الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 8/4/2025 العدد 1278

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

هآرتس 8/4/2025

 

 

 

على الرغم من الإطراء الذي قدمه لترامب، حصل نتنياهو على دش بارد في المكتب البيضاوي

 

 

 

بقلم: ليزا ‏روزوفسكي

 

فيما يتعلق بقضية الرسوم الجمركية، قدم الرئيس الأميركي رئيس الوزراء كمثال على التنازلات المتطرفة. أما فيما يتعلق بالمحادثات مع إيران، فإن تراجع ترامب عن الموقف الذي طرحه في ولايته الأولى يشكل ضربة خفيفة لجناحه، ولكن بالنسبة لنتنياهو فهو بمثابة اعتراف بالفشل التاريخي.

‏لقد انهارت الرسائل التي نشرها مكتب رئيس الوزراء استعدادا لهروب بنيامين نتنياهو المتسرع إلى واشنطن في المكتب البيضاوي في مواجهة الظاهرة السياسية البصرية المتمثلة في دونالد ترامب. وتفاخر مكتب نتنياهو بأنه سيكون أول زعيم يتحدث إلى قلب ترامب لتخفيف ضربة الرسوم الجمركية التي أعلن عنها الأسبوع الماضي. وبدلاً من ذلك، قدم ترامب نتنياهو باعتباره مثالاً ونموذجاً للتنازلات المتطرفة. قال ترامب: “بطريقة ذهابه، عرض عليّ إلغاء جميع الرسوم الجمركية على المنتجات الأمريكية. عرض عليّ أشياءً لم يكن آخرون في وضع مماثل ليقدموها”.

‏وفي تصريحاته بعد الاجتماع مع ترامب، أعلن نتنياهو أيضا أنه سوف “يزيل الحواجز التجارية”، بنفس العزم الذي عادة ما يضمن به القضاء على حماس. ولكن في حين تسمح الإدارة الأميركية للحكومة الإسرائيلية بمواصلة الحرب في غزة كما يحلو لها، فقد رسم الرئيس الأميركي خطاً واضحاً فيما يتصل بالقضية المالية. لا تنسوا، نحن نساعد إسرائيل كثيرًا. نمنح إسرائيل 4 مليارات دولار سنويًا، وهذا كثير. تهانينا بالمناسبة. ليس سيئًا،” ابتسم ترامب وهو يهز رأسه تجاه نتنياهو وفريقه، مما أثار ضحكهم، ربما من باب الإحراج، ردًا على ذلك. وعندما سُئل عما إذا كان ينوي خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الإسرائيلية، أجاب فقط: “ربما لا”.

وهذا لا يعني بطبيعة الحال أن التنازلات لن تأتي في الواقع، ولكن بينما كان نتنياهو في هذه المفاوضات يتنازل عن كل أوراقه مسبقاً؛ لقد أظهر له “صانع الصفقات الرئيسي”، كما يسميه قومه، مكانه: دولة صغيرة مدعومة ينبغي أن تكون ممتنة للولايات المتحدة. إن الإشارة العابرة إلى أفغانستان، التي تقدم لها الولايات المتحدة أيضًا مساعدات مالية، وفقًا لترامب، كانت غير محببة على أقل تقدير.

‏ترامب يعبد السلطة ويحب أن يُعبَد بسبب قوته. وفي هذا السياق، كما هو الحال في العديد من السياقات الأخرى، فإن ما يهم ترامب هو الصورة، وليس بالضرورة الحقائق. لقد شعر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بهذا الأمر جيدًا، حيث كان ينظر إليه من قبل البيت الأبيض على أنه الجانب الضعيف في الحرب ضد روسيا، التي لم تكن أيضًا على استعداد للانحناء والتنازل عن شرفها بطريقة مرضية للزعيم الأمريكي. أمس، مر نتنياهو أيضًا بتجربة مماثلة، على الرغم من أنه دفع ثمن الإطراء الذي يطلبه ترامب. لم يكن اذلالا علنياً، لكنه كان بالتأكيد دشًا باردًا.

‏اعتبر الرئيس الأميركي سقوط نظام الأسد بمثابة “الاحتلال الأول لسوريا منذ ألفي عام” من قبل تركيا. ورغم أن سوريا لم تعرف الاستقلال إلا في نهاية الحرب العالمية الثانية، وقضت آخر ألفي عام بين المحتلين والإمبراطوريات، إلا أن ترامب لا يسمح عادة للحقائق بأن تدمر قصة جيدة. القصة التي بناها لنفسه عن الحاكم التركي رجب طيب أردوغان هي أنه ليس صديقًا حقيقيًا فحسب، بل هو أيضًا رجل “فتح سوريا لأول مرة منذ 2000 عام” – أي رجل قوي، ويجب أن يكون حذرًا بشأن شرفه. وفي هذا السياق، بدا الوعد الذي وجهه أردوغان لنتنياهو أشبه بالتهديد: “أعتقد أنني قادر على حل أي مشكلة لديك مع تركيا، طالما أنك منطقي”، مشيرا إلى نتنياهو في نوع من التوبيخ. “علينا أن نكون معقولين.”

قال مساعدو نتنياهو الذين خرجوا للحديث مع الصحفيين على متن رحلة من بودابست إلى واشنطن، إنه سيحاول منع إنشاء قواعد تركية في الأراضي السورية، والتي قد تشكل أنظمتها الدفاعية الجوية خطرا على الطائرات الإسرائيلية. حتى أن أحد أفراد الوفد المرافق لترامب زعم أن ترامب “يستطيع إغلاق الاقتصاد التركي” متى شاء. ولا يشير كلام الرئيس الأميركي إلى أنه ينوي القيام بذلك. وفي أفضل الأحوال، يمكن لنتنياهو أن يأمل في أن يطلب ترامب من صديقه أردوغان، الذي تمنى مؤخرا تدمير إسرائيل، ألا يدفع إسرائيل إلى الزاوية أكثر من اللازم.

‏كان العنوان الرئيسي – والوحيد في الواقع – للمؤتمر الصحفي هو إعلان ترامب عن بدء محادثات “مباشرة” مع إيران على “مستوى عال للغاية”، في وقت مبكر من يوم السبت المقبل. وبعد ساعات قليلة، غرد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي على تويتر بأن المحادثات رفيعة المستوى ستبدأ بالفعل يوم السبت في عُمان، لكنه وصفها بأنها “غير مباشرة”. وأكد ترامب أنه في حالة فشل المحادثات فإن “إيران ستكون في خطر كبير”، لكنه رفض الالتزام بالحل العسكري. وقال أيضا إن “التوصل إلى اتفاق أفضل من القيام بالأمر الواضح”. “إن الأمر الواضح ليس شيئاً أرغب في المشاركة فيه، وبصراحة فإن إسرائيل لا تريد أن تشارك أيضاً إذا كان بإمكانها تجنب ذلك”.

‏يبدو أن نتنياهو كان مستعدا لهذا التطور، حيث قال مسبقا إن “الحل الدبلوماسي، كما هو الحال في ليبيا، هو أمر جيد”. ولكن من الواضح أن هذا يمثل تراجعا من جانب ترامب عن موقفه في ولايته الأولى، عندما انسحب من الاتفاق النووي مع إيران تحت ضغط من نتنياهو. بالنسبة لترامب، هذه ضربة خفيفة للجناح. وبالنسبة لنتنياهو، فإن هذا بمثابة اعتراف بالفشل التاريخي ــ على وجه التحديد في اللحظة التي وصلت فيها قوة إيران إلى أدنى مستوياتها.

‏ولم يفهم ترامب سؤال مراسل القناة 14، تمير موراغ، حول كيفية ضمان نجاح الاتفاق الجديد مع إيران أكثر من الاتفاق السابق، ربما لأنه لم يسمع جيدا أو لأنه لم يرغب في الفهم، وأشار بدلا من ذلك إلى الاتفاق مع حماس لإطلاق سراح الرهائن. ولكن هنا لم يكن لديه شيء جديد ليقوله، وكرر أشياء كان قد قالها من قبل بشأن الانطباع القوي الذي تركه عليه اللقاء مع الرهائن المفرج عنهم.

‏لقد بدت التصريحات المقتضبة التي أدلى بها نتنياهو وترامب بشأن الجهود المبذولة لصياغة “صفقة جديدة” وكأنها كلام ضروري لا أكثر. في الواقع، كانت قضية الرهائن هي القضية الوحيدة التي حظي فيها نتنياهو بدعم واضح من ترامب في المكتب البيضاوي: “شعب إسرائيل يريد إطلاق سراح الرهائن، بل يريد ذلك أكثر من أي شيء آخر. هذا الرجل يعمل بجد معنا لتحقيق ذلك، وآمل أن يكون موضع تقدير لأنه قائد عظيم”.

