الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 15/4/2025 العدد 1283

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 15/4/2025
باحثة في الديكتاتوريات تشرح: كيف سنعرف أننا تجاوزنا نقطة اللاعودة
بقلم: اييلت شني
البروفيسورة فرانس العزيزة، آمل أن تكوني بخير. في البداية نحن نشير للقراء بأن هذه المقابلة جرت من خلال المراسلة في تموز 2023، حيث تحدثنا عن الزعماء “الأقوياء” الذين تم انتخابهم في انتخابات ديمقراطية، وبعد ذلك استغلوا المنصب من اجل تدمير الديمقراطية. بعدها مررنا بمذبحة وأزمة مخطوفين وحرب دموية. التهديد على الديمقراطية في إسرائيل يتعزز لأنه في ظل الحرب نتنياهو يسرع الخطى بالانقلاب النظامي، رغم الخطر المتزايد إلا أن الاحتجاج خفت.
“من المهم الفهم – الحرب هي مغير لقواعد اللعب بالنسبة لنتنياهو. فهي تسمح له بالاحتفاظ بالحكم والحفاظ على قوته. برعاية الحرب هو أيضا ينجح في تأجيل وتأخير اتهامه بالفساد. الزعماء الذين يحافظون على الحكم بواسطة الحرب ولا يفقدون القوة والحكم عندما تستمر الحرب، هذا أمر نادر جدا. لذلك فانه بالنسبة لنتنياهو كلما طالبت الحرب واستمرت فانه يكون اكثر حماية. هناك أسباب جيدة كثيرة لانهاء الحرب وإعادة المخطوفين. والى حين حدوث ذلك فان هذا سيكون تحد، وسيكون من غير المحتمل مطالبة نتنياهو بتحمل المسؤولية عن افعاله. للأسف الشديد، هذا بالضبط ما يعطيه الدافعية لمواصلة واطالة الازمة.
منذ المذبحة أساس دعم نتنياهو بقي ثابت. كلما جمعنا أدلة على الإهمال والتخلي الذي أدى الى الهجوم، ورغم أنه تثور شبهات خطيرة ضد موظفي مكتبه، فان مؤيديه يواصلون الدفاع عنه باستماتة. الجميع متهمون باستثناءه هو نفسه. هم يهاجمون الجيش، الشباك والمحاكم. هو ليست له صلة. أنا أعتقد أنني اعرف كيف يعمل ذلك، نفسيا، لكن ماذا يوجد للعلوم السياسية لقوله حول ذلك؟.
“هذه ظاهرة واسعة الانتشار. في كل الدول ذات الصلة في ارجاء العالم نحن نرى بأن المخلصين للزعيم يتمترسون بقوة في مواقعهم ويقومون بتعميق الدعم له، إزاء منتقديه ومعارضيه. من المهم أننا نرى في الأبحاث بأن هؤلاء الأشخاص الذين يؤيدون بدون تحفظ الزعماء الذين يدمرون الديمقراطية كمؤيدين للديمقراطية وحتى كمدافعين عنها. ما يحدث هو أنهم ببساطة يغيرون كليا رؤيتهم بخصوص معايير السلوك في الديمقراطية، بحيث أن الافعال غير الديمقراطية للزعيم تعتبر في نظرهم أفعال ديمقراطية. الامر الحاسم في هذا السياق هو ما نسميه “ايليت كيوز” (إشارات النخبة). الفكرة هي أنه عندما تلتقي النخب والشخصيات البارزة في حزب الحاكم وفي دائرته الداخلية ينشرون تصريحات الدعم له ولافعاله ويقولون بأنه لا يفعل أي شيء سيء، فان هذا يرسل للمواطنين رسالة واضحة بأن كل شيء على ما يرام وسليم. نحن شاهدنا ذلك يحدث في الولايات المتحدة عندما سار جمهوريون عاديون في اعقاب إشارات النخبة الجمهورية بعد هجوم كانون الثاني 2021 (حادثة الكابيتول). ولأن المستويات الارفع في الحزب وقفت من وراء ترامب ودافعت عن دوره في اعمال الشغب فان الجمهوريين العاديين هم أيضا قاموا بتغيير مواقفهم بخصوص الحادثة. هذه الديناميكية تزداد كلما نجح القائد في أن يجمع حوله نخب كثيرة تدافع عنه بشكل علني وتؤيد ما يفعله”.
ماذا بخصوص الاحتجاج؟ في إسرائيل الاحتجاج يحدث بقوة متغيرة منذ سنوات. نحن شاهدنا ما حدث مؤخرا في تركيا وفي جورجيا. فهل الاحتجاجات بشكل عام تؤثر على هذا النوع من الزعماء والأنظمة؟ ما الذي يمكن تعلمه من الأبحاث عن الاحتجاج الناجع؟
“مبدئيا الاحتجاجات هي طريقة ناجعة للمعارضة في حالة وجود حاكم يستغل المنصب من اجل تعزيز قوته بشكل غير قانوني أو غير ديمقراطي. النجاح بالطبع غير مضمون، لكن البحث يشير الى أنه عندما لا توجد أي معارضة فان عملية انهيار الديمقراطية ستسير بسرعة اكبر. الاحتجاج يشجع أيضا المؤسسات والأنظمة، مثل منظومة القضاء، على العمل من اجل الدفاع عن حقوق المواطنين. ونحن نرى امثلة جيدة على ذلك في ملاوي وفي مولدوفا. ولكن في الدول التي أصبحت ديكتاتورية مثل تركيا، فان الحاكم الذي يحكم تمكن من تجميع قوة زائدة وتوجد لديه أدوات كثيرة لقمع المتظاهرين. في هذا الوضع ليس فقط الاحتجاجات تعرض للخطر المحتجين، بل لا يوجد تقريبا أي احتمالية للاحتجاج نفسه لاقصاء الحاكم الذي يتولى منصبه”.
أنت تحققين في الطريقة التي يستخدم الزعماء الديكتاتوريين فيها الخوف من اجل ترسيخ الحكم والسيطرة. هذا بالطبع يحدث هنا في إسرائيل أيضا. هل هذا واضح حسب رأيك في الخطاب السياسي في إسرائيل؟ ماذا عن الاستخدام المتلاعب للوطنية، حيث يتم تصنيف كل كلمة انتقاد للحكومة بأنها خيانة؟.
“الزعماء المستبدون يحصلون على فائدة كبيرة من أن الناس يخافون منهم. لذلك، هم يستخدمون القمع بصورة استراتيجية من اجل اثارة الخوف أيضا في أوساط النخب وفي أوساط الجمهور. الهدف هو الوصول الى وضع من الرقابة الداخلية. أن يخاف المواطن العادي من القمع، لذلك هو يمتنع عن تحدي الحاكم. المثال البارز على ذلك هو صعود كيم جونغ أون الى سدة الحكم في الوقت الذي قام فيه على الفور بتصفية عمه، الذي يعتبر الشخص الأقوى الثاني في كوريا. حسب التقارير هو فعل ذلك بوحشة بشكل خاص. الأمثلة الاحدث هي اعتقال مدنيين عاديين بسبب مشاركتهم في احتجاج غير عنيف. الزعماء المستبدون تعودوا على اثارة لدى المواطنين أيضا الخوف من البديل. “كيف ستكون حياتكم عندما أنا، الزعيم القوي، لا أكون في السلطة؟”. لذلك فان لديهم دائما مصلحة في خلق عدو مشترك، هذا يمكن أن يكون دولة أخرى كما تفعل الحكومة الإيرانية والحكومة الروسية مع الولايات المتحدة، واحيانا يمكن أن يكون مجموعة معينة مثل المهاجرين. الحاكم يستخدم عقلية “إما نحن أو هم” من اجل تجنيد المزيد من التأييد وعرض نفسه كزعيم وحيد وقوي بما فيه الكفاية لمواجهة العدو. ويرسم صورة بائسة ومخيفة لما يمكن أن يحدث اذا راكم العدو القوة والنفوذ. هذا يسمح له بحرف الانتباه عن تحديات أخرى تواجهها الدولة. بالمناسبة، على الاغلب التحديات التي جاءت من صنع يده أو هو المسؤول عنها، وتبرير الحاجة الى “شخص قوي” في الحكم. عندما يكون الحكم استبدادي فان “أمن الأمة” يصبح ذريعة بغطائها يقومون بالمس بالمعارضين والمنتقدين. محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا في 2016 تجسد ذلك بشكل جيد، حيث أن اردوغان في نهاية المطاف استغلها لتبرير موجة كبيرة من اعتقال المعارضين”.
