الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 18/2/2025 العدد 1238

---------------------------------------
هآرتس 18/2/2025
اقتراح ترانسفير مجدي أكثر
بقلم: ب. ميخائيل
يتبين أن الرئيس ترامب يحب الترانسفيرات. هو يريد تهجير 1.5 مليون شخص من أصل اسباني من الولايات المتحدة، و2.25 مليون فلسطيني من قطاع غزة. ايضا هو يحب الريفييرات. هو شخص متفائل.
من المؤكد أن لا شيء مما ذكر أعلاه سيحدث. هكذا هي الحال مع ترامب: اوتاره الصوتية تعمل بترددات مناسبة بالتأكيد، لكن اوتار التنفيذ لديه ضعيفة جدا. حسب تجربة الماضي فان قائمة وعوده للناخبين تصل الى عنان السماء. وقائمة تنفيذ هذه الوعود في الحضيض.
فكرة الترانسفير ايضا التي تسر الفاشيين – المتدينين في اسرائيل تدل بالاساس على الجهل الساذج لواضعي الفكرة في كل ما يتعلق باسرائيل. لأنه حتى لو نجح في فرض على الفلسطينيين مغادرة اراضيهم طوعا فهل يخطر بباله أنه سيتم اعطاءه القطاع؟ هذا لن يحدث أبدا. السيدة ستروك ستأخذه، بن غفير سيأخذه، كهانا سيحصل عليه. وعلى الفور بعدهم ستظهر المستوطنات والمستوطنين واولادهم. وهؤلاء كالعادة سيسارعون الى التوسع والوصول الى حدود مصر. وبسرعة ستتطور هناك أحداث على الحدود وسيكون مصابون، ايضا من الاطفال. هذا ما يحدث عندما يقومون بجر الاطفال الى الجبهة.
السموتريتشيون والبن غفيريون كعادتهم المتباكية سيطالبون بضرب العدو اللاسامي على الفور وسيهددون بالانسحاب من الائتلاف. بيبي سيخضع، وبتشجيع من المسيح الاحمر في البيت الابيض سيفتح باب جهنم (سلاح الجو المطيع).
هذا سيتكرر مرة تلو الاخرى الى أن يصل اتباع بن غفير وستروك الى “الحدود الموعودة”، المفصلة في اسطورة أبونا ابراهيم والعهد بين الاشرار، الذي يعني تقريبا حتى الاسكندرية.
من اجل منع كل هذا الشر هاكم اقتراح ترانسفير مجدي أكثر بكثير: ليتفضل السيد ترامب بتجميع كل المستوطنين في الضفة الغربية وفي شرقي القدس، وكل سياسييهم، وتهجيرهم الى الولايات المتحدة. هناك يجب اسكانهم في قلب قطاع التوراة الافنغلستي، على فرض في اريزونا أو جاراتها، والجميع سيجدون أنهم رابحون. اسرائيل ستفقد مجموعة سكانية مشاغبة وضارة، تدهور الدولة الى الضياع والخراب. الفلسطينيون سيبقون في ارضهم وسيكونون عمال بناء نشيطين في اعمال الاعمار التي يعد بها ترامب (الوعد الذي لن ينفذ بالطبع). كل الشرق الاوسط سيحصل على الهدوء. واسرائيل ستعود الى ابعادها الصحية وستستطيع التركيز على جهود التطبيع.
بيبي سيهاجر الى بيته الحقيقي وسيقضي ما بقي من حياته هناك مع سارة والابن، على حساب احد رجال الاعمال الرحيمين. الانقلاب النظامي سيتعفن وستنبعث منه رائحة كريهة. اسرائيل ستتذوق القليل من الطعم الحلو والمشوش لفصل الدين عن الدولة. باختصار، نسمة هواء نقي. أخيرا سيكون مسموح التنفس بعمق والنظر حولنا بدون خجر. من المهم العودة والتأكيد على اهمية اسكان المستوطنين في مناطق افنغلستية. الهوية المسيحانية المشتركة بلا شك ستسهل وتحسن بشكل كبير اماكن الاستيعاب. من يدري، ربما من خلال الهوية العنصرية المشتركة سيُنبت التجمع الجديد ايضا تنظيم ثانوي للكلوكسكلان الامريكي باسم جو كلوكسكلان. من نافل القول تقريبا الاشارة الى أن مئات آلاف المسيحانيين المستوردين سيسجلون جميعهم كاعضاء في الحزب الجمهوري، وسيزيدون بلا شك قاعدة ترامب.
الاكثر اهمية هو أنه في مناطق توطين المستوطنين الجدد ستبقى أو ستقام بضع بؤر استيطانية للهنود الحمر من أصل اسباني، أو لليهود الاصلاحيين، من اجل أن يتمكن المهاجرون الجدد من مطاردتهم والتنكيل بهم كما يشاؤون، مثلما تعودوا على فعل ذلك في بلادهم.
---------------------------------------
هآرتس 18/2/2025
السلطات تجاهلت شكاوى عائلة فلسطينية، والمستوطنون أحرقوا بيتها
بقلم: مخيم جنين
الزوجان احمد وانوار طروة، فعلا كل ما في استطاعتهما. فقد قاما بالاتصال بالشرطة، وقدما شكاوى وتوجها للجيش والادارة المدنية لاشهر. منذ بداية الحرب حذرا مرة تلو الاخرى من المستوطنين الذين اقاموا بؤرة استيطانية قريبة منهما، وأنهم ينكلون بهم ويضربون اولادهم ويهاجمون قطيع العائلة ويأتون الى بيتهم في اوقات غير مناسبة. ولكن كل ذلك لم يساعد. في نهاية الاسبوع الزوجان احمد وانوار وخمس عائلات اخرى تم طردهم من بيوتهم من قبل مستوطنين مسلحين الذين بعضهم كان يرتدي الزي العسكري.
الزوجان هربا من البيت في منتصف الليل بعد أن قام المسلحون باقتحام بيتهم. وقد تمكنوا من أخذ بعض الاغراض، وعندما عادوا في الصباح اكتشفوا أن ما بقي من بيتهم تم تفكيكه وسلبه. بعد بضع ساعات مرة اخرى جاء المستوطنون الى هناك واحرقوا ما بقي من البيت وبيوت العائلات الاخرى التي هربت. ابناء العائلة شاهدوا من بعيد الدخان وهو يتصاعد من البيت المحروق ومنذ ذلك الحين لم يتجرأوا على الاقتراب منه.
في نهاية الاسبوع كان يعيش الزوجان مع اولادهم الخمسة، في اعمار 3 – 14 سنة، في البيت الذي يوجد على طرف الصحراء الى الشرق من بيت لحم ومكب النفايات “المينيا”، الذي اقامته اسرائيل قبل بضع سنوات. حتى اندلاع الحرب كان مكب النفايات الذي تتناثر النفايات منه في كل اتجاه هو المشكلة الاساسية. بيت الزوجان يوجد على حدود “المحمية المتفق عليها”، المنطقة التي يقوم فيها المستوطنون في السنوات الاخيرة بحملة تدمير البناء الفلسطيني في حدودها. ايضا في السنة الاخيرة بدأوا في اقامة بؤر استيطانية في المنطقة، بعضها في المباني التي طردت منها تجمعات للرعاة الذين كانوا يعيشون في المحمية.
