الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 20/3/2025 العدد 1264

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 20/3/2025
على الأقل انظروا الى القتل والتدمير في غزة وسترون ما الذي فعلناه
بقلم: جدعون ليفي
يجب علينا الآن إضافة الى كل الجرائم، اكثر من أي وقت مضى، جرائم الأغلبية الساحقة لوسائل الاعلام. إسرائيل تقوم بخرق اتفاق دولي تم التوقيع عليه بشكل متعمد وخبيث، وتنطلق الى هجوم وحشي منفلت العقال في قطاع غزة. في الضربة الأولى قتلت اكثر من 400 شخص، بينهم 174 طفل. إسرائيل نفسها اعترفت أن الهدف في هذه المرة لم يكن المخربين، بل المدنيين، وهذه جريمة حرب واضحة. القتل من اجل القتل، من اجل استئناف الحرب، من اجل الإبقاء على الحكومة، بعد انتهاء الانتقام والعقاب على 7 أكتوبر منذ فترة طويلة.
أي شيء من كل ذلك لن نجده في الأغلبية الساحقة لوسائل الاعلام الإسرائيلية: جثث ممزقة يتم حملها على العربات التي تجرها البهائم، وفي سيارات النقل أو السيارات الخاصة، أو يتم حملها بالأيدي، شباب ينبشون بالمطارق والأيدي العارية بين انقاض بيوتهم في ظل عدم توفر المعدات الهندسية لإنقاذ ناجين وإخراج بقايا اموات؛ المصابون ينزفون على الأرضية القذرة، في ما كان ذات يوم يسمى مستشفى؛ أطفال بملابس بالية يبحثون عن آبائهم، الآباء يحملون جثث الأبناء وهم بملابس بالية.
عشرات آلاف الأشخاص مرة أخرى ينطلقون الى رحلة حياتهم، اسراب من بني البشر يحملون على اكتافهم ما بقي لهم من عالمهم، ويهربون الى أي مكان. سيارات متعثرة وعربات تنهار من عدد النازحين الكبير عليها وأغراضهم، عشرات آلاف اللاجئين، للمرة الثانية والثالثة، يضطرون مرة أخرى للهرب من اجل النجاة بحياتهم، ولا يوجد مكان ليهربوا اليه. مبتورو الأرجل على الكراسي المتحركة يشقون الطريق في الرمال، الشيوخ مرميون على غطاء محركات السيارات، بقايا عائلات، التي فقدت اعزاءها في الجولة الأولى، تفقد الآن من بقي منهم؛ رغب القصف والخوف من الموت يلف الجميع.
أي شيء من ذلك لا نشاهده في معظم وسائل الاعلام الإسرائيلية في الأيام الأخيرة، فقط المخطوفين والاخطار التي تحدق بهم في القطاع. الخوف على حياتهم مفهوم ومبرر، لكن في قطاع غزة يعيش أيضا أناس غيرهم. اكثر من 2 مليون انسان للدقة. ماذا بالنسبة لهم؟ هل مصيرهم ضائع فقط لأنهم ليسوا إسرائيليين؟ لأنهم جميعهم مخربون، بما في ذلك الأجنة في بطون الحوامل اللواتي يهربن للنجاة بأنفسهن؟ هل لا يوجد واجب الإبلاغ عن كارثتهم؟ ولا يجب أن نعرف عن مصيرهم؟.
خيانة أمانة المهنة وهذه الحيانة المجرمة للاغلبية الساحقة لوسائل الاعلام، لم يعد بالإمكان غفرانها. يمكن أن يكون ذلك بعد 7 أكتوبر عندما كانت الدماء تغلي، رغم أن الصحافة الحقيقية كانت ملتزمة بتغطية كل الحقيقة حتى في حينه. ولكن الآن؟ عندما تتم تعبئة معظم وسائل الاعلام للنضال ضد الحكومة ومن اجل المخطوفين، وحتى المعلقين التابعين للمؤسسة والمحافظين يعترفون أن استئناف الحرب يشكل خسارة. ألا يوجد في فم وسائل الاعلام الإسرائيلية أي تهمة تسمى جرائم حرب؟ هل يجب القضاء على قطاع غزة الآن أيضا؟ اخفاءه؟ انكاره وقمعه؟ كل ذلك فقط من اجل إرضاء المستهلكين وعدم اغضابهم لا سمح الله؟.
لو أن معظم وسائل الاعلام الإسرائيلية قامت بدورها الأساسي وأظهرت غزة مثلما هي في الفترة الأخيرة، لكان يمكن الافتراض بأن السماء لن تسقط وأن لا أحد يمكن أن يغير رأيه. حتى الآن لم يولد الطفل الفلسطيني، اليتيم أو مبتور الأيدي الفلسطيني، الذي سينجح في تحريك مشاعر التيار العام في إسرائيل الذي دائما سيجد المبرر لتسويغ كل المظالم. الكثير من الإسرائيليين يستمرون في الاعتقاد بأن غزة تستحق كل ذلك، وأنه لا يوجد فيها أبرياء، وأن سكانها هم الذين يتحملون الذنب عن مصيرهم. هذا جيد، ولكن ترف عدم الرؤية، وبالاساس عدم الاظهار، لا يمكن قبوله.
قمتم بالقتل، الطرد والتدمير، على الأقل شاهدوا ذلك. من أين هذه الوقاحة كي لا تقوموا بالنشر، ومن أين هذه الوقاحة كي لا تريدون المشاهدة؟ احتفلوا إزاء كل غزي يتيم ومصاب، احتفلوا بكل بيت تم تدميره، اضحكوا على كل أب يقبل جثمان ابنه، افرحوا من كل معاق على كرسي متحرك، غنوا “حربو دربو”. ولكن على الأقل اعرضوا وشاهدوا ما الذي فعلناه، شاهدوا ما الذي فعلناه بهم.
