروم غولان وعين زيفان، قبالة القنيطرة وعلى مسافة غير بعيدة من عيمق هبكا. الثانية بين الونيه هبشان وكيشت بهدف جعل التجمعين الاستيطانيين المجاورين “حصنا” حسب عقيدة يغئال الون. تشديد أساس اعطي للحدود الشرقية لدولة إسرائيل في غور الأردن. في المنظمة معنيون بتحويل شدموت محولا، روتم، مشخيوت وحمدات الى كتلة استيطانية. ولاجل عمل هذا يخططون لاقامة نقطتين – واحدة، اغلب الظن مستوطنات تبتس التي اقرها الكابنت بسرية الأسبوع الماضي، ستكون على قرب شديد من مثلث القرى طمون، طوباس وتياسير، الذي اصبح عش دبابير ومحور تهريب سلاح من جانب ايران الى داخل الضفة فيما ان الهدف هو غوش دان. الثانية هي مستوطنة تقام بين مشخيوت وحمدات، على محو 90، في مكان يخدم في هذه اللحظة من مستوطنات إسرائيلية.

جنوبا من هناك التخطيط هو تحويل المنطقة التي بين مفيئون يريحو ونعما في الجانب الشمالي من اريحا، الى كتلة استيطانية إسرائيلية من خلال مستوطنة جديدة تقام في مركز المنطقة في الجانب الاخر من اريحا في المنطقة التي بين مستوطنتي الموغ وكاليا فيما أن في الوسط بيت هعرفا من المتوقع ان تقام مستوطنة جديدة.  كما ان كيبوتس عين جدي المعزول سيتلقى تعزيزا في شكل مستوطنة جديدة تكثفه وتسمح له بدفاع افضل عند الحاجة.

منطقة حتسافا في العربا ستصبح كتلة مستوطنات حقيقية. الى عين حتسافا، عير أفوت، عيدان وحتسافا، وكلها مستوطنات صغيرة، ستنضم مستوطنتان جديدتان تحولان المنطقة الى كتلة حقيقية يمكنها أن تدافع عن نفسها. مستوطنة ناؤوت هكيكار، التي عانت بضع مرات من تهديد بالتسلل في السنة والنصف الأخيرتين لن تبقى معزولة ومستوطنة أخرى ستفصل بين الحدود الشرقية وفنادق البحر الميت وطريق 90. هاتان الكتلتان ستشكلان أيضا في افضل شكل ممكن سدا يغلق طريق 25 وطريق 227 اللذين يؤديان الى دار البحث النووي في ديمونا والى مدن النقب.

ترتبط خطة الحارس الجديد بقرار الحكومة الذي اتخذ قبل بضعة أسابيع وفي اطاره ستقام أنوية الشبيبة المقاتلة الناحل، كليات عسكرية تمهيدية، أنوية تسبار، مدارس دينية ومدارس دينية حريدية، وكذا إقامة مزارع، قرى طلابية ومساكن مؤقتة للسكان الجدد في ا بلدات القائمة لاجل تعزيز الحدود الشرقية.

“قبل 7 أكتوبر كان المفهوم الأساس في كل ارجاء إسرائيل ان الجدران هي اسوار محصنة، حائط حديدي لن يرغب العدو في اجتيازه. هذا المفهوم انهار تماما”، يقول زلبرمان. “علينا الان أن نخلق مناطق تربط بين المستوطنات التي ستعمل بتكافل وتعاون – تتدرب معا، تعمل معا وتبني فكرة التحصينات ليغئال الون.

قرار الحكومة سيخلق تعزيزا هائلا لحدود إسرائيل. “7 أكتوبر علمنا انه يجب اجراء تعديل ثوري على فهمنا لحدودنا – ان نبني خطوط دفاع جديدة لدولة إسرائيل. ان الحدود الشرقية هي الأكثر الحاحا لكن بعد ذلك يجب نقل هذا النموذج الى حدود سوريا، مصر ولبنان، وبعد ان نرى ما سيحصل في المستقبل في غزة – الى هناك أيضا. هناك حاجة لان نكثف بشكل دراماتيكي المستوطنات نفسها ونقيم مستوطنات ونقاط جديدة تجعل حدودنا آمنة”.

