الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 11/3/2025 العدد 1256

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
يديعوت احرونوت 11/3/2025
الخطة المصرية ليست كاملة، لكنها كافية عمليا كي يتم البدء بتنفيذها
بقلم: د. افرايم سنيه
في الشهر الـ 17 لنشوب الحرب لا تزال حماس الجهة المسيطرة في غزة. هذا قبل كل شيء هو ذنب رئيس الوزراء نتنياهو الذي يرفض بعناد الانشغال بـ “اليوم التالي”، بمستقبل الإدارة والسيطرة في غزة بعد الحرب. اليوم يعيش في اكثر من مليوني نسمة بلا سكن ورزق. هذه القنبلة الموقوتة موضوعة على عتبة دولة إسرائيل ولا توجد لها الوسائل لمعالجتها.
اعمار اقتصادي واداري لغزة، دون أي تدخل من حماس، هو مصلحة إسرائيلية صرفة. سيطرة عسكرية إسرائيلية على السكان الغزيين هي عبء يسحق الجيش الإسرائيلي قبل كل شيء بحياة رجالنا، لكن أيضا في صرف مقدراته عن التحديات الأمنية الأخرى.
رؤيا الاستيطان في غزة هي من نصيب سموتريتش وبن غفير، والرغبة في عدم اغضابهما هي الدافع الحقيقي لحقيقة أنه لا يوجد للحرب في غزة أي هدف استراتيجي. فتقويض القدرات العسكرية لحماس تم منذ الان، وتصفية كل رجالها حتى آخرهم هي مهمة ليس لها نهاية عملية.
وعليه، فمنذ خرج الرئيس ترامب بخطته عن “الريفييرا”، عانقتها حكومة نتنياهو عناقا شديدا. الإخفاق البنيوي للخطة هو أنه لا توجد أي دولة عربية مستعدة لان تستوعب مليوني فلسطيني، والدول غير العربية تجتهد لان تتخلص من اللاجئين المسلمين الذين يتواجدون منذ الان في أراضيها. وليس لها أي مصلحة في أي إضافات. “الاخلاء الطوعي” في زمن الحرب هو طرد، ومن ينشغل به نهايته أن يتهم بجريمة حرب. يخيل أن ترامب نفسه أيضا يفهم بانه لا توجد استجابة دولية وإقليمية لخطة “الريفييرا” وقد بدأ بالتراجع عنها.
في هذا الوضع اليائس، الذي ستضطر فيه إسرائيل لان تدير وتحكم غزة، في ظل مواصلة القتال ضد حماس، وضعت مصر خطتها لمستقبل غزة. الأهم من كل شيء من ناحيتنا هو أنه لا يوجد فيها مكان لحماس: فهي ستستبدل بحكومة خبراء فلسطينيين يتبعون السلطة.
هذا هو مكان لايضاحات ليست سهلة على الهضم على بعض منا: ليس لاي جسم غير السلطة الفلسطينية شرعية دولية لحكم سكان فلسطينيين، وسكان غزة ضمن هذا. خمس عشرة سنة، وبقوة اكبر في السنوات الأخيرة، تفعل حكومة إسرائيل كل ما في وسعها لاضعاف السلطة الفلسطينية وتمنع عنها المقدرات التابعة لها وفقا للاتفاقات معها. من يحطم السلطة ليس في وضع الشكوى من قدراتها. يوجد مكان واسع لتحسين أدائها، لكن هذا يستوجب مساعدتها وليس مساعدة حماس العدو المشترك لها ولنا.
منذ الانتفاضة الثانية والإسرائيليون لا يعرفون كل جوانب المجتمع الفلسطيني وبالتالي ليس لمعظمنا ثقة في قدرتهم على إدارة شؤونهم المدنية بنجاعة. الفلسطينيون الوحيدون الذين يعرفهم الجمهور الإسرائيلي هم الحيوانات البشرية الملثمين، مع الشريط الأخضر على الجبين والكلاشينكوف في اليد. لكن من يعرف المنطقة التي نعيش فيها والمجتمع الفلسطيني يعرف بان الكثير من الشركات الاقتصادية الناجحة في الشرق الأوسط أقيمت وتدار من قبل فلسطينيين مؤهلين ومتعلمين ليس في أيديهم لا كلاشينكوف ولا مكنسة. يوجد في المجتمع الفلسطيني بما في ذلك المجتمع الغزي، ما يكفي من الأشخاص القادرين على إدارة دولة بنجاح.
في الخطة المصرية واضح كيف تنقل بالتدريج السيطرة الأمنية في غزة من جهات خارجية الى جهات محلية لا صلة لها بحماس. كما ان منحى اعادة البناء يذكر فيه بشكل متدرج ومنطقي. واساسا ينقصها الهوية الصريحة للدول التي ستمولها وتربح من إعادة بناء غزة. الخطة المصرية التي تقع في 112 صفحة ليست كاملة، لكنها كافية عمليا كي يتم البدء بتنفيذها. المهم فيها اكثر من أي شيء آخر هي أنها تدحر حماس خارجا وتقترح بدائل. في ظل عدم وجود خطة جدية أخرى، إسرائيلية او دولية، فان الخطة المصرية هي الخيار الوحيد القائم.
*عميد احتياط، كان وزيرا ونائب وزير الدفاع في حكومات إسرائيل، عضو إدارة حركة قادة لامن إسرائيل
----------------------------------------
هآرتس 11/3/2025
استئناف الحرب لن يقدم رد على نوايا الأمريكيين لرسم صورة اليوم التالي
بقلم: تسفي برئيل
الهياج والغضب وخيبة الامل التي اثارتها المحادثات التي اجراها آدم بهلر، المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي لشؤون المخطوفين، مع خليل الحية، المسؤول عن غزة في حماس، تملأ الخطاب الإعلامي في إسرائيل وكأن الامر يتعلق بإعلان حرب من الولايات المتحدة – أو على الأقل خيانة للمباديء والتفاهمات التاريخية التي تستند اليها العلاقات بين الدولتين. يمكن فقط تخيل أي بركان نتن كان سينفجر من أنبوب المجاري لو أن المحادثات جرت في عهد الرئيس جو بايدن، وخلال هذه الهستيريا تقريبا اختفى الموضوع الرئيسي المهم الذي خرج من محادثات بهلر مع الحية، والذي يشير الى توجه جديد في السياسة الامريكية: التوجه الآن الى نقاش جوهري وموضوعي حول طبيعة إدارة القطاع بعد انهاء الحرب، وليس فقط حول صفقة تحرير المخطوفين. من الجدير أيضا الانفعال من حقيقة أنه في هذه المحادثات لم تطرح أبدا فكرة التهجير، وأنها آخذة في الخفوت.