----------------------------------------
إسرائيل اليوم 20/3/2025
الخطوة البرية في غزة: استراتيجية ضغط متدرج
بقلم: ليلاخ شوفال
حملة “بأس وسيف” التي بدأت قبل يومين بعشرات الهجمات من الجو ومن البحر في ظلمة الليل، تقدمت امس مرحلة أخرى. قوات برية للجيش الإسرائيلي وسعت سيطرتها في مجال الحراسة حول غلاف غزة، كتفت مجال الفصل ودخلت بشكل مركز وقرب الحدود الى أراض في وسط القطاع وفي جنوبه. في الجيش أكدوا أمس بان القوات دخلت من جديد حتى وسط محور نتساريم وانه تقرر ان تتركز قوات لواء غولاني في الجبهة الجنوبية وتكون جاهزة للعمل في القطاع. الدخول البري محدود جدا في هذه المرحلة وهو جزء من الخطة الكبرى، المتدرجة والمتطورة، التي عرضها الجيش على المستوى السياسي في اثناء نهاية الأسبوع. في الخطة توجد محطات تجميد، خروج وتوقف وفقا للتطورات. في نهايتها، اذا لم تتخذ قرارات أخرى يفترض أن يتحقق حسم حماس. كل تقدم آخر في الخطة يتطلب إذن المستوى السياسي الذي يحسم وفقا للتقدم او عدم التقدم في المفاوضات لتحرير المخطوفين.
لا يخفي مسؤولون كبار في جهاز الامن حقيقة أنه صحيح حتى هذه اللحظة، هدف الخطوة هو ممارسة الضغط على حماس كي تحرر اكبر عدد ممكن من المخطوفين، وفي اقرب وقت. ولا يزال، في نهاية الامر لن يكون مفر من حسم حماس التي بقيت تقف على قدميها بعد 17 شهرا من القتال بل ولم تهجر فكرة الاجتياح الى أراضي إسرائيل.
منذ الان يقول مسؤولون كبار في جهاز الامن، ان الضربة القاسية والمفاجئة التي اوقعها الجيش الإسرائيلي على حماس ليلة الثلاثاء أدت الى تطورات إيجابية: أولا، سجل نشاط زائد من جانب الوسطاء الذين يحاولون إعادة حماس الى طاولة المفاوضات في ظل الموافقة على تحرير مخطوفين. ثانيا، العودة الى منحى ويتكوف وشطب منحى بولر – المرفوض من ناحية إسرائيل – وبموجبه تحرر حماس فقط عيدان الكسندر ذا الجنسية الامريكية الى جانب أربعة جثامين فقط، مقابل وقف نار طويل.
بين الحرب والمفاوضات
بخلاف كل اقوال سمعت في الأيام الأخيرة وتقضي بان العملية هي “الحملة لاعادة ايتمار بن غفير الى الحكومة” من المهم التشديد على أن كل قادة جهاز الامن ايدوا الخطوة بعد أن تصلبت حماس في مواقفها في المفاوضات وببساطة رفضت تحرير مخطوفين. والدليل على أن هذه ليست خطوة سياسية هو أن حتى رئيس الشباك، رونين بار الذي توجد نية لتنحيته ايد الخطوة. حسب مصادر رفيعة المستوى، بخلاف هذه التقارير او تلك، فان اللواء احتياط نيتسان الون هو الاخر اعتقد انه كان يجب بدء الخطوة لاجل دفع حماس لتحرير مخطوفين.
وتشير محافل رفيعة المستوى الى أن إسرائيل تصر الان على العودة الى منحى ويتكوف الأول، أي تحرير نحو نصف المخطوفين الاحياء ونصف الأموات في المرحلة الأولى وان كان من غير المستبعد ان يكون ممكنا الوصول الى وقف نار محدود اكثر. في كل حال، تشير هذه المحافل، منذ الان، الى أنه في اعقاب بدء العملية والتهديد الحقيقي بتوسيعها الى درجة حسم حماس، تحسن الموقف الإسرائيلي في المفاوضات.
في الأيام القريبة القادمة سيواصل الجيش هجماته من الجو وتوسيع سيطرته على الأرض ولا يزال بشكل محدود، وذلك بهدف الاثبات بان إسرائيل جدية في نواياها. وزير الدفاع إسرائيل كاتس اطلق امس تهديدا حول ما سيأتي لاحقا ووعد بان “قريبا سيبدأ مرة أخرى اخلاء السكان من مناطق المعارك”. وأوضح أيضا بانه “اذا لم يتحرر كل المخطوفين الإسرائيليين وحماس لم تطرد من غزة – فان إسرائيل ستعمل بقوة لم تشهدوها من قبل.
هنا المكان للتشديد على أن كاتس يتحدث عن المرحلة النهائية للخطوة، وصحيح حتى هذه اللحظة اقر فقط القسم الأول في الخطة المتدرجة التي عرضها الجيش الإسرائيلي. المرحلة التالية في الخطة ستطرح هذا المساء على البحث في الكابنت. في هذه الاثناء، امس اجرى قادة جهاز الامن بحثا خاصا في كيفية الحفاظ على حياة المخطوفين في اطار الخطوة العسكرية. وقيل في البحث ضمن أمور أخرى ان مصلحة حماس الان هي الحفاظ على المخطوفين على قيد الحياة، لكن مع ذلك، بالتوازي، بحثت خطوات هدفها ممارسة ضغط كبير على المنظمة كي لا تمس بهم حتى في اطار العملية الإسرائيلية.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 20/3/2025
إسرائيل تعود الى وحل غزة، بدون خطة حقيقية للمستقبل
بقلم: رونين بيرغمان
“إما هذا أو ذاك”، يقول شخص تبوأ في الماضي القريب موقعا مركزيا على طاولة القرارات، وضالع في منظومة العلاقات بين المستوى السياسي وقادة الجيش وأسرة الاستخبارات، “إما ان يكون نتنياهو كان يعرف بان إسرائيل ستخرق وقف النار وتخرج الى سلسلة هجمات شديدة في غزة، بما فيها احباطات مركزة في القطاع – او أن يكون نتنياهو لم يعرف بانها ستكون حملة كهذه، وعندها بالذات، فيما هو يحتاج جدا لحدث جديد قومي كبير آخر يصرف العيون عن التطهير الذي يجريه في الشباك، جاءت له كمعجزة حانوكا متأخرة الفرصة العملياتية للانطلاق الى درب باحتمالية عالية ستدخل بسرعة كبيرة الطرفين الى حرب شاملة، او على الأقل تركز الجميع على ما يجري هناك”.
