الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 3/4/2025 العدد 1274

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 3/4/2025
علاقات قطر في مكتب نتنياهو هي استثمار بهدف القدرة على الوصول
بقلم: تسفي برئيل
“علاقاتنا كانت مدهشة في فترة ولايتي الاولى، وهي ستكون اقوى في هذه المرة”، هذا ما اعلنه الرئيس الامريكي دونالد ترامب عندما التقى مع الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حاكم قطر، في ايلول قبل شهرين على الانتخابات الرئاسية في امريكا. “الامير اثبت أنه زعيم كبير وقوي لبلاده، التي يدفع بها قدما على كل المستويات بسرعة غير مسبوقة. هو شخص يريد السلام في الشرق الاوسط وفي كل العالم”، هكذا مدح الرئيس الضيف.
ليس فقط ترامب، بل ايضا الرئيس السابق جو بايدن كانت لديه اقوال دافئة عن قطر وحاكمها، وفي العام 2022 منح الدولة المستضيفة للقاعدة الامريكية الاكبر في الشرق الاوسط مكانة الحليفة الكبيرة غير العضوة في الناتو. يبدو أننا سنرى كيف سيكون ذلك، لأن هناك مبالغة كبيرة جدا في التقارير التي نسبت تشغيل رجال مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للحاجة الى تحسين صورتها في واشنطن. لقد كان لقطر وما زال مكان جيد جدا في صحيفة “تريبيون” الامريكية. من بين دول الخليج والدول العربية بشكل عام كانت السعودية هي التي بحاجة الى تحسين صورتها في الولايات المتحدة بعد قتل الصحافي جمال الخاشقجي، حيث أن تهمة التنفيذ القيت على ولي العهد محمد بن سلمان من قبل المخابرات الامريكية.
ليس دائما كانت العلاقات بين ترامب وقطر جيدة. ففي أيار 2017 اتهم ترامب قطر بتمويل ودعم الارهاب. تلك كانت سنة صعبة بشكل خاص بالنسبة لقطر التي عانت من الحصار والعقوبات الاقتصادية من قبل الجارة السعودية واتحاد الامارات والبحرين، وانضمت اليها مصر. ولكن كالعادة الرئيس الامريكي بعد نصف سنة، بخطوة ظهرت كصفعة للرياض وأبو ظبي، ترامب بالذات مدح علنا قطر بسبب نضالها ضد الارهاب وبسبب طموحها الى السلام.
ليست اسرائيل هي التي وقفت في حينه وراء هذا الانقلاب، بل وزير الخارجية الامريكي، ريكس تريلسون (الذي سيقال فيما بعد) هو الذي آمن بأن المصالحة بين دول الخليج حيوية من اجل الدفع قدما بالمصالح الامريكية في الشرق الاوسط.
لكن المصالحة التي سعى اليها “فنان الصفقات” لم تنجح. هذه المصالحة نضجت فقط في العام 2021 بعد أن اكتفت الدول المقاطعة باعلان “ولاء” قطر، بدلا من الـ 13 طلب التي طلبت منها كشرط لرفع العقوبات. هذه الطلبات شملت، ضمن امور اخرى، توقف قطر عن التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية وقطع علاقاتها مع ايران واغلاق قناة “الجزيرة” ووقف دعمها للارهاب.
قطر، التي طورت لها بؤرة في مكتب نتنياهو لم تقطع علاقتها مع ايران، الشريكة لها في حقل الغاز الاكبر في الخليج الفارسي، ولم تغلق قناة “الجزيرة” ولم تتوقف عن التدخل في شؤون الدول العربية. هي وتركيا ايضا أيدت الحكومة الرسمية في ليبيا ضد الجنرال الانفصالي خليفة حفتر، المدعوم من قبل مصر واتحاد الامارات، اللتان لم تتوقفا عن التدخل في شؤون الدول الاخرى، قطر مولت ايضا مليشيات اسلامية متمردة في سوريا، وهكذا فعلت السعودية وتركيا ايضا، ومثل جاراتها من دول الخليج هي تعمل في اثيوبيا والصومال والكونغو، هذه فقط قائمة جزئية.
القصة بين مصر وقطر اكثر تعقيدا. الرئيس حسني مبارك، حتى قبل ثورة الربيع العربي التي أدت الى عزله في شباط 2011، اعتبر قطر دولة شبه معادية، تحاول التنافس على القيادة التقليدية للعالم العربي، الذي وقفت في صدارته دولته، ومن وراء الكواليس عملت السعودية. “هذه دولة يمكن ادخال كل مواطنيها في فندق واحد”، استهزأ في حينه مبارك من قطر. التوتر بين الدولتين ازداد بعد اقتحام في العام 2008 اكثر من مليون فلسطيني الجدار في القطاع الى شبه جزيرة سيناء، ومبارك اتهم قطر بالمساعدة على العملية التي هددت الاستقرار في مصر. “أنتم تعيشون في بيت زجاجي. لا تتطاولوا على مصر وعلى دورها في خدمة القضية الفلسطينية”، قال مبارك في خطاب القاه امام القيادة العسكرية المصرية.
بعد ثلاث سنوات مبارك قال بأنه توجد لديه وثائق تدل على تدخل قطر في اندلاع ثورة الربيع العربي. وفي مقابلة مع صحيفة “اليوم السابع” المصرية قال في حينه “هم يعملون فقط من اجل انفسهم والآخرين لا يهمونهم. وأنهم يستفيدون من حمايتهم للقاعدة الامريكية التي اقيمت على اراضيهم”. لكن الشرخ الكبير الذي أدى الى قطيعة طويلة بين الدولتين تطور بعد عزل واعتقال محمد مرسي، ممثل الاخوان المسلمين الذي انتخب كرئيس في الانتخابات الاولى بعد الثورة.
بالنسبة لقطر التي خلال سنين اعطت الدعم والرعاية للاخوان المسلمين، واستضافت لديها من اعتبر الزعيم الروحي للحركة الشيخ يوسف القرضاوي، كان هذا انجاز سياسي وايديولوجي كبير جاء، الذي تم التعبير عنه على الفور بالمساعدات المالية الكثيفة بمبلغ 3 مليارات دولار ووعد باستثمارات بمبلغ 18 مليار دولار. ولكن النصر استمر سنة بالضبط. وفي 3 تموز 2013 تم اعتقال مرسي على يد الجيش برئاسة عبد الفتاح السيسي، الذي انتخب بعد سنة كرئيس لمصر. السيسي، الذي بدأ الحرب الضروس ضد حركة الاخوان المسلمين، اعتبر الحركة على الفور منظمة ارهابية، وأعاد سفير مصر من قطر. وبعد ذلك في 2017 كجزء من مقاطعة دول الخليج لقطر تم قطع العلاقات بين الدولتين.
لكن كل ذلك لم يمنع مصر من استضافة في 2014 قطر ودول اخرى للقاء الدول المانحة لاعادة اعمار قطاع غزة، الذي بادرت اليه مصر بعد عملية “الجرف الصامد”. قطر تعهدت في حينه بالاسهام بمليار دولار في مشروع اعادة الاعمار، والاتحاد الاوروبي تعهد بنصف مليار، في حين أن اتحاد الامارات والولايات المتحدة اكتفت كل واحدة منها بـ 200 مليون دولار.