أنت تكثرين الانشغال بنموذج الزعماء الذين يستغلون المنصب من اجل تدمير الديمقراطية من الداخل. فهل حالة إسرائيل تشبه ما يحدث في دول أخرى؟ هل هناك عوامل تميزها؟
“إسرائيل تحت حكم نتنياهو تعرض نفس النماذج لزعماء آخرين انتخبوا بصورة ديمقراطية ويستغلون مناصبهم من اجل تقويض الديمقراطية. العملية بطيئة وتدريجية. هؤلاء الزعماء يقومون بخطوات ضد كل الأنظمة التي من شأنها أن تكبح قوتهم وتقيدها – منظومة القضاء، جهاز الامن والإدارة. عندما يحصلون على اغلبية في التشريع فان هذه العملية تنطلق الى الامام بشكل هستيري. مع ذلك، هناك عدة عوامل تفصل وتميز حالة إسرائيل. الأكثر أهمية من بينها الحرب. وكما كتبت في السابق فانه طالما أن الحرب مستمرة فان نتنياهو فقط يكسب من ذلك. ربما أن معارضة طريقة ادارته للحرب وأزمة المخطوفين يمكن أن تكون قاسم مشترك لحركة احتجاج موحدة وواسعة. البحث يعلمنا أنه عندما يكون الاحتجاج والمعارضة منفصلين يكون من السهل على الحاكم تسريع عملية انهيار الديمقراطية”.
ابحاثك تتناول الطريقة التي يستخدمها الزعماء الذين يعملون على تقويض الديمقراطية في الدعاية وفي السيطرة على الدولة. نتنياهو قام بتطوير ما يسمى في إسرائيل “ماكنة السم”، نظام بيئي اعلامي قوي ينشر رسائله ويضخمه ويهاجم المعارضين ويحدد المذنبين. كيف تعمل آلة سم نتنياهو مقارنة مع دول أخرى قمت بفحصها؟ هل توجد لها خصائص متميزة؟
“هذه نماذج تكرر نفسها في كل هذه الدول. في هنغاريا اوربان مثلا، الجزء المهم في السيطرة من خلال المنصب هو التركيز على وسائل الاعلام. اوربان قام بدمج جميع قنوات التلفاز والاعلام الحكومي في منظمة اعلام جديدة أدارها حزبه. وهو أيضا خلق جسم حكومي جديد يراقب نشاطات جهاز الاعلام، وهو جسم بالطبع تتم ادارته من قبل مؤيديه. في العام 2017 اوربان ومؤيديه سيطروا على 90 في المئة من وسائل الاعلام في هنغاريا. هذا كان جزء من استراتيجية أوسع من اجل ترسيخ السيطرة، وفي 2018 معظم الخبراء تعاملوا مع هنغاريا على أنها دولة استكملت عملية إعادة التشكل الى نظام ديكتاتوري. هذا أيضا ما يفعله ترامب في الولايات المتحدة، رغم أنه في حالته هو يركز اكثر على اقصاء وسائل الاعلام التقليدية، على الاغلب بواسطة استخدام وسيلة اعلام جديدة مثل شبكة “سوشيال تروث”. جهوده في أن يصل الى رقابة ذاتية في أوساط أجهزة الاعلام بواسطة دعاوى قضائية مقلقة جدا”.
أنت تكثرين من الكتابة عن الطريقة التي فيها الحركات الشخصانية تهدد الديمقراطية. الليكود في ظل نتنياهو هو حزب شخصاني، نتنياهو طهر صفوفه من ورثة ومعارضين محتملين. الحزب الآن ليس إلا خاتم مطاطي لصالحه. جميع القرارات يتم اتخاذها بالاجماع. ما الذي يمكن تعلمه من ابحاثك عن شخصنة السياسة في إسرائيل؟ كيف تساهم في الاستقطاب؟.
“الأحزاب الشخصانية تشكل تهديد جوهري على الديمقراطية. الفكرة هي أن كبار شخصيات الحزب يرون مستقبلهم السياسي مرتبط بشكل وثيق بمستقبل الزعيم. لذلك فان أي تشكيك أو انتقاد للزعيم يعتبر بالنسبة لهم انتحار سياسي. إضافة الى ذلك يوجد لرؤساء هذه الأحزاب حرية عمل في كل ما هو مرتبط بالتعيينات. فهم يقومون بتعيين الموالين لهم في مناصب رفيعة وفي أماكن نفوذ ويفضلون الولاء على الكفاءة. في بنية حزبية “تقليدية” كما يبدو فان مصلحة الحزب نفسه مهمة لاعضائه. لذلك، هم سيعارضون، بشكل علني أو في الغرف المغلقة، أي سلوك يظهر لهم غير سليم، أو الاضرار التي يتسبب بها الزعيم للحزب عندما يتصرف بهذه الطريقة. بالنسبة للأحزاب الشخصانية هذا ببساطة غير موجود. فهناك فقط استخذاء للزعيم وتأييد كامل له، حتى عندما ينفذ اعمال مناوئة للديمقراطية (وغير حكيمة بشكل خاص). نحن نرى المزيد من هذه الأحزاب التي تصل الى الحكم في دول مختلفة والضرر الكبير على الديمقراطية. البحث يظهر بالضبط كيف يحدث ذلك. الاغلبية تشريعية وتقليل قيود السلطة التنفيذية على حساب السلطة القضائية والادارة السليمة، وبالطبع مبادرات وجهود لتمديد الولاية. البحث يظهر أن هذه النشاطات المناوئة للديمقراطية تستقطب المجتمع وتزيد الانقسام. الامر المقلق جدا هو أن نشاطات هؤلاء الزعماء تزيد احتمالية أن مؤيديهم سيدعمونهم حتى بالعنف السياسي”.
في الأسابيع الأخيرة تطورت مواجهة بين نتنياهو ورئيس الشباك رونين بار. نتنياهو حاول اقالته بذريعة عدم الثقة. بار رد برسالة شديدة اللهجة، كشف فيها، ضمن أمور أخرى، بأن نتنياهو حاول استخدام جهاز الامن لاغراضه الشخصية. ما معنى توسيع الصدام بين الحاكم وبين جهات امنية رفيعة، باستثناء محاولة تحييد المعارضة وتركيز القوة؟.
“من وجهة نظر خبير في الديمقراطية فان رئيس جهاز الامن الذي يخرج علنا ضد الحاكم الذي يتوق للقوة هو تطور إيجابي. أنت تريد رؤية النخبة والمستويات العليا تكشف الحاكم وافعاله. على الاغلب نحن لا نرى هذا النوع من الاستقامة عندما يكون الحاكم مدعوم من حزب شخصاني. بالعكس، الشخصيات الرفيعة على أنواعها تصبح رجال “نعم”، متملقون ومتعاونون. بهذا المعنى هذا “صحي” جدا، أن رونين بار احتج ضد نتنياهو امام الجمهور. نحن نرى أيضا ما يحدث مثلا مع ترامب وجهوده لتطهير أجهزة الامن من كل شيء يمكن أن يخالف رأيه. السؤال هو ما الذي سيحدث الآن؟ اذا نجح نتنياهو وبحق في اقالة رونين بار فان هذا سيكون تطور سلبي جدا، يعرض أيضا الامن القومي للخطر، لأن مثل هؤلاء الحكام يستبدلون من ينجحون في اقالته بموالين ليست لهم تجربة مناسبة أو غير مؤهلين للمنصب”.
نتنياهو يزور في هذه الفترة هنغاريا. لقد التقى مع فيكتور اوربان، ومن هناك يتوقع أن يسافر الى واشنطن للالتقاء مع ترامب. ترامب واوربان هما زعيمان قمت ببحثهما بتوسع. كيف يندمج نتنياهو في هذا التوجه العالمي لزعماء مستبدين؟ ما الذي يمكن تعلمه من اختياره التقرب منهما؟.