في بداية الحرب اقيمت قرب المكان الذي يعيشون فيه بؤرة باسم مكنيه ابراهام، على ارض توجد في مناطق ب، المحظور فيها البناء الاسرائيلي. بسبب المنع القانوني وبسبب عنف سكانها فقد تم اخلاء هذه البؤرة عدة مرات. ولكن مثلما تم اخلاءها فانه في نفس اليوم وبدون أن يمنع الجيش أو الشرطة ذلك، تمت اقامتها من جديد. المستوطنون من ناحيتهم يتفاخرون في مجموعات الواتس اب بمحاولات طرد العائلة، واستمروا بجمع التبرعات للبؤرة الاستيطانية بواسطة مواقع تجنيد عامة وبمساعدة جمعية باسم “عود آريه يسآغ”.
خلال السنة الاخيرة اعتاد المستوطنون على المجيء الى بيت الزوجين ورشقه بالحجارة، وضربهم بالعصي. وفي كانون الاول قاموا باحراق مبنى قريب من بيت العائلة. في اعقاب التنكيل والخوف على عائلته فقد توقف احمد عن العمل كي لا يبتعد عن العائلة. والعائلة بدأت ترتزق من بيع الاغنام فقط. الطروة قال إنه قدم اربعة شكاوى في الشرطة في الاشهر الاخيرة، وأن واحدة منها على الاقل تم اغلاقها بذريعة أن الفاعل مجهول. ورغم أنه شهد بأنه يمكن تشخيص الفاعلين وأن لديه توثيق لهم.
تقديم الشكاوى في الشرطة في الاشهر الاخيرة لم يكن أمر سهل بحد ذاته. وحسب اقواله هو ذهب الى مركز الشرطة في بيتار عيليت خمس مرات وانتظر لساعات فقط من اجل أن يقولوا له بأنه لا يوجد مترجم. “مرة انتظرت حتى الحادية عشرة ليلا. وفي مرات اخرى انتظرت ساعتين – ثلاث ساعات، وفي النهاية قالوا لي بأنه لا يوجد مترجم وأنه يجب علي أن أعود في الغد”، قال. ليس فقط اضاعة لوقت احمد الصعب، بل ايضا تكلفة السفر، 150 شيكل في السيارة ذهابا وايابا، وهو المبلغ غير الموجود لديه لأنه لا يعمل منذ بداية الحرب.
الشعرة التي قصمت ظهر البعير وجعلت العائلة تهرب من بيتها كانت يوم الجمعة الماضي. “في السابعة صباحا جاء 30 مستوطن تقريبا ووقفوا على بعد 150 متر. أنا قمت بالاتصال مع الشرطة، التي جاءت وقالت بأنهم بعيدون عنا. بعد ذلك رجال الشرطة ذهبوا”، قال احمد. الشرطة غادرت ولكن المستوطنين بقوا وواصلوا الطريق نحو بيت عائلة الشلالدة الموجودة على بعد مئات الامتار عنهم. المستوطنون اطلقوا الكلاب على السكان وهاجموهم بالعصي، ورشوا غاز الفلفل على أعين امرأة حامل. “أي شيء كان امامهم اعتدوا عليه.”لو أننا كعرب قمنا بالرد لاصبحنا اموات”، قالت انوار متذمرة. “قمنا بالاتصال مع الجيش والادارة المدنية. وفقط بعد أن ينتهي المستوطنون من افعالهم كانوا يأتون”. في الجيش قالوا في حينه بأنه جاءت الى هناك قوة وتم تفريق الحدث. ولكن لم يتم اعتقال أي أحد. “في الادارة المدنية قالوا بأنهم سيحضرون الى هنا جيش لحمايتنا”، قال احمد. ولكن الجنود لم يأتوا. عندما غابت الشمس والمستوطنون لم يعودوا اعتقد ابناء العائلة بأن اعمال الشغب انتهت في ذلك اليوم.
في الساعة الثانية بعد منتصف الليل عاد المستوطنون. حسب اقوال الزوجان طروة هؤلاء كانوا شباب آخرين اعتادوا على القدوم لمهاجمتهم. حسب تقرير الزوجين كان عددهم تقريبا 50، أكبر من العدد المعتاد، معظمهم كانوا مسلحين، واربعة منهم كانوا يرتدون الزي العسكري. “في البداية رشقوا الحجارة على نافذة غرفة نوم الاطفال. بعد ذلك رشقوا النافذة الموجودة فوق سرير ابني البكر. أنا أخذت الاولاد واختبأنا في زاوية في البيت”، قالت انوار. الزوجان قالا بأنهم جلسوا في حالة ذعر وشاهدوا المستوطنين وهم يخربون البيت. “لقد هددوا بقتلنا بالسكين والعصي واجبرونا على الخروج من البيت”، قال احمد. الابنة التي عمرها خمس سنوات عادت بعد الشتائم البذيئة التي وجههوها اليها ومثلت حركة الاصبع الثالثة حسب ما فعلوا.
وقد جاء من الشرطة الرد: “الحديث يدور عن احداث معروفة للشرطة. نحن نؤكد على أننا نتعامل مع اعمال العنف بعدم تسامح. كل الاحداث يتم علاجها والتحقيق فيها. وقد تم تسلم شكاوى واعتقل خمسة مشبوهين في نهاية الاسبوع الماضي، وتم التحقيق معهم. الملفات ما زالت قيد التحقيق. مركز الشرطة في بيتار عيليت مفتوح امام الجمهور 24 ساعة. الفلسطينيون الذين يريدون تقديم شكاوى في المركز يفعلون ذلك كل يوم”.
المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي قال ردا على ذلك: “الجيش الاسرائيلي والادارة المدنية يعملون وفقا للقانون ولتوجيهات المستوى السياسي ازاء البناء غير القانوني. في الحالة مدار الحديث تم اصدار أمر منطقة عسكرية مغلقة في منطقة البؤرة الاستيطانية، وقد تم اخلاءها بعد عمليات بناء متكررة. يجب التأكيد بأنه في كل شكوى في قيادة التنسيق والارتباط العسكري عن اعمال عنف في المنطقة ارسل الجيش الاسرائيلي القوات على الفور. أي اقوال اخرى هي كاذبة ولا اساس لها. عند الحصول على تقارير حول اعمال عنف في “المينيا” قوات كثيرة ذهبت الى القرية”.