منذ العام 2021، بعد انتهاء المقاطعة العربية لقطر، العلاقات بين مصر وقطر حظيت بدفء كبير، الذي وفر للسيسي جزء كبير لمشاريعه الضخمة التي بدأ في اقامتها ودهورت اقتصاد مصر الى شفا الافلاس. في 2022 وقعت مصر وقطر على عدة اتفاقات اقتصادية في اطارها استثمرت قطر 5 مليارات دولار تقريبا، مئات الشركات في قطر بدأت تعمل في مصر، وفي السنة الماضية تم التوقيع على عدة اتفاقات تستهدف توسيع حجم استثمارات قطر، لتصل الى 7 مليارات دولار في العام 2026. هذا اضافة الى الودائع الكبيرة التي وضعتها قطر في البنوك في مصر من اجل زيادة احتياطي العملة الصعبة فيها، وتمويل جزء من النشاطات الجارية في الدولة، والمساعدة في تمويل في اقامة ميناءين جديدين ومشروع عقارات ضخم في الشاطيء الشمالي في مصر، الذي يتوقع أن تكون قطر شريكة فيه.
مثل العلاقات بين قطر والولايات المتحدة فهكذا ايضا في كل ما يتعلق بعلاقات قطر مع مصر. مشكوك فيه أن الشيخ تميم أو رئيس الحكومة محمد عبد الرحمن بحاجة الى وساطة مستشاري نتنياهو كذراع تساعد على التنافس بين قطر ومصر، أو من اجل حملة تشويه ضد مصر لصالح قطر. الدولتان، كما اثبتت العلاقات السابقة بينهما، تعرفان كيفية غرس الابرة في عين الاخرى. عندما تكون العلاقات بين قطر وامريكا، لا سيما مع الرئيس دونالد ترامب، في ازدهار متواصل، وفي الوقت الذي فيه مصر ليست منافسة حقيقية وحتى تستند بشكل كبير على المساعدات من قطر، ولا يقل عن ذلك اهمية الاموال التي تأتي من عمل 150 ألف عامل مصري في قطر، فانه لا حاجة الى البحث عن ذريعة ملموسة ومباشرة لـ “استثمار قطر” في مكتب نتنياهو. الحديث يدور عن “استثمار من اجل القدرة على الوصول”، الذي كل دولة كانت ستكون مسرورة من الانضمام اليه لو أنها تستطيع ذلك. فهو بالتأكيد اقل من الملياري دولار التي استثمرتها السعودية في شركة “انفنتي” بملكية جارد كوشنر، صهر ترامب. ايضا قطر واتحاد الامارات استثمرت في نفس الشركة مئات الملايين.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 3/4/2025
القيادة العليا تخطيء مرتين وثقة الجمهور بالجيش تتضرر
بقلم: رون بن يشاي
ترتكب القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي خطأين يكلفان الجيش ضررا جديا بصورته وبثقة الجمهور به. الخطأ الأول هو عرض التحقيقات المهنية للجيش على جماعات أهلية مست كارثة 7 أكتوبر 2023 باعزائها بالشكل الأكثر وحشية ودمارا. اما الخطأ الثاني فهو المعالجة المتسامحة وغير الناجعة على الاطلاق لخرق الانضباط العملياتي والانضباط العسكري وسلم قيم الجيش في اثناء هذه الحرب، ولا سيما في الضفة وفي القتال في قطاع غزة.
سكان الكيبوتسات والمدن في ما يسمى “غلاف غزة” يريدون اليوم أكثر من أي شيء ان يفهموا ما الذي أدى وما الذي تسبب بسلسلة الإخفاقات التي في تجمعها تسببت بالكارثة الأخطر التي وقعت بالشعب اليهودي منذ المحرقة. العائلات والأشخاص الذين اختطف اعزاؤهم وقتلوا ودمرت بيوتهم وهم يعانون من الصدمة يريدون أن يعرفوا من المذنب وكذا يريدون للمسؤولين الأساسيين أن يدفعوا الثمن.
اما الجيش من ناحيته فقد أجرى تحقيقا هدفه المعلن كان استخلاص دروس مهنية بالمعنى الاوسع للكلمة. لكن هذه لا تزال دروسا مهنية – عسكرية تركز على شكل عمل محافل الجيش المختلفة ابتداء من القيادة العليا وانتهاء بالمقاتلين في الميدان. وقد نزلت التحقيقات في بعض الأحيان الى التكتيك الأصغر واستخدم المحققون تعابير مهنية عسكرية. كما ان الدروس التي استخلصت كانت دروسا مهنية وقيمية تناولت فقط وحصريا الشكل الذي عمل به الجيش الإسرائيلي.
اخفاق متعدد المنظومات
لقد كان القرار بعرض هذه التحقيقات على الجماعات الاهلية التي تضررت خطأ جسيما لان مجرد حقيقة أن الجيش الإسرائيلي فقط هو الذي عرض تحقيقاته التي ركزت تقريبا لكن حصريا على الشكل الذي عمل به الجيش الإسرائيلي تتسبب بتشويه الصورة الحقيقية وهي أن الإخفاق كان، اذا ما استخدمنا التعبير الطبي “متعدد المنظومات”، والمسؤول عنه جهات عديدة في المنظومات السياسية والأمنية لدولة إسرائيل.
للمحققين من الجيش، الذين هم بالتأكيد رجال جيش مهنيون ومدربون لم تكن إمكانية قانونية أو فنية للتحقيق في عمل الشرطة، الشباك والمستوى السياسي في الاحداث التي حققوا فيها. كانت أماكن قليلة في هذه التحقيقات ألمح فيها بدور الشباك او الشرطة وفي أحيان قليلة أيضا المستوى السياسي. لكن هذه كانت مجرد تلميحات بحقائق لم يحقق فيها. وحدها لجنة تحقيق رسمية لو كانت أقيمت وتصرفت كما ينبغي كفيلة بان تعطي صورة متوازنة عن دور كل جهة حكومية استخبارية وأمنية في كارثة 7 أكتوبر وتضع الأمور في التوازنات الصحيحة بالنسبة لكل جسم، جهة، وحتى شخص مسؤول.
لجنة تحقيق رسمية، كما فهمنا بعد لجنة التحقيق التي حققت باخفاقات حرب يوم الغفران ليست معصومة عن الخطأ. لكن يمكنها على الأقل ان تضع الأمور في توازن. نحن نريد أن نعرف من المسؤول، وكذا من المذنب في سلسلة الإخفاقات التي أدت الى مذبحة، اختطاف واغتصاب في أراضي دولة إسرائيل السيادية. الجيش كان الأول الذي سارع مسؤولوه من رئيس الأركان ودونه لاخذ المسؤولية والاعتراف بالفشل، وهذه الحقيقة لا بد ستسجل في صالحهم. كما أن الشباك فعل ذلك، وكبار رجالات الشرطة وان كان بلغة هزيلة، اعترفوا بالمسؤولية. لكن الجيش قاد، وبعد ذلك عندما قرر رئيس الأركان هرتسي هليفي أن يكون صدّيقا اكثر من البابا وان يعرض التحقيقات على سكان الغلاف، تسبب في أن يعتبر الجيش في نظر المتضررين وفي نظر التاريخ كالمذنب الأساس وليس عن حق.
أناس غلاف غزة لم يتلقوا الصورة الكاملة، بعضهم حتى لم يفهم التعابير والدروس العسكرية المهنية والاسوأ هو أن المستوى السياسي الذي لم يأخذ المسؤولية ويتملص بجبن يثير القرف من لجنة تحقيق رسمية يخرج كاسبا من ذلك. نتنياهو ورجاله الذين اجتهدوا منذ البداية بدحرجة المسؤولية الى الجيش، الشباك والشرطة، كسبوا من فائض النزاهة لدى هرتسي وكبار رجالات هيئة الأركان الذين تطوعوا لان يقفوا ويعترفوا بالذنب امام جماهير غلاف غزة وخلقوا بذلك عرضا عابثا وكأنهم هم المذنبون الوحيدون.