“من غير المفاجيء حقا بأن نتنياهو يريد تحسين علاقته مع اوربان. نحن نرى أن ذلك يحدث أيضا مع ترامب، الذي سعى الى التقرب وتسخين علاقته مع اوربان، بوكلا وميلاي، وهذه قائمة جزئية، يدرك أن هذه العلاقات ستفيد الطرفين. الزعماء الذين يتوقون للقوة يحبون تطوير علاقات ودية مع زعماء مثلهم، لأن ذلك يجعل سلوكهم يظهر طبيعي وسليم. مهم التذكر أن اوربان دمر الديمقراطية في هنغاريا بعد صعوده الى سدة الحكم للمرة الثانية. الزعماء الذين حصلوا على القوة وفقدوها، وبعد ذلك نجحوا في العودة الى الحكم، يمكن أن يكونوا خطيرين جدا، لأن خسارتهم علمتهم دروس مهمة، وهم يعيدون تنظيم انفسهم من اجل عدم تكرار أخطاء الولاية الأولى. واكثر من ذلك هو أن الناخبين لا يشككون في نواياهم، لأن الديمقراطية اجتازت الولاية الأولى بدون ضرر. نحن نسمع ذلك كثيرا من الجمهوريين في الولايات المتحدة الآن. المسألة هي أنه في الوقت الذي لم يكن فيه ترامب في السلطة فقد عمل بصورة مباشرة وبطرق كثيرة من اجل الحصول على السيطرة الكاملة على الحزب الجمهوري. والآن في جولته الثانية كرئيس هو يوجد في تماهي مطلق مع الحزب. الامر الذي يمكنه من تطبيق، بدرجة اكبر وبقوة اكبر، اجندته المناوئة للديمقراطية”.
متى سيُسلمون ويدركون أن الديمقراطية اجتازت نقطة اللاعودة؟ اي إشارات كهذه أنت ترينها في إسرائيل الآن؟.
“في نهاية المطاف الديمقراطية تتجسد في انتخابات حرة ونزيهة للقيادة. نقطة اللاعودة هي عندما لا تكون الخيارات هكذا. هناك مجموعة كبيرة من طرق فعل ذلك. ففي المجر قام اوربان بتغيير القوانين لصالح حزبه. وبوكيلا في السلفادور خلق مناخ اعلامي تسبب بالضرر للمتنافسين ضده. من هذه الزاوية إسرائيل ما زالت تعتبر دولة ديمقراطية. عندما نرى مس بقدرة معارضي نتنياهو على التنافس على السلطة بصورة نزيهة أو نشخص أساليب تستهدف المس بالعملية الحرة والنزيهة، سنعتبر ذلك نهاية الديمقراطية في إسرائيل. هذا ليس الوضع في هذه الاثناء، لكن مهم جدا الادراك بأن جميع التكتيكات التي يستخدمها هؤلاء الزعماء لترسيخ حكمهم وسيطرتهم ضد المحاكم ووسائل الاعلام والإدارة السليمة وأجهزة الامن – تمهد الطريق امامهم للتدخل في الانتخابات والاضرار بنزاهتها”.
الحكم الشعبوي – الديكتاتوري يتعزز في ارجاء العالم. يمكن الافتراض أن هذا التوجه سيزداد ويتعزز. لا يوجد للديمقراطية حقا أي طريقة للدفاع عن نفسها امام الحاكم الذي يقوم بالقضاء عليها من الداخل. ربما النظام الديمقراطي لم يعد مناسب لهذا العصر. في الوقت الذي فيه الزعماء السامين يهمسون في أذن المصوتين بصورة مباشرة ويحمسونهم ويؤطرون من اجل الوقائع. هل تعتقدين أن الديمقراطية يمكن أن تجتاز عصر الشبكات الاجتماعية وما بعد الحقيقة؟.
“لا شك أن هذا هو عامل مهم. وسائل الاعلام الجديدة تسهل على هؤلاء الزعماء تجاوز المؤسسات والاتصال مباشرة مع المواطنين، وهم حقا يستخدمونهم من اجل السيطرة على الرواية التي يستهلكها المواطنين. نحن نرى المزيد من المجتمعات المستقطبة والممزقة، في حين من يؤيدون الحاكم الذي يتولى منصبه ومن يعارضونه يعملون في بيئتين منفصلتين للاعلام، على الاغلب منحازة ومضللة. للأسف، أنا اعتقد أنه يوجد لنا سبب جيد للقلق. فاندماج وسائل الاعلام الجديدة وتراجع قدرة المواطنين على الفهم والتحليل بشكل انتقادي وفحص المعلومات التي يطلعون عليها، يمهد الطريق امام المزيد من الزعماء “الأقوياء” من قبل انفسهم، الذين يصعدون الى الحكم بدعم أحزاب ضعيفة وشخصانية، ويبيعون رسائل “رجلهم القوي” بصورة تقنع المؤيدين. مع ذلك، حتى لو على مستوى جهود البحث، لا يوجد خلاف بأن النظام الديمقراطي هو الطريقة الوحيدة للاهتمام بحقوق المواطن وضمانها. ومن اجل الحفاظ على الديمقراطية وتعزيزها في ارجاء العالم يجب على المواطنين الربط بين النقاط ومعرفة ما الذي يضر الديمقراطية وكيف تكون الديمقراطية السليمة بالفعل”.
سؤال أخير وشخصي اكثر. ترامب اعلن الحرب على الاكاديميا. هل يمكنك اشراكنا في تحدياتك كباحثة تعمل في تفكك الديمقراطية، في الوقت الذي تشاهدين فيه تأثير تفكك الديمقراطية في محيطك القريب؟.
“لحسن الحظ، أنا شخصيا على ما يرام. لم تكن لي منح كبيرة تأثرت بسياسة ترامب، وهذا في هذه الاثناء هو الطريقة الرئيسية التي يقمع فيها الاكاديمية. أنا أيضا لم يتولد لدي الانطباع بأننا اصبحنا في وضع فيه الاكاديميون بدأوا في الرقابة الذاتية أو الابتعاد عن تناول مواضيع لا تروق لترامب. مع ذلك، أنا اقلق بالطبع من الحرب التي اعلنها ترامب على الجامعات. فقد أوضح أنه بالنسبة له هي تعتبر تهديد. واذا اصبح ترامب قادر على الاستمرار في حملة الضغط على الجامعات وحريتها، واذا سمحت له المحاكم بالتقدم، فنحن نتجه نحو سنوات ظلامية بشكل خاص”.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 15/4/2025
محادثات أمريكا مع ايران هي فخ عسل
بقلم: أمنون لورد
ليس واضحا لماذا بالضبط في التوقيت المأزوم حيال ايران، وبدء مفاوضات أمريكية مع خيار عسكري كمسدس على الطاولة، يختار شبابنا المتميزون إطلاق رسالة تمرد ورفض تجاه قيادة الجيش الاسرائيلي والحكومة. الانطباع هو ان ثمة محافل عسكرية من المتقاعدين ممن يحاولون السيطرة على الجيش الإسرائيلي وعلى جهاز الامن من الخارج. ان يقرروا للقيادة العسكرية اهداف الحرب في الوقت الذي تقود فيه خطوة ضد حماس كجزء من الجهد لاعادة المخطوفين. هذا بالتأكيد لا يخفى عن ناظر القيادة الإيرانية التي تعتمد الى مكانتها الدولية من خلال المفاوضات على اتفاق نووي جديد.
في نظرة الى إسرائيل يمكن للايرانيين أن يطرحوا علامة استفهام فيما اذا كانت إسرائيل بعد عودة 6 أكتوبر قادرة على أن تحقق خطوة هجومية ضدهم. لكن من يحضر أساسا في ساحة المفاوضات هي إدارة ترامب. في القيادة يوجد ستيف ويتكوف. لكن ليس ويتكوف، الذي توجد له اعمال تجارية واسعة مع قطر وليس الرئيس ترامب يفهمان بعمق كل موضوع النووي، وبخاصة مشكلة النووي الإيراني. ويتكوف يفترض ان يفهم أيضا الاخوان المسلمين وكذا الخلفية التاريخية للحرب الروسية الأوكرانية. فعمليا هو لا يفهم شيئا. بل واقل من الخبير الذي خطط منظومة الجمارك والقى ببطانية رطبة على كل العالم. كل سبب وجود ويتكوف في الإدارة هو عقد صفقات لترامب، وشهية النجاح والرغبة في تحقيق نتائج تفوق لديه كل اعتبار آخر.
