الخليل العتيقة تتصدى لمخططات تهويدها بإعادة تأهيل منازلها

استقطبت لجنة إعمار الخليل، رغم التحديات والعراقيل التي يفرضها الاحتلال في قلب بلدة الخليل العتيقة، عشرات العائلات لإعادة السكن فيها من خلال إعادة تأهيل البيوت القديمة، لتبقى الحياة نابضة في أزقتها وتواجه اطماع الاستيطان والتهويد الذي يستهدف المدينة وموروثها الحضاري والانساني.

صمام أمان

وقال عماد حمدان، رئيس لجنة إعمار الخليل، وزير الثقافة، إن اللجنة تأسست لتكون صمام الأمان للبلدة القديمة، حامية لتاريخها وساكنيها، ولمواجهة سياسات التهجير والمصادرة، مشيراً إلى أن رؤيتها تنطلق من حماية الإرث الحضاري، وتعزيز صمود المواطن في وجه الاستيطان، وهذا ما تواصل العمل عليه بكل عزيمة.

وأضاف، أن هناك تحديات كبيرة تواجه عمل لجنة الإعمار بفعل الإجراءات الإسرائيلية، إلا أنها تواصل عملها بإصرار وبدعم من المجتمع المحلي وبالتعاون مع الشركاء المحليين والدوليين، من أجل أن تبقى البلدة القديمة نابضة بالحياة، عامرة بأهلها، شاهدة على تاريخها، ومحصنة من محاولات التهويد والطمس.

مشروع وطني

بدوره اعتبر مهند الجعبري، مدير عام لجنة إعمار الخليل، أن عودة السكان إلى بيوت البلدة القديمة ليست فقط قضية إسكان، بل مشروع وطني بامتياز، لأن كل بيت يُسكن يُغلق باباً في وجه التوسع الاستيطاني، مشيراً إلى أن لجنة الإعمار تعمل جاهدة لتوفير بيئة سكنية آمنة، وخدمات تضمن استدامة الوجود الفلسطيني الأصيل في قلب المدينة.

وأوضح، أن عمل اللجنة لا يقتصر على ترميم المباني القديمة أو إعادة تأهيلها فقط، بل يتعدى ذلك إلى مشروع متكامل للتأكيد عل الهوية الوطنية، اذ تؤمن اللجنة أن الإنسان هو العنصر الأهم في معادلة الصمود، ولهذا فإن الجهود تتركز على استقطاب السكان للعودة إلى منازلهم، وتوفير بيئة سكنية مناسبة تحفظ كرامتهم وتعزز شعورهم بالأمان والانتماء، موضحا أنه خلال السنوات الأخيرة عملت اللجنة على تنفيذ مشاريع إسكان متكاملة، تشمل تأهيل البنية التحتية، وتوفير شبكات المياه والكهرباء، وتحسين المرافق العامة، إلى جانب مشاريع الترميم التي تحافظ على الهوية المعمارية للبلدة.

الحفاظ على طابعها

وبين المهندس زياد جابر، المدير الفني في لجنة إعمار الخليل، أن مشاريع الترميم التي تنفذها اللجنة تشمل إعادة تأهيل البيوت القديمة بما يحافظ على طابعها المعماري الأصيل، مع تزويدها بالبنية التحتية الحديثة، لافتا أنه خلال العام الحالي اتمت اللجنة ترميم عشرات الوحدات السكنية، وتعمل على تنفيذ مشاريع جديدة تشمل مناطق مختلفة في البلدة القديمة والمناطق المحيطة بالحرم الابراهيمي الشريف.

جهد جماعي

وأكدت ديانا زلوم، الباحثة الاجتماعية في قسم السكن والاسكان في اللجنة، أنه خلال العام الجاري سكن في البلدة القديمة، ٢٠ عائلة جديدة حتى نهاية أيار، وهذا الإنجاز هو ثمرة جهد جماعي من طواقم اللجنة لدعم المجتمع المحلي في البلدة القديمة، مشيرة إلى أن لجنة الاعمار تولي اهتماماً خاصاً بالشباب المقبلين على الزواج خصوصاً الذين يواجهون ظروفاً اقتصادية صعبة، حيث تعمل اللجنة على تأميل السكن لهم بما يمكنهم من بدء حياتهم الاسرية بكرامة واستقرار، وقد ساهمت أيضا هذه الجهود في إنقاذ بعض العائلات من خطر التفكك الاسرى نتيجة تراجع الوضع الاقتصادي وعدم قدرتهم على تغطية الإيجارات التي باتت مرتفعة جداً، حيث تم توفير مساكن تناسبهم مرممة ومؤهلة وبدون إيجار.

من جانبها أكدت ايمان عدرابه، الباحثة الاجتماعية في قسم السكن والاسكان، على حرص اللجنة على متابعة سكان الخليل القديمة وتقديم الدعم الاجتماعي لهم، من خلال الزيارات الميدانية، والأنشطة المجتمعية، والخدمات النفسية والتعليمية، من أجل توفير شعور بالأمان والانتماء داخل البلدة القديمة.

وأضافت، ان اللجنة تعمل على توفير حزمة من الخدمات الحيوية والمهمة للسكان، منها؛ التأمين الصحي المجاني، وإعفاء سكان البلدة القديمة من 100 كيلو كهرباء وثمانية أمتار من المياه لكل عائلة شهرياً، بالإضافة الى خدمات اثبات السكن التي تقدم لكافة الجهات الرسمية لمساعدتهم في تسهيل معاملاتهم، كما وتحرص على دعم الطلبة من ابناء البلدة القديمة حيث تمنحهم امتيازات خاصة تمكنهم من الالتحاق بالجامعات واختيار التخصصات التي تناسب طموحاتهم، اضافة إلى إعفاء الاهالي واصحاب المحلات التجارية من الضريبة حيث يتم منحهم ضريبة صفرية.

وبين توفيق جحشن، مدير الوحدة القانونية التابعة للجنة إعمار الخليل، الدور الذي تقوم به الوحدة في حل الاشكالات القانونية بين المالكين ومسألة تفتت الملكيات في المباني المراد ترميمها تمهيداً لتطويعها للسكن بآلية قانونية حسب الاصول، ووضع وقاية قانونية لتفادي مشاكل مستقبلية قد تنشأ بين المالكين فضلا عن رفع عشرات القضايا ضد العابثين وجيش الاحتلال والمستوطنين المعتدين على أملاك المواطنين وعقاراتهم.

وأشار إلى أن هذه الإنجازات التي تقودها لجنة إعمار الخليل تأتي في ظل بيئة أمنية وسياسية معقدة، حيث لا تزال البلدة القديمة تواجه اعتداءات يوميه من قبل الاحتلال ومستوطنيه تفاقم معاناة أهالي البلدة، موضحا بأن اللجنة، بإرادتها المؤسسية ودعم شركائها، تواصل عملها الميداني والإنساني، لتثبت أن الإرادة الوطنية أقوى من محاولات الطمس.

disqus comments here