هل بدأ جدار قوة نتنياهو بالتصدّع؟

أنطوان شلحت: أهم دوافع الاعتقاد بأن جدار القوة هذا آخذ بالتصدّع، فهي: بداية، إن الصورة في ما يخص ترامب ليست واضحة تماماً بعد، وإن كانت هناك تلميحات متعددة تفيد بأنه لا يوجد شيك مفتوح لإسرائيل يسمح لها بأن تفعل ما ترغب

المسار: يسود أخيرا في إسرائيل اعتقاد بأن جدار القوة الذي كان من حول رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو آخذ بالتصدّع. وهو جدار بدا أنه راسخ إثر ما اعتبر نجاح الحرب ضد حزب الله في لبنان، التي انتهت باغتيال حسن نصر الله وكبار المسؤولين في الحزب، الذي سبقه “هجوم البيجر”.

كذلك يشكّل تماسك ائتلاف حكومته عامل ترسيخ آخر، ازداد عليه عاملان: استئناف الحرب على غزّة، وتسلم دونالد ترامب رئاسة الولايات المتحدة. وتفيد التقديرات السائدة بأن علاقات واشنطن مع إسرائيل ستكون أكثر قرباً وأفضل مما كانت عليه في فترة إدارة جو بايدن، ما يزيد فرص الائتلاف بالاستمرار والتماسك بعيداً عن الضغوط الأميركية المتعلقة بسير الحرب. بالتوازي، هناك حجم كبير من التوقعات والآمال من إدارة ترامب، في ما يخصّ مواضيع مثل إيران، وسورية، وضم الضفة الغربية، والموقف من حماس وحزب الله والحوثيين.

ومعروف أن أحد دوافع استئناف الحرب يعود إلى رغبة نتنياهو في ذلك كي يحافظ على بقاء ائتلافه نظراً إلى تطورين مرتبطين بمصير هذا الائتلاف ترتبا عن صفقة التبادل بين إسرائيل وحركة حماس في كانون الثاني/ يناير الماضي: الأول، استقالة حزب “قوة يهوديّة” من الائتلاف احتجاجاً على الصفقة؛ الثاني، تهديد رئيس حزب “الصهيونية الدينية”، الوزير بتسلئيل سموتريتش، الذي رفض الانضمام إلى خطوة “قوة يهودية”، بإسقاط الحكومة في حال تنفيذ المرحلة الثانية من الصفقة وإنهاء الحرب، مؤكداً ضرورة عدم انتهاء الحرب قبل تحقيق جميع أهدافها. وبموجب سموتريتش، فإنه يتوقع من الجيش الإسرائيلي بعد نهاية المرحلة الأولى من صفقة الأسرى “العودة إلى قتال مختلف تماما”، وأن “يحتل كل القطاع ويدمر حماس عسكرياً ومدنياً ويعيد كل المختطفين”. أما بن غفير، فقد أعلن فور استئناف الحرب وإعلان إقالة رئيس جهاز “الشاباك” وقرب إطاحة المستشارة القانونية للحكومة، عودته إلى الائتلاف الحكومي وإلى الوزارات التي كان يشغلها مندوبو حزبه، وفي مقدمها وزارة الأمن القومي.

أما أهم دوافع الاعتقاد بأن جدار القوة هذا آخذ بالتصدّع، فهي: بداية، إن الصورة في ما يخص ترامب ليست واضحة تماماً بعد، وإن كانت هناك تلميحات متعددة تفيد بأنه لا يوجد شيك مفتوح لإسرائيل يسمح لها بأن تفعل ما ترغب فيه، فترامب يريد كما يبدو استعادة عظمة الولايات المتحدة قبل أي شيء آخر. وبالرغم من أنه طرح أفكاراً بشأن قناة بنما، وغرينلاند، فإنه أوضح أن الحروب ليست على جدول أعماله، وأنه يسعى لتطبيع علاقات إسرائيل مع السعودية، ولإرساء نظام جديد في منطقة الشرق الأوسط. وثمّة من يؤكد أن نتنياهو تلقى، أخيراً، عدة صفعات من الرئيس الأميركي، سواء بشأن إيران، أو بشأن الرسوم الجمركية، أو حتى بشأن تركيا.

ثانياً، صفعات ترامب جاءت متزامنة مع صفعة داخلية من المحكمة الإسرائيلية العليا، التي قرّرت تجميد إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، حيث إن قرارها هذا يرسم لنتنياهو خطاً واضحاً بشأن حدود السلطة.

وفي الرسالة التي قدمها رئيس “الشاباك” إلى المحكمة العليا، وكذلك الإفادة التي قدّمها سلفه يورام كوهين، ورد بالتفصيل وصف دقيق كيف يحاول نتنياهو، بشكل ممنهج أعواماً، تسخير قدرات جهاز الشاباك لخدمته الشخصية، سواء للتعامل مع خصوم سياسيين، أو لإسكات الاحتجاجات، أو لمساعدته على الإفلات من قبضة العدالة. ووفقاً لأحد التحليلات، أوضحت الرسالة تماماً أن نتنياهو يوجّه بوصلته نحو هدف تحقيق حكم فردي يقضي على كل مَن يهدّده.

ولعلّ ما يمكّن نتنياهو من الدفع بهذا الهدف وجود معارضة ضعيفة في مواجهته، وقطاع عام نجح في زرع الخوف بين كبار مسؤوليه، مثلما نجح في زرع الخوف في صفوف المؤسسة الأمنية كما تجلّى الأسبوع الماضي في رد الفعل الهستيري لرئيس هيئة الأركان العامة وقائد سلاح الجو على رسالة منتدى الطيارين، التي عبّرت عن موقف بشأن الأهمية القصوى لتحرير المحتجزين لدى “حماس” في غزّة على حساب استمرار الحرب.

disqus comments here