 ------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 1/6/2025

 

 

حماس تختار الجهاد

 

 

بقلم: افي يسخاروف

 

غير قليل من الأصوات انطلقت في إسرائيل في الآونة الأخيرة عن أن حماس على شفا الانهيار او في نقطة الحسم. هذا التقدير يبدو معقولا بالتأكيد اذا ما فحصنا عموم المعطيات التي تأتي من قطاع غزة، بما في ذلك تأكيد الجيش والشباك امس بان رئيس حماس في قطاع غزة، محمد السنوار، خليفة أخيه يحيى، صفي في هجوم على نفق اختبأ فيه في منطقة خانيونس الى جانب قائد لواء رفح، خالد شبانة. الجيش والشباك يصلان الى إنجازات ذات مغزى في المستوى العسكري.

الجيش يعمل الان بشكل مكثف ودقيق في جبهة خانيونس، يطهر الأرض من المخربين ويوسع التدمير الهائل في القطاع، الاف عديد من بين نشطاء حماس صفوا. وللمنظمة لم تعد تقريبا قيادة عسكرية ذات مغزى في الميدان يمكنها أن تنظم القوات بقتال منظم او مرتب والمساعدات الإنسانية تنتقل رويدا رويدا الى اياد أمريكية/إسرائيلية مما يقتطع السيطرة التي كانت للمنظمة على المساعدات، والتي كانت تعرف كيف تستمد منها مرابح اقتصادية. اضافة الى ذلك، بات المزيد من السكان في القطاع يتجرأون على رفع الرأس والاحتجاج او العمل ضد حماس، كعشيرة “أبو شباب” التي تعمل في جنوب القطاع وتقاتل حقا جسديا نشطاء المنظمة. السيطرة المدنية لحماس في القطاع موجودة في مناطق صغيرة على نحو خاص والفوضى بدأت تطل. حماس حسب كل مقياس غربي، مهزومة حقا.

غير أنه سيكون من الخطأ تقدير نوايا المنظمة وفقا لمقاييس “غربية”. من 7 أكتوبر، اثبتت حماس المرة تلو الأخرى بانها تختار الجهاد على تسويات براغماتية يمكنها ان تخفف عن السكان في غزة بل وحتى ان تحسن وضعها العسكري. الرد الغامض على مقترح ويتكوف يظهر مرة أخرى بانه رغم الادعاءات التي انطلقت في إسرائيل بان حماس في حالة ضغط كبرى وتوشك على الانكسار فانها ليست هناك بعد. حماس لا تظهر بوادر على ان في نيتها ان تستسلم او تسلم سلاحها. ضائقة سكان القطاع لا تؤثر فيها بل العكس، فاذا ما قتل بضع عشرات الاف آخرين من المواطنين الفلسطينيين وبضعة الاف نشطاء حماس، فهذا من ناحيتها ثمن معقول، طالما كانت الفكرة الأيديولوجية نجت وهكذا أيضا اطرها العسكرية.

حماس توجد في مرحلة تخلت فيها عن إمكانية العمل كجيش نظامي مع ألوية وكتائب وقيادة تراتبية. من ناحيتها طالما كانت خلايا صغيرة من نشطائها تواصل العمل في القطاع، فهذا نصر. في نظرها، إنجازاتها تقاس بالشكل الذي تستقبل فيه المسألة الفلسطينية وحتى هي نفسها في العالم، بالشكل الذي تصبح فيه إسرائيل منبوذة، في أوروبا وبين جماهير واسعة في ا لولايات المتحدة وكذا في الشرخ المتسع في إسرائيل في ضوء الخلاف السياسي الشديد بين مؤيدي نتنياهو ومعارضيه. بكلمات أخرى، اذا ما قتل مزيد من الفلسطينيين الأبرياء فهذا فقط يخدم هدفها في أن تحظى باعتراف دولي واسع وتمس بشرعية إسرائيل.