اما كبار رجالات الشباك والشرطة بالمقابل فقد تصرفوا بحكمة عندما نشروا أساس تحقيقاتهم في وسائل الاعلام بتعابير عامة يفهمها كل واحد دون أن يدخلوا الى التفاصيل والى الدروس المهنية والى مواجهات جبهوية من المحققين مع سكان الغلاف المتألمين، الغاضبين بل وبعضهم المفعمين بنزعة الانتقام.
تسامح وتحقيق عليل
خطأ إضافي ترتكبه القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي الان أيضا بقيادة رئيس الأركان ايال زمير هي المعالجة الرقيقة والمتسامحة لخروقات الانضباط العسكري من مقاتلين وقادة في مستوى الميدان في اثناء القتال في قطاع غزة وهذه الأيام في الضفة. هذا يبدأ بشارة “مسيح” الصقها مقاتلون على اكمامهم، لكن هذه مخالفة لقوانين الانضباط والعرف العسكري كان يمكن ربما التعاطي معها بتسامح في فترة حرب. ما لا يمكن التعاطي معه بتسامح ومحظور هو خرق أوامر فتح النار نحو الفلسطينيين مقابل الحالات الكثيرة جدا التي سمح فيها الجيش الإسرائيلي، الذي هو صاحب السيادة في أراضي الضفة لمشاغبين يهود من بين المستوطنين لان يأخذوا القانون في أيديهم وان يمسوا بالفلسطينيين. فعنف المشاغبين اليهود، وبعضهم بالبزات العسكرية كونهم رجال احتياط في الالوية الإقليمية للجيش الإسرائيلي، ليس فقط يمس بالشرعية الدولة والقانونية لإسرائيل في الدفاع عن نفسها بل يخلق في الضفة وربما الان أيضا في غزة جزرا من انعدام الحوكمة مثل انعدام الحوكمة القائم في الوسط العربي حيث يعربد القتلة الجنائيون بلا أي عائق تقريبا.
ان التسامح الذي يبديه الجيش الإسرائيلي، الذي لم يحقق كما ينبغي بالحالة التي قتل فيها اكثر من عشرة من عاملي الإغاثة والهلال الأحمر الفلسطيني في رفح وحالات مشابهة، مثلما في قرية دوما مؤخرا يخلق رويدا رويدا ليس فقط جزرا من انعدام الحوكمة بل وأيضا ميليشيات العنف هو وسيلتها لتنفذ ليس فقط نزعة الثأر لديها بل وأيضا – وربما أساسا – أهدافا سياسية. إذا لم يضغط رئيس الأركان زمير وبشدة على الكوابح فمن شأنه أن يأسف على ذلك.
لعله يمكن أن نفهم التسامح الذي أبداه رئيس الأركان هليفي في بداية الحرب لهذه الظواهر، عندما كان الدم لا يزال يغلي وذكرى مذبحة 7 أكتوبر كانت لا تزال طازجة، اما الان فعلى الجيش ان يكون أكثر متصلبا ومتشددا في انفاذ الانضباط العملياتي والقيم العسكرية. اذا لم يحصل هذا فمن شأنه أن يتسبب بالضرر الأخطر الذي ينبغي أن يخيف الجيش وشعب إسرائيل – عربدة عديمة اللجان بخلاف الانضباط العملياتي لقيم الجيش ستضر بدافع قسم هام من القادة والمقاتلين الذين سيشككون بعدالة الطريق. التشكيك بعدالة الطريق هو ضرر بعيد المدى نرى بوادره منذ الان في “التملص الخفي” لعدد يتزايد باستمرار من جانب جنود الاحتياط.
-------------------------------------------
هآرتس/ ذي ماركر3/4/2025
في اسرائيل لا يوجد من يهتم بتطبيق توصيات OECD
بقلم: ميراف ارلوزوروف
من غير المؤكد أن الوزير دودي امسالم يعرف ماتياس كورمان، مدير عام الـ OECD. ولكن كورمان يعرف امسالم ونشاطه جيدا. كورمان يبدو أنه تأثر بشكل كبير من فلسفة وزير التعاون الاقليمي العميقة. لذلك فقد خصص له فصل جزئي كامل في تقرير الـ OECD عن اقتصاد اسرائيل الذي تم نشره أمس. الفلسفة الحكومية لامسالم، المسؤول ايضا عن الشركات الحكومية، هي تعيين الاصدقاء لادارة الشركات الحكومية. من الذي سأُعينه؟ أنا اطرح الاشخاص الذين اعرفهم. من هو الصديق؟ “الاشخاص المناسبين، الاشخاص الجيدين”، قال بدون خجل في مقابلة مع وسائل الاعلام.
قبل بضعة اشهر عمل امسالم على تنفيذ سياسته عندما عين لجنة خبراء برئاسة البروفيسور آساف ميداني من اجل فحص الغاء مجالس الادارة في الشركات الحكومية. لجنة ميداني اوصت بالغاء مجالس الادارة ونقل مهمة تعيين مجالس الادارة للوزراء، أي أنها مهدت الطريق امام تعيين اصدقاء امسالم.
نزلت على آذان صماء
“لماذا في شركة الكهرباء لا يكون أب له ستة اولاد بدون تعليم يسأل كيف سيدفع ثمن الكهرباء؟ كشف امسالم نيته فيما يتعلق بتوصيات لجنة ميداني. “لماذا في القرية الخضراء (شركة حكومية) لن تكون أم لا تفهم الموازين ولكن يوجد لها أولاد في مدارس داخلية؟ اسهامها سيكون كبير. “نحن ننوي جلب اشخاص متنوعين، بلون آخر واسهام مختلف”.
ضرر مؤكد للاقتصاد
فقط عندما تبين أن افكار امسالم العميقة هي هراء مدمر عند قراءة الفصل الجزئي في الـ OECD، الذي كرسه لهذا الموضوع، يتبين أن مسألة ادارة الشركات الحكومية، بالاساس في الدول التي فيها الشركات الحكومية تسيطر على جزء اساسي من الخدمات مثل المياه والكهرباء والمجاري والقطارات وما شابه، توجد على اجندة الدول المتقدمة بسبب التأثير السلبي الذي يمكن أن يكون لهذه الشركات على المنافسة والخدمات المقدمة للمواطن.
حسب تقرير الـ OECD فان الشركات الحكومية ليست بالضرورة أمر سلبي، شريطة أن تتصرف بشكل جيد. من اجل النجاح يجب عليها أن تكون تنافسية، الامر الذي يعني أنه يجب عليها التصرف فقط حسب المباديء التجارية. بعض الدول، الناجحة اكثر بقليل من اسرائيل، مثل فنلندا، النرويج، السويد، ايطاليا وسلوفانيا، اجرت في السنوات الاخيرة اصلاحات في ادارة الشركات الحكومية فيها، مع تبني مباديء الـ OECD: ضمان أن الدولة تتصرف كمالكة تجارية، وأن الشركات الحكومية تتصرف مثل شركات تجارية، كي تكون منافسة متساوية بين الشركات الحكومية والخاصة وما شابه.
ماذا بشأن اسرائيل؟ الـ OECD في الحقيقة مباركة الشركات الحكومية على تحديد اهداف ربحية لها. ولكنها ذكرت أنه في اسرائيل لا توجد استقلالية لمجالس الادارة، وأنه يتم انتخابها من قبل الوزراء. باختصار، الاصلاحات الذكية التي يقترحها امسالم معاكسة لما يجب فعله: تحت غطاء “أنا لن اسمح للاساتذة الاشكناز بالجلوس في مجالس الادارة” يعمل امسالم على تقويض الشركات الحكومية وضمان أن اقتصاد اسرائيل سيتضرر.