حسب مكتب رئيس الوزراء، فان الحملة التي انطلقت على الدرب ليلة الثلاثاء أقرها نتنياهو في نهاية الأسبوع، أي في يوم الجمعة أو السبت. في يوم الاحد، أي حين كان نتنياهو يعرف بان جهاز الامن يوجد في المراحل الأخيرة من دحرجة الحدث، استدعى نتنياهو اليه رونين بار كي يقيله. “علم اسود من تضارب المصالح، انعدام القانونية وانعدام السلامة يرفرف من فوق القرار”، يقول مسؤولون كبار في جهاز القضاء.
لكن نتنياهو معني بامور أخرى. فقد استدعى اليه بار في ساعة اذا ما شطبنا منها الزمن الذي سيستغرق بار للوصول الى نتنياهو ناقص 14 دقيقة لقاء – تكفي بالضبط للنصف ساعة الأخيرة قبل نشرات المساء في التلفزيون. يراعي بقدر اقل الحملة المخطط لها لان بار اضطر لان يترك مراثون جلسات لاقرار الخطط قبيل الهجوم.
التهكم في جهة، لكن الرجل الذي تحدثنا معه يقول انه “بدون سبب ظاهر للعيان، حتى يوم الاحد نتنياهو لا يقيل روني بار – وفجأة اصبحت ملحة جدا اقالته، وذلك رغم الحملة المخطط لها. بمعنى ان نتنياهو يعرف انه سيحصل شيء يوتر أجزاء من الشباك حتى الحد الأقصى. وهو عن وعي وعن قصد مسبق يهز الشباك حتى الأساس. هذا الحدث والصدام الحاد الذي يعرف نتنياهو أنه سيحدثه يخلقان هزة أرضية، بالتأكيد لا تساعد أحدا بما في ذلك نتنياهو نفسه لان يؤدي مهامه بانسجام مع الرجل الذي لتوه اقاله في ما سيأتي بعد يومين من ذلك.
في هذه الاثناء، البحث في الحكومة في تنحية بار سيخلق مصاعب دستورية هامة للغاية، والقرار، اذا ما اتخذ – مشكوك أن يجتاز اختبار محكمة العدل العليا. مهما يكن من أمر، ثمة من يعتقدون بانه تحقق الهدف المركزي في الإقالة مثلما في العملية في غزة – تصويت ايتمار بن غفير وفي نهاية الامر اعادته الى الائتلاف – وعليه فان ما يتبقى ليس هاما حقا. آخرون واثقون بان الأسباب التي حملت رئيس الوزراء منذ البداية لان يحاول تنحية بار – بينها تحقيق قطر غيت، البطن المليئة على تحقيق فيلدشتاين وخلاصة التحقيق الداخلي للشباك الذي اتهم ضمنا نتنياهو أيضا – لا تزال سارية المفعول ولهذا نتنياهو لا يتنازل، ومثلما مع اقالة غالنت سيواصل الى أن يجد توقيتا مريحا أكثر للتخلص منه.
السؤال الذي يسأله متفرغ سياسي وعامل في العلاقات العامة يرتبط بمحيط نتنياهو هو “كيف تحصل أمور كهذه واحد في محيط رئيس الوزراء لا يفغر فاهه. فلا توجد توازنات وكوابح”. بدون معارضة، بدون مستوى سياسي، بدون ألجمة، بدون راشد مسؤول: إسرائيل تعود الى وحل غزة، بدون خطة حقيقية للمستقبل.
------------------------------------------
هآرتس 20/3/2025
سيطرة السياسة على تعيين القضاة ستقرب نهاية الديمقراطية
بقلم: مردخاي كرمنتسر
الترتيب القانوني الأصلي لتعيين القضاة كان لحظة نادرة في السياسة (ليس فقط في إسرائيل). هو تقريبا كان بمثابة معجزة. فالحكومة التي حتى ذلك الحين احتفظت بصلاحية تعيين القضاة وافقت على نقل الأمر الى لجنة، التي فيها من بين التسعة أعضاء يوجد للحكومة تمثيل لوزيرين. في هذه اللجنة أيضا اثنان من أعضاء الكنيست وثلاثة قضاة من المحكمة العليا وممثلين عن نقابة المحامين.
الائتلاف الحالي بنجومه الكبار، لفين، روتمان وساعر الذي عاد وهو تائب، يدفع قدما بالتسييس الكامل لتعيين القضاة مع اضعاف الأساس المهني في التعيين. وظائف القضاء يتم اشغالها حسب اعتبار واحد ووحيد وهو الولاء المطلق للجهة السياسية التي دفعت بهذا التعيين. في عملية خداع هم يمنحون المعارضة أيضا هدية في احتفال التسييس، من اجل منع أو قمع معارضتها، لكن ذلك سيؤدي بالتأكيد الى صفقات قذرة.