ردا على سؤال “هآرتس” حول احتمالية أن من يرتدون الزي العسكري، الذين قاموا بالتنكيل بالعائلة، هم جنود رد المتحدث بلسان الجيش أن الادعاء الذي يقول بأن جنود الجيش شاركوا في حادثة التهديد وطرد أو تخريب ممتلكات سكان القرية، غير معروف لنا، وبالتأكيد لم تكن هناك نشاطات عسكرية مصادق عليها من اجل ذلك”.
---------------------------------------
هآرتس 18/2/2025
“اليوم التالي” تصممه الآن الدول العربية
بقلم: تسفي برئيل
القمة العربية “المصغرة”، التي سيتم عقدها في الرياض في يوم الخميس القادم، والتي ستشارك فيها السعودية، قطر، اتحاد الامارات، مصر، الاردن والسلطة الفلسطينية، سيتم تأجيلها كما يبدو ليوم. التفسير العلني للتأجيل هو “تنسيق الجدول الزمني”، الذي سيمكن من توسيع اطار القمة بحيث تشمل زعماء دول الخليج الستة، لطرح على الرئيس الامريكي دونالد ترامب عرض قوة حقيقي لكتلة الدول الغنية التي تؤيد الغرب. قبل ذلك نشر المتحدث بلسان الجامعة العربية بأن القمة التي كان من المقرر عقدها في 27 شباط الحالي في القاهرة يمكن أن يتم تأجيلها لأن بعض الزعماء العرب حتى الآن لم يبلغوا عن نية مشاركتهم فيها. يبدو أن هؤلاء الزعماء لا يرون أي فائدة من المشاركة في قمة عربية موسعة، التي يطمح اليها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فقط من اجل أن تكون خاتم مطاط للقرارات الجوهرية التي سيتم اتخاذها في القمة المصغرة.
إن تضارب المواعيد يمكن أن يتم حله. ولكنه يشير الى الضائقة الكبيرة التي وجد فيها زعماء الدول الرائدة انفسهم . هذه الدول اخذت على عاتقها عبء صياغة خطة عمل تواجه سوط الترانسفير الذي يلوح به ترامب، الذي يهدد بشكل مباشر مصر والاردن. من الافضل في هذه الاثناء عدم حبس الانفاس قبل اجتماع القمتين. تاريخيا مؤتمرات القمة الموسعة أو المقلصة لم تنجح في حل النزاعات الاقليمية أو وقف الحروب. في السابق وضعت هذه المؤتمرات المباديء التي خلقت ما يسمى “ضبابية” الموقف العربي. وهي قاسم مشترك، فكري أو ايديولوجي، متخيل، الذي لم يقم باملاء حقا سلوك بعض الدول.
لقد شذت عن ذلك القمم التي اعطت م.ت.ف الصلاحية للتمثيل الحصري للفلسطينيين، القمة في بيروت في 2002 التي تبنت المبادرة السعودية وحولتها الى “المبادرة العربية”. القمم الاكثر اهمية هي قمة التفاهمات والترتيبات التي صاغها زعماء الدول الكبرى، الذين يختارون الصراع الذي سيتدخلون فيه والصراع الذي لن يتدخلوا فيه، والصراع الذي يوفر الفرصة لعقد صفقة تخدم مصالحهم الدولية والاقليمية.
الآن يبدو أنه تم أخذ من هذه الدول حرية الاختيار التي مكنتها من الامتناع عن التدخل في الحرب في غزة. الدول العربية الرائدة وجدت نفسها تحت وزن المكبس الذي هدد اسرائيل في فترة الرئيس بايدن، حيث طلب منها تقديم خطة لـ “اليوم التالي”. هذه الدول لا تستطيع الاكتفاء الآن بادانة ورفض فكرة الترانسفير، أو “ورقة عمل” لرفع العتب مثل الخطة المصرية التي اساسها يتعلق بخطة اعادة اعمار قطاع غزة وتشغيل البنى التحتية من قبل ادارة فلسطينية تكون خاضعة للسلطة الفلسطينية.
امام تصريح نتنياهو الذي بحسبه “بعد الحرب لن تكون حماس أو سلطة فلسطينية”، اعلن مصدر رفيع في حماس، اسامة حمدان، بأن “حماس لن تتنازل عن غزة في أي اطار تفاهمات، ولن تقدم أي تنازلات مقابل اعمار غزة”. بلهجة مهددة حذر حمدان من أن “كل من يأخذ مكان الاحتلال في غزة أو في أي مدينة اخرى في فلسطين سنستخدمه ضده المقاومة كما نفعل مع الاحتلال. هذا موضوع منتهي وغير قابل للنقاش”.
بناء على ذلك فان هامش عمل الدول العربية يتعلق الآن بالاساس بـ “التفويض” الذي ستحصل عليه من دونالد ترامب، ولكنه تفويض محدد بالنطاق والوقت. من تصريحات ترامب ومبعوثيه في المنطقة، على رأسهم ستيف ويتكوف، يمكن الاستنتاج بأنه حتى لو تنازل الرئيس الامريكي عن خطة الترانسفير التي بدأت تترسخ بحد ذاتها، فانه لن يكون أي تنازل عن ابعاد حماس عن المنظومة المدنية والسياسية التي ستقوم بادارة غزة. هذه الدول ايضا ملقى عليها مهمة طرح خطة عمل للنضال ضد استمرار تواجد حماس العسكري في القطاع.
في الاسبوع الماضي طرح الامين العام للجامعة العربية، احمد أبو الغيط، اطار فكري لحل هذه المسألة. في مقابلة تلفزيونية قال: “اذا اقتضت النظرة الدولية والمصلحة الفلسطينية بشكل واضح أن يتم ابعاد حماس عن الصورة فيجب فعل ذلك بموافقة عربية وتنسيق فلسطيني، من اجل أن تتولى السلطة الفلسطينية المسؤولية وتدير القطاع”. هذا الموقف بدأ يراكم التأييد له. وهو يستند الى تصريحات سابقة لحماس مناقضة لتصريح حمدان الاخير، الذي بحسبه حماس مستعدة للتنازل عن السيطرة على قطاع غزة ونقله الى يد “لجنة مهنية”، كما اقترحت مصر.
دولة الامارات تؤيد اقتراح احمد أبو الغيط، وحتى الآن لم يسمع موقف السعودية وقطر. المشكلة هي أن هذا الاقتراح هو كلاسيكي وتعرج دبلوماسي غير ملزم، وهو لا يعرض أي حل جدي لثلاثة قضايا رئيسية: أي قوة عسكرية ستدير القطاع؛ كيف يمكن ابعاد من القطاع على الاقل الذراع العسكري لحماس، كتائب عز الدين القسام؛ ما الذي ستفعله الدول العربية اذا تحطمت المرحلة الثانية في اتفاق وقف اطلاق النار قبل تنفيذها واسرائيل قامت باستئناف الحرب. فقط اذا كان ترامب مستعد لاعادة النظر في امكانية تولي السلطة الفلسطينية، اضافة الى قوة عربية ودولية، الصلاحية لادارة النضال العسكري ضد حماس. واذا نجح في تجنيد قطر لدفع حماس على الموافقة على نزع سلاحها، فانه يمكن التفكير في البدء في التسوية.