إضافة الى ذلك يأتي الامريكيون الى المحادثات مع القيادة الإيرانية فيما يحملون حملا منقسما: من جهة الفشل الذريع في موضوع ا لجمارك الذي هز العالم. من جهة أخرى، عمل قوي ومصمم ضد الحوثيين في اليمن. اثر الصدمة الاقتصادية أضعف صورة إدارة ترامب مثلما خرب الانهيار الأمريكي في أفغانستان في آب 2021 إدارة بايدن. ان السلوك الفوضوي لترامب تجاه حلفائه يبث للعالم انعدام خبرة، انعدام تخطيط ومستوى تفكير متدن.
ينبغي الافتراض بان الإيرانيين الذين يتميزون بالدهاء يرون هذا. إسرائيل عمليا قدمت لترامب ايران على طبق من فضة: اضعف من أي وقت مضى، عديمة القدرة الحقيقية على التهديد مكشوفة امام الهجمات الجوية. وبالتالي فان السؤال باي قدر يتأثر زعماء ايران بانذار ترامب – إما أن تأتوا الى اتفاق أو نهاجم لكم النووي. واذا لم نكن نحن، فسنبعث اليكم بالشرطي السيء، بيبي. كان واضحا منذ البداية بان ترامب يفضل التصدي للنووي الايراني من خلال صفقة ذات مضمون وليس صفقة على نمو أوباما وبعدها اقتراحات الرئيس بايدن ومبعوثه روب مالي.
لإسرائيل توجد مطالب حد اقصصى محقة؟ لكن ترامب اشغال المستوى المتوسط من مؤسسته الأمنية باناس يفكرون في موضوع الشرق الأوسط مثل أوباما، بقدر ما يبدو هذا غريبا. يدور الحديث عن أسماء مثل مايكل دينينو أو نائب وزير الدفاع آلبردج كولبي. ناهيك عن دعائيين مثل تاكر كارلسون. من المتوقع للايرانيين أن يحيدوا الأمريكيين في فخ عسل يكون على ما يكفي من الاغراء لمواصلة المفاوضات لاجل منع إسرائيل من الهجوم، لكن مثل العسل سيكون هذا طلاءً.
------------------------------------------
واي نت 15/4/2025
المفتش العام للشرطة لا يقوم باحصاء العنف في المجتمع العربي
بقلم: عيناب شيف
في الوقت الذي بدأ فيه المراسلون والمحللون يربطون التاج للمفتش العام بعد أن تجرأ على القول بأن الشرطة ستمتثل للقانون – نعم نحن وصلنا الى هناك – وحللوا حسب جميع تعابير الوجه شبكة علاقته مع الوزير، فان منظمات الجريمة في الوسط العربي لن تسمح لهذه الاحتفالات بتشويش الروتين اليومي لها: 11 شخص قتلوا في الأيام الخمسة الأخيرة، أيضا هذا ينطبق فقط عند كتابة هذه السطور. عندما يصل الامر الى حياة العرب في إسرائيل فان كل ثانية تحدد النسبة. بالاجمال يبلغ عدد ضحايا القتل في هذا القطاع منذ بداية السنة 74 شخص مقابل 55 في الفترة الموازية في السنة الماضية (ملاحظة إحصائية: حتى لو كان الإحصاء يختلف أحيانا، إلا أن البيانات والعلاقة بينها متشابهة بما فيه الكفاية).
لكن يجب عدم القلق. ففي نفس الجولة الشهيرة التي جرى فيها كما يبدو اعلان استقلال المفتش العام دان ليفي، هو أيضا ساهم في طرح ملاحظة هامة. “أنا لا أقوم باحصاء الجثث”، قال. “أنا اعمل مع برنامج”. الخطة كما يبدو هي عدم إحصاء الجثث لأن المفتش العام للشرطة يمكن أن لا يكون قادر على مواكبة ذلك، أو ببساطة سيكون من غير الممتع التحقق ما اذا كان المفتش العام للشرطة ليفي سيتذكر الرقم الذي سيأتي بعد 244، وهو عدد الأشخاص الذين قتلوا خلال سنة 2024 كلها، حيث تأثرت البيانات بالحرب. بهذا المعدل يجب أن يتدرب على مناطق الـ 300 فما فوق.
اذا كان هناك عدد قليل من الاشخاص قد انتبهوا لجملة “أنا لا أقوم باحصاء الجثث”، فان هناك عدد اقل استمعوا الى تفاخر آخر للمفتش العام للشرطة عندما قال: “أنا في أربعين سنة من الخدمة أعرف بالضبط ما افعله مع كل التجربة”. في توثيق الاقوال يمكن رؤية الوزير ايتمار بن غفير وهو يقف في الخلفية وينثر ابتسامة سعيدة، بالضبط عندما قال المفتش العام للشرطة ليفي بأنه “يعرف بالضبط ما يجب عليه أن يفعل”. يمكن أن نتفهمه: بن غفير، الذي هو واحد بالتأكيد لم ينم في الليل من كثرة قلقه على الجمهور العربي، بالتأكيد يتذكر أنه عندما كان المفتش العام للشرطة قائد لواء الشاطيء فقد عرف “بالضبط ما يجب عليه فعله”، لذلك فان بيانات القتل في هذا اللواء الذي كان تحت قيادته سجلت الارتفاع الأعلى مقارنة مع الالوية الأخرى.
القراء مدعوون لتخمين ما هو أصل معظم الضحايا. في موازاة ذلك، هذا اللواء تم تصنيفه في المكان الأخير في مؤشر “المناخ التنظيمي”، الذي يفحص معايير مثل التآكل، الثقة والرغبة في الاستقالة. واذا كان المفتش العام قد لوح بمقولة “في كل تجربته” فان المطلوب هو الإشارة الى أنه في زمن تعيينه كان المفتش الأقل تجربة في جهاز الشرطة.
بكلمات أخرى، اذا كان يوجد شخص له سجل لا يثير الانطباع (على اقل تقدير)، يقول بأنه “يعرف بالضبط ماذا يجب عليه أن يفعل مع كل تجربته”. فانه من الأفضل للعائلات المعيارية والبائسة، التي رعب الموت يحلق فوقها، أن تجمع أغراضها وتغلق بابها عليها. المؤمنون مدعوون أيضا للصلاة، وحتى الملحدون يعترفون أنه يوجد في ذلك منطق أكثر من الاعتماد على الشرطة برئاسة مفتش عام وصل الى هذا المنصب في الوقت الذي يتميز فيه بالأساس بما يهم السلطة، أي تنغيص حياة المتظاهرين.
بالمناسبة، لذلك توجد مفارقة في النقاش الذي وصل منذ ذلك الحين الى مستوى “المواجهة” المغطاة إعلاميا بين المفتش العام للشرطة وبن غفير حول صحة الادعاء الذي يقول “الشرطة سقطت”. فرغم أنه توجد لهذا النقاش تأثير خطير على الديمقراطية إلا أن ذلك ما زال صرخة تصل في معظمها من جمهور عزيز يهتم كثيرا، لكن لديه عدد غير قليل من الميزات مقابل 20 في المئة من السكان. بالنسبة لهم الشرطة “لم تسقط”، بل هي حتى غير موجودة. هؤلاء ليسوا جثث لا يقوم باحصائها المفتش العام، بل هؤلاء هم كل الجمهور العربي.
-------------------------------------------
هآرتس 15/4/2025
عريضة الطيارين وضعت سؤال مهم، هل الصدع الدموي سيتم اغلاقه؟
بقلم: عودة بشارات
هل الاحتجاج في اسرائيل بدأ يستيقظ؟. هذا السؤال الذي يتم طرحه بعد عريضة الطيارين التي وقع عليها 950 من رجال الطواقم في سلاح الجو من الاحتياط والمتقاعدين. “استمرار الحرب لن يفيد أي هدف معلن لها وسيؤدي الى موت مخطوفين وجنود ومدنيين ابرياء”، كتب في العريضة. هنا يظهر أمر جديد وهو أنه للمرة الاولى يتم ذكر في رسالة احتجاج من هذا النوع في نفس الوقت للمخطوفين، الجنود والابرياء (الفلسطينيين). هناك اشخاص هذا الامر يتسبب لهم بوجع بطن شديد. يا للعار. يقارنون بين دم اليهود ودم الفلسطينيين. يجب تشكيل لجنة تحقيق في اسرع وقت.