من أجل اضعاف الجانب المهني في التعيين، هم يقترحون التنازل عن ممثلي نقابة المحامين. لماذا؟ بسبب الأداء الاشكالي لرئيس النقابة السابق، آفي نفيه. ولكن الادعاء هو مثل ادعاء الذي يقوم بالتعميد ويده دنسة. حيث أنه بعد أن تم الكشف على الملأ أفعال نفيه (على الأقل بعضها)، طلبوا ضمان أن يتم انتخابه مرة أخرى لنقابة المحامين. أي أن المشكلة الحقيقية ليست مؤسسية. من ناحيتهم ممثلي النقابة هم ممتازون، شريطة أن يؤيدوا المرشحين للائتلاف. لذلك، من اجل السيطرة السياسية، فانه يفضل أن يكون بدلا من ممثلي النقابة محاميين، واحد منهما يعينه الائتلاف والثاني تعينه المعارضة. وهكذا فان ستة أعضاء من بين التسعة أعضاء في اللجنة سيكونون سياسيين، مقابل أربعة من بين التسعة في القانون الحالي.
المحاكمة المناسبة تستند الى المهنية بجودة عالية (بما في ذلك في مجال المزاج القضائي والسلوك)، والى الاستقلالية والحيادية. القانون الجديد يقوض ذلك. اذا أردنا ضمان الولاء المطلق لمن قام بالتعيين فانه من الأفضل مستوى مهني متدني بقدر الإمكان. هذه ميزة عامة للنظام الحالي الذي يعمل على تحطيم المهنية في الخدمات العامة، مثلا، تعيين مدير عام وزارة المالية ومفتش الخدمة العامة.
منظومة القضاء التي تنتخب على أساس سياسي ستحث القضاة على الانشغال طوال الوقت، بدلا من الحقائق والقانون، في حل لغز توقعات الذين دفعوا قدما بالتعيينات، والذين في أيديهم ترقيتهم. أيضا الجمهور سينشغل بتصنيف القضاة وانتمائهم لمعسكر سياسي على شاكلة “هل أنت مع أو ضد”، الامر الذي يذكر باقتراح الرئيس اسحق هرتسوغ، السيء والخطير، ضم القاضي سولبرغ لرئيس المحكمة عميت لاختيار أعضاء لجنة التحقيق، وكأن كل واحد يمثل معسكر شعبي آخر. هذه المنظمة لن تتمكن وبحق من أن تحظى بثقة الجمهور (مثلما لا يحظى مراقب الدولة الحالي بثقة الجمهور). كلما كانت منظومة القضاء تشبه اكثر المنظومة السياسية، هكذا سيزداد الانطباع بأنه لا لزوم لها، والثقة بها ستموت. القانون سيتحول من مجال معياري يتم تحليله بأدوات احترافية الى امتداد بائس ومتقلب للسياسة.
في أساس قيم دولة إسرائيل توجد قيمتان: كونها دولة يهودية وكونها دولة ديمقراطية. من هنا، كما كان واضحا للجميع من بداية حياة الدولة، ينبع التزامها العميق بحقوق الانسان. وهذا ما كان واضحا حتى فترة قريبة بأنه في الديمقراطية يوجد فصل بين السلطات (منظومة توازنات وكوابح)، وأن الجميع يخضعون لسيادة القانون. كما هو معروف إسرائيل ضعيفة جدا في مجال فصل السلطات (مثلا، الحكومة تسيطر بالفعل على الكنيست). إن نفي مهنية واستقلالية السلطة القضائية، الذي هو جوهر الاقتراح، ينهي فصل السلطات ويناقض طابع الدولة الديمقراطي. لذلك، يجب الغاء هذا القانون لكونه “تعديل دستوري غير دستوري”. إضافة الى ذلك لو أن قائمة وضعت في أساس حملتها الانتخابية نية العمل على تسييس تعيين القضاة، والمحكمة قامت بدورها بشكل سليم، لكان يجب عليها الغاء مشاركتها في الانتخابات.
بشكل عام الدول الديمقراطية لا تتم تصفيتها بضربة واحدة. الفترة الأخيرة مليئة بالضربات التي توقعها السلطة الحاكمة بها. الإجراءات الجارية لاقالة رئيس الشباك والمستشارة القانونية للحكومة، وعودة ايتمار بن غفير الى وزارة الشرطة بعد ما فعله فيها، من خلال الاستخفاف بالمستشارة القانونية الى درجة الخطر الملموس والقريب على استمرار وجودها.
يجب التذكر بأن احدى وظائف المحكمة هي انتقاد السلطة الحاكمة. عندما تأتي الحكومة لتقرر كيف يتم تعيين القضاة، فانها تكون في حالة تضارب مصالح واضح. طريقة مواجهة هذه المشكلة، اذا أردنا تغيير طريقة قائمة، هي وضع الموضوع في يد لجنة خبراء حقيقية ومستقلة من اجل تقديم اقتراح للجهات السياسية المنتخبة. هذه الفكرة بالتأكيد تبعث على الضحك في أوساط أعضاء الائتلاف، لأنه لا توجد أي نية لاصلاح المنظومة، بل اخضاعها وخصيها. السياسيون مناسبون لذلك اكثر من الخبراء. ليس فقط أنهم امتنعوا عن هذا المجال من ناحية مهنية، بل هم أيضا قاموا بعملية تشريعية متسرعة وسطحية ومعيبة. الأسوأ من ذلك هو أنه من المفروض أن يمارس المشرعون عملهم بموضوعية وحسن نية. في هذه الحالة فان واضعي القانون تصرفوا انطلاقا من العداء الشديد والصريح للنظام القضائي، ولديهم سجل حافل من التشهير به والقذف. وليس منهم يمكن طلب قانون لا يخجل كتاب القوانين.
بعد ما تعلمناه عن الاخطار الأمنية الكامنة في الدفع قدما بالانقلاب النظامي، فان هناك حاجة الى قدر كبير من الوقاحة من اجل الانشغال به في الوقت الذي تجري فيه معركة أمنية متعددة الجبهات، وحتى بعد استئناف القتال في غزة.