الحية لم يتسلم خطة تفصيلية تقنية لاقامة ريفييرا أو قوائم لترتيبات نقل مليوني غزي، الذين كان يمكن أن ينتقلوا الى “أماكن اجمل” لن يرغبوا في العودة منها الى غزة، كما وعد ترامب. هذه المحادثات في الواقع جرت قبل مؤتمر القمة العربية التي عقدت في الأسبوع الماضي في القاهرة، لكنها تعكس الحوارات والنقاشات لشخصيات سعودية رفيعة مع نظرائهم الأمريكيين. السعودية وضعت سور محصن ضد خطة الترانسفير، وانضم اليها الانتقادات والمعارضة للخطة التي سمعت بشكل واضح من قبل جهات جمهورية مؤثرة في الكونغرس الأمريكي.
حسب معظم التسريبات في إسرائيل وفي وسائل اعلام عربية فان بهلر والحية ناقشا ثلاثة مواضيع أساسية: إعادة جميع المخطوفين مقابل وقف طويل المدى لاطلاق النار، خمس – عشر سنوات، ويشمل انسحاب إسرائيل من القطاع مثلما تحدد في الاتفاق الأصلي؛ تحرير مئات السجناء الفلسطينيين حسب مفتاح متفق عليه مع مرونة تسمح لإسرائيل بوضع الفيتو على أسماء بعض السجناء المحكومين بالمؤبد؛ نزع سلاح حماس وتحييدها عن كل النشاطات لمدنية والسياسية، التعهد بإدخال المساعدات الإنسانية والبدء في إعادة اعمار القطاع – هذا أيضا وفقا لما تقرر في الاتفاق.
هذه المحادثات يمكن أن تدل على أن الولايات المتحدة تنوي توسيع اطار النقاشات التي تم استئنافها في الدوحة. رغم أن إسرائيل أكدت مرة أخرى بأنها تنوي مناقشة فقط “خطة ويتكوف” التي تتحدث عن وقف اطلاق النار لشهرين، وفي اليوم الأول سيتم اطلاق سراح نصف المخطوفين، وفي نهايتها اذا تم التوصل الى وقف دائم لاطلاق النار فانه سيتم اطلاق المخطوفين الباقين – الولايات المتحدة تطمح الى الدمج بين هذه الخطة وبين الحل الدائم في القطاع. هذا الحل يستند الآن الى خطة مصر التي تتحدث أيضا عن مشروع إعادة اعمار واسع بحجم 53 مليار دولار، وإقامة آلاف المباني المؤقتة وإعادة ترميم البنى التحتية للخدمات الحيوية وبالاساس إدارة القطاع على يد “لجنة دعم اجتماعية”، التي تعني إدارة تتكون من مهنيين بدون ممثلين من حماس، الذين سيكونون خاضعين للسلطة الفلسطينية لمدة نصف سنة. منذ بضعة أسابيع أعلنت حماس أنها تؤيد الخطة، ومؤخرا أكدت تأييدها لها.
الولايات المتحدة، في المقابل، رفضت حتى الآن الخطة بذريعة أنها “لا تأخذ في الحسبان الوضع القائم في القطاع”، أي أن غزة غير صالحة لسكن الناس. ربما هذا ادعاء عقاري صحيح، لكن في أساس خطة مصر هناك التطلع الى تغيير “الوضع القائم”. المشكلة في هذه الخطة، المفصلة في عشرات الصفحات، هي أنها لا تقدم جواب واضح على القضية الرئيسية التي ناقشها بهلر مع الحية، التي تتعلق بنزع سلاح حماس. هنا توجد الفجوة بين تصريحات بهلر وردود حماس. ففي حين أن بهلر يقول بأن حماس وافقت على نزع سلاحها وأن لا تكون جزء من الهيئة التي ستدير القطاع، وأن مصادر في حماس قالت أمس لموقع “العربي الجديد” بأن حماس مستعدة لنزع سلاحها الهجومي مثل الصواريخ على اشكالها، لكن ليس من كل سلاحها الدفاعي – حتى بعد إقامة الدولة الفلسطينية – وأن الامر يتعلق بطلب أساسي حماس لن تكون مستعدة للتنازل عنه.
سقالة في الهواء
حسب التقرير حماس اقترحت أن وقف اطلاق النار بعيد المدى سيسري أيضا على الضفة وليس فقط على قطاع غزة، وأنه سيطبق فقط مقابل انسحاب كامل لإسرائيل. لأنه حتى الآن الحديث لا يدور عن مفاوضات حول نزع السلاح، بل حول “معرفة ما يريده الطرف الثاني”، حسب اقوال بهلر، من الأكثر أهمية معرفة أن المحادثات بين الولايات المتحدة وحماس حول نزع سلاح الأخيرة وحول قضية ابعادها عن إدارة القطاع تشير الى أن الولايات المتحدة ترى في حماس عنوان حيوي لصياغة اتفاق شامل يرسم مستقبل السيطرة في غزة، وفي كل الحالات هي لا تطالب في هذه الاثناء بابعادها جسديا عن القطاع أو حل حماس كمنظمة.
هذه الرؤية تشبه الخطة التي تم التوصل اليها في اتفاق وقف اطلاق النار في لبنان. حكومة لبنان بموافقة حزب الله تحملت المسؤولية عن نزع سلاح الحزب في جنوب الليطاني، والطموح الذي ما زال بعيد عن التطبيق، عن نزع كل السلاح غير الحكومي الموجود في الدولة – لكن هذه الخطة لا تطالب بحل حزب الله كمنظمة. ولكن مقابل الوضع في لبنان فانه في القطاع لا تسيطر دولة أو سلطة يمكنها نزع سلاح حماس، وأيضا اذا وافقت إسرائيل على السماح للسلطة الفلسطينية بإدارة القطاع بشكل مؤقت أو دائم، فان قضية السلاح ستواصل تهديد أمن إسرائيل. هذه القضية لا يوجد لها حل واقعي حتى في خطة مصر.
في الحقيقة الخطة تتحدث عن اعداد قوة شرطة فلسطينية على يد مصر ودول أخرى. ولكن هدف هذه القوة سيكون ضمان النظام العام، وهي لا يمكنها إدارة حرب ضد حماس اذا قررت أن تثور ضدها. حتى الآن لا يوجد اتفاق على قوة متعددة الجنسيات أو قوة عربية تشارك في إدارة القطاع، والدولة العربية الوحيدة التي عبرت حتى الآن عن استعدادها لارسال قوات هي دولة الامارات، وقد وضعت شرط صعب لمشاركتها. من هنا حتى لو وافقت حماس على نزع سلاحها الهجومي فانه من غير الواضح من الذي يمكنه الموافقة على الاشراف على عملية نزع السلاح، التي بدونها احتمالية تطبيق خطة مصر وتجنيد التبرعات لصالح إعادة اعمار القطاع، هي احتمالية ضعيفة، هي تشبه الآن السقالة المعلقة في الهواء بدون أي أسس، وكل الهدف منها طرح بديل لخطة التهجير التي طرحها ترامب.