‏لكن ترامب قال أيضا إنه “يريد أن يرى نهاية للحرب ويعتقد أنها ستنتهي في المستقبل غير البعيد”. على نحو أو آخر، فإن الحرب في غزة، وبرنامج “الهجرة الطوعية” لسكانها الفلسطينيين، وقضية الرهائن أصبحت بعيدة بالفعل عن مركز اهتمام ترامب ــ أو مراسلي البيت الأبيض، الذين يركزون بطبيعة الحال على الحرب التجارية التي أعلنها على العالم وتأثيرها على سوق الأوراق المالية والجيب الأميركي.

 

 

-------------------------------------------

 

 

هآرتس 8/4/2025

 

 

ترامب يستغل تهديدات اسرائيل لايران وحماس من اجل الدفع قدما بأهدافه

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

 

في الوقت الذي بورصات العالم فيه في حالة سقوط حر نتيجة اصلاح الجمارك الذي قام به فان الرئيس ترامب يستضيف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، في واشنطن. ترامب يبدو في هذه الاثناء كمن هو مصمم على تخريب الاقتصاد العالمي. اللقاء المليء بالاستخذاء مع نتنياهو، للمرة الثانية في غضون شهرين، ربما يفيد في تحسين صورة الرئيس في نظر نفسه التي فيها حتى ناخبيه بدأوا يتشككون في حكمته. ولكن في اللقاء أمس، يبدو أنه كانت على الاجندة قضايا أمنية، على رأسها ايران وقطاع غزة. مهم لنتنياهو بشكل خاص أن يظهر وكأنه في حالة تنسيق متقدم مع ترامب قبل امكانية مهاجمة المنشآت النووية الايرانية. ترامب فاجأ أمس عندما اعلن بأن الولايات المتحدة بدأت في مباحثات مباشرة مع ايران، التي تستمر في يوم السبت القادم، في اعقاب الرسالة التي ارسلها الى النظام في طهران في الشهر الماضي. وبخصوص قطاع غزة فان هنا من يدفع اكثر من اجل تحقيق التقدم هو الادارة الامريكية. نتنياهو ينشغل بالاساس في تبديد الوقت رغم أنه أمس اكتملت سنة ونصف على الحرب ضد حماس، ومرت سنة بالضبط منذ وعد الجمهور “نحن على بعد خطوة من النصر في القطاع”.

 

 

في الخلفية توجد تطورات كثيرة في تبادل الرسائل بين الولايات المتحدة واسرائيل مع ايران. الامريكيون قاموا بتكثيف في اسرائيل منظومة الصواريخ المضادة للصواريخ من نوع تائد، لتعزيز منظومة الحيتس المحلية. في وسائل الاعلام الاجنبية تزداد التقديرات بشأن استعداد اسرائيل لهجوم محتمل. الولايات المتحدة تقوم ببناء قوة عسكرية بحجم ضخم في الشرق الاوسط والمحيط الهندي، التي تشمل ايضا قاذفات ضخمة من نوع “بي 52”. في نفس الوقت تستمر الهجمات الجوية الكثيفة للولايات المتحدة وبريطانيا ضد الحوثيين في اليمن.

 

 

موقف امريكي – اسرائيلي مشترك ضد النووي يساعد على زيادة الضغط على ايران ويتساوق مع الاحداث في اليمن. الجنرال احتياط كانت ماكنزي، قائد القيادة الوسطى للجيش الامريكي (السنتكوم سابقا)، كتب أول أمس في مقال في “نيويورك تايمز” بأن الهجوم الذي اعلنت عنه ادارة ترامب ضد الحوثيين يعكس تغير في المقاربة مقارنة بسياسة ادارة بايدن، الذي فضل تجاهل التهديد الذي تشكله اليمن على الملاحة البحرية. حسب قوله فان المس بالحوثيين هو مس بطيف نفوذ ايران، التي في الاصل تعرضت لضربة شديدة بعد الحرب بين اسرائيل وحزب الله وبعد سقوط نظام بشار الاسد في سوريا.

 

 

ماكنزي قدر أن الاحداث في اليمن هي عملية افتتاحية، التي حسب رأيه تبدو كسنة سيئة جدا بالنسبة لايران. النظام في ايران يحترم القوة، كما كتب. ولأن رؤساء النظام في ايران يدركون أن امكانية حدوث هجوم اسرائيلي أو امريكي للمنشآت النووية هي اعلى من أي وقت مضى فربما أنه وافق على استئناف المحادثات النووية خشية على بقائه.

 

 

عمليا، ربما أن ترامب يريد استخدام اسرائيل بشكل يشبه استخدام الساحتين، في ايران وفي غزة. في هذه الاثناء هو يطلق العنان لنتنياهو لهجوم عسكري محدود (في غزة)، أو اطلاق تهديدات بالهجوم (في ايران) على أمل أن يستخدم الضغط الاسرائيلي لصالح الحلول التي يفضلها بشكل عام، تحقيق اتفاقات مناسبة لمواقف الولايات المتحدة وتسوية الامور بطرق سلمية. المبعوث الخاص للرئيس، ستيف ويتكوف، الذي شارك أمس في اللقاءات مع الضيوف الاسرائيليين، مرة اخرى بث مؤخرا لعائلات المخطوفين تفاؤل معين فيما يتعلق بما سيحدث لاحقا.

 

 

مع ذلك، ويتكوف يتحدث عن صفقة من مرحلتين، وقف لاطلاق النار لبضعة اسابيع، واطلاق سراح عدد من المخطوفين خلالها، بعد ذلك تحقيق اتفاق دائم يتضمن اعادة المخطوفين الباقين والجثامين. هذا يندمج في اقتراح وساطة مصر الجديد، اطلاق سراح ثمانية مخطوفين في المرحلة الاولى. ورغم الخطط الكبيرة التي رسمها رئيس الاركان، ايال زمير، لاحتلال القطاع، إلا أن الجيش الاسرائيلي لم ينقض كليا على هذه المهمة، بل هو يأمل أن يؤدي الضغط الحالي الى صعود المفاوضات مرة اخرى على المسار. الوحيد المتحمس وبحق لاحتلال القطاع هو الوزير بتسلئيل سموتريتش، الشخص الذي ينظر بانغلاق الى صعوبات الاقتصاد واحتجاج رجال الاحتياط، والذي حسب جميع الاستطلاعات الاخيرة حزبه يجد صعوبة في اجتياز نسبة الحسم.

 

 

هنا مدفون الكذب

 

 

المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اعلن أمس بأن رئيس الاركان استكمل التحقيق الاولي في مسألة اطلاق النار على عاملي الاغاثة الفلسطينيين في رفح في 23 آذار الماضي. في البيان قيل إن زمير اصدر تعليمات لتعميق الفحص بواسطة طاقم التحقيق التابع لهيئة الاركان برئاسة الجنرال احتياط يوآف هار ايفن، وأنه “من التحقيق الاولي تبين أن القوة اطلقت النار بسبب الشعور بالتهديد على خلفية احتكاك سابق في المنطقة”.

 

 

البيان لم يتطرق أبدا الى سبب تسريع الجيش الانشغال بالتحقيق مع التدخل المباشر لرئيس الاركان. ففيلم الفيديو الذي نشرته “نيويورك تايمز” من الهاتف المحمول الذي عثر عليه على جثة أحد القتلى، الذي يناقض الرواية الاولية للجيش، ويكشف بأنها كاذبة. الادعاء الرئيسي الذي تم طرحه في الرد الاول للمتحدث بلسان الجيش عن الحادث هو أن السيارات في القافلة التي اطلقت عليها النار لم تضع اشارات عليها مثل الاضواء الساطعة كما هو مطلوب من سيارات الانقاذ. الفيلم اظهر بشكل واضح أن الاضواء كانت مشتعلة.

 

 

هذا الكذب لم يولد في مكتب المتحدث بلسان الجيش في تل ابيب، بل على الارض. فقد قاد القوة التي اطلقت النار نائب قائد الكتيبة وقائد سرية في الكتيبة تابعة للواء غولاني، هذا ما ابلغه للمسؤولين عنه. هذه الرواية تم تسويقها لقيادة الجيش الاسرائيلي العليا، ومن هناك عبر المتحدث بلسان الجيش تم تسويقها ايضا لوسائل الاعلام الاجنبية، التي اظهرت الاهتمام بالحادثة اكثر من وسائل الاعلام الاسرائيلية. ضابط كبير في الجيش قال للصحيفة بأن الرواية من الميدان اسقطتنا جميعنا. الآن يتضح من الفيلم أن سلسلة القيادة الدنيا ببساطة قامت بالكذب.