يجب أن يكون من الواضح، خلافا لما يتم ادعاءه، أن نية من يدفعون قدما بالاقتراح ليس تغيير تركيبة المحاكم قليلا للوصول الى توازن صحي أكثر، ان نية من يعتبرون أنفسهم محافظين، لكنهم بالفعل هم ثوريون بجنون، هي القيام بانقلاب في الأسس القيمية العميقة للدولة. هم يريدون تأسيس إسرائيل جديدة ومختلفة: عنصرية، لليهود فقط، تشرعن الترانسفير والابادة الجماعية، تنكر القانون الدولي والأخلاق العالمية وقيم المساواة والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة، وحتى أنها تنكر قداسة الحياة. ستكون هنا محكمة تشرعن كل دنس وكل رجس. بدلا من المطالبة بحرية المواطنين هي ستطالب بحرية الفساد واستبداد الحكومة. وبدلا من أن تكون عمود النار امام المعسكر فان المحكمة ستساعد على حلول الظلام على البلاد.
بعد أن يتم طرد هذه الحكومة السيئة، يجب إعادة وبسرعة الأمور الى نصابها: التطلع الى معجزة تتمثل بالقانون الأصلي، وتعلم الدروس مما مر علينا. أي التمسك بما اقترحه في حينه عضو الكنيست مناحيم بيغن: رئيس اللجنة يكون رئيس المحكمة العليا، ويكفي أن يكون ثلاثة سياسيين من بين أعضائها، وزير العدل، عضو كنيست من الائتلاف وعضو كنيست من المعارضة. اليمين القديم هو مثل الخمر المعتق.
-------------------------------------------
يديعوت 20/3/2025
إسرائيل غير قادرة ان تدفع حماس للاستسلام الا اذا قررت احتلال القطاع، وغير مستعدة لتسوية سياسية
بقلم: آفي شيلون
رغم أن مسألة المخطوفين توجد في مركز البحث الجماهيري، فالحقيقة هي أن مصير المخطوفين ليس على الاطلاق جزءً من القصة الحقيقية التي تقف من خلف استئناف القتال في غزة. القصة الحقيقية تكمن في ذاك السؤال الذي طرح على البحث بعد ثلاثة اشهر من الحرب، لكن حكومة نتنياهو تتفادى بثبات اتخاذ قرار شجاع بشأنه: ماذا سيكون في اليوم التالي بعد نهاية الحرب؟ إذ من ناحية عسكرية حماس هزمت منذ الان والسؤال بات من سيحكم في غزة. ما لا يقولونه لنا هو أن المخطوفين هم مجرد ورقة في المفاوضات العالقة على مستقبل القطاع.
من ناحية حماس، هم يريدون البقاء في الحكم، وعليه، فمقابل انسحاب إسرائيلي من القطاع مستعدون لان يعيدوا المخطوفين الاحياء والاموات. اما إسرائيل بالمقابل فتريد المخطوفين لكنها غير مستعدة لان تبقى حماس في الحكم. المطلب الإسرائيلي في موضوع وقف حكم حماس مبرر من حيث المبدأ. المشكلة هي أن إسرائيل غير قادرة، من جهة، على أن تدفع حماس الى الاستسلام الا اذا قررت أن تحتل القطاع وتحكمه بنفسها. ومن جهة أخرى إسرائيل أيضا غير مستعدة لاي تسوية سياسية تنزل حماس عن الحكم مثلما اقترحت مصر والدول العربية في صالح سيطرة مشتركة من السلطة الفلسطينية والدول العربية. هذه هي القصة الحقيقية. ولهذا فان المفاوضات عالقة.
نتنياهو، بالمقابل، ادعى في خطاب شرحه لاستئناف القتال بان حماس لن تكون مستعدة لان تقبل أي اقتراح إسرائيلي بمواصلة تحرير المخطوفين. ما لم يقله هو المفهوم من تلقاء ذاته بانهم لن يوافقوا على تحرير مخطوفين اذا كان الاقتراح الإسرائيلي يطلب باستسلام تام بدون مقابل. لمنظمة مثل حماس، كانت مستعدة لان تضحي بعشرات الاف من سكان غزة والمخاطرة بتدمير القطاع لا يوجد أي حافز لاعادة المخطوفين اذا كان ما نقترحه هو التخلي عن الحكم ومنحه لجهة ليست فلسطينية.
الامريكيون فهموا ذلك، ولهذا أدار المبعوث ادام بولر مع حماس محادثات مباشرة استهدفت الاتفاق على إعادة المخطوفين مقابل تسوية سياسية جديدة في غزة، بصيغة الاقتراح المصري. أي ان تتخلى حماس عن الحكم لكنه ينقل الى السلطة الفلسطينية والى الدول العربية وبذلك لا ترتسم صورة وضع تكون فيها حماس استسلمت تماما. هذا ليس اقتراحا كامل الاوصاف لكن توجد فيه إنجازات بالنسبة للوضع ما قبل أكتوبر، ويمكنه أن يشكل أساسا للمفاوضات وبالطبع لعودة المخطوفين. لكن نتنياهو رفض كل تسوية تتضمن سيطرة فلسطينية في القطاع. يبدو ان من خلف الكواليس إسرائيل اقنعت إدارة ترامب بان بولر اخطأ ولهذا استبدل. لكن استبداله سهل. المشكلة هي ان ليس لاحد حل آخر لليوم التالي باستثناء الاقتراح المصري. وعليه، بخلاف تصريحات نتنياهو، القصة ليست مفاوضات على المخطوفين، الذين هم أيضا كان يسره ان يحصل عليهم اذا لم يكن يحتاج لان يدفع ثمنا بالمقابل، بل على مسألة اليوم التالي، الذي جزء من ثمنه هو فقدان إعادة المخطوفين.