في المقابل، خطة استئناف الحرب في قطاع غزة التي يمكن أن تترجم الى أفعال، “فتح أبواب جهنم”، وتدمير حماس، لا تطرح أي حل لسيطرة بعيدة المدى في القطاع، وبالتأكيد ليس تحرير المخطوفين. ربما ستكون واسعة، واكثر شمولا وقتلا من الحرب التي شنتها إسرائيل حتى الآن في القطاع، ولكن هي مثلها أيضا ما زال يجب أن تعالج بشكل مباشر شؤون 2 مليون من السكان، جزء من القوة العسكرية سينشغل بالامور المدنية والاهتمام بتوزيع المواد الغذائية وتوفير الخدمات الطبية واستئناف التزويد بالكهرباء وأن يصبح مع الوقت قوة احتلال دائمة تخضع للرقابة والتفتيش من قبل المجتمع الدولي، الامر الذي يضع الولايات المتحدة أمام ضغط دولي وعربي بكونها الدولة العظمى التي تعطي الرعاية لنشاطات الجيش الإسرائيلي.
الاعتماد على “الترخيص” الجارف الذي منحه ترامب لإسرائيل عندما قال إنه “يرسل لإسرائيل كل ما تحتاجه من اجل انهاء العمل، ولن يكون أي شخص من حماس آمن اذا لم تنفذ حماس ما أقوله”، يجب أن تفحص نفسها بدقة في كل لحظة من جديد. لأن الامر يتعلق بترامب الذي اظهر في الفترة الأخيرة قدرة بهلوانية فريدة على تغيير مواقفه. في نهاية المطاف هذا هو نفس ترامب الذي سمح لبهلر (الذي قال إن الولايات المتحدة ليست وكيلة لإسرائيل) باجراء محادثات مباشرة مع حماس، والذي يعتبر السعودية ودول الخليج، اكثر مما يعتبر إسرائيل، شركاء في إعادة تنظيم الشرق الأوسط.
------------------------------------------
هآرتس 11/3/2025
زيادة العبء والشكوك لدى رجال الاحتياط ستصعب احتلال غزة من جديد
بقلم: عاموس هرئيلِ
وزير المالية بتسلئيل سموتريتش أجرى مقابلة صباح أمس مع راديو “كان”. وبنفس الحساسية الإنسانية التي تميزه أوصى سموتريتش جنود الاحتياط بالاستعداد للاستدعاء لخدمة أخرى في القريب، لأنه خلال فترة قصيرة إسرائيل ستعود لمقاتلة حماس في قطاع غزة. قبل يوم، في خطاب لوبي ارض إسرائيل في الكنيست غرق وزير المالية في حسابات معقدة، لكن بالنسبة له كانت مشجعة – كم عدد الفلسطينيين الذين كان يمكن اقناعهم بالهجرة طوعا اذا اخرجنا عشرة آلاف كل يوم طوال أيام الأسبوع (يبدو أنه يعتبر العملية حماية للنفس، التي تسمح بالعمل أيضا في يوم السبت).
في المحادثات التي اجراها مؤخرا مع عائلات المخطوفين أوضح سموتريتيش: “لو أن الأمور كانت تتعلق به فانه لن يسمح بانسحاب الجيش من محور فيلادلفيا أو الخروج عن المعايير الأمنية في القطاع أو أي عملية ستفسر كانجاز لحماس.
يبدو أن سموتريتش يعيش في عالمه الخاص. حتى الآن باستثناء منتصف كانون الثاني الماضي عندما لم يتمكن من وقف المرحلة الأولى في صفقة المخطوفين التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لم تكن هناك أي فجوة حقيقية بين موقفه وموقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. ولكن الأمور آخذة في التعقد الآن. عندما تقترح الإدارة الامريكية مسار الى الامام، الذي توجد له احتمالية لانهاء الحرب وإعادة الـ 59 مخطوف الباقين، الاحياء والاموات، من غزة، فأي جزء من الجمهور وكم من رجال الاحتياط سيبقون مع سموتريتش؟
جميع الاستطلاعات تشير الى تأييد ثابت، 70 في المئة في الرأي العام، لاستكمال صفقة التبادل حتى لو شملت تقديم تنازلات مؤلمة لحماس. للمرة الأولى يبدو أن هناك خطر بأن جزء من جنود الاحتياط لن يمتثلوا للخدمة اذا كانت العودة الى الحرب في هذه المرة مختلف عليها. أيضا هكذا في وحدات كثيرة يمتثل مؤخرا فقط نصف الجنود تقريبا، والجيش يحاول طمس ذلك بطرق مختلفة. الجيش الإسرائيلي ملزم باعداد أيضا الخطوات العملياتية لاحتمالية انهيار المفاوضات وتجدد القتال. هذا ما يفعله حاليا رئيس الأركان ايال زمير، لكن النقاشات السياسية حول سيناريو استئناف الحرب التي يقودها سموتريتش وامثاله تواصل التعبير عن الانغلاق الجارف إزاء العبء الملقى على جنود الاحتياط والجيش النظامي. الوزراء ببساطة يتجاهلون ذلك أو ربما أنهم يعتقدون أن الحلم المشكوك فيه، العودة الى غوش قطيف وتهجير الفلسطينيين (اهداف اليمين المتطرف الحقيقية للحرب)، ستبرر كل تضحية حتى بالنسبة لمعظم الجنود.
حسب تقديرات الجيش الإسرائيلي فان العبء على الجيش النظامي بشكل خاص يتوقع أن يزداد على خلفية مطالب الحرب في غزة، والحاجة الى زيادة الأمن على الحدود لمنع هجوم آخر على شاكلة 7 أكتوبر والطلبات الجديدة التي تنبع من قرار الإبقاء على قوات في أراضي الدول المجاورة، في هضبة الجولان وفي جبل الشيخ السوري وفي جنوب لبنان. كل هذه الخطط يتم رسمها من خلال الادراك بأنه لا يوجد للمستوى السياسي الحالي أي نية لالغاء التسوية السياسية مع الأحزاب الحريدية، التي تضمن استمرار تهرب ناخبيها. حتى لو كان يجد صعوبة في تمرير التشريع المطلوب لذلك إزاء انتقاد الجمهور. الحلول التي يطرحها الجيش مثل تشكيل اللواء الحريدي لا تساعد. عمليا، لا يوجد في هذه المرحلة تغيير مهم في عدد الحريديين الذين يمتثلون للتجند.