 

 

حسب اقواله رئيس الاركان يجب عليه أن يصمم على استيضاح الحدث والاهتمام باتخاذ اجراءات قاسية ضد المتورطين.”هذا حدث اوسع بكثير مما يعتقد الناس”، قال. “في القطاع يحدث الآن مس شديد بالمدنيين الفلسطينيين، فقط بسبب تواجدهم في المكان غير الصحيح وفي الزمن غير الصحيح. هل تعرف من هو المخرب في غزة في نظر الجيش الاسرائيلي؟ كل من قتل. والى حين خروج ايال زمير باعلان أنه يوجد ابرياء في قطاع غزة، وأنه مسموح فقط اطلاق النار على من يعرض حياة الجنود للخطر فاننا لن ننجح في اصلاح هذا الوضع”.

 

 

 

 

 

 

 

 

بطل التسريب

 

 

يونتان اوريخ، مستشار نتنياهو الكبير، تم اطلاق سراحه أمس الى الاقامة الجبرية بعد التحقيق معه في قضية الاموال القطرية. في هذه الاثناء يتبين أن نتنياهو، في محاولة للاشارة الى الاخلاص لمستشاره، قال في التحقيق إن تسريب جلسات الكابنت التي بسببها تم التحقيق مع اوريخ، جرى بتوجيه منه. هذا غير مفاجيء بشكل كبير، لكنه يتناقض مع الرسالة التي قام بتسويقها رئيس الحكومة خلال سنوات، حيث أنه مرة تلو الاخرى كان يتظاهر بالصدمة من التسريبات. عمليا، الصورة كانت مختلفة كليا، بدءا بتسريب عرض الجيش الاسرائيلي عملية “الجرف الصامد” في 2014 وانتهاء بتسريب رئيس الشباك نداف ارغمان للنقاشات حول استخدام الشباك تعقب المدنيين في فترة وباء الكورونا في 2020.

 

 

الضغط الكبير الذي يبثه نتنياهو في قضية قطر، والبيانات العنيفة لمكتبه ضد رئيس الشباك رونين بار، يمكن أن تدل على أنه يوجد لرئيس الحكومة وحاشيته ما يمكن اخفاءه في هذه القضية. في هذه الاثناء رؤساء الجهاز السابقين بدأوا في خلع القفازات كجزء من الدفاع عن بار. احدهم وهو يورام كوهين، أكد أمس في مقابلة مع “صوت الجيش” على أن نتنياهو حاول تجنيده من اجل المس بالسرية الامنية للوزير في حينه نفتالي بينيت، بالذريعة (الكاذبة) وهي أنه عندما كان جندي تم عزل بينيت من دورية هيئة الاركان بسبب مشاكل الولاء (مكتب رئيس الحكومة نفى ذلك، لكنه ايضا قام في السابق بنفي وجود علاقة مع المتحدث المعتقل ايلي فيلدشتاين).

في نفس الوقت بلاط ننتنياهو يبذل الجهد لتشويه سمعة كل الشباك. في الفترة الاخيرة ثارت عاصفة مفتعلة في اعقاب تسجيل اقوال رئيس القسم اليهودي في الجهاز، التي تناولت السلوك الاشكالي تجاه مشبوهين يهود. مثلما في السابق فان اليمين تأثر من المس بحقوق المشبوهين، فقط عندما كانت الادعاءات تخدم هدف اكبر (في هذه الحالة الدفاع عن نتنياهو). التسريب هو اعداد للجلسة التي ستعقد اليوم في المحكمة العليا لمناقشة الالتماسات ضد اقالة بار من رئاسة الشباك. من جهة اخرى، قدم أمس يورام كوهين تصريح مشفوع بالقسم للمحكمة العليا، أكد فيه على ادعاءاته بشأن نتنياهو. الصراع على بقايا الديمقراطية في اسرائيل ارتفع الآن درجة اخرى، وهو لا يجري في واشنطن، بل في القدس.

-------------------------------------------

 

 

إسرائيل اليوم 8/4/2025

 

 

اللقاء يؤشر لإسرائيل: الوقت للعمل لغرض الصفقة

 

 

بقلم: البروفيسور ابراهام بن تسفي

 

 

في اعقاب اقوال الرئيس الأمريكي ترامب في المؤتمر الصحفي مع رئيس الوزراء نتنياهو أمس تبين، حاليا، جانبان. الأول: ترامب لا يعتزم اتخاذ سياسة يد حديدية تجاه إسرائيل في مسألة غزة بل محاولة دفعها للموافقة على منحى تسوية مؤقتة أو صفقة إضافية بروح ويتكوف، لكن مع عدد اكبر من المخطوفين الذين يتحررون فيها.

 

 

 الرئيس الأمريكي يقدر الجهود التي يبذلها رئيس الوزراء نتنياهو لتحرير المخطوفين وبالتوازي يدعوه للموافقة على صفقة إضافية، ويذكر، بنبرة مؤثرة، اللقاءات التي اجراها مع مفديي الاسر الذين وصلوا الى المكتب البيضوي. يبدو أن موقفه من المسألة كان يترافق وتعاطف صادق للتقدم في حل. 

 

 

بخلاف الجهود الحثيثة من الإدارة للتقدم في صفقة – حتى وان كانت جزئية – في بداية طريقها يؤخذ مؤخرا الانطباع بان مصير المخطوفين (المتداخل واتفاق وقف اطلاق النار وانهاء القتال) آخذ في الابتعاد عن بؤرة الاهتمام الأمريكي. على هذه الخلفية ينبغي أن نرى في اللقاء محاولة متجددة، من جانب البيت الأبيض على الأقل، لكسر الجليد والوصول الى الاختراق المنشود.

 

 

بالضبط في هذه النقطة يكمن احتمال الخلاف بين واشنطن والقدس. فبالنسبة لنتنياهو، وقد اثبت ذلك المرة تلو الأخرى في كل سياق الحرب المتواصلة، لا يستعجل على الاطلاق اتفاقا يعيد كل المخطوفين (الا اذا قبلت حماس كل مطالبه بعد أن تتلقى ضربة عسكرية ساحقة). وأسباب ذلك معروفة وواضحة وقائمة في السياق السياسي والائتلافي.

 

 

بالنسبة لترامب، فان الجدول الزمني المرغوب فيه للصفقة آخذ في القصر الان بسرعة، ومكان التسليم في قتال لا نهائي يحتله اكثر فأكثر إحساس بالالحاح وذلك كنتيجة لحساسية وقلق متزايد على الوضع المحتدم وفرص نجاة المخطوفين (الذين بينهم أيضا إسرائيلي ذوي مواطنة أمريكية)، الى جانب جملة اعتبارات استراتيجية عظيمة الأهمية.

 

 

في قلب هذا السياق توجد زيارة الرئيس، التي ستكون في الشهر القادم، الى السعودية. فمن الحيوي له أن يصل الى الرياض فيما يكون اتفاق انهاء القتال (او على الأقل وقف نار طويل) في جيبه. إذ انه فقط مؤشر على تقدم حقيقي في مسار استقرار الساحة سيسمح للولايات المتحدة للنزول عن الجدار ومنح تأييدها لخطوة دبلوماسية مرتبة كفيلة بان تؤدي مع نضوجها الى تطبيع إسرائيلي – سعودي. في نظر البيت الأبيض، فانه منح إسرائيل مجال مناورة وحرية عمل عسكرية وسياسية غير محدودة في الأشهر الأخيرة، وبالتالي حتى لو لم تفلح في التقدم في اقرب وقت ممكن في الخطوة الأخيرة في الطريق لتقويض حماس – فقد حان الوقت للتسليم بالانتقال الى مسار آخر (على افتراض أن تتلقى من السيد الأمريكي ضمانات ملموسة وضوء اخضر لاستئناف النار في حالة خرق الاتفاق).

 

 

اذا كانت هذه بالفعل خلاصة ومنطق خريطة طريق ترامب، فيمكن أن نرى فيها نوعا من “العرض” الذي لا يمكن رفضه، ويترافق مع جزرة حلوة تتمثل بمنح اعفاء كامل او جزئي لضربة الجمارك. من ناحية ترامب، توجد لهذا التعويض أهمية إضافية إذ أنه سيطلق رسالة عالمية عامة تتمثل بالاستعداد لحل وسط ومرونة. وهكذا قد يهديء بقدر ما السوق المالية الامريكية (والعالمية والمجال الاقتصادي كله، العالقين في ذروة موجة تسونامي.