لإسرائيل توجد ثلاثة خيارات: الخروج من غزة مقابل المخطوفين فيما تبقى حماس هناك ضعيفة لكن مسيطرة انطلاقا من التقدير انه سيكون ممكنا دوما مهاجمتهم عند الحاجة. الخيار الثاني هو البحث مع مصر والدول العربية في تسوية سياسية في القطاع لا تحكم فيها حماس لكن لا تكون أيضا مستسلمة تماما، وبالمقابل نحصل على المخطوفين، وأيضا على مدخل لمستقبل افضل، بدون حماس مع حكم فلسطيني عربي في غزة او احتلال القطاع والبقاء للحكم هناك والاعتراف باننا ضحينا بالمخطوفين لهذا الغرض. بدلا من هذا تفضل إسرائيل تمديد الحرب التي انتهت منذ الان بقتال لن يجدي نفعا اكثر مما سبق أن فعلناه هناك، وفقط ستضيف معاناة وخطر بحياة المخطوفين.
-------------------------------------------
هآرتس 20/3/2025
ماذا فعلتم عندما قام نتنياهو باغتيال الدولة؟
بقلم: اوري مسغاف
في كتاب تاريخ الديمقراطية الإسرائيلي سيكتب بأنه منذ تشرين الثاني 2022 وحتى آذار 2025 فشلت جميع آليات “الديمقراطية الدفاعية” – المفهوم الذي تم تطويره في الغرب بعد الحرب العالمية الثانية في اعقاب صعود النازية والفاشية. في أساس هذا المفهوم وقفت فكرة أنه حول الديمقراطية الليبرالية يحق خطر دائم من قبل الذين يمكنهم استغلال نقاط ضعفها الهيكلية من اجل الصعود الى السلطة بهذه الطريقة، وبعد ذلك الغاءها.
غيبلس قام بصياغة ذلك بشكل بسيط: “النكتة الأفضل للديمقراطية هي أن توفر للاعداء اللدودين أدوات تصفيتها”. في مناسبة أخرى شرح: “اذا كانت الديمقراطية تصرفت معنا عندما كنا في المعارضة حسب مباديء الديمقراطية، فهي في نهاية المطاف كان يجب عليها فعل ذلك، لكننا لم نقل في أي يوم بأننا نمثل فكرة الديمقراطية، بل قلنا بشكل علني إننا نستخدم الأساليب الديمقراطية من اجل الوصول الى السلطة. ولكن عندما سنصل اليها فاننا سنرفض إعطاء لمعارضينا، بدون رحمة، الحق والوسائل التي منحونا إياها عندما كنا في المعارضة”.
الحل كان تطوير ترسانة متنوعة من الأدوات الدستورية، القانونية والسياسية، التي تمكن من منع تصفية الديمقراطية بطرق غير عنيفة. في إسرائيل هذه العقيدة انهارت. أجهزة وخطوات محتملة تم التخلي عنها في لحظة الحقيقة. هذا بدأ في المحكمة العليا، التي قال الـ 11 قاضيا فيها بالاجمال بأنه مسموح لمتهم بمخالفات جنائية بشغل منصب رئيس الحكومة. بعد ذلك جاءت الانتخابات. ميراف ميخائيلي وسامي أبو شحادة تسببا في فقدان 3 – 4 مقاعد لهذا المعسكر. ونتنياهو تمكن من تشكيل حكومة مستقرة مع الكهانيين والحريديين القوميين والحريديين، وأن يحرك على الفور الانقلاب النظامي.
في هذه المرحلة كان يمكن الادعاء أن هذا خرق لاتفاق تضارب المصالح (المضحك من البداية)، عندما تعهد المتحايل به امام قضاة المحكمة العليا، واخراجه الى حالة عدم الاهلية. ولكن المستشارة القانونية للحكومة (الشجاعة حقا) لم تكن لديها الشجاعة الكافية.
بعد ذلك جاءت هزيمة 7 أكتوبر. تحت المظلة الأمنية زحف بني غانتس وجدعون ساعر الى أحضان نتنياهو من اجل احيائه. بالتدريج وبتصميم استأنف نتنياهو عملية الفتك بفصل السلطات والتوازنات والكوابح الأخرى. السلطة التشريعية تم افراغها من المضمون؛ جهاز القضاء تم تحديده كهدف للتدمير (المحكمة العليا، المستشارة القانونية، النيابة العامة ولجنة التحقيق الرسمية)؛ الشرطة تم احتلالها، وعندما نضجت الظروف أيضا تم احتلال وزارة الدفاع ومنصب رئيس الأركان.
بعد ذلك تفرغ نتنياهو ومساعديه للانقضاض على الموقع الأخير – الشباك، الذي احدى مهماته العلنية هي الدفاع عن الديمقراطية، وبالضبط بدأ في التحقيق في قضية “قطر غيت”. رونين بار (الشجاع حقا) تردد في أن يطبق على نتنياهو المادة 7أ في قانون الشباك؛ نتنياهو كان هو الذي استل المسدس أولا واعلن عن اقالته. اذا سقط الشباك أيضا فان الديمقراطية ستسقط معه. في اعقاب ذلك ستتم تصفية أيضا المستشارة القانونية للحكومة والمحكمة العليا، وسيتم فتح طريق سريع للقمع العنيف للاحتجاج السياسي ووسائل الاعلام، وبعد ذلك سيتم الغاء الانتخابات الحرة في ظل “حالة الطوارئ” وسيتم استبدالها بواجهة على الطراز الأوروبي الشرقي، التي ستتفاخر بأنها تجسد “الإرادة الحقيقية للشعب”.
في موازاة ذلك دفع رئيس الأركان الجديد نصيبه في الصفقة التي أدت الى تعيينه، وسمح لحكومة الإهمال أن تخرق نهائيا اتفاق وقف اطلاق النار وشن حرب سلامة نتنياهو، التي تهدف الى تعزيز الائتلاف واضعاف الاحتجاج. ها نحن قد وصلنا الى يوم الحساب والى لحظة الحقيقة. اذا واصل الإسرائيليون الديمقراطيون التصرف كجمهور خاضع وملتزم فسيصبحون بدون دولة. هذا ينطبق أيضا على وسائل الاعلام التي تخضع للرقابة.