بدون أي خطة تضمن حلول منطقية لهذه القضايا فان القمة العربية يمكن أن تعود الى نقطة الانطلاق. أي أن زعماء الدول العربية، بالاساس السعودية، يمكنهم نظريا استخدام اداة الضغط الموجودة لديهم على الولايات المتحدة من اجل وقف تطبيق الترانسفير، لكن ليس استمرار الحرب واحتلال اسرائيل للقطاع بشكل كامل. مع هذه النتيجة فان الاردن ومصر ربما ستنجو من تهديد فيضان اللاجئين الذي يتوقع أن يغرقها حسب خطة ترامب، لكن في نفس الوقت قطاع غزة سيعود الى “حضن” اسرائيل، التي ستكون مدعومة من ترامب. هناك شك كبير اذا كان ويتكوف عندها يمكنه تنفيذ وعده باعادة جميع المخطوفين.
حتى لو نجحت الدول العربية في اقناع ترامب بالنزول عن شجرة الترانسفير بدون أي حل متفق عليه لمستقبل غزة فان اسرائيل هي التي ستبقى مع الحاجة الى ادارة حياة 2 مليون شخص في غزة. ومشكوك فيه اذا كانت أي دولة عربية أو غربية ستوافق على المشاركة في تكلفة ترميم القطاع أو الاسهام في اعادة الاعمار. لا حاجة للاضافة ايضا بأن حلم التطبيع مع السعودية سيستمر في احتلال مكان شرف في هذا الحلم الوهمي.
---------------------------------------
إسرائيل اليوم 18/2/2025
القدس تنتظر الرياض
بقلم: أرئيل كهانا
انعقد الكابنت أمس كي يقرر إذا كانت إسرائيل مستعدة للدخول الى مفاوضات مع حماس على المرحلة الثانية من صدمة المخطوفين، في الوقت الذي يرفض فيه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضا باتا الشروط التي تطرحها حماس منذ بداية الحرب، في أن إعادة باقي المخطوفين لن تكون الا مقابل انهاء الحرب.
مع ذلك لاجل عدم التسبب بوقف المرحلة الأولى التي لا تزال مستمرة، وبسبب توقع إدارة ترامب التقدم الى المرحلة الثانية يحتمل أن توافق إسرائيل على البدء بالمحادثات في الموضوع.
والى ذلك، سيصل اليوم الى الرياض المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف ومسؤولون آخرون في إدارة ترامب. وزير الخارجية الروسي سيرجيه لافروف هو الاخر سيصل الى العاصمة السعودية. في المرحلة الأولى سينشغلون في محاولة تاريخية أولى لبلورة اتفاق يؤدي الى انهاء الحرب بين روسيا واوكرانيا، لكن في نهاية الأسبوع سيعقد في الرياض لقاء آخر ستحاول فيه الدول العربية بلورة خطة مشتركة لمستقبل غزة. وسيشارك في القمة ممثلو مصر، الأردن، قطر واتحاد الامارات. هدف القمة: الرد والعرض لبديل لخطة التهجير الجماعي من غزة التي اقترحها الرئيس ترامب. نتائج المؤتمر في الرياض ترتبط مباشرة بالقرارات التي ستتخذ في القدس. فاذا ما قبلت الدول العربية مبدأ الا تحكم حماس غزة عسكريا ومدنيا، في إسرائيل وفي الولايات المتحدة سيكونون راضين. في مثل هذا السيناريو اغلب الظن سيكون جهد سياسي مشترك لكل الأطراف للفرض على قيادة حماس مغادرة غزة، وفقا للقرارات الاصلية لإسرائيل. بالمقابل، اذا وقفت الدول العربية ضد النهج الأمريكي الإسرائيلي يحتمل الا يكون مفر من استئناف القتال ومن فرض حلول بالقوة. في مثل هذه الحالة سيتعين على اسرائيل أن تفحص باهتمام كبير ما تفعله مصر.
قواعد هجوم في مصر
الى ذلك توجهت إسرائيل الى الولايات المتحدة بطلب لان تطرح “بكل الخطورة على المصريين معارضتها لتواجد الجيش المصري في سيناء. فقد قال مصدر مطلع لـ “إسرائيل اليوم” ان المستويات الاعلى في إسرائيل قلقة جدا من تعاظم قوة الجيش المصري. وترى إسرائيل بخطورة وجود قوات عسكرية مصرية في سيناء بخلاف اتفاق السلام في 1979. وحسب المسؤول الإسرائيلي، يعالج الامر بهدوء لكن بكل الجدية. التوقع في القدس هو أن تكون واشنطن، التي هي الضامنة للاتفاق، هي التي ستدفع مصر لان تخرج من سيناء الوحدات التي لا يفترض أن تكون في شبه الجزيرة. والى ذلك علمت “إسرائيل اليوم” الى أنه في الكونغرس الأمريكي ايضا يزداد الانشغال بمسألة مصر. حيث يخطط المجلسين لاجراء استماعات تراجع ما يجري. كما عمد أعضاء الكونغرس لبحث الموضوع مع نظراء إسرائيليين.
سفير إسرائيل في الولايات المتحدة د. يحيئيل لايتر اطلع رؤساء منظمات يهودية في الولايات المتحدة على المسألة الحساسة ووصف الوضع بانه “لا يطاق”. وفي حديث مع مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية قال لايتر ان “مصر في وضع خرق خطير جدا” لاتفاق السلام معنا في سيناء. وهذا وضع لا يطاق.
توجد قواعد بناها المصريون وهي لا يمكن ان تستخدم الا لاعمال هجومية ولاسلحة هجومية. على مدى زمن طويل صمتنا على الوضع لكن سيكون هذا موضوعا على الطاولة قريبا جدا.
المعضلة اللبنانية
اليوم يفترض بإسرائيل أن تستكمل انسحابها من لبنان حسب اتفاق وقف النار لكن الجيش الإسرائيلي سيبقي خمسة استحكامات في داخل الأراضي اللبنانية كي تشكل منطقة فاصلة للدفاع عن بلدات الشمال. ابتداء من يوم غد ستقف إسرائيل امام معضلة: هل تريد بالنار على محاولات تسلح وتهريب سلاح لحزب الله وتخاطر بذلك بما يعد خرقا للاتفاق أم كبديل تعود الى سياسة التجلد التي سبقت الحرب؟ على اقل حسب تصريحات رئيس الوزراء ووزير الدفاع، هذا الواقع لسياسة التجلد لن يعود.