 

 

بالنسبة للجانب الاخر، المسألة الإيرانية لاحت تشديدات مختلفة في اقوال نتنياهو وترامب.  فبينما ركز نتنياهو على الحاجة لمنع السلاح النووي عن ايران بكل ثمن، كان الرئيس الأمريكي متصالحا اكثر بقليل تجاه طهران، عاد وشدد على الأهمية التي في إيجاد الأفق الدبلوماسي الذي يوشك على أن ينطلق في نهاية الأسبوع وامله في ان يعطي بالفعل ثماره رغم الاختلافات العميقة بين واشنطن وطهران. في هذا المجال أيضا الزمن ضيق إذ ان موعد انتهاء الاتفاق النووي من العام 2015 هو أكتوبر 2018 (رغم ان ترامب انسحب منه الا انه بقي ساري المفعول). وعندها سيتاح لإيران استكمال اندفاعها نحو القنبلة دون أي قيد.

في هذا السياق، رغم الفروقات في التشديدات، يوجد فرق اساسين بين النهج الأمريكي والإسرائيلي، رغم أن ترامب يتطلع لاستنفاد الخيار السياسي قبل تنفيذ الإنذار الذي طرحه على ايران للوصول الى اتفاق في غضون ستة أسابيع. هكذا يمكن أن نرى في هذا النهج أيضا نوعا من التعويض لإسرائيل بشكل التزام بتعاون عسكري وبسط امن وحماية عليها، اذا ما وعندما تتقرر خطوة هجومية.

-------------------------------------------

 

 

هآرتس 8/4/2025

 

 

 

نزع أسلحة الميليشيات في العراق يشير الى تغيير استراتيجي إيراني

 

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

منذ بضعة اسابيع تجري في العراق نقاشات صعبة حول مكانة المليشيات الشيعية المؤيدة لايران، وكل تنظيم “الحشد الشعبي”، الذي هذه المليشيات في صفوفه. أمس، في تقرير حصري لـ “رويترز”، ورد أن بعض المليشيات الشيعية على استعداد لنزع جزء من سلاحها، وربما جميعه، وأن “الاذن” لذلك حصلت عليه من الزعيم الاعلى في ايران علي خامنئي.

في هذه الاثناء يجب عدم حبس الانفاس، والاشارة باشارة “في” كبيرة بشأن حملة اخرى ناجحة للتهديد الامريكي على ايران. إن نزع سلاح هذه المليشيات حتى لو تحقق فانه لا يعني غيابها عن الساحة في العراق أو تقليص تدخل وتأثير ايران في الدولة التي هي برعايتها.

لكن هذه اشارة واضحة على التفكير الجديد الذي اضطرت ايران الى القيام به امام الضربات التي تعرضت لها “حلقة النار” التابعة لها، بدءا بلبنان ومرورا بسقوط نظام الاسد في سوريا وانتهاء بالحوثيين الذين ما زالوا يطلقون الصواريخ حتى الآن رغم الهجمات الامريكية الواسعة.

“الحشد الشعبي”، الذي دمجه في الجيش العراقي الى جانب تفكيك المليشيات المؤيدة لايران يطلبه الرئيس الامريكي بالتهديد بهجوم عسكري كثيف، تم تشكيله في 2014 بتعليمات شرعية من الزعيم الشيعي الاعلى في العراق علي السيستاني، من اجل محاربة داعش الذي سيطر على عدد من المحافظات في العراق.

هذا كان تنظيم في ذروته ضم 70 مليشيا والآن هو نصف هذا الرقم. بعضها ممول ومدرب بشكل مباشر من قبل ايران، وبعضها موالية للسيستاني، وبعض آخر يعمل كذراع عسكري لحركات واحزاب شيعية في العراق التي لا تعتبر ايران بالضرورة مصدر الصلاحية السياسية أو الدينية.

ست مليشيات كبيرة توحدت في تنظيم باسم “المقاومة الاسلامية في العراق”، وهي التي نفذت معظم الهجمات ضد الاهداف والقواعد الامريكية في العراق وفي سوريا وضد اسرائيل في فترة الحرب في قطاع غزة. ولكن فيما بينها توجد فجوة واختلاف في كل ما يتعلق بالاستعداد للعمل عسكريا في اطار “حلقة النار”.

حتى أن البعض منها امتنعت كليا عن اتخاذ خطوات عسكرية ضد امريكا أو اسرائيل، واكتفت ببيانات الادانة أو التعبير عن التضامن مع الفلسطينيين. هذه الفجوات تنبع من المكانة الخاصة التي حصلت عليها هذه المليشيات، اقتصاديا وسياسيا، في العراق. وهي المكانة التي تمنحها قوة ونفوذ اكثر بكثير من اطار الاهداف العسكرية الاصلية التي انشأتها.

حسب القانون من العام 2016 تعتبر المليشيات جزء من القوات العسكرية العراقية، لكنها تعمل بشكل مستقل ولا تخضع للقيادة العسكرية العراقية، بل لقائدها فالح الفياض، الذي يقودها منذ بداية اقامتها. التمويل تحصل عليه من ميزانية وزارة الدفاع، ونصيبها قدر بثلاثة مليارات دولار في السنة، وهو يخضع لعدد المجندين المسجلين فيها.

هنا يكمن الاخفاق الاساسي في الرقابة على وادارة “الحشد”، لأنه على مر السنين حصلت زيادة خيالية في عدد المجندين المسجلين، حيث قفز في 120 الف مجند في 2019 الى 220 ألف في السنة الماضية.

لكن الكثير من المجندين هم “جنود اشباح”، غير موجودين في الواقع، واسماءهم يتم استخدامها فقط من اجل الحصول على الميزانية. بشكل منفصل فان بعض هذه المليشيات اقامت امبراطوريات اقتصادية تتضمن مشاريع عقارية، السيطرة على آبار لانتاج النفط، ادارة بنوك مستقلة، فرض رسوم وضرائب عبور، السيطرة على المعابر الحدودية، التي فيها رجالها يجبون الجمارك التي بالطبع لا يتم ارسالها الى خزينة الدولة.

حسب تقرير مراقب الحكومة في العراق فانه فقط 10 – 12 في المئة من الجمارك التي تتم جبايتها في المعابر تصل الى وزارة المالية في الدولة، والباقي يذهب الى جيوب المليشيات.

الاحتكاك العنيف بين هذه المليشيات والشعب في العراق، وسلوكها العنيف في بعض الاحداث، مثلا اثناء تفريق المظاهرات الكبيرة في 2019، جعلتها هدف للانتقاد العام والسياسي قبل فترة طويلة من التهديد الامريكي لها وللعراق. في وسائل الاعلام تسمع منذ سنوات دعوات لتفكيكها، وابعاد نفوذ ايران.

في شهر شباط الماضي، على خلفية استبدال الادارة في واشنطن التي وصل معها ايضا التهديد الامريكي الجديد المباشر، صادقت حكومة محمد شياع السوداني على “قانون الحشد الشعبي – الخدمة والانسحاب”، الذي ينص على ترتيب مكانة المليشيات وخضوعها للدولة. حسب مسودة هذا القانون الذي تم الدفع به قدما فان “الحشد” ستتم ادارته من قبل رئيس بمستوى وزير في الحكومة، ونشاطات الاحزاب فيه ستكون خاضعة لتوجيه ومصادقة رئيس اركان الجيش العراقي، وهذه التنظيمات التابعة للحشد ستكون مسؤولة عن “حماية الوطن ومؤسساته والديمقراطية”.

هذا الاطار يمكنه أن يقيم لنفسه اكاديميا عسكرية تكون لها هيئة اركان عسكرية، لكن الرقابة والاشراف على منظومة اموالها سيتم نقلها الى مراقب الحكومة. ولكن بعد فترة قصيرة من المصادقة على القانون في الحكومة فان رئيس الحكومة السوداني قرر الغاءه بسبب خلافات سياسية شديدة اثارها هذا القانون، وتم افشال احتمالية المصادقة عليه في البرلمان.

بعد ضغط آخر لامريكا تم وضع القانون مؤخرا على طاولة البرلمان، في 25 آذار الماضي، لمناقشة أولية، التي حتى الآن لم تثمر عن أي قرار. ويتوقع أن يمر برحلة طويلة ومضنية، فيها سيتم قضم بنوده الى أن يصل الى التصويت والمصادقة عليه في البرلمان، هذا اذا تحقق ذلك في نهاية المطاف.