فقط حركة قوية من الرفض والمعارضة والتشويش والاضراب والتصادم المباشر مع حكومة الأقلية على طول الجبهة هي التي ستنقذنا من الدمار. الاحفاد سيتساءلون أين كنتم وماذا فعلتم عندما قام نتنياهو باغتيال الدولة.
-------------------------------------------
معاريف 20/3/2025
هجوم لاجازة الميزانية
بقلم: افرايم غانور
بعد نحو سنة ونصف من الفشل الذريع في كل ما يتعلق بتحقيق اهداف الحرب، بدلا من العمل قبل كل شيء لتحرير 59 من اناسنا – اختارت هذه الحكومة الفاشلة الخروج الى هجوم مفاجيء ضد حماس.
لا يوجد إسرائيلي لا يريد أن يرى نهاية حكم منظمة الإرهاب في القطاع مثلما لا يوجد إسرائيلي لا يريد أن يرى مخطوفين يعودون الى الديار. لكن بدلا من عمل شيء ما حقيقي في هذا الشأن، تلقينا مرة أخرى القرارات إياها لحكومة عديمة الشخوص والقدرات، اختارت أن تخوض حربا لا نهاية لها وهجوما لا غاية له.
لا حاجة لان يكون المرء خبيرا في شؤون الارهاب كي يفهم بان الحرب ضد حماس هي مثل مكافحة الأعشاب الضارة ذات قدرة البقاء العالية، التي يصعب ابادتها. يكفي ان نرى الصراع الذي لا ينتهي ضد حماس في يهودا والسامرة.
لاجل التخلص من حماس في قطاع غزة ينبغي اقتلاعها من الجذور. ولاجل اقتلاعها من الجذور يجب قبل كل شيء التخلص منها كجسم سلطوي وكمن تدير الحياة في قطاع غزة، هذا للأسف، لم تتمكن هذه الحكومة من تنفيذه بشللها الكبير.
الهجوم المفاجيء لن يؤدي الى القضاء عليها. فهو يستهدف أساسا إجازة ميزانية الدولة، التي يجب أن تقر حتى نهاية الشهر والا يكون التوجه الى الانتخابات. هذا الهجوم استهدف تلبية نزوات وزير المالية بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير الذي عاد الى الائتلاف وسيساهم الان في نصيبه الهام في إجازة الميزانية.
فضلا عن ذلك، هذا الهجوم المفاجيء يفترض أن يشتت الانتباه، في ضوء الغضب الشديد الذي نشأ في هذه الأيام في أوساط جمهور غفير جدا في إسرائيل في اعقاب بيان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن نيته اقالة رئيس الشباك رونين بار. في هذا الهجوم أيضا ما يشتت الانتباه عن المطلب لاقامة لجنة تحقيق رسمية للتحقيق في كارثة 7 أكتوبر وعن المحاولة لاجازة قانون التملص من الخدمة. بكلمات أخرى نوع من المخدر الذي تعطيه هذه الحكومة للجمهور في لحظات الازمة فيما تهتز اساساتها.
الافظع من كل شيء هو أن هذا الهجوم يعرض للخطر بشكل حقيقي مخطوفينا الاحياء الذي نجوا حتى اليوم من عذابات الاسر في انفاق حماس. السؤال الكبير الذي يجب أن يُسأل هنا هو هل أعطت هذه الحكومة الرأي في ذلك؟ فضلا عن ذلك كيف يساهم هذا الهجوم في اعادتهم؟ فقد سبق أن تعلمنا بان بالقوة لن يكون ممكنا إعادة المخطوفين. وحتى مئات الحماسيين القتلى والتصفية المركزة لكبار المسؤولين في قيادة المنظمة لن يعيدوا لنا المخطوفين، حين يكون واضحا بان حماس لن تحرر كل المخطوفين دون اتفاق يضمن استمرار وجودها في القطاع، في مثل هذه المكانة أو تلك.
من يوهم نفسه بان في هجوم مفاجيء جوي أو في مناورة برية متجددة ما، سننهي حماس ونعيد مخطوفينا، يبدو أنه لم يتعلم بعد من هي حماس. الأكثر اقلاقا هو أن نتنياهو بدلا من أن يحرر المخطوفين وبعد هذا يهاجم حماس، يفضل ببساطة تمديد الزمن.
لقد سبق لهذا ان قيل وكتب من الكثيرين مرات عديدة، لكن جدير ان في اعقاب هذا الهجوم المفاجيء ان نعود لنكرر هذا المرة تلو الأخرى: الزمن يعمل بشكل واضح ضد مخطوفينا. وعليه، قبل كل شيء يجب اعادتهم. كل ساعة تمر وكل هجوم كهذا يزيد الخطر على حياتهم. غير ان الاستنتاج البشع، وهذا أيضا ليس جديدا هو أن بقاء الحكومة أهم لنتنياهو من المخطوفين
-------------------------------------------
هآرتس 20/3/2025
ما لم يخطر ببال واضعي قانون الشباك
بقلم: ايتي روم
في كانون الأول 2001 جرى في لجنة الكنيست، التي بلورت مشروع قانون الشباك، نقاش اعتبر “سري جدا”. مشروع القانون هذا نص على أن الحكومة يمكنها اقالة رئيس الشباك بدون أسباب خاصة لذلك. أحد المشاركين (اسمه تم طمسه في المحضر حتى الآن) طرح سيناريو خيالي: “يمكن حدوث وضع أن رئيس الجهاز يقوم بتحقيق خاص، له حساسية سياسية، والحكومة غير معنية في مواصلة ذلك فتقرر اقالته. حسب القانون مسموح لها… هذا يضعف مكانة رئيس الجهاز بشكل مبالغ فيه ويخلق علاقة اعتماد له برئيس الحكومة”.