يبدو أن العريضة، كما قالوا ذات يوم، كتبت باليد اليمنى واليد اليسرى. فمن جهة يكتبون أنه يجب اطلاق سراح المخطوفين حتى بثمن انهاء الحرب، وكأن الامر يتعلق بحكم قاطع. ومن جهة اخرى يقولون إنه “فقط الاتفاق يمكن أن يعيد المخطوفين بسلام… في هذه الاثناء الحرب تخدم بالاساس مصالح سياسية وشخصية”. ولكن هذا اسلوب عريضة، الكثير من الاشخاص ذوي المقاربات المختلفة، يجب الموافقة على صيغتها. بالاجمال، الحديث يدور عن تطور ايجابي، الذي للمرة الاولى يبرزون فيه الهدف الرئيسي، وقف النار ووقف القتل.
بعد خرق نتنياهو لوقف اطلاق النار فان حركة الاحتجاج في اسرائيل يجب أن تنتقل الى مرحلة جديدة، أي التركيز على السؤال الرئيسي: ما هو توجه الدولة؟ هل الى حرب لانهائية أو حل سياسي، الذي من شأنه أن يأتي في نهاية أي حرب. رسالة الطيارين وضعت هذا السؤال على الطاولة.
حركة الاحتجاج الحالية تمتد بين روني وبيبي. حركة التي على رأس اهتمامها يتف حماية رئيس الشباك هي حركة غير معقولة. لأن النضال ضد خرق وقف اطلاق النار، واستئناف القتال في غزة هو ايضا نضال ضد رئيس الشباك، حيث أنه بعد بضع ساعات من اقالته المهينة وقف الى جانب رئيس الاركان وقائد سلاح الجو وقاد معهم هجوم دموي فظيع ضد الفلسطينيين – الهجوم المستمر حتى الآن. كيف أن احتجاج مدني يشمل ابناء عائلات المخطوفين يمكن أن يؤيد شخص يقود هجوم يعرض حياة ابناءهم للخطر؟ في هذا السياق لا يوجد مكان للعرب أو القوى الجدية في الشارع اليهودي، ترسم طريق لانهاء النزاع.
عريضة الطيارين جاءت لتهمس في أذن رؤساء الاحتجاج من اجل وقف لعبة الاستغماية، والقول بصوت عال بأنهم ضد الهجوم المتجدد على سكان غزة – الذي هو السبب في الوحل الذي تغرق فيه كل المنطقة. نعم، أنا اعرف بأن الرد سيكون “لماذا لا توجه انتقادك لحماس؟”. أيها السادة، شر حماس ما زال على حاله، لكن من يقرر الآن هم رؤساء اذرع الامن في اسرائيل. فهم يمكنهم اغلاق الصدع الدموي أو فتحه على مصراعيه. مهم القول بأن ما يسمى هنا “حرب” ليس إلا خدعة. فالاجنبي الذي يسمع هذه الكلمة يتخيل معركة من الجو وبالدبابات. ولكن ما يحدث في غزة بالفعل هو هجمات بواسطة السلاح الاكثر تقدما في العالم ضد اشخاص لا توجد لهم أي حماية، سواء ملاجيء أو اماكن محصنة أو صافرات انذار. جميعهم تحت رحمة اسرائيل، كل غزة مفتوحة على مصراعيها امام الطائرات الاسرائيلية.
بعد شهر على استئناف الهجوم قتلت اسرائيل اكثر من 1500 فلسطيني، معظمهم من الاطفال والنساء والشيوخ واشخاص غير متورطين، وكل ذلك تقريبا بدون أن تعرض للخطر حياة أي جندي، باستثناء مصابين، واحد بسبب رصاصة، وثلاثة مدنيين اصيبوا اصابات طفيفة في الجنوب.
على الرغم من ذلك هناك جهات عسكرية، التي كان يمكن التوقع بأنها آخر من سيدق الجرس، انضمت الى عريضة الطيارين في ارسال رسائل واضحة ضد الحرب. لقد اصبحوا رأس الحربة – قبل المعارضة البرلمانية المخصية، وقبل رؤساء الاحتجاج. السؤال المهم هو كيف يمكن ترجمة هذه الخطوة الى قوة رائدة تغير الواقع في اسرائيل.
-------------------------------------------
هآرتس 15/4/2025
مفاوضات النووي الايراني: لعبة الشطرنج بدأت لكن الأهداف النهائية تنتظر الصياغة
بقلم: تسفي برئيل
اللقاء الاول بين الوفد الايراني والوفد الامريكي في يوم السبت الماضي اثار اجواء متفائلة. هذا شمل اعتبار اللقاء “محادثات بناءة”، والاتفاق على الالتقاء مرة اخرى في يوم السبت القادم في عُمان أو في اوروبا، والتقارير بأن المبعوث الامريكي ستيف ويتكوف، الذي تبادل بضع الكلمات المباشرة مع نظيره الايراني عباس عراقجي، وحتى أنه عرض مسودة اتفاق، تم ارسالها للاطلاع عليها ومناقشتها في النظام في ايران، وتصريح الرئيس ترامب بأن “المحادثات جيدة جدا”. ولكن كل ذلك بعيد عن أن يشير الى بداية الاتفاق.
عراقجي، الذي ترأس الوفد الايراني للتفاوض حول الاتفاق النووي الجديد في فترة ولاية الرئيس جو بايدن، فان هذه التجربة تذكره بالتفاؤل الذي ساد في نيسان 2021. ففي حينه ظهر أن الطرفين قريبين من التوصل الى اتفاق تاريخي، وحتى أن الرئيس الايراني في حينه حسن روحاني اعلن بعد شهرين بأنه “اذا توفرت الرغبة وحصل رئيس طاقم التفاوض الايراني عباس عراقجي على الصلاحيات اللازمة فان الادارة الامريكية يمكن أن ترفع العقوبات الآن”.
الرغبة المبدئية، اي مباركة الزعيم الاعلى علي خامنئي، كانت وما زالت موجودة الآن ايضا. ولكن بعد ذلك تم تجميد المفاوضات بانتظار دخول الرئيس الجديد المنتخب ابراهيم رئيسي، ولم يكن من الواضح اذا كان خامنئي سيطلب الانتظار الى حين تتويجه من اجل اعطاء له “هدية التوقيع” على الاتفاق، أو أنه سيعطيها على أي حال لروحاني، كهدية وداع. ايضا في هذه المرة، مثلما في العام 2021 وفي العام 2013، في حينه صادق على اجراء المفاوضات التي أدت الى الاتفاق النووي الذي وقع عليه في 2015، خامنئي اظهر نفس “الليونة البطولية” عندما سمح لطاقم المفاوضات الايراني باستئناف المفاوضات مع الامريكيين بعد شهرين على قوله “لا يوجد أي شيء مقدر أو حكيم” في مثل هذا الحوار.
لكن توجد فجوة كبيرة بين الظروف التي نتجت عنها تلك المفاوضات وبين المفاوضات التي بدأت أول أمس. في هذه المرة المفاوضات هي امريكية – ايرانية، لا تشمل الدول التي وقعت على الاتفاق النووي الاصلي، والاتفاق اذا تم التوقيع عليه فسيتم تسجيله على اسم الرئيس الذي تحركه الأنا الكبيرة وانعدام الكوابح. ربما في ذلك تكمن الاحتمالية الحقيقية لنجاح الاتفاق.
المفاوضات تجري في ظل تهديد عسكري امريكي مباشر وصريح، يشمل ايضا “الحد الاقصى من الضغط”، الذي حرر قيوده قليلا الرئيس بايدن، وفي الوقت الذي تعيش فيه ايران احد فترات الضعف. فـ “حلقة النار” التي بنتها بجهد كبير انهارت في معظمها؛ وهي لم تعد تستطيع أن تبيع نفس كمية النفط الضخمة التي تبلغ 2 مليون برميل في اليوم؛ ايضا الاتفاقات الاستراتيجية التي وقعت عليها مع روسيا والصين لا تضمن لها مساعدات عسكرية مباشرة اذا تمت مهاجمتها.