في نهاية السنة يتوقع اجراء الانتخابات. والآن يصعب وصف أي سيناريو فيه الاحزاب الشيعية التي يوجد لبعضها مليشيات عضوة في “الحشد”، ستتنازل عن القوة السياسية التي يمكن أن تقدمها لها هذه المليشيات. القانون في الحقيقة يحظر على الاحزاب التي لها “ذراع عسكري” التنافس في الانتخابات. ولكن هذا قانون مرن بشكل خاص وطرق الالتفاف عليه مفتوحة ومعروفة.

حتى لو قرر رؤساء المليشيات الموافقة على نزع سلاحها والاندماج في الجيش العراقي إلا أن هذه العملية ستنطوي على مفاوضات قاسية حول التعويض الذي ستطالب به مقابل هذه التنازلات. تمويل استيعاب رجالها في الجيش ومكافآت تقاعد سخية بشكل خاص للذين لا يمكن استيعابهم في الجيش، لا سيما القادة القدامى الذين سيضطرون الى الاستقالة، هذه ستكون كما يبدو الجزء السهل في هذه العملية، أو عملية دمجها في المنظومة العسكرية.

الاكثر تعقيد من ذلك سيكون الموافقة على الطلبات السياسية التي ستطرحها مثل الشراكة في الوزارات الحكومية وتخصيص اماكن مضمونة في الانتخابات للبرلمان ووظائف تمكنها من السيطرة على الميزانيات، التي ستمكنها من التأثير على اتخاذ القرارات السياسية. هذه المليشيات ستضمن ليس فقط مكانتها، بل استمرار نفوذ ايران في المؤسسة العراقية واقتصاد الدولة، التي هي الآن تعتمد على مصادر الطاقة والمياه من ايران. في المقابل، دمج المليشيات في الجيش العراقي ووضعها تحت قيادة الحكومة العراقية، حتى لو كان اسميا، يمكن أن يكون ثورة في تاريخ العراق بعد نظام صدام حسين، واعطاء الحكومة العراقية السيطرة الحصرية على القوات المسلحة الموجودة فيها، باستثناء قوات الباشمارغا الكردية في اقليم الحكم الذاتي في شمال العراق.

من ناحية الولايات المتحدة فان الحكومة في العراق ستصبح العنوان لأي طلب أو تعاون، حيث تكون متحررة من التهديد العسكري الداخلي من المليشيات التي يتم تشغيلها من قبل ايران. ولكن كما قلنا، في هذه الاثناء هذا طموح نظري وسيصعب تطبيقه، حتى لو تم نزع سلاح المليشيات، بدون قطع اعتمادها الاقتصادي على ايران، الذي يملي ايضا سياسة الحكومات في العراق.

اهمية استراتيجية اخرى يمكن أن تكون لهذه الخطوة اذا نجحت في اعقابها، أو في موازاتها، الحكومة اللبنانية في أن تتمكن من نزع سلاح حزب الله، ونظام احمد الشرع يطبق حلمه في دمج جميع المليشيات المستقلة في سوريا في اطار عسكري وطني. هذه هي الخطة الاستراتيجية التي يرسمها ترامب الآن كجزء من عملية بلورة السياسة الامريكية في الشرق الاوسط.

من المهم الملاحظة أنه باستثناء التهديدات التي تهدف الى تسريع هذه العملية، فان الرئيس الامريكي ترامب يعطي اهمية كبيرة لدور ومسؤولية الحكومات التي تدير الدول التي تعمل فيها قوات مستقلة للجيش وتنظيمات ارهابية، ومستعد لاعتبارها شركاء حيويين وليس مجرد زر تشغيل. هذه رؤية استراتيجية مناسبة، لكن المشكلة هي أنه تكمن فيها آلية تدمير ذاتية، تعرف باسم “متلازمة ترامب”. هو يظهر مثل اعصار يهدد بتدمير كل شيء في طريقه وبعد ذلك يتلاشى من سحابة غبار.

-------------------------------------------

 

 

يديعوت احرونوت 8/4/2025

 

 

 

الشرطة هي للدولة وليس للحكومة

 

 

 

بقلم: اهارون باراك رئيس المحكم العليا في اسرائيل سابقا

 

في نهاية كانون الأول 1991، في منصبي كقاض في المحكمة العليا، دعاني المفتش العام في حينه الفريق شرطة دافيد كراوس لان احاضر في يوم دراسي لطاقم قيادة الشرطة. كان هذا في عهد الانتفاضة الأولى. في المحاضرة وقفت بتوسع عند حقوق الانسان في إسرائيل. أشرت الى تشريع الكنيست كمصدر لحقوق الانسان، شددت على دور المحكمة بالاعتراف بحقوق الانسان وفي الدفاع عنها. في ذاك الوقت لم يكن سن بعد القانون الأساس: كرامة الانسان وحريته، والغالبية العظمى من حقوق الانسان كانت ثمرة قرارات المحكمة العليا.

في تناولي لدور الشرطة في حماية حقوق الانسان قلت:

“في حمايتها للتوازن الدقيق الذي يقرر حقوق الانسان على الشرطة أن تعمل مثل القاضي. هي ملزمة بان تعمل باستقلالية وعدم تعلق. مثل القاضي، لا يوجد على الشرطة إمرة، غير إمرة القانون. ومع ان الشرطة هي جزء من السلطة التنفيذية، لكن ليست هي شرطة الحكومة بل شرطة الدولة. الوسائل التي تحت تصرف الشرطة محدودة. عدد الشرطة محدود. الميزانية ناقصة. مطلوب تثبيت سلم أولويات في تفعيل قوة الشرطة. دولة تحترم حقوق الانسان وحساسة تجاه انتهاكها، تضع في رأس سلم أولوياتها – الى جانب حماية مجرد وجودها – حماية حقوق الانسان… وعليه فيجب وضع الدفاع عن حقوق الانسان في درجة عليا في سلم اولوياتنا الوطنية. اختبار حقوق الانسان ليس في قوة خطابة القضاة او السياسيين أو الشرطة. اختبار حقوق الانسان عمليا هو في قوة عمل الشرطة وفي انفاذها.  أساسا يجب إعطاء أولوية لتلك الطبقات من السكان التي هي هشة على نحو خاص، كالقاصرين، الشيوخ، النساء والأقليات.

“في موضوع الأقليات الذين يعيشون في اوساطنا، يجب أن نقول أمورا واضحة. حقا، دولة إسرائيل هي دولة الشعب اليهودي… حقوق الانسان التي وقفت عندها هي حقوق كل انسان وانسان، سواء كان ينتمي للاغلبية أم ينتمي للاقلية”.

كما اسلفنا، كانت هذه أيام الانتفاضة الأولى، وشرطة إسرائيل كانت منشغلة جدا في حماية امن المواطنين في ضوء العنف. رغم هذا شددت امام طاقم قيادة الشرطة على أنه حتى في مثل هذه الأوقات فان عمل الشرطة لا يتبع الا القانون:

“الدولة توجد، منذ تأسيسها في حالة طواريء. هذا الوضع احتدم منذ الانتفاضة. حالة الطوارئ تستوجب وسائل طواريء. لكن على هذه ان تكون في اطار القانون، واذا كان القانون ناقصا فلا يجب العمل بدون قانون، بل يجب التوجه الى محافل المشرعين كي يقوموا بواجبهم ويغيروا القانون. الامن لا يخلق القانون، واحتياجات الامن ليست علة للخروج عن القانون. سلطة القانون هي عنصر في الامن القومي. حتى في حالات الطوارئ يجب تنفيذ حقوق الانسان.

“الاختبار الحقيقي للديمقراطية، والاختبار الحقيقي لحقوق الانسان هو بالذات في حالات الطوارئ، حين تحتدم الخواطر وتسيطر المشاعر على العقل… كل شرطي هو انسان، وحقوق الانسان هي أيضا حقوقه. هذه الحقوق، هي التي تعطي معنى للمجتمع المنظم، وحيوية للوحدة السياسية التي تسمى دولة. نزعتَ حقوق الانسان فانك تنزع من الدولة الديمقراطية روحها. لا مفر إذن من التصدي اليومي، في كل ساعة، للحاجة لحماية حقوق الانسان. اما المراوحة في المكان هو تراجع. والتراجع الصغير نهايته تراجع كبير. حقوق الانسان لا تتحقق من تلقاء ذاتها. مطلوب حماية يومية عليها. هذه الحماية هي في ايدي الشرطة. اذا اجادت في تنفيذ مهمتها فسيكون معنى لحياتنا. اذا فشلت في ذلك سنفشل جميعنا”.