ماذا يضر اذا كانت هناك توصيات. الحالة الخاصة لامسالم هي الحالة العامة لتقرير الـ OECD عن اقتصاد اسرائيل. من غير الواضح لماذا كلف كورمان نفسه عناء كتابة تقرير يتكون من مئات الصفحات عن اقتصاد اسرائيل ومليء بالرؤى والتوصيات الممتازة. يكفي التوقف عند الصفحة 22 في التقرير. في هذه الصفحة يوجد جدول صغير فيه اقتباس لتوصيات في تقارير سابقة لـ OECD عن اسرائيل. بالاجمال خمس توصيات ذكرت هناك، وبعدها كتب ما حدث لهذه التوصيات فيما بعد.
التوصية بوقف دعم مخصصات طلاب المدارس الدينية – ادت الى زيادة 58 في المئة على ميزانيات المدارس الدينية منذ ذلك الحين. التوصية بجعل الرعاية النهارية مشروطة بعمل الوالدين لم يتم تبنيها. التوصية بزيادة الدعم للرعاية النهارية في المجتمع العربي أدت الى تقليص 15 في المئة على ميزانية الخطة الخماسية للمجتمع العربي. التوصية بالانتقال الى خمسة ايام تعليم (ملاءمة ايام عطلة الاطفال والاولاد) لم يتم تنفيذها.
القاريء الذي يحب الاستطلاع يمكنه الانتقال الى صفحة 43، مع توصيات اخرى، هذه المرة في مجال الميزانية والضرائب. هنا الـ OECD فقدت الصبر. فبدلا من تفسير ما حدث مع التوصيات الخمسة المذكورة فان الغاء الاعفاء من الضريبة على ضريبة القيمة المضافة، والغاء التسهيلات في الضريبة على مخصصات التقاعد وصناديق الاستكمال، وتغيير التسهيلات الضريبية لقانون تشجيع الاستثمارات المالية وتغيير قواعد الميزانية لضمان الاستقرار على المدى البعيد – خاصة في تفصيل التنفيذ كتب “لم ينفذ أي شيء”.
السؤال الممتاز هو لماذا يضيع كورمان وقته على دولة اسرائيل التي تتصرف كدولة ظلامية وبدائية. في العام 2012 عندما استخدم محافظ بنك اسرائيل في حينه ستانلي فيشر كل نفوذه من اجل ضم اسرائيل الى النادي الفاخر للدول الديمقراطية المتقدمة، كتب أن الاهمية الكبيرة للانضمام لهذا النادي هي تأثير المرآة. الامر الذي يعكس قدرات اسرائيل مقارنة مع الدول المتقدمة واظهار نقاط ضعفها النسبية.
ثمن معروف مسبقا
الامر ببساطة هو أنه كي يكون تأثير لشهادة “ثلث العام” يجب أن يكون هناك شخص في الطرف الآخر يريد التأثر، شخص يهتم باسرائيل ونجاحها والدفع بها قدما.
ذات يوم عندما كان رئيس الوزراء نتنياهو ما زال يتفاخر بوعده جعل اسرائيل من بين الافضل 15 دولة في العالم، كانت المقارنة الدولية التي تقدمها منظمة الـ OECD وتوصياتها الهامة حول تقليص الفجوات التي تعاني منها اسرائيل، لها وزن ثقيل.
الآن عندما ينشغل رئيس الوزراء بتحديد أن مؤسسات دولة اسرائيل هي الدولة العميقة، وينشغل باجراء تحقيقات سياسية ضدها، وعندما يبذل كل الجهود لضمان استمرار طلاب المدارس الدينية الحريدية في التعلم في المدارس الدينية، وقبولهم في مدارس الرعاية النهارية حتى بدون عمل، والتهرب من الخدمة في الجيش، فان هذه التوصيات ليس لها أي وزن. الـ OECD تكتب على الحائط، لكن لا يوجد أي أحد في الجانب الآخر يستمع، بل العكس تماما.
-------------------------------------------
هآرتس 3/4/2025
وهم الوضع الراهن هو وصفة لكارثة اخرى
بقلم: شاؤول ارئيلي وماعوز روزنطال
في الوقت الذي فيه الاهتمام العام ينصب على الحرب المتجددة في قطاع غزة، لبنان، سوريا واليمن، بقيادة حكومة اسرائيل القومية المتطرفة – المسيحانية، الى جانب محاولة اقالة حراس العتبة، وهي العملية الخطيرة جدا التي يتم تسريعها تحت رادار الاخبار. اسرائيل تسير بسرعة نحو الضم وفقدان الهوية كدولة يهودية وديمقراطية. هذه ليست نبوءة غضب لنهاية العالم، بل ادراك يرتكز الى تحليل منهجي وثابت للخطاب السياسي في اسرائيل حول موضوع النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين.
بحث شامل أجري مؤخرا، يرتكز الى تحليل 15 ألف منشور في شبكة “اكس” (تويتر) لرؤساء الاحزاب الاسرائيلية من العام 2018 وحتى نهاية العام 2024، يكشف الاكاذيب التي توجد في نظرية “الوضع الراهن” – الوهم المريح والمعروف للجمهور في اسرائيل كـ “ادارة النزاع”. تحت غطاء ادارة الازمات الدارجة فان اسرائيل تسير بخطى ثابتة نحو ضم المناطق وفرض سيادة اسرائيل عليها. وهي العملية التي ستقرر مصيرها كدولة ابرتهايد أو كدولة ثنائية القومية.
البيانات تتحدث بوضوح مقلق: من بين الـ 15.135 منشور التي تم تحليلها، 9692 تطرقت الى الوضع الراهن، مقابل عدد قليل من المنشورات التي تطرقت الى بدائل سياسية بعيدة المدى: 886 للانفصال، 848 للضم، فقط 333 لاتفاق الدولتين. المعنى واضح، المؤسسة السياسية تفضل تطوير وهم الوضع الراهن، الذي ليس إلا قناع للضم الزاحف. هذه آلية خداع ذاتي وجماعي، تمكن الجمهور من الاعتقاد بأن الوضع الحالي يمكن أن يستمر الى الأبد، في حين أنه بالفعل كل يوم يدفع اسرائيل نحو واقع الدولة الواحدة، الذي لا يمكن التراجع عنه. في حين أن الجمهور اسير لوهم “الوضع الراهن” فان اليمين المسيحاني القومي – المتطرف يعمل على الدفع قدما نحو واقع الدولة الواحدة.
التحليل يكشف توزيع “المنطقة الايديولوجية” بين المعسكرات السياسية في اسرائيل. بتسلئيل سموتريتش يقود خطاب الضم مع 143 اشارة – تقريبا الثلث (31.1 في المئة من اجمالي الاشارات في هذه الفئة)، مع مستوى تأييد مطلق تقريبا. ايتمار بن غفير يعرض دعم كامل للضم، وبنيامين نتنياهو ايضا، رغم أنه من اجل الاعلان الدولي يغطي على مواقفه الحقيقية تحت غطاء “أنا لا صلة لي بذلك”، يظهر دعمه الكامل للضم عندما يطلب منه التعليق على الموضوع.
من المفاجيء، لكن ربما غير مفاجيء جدا، اكتشاف أن اسحق غولدكنوفف، رئيس حزب حريدي، شريك ايديولوجي نشيط لسموتريتش وبن غفير. هذا تأكيد آخر على تحالف مصالح بين المسيحانية الجديدة، الدينية القومية – المتطرفة، وبين الارثوذكسية الحريدية، تحالف يعرض الطابع العلماني – الليبرالي لاسرائيل الى الخطر.