في العام 2021 كانت ايران هي التي أملت الجدول الزمني للمفاوضات، الذي استند الى التطورات السياسية في ايران. الآن ايران موجودة بين ساعتي توقيت لا تسيطر عليهما، احداهما هي الموعد النهائي الذي حدده الرئيس ترامب لبلورة الاتفاق – شهران بعد ارسال الرسالة الى خامنئي في منتصف شهر آذار. الثانية هي الموعد الاخير الذي تستطيع فيه الدول الموقعة على الاتفاق استخدام عملية “آلية الارجاع” المنصوص عليها في الاتفاق النووي الاصلي، أي اعادة تفعيل العقوبات الدولية المفروضة على ايران. هذا التاريخ سيدخل الى حيز التنفيذ في 25 تشرين الاول، لكن الاستعداد له سيستغرق 90 يوم. يمكن التقدير بأنه اذا جرت المحادثات بسرعة واثمرت نتائج عملياتية فان ترامب سيوافق على تأجيل الموعد النهائي، في حين أن الدول الاوروبية يجب عليها الاقتناع بأن هذه الخطوة تبرر التنازل عن الفرصة الوحيدة لاعادة فرض العقوبات.
مفهوم المفتاح الضبابي هو “نتائج عملية”، التي حول جوهرها وتفسيرها ستجري المفاوضات. من التقارير ومن التصريحات لكل طرف فانه ما زال يصعب في الفترة الاخيرة الاستنتاج الى أين تسعى الولايات المتحدة ولماذا ستوافق ايران. المتحدثون الامريكيون يتمسكون بالصيغة التي تقول إن المفاوضات ستجري فقط في قضية النووي وليس أي موضوع آخر، مثل تفكيك منظومة الانتاج ونشر الصواريخ البالستية أو دعم ايران للمنظمات الارهابية. الادارة الامريكية، في المقابل، تحدثت حتى الآن بعدد من الاصوات. ويتكوف اوضح أن الرئيس يعمل على التوصل الى آلية رقابة ناجعة للبرنامج النووي، في حين أن مايك وولتس، مستشار الامن القومي، قال إنه يجب تفكيك المشروع النووي بشكل كامل ومنظومة الصواريخ البالستية ايضا. ترامب نفسه حافظ حتى الآن على الغموض، كما يبدو في انتظار أن يعرف ما هي حدود الاتفاق المحتملة من اجل رسم حولها الهدف الذي يمكن أن يحدد له ما هو النجاح.
اذا حكمنا على الامور حسب سلوك ترامب، الذي عين بالذات ويتكوف لاجراء المفاوضات وليس وولتس، وحسب تصميمه الواضح على تحقيق الاتفاق، يمكن التقدير بأن الشروط الاساسية في أي اتفاق ستكون مقلصة اكثر، وربما حتى اقل من شروط الاتفاق النووي الاصلي. ليس من نافل القول بأنه في ولايته السابقة اقال ترامب الصقرين المتشددين اللذين جلسا على اكتافه، مستشار الامن القومي جون بولتون، الذي شجع على عملية عسكرية ضد ايران، ووزير الخارجية مايك بومبيو، الذي صاغ الشروط الـ 12 التي يجب على ايران تنفيذها في أي اتفاق سيتم التوقيع عليه معها. الاثنان كانا ايضا الركيزة الثابتة لنتنياهو عندما بذل جهد لا ينقطع لاقناع ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي. ويتكوف في المقابل جاء برسالة اخرى، ليس بالضرورة سيرى مع نتنياهو بنفس المنظار تفسيره لاقصاء الخطر الايراني. ولكن رئيس الحكومة الاسرائيلية أصبح يتعين عليه الفهم بأنه في كل ما يتعلق بايران فان ترامب في الواقع “قام بتعيينه” (نتنياهو) لقيادة الهجوم العسكري. ولكن هو الذي سيحدد الشروط لتنفيذ هذا الهجوم.
ايران التي انتظرت سنة قبل البدء في خرق الاتفاق النووي قبل انسحاب الولايات المتحدة منه، اعلنت بشكل ثابت أنها ستكون مستعدة مع ذلك للعودة الى الشروط والقيود المنصوص عليها في الاتفاق شريطة رفع العقوبات والحصول على ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تخرق مرة اخرى الاتفاق. يبدو أن هذه الاقوال يمكن أن تكون الاساس لمواصلة المفاوضات. ولكنها تنطوي على حقل الغام يهدد أي اتفاق يسعى اليه الطرفين. لأن ترامب لا يريد العودة الى الاتفاق القديم ويطرح مبادرته كسعي الى اتفاق جديد، افضل وموثوق اكثر من الاتفاق الذي وقع عليه خصمه براك اوباما. في المقابل، غير معروف اذا كانت ايران نفسها مستعدة للتوقيع على اتفاق جديد فقط مع امريكا، بدون الغلاف الدولي الذي وفر لها ضمانات لرفع العقوبات.
مسألة اخرى ما زالت لا توجد اجابة عليها وهي كيف ينوي الطرفين بلورة الاتفاق النهائي. هل تنوي الولايات المتحدة وايران فعل ذلك بمرة واحدة، كل شيء مقابل كل شيء في جدول زمني قصير، أو الانجرار الى رحلة متعبة من اتفاق على مراحل، لا يضمن استكمال كل العملية. التسريبات التي نشرت مؤخرا، منذ جولة المحادثات الاولى، تتحدث عن طلب ايران الحصول على مليارات الدولارات التي تم تجميدها في حساباتها في بنوك العالم كبادرة حسن نية وبناء الثقة. في نفس الوقت نشر أن الولايات المتحدة يمكن أن تدفع قدما باتفاق مقلص لفترة قصيرة، الذي سيضع الاساس لاتفاق شامل ونهائي.
هذه التقارير ربما تشير الى بنية تخطيطية تدريجية، لكن في هذه الاثناء يجب النظر اليها بتشكك، لأنها تتعامل مع تكتيك لاجراء المفاوضات، في حين أن الاهداف النهائية لها لم تتم معرفتها حتى الآن.
-------------------------------------------
معاريف 15/4/2025
بين الوجودي والقيمي
بقلم: افي اشكنازي
بين الوجودي والقيمي – إسرائيل توجد في مفترق طرق عظيم الأهمية. المسألة الإيرانية هي وجودية. الولايات المتحدة بدأت في نهاية الأسبوع بمفاوضات مع الإيرانيين، والتقارير التي خرجت من هناك روت عن تفاؤل حذر. بل ان الطرفين حددا موعدا ثانيا.
ولكن، قبل لحظة من الاحتفال، ثمة امران هامان ينبغي ان يؤخذا الان بالحسبان. الأول – ايران ليس ليبيا، وعملية تحولها النووي مختلفة كمسافة الشرق عن الغرب عن عملية التحول النووي لليبيا من عهد الحاكم معمر القذافي. وعليه فان الطلب الإسرائيلي بان نصل في نهاية المفاوضات بين الولايات المتحدة و ايران الى نزع السلاح كما تم في ليبيا، يبدو حاليا خياليا.
ثانيا – ينبغي أن نسمع الأصوات في الولايات المتحدة والاقوال التي تصدر عن الرئيس دونالد ترامب، في أن التوقعات الامريكية لنجاح المفاوضات محدودة. كما قال ترامب مؤخرا انه اذا ما فشلت المحادثات فان الخيار العسكري سيكون على الطاولة. لكن ينبغي أن نضع هنا أيضا نجمة صغيرة: الرئيس الأمريكي وضع إسرائيل في الواجهة لهجوم على ايران وقال: “فلتقد إسرائيل الخطوة”.
مسألة ايران هي التحدي الوجودي على إسرائيل. نافذة الفرص للعمل تصغر من يوم الى يوم. في كل ساحة أمنية وسياسية سليمة كانت هذه المسألة ستشغل بال القادة من الصباح وحتى الليل. غير أننا نعيش في واقع مركب على نحو خاص. مسألة غزة تقف في رأس السلم اليوم. 59 مخطوفا ومخطوفة في أسر حماس. جيش مع ثلاث فرق يوجد في غزة.
رغم أنهم يروون لنا بان الجيش ينفذ مناورة واسعة في القطاع من المهم أن نستمع الى تقارير المقاتلين في الجبهة. وهؤلاء يروون بانهم يديرون نوعا من الامن الجاري القوي اكثر مما يديرون مناورة. حكاية صغيرة في هذا الشأن: الفرقة 36 أدخلت لاحتلال محور موراغ – بطول 12 كيلو متر، بعد أسبوعين من ضربة بدء الحملة. الفرقة الأكبر والاقوى في الجيش الإسرائيلي قامت هذه الخطوة نحو عشرة أيام. بالمتوسط تقدم لكيلومتر و200 متر في كل يوم. ربما اقل بقليل. هذه ليست خطوة جيش مهاجم بقوة، يفكك كل ما يصطدم به على الطريق. ليس هكذا حقا يمارس ضغط حاد ومكثف.