ظاهرا، وافقت حماس في ردها على تحرير عشرة مخطوفين احياء وإعادة 18 جثة “مقابل عدد متفق عليه من السجناء الفلسطينيين”، لكن يبدو أنه في الرد الكامل الذي لم ينشر، حماس حتى اضافت مطالب جديدة. في صحيفة “الرد” المصرية نشر تقرير بان المنظمة تطالب بان توزع تحرير المخطوفين الاحياء وإعادة الجثث على جدول زمني مختلف عن ذاك الذي اقترحه (أربعة احياء في اليوم اليوم، اثنان في اليوم الثلاثين، وأربعة آخرين في اليوم الستين). الى هذا اضيف طلب جديد لم يكن موجودا على الاطلاق في منحى ويتكوف وهو فتح معبر رفح لخروج وعودة سكان من غزة. من غير المتوقع لإسرائيل أن تستجيب لطلب حماس هذا ويبدو أن ويتكوف أيضا سيرفضه رفضا باتا. ومع ذلك، يبدو أن حماس بقيت على حالها، رغم الضائقة العسيرة للمنظمة في غزة ولوضع السكان هناك، وتثبت صمودا وتصميما على الا توافق على المنحى الأمريكي بهذه السرعة دون أن يضمن لها وقفا كاملا للنار.

-------------------------------------------

 

 

 

 

هآرتس 1/6/2025

 

 

نحتاج وقفا للنار

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

مرة أخرى يوجد على الطاولة مقترح لوقف نار بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة وصفقة لتحرير مخطوفين. "منحى ويتكوف" بتأييد من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، يتضمن وقف نار لـ60 يوما، يتحرر فيه 10 مخطوفين أحياء و18 جثة، نصفهم في اليوم الأول لوقف النار والثاني في اليوم السابع لتنفيذ الاتفاق.

إلى جانب ذلك يتوقف القتال، يسمح بإدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع وتبدأ مفاوضات على تسوية دائمة. ترامب يبث تفاؤلا. وحسب البيت الأبيض، رفعت حماس أول من أمس، ردها الذي تضمن حسب التقارير مطالب لإجراء تعديلات على منحى التحرير. ينبغي الأمل ألا تستغل إسرائيل هذه المطالب للتصعيد.

وبينما قضى سكان إسرائيل فترة الانتظار بنزهات نهاية الأسبوع، في غزة واصل المخطوفون يذوون في أنفاق حماس وسكان غزة يواصلون العيش، أو للدقة الموت، بين مطرقة هجمات سلاح الجو وسندان الجوع الذي يتحكم بالقطاع. حصاد القتلى ينشر كل يوم. وزارة الصحة في غزة (بسيطرة حماس) أعلنت أول من أمس، أن 60 قتيلا وصلوا في اليوم الأخير إلى المستشفيات في القطاع (هذا لا يتضمن شمال القطاع). كما حذرت الوزارة من أن العديد من الجثث ما تزال عالقة تحت الأنقاض، وأنه منذ انتهاء وقف النار في 18 آذار قتل 4117 شخصا.

لكن التهديد على الغزيين ليس فقط من جانب سلاح الجو. حياتهم في خطر أيضا بسبب الجوع والوضع الإنساني. ومع أن صندوق الإغاثة الإنسانية يوزع الغذاء، لكن هذه ليست ضمانة في أن تصل إلى أفواه الجوعى. وذلك ضمن أمور أخرى بسبب حالات السلب والنهب والاعتداء على قوافل الإغاثة. وهذا بالطبع لا يمنع إسرائيل من أن تنفي وجود أزمة إنسانية. هذه الحرب يجب أن تتوقف. ينبغي الأمل في ألا تكون الموافقة الإسرائيلية على منحى ويتكوف متعلقة برفض حماس وإلا يحاول بنيامين نتنياهو عرقلة الصفقة كعادته.