---------------------------------------
هآرتس 18/2/2025
وزارة العدل: جمعية عطيرت كوهانيم تدير جسما وهميا للسيطرة على أملاك في سلوان
بقلم: نير حسون
كشف صادر عن مسجل الاوقاف في وزارة العدل الاسرائيلية كشف عن مخالفات وتضارب مصالح وعيوب اخرى في الموقف الذي يخلي العائلات الفلسطينية من منازلها في سلوان لصالح جمعية عطيرت كوهانيم. ويشير التقرير الى أن الوقف التاريخي الذي يملك الارض التي يعيش عليها مئات المستأجرين الفلسطينيين هو في الواقع كيان وهمي تابع للجمعية. ورغم العيوب التي وجدت إلا أن الدولة تعارض استبدال أمناء الوقف، الحاخام اسحق رالباغ وابراهام شفرمان ومردخاي زرفيف.
وقف موشيه بنفنستي الذي أسسه رؤساء الاستيطان اليهودي في القدس، سجل في المحكمة الشرعية العثمانية في المدينة في العام 1899 واقام مباني في سلوان لصالح توطين مهاجرين من اليمن. حسب وثيقة الوقف الاصلية فان أمناء الوقف هما الحاخامان الرئيسيان في القدس ومدير مدرسة اليانس في المدينة. خلال تسعينيات القرن العشرين، بعد حوالي مئة سنة على تاسيس الوقف، اجرت جمعية عطيرت كوهانيم بحث عثرت فيه على الوقف وعلى الاراضي التي يمتلكها. في العام 2001 توجه اعضاء الجمعية للمحكمة المركزية في القدس وطلبوا احياء الوقف وتحويلهم الى أمناء له. وقد عرضوا على المحكمة رسائل من الحاخامات الرئيسيين في حينه تقول بأنهم يتنازلون عن مناصبهم في الوقف وايضا مصادقة من وزارة التعليم تفيد بأن مدرسة اليانس لم تعد قائمة. قاضي المحكمة المركزية في القدس في حينه يعقوب تسبان وافق على الطلب وعين في قرار الحكم ثلاثة اشخاص، اثنان منهم يعملان في الجمعية، زرفيف وشفرمان، كأمناء للوقف.
بعد فترة قصيرة من ذلك حرر القيم العام في وزارة العدل الارض ومنحها للوقف، بفضل قانون يمكن اليهود من المطالبة بممتلكات تم تركها في 1948. لا يوجد للفلسطينيين في المقابل، الحق في المطالبة بممتلكاتهم التي تركوها في نفس الوقت لأنه تمت مصادرتها بقوة قانون املاك الغائبين. ومنذ تمت المصادقة على نقل الارض الى الوقف هو يقوم بادارة عشرات الاجراءات القانونية ضد عائلات فلسطينية تعيش في الحي، غالبيتها منذ الستينيات، وتحولت بمرة واحدة في اعقاب قرار القيم العام الى مستأجرين معرضين لخطر الاخلاء. حتى الآن تم اخلاء 16 عائلة فلسطينية من بيوتها، وجمعية عطيرت كوهانيم قامت باسكان عائلات يهودية في بيوتهم. في الاسابيع الاخيرة اصدرت القاضية في محكمة الصلح في القدس، مريام كاسلسي، خمسة احكام تأمر خمس عائلات، تشمل 131 شخص، باخلاء بيوتها لصالح الوقف في غضون نصف سنة، وحكمت بتكاليف المحكمة التي تبلغ 50 ألف شيكل على احد العائلات.
في السنوات الاخيرة تدير جمعية “عير عاميم” بواسطة المحامي يوفال الدار والمحامية لونا هالون، من مكتب بن آري بيش، دعوى قضائية ضد الوقف وجمعية عطيرت كوهانيم، تطالب فيها الجمعية من المحكمة المركزية أن تأمر بتعيين أمناء آخرين بذريعة أن الأمناء الحاليين لا يقومون بدورهم. في اعقاب الدعوى بدأت وحدة مسجل الاوقاف في وزارة العدل في فحص معمق للوقف بواسطة رامي الحناتي، ونتائج هذا الفحص تنشر هنا للمرة الاولى. في هذه النتائج جاء أن الوقف ليس إلا كيان وهمي يدار بالكامل من قبل جمعية عطيرت كوهانيم خلافا ميثاق الوقف وقواعد الادارة السليمة. وقد تبين مثلا أنه خلال عشرين سنة تمت ادارة الوقف لنفس الحساب البنكي للجمعية، وحتى بعد فتح حساب خاص له، رسوم الايجار التي دفعها المستأجرون اليهود اودعت في حساب الجمعية وليس في حساب الوقف. ووجد أن الوقف تمت ادارته بدفعات نقدية وبدون أي توثيق، “خلافا لقواعد الادارة السليمة”.
التقرير كشف ايضا أن أحد امناء الوقف يوجد في حالة تضارب مصالح، لأنه عضو في لجنة عطيرت كوهانيم – في الوقت الذي يوجد فيه للوقف دين بسبب قرض من الجمعية. وجاء أن “عطيرت كوهانيم قامت باصلاحات كبيرة في املاك الوقف بدون أن يكون الوقف طرف فيها وبدون تسجيل في سجلات الوقف”. اضافة الى ذلك الوقف يمكن أن يعمل فقط حسب ميثاق الوقف مثلما تم التوقيع عليه عند اقامته. حسب ميثاق الوقف فقد تم تخصيص المباني للمساعدة في السكن “لصالح فقراء اليهود في القدس، السفارديم والاشكناز، بشكل متساو… بعد ذلك سيكون الوقف لصالح فقراء الطائفة اليهودية في كل مكان يوجدون فيه، واذا لم يتم ايجادهم فان الوقف سيكون لصالح الفقراء والمحتاجين في كل مكان”. أي أن الوقف مخصص لليهود الفقراء في القدس، وبعد ذلك اليهود الفقراء في اماكن اخرى، وفي النهاية للفقراء والمحتاجين على أنواعهم. ولكن وقف بنفنستي، حسب التقرير، لا يعمل حسب الميثاق. فأمناء الوقف أو عطيرت كوهانيم لم يفحصوا اذا كان المستوطنون الذين تم جلبهم للسكن في الحي الفلسطيني هم بالفعل عائلات محتاجة. وردا على مسودة التقرير فقد كتب في وثائق الوقف بأن الشقق سيتم تأجيرها لعائلات “غير قادرة”. لكن جاء في التقرير بأنه لم يتم وضع معايير واضحة لهذا التعريف.
تقرير مسجل الاوقاف يبلغنا الكثير عن السلوك المالي لعطيرت كوهانيم وعن العلاقة بينها وبين العائلات التي تسكنها في قلب سلوان. وقد اتضح من التقرير، ضمن امور اخرى، بأن الاموال التي تدفعها العائلات اليهودية التي تسكن في املاك الوقف منخفضة جدا، تتراوح بين 13 – 28 ألف شيكل في السنة. ويتبين ايضا أن الجمعية أو الوقف دفعت للعائلات الفلسطينية ملايين الشواقل مقابل الاخلاء الطوعي من البيت الذي سيطر عليه الوقف.