مقارنة بمسألة ايران الوجودية، فان مسألة المخطوفين هي قيمية. الجيش الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي لم ينجحا في التصرف مثلما في الماضي اذا لم يتحرر المخطوفون حتى آخر واحد منهم من جحم غزة. الشعب اليهودي والجيش الإسرائيلي لا يبقيان أي واحد في الخلف. لا مقاتل، لا مواطن، لا جريح ولا ضحية أيضا. هكذا هو الحال عندما يكون المرء يهوديا، هكذا عندما يكون إسرائيليا، وهذا يسمى ببساطة “التكافل”.
فضلا عن القيمية يوجد أيضا الموضوع العملياتي. امس، حسب المنشورات، حاول رئيس الأركان، الفريق ايال زمير أن يشرح للمحافل في المستوى السياسي بانه رغم كل التطلعات والخيالات – الجيش الإسرائيلي محدود في قدراته. العتاد، في القوة البشرية. وهو مطالب باجراء تفضيلات.
في اهداف الحرب أيضا، ينبغي، برأي محافل امنية اجراء تفضيل، في ظل الفصل بين تحرير مخطوفين وتقويض حماس. في نظرة عملياتية ينبغي تحرير المخطوفين أولا – قبل عملية بقوة هائلة في القطاع.
بين الوجودي والقيمي، يبدو أن إسرائيل تجد صعوبة في المناورة وفي تحديد التفضيلات المناسبة.
-------------------------------------------
يديعوت 15/4/2025
الحكومة بتصريحاتها وافعالها تهدم الرؤيا الصهيونية وتعمل على تنفيذ الدولة الواحدة
بقلم: بن درور يميني
نشر الرئيس الفرنسي عمانويل ماكرون مبادرة جديدة، يوشك على أن يعرضها مع السعودية. وتشمل المبادرة اعلانا عن الاعتراف بدولة فلسطينية، بدون حماس، في ظل الحفاظ على امن إسرائيل. يدور الحديث عن السيدة إياها، دون تغيير حقيقي في التسريحة، التي عرضت في العقود الأخيرة المرة تلو الأخرى. نتنياهو نفسه وافق في 2014 على دولة فلسطينية على اكثر من 90 في المئة من أراضي يهودا والسامرة. ومرة أخرى في 2020، عندما تحمس لـ “صفقة القرن” لدونالد ترامب، والتي تضمنت على دولة فلسطينية على 70 في المئة من يهودا والسامرة، مع إضافات من داخل إسرائيل.
يمكن تأييد اقتراح ماكرون. يمكن معارضته. سنأتي لاحقا على ذلك. العراف السخيف من ميامي قفز في المقدمة، بالطريقة الأكثر فظاظة. “إذهب الى الجحيم!”، رد على ماكرون. هذا هو الرجل، هذا هو الاسلوب. الاب يعرف كيف يتنكر. المشكلة هي ان هذه المرة سارع بالذات لان يتماثل. ليس مع الأسلوب، لكن مع المضمون: “لن نقبل مزايدات أخلاقية لاقامة دولة فلسطينية تعرض للخطر وجود إسرائيل، ممن يعارض إعطاء استقلالا لكورسيك، كلدونيا الجديدة، غينيا الفرنسية واقاليم أخرى”. يقرأ المرأ ويفرك عينيه. دعك من الابن، يئير نتنياهو، فهو سخيف متجذر. لكن الاب؟ ففي كل الأقاليم التي ذكرت – للسكان يوجد حق تصويت. هم مواطنون فرنسيون. أهذا رئيس وزراء اسرائيل؟ أهو جدي؟
اذا تبنينا “المباديء” منالمنشورات التعيسة من النتنياهيين، فعلى إسرائيل أن تمنح المواطنة لملايين الفلسطينيين. هذه هي الرؤيا (من النهر حتى البحر) التي تطلقها جوقة كارهي إسرائيل. عرفنا دوما ان الأطراف تلتقي. يمين متطرف. يسار متطرف. مقلق بعض الشيء أن رئيس وزراء إسرائيل، بنفسه وبجلالة قدره ينضم الى الجوقة.
هذا لا يعني ان ماكرون محق. لانه عُرضت على الفلسطينيين دولة المرة تلو الأخرى تلو الأخرى. لندع جانبا مشاريع التقسيم في 1937 و 1947 ولندع جانبا لاءات الخرطوم الثلاثة في 1967. في العصر الحالي أيضا، في اعقاب مسيرة أوسلو رفض الفلسطينيون عرض اهود باراك لدولة فلسطينية. ورفضوا عرض كلينتون. ورفضوا عرض أولمرت. ورفضوا عرض كيري واوباما. وبالطبع رفضوا عرض ترامب. وحتى المبادرة السعودية نجحوا في أن يزيلوها عن الطاولة، في 2002 كي يجعلوما مبادرة السلام العربية. ليس دولتان لشعبين بل دولتان. واحدة فلسطينية، وواحدة أخرى لن تكون باي شكل من الاشكال وطنا قوميا لليهود، بل دولة يعود اليها ملايين أنسال اللاجئين كي تصبح هي أيضا دولة عربية.
هكذا بحيث أنه اذا كان ماكرون يخرج بمبادرة جديدة، فان عليه أن يشرح كيف بالضبط يختلف عرضه عن العروض السابقة. لا تفسير. كيف بالضبط يقترح منع سيطرة الإسلام الراديكالي على الدولة الفلسطينية عندما يكون جزء كبير من السكان، وعلى ما يبدو الأغلبية، يؤيدون حماس وايران؟ لا تفسير. وهل كان سيوافق على مثل هذه الدولة، لنفترض، في الالزاس واللورين؟ لا جواب. هكذا بحيث ان كل من يريد أن يكون الحال افضل للفلسطينيين – يتعين عليه ان يبحث عن تسوية واقعية اكثر بقليل، لا تجعل حياة الفلسطينيين أسوأ بكثير. ومع كل الاحترام لنية ماكرون الإعلان عن الاعتراف بدولة فلسطينية فكيف يكون ان ليس له الشجاعة لان يقول انه لا يوجد أي احتمال للتقديم بميلمتر واحد طالما يصر الفلسطينيون على “حق العودة”، أي تصفية إسرائيل.
وبالعموم، يجدر بماكرون ان يفحص بهدوء مع زعماء الدول المجاورة هل هم يطالبون بدولة فلسطينية ام فقط الإعلان عن دولة فلسطينية؟ لان الامر الأخير الذي تحتاجه مصر، السعودية والأردن هو دولة أخرى يوجد احتمال بان سرعان ما تصبح فرعا إيرانيا. لديهم وجع رأس من حزب الله ومن الحوثيين. الامر الأخير الذي يحتاجونه هو كيان آخر هو فرع إيراني.
إسرائيل أيضا، لسنوات كثيرة جدا، لا تتصرف بحكمة. لان ما يريده كارهو اسرائيل في الجامعات، وما يريده اليمين المناهض للصهيونية هنا أي، دولة واحدة ، تنفذه حكومات إسرائيل على اجيالها. والحكومة الحالية تفوقها جميعها. فهي تخلق هنا دولة واحدة. مزيد من البناء خارج الكتل. مزيد من البؤر الاستيطانية. حكومة إسرائيل بتصريحاتها، واساسا بافعالها، تهدم الرؤيا الصهيونية في دولة يهودية وديمقراطية.
لا حاجة لمبادرات خارجية. ثمة حاجة لمبادرة إسرائيلية، تقوم على أساس فصل ديمغرافي، في ظل سيطرة امنية حتى النهر. هذا يمكن وينبغي أن يكون تسوية انتقالية الى ان تنشأ الظروف لتسوية دائمة. هذا سيحصل، ربما، عندما ينزل نظام آيات الله في ايران عن المسرح وعندما تكف قطر عن تمويل التحريض. لانه اذا لم يكن هكذا، فان التسوية الوحيدة التي نقود اليها هي كابوس المؤيدون له أناس اليسار المناهض للصهيونية، المهاجر الى ميامي، اليمين المناهض للصهيونية وكارهو إسرائيل من جامعة كولمبيا. رغم النوايا المختلفة، فانهم يسعون بالضبط الى الاتجاه إياه لدولة واحدة. والمشكلة الأخطر هي ليس السخيف من ميامي. المشكلة هي السخيف من القدس.