في المعسكر الثاني يئير لبيد يقود الخطاب حول امكانية عقد اتفاق سياسي مع 83 اشارة، نصف الاشارات في هذه الفئة. يئير غولان وايمن عودة، اللذان يمثلان الطرف اليساري الاقصى في الطيف، يؤيدان بشكل ثابت حل الدولتين والانفصال. ولكن صوتهما آخذ في الخفوت في المشهد السياسي الآخذ في التطرف. بني غانتس يستمر في التمسك بخطاب الوضع الراهن (637 اشارة)، فقط احيانا يصرح في صالح الاتفاق السياسي. هذا مؤشر واضح على امتناع كبار السياسيين في اسرائيل عن مواجهة الحاجة الى اتخاذ قرار استراتيجي شجاع.
الظاهرة الممتعة التي كشفها البحث هي استخدام مفهوم “الانفصال” – كلمة السحر التي تسمح بكل شيء ولا شيء – من قبل جميع المعسكرات السياسية تقريبا، في حين أنه يوجد لكل معسكر التفسير الخاص لهذا المفهوم. بالنسبة لعودة وغولان فان الانفصال هو اساس الانفصال السياسي والجغرافي، الذي سيؤدي الى دولتين، لبيد وغانتس يعتبران الانفصال خطوة يمكن أن تضمن اكثرية يهودية في دولة ديمقراطية. في حين أن سموتريتش وبن غفير يفسران الانفصال بأنه انفصال عرقي بدون تنازلات اقليمية، الامر الذي يعني عزل الفلسطينيين تحت السيادة الاسرائيلية.
هذا تمرين كلاسيكي في فلسفة السياسة لجورج اورويل، نفس الكلمة تستخدم لوصف احلام متناقضة كليا، مع خلق وهم لاتفاق واسع. في الواقع مفهوم “انفصال” ليس إلا وهم له دلالات، يمكن من استمرار المماطلة والتهرب من اتخاذ القرارات. خلافا لما كان يمكن توقعه فان احداث 7 اكتوبر لم تؤد الى مراجعة استراتيجية بشأن فشل سياسة “ادارة النزاع”. بالعكس، هي استخدمت بالذات كمسرع لزيادة التطرف في المواقف وتعزز الخطاب الامني قصير المدى.
الدليل على ذلك هو أن 53.5 في المئة من المنشورات التي تؤيد الضم نشرت منذ اكتوبر 2023. الحوار حول الوضع الراهن تقريبا تضاعف، من 1451 منشور مع قبل تشرين الاول 2023 الى 2658 منشور مع بعد ذلك. تأييد الانفصال، في المقابل، انخفض 24 في المئة. هذا يعتبر تناقض مقلق بشكل خاص. بالذات الحدث الذي كشف فشل سياسة ادارة النزاع أدى الى تعزز الخطاب الذي يؤيد هذه السياسة الفاشلة. اسرائيل تتصرف مثل المدمن الذي يقف امام حوض مكسور، لكن بدلا من الفطام من الادمان على وهم الوضع الراهن هي تقوم بزيادة الجرعة.
الربع الاخير في 2024 يوفر لنا صورة وضع محدثة للخطاب السياسي. فرغم انخفاض حجم الخطاب حول النزاع (1097 منشور مقابل 1260 منشور في نفس الربع في السنة السابقة) فان توجه التطرف والاستقطاب يتعزز. 96 في المئة من المنشورات التي تطرقت الى الضم تؤيده – نسبة مقلقة تدل على الاجماع الآخذ في التبلور في اوساط الذين يتعاملون مع الموضوع. نتنياهو في تمرين في مناورة معروفة تتمثل بـ “النفي المتعمد” امتنع في الربع الاخير من نشر منشورات حول الضم. هذه عملية مكشوفة تستهدف الحفاظ على الغموض الذي هو بحاجة اليه في الساحة الدولية.
في موازاة ذلك، غولدكنوفف ينحرف عن التيار العام التقليدي للحريديين ويطرح موقف يميني واضح حول الضم، وهو اشارة مقلقة اخرى على التطرف العام في المنظومة السياسية. لبيد، غولان وعودة، يستمرون في التمسك بمقاربة الاتفاق السياسي والانفصال، لكن صوتهم يضمر في الخطاب العام للجمهور.
الباحثون في النزاعات يحذرون من أن نقطة اللاعودة في النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين ليست موضوع نظري، بل هي عتبة حقيقية تقترب منها اسرائيل بسرعة. تقرير للامم المتحدة صدر في 2017 اشار الى أن الصراع يقترب من “نقطة اللاعودة” وأن التوجهات منذ ذلك الحين ازدادت حدتها.
الوضع الديمغرافي والجيوسياسي ووضع البنى التحتية في المناطق خلق وضع بحسبه الانفصال المادي بين المجموعات السكانية اصبح محتملا، لكن بثمن آخذ في الازدياد. الفلسطينيون في الضفة الغربية يبلغ عددهم حوالي 3.2 مليون شخص، لكن شبكة الطرق التي اقامتها وتقيمها اسرائيل خلقت واقع حبس الفلسطينيين بين المستوطنات التي اضيفت اليها بؤر استيطانية غير قانونية، بالاساس على شاكلة المزارع. في هذا الوضع فان التمسك بالوضع الراهن هو اختيار سلبي لمسار يؤدي الى واقع الدولة الواحدة، وهو الواقع الذي ستضطر اسرائيل الى الاختيار فيه بين الطابع اليهودي والطابع الديمقراطي.
النخبة السياسية في اسرائيل بقيادة نتنياهو اختارت استراتيجية تأجيل القرارات الحاسمة والتملص من الاختيارات الصعبة. ولكن المفارقة هي أن محاولة الامتناع عن الاختيار هي نفسها اختيار، الاختيار الذي أدى الى احداث 7 اكتوبر وسيؤدي الى ضياع الدولة اليهودية والديمقراطية. القانون الحديدي للوضع الديمغرافي لا يسمح لاسرائيل بمواصلة السيطرة على ملايين الفلسطينيين بدون اعطاء الحقوق المدنية والسياسية، من غير أن تصبح دولة ابرتهايد. في المقابل، اعطاء حقوق كاملة للفلسطينيين سيغير بشكل جوهري طابع الدولة اليهودي. الاختيار المتملص للوضع الراهن هو التدهور البطيء، لكن المضمون، نحو الهاوية. بالذات في فترة هزة جيوسياسية اسرائيل بحاجة الى قيادة شجاعة تكون مستعدة للقيام بالاختيارات الصعبة المطلوبة لضمان مستقبلها كدولة يهودية وديمقراطية.
الانفصال عن الفلسطينيين واقامة دولتين لشعبين هو الحل الوحيد الذي سيضمن مستقبل اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية. وأي حل آخر يمثل نسخة معينة من النفي هو وهم ذاتي أو خداع للنفس. كلما بكرنا في الاستيقاظ فان الثمن الوطني الذي سندفعه سيقل.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 3/4/2025
يمهدون الطريق للمناورة الكبرى
بقلم: مئير بن شباط
رئيس مجلس الامن القومي الاسرائيلي السابق
ان توسيع العمليات البرية للجيش الإسرائيلي في جنوب القطاع في ظل اخلاء السكان الى المنطقة الإنسانية في المواصي والاستيلاء على محور “موراغ” الذي يفصل بين خانيونس ورفح يستهدف تشديد الضغط على قيادة حماس للاستجابة لمطالب إسرائيل في موضوع المخطوفين، والى جانب ذلك سيساعد أيضا المناورة الكبرى المتوقعة في حالة عدم نجاح المفاوضات.