خطوة الى الوراء
في هذه الاثناء يحاولون في إسرائيل فهم معنى الخطوة الامريكية الجديدة – ترسيخ قناة مفاوضات خلفية، سرية، مع حماس بواسطة مبعوث ترامب آدم بهلر، والتصريحات المفاجئة لبهلر في مقابلات مع وسائل اعلام أمريكية وإسرائيلية. يبدو أن الإدارة الامريكية حاولت أمس القيام بخطوة الى الخلف في اعقاب الغضب في حكومة نتنياهو. وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو قال إن محادثات بهلر مع حماس كانت “حدث لمرة واحدة”. أيضا نتنياهو والشخص المقرب منه، الوزير رون ديرمر، قالوا لوزراء في إسرائيل بأن بهلر يتسبب بالضرر، وأن ترامب ومبعوثه الكبير ستيف ويتكوف يتحفظان من الخطوات التي قاما بها.
على خلفية ما هو معروف عن الطريقة الفوضوية التي تتصرف بها الإدارة الامريكية، التي فيها عدد كبير من الوظائف الكبيرة شاغرة، بغض النظر عن حملة التقليصات التي يقودها الملياردير ايلون ماسك، فانه لن يكون من المفاجيء اذا كانت هذه هي طبيعة الأمور. بهلر نفسه يظهر كشخص غريب الاطوار بشكل خاص، حتى بالنسبة للإدارة الحالية.
في المقابل، من الواضح أن الرئيس الأمريكي ما زال يأمل التوصل الى صفقة، ومشكوك فيه اذا كان يعتقد أن الطريقة الوحيدة للوصول اليها هي بواسطة احتلال إسرائيل من جديد للقطاع. ترامب يواصل تهديد حماس بأنه سيؤيد عملية إسرائيلية مؤلمة، لكنه لا يقطع الطريق امام التفاهمات حول صفقة مكملة لاعادة الرهائن الباقين. التهديد العسكري الإسرائيلي كلما كان مقنع اكثر فانه يخدمه اذا كان يريد تحقيق الموافقة من حماس. ويتكوف قال أمس إنه مطلوب موعد محدد للنهاية لانهاء المفاوضات حول الصفقة.
اقتراحات الامريكيون وخطة مصر التي تمت مناقشتها في القمة العربية في القاهرة في الأسبوع الماضي ما زالت تراوح حول نفس الحلول: وقف اطلاق النار، إعادة جميع المخطوفين، انسحاب إسرائيل بالكامل من كل القطاع (باستثناء سيطرة لم يتم توضيح طابعها في موقع امني قرب الجدار على الحدود) وتفاهمات حول إعادة اعمار القطاع. رجال ترامب يواصلون الطرح وحماس ليس بالضرورة تتنفي، تسويات تشمل تنازل من حماس عن الصلاحيات المدنية التي توجد في ايديها في القطاع. هذه التسوية يمكن أن تشمل الأموال من الخليج وتشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية كما يبدو بدون مشاركة حماس وتواجد لقوة عربية في القطاع ودور معين للسلطة الفلسطينية. في المسألة الأخيرة نتنياهو يظهر معارضة شديدة جدا.
من اجل التوصل الى كل هذه الأمور فانه من المهم للامريكيين أن يتم الحفاظ على وقف اطلاق النار وأن يبدأ المزيد من المخطوفين في العودة الى البيت، حتى لو أن هذا سيمتد لفترة. في هذه الاثناء الحديث ما زال يدور عن هدف يصعب تحقيقه، رغم التألق المفاجيء للمبعوث بهلر. ولكن حتى الآن يبدو أن الإدارة لم تتنازل بعد عن هذه الاحتمالية. امام انظارها يقف أيضا مثال ناجح نسبيا لتسوية ما زالت صامدة حتى الآن رغم كل الخروقات والعقبات، وقف اطلاق النار بين إسرائيل ولبنان.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 11/3/2025
التهديدات من سوريا تتكاثر وتتفاقم
بقلم: رون بن يشاي
المذبحة التي اجراها رجال محمد الجولاني في جبال العلويين غربي سوريا تعزز في إسرائيل الفهم الذي يرى في سوريا تهديدات متشكلة تستدعي الاستعداد لها ولمنع تطورها. ليس فقط من جانب الجهاديين الذين استولوا على الحكم ويحاولون الان تسويق صورة معتدلة ومستقرة بل أيضا من المحاولة لجعل سوريا جزءاً لا يتجزأ – بما في ذلك قواعد عسكرية – من الإمبراطورية العثمانية التي يتطلع اردوغان لاقامتها.
أحد التهديدات التي تتطور في هذه اللحظة بسرعة وتقلق جدا جهاز الامن يحدق من جانب حماس والجهاد الفلسطيني الذين قد يرغبون في أن يعملوا من سوريا ضد بلدات حدود إسرائيلية في الجولان وفي اصبع الجليل. في الأيام الأولى ما بعد سيطرة منظمات الثوار التي تجمعت في هيئة تحرير الشام، بقيادة احمد الشرع (الجولاني)، حررت من السجن إرهابيين كبار من حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني. ارهابيون حبسوا في عهد بشار الأسد كي لا يورطوه في مواجهة مع إسرائيل، حين ينفذون العمليات التي خططوا لها. وحتى بالنسبة لـ “الجزار من دمشق” هم كانوا اكثر مما ينبغي.
الان، هؤلاء المخربون الكبار ربما يبدأون أيضا في التخطيط للعمليات. سلاح الجو هاجم في الأسابيع الأخيرة بضعة مخازن سلاح كهذه. في هذه الاثناء لا يحاول المخربون الفلسطينيون النزول جنوبا من منطقة دمشق نحو الحدود الإسرائيلية، لكنهم ينشطون ويخططون.
مصدر ثالث هم سكان جنوب سوريا السُنة، ممن تأثر الكثيرون منهم بداعش ويتركزون في منطقة مدينة درعا، حيث نشبت الثورة السُنية ضد نظام الأسد. صحيح أن إسرائيل تقيم معهم حوارا من خلال المحليين السوريين في الجولان، الذين في زمن الحرب الاهلية تمتعوا بمشروع الجيرة الطيبة مع إسرائيل، لكن العناصر السُنية المتطرفة أولئك الذين ينتمون الى “غرفة الحرب الجنوبية”، يرفضون حاليا التعهد بالابقاء على جيرة طيبة مع إسرائيل.