-------------------------------------------
هآرتس 15/4/2025
بعد كشف زيف روايته.. للجيش الإسرائيلي: بعد هذا تخفون المسعف؟
بقلم: أسرة التحرير
إن قتل الجيش الإسرائيلي 15 عامل إغاثة برفح في 23 آذار، وبعضهم من مسافة قصيرة، ثم دفنهم في قبر جماعي، لم يدغدغ مشاعر الإسرائيلي إزاء استمرار قتل الفلسطينيين في قطاع غزة وجرائم الحرب التي ترتكبها إسرائيل هناك. فالتنكر لوجود أبرياء في غزة أغشى عيون كثير من الإسرائيليين عما يجري باسمهم وباسم الدفاع عن حدود الدولة. ونتيجة لذلك، أعطيت لإسرائيل يد حرة للعمل بلا لجام، حتى لو لم يعد ممكناً تبرير أعمالها.
لقد أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أنه علم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن المسعف أسعد النصاصرة، الذي اختفى منذ يوم القتل، محتجز لدى إسرائيل. لم يجب الجيش الإسرائيلي بعد عن سؤال “هآرتس” في هذا الشأن. وتستند المعلومة إلى شهادة منذر عابد، متطوع في الهلال الأحمر كان حاضراً في قافلة آليات الإغاثة التي هاجمها الجيش الإسرائيلي، لـ “الجارديان البريطانية”. فقد رأى عابد النصاصرة حياً، معتقلاً في أيدي الجنود.
أعلن الهلال الأحمر الفلسطيني أنه علم من اللجنة الدولية للصليب الأحمر بأن المسعف أسعد النصاصرة، الذي اختفى منذ يوم القتل، محتجز لدى إسرائيل.
عقب ضغط دولي، وبعد انكشاف كذب رواية الجيش الإسرائيلي الأولية، شرع الجيش في تحقيق رسمي في الحادثة، لكن تجربة الماضي تدل على أنه لا يمكن تعليق الآمال بالتحقيقات التي يجريها الجيش الإسرائيلي مع نفسه. منذ نشوب الحرب، فتح جهاز التحقيق في هيئة الأركان عشرات التحقيقات للاشتباه بارتكاب جرائم حرب. وكما هو معروف، لم يؤدِ أي منها إلى لائحة اتهام. إن كشف اعتقال النصاصرة، ورفض الجيش الإجابة عن الأسئلة حول مصيره، يدل على أن الجيش مشغول بطمس الحقائق أكثر من التحقيق فيها.
ثمة عناصر كثيرة في هذه القضية كان ينبغي لها أن تهز الأركان: فالمسعفون دفنوا في قبر جماعي، وكان واحد منهم على الأقل مقيد القدمين. إطلاق النار من مسافة صفر، والاجتهاد في دفن الجثث ومركبات النجدة، كلها محاولة لتشويش الأدلة. لكن الرد الإسرائيلي يلتزم الصمت الذي لم يخترق حتى حين نشر الشريط الذي صوره أحد المسعفين (الذي شخص بعد ذلك في القبر الجماعي)، والذي دحض رواية الجيش الإسرائيلي التي تدعي أن سيارات الإسعاف كانت تسير بلا تنسيق ودون إشعال إضاءة السفر أو الطوارئ. في الشريط تبدو بوضوح مركبات ذات إشارات مع أضواء طوارئ فاعلة – في الوقت الذي تعرضت فيه للهجوم. وكأن هذا لا يكفي، إذ يثور الآن اشتباه باختفاء مسعف آخر في أيدي الجيش الإسرائيلي.
يدور الحديث عن قضية خطيرة لا مثيل لها، تستوجب إقامة لجنة تحقيق خارجية ومستقلة لتفحص ارتكاب جريمة حرب. محظور أن تنتهي الحادثة بتعليمات هزيلة إضافية بشأن “تأكيد اللوائح”. لكن على الجيش الإسرائيلي أن يعطي تفسيراً لاختفاء النصاصرة. إذا كان محتجزاً بالفعل لدى إسرائيل، فيجب تحريره فوراً. محظور أن تضاف خطيئة الطمس إلى جريمة الحرب أيضاً.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 15/4/2025
ترامب إزاء “النووي الإيراني”.. بين “مصيدة طهران” واللجوء إلى “الشرطي السيئ”
بقلم: أمنون لورد
ليس واضحاً سبب إطلاق شبابنا المتميزين رسالة تمرد ورفض تجاه قيادة الجيش الإسرائيلي والحكومة في توقيت مأزوم حيال إيران، وبدء مفاوضات أمريكية مع خيار عسكري كمسدس على الطاولة. ثمة انطباع بأن ثمة محافل عسكرية من المتقاعدين يحاولون السيطرة على الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن من الخارج، يقررون للقيادة العسكرية أهداف الحرب في الوقت الذي تقود فيه خطوة ضد حماس كجزء من الجهد لإعادة المخطوفين. وهذا لا يخفى عن ناظر القيادة الإيرانية التي تعتمد إلى مكانتها الدولية من خلال المفاوضات على اتفاق نووي جديد.
في نظرة إلى إسرائيل، يمكن للإيرانيين طرح علامة استفهام فيما إذا كانت إسرائيل قادرة على تحقيق خطوة هجومية ضدهم. لكن من يحضر ساحة المفاوضات هي إدارة ترامب؛ لكن ويتكوف، الذي له أعمال تجارية واسعة مع قطر، والرئيس ترامب، يفهمان موضوع النووي بعمق، وبخاصة مشكلة النووي الإيراني. يفترض على ويتكوف أن يفهم الإخوان المسلمين أيضاً، وكذا خلفية الحرب الروسية الأوكرانية التاريخية. فعملياً، هو لا يفهم شيئاً. بل وأقل من الخبير الذي خطط منظومة الجمارك وألقى ببطانية رطبة على العالم كله. سبب وجود ويتكوف في الإدارة هو عقد صفقات لترامب، وشهية النجاح والرغبة في تحقيق نتائج تفوق أي اعتبار آخر.
إضافة إلى ذلك، يأتي الأمريكيون إلى المحادثات مع قيادة إيرانية، فيما يحملون حملاً منقسماً؛ فمن جهة، فشل ذريع في موضوع الجمارك الذي هز العالم. ومن جهة أخرى، عمل قوي ومصمم ضد الحوثيين في اليمن. أثر الصدمة الاقتصادية أضعف صورة إدارة ترامب كما خرب انهيار أمريكا في أفغانستان في آب 2021 إدارة بايدن. إن سلوك ترامب الفوضوي تجاه حلفائه يبث للعالم انعدام خبرة، وانعدام تخطيط ومستوى تفكير متدن.
ينبغي الافتراض بأن الإيرانيين الذين يتميزون بالدهاء يرون هذا. إسرائيل عملياً، قدمت إيران لترامب على طبق من فضة: ضعيفة، ودون قدرة حقيقية على التهديد، ومكشوفة أمام الهجمات الجوية. وبالتالي، فالسؤال هو: بأي قدر يتأثر زعماء إيران بإنذار ترامب – إما اتفاق أو مهاجمة النووي؟ وإذا لم نكن نحن، فسنبعث إليكم بالشرطي السيئ، بيبي. كان واضحاً منذ البداية أن ترامب يفضل التصدي للنووي الإيراني من خلال صفقة ذات مضمون وليس صفقة على نحو أوباما أو اقتراحات الرئيس بايدن ومبعوثه روب مالي.
لإسرائيل مطالب ذات حد أقصى، لكن ترامب أشغل المستوى المتوسط من مؤسسته الأمنية بأناس يفكرون في موضوع الشرق الأوسط مثل أوباما. يدور الحديث عن أسماء مثل مايكل دينينو، أو نائب وزير الدفاع آلبردج كولبي، ناهيك عن دعائيين مثل تاكر كارلسون. ومن المتوقع للإيرانيين أن يحيدوا الأمريكيين بفخ عسل محمل بالإغراء لمواصلة المفاوضات لمنع إسرائيل من الهجوم، لكن كالعسل، سيكون هذا طلاءً.
-----------------انتهت النشرة-----------------