الى جانب الاعمال التي اتسعت في جبهات بيت لاهيا وبيت حانون، فان تشديد الهجمات الجوية المركزة في كل ارجاء القطاع، والحصار الذي بدأت باعطاء مؤثراته على الجمهور في غزة، يفترض بهذه العملية أن تدفع حماس للسماح بنبضة تحرير أخرى مع عدد اكبر من المخطوفين الاحياء (من ذاك العدد الذي في اقتراح حماس) ودون تعهد إسرائيلي لانهاء الحرب.
حاليا، سلوك حماس تجاه الخارج على الأقل، يبث قلقا من الوضع، لكن ليس أكثر من ذلك. الناطقون بلسان حماس يواصلون اتهام إسرائيل بافشال المفاوضات ويشددون – بما في ذلك في ضوء خطواتها الأخيرة – استعدادهم للوصول الى اتفاق. في نظرهم، المخطوفون الذين لدى المنظمة هم السلاح الوحيد المتبقي لها لتفرض عليها أربعة مطالبها: تعهد مسنود بضمانات دولية لعدم استئناف القتال، انسحاب الجيش الإسرائيلي الى خطوط 6 أكتوبر، تعهد بالسماح باعمار القطاع، وتحرير مخربين إضافيين من السجون في إسرائيل مقابل إعادة المخطوفين وفقا لمفتاح متفق عليه بين الطرفين.
مجال المرونة لم يستنفد بعد
ظاهرا، فان نية إسرائيل للحصول على المخطوفين وكذا لمواصلة ا لقتال تقف في تعارض تام مع مصلحة حماس. فما هو إذن الأساس للتفكير بان الضغط يمكنه أن يحرك حماس لتغير موقفها؟ يمكن الافتراض بان التقدير في إسرائيل هو أنه يوجد لحماس مجال مرونة لم يستنفد بعد. وينبع من العدد الكبير الذي في ايديها. والى هذا على ما يبدو تتجه الجهود الإسرائيلية الحالية.
في كل ما يتعلق بالمستوى الداخلي في غزة، ينبغي الافتراض بان خطوات إسرائيل ستزيد الغضب وستشجع الاحتجاجات ضد حماس من جانب قسم من الجمهور. لكن لا ينبغي ان نعلق بذلك امالا مبالغا فيها. الاحتجاجات الاصيلة التي نشأت في الأسبوعين الأخيرين لم تخلق تحديدا حقيقيا بحكم حماس. فالمتظاهرون غير منظمين تحت قيادة متبلورة. وليس لديهم إمكانيات ووسائل لتصعيد كفاحهم. امامهم تقف حماس – قوة كبيرة، قوية، مدربة ومسلحة. وتوجد لها قدرة لقمع كل تنظيم يشكل تهديدا عليها.
“العدو لن يحقق بواسطة الحرب والدمار ما لم ينجح في تحقيقه في المفاوضات”، وعد عزت الرشق، عضو المكتب السياسي لحماس، مع استئناف القتال في الفصل الحالي. ينبغي الاعتراف: التحدي الذي تقف إسرائيل امامه غير بسيط، لكن البديل الذين تضعه حماس امامها – استسلام لاملاءاتها وابقائها كجهة القوة المركزية في غزة – يقلص الإمكانيات التي لديها.
ان الظروف التي تعمل فيها إسرائيل اليوم كي تحقق أهدافها أفضل بلا قياس من تلك التي كانت في بداية الحرب: الاسناد من جانب إدارة ترامب والمظلة التي تمنحها في وجه الساحة السياسية والمؤسسات الدولية، التغيير في ميزان القوى في الشرق الأوسط. الوضع في ساحات القتال الأخرى، التجربة والثقة التي راكمتها قوات الجيش، ومع الفرق – وبحماس أيضا.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 3/4/2025
المواظبة على الفهم بان حكم حماس الافضل لم يعد مجرد خطأ استراتيجي
بقلم: آفي شيلون
كانت هذه كفيلة بان تكون اللحظة الأهم في الحرب في غزة منذ نشبت قبل نحو سنة ونصف. عمليا، كان يمكن لهذه ان تكون اللحظة التي كان ممكنا فيها أخيرا الموافقة على اننا تقدمنا نحو “النصر المطلق”. لكن يبدو ان هذه الفرصة أيضا تفوت بسبب قصر نظر الحكومة.
حصل هذا في الأيام الأخيرة، عندما نشبت في ارجاء غزة مظاهرات شجاعة من سكان محبطين احتجاجا ضد حكم حماس. هذه المظاهرات، حتى وان لم تكن جماهيرية، فانها اقصى ما يمكن لإسرائيل أن تتوقعه: سكان غزة يثورون ضد الحكم الذي ضحى بهم. كان يمكن استغلال الشرارة الأولى لاجل دعم الظاهرة بقوة لتصل حتى تمرد حقيقي على حماس. كان يمكن لهذا ان يكون الفعل الأكثر فاعلية لتصفية حكم حماس اكثر من كل جهد عسكري لانه يمكنه أن ينهي حكم حماس بشكل اصيل من جانب السكان انفسهم وبدء التغيير العميق في غزة.
الحقيقة هي أن إسرائيل تعرف كيف تتصرف في مثل هذه الأوضاع. بنيامين نتنياهو القى غير قليل من الخطابات التي بثت على اليوتيوب في اثناء الحرب والتي شجع فيها سكان ايران للتمرد على نظام آيات الله وسكان لبنان على التمرد على سيطرة حزب الله على الدولة. في خطاباته وعد بان إسرائيل ترغب بالسلام وستمنح المساعدة للشعب الإيراني واللبناني فقط اذا ما استبدل الحكم او محافل الإرهاب. مفهوم أنه يمكن المساعدة بوسائل سرية أيضا، لكن هذه المرة بالذات اكتفت إسرائيل برسائل الناطق العسكري، وفضلا عن ذلك: في احد التقارير عن الكابنت جاء انه ثار هناك تساؤل اذا كانت هذه المظاهرات اصيلة أم انها خدعة من حماس وكأن حكمها في خطر. هذا التساؤل سخيف: ماذا ستكسب حماس من العرض وكأن حكمها في خطر؟ وهذا تساؤل يمكنه أن يشهد أساسا على شيء واحد. ليس ملائما حقا لحكومة إسرائيل الحالية أن تعرض الغزيين في إمكانية التعايش مثلما هو تحرير المخطوفين ليس في رأس اهتمامها. بسيط ومريح أكثر عرض الحاجة – المبررة بالطبع – للقتال ضد حماس من محاولة الفصل بين السكان وبين حكم الإرهاب. فما بالك أن الحكومة مقيدة من سموتريتش وبن غفير وآخرين من الليكود ممن يفضلون اغداق الوعود على الجمهور الإسرائيلي لتحقيق خطة ترامب عن الترحيل.
وبالطبع، محظور الوقوع في الأوهام. فالمظاهرات كانت محصورة وكانت تمثل قسما صغيرا من السكان. يحتمل أن يكون الدعم الإسرائيلي سيضع المتظاهرين في خطر اكبر، إذ ان حماس تعمل منذ الان بشكل وحشي كي تقمعهم. المظاهرات ضد حماس لا تمثل بالضرورة أيضا تطلعا للتعايش مع إسرائيل بل أساسا الإحباط من المكان الذي تقود فيه قيادة حماس المتظاهرين، في اعقاب 7 أكتوبر، ولا يزال الى أن يكون ممكنا مشاهدة شرارات الوعي في غزة من حكم حماس فان من واجب القيادة الإسرائيلية أن تدعم بوسائل مختلفة كل متظاهر يتنكر حقا لها.