رغم الاستنتاجات الخطيرة إلا أن الدولة قدمت اعتراض على طلب استبدال امناء الوقف. وفي رد الدولة جاء أنه وجدت وبحق عيوب في الفحص، لكن الامناء الحاليين وافقوا على اصلاح العيوب التي تم تفصيلها في التقرير. لذلك فانه “في هذه المرحلة لا يوجد أي مجال لاستبدال امناء”.
وقد جاء من جمعية “عير عاميم” بأن “التقرير كشف الاستغلال الساخر الذي تقوم به عطيرت كوهانيم خلال سنوات في الوقف الذي اقيم من اجل الفقراء، بهدف اخلاء عائلات في بطن الهوى في سلوان. تقرير الرقابة تم الكشف عنه فقط في اعقاب اجراءات قانونية تجريها “عير عاميم”. ونحن نتوقع أن يعمل مسجل الاوقاف في اسرع وقت على وقف نشاطات الوقف ونشاطات الاخلاء التي جرت من قبل عطيرت كوهانيم باسمه”.
المحامي ابراهام موشيه سيغل، ممثل الوقف، قال ردا على ذلك: “الحديث يدور عن ادعاءات متكررة لا اساس لها من الصحة. مسجلة الاوقاف ابلغت منذ فترة المحكمة بأنه ليس فقط لا يوجد تضارب مصالح بين عطيرت كوهانيم والوقف، بل إن الجمعية من حقها أن تعين كأمينة على الوقف. صحيح أنه جرى فحص للوقف، لكن غالبية الادعاءات من قبل “هآرتس” بخصوص هذا الفحص هي ادعاءات غير صحيحة. في التقرير ظهرت عيوب صغيرة فقط، ولكن تم اصلاحها منذ فترة من قبل الوقف بصورة متطابقة مع طلبات مسجلة الاوقاف بشكل مرض. الدافع الحقيقي من وراء نشر التقرير هو محاولة لاعادة تدوير محاولات سابقة لصحيفة “هآرتس” من اجل الغاء قرارات تم اصدارها من قبل جميع الهيئات القضائية في اسرائيل، بما في ذلك المحكمة العليا، التي قررت في عشرات الاحكام المختلفة بأن الوقف هو صاحب اراضي الوقف الحصري. ونتيجة لذلك فقد أمروا باخلاء الغزاة العرب الذين قاموا بغزو اراضي الوقف، ليس أكثر من ذلك”.
---------------------------------------
معاريف 18/2/2025
عودة الى الوحل اللبناني
بقلم: افي اشكنازي
في ظل صدمة شلل الدفاع العسكري في 7 أكتوبر، إسرائيل تعود لارتكاب الأخطاء القاسية التي سبق أن ارتكبتها في الماضي. فهي توجد الان في مسار انغراس متجدد في الوحل اللبناني – بعد 25 سنة من نجاحها في تخليص نفسها منه.
لإسرائيل لا توجد استراتيجية، هي تعمل مثل محطة إطفاء نار. الجيش والقيادة السياسية منشغلان باطفاء حرائق وليس ببناء خطوات بعيدة المدى تقوم على أساس نظرة واسعة، ردع وتغيير الواقع الأمني في ضوء النجاحات العسكرية. هكذا في الشمال، هكذا في غزة، وهكذا أيضا في الدائرة الثالثة.
قبل أكثر من 30 سنة بعد صدمة حرب يوم الغفران، بنت إسرائيل لنفسها قوة عسكرية ضخمة. مع فرق وفيالق، سلاح جو ضخم ومنظومات قتال لقوة عظمى. بعد سنوات تبين لنا جميعا ان إسرائيل لا تحتاج حقا لجيش مثل هذا الحجم – جيش يتطلب منها ميزانيات ضخمة وثقيلة على مقدرات الدولة. ما أدى الى ازمة اقتصادية كبيرة في الثمانينيات من القرن الماضي التي عرفها لاحقا الاقتصاديون كـ “العقد الضائع للاقتصاد الاسرائيلي”.
دخل الجيش الإسرائيلي الى لبنان في العام 1982 كي يبعد مخربي فتح الذين حولوا لبنان الى استحكام متقدم لهم. الجيش الإسرائيلي نجح بل انه أصدر صورة نصر لياسر عرفات والاف المخربين الذين يصعدون الى سفن الابعاد من مرفأ بيروت.
غير أن عندها علق الجيش الإسرائيلي في لبنان على مدى 18 سنة. بنى حزامين امنيين، لكن سرعان ما تبين أن الحزام الأمني الذي استهدف حماية بلدات الشمال اصبح شرك موت للجنود الذين خدموا في الاستحكامات. يكفي أن نذكر كارثة السفاري، كارثة السالوكي، كارثة الوحدة البحرية، كارثة المروحيتين، كارثة المجنزرات، غيرها وغيرها. 18 سنة سفكت إسرائيل دمها في بلاد الأرز اللعينة، بلا أي غاية حقيقية. الكاتيوشا والصواريخ اطلقت الى شمال البلاد من فوق رؤوس الجنود في الاستحكامات وكانت لنا أيضا تسللات من المخربين الى أراضي إسرائيل “ليل الطائرات الشرعية” مثلا.
والان نحن نكرر الخطأ ذاته. في ظل قصور 7 أكتوبر، يحاول الجيش الإسرائيلي أن يستعيد الثقة به وخلق امن واحساس امن للجمهور.
إذن أولا، صحيح فعل الجيش الإسرائيلي حين ضاعف قوته بثلاثة اضعاف في الدفاع في الشمال. ثلاث فرق مع الاف الجنود وقوة نارية كبيرة على نحو خاص، من البحر وحتى النهر. صحيح أيضا يفعل الجيش الإسرائيلي حين يثبت الان معادلة قتالية. هو سيعمل في كل ارجاء لبنان وسوريا امام كل محاولة من حزب الله وايران لترميم القدرات العسكرية لمنظمة الإرهاب. الهجمات على النشطاء ومخازن السلاح في لبنان هي بالتأكيد الطريق لترسيم الردع الإسرائيلي في لبنان وفي المنطقة كلها. مع ذلك فان إقامة الاستحكامات من جديد هي خطأ، لا بد ان أمهات وأباء كثيرين سيبكون عليه. ويا ليت، يا ليت، يكون كاتب هذه السطور هو المخطيء.
---------------------------------------
يديعوت احرونوت 18/2/2025
إسرائيل ستضطر الى خطة بعيدة المدى لتغيير الواقع في غزة
بقلم: د. ميخائيل ميلشتاين
“نحن اليوم التالي”، كان هذا هو الشعار الرئيس الذي كتب على المنصة في دير البلح والتي اجري عليها احتفال التحرير بثلاثة المخطوفين في السبت الماضي. ليس ثمة تعبير آخر كـ “اليوم التالي” يجسد الفجوة الواسعة بين الأفكار السائدة في إسرائيل منذ بداية الحرب والواقع عمليا، وكذا الميل الذي لا ينقطع لخلق خيالات بدلا من التصدي لوضع مركب وفي الغالب غير متفائل.
