"السفينة مادلين، صرخة في وجه الحصار"
Wed 11 June 2025

نحو شواطئ قطاع غزة، حيث يلتقي الألم بالأمل على إيقاع الأمواج، اتجهت مؤخرًا سفينة أعادت للأذهان روح المقاومة، لم تكن سفينة حرب، بل كانت تحمل اسم امرأة فلسطينية شابة، ورسالة شعب بأكمله، سميت السفينة باسم "مادلين"، وهو اسم لا يحمل دلالته البشرية فقط، بل يختزن قصة نضال وصمود، وتحديات يومية تواجهها المرأة الفلسطينية، التي تقف في الصفوف الأمامية من معركة الحياة والحرية.
كانت مادلين ابنة الصيادين، وُلدت على ضفاف البحر المتوسط، ونشأت تسمع أغنيات والدها وهو يُصلح شباكه الممزقة بعد كل مرة يعود فيها خالي الوفاض من رحلة صيد ممنوعة، كانت ترى كيف يُمنع أبوها من دخول مياهه التي ولد فيها، وكيف يُطلق النار على قاربه كلما تجاوز الحدود المفروضة على الفلسطينيين، كبرت وتعلّمت كيف تمسك بالشبكة، وكيف تقرأ اتجاه الريح، وكيف تُميّز بين أنواع الأسماك، وكيف تُقاوم اليأس بابتسامة، وفي يومٍ من الأيام، قررت أن تقف أمام الحصار لا بكلمة ولا بصوت، بل بفعلٍ، فتحدّت الجميع ومارست الصيد لمساعدة والدها وإعالة أسرتها، كأنها تقول للعالم: أنا هنا، أنا البحر، أنا الأرض، أنا الصوت الذي لن يسكت.
لم تكن السفينة مادلين مجرد قطعة خشبية تطفو على الماء، بل حملت في دلالة اسمها رمز لمقاومة شعب بأكمله، رمز للمرأة الفلسطينية التي لا تستسلم، رمز للأمل الذي يولد من جديد كل صباح على شواطئ غزة، هي الآن ترسو بمن عليها من ناشطات وناشطين في ميناء أسدود، بعد أن أجبرها الاحتلال على التوجه نحوه، لكنها تنتظر اللحظة التي ستخرق فيها الحصار، لتُعيد الأمل لمليوني إنسان في غزة، إلا أنها حتى قبل أن تُبحر، أصبح وجودها صرخة، صوتًا، ودعوة للعالم أن يحثّ النظر إلى بحر غزة، ويستمع جيدًا، "فإن لم يسمعوا كلماتنا، سترتفع أصوات أمواجنا".