فضلا عن ذلك: احد الأسباب لتعزيز قوة حماس في السنوات الأخيرة كان يكمن في الفهم الإسرائيلي بان حكم حماس في القطاع جيد لإسرائيل. إذ انه طالما كانت حماس في الحكم لا يمكن الوصول الى تسوية الدولتين للشعبين كما تسعى السلطة الفلسطينية في الضفة. وعليه فمريح للحكومة التي على أي حال لا تؤمن بخيار الحل الوسط ان يكون امامها خصم معادٍ تماما. لكن المواظبة على الفهم بان حكم حماس افضل من كل محاولة لحكم فلسطيني آخر حتى في اعقاب 7 أكتوبر لم يعد مجرد خطأ استراتيجي. هذا تخلٍ عن المستقبل في صالح مفهوم يؤمن بان الواقع يمكن تغييره بالقوة فقط. دون الفهم بان الحياة أكثر تعقيدا بكثير.
-------------------------------------------
هآرتس 3/4/2025
“قصيرو القامة” في سباق الدخول لـ “نادي التفوق الأبيض”: قتلنا العرب وهجّرناهم
بقلم: يوسي كلاين
لحظة من السلام في الأسبوع الماضي: أعلن آلموغ بوكر بابتسام أن الآلاف يغادرون القطاع، وأن آخرين في الطريق للخروج. أنباء مفرحة، أنباء صهيونية. تجسيد حلم. العرب يختفون بدون أن تمس بهم يد بشر. نغمض العيون ونفتحها، ها هم اختفوا. حتى هذا ليس ترانسفير، بل “هجرة طوعية”؛ أي أن الشخص يمسك بشعره ويقوم بسحب نفسه إلى الخارج. طوعية، هذا واضح. ليس مجرد طوعية، بل برغبة شديدة. رغبة يخرجها الإنسان من نفسه بعد قتل عائلته وتدمير بيته.
هذا “تغيير تاريخي”، قال سموتريتش بعد مصادقة الكابنيت على إقامة مكتب لهجرة العرب. لو عرف أن آيخمان أدار مثل هذا المكتب لليهود (لا يوجد تحديث لهذا الفرع) لطلب على فوره محو هذا المعطى من الكتب التعليمية. ولكن سموتريتش لم يعرف. كيف سيعرف؟ فما شأنه بتعليم المواضيع الأساسية. كم يريحه عدم المعرفة! تعلمنا كيفية تقديرها من نتنياهو، أكبر الذين لا يعرفون في العالم: “لم يبلغونا ولم يوقظونا ولم يقدموا لنا تقريراً، ولم يمسكونا من ياقتنا”. هذا جهل طوعي. نعرف أنهم يهربون من غزة، لكننا نطلب منهم بشدة أن لا يقولوا لنا السبب. كل ما نحن بحاجة إلى معرفته هو أن جنودنا الأبطال وأولادنا الأعزاء هم الذين يذبحون العائلات هناك. معرفة ذلك قد تجعلنا مشاركين في الجريمة.
ماذا يكشفون لنا؟ المظاهرات في غزة، من قريب، من أعلى ومن الجانب. عندما يريدون منا المشاهدة يعرفون كيفية فعل ذلك. صحيح أنه كان يمكننا رؤية أكثر، لكن من يريد رؤية الأطفال الموتى (والمباني المدمرة بالذات تفرحنا). عندما يريدون منا عدم المعرفة، فلا نعرف. لا نعرف أي شيء عن الحرب التي تحدث الآن في غزة، ولا نعرف أي شيء عن مذابح اليهود في الضفة. المحللون مع الخرائط والسهام يصمتون مثل الأسماك.
لدينا ما يكفي من المشكلات. حدثونا إذا عن هجرة الفلسطينيين وليس عن هجرة الإسرائيليين. لا تقولوا لنا بأن 83 ألف إسرائيلي هاجروا في السنة الماضية (معطيات المكتب المركزي للإحصاء). لا تنشروا عن مئات الأطباء الذين غادروا. لا تفعلوا قصة من ذلك. الهجرة من إسرائيل لا تثير النشوة المكبوتة في آلموغ بوكر مثل الهجرة من غزة. هم لا يتحدثون عنها.
عم يجب التحدث؟ عن أن معظم المهاجرين من عائلات شابة من مركز البلاد؟ وأن نصفهم في جيل 20 – 45؟ وأن سبب هجرتهم الرئيسي سياسي؟ ربما آلموغ بوكر لقناة “الجزيرة” سينفعل من هذه الأرقام. ربما أنه، مثل سموتريتش، يعتبر الأرقام “تغييراً تاريخياً” يشير إلى بداية التفكك. ربما يعتقد أن هجرتنا تشير إلى نهاية الدولة. هرب الأدمغة من إسرائيل إشارة مشجعة، وبالنسبة لنا هو الساعة الكبيرة للوسطية. هجرة الجيدين انتصار للمتوسطين.
الوسطية تخبرنا عن التفكك، المتوسطون الذين سيبقون ستتم ترقيتهم على حساب الجيدين الذين سيغادرون. طلبات القبول ستكون أقل تشدداً، والتعليم سيكون أقل تطلباً، وسيكون التميز أقل تقديراً. سيملأ الوسطيون صفوف الجيدين: الأطباء المتوسطون والمعلمون المتوسطون. سلك الأكاديميا سيحدث له ما حدث لجهاز التعليم والهايتيك والإعلام. سنكون متوسطين، وفي الوقت نفسه يمينيين متفاخرين. سنكون مثل اليمينيين الأوروبيين، وديمقراطيين مثل أوربان، ومستقيمين مثل لوبين. كراهية العرب رسوم جدية لمشاركتنا في التفوق الأبيض الذي كرهنا دائماً. أردنا دائماً أن نكون يميناً عالياً، أشقر مع عيون زرقاء، نرويجيين. ولكننا قصيرو القامة، وأجسادنا صغيرة ذات بشرة داكنة، كان اليمينيون في أوروبا يكرهونهم.
ما الذي لم نفعله من أجل قبولنا في النادي الذي يرفضنا. اجتزنا امتحان القبول بنجاح. قتلنا العرب، وطردنا ودمرنا. بحثنا عن ثقب لندخل من خلاله بين كراهيتنا للمسلمين وكراهيتهم لليهود. هم يمقتون اليهود، ونحن نحسدهم على جوازات السفر.
كراهية الإسرائيليين نفسرها على أنها كراهية لليهود. وإذا كنا لا نخجل الآن من أن نكون فاشيين، فالقليل من اللاسامية لن يؤثر فينا. اللاساميون الكبار، الذين شاركوا في مؤتمر ضد اللاسامية في القدس، شجعونا عندما قالوا بأننا لم نكن قريبين منهم إلى هذه الدرجة ذات يوم.
-------------------------------------------
معاريف 3/4/2025
إسرائيل في “اليوم التالي” لنتنياهو: لا نريد إمعات
بقلم: يوسي هدار
الإثنين من هذا الأسبوع، تحطمت أرقام قياسية عكسية جديدة في سلوك رئيس الوزراء نتنياهو، في لحظات تثير تساؤلات قاسية حول قدرته على إدارة دولة إسرائيل، بل وتبعث بكل وزنها أسئلة تتعلق بأهليته.
لا يمكن الوقوف جانباً حين يعلن رئيس وزراء في إسرائيل بشكل غريب في السابعة صباحاً بأنه اختار رئيس “شاباك” جديداً، في ظل زق إصبع في عين محكمة العدل العليا، التي جمدت التعيين ويفترض أن تبحث فيه الأسبوع القادم. نهاية هذه المهزلة جاءت بعد أقل من 24 ساعة من ذلك، حين أعلن نتنياهو عن إلغاء اختياره اللواء في الاحتياط إيلي شاربيت للمنصب.