من المهم التشديد على أنه محظور أيضا السماح للمنحى الحالي، أن يكون حكم إعدام للمخطوفين الذين لا يشملهم المنحى ليبقوا في أسر حماس. إن من واجب إسرائيل أن تعيد كل المخطوفين وليس فقط جزءا منهم، محظور أن يفسر التأييد للاتفاق الحالي كموافقة للتضحية بالمخطوفين المتبقين. على إسرائيل أن تسعى إلى اتفاق وقف النار، تعيد المخطوفين الذين تشملهم الصفقة الحالية، وعندها أن تستغل الزخم لإنهاء الحرب مقابل إعادة باقي المخطوفين من دون ترك أحد في الخلف.

من أي ناحية كانت، فإن هذه الحرب يجب أن تتوقف فورا. كل يوم إضافي تتواصل فيه يعمق الحفرة التي توجد فيها إسرائيل وهي وصمة في تاريخها.

-------------------------------------------

 

توماس فريدمان: الإشارات التحذيرية التي رأيتها للتو في إسرائيل

 

 

نيويورك تايمز 27/5/2025

 

قضيت للتوّ أسبوعًا في إسرائيل. وفي حين لم يبد الأمر وكأن الكثير قد تغيّر -ما تزال الحرب الطاحنة في غزة مستمرة- فإنني شعرت بشيء جديد يتشكل هناك لأول مرة منذ السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.

سيكون من المبكر أن نسميه حركة ذات قاعدة عريضة مناهضة للحرب، وهو شيء لا يمكن أن يحدث إلا عند عودة جميع الرهائن الإسرائيليين. لكنني رأيت علامات تحذيرية تنذر بالخطر، وتدل على أن عددًا متزايدًا من الإسرائيليين، من اليسار إلى الوسط -وحتى بعض أوساط اليمين- أصبحوا يَخلصون إلى استنتاج أن استمرار هذه الحرب يشكل كارثة على إسرائيل: أخلاقيًا، ودبلوماسيًا، واستراتيجيًا.

من الوسط السياسي، كتب رئيس الوزراء الأسبق، إيهود أولمرت، مقالًا في صحيفة "هآرتس" لم يدخر فيه أي نقد لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وائتلافه. كتب أولمرت: "إن حكومة إسرائيل تخوض الآن حربًا بلا هدف، بلا تخطيط واضح، ومن دون أدنى فرصة للنجاح". وأضاف: "إن ما نقوم به الآن في غزة هو حرب إبادة: قتل عشوائي، غير محدود، قاسٍ، وإجرامي ضد المدنيين". وخلُص إلى القول: "نعم، إن إسرائيل ترتكب جرائم حرب".

ومن اليمين، لديك أناس مثل عمِيت هالِفي، عضو حزب الليكود اليميني نفسه الذي ينتمي إليه نتنياهو، وهو مؤيد متعصب للحرب لكنه يرى أن تنفيذها كان فاشلًا.

وقام ائتلاف نتنياهو بتعليق عضويته في "لجنة الشؤون الخارجية والدفاع" في الكنيست بعد أن صوّت ضد اقتراح لتمديد صلاحية الحكومة لإصدار أوامر استدعاء طارئة لجنود الاحتياط. وفي مقابلة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" أجريت بعد فصله، قال هالِفي: "هذه الحرب خديعة. لقد كذبوا علينا بشأن إنجازاتها".

وأضاف أن إسرائيل "تخوض حربًا منذ 20 شهرًا بخطط فاشلة" وأنها "لا تحرز النجاح في تدمير حماس".

ومن اليسار لديك يائير غولان، زعيم تحالف اليسار الإسرائيلي المعروف باسم "الديمقراطيون"، الذي صرّح في مقابلة مع إذاعة إسرائيل بأن "إسرائيل في طريقها لأن تصبح دولة منبوذة، مثلما كانت جنوب أفريقيا، إذا لم نعد للتصرف كدولة عاقلة. إن الدولة العاقلة لا تحارب المدنيين، لا تقتل الأطفال كهواية، ولا تضع لنفسها هدفًا يتمثل في طرد السكان".