مصلحة اردوغان
والتهديدات لا تنتهي عند ذلك. فتركيا لا تخفي رغبتها في السيطرة على سوريا من خلال النظام الجهادي السُني. صحيح أن هيئة تحرير الشام واحمد الشرع لا يتبعان تركيا، لكن لما كانت تركيا هي القناة اللوجستية الوحيدة المفتوحة امامهم الان فهم ملزمون بالانصات لاردوغان وبالتأكيد عدم العمل ضد ارادته.
يبدو حاليا أن تركيا لا تعتزم السيطرة بشكل كامل على سوريا، بل جعلها جريرة سياسية وعسكرية من خلال إقامة جيش سوريا الجديد وإقامة قواعد في ارجاء سوريا، بما في ذلك في جنوبها، على مسافة بضع عشرات الكيلومترات عن أراضي إسرائيل. إسرائيل لا تريد تركيا على الحدود في الجولان، وبالتأكيد لا تريد ان ترى خليطا مركبا من الجهاديين، رجال القاعدة السابقين والأتراك.
ليست ملحة حقا لاردوغان الذخائر التي يضرب عينه عليها في سوريا، بل أساسا السيطرة على الإقليم الكردي شبه المستقل في شمال شرق سوريا. من يمنعه من اجتياحه هم الجنود الامريكيون هناك ممن يساعدون قوات جبهة سوريا الديمقراطية التي تتشكل من الاكراد ومن قبائل عربية سُنية تقاتل ضد داعش وبنجاح. المشكلة هي ان ترامب يريد ان يخرج جنوده من سوريا. وفي إسرائيل يجتهدون لاقناع رجال ترامب بإبقاء الجنود الأمريكيين في سوريا، على الأقل الى أن يستقر الوضع، كي لا يكون فريسة للاتراك الذين يخططون للاجتياح هناك. في الولاية السابقة لترامب هذا نجح، اما في الحالية – فليس مؤكدا.
أمس أعلن الرئيس السوري احمد الشرع عن اتفاق مع قائد القوات الكردية في الدولة على دمجها في المؤسسات السورية وفي الجيش السوري. وقد اتخذ القرار بعد لقاء بين الشرع وبين قائد قوات سوريا الديمقراطية – التحالف الذي يجمع القوات العسكرية الكردية – ويحظى بدعم الولايات المتحدة.
مصدر آخر يخاف سيطرة الاتراك هم الروس، الذين يريدون مواصلة الاحتفاظ بقواعدهم في جنوب مدينة اللاذقية العلوية وميناء طرطوس الذي على الساحل الغربي السوري. هذه القواعد مطلوبة لروسيا كي تبقي تواجدا في شرق البحر المتوسط وكي تحافظ على الاتصال بمواقعها في افريقيا. حاليا هذه القواعد مشلولة لان سوريا حظرت على الروس اجراء رحلات جوية في مجالها الجوي والابحار في مياهها الإقليمية.
قلق إضافي هو أن تسلح تركيا وتدرب الجيش الجهادي للجولاني. معروف ان السعوديين يريدون أن يفعلوا هذا ومن المفضل أن يفعلوا هذا بدلا من الاتراك. في إسرائيل يدعون بان على أي حال لا حاجة للإسراع وتسليح الجولان ورجاله، لانه ليس واضحا ما هي نيتهم الحقيقية.
فاصل، حراسة ونفوذ
في ضوء هذه التهديدات تعتزم إسرائيل محاولة تصميم واقع جديد في المنطقة التي بجوار حدودها جنوبي دمشق. رئيس الوزراء نتنياهو ووزير الدفاع كاتس اعلنا منذ الان بان إسرائيل لن تكون مستعدة لان ينزل مسلحو النظام الجديد في دمشق جنوبا أو ان يتجول رجال الجنوب الجهاديون السُنة مسلحين في الجولان السوري. في هذه المنطقة توجد استحكامات عديدة وفيها سلاح تركه الجيش السوري، قد تستخدمه جهات معادية لإسرائيل. فضلا عن التحذيرات التي أرسلت في قنوات مختلفة مباشرة الى النظام في دمشق، تسعى إسرائيل لان تخلق منظومة دفاعية من ثلاث مناطق أو مقاطع جغرافية.
المقطع القريب من إسرائيل هو منطقة الفصل كما تقررت في اتفاقات فصل القوات في 1974، حيث تبقي إسرائيل تواجدا غير محدود زمنيا، بما في ذلك في تاج جبل الشيخ السوري الذي يسمح للرقابة على ما يجري في حوض دمشق وفي البقاع اللبناني. قاطع الفصل، بعرض متغير من بضع كيلومترات يمتد من قمة جبل الشيخ السوري وحتى مثلث الحدود الأردن – سوريا – إسرائيل في الحمة.
من خارج منطقة الفصل، توجد منطقة الحراسة وفيها قرى سورية كثيرة، والجيش الإسرائيلي دخل اليها موضعيا كي يمنع التسلح بمخزونات السلاح التي تبقت هنا وتواجد مسلحين من شأنهم أن يعرضوا للخطر بلدات الحدود. القاطع يتيح رقابة ونار لمسافات بعيدة.
ما وراء منطقة الحراسة توجد “منطقة النفوذ” التي تحاذي في الشرق طريق دمشق – السويداء (عاصمة الدروز، جبل الدروز). عرضها هو نحو 65 كيلومتر وتتضمن تجمعات الدروز في جبل الدروز وعرب سُنة معنيين بالعلاقة مع إسرائيل. المنطقة الدرزية أصبحت عمليا حكما ذاتيا في الحرب الاهلية، وإسرائيل تريد لها أن تبقى كذلك في المستقبل.
إسرائيل ترى في الإقليم الدرزي وسكانه عنصرا يوجد لها التزام تجاهه، بما في ذلك الحماية والتموين بالاحتياجات الحيوية بحكم الالتزام بالطائفة الدرزية. لكن إسرائيل تفكر بان تسمح – والان تجري محادثات في هذا الشأن – للدروز من السويداء العمل في البلاد، مثلما في عهد الجدار الطيب مع لبنان.
الإرادة الإسرائيلية
عمليا، هذه المناطق الثلاثة توجد منذ الان؛ الاستحكامات في منطقة الفصل أقيمت، الجيش الإسرائيلي يقوم باعمال الدورية في منطقة الحراسة ومع مجال النفوذ تجري اتصالات في مستويات مختلفة من الكثافة. لكن في سوريا في هذه اللحظة كل شيء مفتوح، وحتى الروس قلقون، بل ويتقاسمون هذا مؤخرا مع إسرائيل، عقب المعارك بين النظام والعلويين في غربي سوريا. هذه المعارك تجري قرب القواعد الروسية، والكثير من العلويين يختبئون فيها.