تذكرت هذا الأسبوع هذه الاقوال التي قلتها لطاقم قيادة في الشرطة قبل 34 سنة. وهذه الاقوال صحيحة بقدر لا يقل اليوم أيضا. ضمن أمور أخرى الشرطة ملزمة بان تحمي حق التظاهر الذي هو حق أساسي في كل ديمقراطية. ليس فقط أن تسمح بالمظاهرة بل وأيضا ان تعطي الحماية المناسبة للمتظاهرين. كما أن من الواجب على الشرطة ان تكافح بشكل دائم في القانون بما في ذلك ان تدير تحقيقا أساسيا دون أي تحيز في حالات الاشتباه الحقيقي بالفساد السلطوي. كفاح كهذا مطلوب أيضا لاجل حماية حق كل انسان في أن يحصل على خدمة مناسبة من الحكم.

ثار فيّ الشك في أن مثل هذه الأمور قد نسيها المفتش العام والطاقم الأعلى. بودي ان اعود واشدد على أن في إسرائيل الديمقراطية الشرطة هي شرطة إسرائيل وليست شرطة الحكومة. حين تكون الحكومة تتوقع من الشرطة او تأمرها بان تعمل حسب قرار قضت المحكمة بانه ليس قانونيا، على ا لشرطة أن تمتنع عن تنفيذ هذا القرار. عليها أن تعمل كشرطة إسرائيل، وبالتالي ان تعمل مثلما تأمرها المحكمة العليا لإسرائيل.

في هذه الأيام تبحث المحكمة العليا في قانونية اقالة رئيس الشباك رونين بار، واضح من تلقاء ذاته ان على المفتش العام أن ينفذ قرار المحكمة. صمت المفتش العام حين سئل اذا كان سيفعل هذا طن في اذنيه. جدير به أن يشرح صمته. القول “ساعمل حسب القانون” ليس كافيا إذ ان الحكومة أيضا تقول ان قرارها هو “حسب القانون”. فليتفضل المفتش العام ويقول “ساعمل حسب القانون كما تفسره المحكمة”.

-------------------------------------------

 

 

يديعوت احرونوت 8/4/2025

 

 

 

الحرب هي الاستراتيجية

 

 

 

بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين

 

أسبوع عادي في إسرائيل. في مركزه -الثنائي  “قطر غيت” والازمة بين الحكومة ورئيس الشباك، فيما أن في الخلفية “الروتين”: استمرار الحرب في غزة، التي في اثنائها سيطر الجيش الإسرائيلي منذ الان على ثلث أراضي القطاع (حتى الان، بلا مؤشرات تنازلات واستسلام من جانب حماس)؛ اتساع الهجمات في سوريا، في ظل تشديد النبرات تجاه تركيا؛ نار الصواريخ من اليمن؛ هجمات في لبنان؛ مواجهات في الضفة؛ وتحفز لهجوم في ايران.

الحرب أصبحت معطى دائم في إسرائيل، ومن ناحية أصحاب القرار هي الجواب على السؤال المتواصل: ما هي في الواقع الاستراتيجية. القيادة إياها التي خلقت مفهوم 7 أكتوبر الذي استند الى الاحتواء، السلام الاقتصادي وإدارة النزاعات قررت انعطافة حادة تعرض مثابة “درس” من الإخفاق الذي تفجر قبل 18 شهرا: حفظ المواجهة دون تحديد غاية واضحة او إطار زمني. يدور الحديث عن عناد مبدئي بعدم تطوير استراتيجية، ضمن أمور أخرى، انطلاقا من الفهم بان مجرد البحث سيرفع الى السطح معاضل حادة ويستوجب قرارات حاسمة تضعضع سلامة الائتلاف.

وعندما لا تكون استراتيجية ينثرون الخيالات: النصر المطلق في غزة يستند الى الفرضية بان مزيدا من القوة سيؤدي الى تليين حماس، وانه كل الوقت تظهر “مؤشرات انكسار” للمنظمة؛ الايمان الثابت في أن خطة ترامب حول غزة قابلة للتحقق، رغم أنه لا توجد أي دولة مستعدة لان تتعاون معها وواشنطن نفسها تفقد الاهتمام بها؛ ان ننجح من خلال قصف وتفريغ مخيمات اللاجئين في الضفة في ان نقتلع من وعي الفلسطينيين ذكرى اللجوء، ونحقق إعادة تموضعهم؛ واننا في الطريق الى تصميم شرق أوسط جديد – اكثر استقرارا وودا تجاه إسرائيل.

 

 

انعدام الاستراتيجية الإسرائيلية يقوم على أساس عنصر جديد – قديم: الاستيلاء على الأراضي.  غزة وسوريا وبشكل محدود أكثر لبنان أيضا، يجسد المفهوم الجديد الذي يدعي ان يكون استنتاجا من تجربة علمية جدية: “العرب لا يفهمون الا عندما تأخذ منهم ارضا”. كل هذا في ظل تجاهل دروس التاريخ، مثل حرب 1967 الذي اثبت بان احتلال الأرض لا يؤدي الى الردع.                    

في الخلفية يتعزز الاشتباه في أن دوافع أيديولوجية – دينية حول وحدة البلاد تتخفى في شكل مبرر امني – استراتيجي، مثلما يظهر بشكل واضح في إعلانات قادة الصهيونية الدينية وعلى رأسهم الوزير سموتريتش الذي سبق أن أوضح بان هدفه هو تغيير الـ DNA مناطق الضفة وأنه متحفز لاقرار امريكي لضم أراض في المنطقة.

من خلف السِمحة الواثقة يختبيء انعدام فهم عميق للعدو والمحيط: استخفاف عميق بحماس، حزب الله والإيرانيين الذين وان كانوا تعرضوا لضربات قاسية لكنهم نجوا؛ سوء فهم للجوهر والمنطق الأساسي لديهم، وغير مرة احتواء مفهوم عسكري كلاسيكي عن الصراع ضدهم؛ او افتراض بانه يمكن تحقيق التطبيع مع العالم العربي وبخاصة السعودية، رغم أن هذه توضح بلا انقطاع بان الامر لن يتحقق الا اذا جرى حوار سياسي مع الفلسطينيين والتخلي عن فكرة افراغ القطاع.

يبدو أن الإنجازات الاستراتيجية الدراماتيكية التي حققتها إسرائيل قبل نحو نصف سنة تتآكل في ضوء إصرارها على مواصلة القتال دون أن تعرض بالتوازي استراتيجية واضحة ورؤيا للمستقبل.

كل هذه الدرامات تجري بلا حوار بين الجمهور والقيادة التي تتعاطى مع الهزات الأرضية التي تخطط لها كـ “سر”، وكأن الحديث يدور عن عملية كوماندو سرية وليس عن تحولات ستؤثر على مدى السنين. في المركز توجد بالطبع إمكانية ان تتقدم إسرائيل الى احتلال القطاع ما سيلزم بتخصيص مقدرات هائلة. كل هذا، دون اجماع داخلي على الخطوة ودون الشرح للاسرائيليين اثمان مثل هذه الخطوة بما في ذلك التنازل عن المخطوفين الذين من غير المعقول أن يتحرروا في اثناء حرب إبادة في القطاع.

هذه المهمة لا يمكنها أن تتم على ايدي قيادة كانت مسؤولة عن 7 أكتوبر، ليس واضحا كم من بقايا المفهوم اقتلعت من عقولها، والتي يصعب عليها نيل الـتأييد من البيت، كما تكشف الاستطلاعات التي تجري في أوساط منظومة الاحتياط ووجود انطباع دائم بان دوافع البقاء السياسي سائدة في خطواتها.

في الحرب العالمية الثانية ادار تشرتشل حوارا صادقا ومباشرا مع شعبه ووعد بـ “الدم، العرق والدموع” نوصي القيادة في إسرائيل التي تنتظر مدى التضحية الجماهيرية الأعلى الذي انكشف بعد 7 أكتوبر ان تتخذ شفافية مشابهة: ان تهجر الشعارات والخيالات التي توقع ضررا جسيما وتعرض غاية استراتيجية في كل ساحة. الجمهور من جهته ملزم بان يوضح – كدرس مركزي من 7 أكتوبر – بانه لم يعد “يشتري” الحجة التي تقول ان “الحكماء هناك فوق يعرفون ما يفعلونه”، وان يطالب بتفسير دقيق لخطوات الحاضر واهداف المستقبل.