وبعد أن أثارت مسألة "الهواية" غضبًا عامًا، أوضح غولان، وهو نفسه واحد من أبطال حرب غزة، أنه لم يكن يلوم الجيش، وإنما يلوم السياسيين الذين يواصلون الحرب لأسباب لم تعد تتعلق باحتياجات إسرائيل الأمنية.

في حين أنه ربما كان عليه أن يختار كلمات أخرى حتى لا يمنح اليمينيين الإسرائيليين ذريعة سهلة لتشويهه ونزع الثقة عنه، فإن الحقيقة هي ما يلي: لم يُسمح فعليًا لأي صحفي أجنبي مستقل بأن يغطّي غزة ميدانيًا من دون مرافقة من الجيش الإسرائيلي. وعندما تنتهي هذه الحرب وتمتلئ غزة بالصحفيين والمصورين الدوليين الذين يتجولون بحرية، سيتم نقل حجم الموت والدمار وتصويره بالكامل -وسوف يكون ذلك وقتًا بالغ السوء لإسرائيل ويهود العالم.

وإذن، كان غولان محقًا عندما حذر أمته -بصراحة- ونصحها بضرورة التوقف الآن، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار، واستعادة الرهائن، وإدخال قوة دولية وعربية إلى غزة، والتعامل ما تبقى من "حماس" لاحقًا.

إنك عندما تكون في حفرة، تتوقف عن الحفر.

ولكن، للأسف، يصرّ نتنياهو على الاستمرار في الحفر، مدعيًا أنه قادر على قصف "حماس" ودفعها إلى تسليم العشرين رهينة إسرائيلية أو نحو ذلك الذين تحتفظ بهم والذين ما يزالون على قيد الحياة -ولأن أعضاء ائتلافه الديني-القومي قد أخبروه بشكل أساسي بأنه إذا أوقف الحرب، فإنهم سيسقطونه. وهكذا، يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف المزيد والمزيد من الأهداف الثانوية، والنتيجة هي أن المدنيين الغزيّين يُقتلون على أساس يومي.

وقد شرح عاموس هرئيل، محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس"، السبب: "العديد من جولات القصف الجوية هي في الواقع محاولات لاغتيال قادة ’حماس‘، في أغلب الأحيان عندما يكونون مع عائلاتهم. لم يعُد هؤلاء المسؤولون يقيمون في منازل خاصة أو في شقق، وهم يقيمون عادة في مخيمات الخيام المكتظة مع آلاف المدنيين. وحتى بينما يعلن الجيش أنه يتخذ خطوات احترازية متعددة، فإن هذه الهجمات تؤدي إلى سقوط عدد كبير من القتلى".

ليس ارتفاع أعداد الضحايا المدنيين في غزة فقط -بل إنه في الحقيقة ليس سببًا أساسيًا- هو ما يدفع عددًا متزايدًا من الإسرائيليين إلى معارضة الحرب. إن السبب ببساطة هو أن الحرب أنهكت المجتمع الإسرائيلي بأسره. والعلامات تتراوح، كما يلاحظ هرئيل، من "ارتفاع عدد حالات الانتحار (التي لا يعلن عنها الجيش) إلى تفكك الأسر وانهيار الأعمال التجارية. والحكومة تتجاهل هذه التطورات عن عمد وتنثر الوعود بالنصر".

ولا يقتصر الأمر فقط على أصوات السياسيين الراشدين الذين يخبرونك بأن إسرائيل طالت بها الحرب. ثمة أيضًا أفعال الأطفال الأبرياء بعمر أربع سنوات. خلال رحلتي، سمعت قصة من المذيعة الإسرائيلية الشهيرة لوسي أحريش، أول مقدمة أخبار عربية مسلمة تظهر على شاشة التلفزيون الإسرائيلي العبري الرئيسي.