في هذه اللحظة ليس لإسرائيل نية للتدخل، فما بالك أن المواجهة بين النظام السُني – الجهادي في دمشق وبين العلويين مؤيدي الأسد في منطقة الشاطيء نشبت على خلفية نية العلويين التمرد على النظام الجديد، بالضبط مثلما فعل السُنة في حينه ضد الأسد.
إسرائيل تراقب من الجانب، تفرض أساسا من خلال سلاح الجو ولا تخفي ارادتها في أن تصبح سوريا فيدرالية. في الماضي نشر ان ترامب تحدث مع نتنياهو وطرح إمكانية أن تسيطر إسرائيل على سوريا. في القدس لا توجد نية كهذه، لكن الاسناد من ترامب يسمح لوزير الدفاع ولرئيس الوزراء ان يحاولا على الأقل تصميم واقع جديد مجرد من السلاح جنوبي دمشق في المنطقة المجاورة للحدود مع إسرائيل.
-------------------------------------------
يديعوت 11/3/2025
بدون سياسة اسرائيلية واضحة، ترامب يفتح قناة لحماس ويأخذ في يديه خيوط التحكم
بقلم: بن درور يميني
الحزب الجمهوري، كما رووا لنا، في جيبهم. عصر جديد يبدأ. قبل كل شيء، وكيف لا، رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو. جمهوري أكثر من الجمهوريين. صحيح أنه خرق بقدم فظة إطار الحيادية الإسرائيلية بالنسبة للسياسة الامريكية، واغضب يهود الولايات المتحدة أيضا. لكنه اعتقد أن هذا سيكون مجديا. بعده يظهر ربيبه، رون ديرمر، امريكي أكثر مما هو إسرائيلي، علاقاته مع القيادة الجمهورية بعامة ومع محيط ترامب بخاصة، هي رمزه التجاري. وكي لا يكون ممكنا دق اسفين بين القدس وواشنطن فقد جندت الصحافية كارولين غليك، كي تكون مستشارة العلاقات الخارجية لرئيس الوزراء. غليك، أمريكية في الأصل، هي مؤيدة واضحة لدولة واحدة، من البحر حتى النهر. ولكن من جانب اليمين. مصدر مطلع قال لي انه ليس مثل غليك، المتفوهة الفائقة، مع علاقات وثيقة بهذا القدر مع اليمين الأمريكي. مع منتخب كهذا، فان التنسيق الكامل بين الولايات المتحدة وإسرائيل لم يظهر ابدا واعدا بهذا القدر.
وكحجم التوقعات يكون حجم خيبة الامل. هذه ليست إدارة معادية. بالعكس. فلا حاجة لتجاهل سلسلة خطوات هامة، من استئناف ارساليات السلاح، من فرض عقوبات على ايران، من التصميم لمكافحة اللاسامية المتنامية في الجامعات يحتمل ان هذه الأمور كانت ستحصل أيضا مع حكم آخر في إسرائيل. لكن لا شك أنه يوجد معنى للايديولوجيا المشتركة وللخط المباشر، المفتوح، الشخصي، متعدد القنوات، بين واشنطن والقدس.
لكن شيئا ما تشوش. محادثات مع حماس هي صفعة لنتنياهو وديرمر. سبق أن كانت إدارة جمهورية ادارت محادثات مع الفلسطينيين. وزير الخارجية الأمريكي في 1988 كان جورج شولتس القوي. ياسر عرفات كان يفترض أن يصل للخطابة في الأمم المتحدة. لا دخول، أوضح شولتس، الا اذا اعترفت بدولة إسرائيل. وليس مجرد هذا، بل كدولة يهودية. عرفات قال أمورا غامضة. لا، قال له شولتس، واملى عليه، كلمة كلمة، صيغة التصريح. وعرفات، بصوته، اعلن عن الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية. لم يخرج من هذا شيء. عرفات لم يقصد، وبعد وقت قصير من ذلك أيد اجتياح صدام حسين للكويت، وتسبب بنكبة أخرى، لان مئات الاف الفلسطينيين طردوا من الكويت.
إذن ماذا حصل؟ ماذا تشوش؟ يخيل ان عصبة الجمهوريين الذين يسيطرون في إسرائيل أيضا نسوا أن الحديث يدور عن ترامب ذاته، ولنذكر مرة أخرى، الذي ادار المحادثات مع طالبان في 2019، ووقع على اتفاق انسحاب من أفغانستان في 2020. لان ترامب كان مفعما بالغاية. أراد ان ينهي الحرب الطويلة وباهظة الثمن. فالروس كانوا هناك قبل الولايات المتحدة، غرقوا في الوحل امام المجاهدين وانسحبوا مع الذيل بين الساقين. إسرائيل وجدت صعوبة في أن تستخلص الدروس من تلك الحروب امام منظمات إرهاب، واكثر من ذلك، وجدت صعوبة في أن تفهم بان ما فعله ترامب مع طالبان قد يفعله مع حماس.
وبالاساس، نحن في حفلة تنكرية. فمنذ سنين وإسرائيل تدير علاقات وثيقة مع قيادة حماس، حتى وان كان فقط من خلال وسطاء. إسرائيل هي التي توصلت المرة تلو الأخرى الى اتفاقات مع منظمة الإرهاب، وإسرائيل هي التي اتاحت لحماس بالتعاظم الهائل. هذا كان يناسبها. فهل لإسرائيل مسموح ومحظور على الولايات المتحدة. الفارق الوحيد هو أن الولايات المتحدة اشاحت الأقنعة.
ترامب بالذات منح يدا حرة لنتنياهو. إفعل ما تريد، قال له ومنحه أيضا الوسائل. ترامب عاد أيضا وأوضح بانه يريد تحرير المخطوفين. ترامب ورجاله لم يبدوا فقط عطفا على عائلات المخطوفين، مقارنة بنتنياهو، بل حتى عملوا اكثر كي يحرروهم. هذه ليس فقط إنسانية، بل مصالح إقليمية للولايات المتحدة أيضا، المصالح العالقة طالما لا يوجد حي لمشكلة المخطوفين والقطاع.
لكن الأيام تمر ونتنياهو لا يفعل أي شيء. خرق الاتفاق مع حماس ورفض المواصلة الى المرحلة الثانية. على ما يرام أن تخرق اتفاق مع منظمة إرهاب. شريطة أن يكون البديل مجديا اكثر. فاي بديل عرضه نتنياهو؟ وقف التموين الإنساني، هذا لا يحرك ساكنا لزعماء حماس. بالعكس. هذا يعزز هوية الضحية التي يطورونها. هذا ليس ضعفهم. هذه هي قوتهم. وقف الكهرباء؟ يدور الحديث عن خط الكهرباء الوحيد المتبقي لغرض تحلية المياه. حسب شهادات مخطوفين عادوا، هذا سيؤثر على المخطوفين الذين على أي حال لا يحظون بماء مناسبة. إذن على ما يرام ان تعاقب الفلسطينيين. خسارة بعض الشيء ان هذه عقوبات تعد كالسيف المرتد.