التصور السائد في إسرائيل حول اليوم التالي هو “غزة بلا حماس”. او على الأقل بلا حكم الحركة. يدور الحديث عن تصور نقي يعكس في أساسه أماني ويفتقد للتفسير كيف ومتى يمكن تحقيق الهدف وما هو الاحتمال لتحقيقه. عمليا، كما يتضح منذ وقف النار (بل وقبله) واقع مغاير تماما: حماس هي الجهة السائدة في غزة، رغم الـ 15 شهرا من القتال تعرضت فيها لضربات غير مسبوقة، لا يوجد بديل عنها ولا يتطور أيضا احتجاج جماهيري ضدها.
هذا وضع محبط للاسرائيليين. يدور الحديث عمليا عن عدم تحقيق واحد من الهدفين الأعلى للحرب: القضاء على حماس. صحيح أن المنظمة فقدت من قوتها، بخاصة العسكرية، لكن لا تزال تسيطر على كل مستويات الحياة، بما في ذلك التعليم الذي يسمح بمواصلة غسل عقول الفلسطينيين. إسرائيل، وعن حق، توجهت لتحقيق الهدف الثاني، تحرير المخطوفين، انطلاقا من فهم يقضي بان الشعار بشأن القدرة على تحقيق الهدفين معا هو وهم معناه استمرار حرب استنزاف عديمة الحسم في ظل تقليص الاحتمال لتحرير المخطوفين.
من الحيوي اجراء بحث واع حول اليوم التالي: أولا، مطلوب تحديد الخيالات – الأفكار التي تعرض ظاهرا كابداعية لكنها عمليا غير قابلة للتحقق، وأحيانا مجرد الانشغال بها يحدث الضرر. في هذا السياق تبرز الاعتقادات بان حماس ستوافق على مغادرة غزة، مثلما فعل عرفات في لبنان في 1982، او نزع سلاحها والتحول الى حزب سياسي أو حركة اجتماعية (فكرة “نشوء وارتقاء المنظمة”، الذي شكل أساسا مركزيا في مفهوم 7 أكتوبر) الآمال في أن تسيطر السلطة من جديد على القطاع أو أن تأخذ قوة عربية أو دولية عنه الملكية والاماني في أن يتطور احتجاج جماهيري ضد حماس يهز حكمها او يكون ممكنا العمل على نزع تطرف الغزيين من خلال هندسة وعي خارجية. الخيال الأكثر حداثة هو بالطبع رؤيا ترامب بشأن “غزة بلا غزيين” وإقامة “ريفييرا شرق أوسطية” بدلا منها. عمليا، توجد امكانيتان فقط بالنسبة لليوم التالي. الأولى – السيطرة منذ الان على كل غزة، في ظل توجيه ضربات قاضية لعموم منظومات حماس (عسكرية ومدنية)، لكن أيضا البقاء في المنطقة ومحاولة تطوير بديل محلي. من جهة كفيل الامر بان يسمح بـ “غزة بلا حماس”، لكن من الجهة الأخرى ينطوي على التخلي عن المخطوفين (لا يوجد احتمال بتحريرهم في اثناء حرب إبادة تفهم فيها حماس بان نهايتها قريبة). وذلك الى جانب الحاجة الى تخصيص مقدرات وقوات كبيرة للسيطرة والبقاء، مراحل ستترافق وتهديدات إرهاب وعصابات متواصلة، ومسؤولية مدنية على مليوني غزي وعلى ما يبدو أيضا احتكاك مع الساحات العربية والدولية.
الامكانية الثانية هي فحص المبادرة التي تطرحها مصر لاقامة حكم بديل في غزة، يقوم على أساس مندوبين عن السلطة وجهات مستقلة. من الضروري ان نكون واعين: صحيح ان حماس لن تكون الحاكم الرسمي في القطاع لكن واضح انها ستواصل التأثير من خلف الكواليس على عموم المجالات والاحتمال بان توافق على نزع سلاحها طفيف. لقد وافقت حماس على هذا المنحى قبل بضعة اشهر، والعالم العربي يعمل الان على تحققه بنشاط، بأمل أن يرضي ترامب الذي لعله يرى فيه تحقيقا بهدف “غزة بلا حماس”، ويكون بذلك مستعدا لان يترك رؤياه لترحيل الغزيين واسكانهم في مصر وفي الأردن.
هذا الوضع بعيد عن أن يكون مرضيا وينبغي التعاطي معه كحل مؤقت، لكنه أفضل من كل باقي البدائل. إسرائيل ستكون مطالبة بثلاثة مباديء عمل في مثل هذا السيناريو:
اعمال فورية وحازمة ضد كل تهديد أمنى يطل في غزة (استعداد لعملية، تهريب سلاح او بناء بنية تحتية عسكرية).
رقابة أمريكية، بخاصة في محور فيلادلفيا الى جانب فرضية بان حماس ستسعى، كل الوقت، للدفع قدما بالتهريب وبان الانفاذ لن يكون محكما.
صفر تدخل في الاعمار، العملية التي معناها تثبيت المعادلة وبموجبها مرة في كل بضع سنوات تشن حماس حربا تخرب فيها غزة وبعدها العالم يأتي لاعمارها حتى المواجهة التالية. غزة ما بعد الحرب قد تكون تحت نفوذ حماس لكنها ضعيفة وسكانها بلا افق اقتصادي.
الفرضية الأساس الواجبة هي ان حماس ستسعى ابدا الى المس بإسرائيل والى غرس رؤيا ابادتها في الجمهور الغفير، الامر الذي لن يسمح بالتعايش او التسوية. خليل الحية، نائب السنوار، عبر عن الامر في اعلان الأسبوع الماضي: “الحرب التي انتهت هي مقدمة لتحرير فلسطين وابادة إسرائيل”.
إسرائيل ستضطر الى خطة بعيدة المدى بهدف التغيير من الأساس للواقع في غزة. المسيرة المركزية ستكون تلك الوسيلة التي في هذه اللحظة محملة بالمصائب: أي السيطرة على كل غزة، ضربة عميقة لحماس، تواجد في المنطقة ومحاولة لإقامة بديل محلي. كل هذا، دون العمل على استئناف الاستيطان في المنطقة او افراغها من الفلسطينيين. خطة استراتيجية كهذه ستكون مطلوبة في السنوات القريبة القادمة وتستوجب تخطيطا دقيقا (لم يكن في 7 أكتوبر)، جمع المقدرات، وتجنيد الشرعية من الداخل ومن الخارج. هذه خطوة على مستوى تاريخي في هذه اللحظة ليست قائمة الظروف الاستراتيجية لتنفيذها، لكن يبدو انه لن يكون مفر من تنفيذها في المستقبل.