في اليوم ذاته، الإثنين، التعيس إياه، وفور البيان عن تعيين رئيس “الشاباك”، اعتُقل مستشارا نتنياهو أوريخ وفيلدستاين، في قضية “قطر غيت”، وفي سياق ذلك النهار البائس استدعي نتنياهو للإدلاء بإفادة مفتوحة في الموضوع. ولم ينتهِ اليوم قبل أن يصور نتنياهو شريطاً مضغوطاً وهستيرياً، عاد فيه ليتهم سلطات القانون بالملاحقة، والشرطة و”الشاباك” بصيد سياسي، ويقضي بانقطاع صادم بأن أوريخ وفيلدشتاين رهينتان.
كل التطورات غير المعقولة هذه تحصل بعد إخفاقات ذريعة لنتنياهو: مذبحة 7 أكتوبر على خلفية اعتبار حماس كذخر، وتمزيق الشعب إرباً بسبب الانقلاب النظامي والهجوم المعيب على مؤسسات الحكم. يصعب التصديق بأن لا أحد ينهض بعد كل هذه، ولا يقوم -بعد كل هذه الإثباتات على عدم أهليته- أي نائب من الائتلاف ليجري حساباً للنفس ويعلن بأنه لا يمكن الاستمرار وأن إدارة إسرائيل في خطر. وبدلاً من ذلك، يواصل قطيع الإمعات دعم نتنياهو وكأنه لم يحدث شيء. لقد فقد نتنياهو منذ زمن بعيد ثقة أغلبية الشعب، لكنه يواصل التمترس في كرسيه والتشبث بقرون المذبح، ولا أحد يفتح فمه في الائتلاف.
السنتان الأصعب في تاريخ دولة إسرائيل هما اللتان تتولى فيهما حكومة نتنياهو الأخيرة. سنتان فتحت فيهما بوابات الجحيم على مواطني إسرائيل. حين يعفينا نتنياهو من عقابه على أمل الانتعاش من الخراب والدمار الذي زرعه على دولة إسرائيل ومواطنيها، فضلاً عن ترميم الأمن والردع اللذين تضررا في عصره، والحاجة لتعزيز الاقتصاد والحرص على رفاه الجمهور، فحينئذ وفي اليوم التالي لنتنياهو، يجب اتخاذ سلسلة خطوات لتثبيت الديمقراطية الإسرائيلية كي لا يقوم بعد اليوم أحد ما يحاول، مثل نتنياهو، سحقها.
بعد أن تقوم حكومة صهيونية واسعة، ينبغي سن قانون أساس التشريع ليرتب دفعة واحدة وإلى الأبد العلاقة بين السلطات، ويتضمن صلاحيات الرقابة القضائية من المحكمة العليا على قوانين الكنيست وقدرة الكنيست على العودة للتشريع بأغلبية خاصة. على القوانين الأساس أن تتخذ بأغلبية خاصة، وتكون محصنة. ويجب تقييد ولاية رئيس الوزراء بولايتين فقط، وعدم السماح لمرشح لرئاسة الوزراء متهم أن يتنافس في الانتخابات. يجب تعزيز هيئات الرقابة على الحكومة وعلى النيابة العامة أيضاً، وتثبيت مكانة المستشار القانوني للحكومة، وفحص إمكانية توزيع منصب المستشار وتعيين مدعٍ عام منفصل.
نأمل بأن لا يبقي اليوم التالي لنتنياهو شيئاً من آلة السم التي أقامها، وألا يتعرض أطفال إسرائيل بعد ذلك لثقافة الكذب التي نشرها. مفهوم بأن على وسائل الإعلام أن تعكس الجدالات بين اليمين واليسار بإخلاص، لكن كما ادعيت هنا في الماضي، البيبية ليست يميناً. نأمل أن سيتجند الشباب الحريديم كغيرهم من الشباب في إسرائيل في اليوم التالي لنتنياهو، وأن أموال دافع الضرائب لن توزع بين مدارس المتملصين. وبالطبع، أن يعود المسيحانيون والكهانيون إلى حجمهم الطبيعي. لكن قبل حصول كل هذا، ينبغي لبعض من أعضاء الائتلاف أن يستيقظوا من سباتهم الأخلاقي والصهيوني ويقولوا له “الحل”.
-------------------------------------------
هآرتس 3/4/2025
“حكومة العربدة” تشجع المستوطنين: واصلوا عملكم في الضفة الغربية.. اقتلوهم وأحرقوهم
بقلم: أسرة التحرير
عنف مستوطنين في الضفة الغربية ازداد عربدة في الأسابيع الأخيرة. آخر الضحايا هم سكان قرية دوما. فمساء الثلاثاء، اجتاحها عشرات المستوطنين وأحرقوا مركبات ومباني. كان توقيت الاعتداء رمزياً: في بداية نيسان قبل سنة، اجتاح مستوطنون دوما وقرية المغير المجاورة، وأحرقوا ممتلكات عديدة، ورشقوا حجارة وأطلقوا النار على السكان. كان هذا بعد قتل الفتى بنيامين احيمئير. وقتل في قرية المغير أحد السكان بالنار. لم يقدم أحد إلى المحاكمة في حينه على مشاركته في أعمال الشغب. وفي تلك الأحداث تعرض مصور “يديعوت أحرونوت” شاؤول غولان، لاعتداء المستوطنين، ولم تقدم لائحة اتهام حتى اليوم.
منذ أقيمت حكومة اليمين المتطرف يتلقى مشاركو الاعتداءات رسالة واضحة: واصلوا. والرسالة تنقلها الشرطة والجيش اللذان لا يعتقلان المشاغبين في الزمن الحقيقي بتواطؤ من جنود يشاركون في طرد الرعاة من أرجاء الضفة، ومن وزير دفاع، إسرائيل كاتس، يوقف توزيع أوامر الاعتقال الإدارية. ويقف إلى جانب هذا وزير الأمن القومي بن غفير، الذي تجند لصالح سجناء أمنيين يهود وأضعف شرطة لواء “شاي”.
في أثناء ولاية رئيس الأركان هرتسي هليفي، أصبح رد فعل الجيش واهياً أكثر: فقد وزع الجيش سلاحاً على المستوطنين، وجند وسلح أيضاً المتطرفين من بينهم، وسمح لهم التنكيل بجيرانهم ولم يعالج مشاركة جنود في أحداث عنف. وكانت النتيجة حل لجام مطلق.
الحدث في دوما استمرار لما حصل قبل أقل من أسبوع في جنبا: تدحرج اعتداء مستوطنين إلى حملة ثأر لجنود من سكان القرية. ربما يدل رد فعل رئيس الأركان أيال زمير، الذي سافر إلى المكان للتحقيق في الحدث، على تغيير في الميل. وبالفعل، العقوبات التي فرضت على بعض من المشاركين من بين الجنود – توبيخات لقائد اللواء وقائد الكتيبة وقائد السرية، وتنحية ضابط وإرسال مقاتلين إلى السجن – حتى لو لم تتناسب وخطورة الحالة، فهي تؤشر إلى اتجاه إيجابي. غير أن على رئيس الأركان أن يتناول المشاكل العميقة أيضاً: معالجة كتائب الدفاع اللوائية المارقة. أخذ الأسلحة التي وزعت على عجل، وعدم التوقف عند عقوبات في المستوى القيادي، بل فتح تحقيقات شرطة عسكرية بسرعة وبنجاعة.
فوق كل شيء تقف المشكلة الأساسية: حكومة المعربدين، التي تروج للاحتلال والسلب والأبرتهايد. حكومة التفوق اليهودي التي تدعم العربدة ضد الفلسطينيين التي تصم صورة إسرائيل وتبعد أي إمكانية لمستقبل مشترك في هذه المنطقة.
-----------------انتهت النشرة-----------------