هذه هي الخلفية. كلما تبين لترامب أن في إسرائيل لا يوجد زعماء بل عصبة من الاغبياء – فقد فعل ما يعرف ان يفعله. ان يخرج عن القواعد. ان يفاجيء. وليس لان هذا كان مجديا. حماس هي الأخرى، مثل طالبان وعرفات قبلهم، مثلما اعترف امس وزير الخارجية ماركو روبيو، ليس فقط لا توفر البضاعة، بل توفر بضاعة معاكسة. اعتدال لا يوجد هناك. ولا يزال، الجمهوريون الإسرائيليون تلقوا الضربة. لان السياسة اهم من العلاقة الشخصية. وحين يكون بدلا منها لا يوجد الا سخافة، فلا يتبقى للإدارة الامريكية مفر، اخذت خيوط التحكم.
-------------------------------------------
هآرتس 11/3/2025
“سنسرع قدوم المسيح”.. جيش يأتمر بأمر المستوطنين: كلنا خدم في كنيس سموتريتش
بقلم: يوعنا غونين
دهشة وصدمة: مستوطن كبير في الجيش سرب معلومات سرية للقيادة العليا السياسية لمشروع الاستيطان! حسب التقرير في “كان 11”. العميد احتياط ايرز فينر، قائد طاقم التخطيط التنفيذي في قيادة المنطقة الجنوبية، نقل إلى وزير المالية سموتريتش معلومات أمنية حول خطط عملياتية في قطاع غزة. هذا نشر مهم ومقلق، لكن يصعب القول بأنه مفاجئ. عملية “خلد في الكابنت” هي بالإجمال استمرار مباشر للتنسيق الوثيق بين الجيش والمستوطنين. وهما كيانان تحولا إلى جسم واحد مع حدود مطموسة وأهداف مشتركة.
بصورته الحالية، الجيش الإسرائيلي لا يدافع عن المستوطنين فحسب، بل يخضع لأوامرهم ويخدم أيديولوجيتهم. لذلك، يوفر الجنود المعلومات للمستوطنين، التي تساعدهم على تشويش نشاطات عملياتية أو التملص من القانون. ليس صدفة أن يسمي تقرير لـ “نحطم الصمت” من العام 2016، الذي وصف العلاقات بين الطرفين، بالاسم الصحيح “القيادة العليا”، إشارة إلى من يقرر الوضع على الأرض.
تظهر في التقرير شهادات كثيرة لجنود، تظهر كيف يشارك المستوطنون في فرض الحكم العسكري على الفلسطينيين، ويأمرون الجنود ويشاركون في اتخاذ القرارات في الجيش. علاقات القرابة والوصول إلى المعلومات السرية يتم استغلالها لتشويش نشاطات إنفاذ القانون، الموجهة ضد المستوطنين، مثلاً، في الحالات القليلة التي عمل فيها الجيش على إحباط الإرهاب اليهودي. “لا شك أننا عملنا لدى المستوطنين”، شهد نقيب خدم في منطقة الخليل.
في العقد الذي مر، لا سيما منذ 7 أكتوبر الذي حول الجيش إلى جيش انتقام، تطورت علاقة التكافل هذه إلى أبعاد وحشية. تتجول دانييلا فايس بشكل دائم في قطاع غزة وكأنها مندوبة مبيعات لوكالة عقارات، التي تفحص تقدم المشروع. في مكان ما في لبنان، يتم إرسال الجنود ليكونوا حراساً لعالم آثار لديه خيال مسيحاني في مهمة هدفها الوحيد تأكيد حق الشعب اليهودي في أرض إسرائيل الكاملة وأكثر من ذلك.
في هذه الأثناء، حصل المستوطنون في الضفة على ضوء أخضر لتوسيع سيطرتهم، ويستخدم الجيش كجهاز حماية وتنظيم للعملية. الإرهابيون اليهود يقتحمون القرى ويحرقون البيوت وينكلون بالسكان – والجيش لا يمنعهم، بل يساعدهم. نشطاء يساريون يبلغون بأن الجيش نفسه يسرب معلومات للمستوطنين، مثلاً، التنسيق بين المستوطنين والجيش للتبليغ عن قاطفي الزيتون الفلسطينيين الذين ينسقون عملهم مسبقاً؛ للانقضاض عليهم. ما الذي يمكن توقعه عندما يأتي الضباط من مؤسسة التعليم التابعة لـ “جفعوت هشومرون” والإدارة المدنية التي يحكمها سموتريتش، وكل الجيش يسير وهو يحمل إشارة المسيح على الزي العسكري.
إذا كان ضباط كبار في الجيش قد سربوا مواد لوزير المالية كي يستخدمها للدفع قدماً بأجندتهم المتطرفة المشتركة، فإن الأمر يتعلق بتطور مرغوب فيه. إذا كان الجيش يشكل الذراع العسكرية لحركة الاستيطان، فلماذا لا تتم مشاركة المعلومات مع الذراع السياسي لنفس المخلوق الفرنكنشتايني؟ سموتريتش نفسه عزز هذا الموقف عندما أعلن بتفاخر رداً على النشر: “هل تبحثون عن الخلد. ادخلوا إلى كل كنيس في “الصهيونية الدينية” وستجدون العشرات، إذا لم يكن المئات، من الجنود والضباط بكل الرتب”. في حلمه، كل جندي في “الصهيونية الدينية” هو عملياً واش متحرك، وظيفته ضخ معلومات سرية لرؤساء الحركة. جيش كامل من العملاء، الذين يشرفون على ما يجري حولهم ويتأكدون من أنه يتساوق مع إملاءات الحزب. ما هذا الجمال. هذا بالضبط ما كنا بحاجة إليه.
-------------------------------------------
عن هآرتس 11/3/2025
عـالَـم تـرامـب الـنـووي !
بقلم: مردخاي ايش شالوم
أُصيب كثيرون في العالم الغربي الديمقراطي بالدهشة من تعامل ترامب الفظ والمهين مع الرئيس الأوكراني. على المستوى الاستراتيجي، التضحية باوكرانيا محاولة بائسة من قبل ترامب لفصل روسيا عن الصين؛ محاكاة بدائية للطريقة الأنيقة والمتطورة التي نجح فيها هنري كيسنجر في العام 1971 في فصل الماوية عن اللينينية. الحقيقة هي أنه منذ انهيار الاتحاد السوفييتي في العام 1989 أخطأ زعماء الولايات المتحدة وأوروبا خطأ كبيرا في تعاملهم مع روسيا. فبدلا من تقريبها من الغرب، مثلا عن طريق قبولها مرشحة في الاتحاد الأوروبي، وربما ضمها لـ «الناتو»، ضد «الخطر الأصفر»، دفعوها الى حضن الصين.