-------------------------------------------

 

 

هآرتس 8/4/2025

 

 

 

كفتى في شبيبة التلال عرفت الشباك عن قرب، المشكلة هي الصلاحية التي اعطيت للجهاز

 

 

 

بقلم:  دوف مورال

 

في منتهى السبت الماضي اجتاحت الدولة مظاهرات صاخبة حول تسجيلات اعضاء القسم اليهودي في الشباك، التي كشفت طريقة عملهم غير الديمقراطية، ويبدو ايضا غير القانونية، في نشاطاتهم ضد شبيبة التلال. بصفتي شخص تشمل اتصالاته شبيبة التلال واشخاص يدعمونها لم اتفاجأ عندما رأيت المقال يتردد صداه مرة تلو الاخرى، الذي يدعو الى اغلاق القسم اليهودي في الشباك.

منذ قتل رابين وقضية “شمبانيا” (لقب رجل الشباك) والقسم اليهودي في الشباك هو بمثابة شيطان في اوساط المستوطنين، حتى الذين هم بعيدون عن شبيبة التلال.

لقد تربيت في المستوطنة على هذه الرواية. في الواقع عندما قتل رئيس الحكومة اسحق رابين كنت طفل عمره اقل من سنة ونصف، ولكني أتذكر حتى وأنا في جيل المدرسة الاساسية احاديث الاولاد عن اشخاص غريبين في الاستيطان اليهودي، الذين ربما هم من رجال الشباك. وأتذكر ايضا المربي، الذي والده كان شخص رفيع في التنظيم السري، الذي روى لي القصص عن والده اثناء وجوده في التنظيم السري اليهودي. في جيل الصبا كنت في شبيبة التلال، واهتمامي بهذا الامر كان مهم باضعاف.

في اوساط شبيبة التلال فان نقطة الانطلاق هي أن الشباك ليس فقط يتنصت على المكالمات الهاتفية في الهاتف المحمول، بل هو ايضا يتنصت على المحادثات الشفوية. التواصل حول المواضيع الحساسة جرى بواسطة الكتابة فقط، وبعد ذلك كان يتم احراق الورقة أو أكلها من اجل عدم ترك أي أثر. كان هناك ايضا من تم اعتقالهم والتحقيق معهم في الشباك. في الفترة قبل التحقيق في قضية دوما كان الامر يتعلق بروتين ثابت: أنت تعاني وتصمت شهر بالحد الاقصى، ويتم الافراج عنك بدون أي شيء.

نحن عرفنا ماذا يعني تحقيق الشباك، حتى لو لم يكن يشمل التعذيب (“تحقيق الضرورة” بلغة مغسولة)، إلا أنه كان يشمل منع النوم، الاعيب نفسية واحيانا عنف جسدي بسيط (صفعة بالاساس)، كراسة نوعام فيدرمان مثل “السجون لن تخيفنا” و”اعرف حقوقك” كانت تنتقل من شخص الى آخر. في مدرسة دينية في يتسهار كانت هذه مادة للقراءة في المراحيض.

الشباك يعتبر شرطة سرية بالضبط. أنا عرفت ذلك. في الماضي عندما كنت ناشط في “جبل الهيكل” الذي شجع نشطاء آخرين على تجربة الدخول الى الحرم (علنا) من بوابات، التي ليست هي البوابة الوحيدة المخصصة لغير المسلمين – الامر الذي هو غير ممنوع حسب القانون. رجل الشباك اتصل مع والدي وحاول تخويفه وتهديده بالتلميح، أنه يجب عليه منعي من فعل ذلك. بالطبع، بشكل عام الشباك يفعل ذلك مع الفلسطينيين.

في عملي أنا الآن معرض للاعتقال الاداري والعبارات المعاد صياغتها التي يتم تقديمها. أنا لا اطلع على المادة الاستخبارية كلها، المقدمة ليطلع عليها القاضي فقط وليس المحامي. ولكن في عدد كبير من الحالات أنا حقا مقتنع بأنه ايضا هنا الحديث يدور عن سلوك اناني له اثار سياسية واسعة فيما يتعلق بالعلاقات بين اسرائيل وقيادة السلطة الفلسطينية، وليس في شؤون امنية بمعنى الكلمة البسيط – منع الارهاب. خاصة مع ارتفاع عدد المعتقلين الاداريين من 1000 معتقل قبل الحرب الى 3500 معتقل منذ اندلاع الحرب.

ما الذي هذه المرة؟ هذه المرة الناس من هذه الدوائر، لشبيبة التلال أو مؤيديهم، لم يعودوا يوجدون في الهامش، بل في الكنيست والحكومة وحتى في الكابنت. ورئيس الحكومة الذي الشباك يوجد تحت مسؤولية مكتبه، وفي الفترة الحالية يحاول اقالة رئيس الشباك، قرر الانضمام الى هذا الانتقاد.

أنا مؤيد متحمس للانتقاد الموجه للشرطة الاسرائيلية السرية التي تسمى الشباك. وأنا اعتقد أنها تعمل بشكل غير ديمقراطي وتقوم بخرق حقوق الانسان بشكل ممنهج. هذا الامر كان صحيح في السابق، قبل اقامة الدولة مع شاي (مصلحة المعلومات)، ومنظمة الهاغاناة في فترة الانتداب. هذا الامر كان صحيح في ايام الدولة الاولى، عندما اضطهدوا المعارضين السياسيين لدافيد بن غوريون، من اليمين واليسار. هذا الامر صحيح الآن عندما يضطهدون الفلسطينيين وشبيبة التلال.

مع ذلك، في النضال العام الناشيء الآن لليمين يوجد نفاق يصرخ حتى عنان السماء. نفس الخطوات الاشكالية التي استخدمها الشباك والتي جزء صغير منها تم كشفه في التسجيلات، تستخدم كل يوم ضد الفلسطينيين ولا يوجد أي أحد ينبس ببنت شفة.

أنا اقول ذلك ليس فقط من اجل الاشارة الى النفاق بأنه ادعاء بحد ذاته، بل لأنني أعتقد بأن هناك عدد كبير من الاشخاص الذين يعارضون هذه النشاطات لبعض شبيبة التلال مثل المس بالفلسطينيين، لكنهم مصدومون حقا من نشاطات الشباك. ما يغيب عن هؤلاء الناس هو أنه حتى لو نجحت الحملة وتقرر اغلاق القسم اليهودي في الشباك فانه لن يتغير أي شيء. سيتم العثور على طريقة لاتباع نفس الخطوات ايضا ضد الاشخاص الذين لا تريدون أن توجه اليهم. المشكلة ليست القسم اليهودي أو الفلسطيني، بل المشكلة هي الصلاحيات التي اعطيت للشباك والسهولة التي يتم فيها اعطاء استثناءات في هذه الصلاحيات، بدون أن يضطر الجهاز الى دفع أي مقابل.

-------------------------------------------

هآرتس 8/4/2025

 

 

صحافيان: إسرائيل لجأت إلى رواية كاذبة لتبرير عدوانها وقتل الغزيين.. أين الاغتصاب؟

 

 

 

بقلم: شني ليتمان

 

الأحد، أعلنت جامعة حيفا أنها لن تعرض فيلم “لا أرض أخرى”، وهو فيلم إسرائيلي – فلسطيني يتناول طرد الفلسطينيين والتنكيل بهم في جنوب جبل الخليل، على يد المستوطنين وقوات الجيش الإسرائيلي، بالذريعة المضحكة التي تقول إن الفيلم لم يصادق عليه مجلس الرقابة على الأفلام، رغم أنه لا حاجة إلى هذه المصادقة، لأن الأمر يتعلق بعرض غير تجاري (أمس، تراجعت إدارة الجامعة عن هذا القرار). في عدد من الصحف، أعطي العنوان “في أعقاب ضغط الجمهور”. هذا “الجمهور” هو بعض النشطاء اليمينيين الثابتين وأصحاب الأصوات الصارخة الذين ينجحون في إلغاء أحداث ثقافية تتضمن -حسب رأيهم- انتقاداً لدولة إسرائيل.

وقررت “القناة 13” عدم نشر تحقيق أعده الصحافيان في “مكور”، رفيف دروكر وايتي روم، عن رامي دافيديان، الذي اعتبر بطل إسرائيل بعد إنقاذه أشخاصاً من حفلة “نوفا” في 7 أكتوبر. وقالت القناة: “ندرك مشاعر الجمهور وتداعيات بث هذا الفصل. لذلك، نفضل عدم بثه في الوقت الحالي”. العاصفة “الجماهيرية”، أي منشورات غاضبة في الشبكات الاجتماعية ثارت بسبب الاحتجاج على درجة إخلاص دافيديان وتقاريره عما فعله وما شاهده في 7 أكتوبر”.