كنا قد وصلنا أنا وهي لإجراء حوار مشترك في تل أبيب بعيون نصف مغلقة، لأننا استيقظنا حوالي الساعة الثالثة صباحًا على صوت صفارات الإنذار التي تطلب منا الاحتماء من هجوم صاروخي من الحوثيين. ثمة شيء مميز وموتّر للأعصاب بشكل خاص في صوت صفارة الإنذار من الغارات الجوية هذه، لكنَّك يجب أن تكون راشدًا لتمييزه.

لماذا أقول ذلك؟ لأن إسرائيل تُحيي كل عام ذكرى الجنود والمدنيين الذين سقطوا في حروبها بدقيقتي صمت على صوت صفارة إنذار. أينما كانوا، يتوقف الإسرائيليون، يركنون سياراتهم على جانب الطريق ويقفون في صمت احترامًا لتلك الصفارة التي تصدر صوتًا مستمرًا وليس متذبذبًا كما في صفارات الإنذار من الغارات الجوية.

هذا العام، كما روت لي أحريش، تم إطلاق الصفارة الوطنية في الوقت المحدد، وقالت: "ابني آدم، البالغ من العمر 4 سنوات، وكان يلعب على الأرض، أخذ يتملكه الذعر على الفور وراح يجمع ألعابه ليتوجه إلى الغرفة الآمنة في منزلنا".

وواصلت أحريش: "قلت له: ’لا، ليس عليك أن تفعل. هذه صفارة مختلفة. مع هذه الصفارة نقف احترامًا للأبطال الخارقين الذين حمونا ولم يعودوا بيننا‘".

عندما يترتب على الأطفال في سن الرابعة أن يتعلموا التمييز بين أنواع الصفارات -تلك التي تقف لها احترامًا وتلك التي تُهرع عند سماعها مع ألعابِك إلى غرفة بلا نوافذ- فإن أمد الحرب يكون قد طال بك بالتأكيد.

إذا كان العديد من الإسرائيليين يشعرون بأن قادتهم أوقعوا بهم، فإن كثيرًا من الغزيين يشعرون بالشيء نفسه بوضوح. من الصعب بطبيعة الحال إجراء استطلاعات رأي في غزة، ولكن يبدو أن حركة معارضة للحرب قد شرعت في التشكل هناك أيضًا -على الرغم من أنك يمكن أن تُقتل على يد ’حماس‘ بسبب الاحتجاج.

لكن استطلاعًا للرأي شمل سكان مختلف أنحاء قطاع غزة، أجراه "المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية" المستقل الذي يتخذ من رام الله مقرًا له، وجد أن 48 في المائة من الغزيين المستطلعة آراؤهم يؤيدون التظاهرات المناهضة لـ"حماس" التي اندلعت في مناطق عدة في الأسابيع الأخيرة.

في الحقيقة، تأكد أن القادة الإسرائيليين لن يكونوا وحدهم من سيواجه لحظة الحساب عندما تسكت بنادق غزة أخيرًا. سوف يعيش قادة "حماس" موصومين بالعار. لقد هاجموا التجمعات الحدودية الإسرائيلية في 7 تشرين الأول (أكتوبر) 2023، وعندما ردت إسرائيل، كما كان متوقعًا، قدَّموا فعليًا سكان غزة كقربان بشري جماعي لكسب تعاطف العالم مع قضيتهم -بينما اختبأ قادة "حماس" في الأنفاق أو في الخارج.

وما تزال "حماس" تعمل، لكن غزة أصبحت غير صالحة للحياة. ومع ذلك، ما يزال قادة "حماس" يصرون على أنهم لن يسلموا جميع الرهائن الأحياء المتبقين ما لم توافق إسرائيل على مغادرة غزة والعودة إلى وقف إطلاق نار مفتوح النهاية.