سُجلت ذروة الاستخفاف بروسيا في عهد براك أوباما وبوريس جونسون، اللذين انضم اليهما بصمت تقريبا كل زعماء أوروبا عندما قرروا وضع منظومات صواريخ ورادارات على أراضي بولندا والتشيك بالذريعة المضحكة؛ أن الأمر يتعلق بمنظومات دفاع ضد إيران وليبيا. في الوقت ذاته بدأت تدريبات ومناورات بالنيران لجيوش «الناتو» في دول البلطيق القريبة من الحدود الروسية. حتى أن أوباما قال إن روسيا لم تعد دولة عظمى عالمية، وفي افضل الحالات هي دولة عظمى إقليمية. هذه السياسة الخاطئة، مقرونة بعقوبات اقتصادية، أجبرت روسيا على التوجه الى الصين، رغم الذاكرة التاريخية للنزاعات الحدودية بينهما في العام 1969 التي شملت معارك وسقوط أرواح، والتي اوشكت على الانتهاء بحرب شاملة.
يصعب أيضا التصديق بأن روسيا راضية عن أسعار الحضيض للغاز والنفط التي تضطر الى بيعها للصين، ومن حقيقة أن ملايين الصينيين هاجروا الى شرق روسيا، وسيطروا هناك بأموالهم على مصالح تجارية ومصانع ومزارع وغابات غير قليلة.
تنطوي محاولة ترامب، الآن، على خطر كبير؛ لأنها تثير تخوفات كبيرة في أوساط حلفائه في العالم. ليس بالصدفة أنه على الفور بعد طرد زيلنسكي من البيت الأبيض تمت دعوته للالتقاء مع زعماء الاتحاد الأوروبي، الذي حصل فيه ليس فقط على الدعم الدبلوماسي، بل على وعود اقتصادية، انضمت اليها دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا. في عقول معظم زعماء العالم الحر تمر فكرة تقول إنه لم يعد ممكناً الاعتماد فقط على الولايات المتحدة. لذلك، لن أستغرب اذا شهدنا حتى نهاية العقد حجارة دومينو نووية تسقط واحدة فوق الأخرى، أي تسلح نووي سريع لدول مثل ألمانيا، كوريا الجنوبية، واليابان، أيضا لدى السويد وفنلندا وإيطاليا وأستراليا ما يكفي من القدرة العلمية والتكنولوجية والصناعية كي تصبح دولا نووية.
المفارقة التاريخية هي أنه في حين كانت الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية هي التي منعت دولا مثل البرازيل والأرجنتين وحتى سويسرا من مواصلة رغبتها النووية، سواء عن طريق نشر مظلة نووية عليها أو عن طريق لي اذرع دبلوماسي، الآن سياسة ترامب يمكن أن تدفع دولا غير قليلة الى الإسراع الى التسلح بالسلاح النووي. وهكذا سنجد انفسنا في نهاية العقد في عالم جديد متعدد الأقطاب ونووي. يجعل الرئيس الأميركي عددا كبيرا من الزعماء يتوقفون عن الاعتماد على المظلة النووية الأميركية، فهم شاهدوا ذلك جيدا ولكنهم لم يرغبوا في أن يفهموا حتى النهاية معنى نزع السلاح النووي طوعا من أوكرانيا، وكذلك ليبيا القذافي، وكازاخستان. وهو نزع أدى الى احتلال أجزاء من الأولى، وتفكك الثانية، وتقريبا ثورة داخلية بدعم الغرب في الثالثة (التي تم وقفها من قبل روسيا، وحولتها الى تابعة لها). الآن بدؤوا يدركون فوائد الاستراتيجية النووية لكوريا الشمالية وسياسة العتبة النووية لإيران، التي تمنع مهاجمتها.
ما هي تداعيات كل ما قيل عن منطقتنا؟ هناك سر مكشوف وهو أن السعودية ترغب في الوصول الى توازن نووي مع ايران، وأن ترامب يمكن أن يعطيها المصادقة على تطوير دورة وقود نووية كاملة، بما في ذلك القدرة على إنتاج وتخصيب اليورانيوم كجزء من اتفاق التطبيع مع إسرائيل، أو قد توافق ضمنا على نقل السلاح النووي من باكستان، التي مولت السعودية اكثر من نصف تكلفة برنامجها النووي في حينه. الآن يوجد سباق نووي صامت وبطيء ومتدرج في الشرق الأوسط. لا شك أن دعم أميركا لروسيا سيسرع الخطط النووية لتركيا، التي توجد في ذروة عملية انشاء 20 مفاعلا نوويا مدنيا بمعرفة روسية حتى العام 2030. أعلن رجب طيب اردوغان أن بلاده تحتفظ لنفسها بالحق في تخصيب اليورانيوم أو معالجة البلوتونيوم. أيضا لا تخفي مصر يدها الموجودة في الصحن. يوجد لها بنى تحتية ومعرفة علمية وقوة بشرية، لكن تنقصها حتى الآن القدرة الاقتصادية. مع ذلك، هي الآن في عملية بناء مفاعل نووي مدني بمعرفة روسية، إضافة الى مفاعلين صغيرين للأبحاث فيها.
في العام 2009 حصل أوباما، الشخص الذي يكرهه ترامب، على جائزة نوبل في بداية طريقه استنادا للخطاب الذي القاه في براغ، الذي طرح فيه حلم السلام العالمي وتقليص السلاح النووي. الواقع كان معاكساً تماماً، في عهده حدث تدهور خطير في العلاقات مع روسيا، التي ذكرت بالحرب الباردة، وفشلت محاولة إجراء حوار بين إسرائيل والفلسطينيين، وتضاعف حجم القوات الأميركية في أفغانستان بثلاثة أضعاف، وأطلقت كوريا الشمالية صواريخ في المياه الإقليمية لكوريا الجنوبية واليابان وما شابه. الآن أيضا ترامب يمكن أن يحصل في بداية طريقه على جائزة نوبل إذا نجح في التوصل الى اتفاق سلام مؤقت بين روسيا وأوكرانيا، والتطبيع بين إسرائيل والسعودية، في موازاة اتفاق في غزة وفي الضفة، ولكن خطواته يمكن أن تحدث فيما بعد، باحتمالية عالية، عالماً متعدد الأقطاب، نووياً خطيراً.
-----------------انتهت النشرة-----------------