تقرير: خطوات إسرائيلية متسارعة لابتلاع منطقة “النبي موسى” وتمهيد الضم الفعلي

تواجه منطقة مقام النبي موسى في بادية القدس وأريحا تصعيدًا خطيرًا في سياسات المصادرة والابتلاع الاستيطاني، بعد إعلان سلطات الاحتلال نيتها الاستيلاء على أكثر من 7 آلاف دونم تحت غطاء “إجراءات إدارية”، بينما تحمل الخطوة مضمونًا سياسيًا مباشرًا يستهدف تفكيك الترابط الجغرافي لأي دولة فلسطينية مستقبلية.

مصادرة واسعة تحت ستار “تسجيل الأراضي”

أظهرت بيانات معهد الأبحاث التطبيقية (أريج) صدور ستة إعلانات جديدة من “دائرة أراضي إسرائيل”، تقدّم خلالها “المسؤول عن أملاك الحكومة” بطلبات لتسجيل أراضٍ واسعة تُصنَّف كـ“أموال غير منقولة غير مسجلة” في مناطق دير حجلا والزور وإجهير ضمن نطاق النبي موسى، بمساحة تقارب 7100 دونم.

وتأتي هذه الخطوة ضمن سياسة إسرائيلية قديمة جديدة، تعتمد على قانون تسجيل الأموال غير المنقولة رقم 6 لعام 1964، وهو قانون أردني الأصل تعمل “إسرائيل” على توظيفه بطريقة انتقائية تمنحها شرعية شكلية للسيطرة على الأراضي الفلسطينية.

تلاعب قانوني واستهداف للوجود الفلسطيني

باحثون متخصصون يؤكدون أن الاحتلال يستخدم هذا القانون بما ينسجم مع أهدافه السياسية، مُفرغًا إياه من محتواه الأصلي، ومُهمّشًا ملكيات الفلسطينيين الخاصة والعامة.

وتقول الباحثة في معهد أريج جولييت بنورة إن الاحتلال يلجأ إلى إعادة تعريف الأراضي “غير المسجلة” ثم تصنيفها لاحقًا كـ“أراضي دولة”، ليجري تحويلها إلى:

  • محميات طبيعية

  • مناطق عسكرية

  • مناطق توسع استيطاني

  • طرق التفافية

وهي أدوات تُستخدم لتسريب الأرض إلى المستوطنين، ومنع الفلسطينيين من الوصول أو الاستثمار في أراضيهم، ما يؤدي عمليًا إلى إخلاء الوجود الفلسطيني كما حدث في مناطق بادّعت سلطات الاحتلال أنها “فارغة”.

وتحذر بنورة من خطر أكبر يتمثل في التوسع المتسارع نحو الأغوار والمستوطنات المحيطة، حيث تسيطر “إسرائيل” على 90% من المياه والينابيع، وتمنع الفلسطينيين من استغلال موارد البحر الميت.

شرعنة للاستيلاء وخطوات نحو الضم

الباحث جمال طلب العملة من مركز أبحاث الأراضي يعتبر الخطوات الجديدة “شرعنة صريحة للاستيلاء”، مؤكدًا أنها تأتي في سياق فرض الأمر الواقع وخلق ضم فعلي هادئ، يقوّض إمكانية قيام دولة فلسطينية ذات تواصل جغرافي.

ويشير العملة إلى أن “إسرائيل” تمنح المستوطنين مزيدًا من القوة عبر دعم سياسي وديني واضح، خاصة في البؤر الرعوية، بالتزامن مع صلاحيات أمنية ورواتب حكومية يمنحها الوزير المتطرف إيتمار بن غفير.

استغلال الحرب على غزة لتسريع المشاريع المؤجلة

أما الباحث في شؤون الأغوار والاستيطان عبد الناصر مكي، فيؤكد أن الاحتلال استغل انشغال العالم بالحرب على غزة لإحياء مشاريع استيطانية مؤجلة، من بينها مخطط سابق لوزير المالية بتسلئيل سموتريتش لمصادرة 8200 دونم إضافية في الأغوار والجفتلك.

ويرى مكي أن خطوة النبي موسى تأتي ضمن سلسلة متراكمة تهدف إلى سحب الأرض من أصحابها، وتشكل ضربة جديدة لفكرة الدولة الفلسطينية، خصوصًا أن المنطقة تُعد حاضنة جغرافية مركزية للدولة المستقبلية.

وينتهي مكي إلى أن غياب الردع الدولي شجع الاحتلال على المضي في ضم صامت، يتدرج من تصنيف الأراضي ثم تحويلها ثم تسليمها للمستوطنين، وفق سياسة تقوم على العزل العنصري وخلق بيئة طاردة للسكان الفلسطينيين.

disqus comments here