حقًا؟ هل يجب على إسرائيل أن تغادر غزة بالكامل وتقبل بوقف لإطلاق النار؟ يا لها من فكرة عظيمة. إذا حققت "حماس" ذلك "النصر"، فسوف يعني ذلك أنها خاضت هذه الحرب بالكامل -وخسرت عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين، ولم يبقَ تقريبًا أي مبنى قائم في غزة- فقط لتعود إلى الوضع الذي كانت عليه في 6 تشرين الأول (أكتوبر) 2023: وقف لإطلاق النار وإسرائيل خارج غزة.

لهذا وحده، سيذكر التاريخ قادة "حماس" كمخادعين حمقى. لقد ظنوا أنهم يطلقون نهاية العالم على إسرائيل، فإذا بهم يطلقونها على شعبهم، ويتيحون أيضًا لنتنياهو تدمير حليفهم "حزب الله" في لبنان، وسورية، مما أضعف قبضة إيران على هذين البلدين، وعلى العراق أيضًا، وأسهم في طرد روسيا من سورية. كانت هذه هزيمة ساحقة لـ"شبكة المقاومة" التي تقودها إيران.

ولكن إليكم خلاصة القول: نتيجةً لعمليات نتنياهو العسكرية، أصبحت كلٌّ من لبنان وسورية والعراق والسلطة الفلسطينية في رام الله -ناهيك عن السعودية- أكثر حرية الآن للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام وتطبيع العلاقات مع إسرائيل بدرجة لم تكن ممكنة من قبل حين كانت شبكة الميليشيات الإقليمية التابعة لإيران قوية كثيرًا.

نعم، لقد جعل نتنياهو ذلك ممكنًا! لكنه أيضًا لا يفوّت فرصة لتفويت فرصة لتحقيق السلام. إن نتنياهو يرفض اليوم بعناد أن يجني ثمار ما زرعه نتنياهو نفسه. إنه يرفض القيام بالشيء الوحيد الذي يمكن أن يفتح الباب أمام تحوّلات سياسية في المنطقة كلها: أن يفتح طريقًا، مَهما كان طويلاً، نحو حل دولتين مع سلطة فلسطينية تم إصلاحها.

لا عجب أن دونالد ترامب لا يريد إضاعة الوقت مع نتنياهو -إنه لا يستطيع أن يجني المال منه، ونتنياهو لا يسمح لترامب بأن يصنع أي تاريخ معه أيضًا.

كلما جادلتُ الإسرائيليين أكثر بأن نتنياهو يرتكب خطأً تاريخيًا -حين يبادل السلام مع السعودية بسلام مع المتطرفين اليمينيين الذين يُبقونه في الحكم- سألوني أكثر: "هل تعتقد أن ترامب يمكن أن ينقذنا؟"، هذا السؤال هو العلامة النهائية على أن ديمقراطيتك في ورطة.

كان عليّ أن أشرح أن ترامب يذهب إلى الدول التي تُعطيه أشياء -نقودًا، وطائرات 747، وعملة ترامب الرقمية، ومبيعات لـ"ميمات ميلانيا الرسمية"، وصفقات أسلحة، وصفقات فنادق، وملاعب غولف، ومراكز بيانات للذكاء الاصطناعي- وليس إلى الدول التي تطلب منه أشياء، مثل إسرائيل.

إنصافًا لترامب، ربما لا تكون لديه حتى أدنى فكرة عن مدى التغيُّر الذي طال إسرائيل من الداخل. وحتى العديد من اليهود الأميركيين لا يدركون كم أصبح مجتمع الحريديم والمستوطنين الدينيين القوميين كبيرًا وقويًا، وكم ينظر هذا المجتمع إلى غزة كحرب دينية.

قال أفروم بورغ، الرئيس السابق للكنيست، مشيرًا إلى اليمين الديني القومي الاستيطاني في إسرائيل: "إن بيبي هو في الحقيقة بيدقهم، وليس اللاعب الحقيقي".