قال دروكر وروم إن الأمر لا يتعلق بمقال يلغي ما فعله دافيديان، بل مقال يصحح قصته ويفحص ما الذي جرى وما الذي لم يجر. وأكدا أن هذا ليس إحصاء تافهاً للناجين ومقارنة ذلك بالأرقام التي قدمها دافيديان، بل المسألة الأهم هي الأوصاف التي قدمها دافيديان لأمور لم تحدث قط، بما في ذلك الفظائع ووصف الاغتصاب والانتهاكات التي حدثت في 7 أكتوبر.

قضية الاغتصاب ترافق التقارير حول 7 أكتوبر مثل ظل قاتم بشكل خاص، وهي أداة قوية في الإعلام الإسرائيلي، الداخلي والخارجي. هذه الأحداث الصادمة والمنهجية التي نفذت بها، كما يبدو، تعد لبنة في تبرير إسرائيل مواصلة عدوانها في غزة وتحويل جميع الغزيين – سواء كانوا نشطاء من حماس أم لا – إلى أشخاص يستحقون الموت من ناحيتها. إن استيضاح الحقائق، في المقابل، تم من قبل جهات مختلفة منذ 7 أكتوبر، لكنه بقي في معظمه بعيداً عن أعين الجمهور. وعندما يحاولون كشف جزء صغير منها كما أرادوا في برنامج “مكور”، يقررون بأن “مشاعر الجمهور” لن تتحمل ذلك.

التلويح بـ “مشاعر الجمهور” يعد تلاعباً، وبه تتخلى الأنظمة التي قد تحافظ على النزاهة الداخلية عن دورها المهم بأي ثمن. وهذا يسري بخصوص جامعة حيفا ومؤسسات أخرى، التي تقرر عدم عرض أفلام لا تعرض إلا وجهاً جميلاً لإسرائيل. مؤسسات أكاديمية وإعلامية وثقافية قد تعرض على الجمهور أيضاً ما يعارض في جوهره ما يعتمل في قلبه. قد ينشغلون في التحقيق في الوقائع ووصفها وكشفها، حتى عندما تكون النتيجة غير مريحة “للجمهور” ولا تتساوق مع ما كان يريد اعتقاده.

بالمناسبة، هناك من يعرف بالضبط كيفية تجاهل “مشاعر الجمهور”: نتنياهو رئيس الحكومة. “مشاعر الجمهور” بشأن تحرير المخطوفين واضحة كالشمس. ومعظم الشعب معني بصفقة لإطلاق سراحهم حتى بثمن وقف الحرب. ولكن عندما يريدون، يمكن الاستخفاف بما يشعر به الجمهور.

-------------------------------------------

هآرتس 8/4/2025

 

 

نتنياهو منافساً الجيش في أيهما أكذب “أنا أمرته بذلك”.. هكذا فضح “بطل التسريب” نفسه وهو يغازل “مساعده الأول” أوريخ

 

 

 

بقلم: عاموس هرئيل

 

أعلن المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي، أمس، أن رئيس الأركان استكمل التحقيق الأولي في مسألة إطلاق النار على عاملي الإغاثة الفلسطينيين في رفح في 23 آذار الماضي. وقيل في البيان إن زامير أصدر تعليمات لتعميق الفحص بواسطة طاقم التحقيق التابع لهيئة الأركان برئاسة الجنرال احتياط يوآف هار ايفن، وأنه “تبين من التحقيق الأولي أن القوة أطلقت النار لشعورها بالتهديد على خلفية احتكاك سابق في المنطقة”.

لم يتطرق البيان قط إلى سبب تسريع الجيش الانشغال بالتحقيق مع التدخل المباشر لرئيس الأركان. ففيلم الفيديو الذي نشرته “نيويورك تايمز” من الهاتف المحمول الذي عثر عليه مع جثة أحد القتلى، الذي يناقض رواية الجيش الأولية ويكشف كذبها. الادعاء الرئيسي الذي طرح في الرد الأولي للمتحدث بلسان الجيش عن الحادث هو أن السيارات في القافلة التي أطلقت عليها النار لم تضع إشارات عليها مثل الأضواء الساطعة كما هو مطلوب من سيارات الإنقاذ، لكن الفيلم أظهر أن الأضواء كانت مشتعلة بشكل واضح.

هذا الكذب لم يولد في مكتب المتحدث بلسان الجيش في تل أبيب، بل على الأرض. فقد قاد القوة التي أطلقت النار نائب قائد الكتيبة وقائد سرية في الكتيبة تابعة للواء غولاني، هذا ما أبلغه للمسؤولين عنه. هذه الرواية تم تسويقها لقيادة الجيش الإسرائيلي العليا، ومن هناك عبر المتحدث بلسان الجيش الذي سوقها لوسائل الإعلام الأجنبية، التي أظهرت اهتماماً بالحادثة أكثر من وسائل الإعلام الإسرائيلية. وقال ضابط كبير في الجيش للصحيفة إن الرواية الميدانية أسقطتنا جميعنا. يتضح من الفيلم الآن أن سلسلة القيادة الدنيا كاذبة.

حسب أقواله، على رئيس الأركان أن يصر على استيضاح الحدث والاهتمام باتخاذ إجراءات قاسية ضد المتورطين. “هذا حدث أوسع بكثير مما يعتقد الناس”، قال. “يحدث في القطاع الآن مس شديد بالمدنيين الفلسطينيين، بسبب تواجدهم في المكان والزمن غير الصحيحين. هل تعرف من هو المخرب في غزة في نظر الجيش الإسرائيلي؟ كل من قتل. وإلى حين خروج أيال زامير بإعلان أن هناك أبرياء في قطاع غزة، وأنه لا يسمح بإطلاق النار إلا على من يعرض حياة الجنود للخطر، فلن ننجح في إصلاح هذا الوضع”.

 

 

بطل التسريب

 

تم إطلاق سراح يونتان أوريخ، مستشار نتنياهو الكبير، أمس إلى الإقامة الجبرية بعد التحقيق معه في قضية الأموال القطرية. يتبين في هذه الأثناء أن نتنياهو، محاولاً الإشارة إلى الإخلاص لمستشاره، قال في التحقيق إن تسريب جلسات الكابنت التي تم التحقيق مع اوريخ بسببها، جرى بتوجيه منه. هذا غير مفاجئ، لكنه يتناقض مع الرسالة التي سوقها رئيس الحكومة خلال سنوات، حيث بقي يتظاهر مرة تلو الأخرى بصدمته من التسريبات. عملياً، كانت الصورة مختلفة كلياً، بدءاً بتسريب عرض الجيش الإسرائيلي عملية “الجرف الصامد” في 2014 وانتهاء بتسريب رئيس “الشاباك” نداف ارغمان للنقاشات حول استخدام “الشاباك” تعقب المدنيين في فترة وباء كورونا في 2020.

الضغط الكبير الذي يبثه نتنياهو في قضية قطر، وبيانات مكتبه ضد رئيس “الشاباك” رونين بار، قد تدل على أن لرئيس الحكومة وحاشيته ما يخفونه في هذه القضية. في هذه الأثناء، بدأ رؤساء الجهاز السابقون في خلع القفازات كجزء من الدفاع عن بار. أحدهم، يورام كوهين، أكد أمس في مقابلة مع “صوت الجيش”، أن نتنياهو حاول تجنيده للمس بسرية نفتالي بينيت الأمنية حين كان وزيراً في حينه، وذلك بذريعة (كاذبة)، وهي أنه عندما كان جندياً، تم عزل بينيت من دورية هيئة الأركان بسبب مشاكل الولاء (مكتب رئيس الحكومة نفى ذلك، لكنه نفى في السابق أيضاً وجود علاقة مع المتحدث المعتقل ايلي فيلدشتاين).

في الوقت نفسه، يبذل بلاط نتنياهو جهداً لتشويه سمعة “الشاباك” كله. في الفترة الأخيرة، ثارت عاصفة مفتعلة عقب تسجيل أقوال رئيس القسم اليهودي في الجهاز، التي تناولت سلوكاً إشكالياً تجاه مشبوهين يهود. مثلما في السابق، لم يتأثر اليمين من المس بحقوق المشبوهين إلا عندما كانت الادعاءات تخدم هدفاً أكبر (في هذه الحالة الدفاع عن نتنياهو). التسريب هو إعداد للجلسة التي ستعقد اليوم في المحكمة العليا لمناقشة الالتماسات ضد إقالة بار من رئاسة “الشاباك”. من جهة أخرى، قدم يورام كوهين، أمس، تصريحاً مشفوعاً بالقسم للمحكمة العليا، أكد فيه ادعاءاته بشأن نتنياهو. الصراع على بقايا الديمقراطية في إسرائيل ارتفع الآن درجة أخرى؛ لا يجري في واشنطن، بل في القدس.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here