---------------------------------------
هآرتس 18/2/2025
الجيش الإسرائيلي: تلقينا إذناً من المستوى السياسي بـ”تغيير معالم المخيمات” في الضفة الغربة
بقلم: أسرة التحرير
بينما تتطلع عيون كل العالم إلى ما يجري في غزة، يتواصل الآن تحويل الضفة الغربية إلى غزة أخرى. حملة “السور الحديدي” في الضفة تتواصل منذ أكثر من أربعة أسابيع، وتتضمن إجلاء سكان، وأوامر فتح نار محدثة (يد رشيقة على الزناد)، وهدم بيوت، وتخريب بنى تحتية.
حسب مصادر في السلطة الفلسطينية، فإنه عقب أعمال الجيش الإسرائيلي، أجلي 30 ألف فلسطيني من مخيمات اللاجئين شمالي الضفة حتى الآن. وبينما يدعي الجيش بعدم وجود سياسة مقصودة لإجلاء السكان، فثمة شهادات من جنين وطولكرم تدل على أن قوات الجيش الإسرائيلي تتعمد إجلاء واسعاً للسكان لفترات طويلة وشاذة قياساً لحملات سابقة.
حتى بدون إجلاء واسع ورسمي – حظر تجول، وإطلاق نار، وتمركز قناصة، وهدم، وانقطاع كهرباء، ونقص في الماء… كل ذلك تتسبب بجلاء “طوعي” للسكان. ينبغي أن يضاف إلى هذا توسيع تعليمات فتح النار في الضفة، يسمح بموجبها إطلاق النار لغرض القتل على كل شخص “يتعامل مع الأرض”.
حسب الجيش، تستهدف الحملة محاربة جماعات مسلحة في مخيمات اللاجئين، لكن الكثير من الفلسطينيين يرون فيها محاولة لتصفية مخيمات اللاجئين. يجدر بالذكر أن الحملة انطلقت بعد ضغط شديد من المستوطنين على مدى السنة الأخيرة. فقد طلب هؤلاء تحويل الضفة إلى ساحة قتال. وعقب وقف النار في غزة، أعطى رئيس الوزراء نتنياهو، سموتريتش “هدية” كي لا ينسحب من الائتلاف: ترحيل صغير في الضفة.
وبالفعل، مثلما في غزة، شرع الجيش الإسرائيلي بتدمير البنى المدنية والتحتية في مخيمات اللاجئين في الضفة: بيوت وطرق. تعطيل الطرق المؤدية إلى المستشفى الحكومي في جنين، وعند مدخله نصب حاجز عسكري. رغم أن الجيش يرد كل ادعاء بسياسة هدم بنى تحتية واقتلاع سكان، لكن مصادر أمنية تتحدث بشكل غير رسمي عن أن قيادة المنطقة الوسطى دفعت باتجاه خطة لتغيير مجال المخيم، وتلقت إذناً بذلك من المستوى السياسي.
عملياً، يبدو أن إسرائيل رأت أن حربها في غزة منحتها فرصة لتغيير الواقع في الضفة أيضاً، فاتخذت الحرب ضد الإرهاب ذريعة لهدم بنى تحتية، وإجلاء سكان مع وجود عسكري دائم. أما المستوطنون الذين يريدون تصفية أي إمكانية لدولة فلسطينية، فهذه أعمال مباركة عندهم.
إسرائيل ملزمة بإعادة الـ 30 ألف الذين أجلوا من بيوتهم، ووقف تحويل الضفة إلى غزة. إن التنكيل بالسكان الفلسطينيين لن يحل مشاكل إسرائيل الأمنية، بل سيوسع دائرة العنف والهدم التام لإمكانية حل الدولتين.
---------------------------------------
إسرائيل هيوم 18/2/2025
15 ألف فلسطيني داخل الخط الأخضر
بقلم: ليلاخ شوفال
اللواء آفي بلوط، قائد المنطقة الوسطى، طلب مؤخرا من المستوى السياسي إقرار دخول 15 ألف عامل فلسطيني آخر من الضفة الى داخل الخط الأخضر، وأساسا للعمل في مجالات محددة في اعمال حيوية، كالبناء والزراعة.
في اطار المداولات التي جرت مؤخرا، تقدم ممثلو قيادة المنطقة الوسطى بمعايير للعمال الذين يريدون ادخالهم تتعلق باعمارهم واوضاعهم العائلية. صحيح حتى هذه اللحظة لم يقر المستوى السياسي الطلب الذي ينبع أساسا من أن بطالة الفلسطينيين في الضفة تتصاعد من 13 في المائة عشية الحرب الى نحو 35 في المائة. ويدعي جهاز الأمن منذ سنين بان البطالة والضائقة الاقتصادية هما سبب العنف فما بالك أنه معروف أيضا انه بعد تحرير عشرات ان لم يكن مئات المعتقلين الى الضفة وعلى خلفية الحملة العسكرية الواسعة في شمال السامرة، ليس هذا فقط بل إن الاقتصاد الإسرائيلي بحاجة ماسة الأيدي العاملة.
بعد المذبحة أقر المستوى السياسي إدخال نحو 8000 عامل فلسطيني فقط الى اعمال عُرفت بالحيوية. وبينما لا يدخل الى إسرائيل كل يوم عمليا الا نحو 6500 عامل فيما أنه في الاستيطان الإسرائيلي خلف الخط الأخضر يعمل نحو 11 ألف عامل فلسطيني آخر.
وكنتيجة للانخفاض الدراماتيكي في عدد العمال الذين يدخلون الى إسرائيل لحق ضرر في فرع البناء، الزراعة والصناعة. وحسب التقديرات يدخل الى إسرائيل كل يوم نحو 1000 مقيم بلا تصريح عبر ثغرات مهملة في الجدار، وفي كل لحظة معطاة يكون في إسرائيل آلاف المقيمين غير القانونيين ممن يتبقون للمبيت في داخل الخط الأخضر.
في الشاباك أيضا أوصوا عدة مرات في اثناء السنة الأخيرة بإدخال مزيد من العمال ضمن معايير متشددة الى أراضي إسرائيل وذلك أيضا في ضوء الاقتصاد المتدهور في الضفة وكذا رغبة في الرقابة على هوية أولئك الذين يدخلون الى إسرائيل. وذلك لاجل منع ظاهرة التسلل غير القانوني داخل إسرائيل، والذي يشكل أرضا خصبة للهجمات ولدخول مهاجمين الى داخل الخط الأخضر.
"الوضع الاقتصادي في الضفة هو مصلحة إسرائيلية"، كما توضح محافل الأمن وتشدد على أن ايران تحاول أن تضخ الى المنطقة الكثير جدا من الوسائل القتالية والمال لتمويل الهجمات. ولما كان المستوى السياسي يرفض الآن إقرار زيادة عدد العمال الذين يدخلون الى أراضي إسرائيل لاعتبارات أمنية، في جهاز الأمن يحاولون فحص خيارات بديلة لخلق عمل للفلسطينيين.
-----------------انتهت النشرة-----------------