 وأضاف: "أنتَ تخبرهم بأن إسرائيل يمكن أن تحظى بسلام مع السعودية، فيكتفون بهز أكتافهم ويقولون إنهم ينتظرون قدوم المسيح. تقول لهم إن هناك إمكانية لصنع السلام مع سورية، فيقولون لك إن الشعب اليهودي يمتلك سورية مسبقًا -إنها جزء من إسرائيل الكبرى. تحدّثهم عن القانون الدولي، فيحدثونك بالشريعة التوراتية. تذكر لهم ’حماس‘، فيقولون لك عماليق" (وهو عدو توراتي لبني إسرائيل).

ويخلُص بورغ، الذي يُدرّس العلاقة بين الدين والدولة، إلى أن الانقسام الحقيقي في إسرائيل اليوم ليس بين المحافظين والتقدميين: "إنه بين القبيلة اليهودية والقبيلة الديمقراطية. والقبيلة اليهودية هي التي تنتصر الآن. إذا كانت الصهيونية في بدايتها قد مثلت انتصار القومية العلمانية على اليهودية الدينية، فإن ما يحدث اليوم هو عودة انبعاث اليهودية الدينية القومية لتنتصر على الديمقراطية".

وهكذا، بعد أسبوع، عدت طائرًا إلى بلدي من "خارج برودواي" -إسرائيل- لأكتشف أن المسرحية نفسها، وإنما بأبعاد أكبر، تُعرض في مسارح برودواي، في أميركا. من المخيف والمقلق أن ترى كيف يستخدم ترامب ونتنياهو كتاب قواعد اللعب نفسه لتقويض ديمقراطياتهما. وسؤالي الوحيد هو: من منهما هو الذي ستقوده نزعاته الاستبدادية إلى أزمة دستورية شاملة أولًا؟

كلٌّ من الزعيمين يقف متهمًا بمحاولة تقويض محاكم بلاده و"الدولة العميقة" -أي كل المؤسسات التي تحمي سيادة القانون. في حالة ترامب، تتمثل قضيته فعليًا في إثراء نفسه شخصيًا وتحويل الثروة داخل البلاد من الفقراء إلى الأثرياء. والقضية في حالة نتنياهو هي الإفلات من تهم الفساد العديدة التي تلاحقه، وتحويل السلطة والمال من المركز الإسرائيلي المعتدل الديمقراطي إلى أيدي المستوطنين والحريديم. وسوف تبقي هذه المجموعة تحالف نتنياهو في السلطة طالما ظل يعفي الحريديم من القتال في غزة ويسمح للمستوطنين بمواصلة زحفهم نحو ضم الضفة الغربية اليوم وغزة غدًا.

عندما انتُخب نتنياهو في تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 وشرع في تشكيل ائتلافه اليهودي التفوقي المتطرف، كتبتُ عمودًا في صباح اليوم التالي بعنوان: "إسرائيل التي عرفناها ولّت". آمل أنني كنت متسرعًا -لكنني آمل أكثر ألا أضطر قريبًا إلى كتابة العمود نفسه عن أميركا.

سوف يكون لدى العام 2026 الكثير ليقوله عما إذا كان يمكن احتواء طائفتي نتنياهو وترامب. في ذلك العام، سيُضطر نتنياهو إلى إجراء انتخابات وطنية، وسيتعين على ترامب خوض الانتخابات النصفية. وستكون أمام أولئك الملتزمين بالديمقراطية والكرامة في كلا البلدين مهمة واحدة من الآن وحتى ذلك الوقت: التنظيم، ثم التنظيم، ثم التنظيم من أجل الفوز بالسلطة.

لا شيء آخر يهم. كل شيء يتوقف على ذلك.

 

*توماس إل. فريدمان Thomas L. Friedman: كاتب عمود الشؤون الخارجية. انضم إلى صحيفة "نيويورك تايمز" في العام 1981 وفاز بثلاث جوائز بوليتزر. وهو مؤلف سبعة كتب، منها "من بيروت إلى القدس" From Beirut to Jerusalem، الذي فاز بجائزة الكتاب الوطني.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here