هذا التحذير تقريبا لم يحصل على اهتمام الحضور. ربما لأنه ظهر وكأنه لا أساس له. بعد ربع قرن على ذلك هذا هو الواقع: رئيس الحكومة يريد اقالة رئيس الشباك الذي بدأ في تحقيق مع مقربيه.
هذا لم يكن سيناريو الرعب الوحيد الذي تم طرحه في الجلسة. عضو الكنيست شاؤول يهلوم عبر عن تخوفه من أن “في الغد يمكن أن تحدث قضية ووتر غيت: رئيس الحكومة سيقول لرئيس الشباك أن يتنصت على ما يحدث في وزارات أخرى”. بعد سنوات من ذلك طلب نتنياهو، حسب تحقيق “عوفداه”، من رئيس الشباك التنصت على رئيس الأركان ورئيس الموساد (نتنياهو قام بنفي ذلك)، لكن في حينه هذا ظهر كخيالي ولم يحصل على رد.
من مسافة سنوات، النقاشات التي سبقت سن قانون الشباك في 2002، مدهشة في السذاجة. اقتراح تبني نموذج استراليا، الذي بحسبه رئيس جهاز الامن يتم انتخابه بالتشاور مع رئيس المعارضة، تم رفضه.
المستشار القانوني في الشباك شرح بأن “الجهاز يجب أن يبث صفة رسمية، “كجهاز دولة”، والشخص الوحيد المتفق عليه جدا هو رئيس الحكومة. نائب المستشار القانوني للحكومة في حينه مني مزوز قال إن القانون في الحقيقة يسمح للحكومة بإقالة رئيس الشباك “بدون ذريعة خاصة”. ولكن “هناك تراكم غير قليل من الاحكام التي تضع القواعد”. واذا كانت هناك أي مشكلة في تعيين أو اقالة رئيس الجهاز فان المحكمة ستقوم بحلها.
وأضاف أيضا بأن النقل من الوظيفة هو عمل دراماتيكي يحتاج الى تفسير عام. نتنياهو في بيان اقالة رونين بار لم يعط أي تفسير للجمهور. باستثناء الاقوال الجوفاء التي تقول بأنه فقد الثقة به.
عندما تم اقتراح الزام الحكومة على الأقل بعرض مبررات الإقالة على لجنة الخارجية والامن، قال في حينه عضو الكنيست يوسي (تومي) لبيد بأن الاقتراح “لا حاجة اليه”، لأن “رئيس الحكومة لا يمكنه الإقالة بسبب موضوع شخصي، ويجب عليه الشرح لوزراء الحكومة ما هو سبب الإقالة”. مزوز هدأ الامر بالقول: “اللجنة يمكنها استدعاء رئيس الحكومة وطلب تفسيرات”. ربما أن يولي ادلشتاين سيطلب من نتنياهو المثول في لجنته وأن يقدم تفسيرات لاقالة بار. ولكن في هذه الاثناء منشوره الأخير في الفيس بوك يتناول التمنيات ببشرى جيدة وعيد مساخر سعيد.
قانون الشباك جاء لتسوية صلاحيات الجهاز، والرقابة عليه ومنع سلوك خاطيء له مثل قضية الخط 300. في احدى الجلسات قدم دان مريدور ملاحظة، أنه مطلوب أن تكون أجهزة رقابة أيضا على المستوى السياسي، اذا تولت في إسرائيل “حكومة ليست امينة جدا على الديمقراطية”. ولكن يبدو أن من صاغوا القانون لم يتخيلوا انهيار معياري مطلق كما يفعل نتنياهو الآن – ولا حتى الذين كتبوا في التشريع بأن رئيس الحكومة يمكنه تسلم منصبه حتى بعد تقديم لوائح اتهام ضده. هم لم يخطر ببالهم رئيس حكومة يتجاهل بشكل صريح المستشارة القانونية للحكومة، أو وزراء يستخفون علنا بقرارات حكم المحكمة العليا.
إن عدم القدرة على تخيل ذلك والادراك الى أي درجة يمكن أن يتدهور الوضع، نتنياهو يستغل ذلك الآن حتى النهاية.
-------------------------------------------
هآرتس 20/3/2025
أمي، هل اصبح من المسموح تسميته ديكتاتور؟
بقلم: يوسي كلاين
نحن مترددون، هل توجد لنا قضية مع رجل عصابات يقوم بتصفية محقق، أو مع ديكتاتور يقوم بالقضاء على خصومه؟ أنا افضل رجل العصابات. فهو يمكن انهاءه، ولكن ديكتاتور؟. لحظة، هل يمكن تسميته ديكتاتور؟ هل ربما الوقت ما زال مبكرا جدا؟ وهل ربما يجب الانتظار الى أن يتم قطع رأس غالي بهراف ميارا؟ هل عندها لن نكون في ديكتاتورية؟ لدينا ذكريات صعبة من الديكتاتورية. لذلك، نحن سنسمي هذا “نظام مستبد”، مثلما في تركيا.
نتنياهو لا يريد أن يسجل في سجل التاريخ كالديكتاتور العبري الأول في العصر الحديث، لكن الاغراء كبير جدا. فهو يبدأ بحملة تطهير ستالينية ولا أحد يعارض ذلك. هو يشن حرب ويقتل مخطوفين، والجميع يؤدون التحية. هو لم يكن يريد أن يسمى ديكتاتور، لكن اذا لم يتم وقفه فسنراه بالزي العسكري لجنرال وهو يضع الأوسمة ويرتدي نظارات سوداء.
نحن نشاهد ونصمت. نشاهد كيف تسقط الشرطة وجهاز القضاء ينهار، ونقول إن هذا ما زال نظريا، لن يحدث هذا عندنا. ولكنه يحدث. لم يعد الامر يتعلق بحرب، أو لجنة تحقيق أو انتخابات. الحديث يدور عن حياة في ظل عائلة واحدة بدون قيود أو كوابح. هذا الفيلم لم نشاهده من قبل. لا توجد لدينا أي فكرة عما يفعلونه.
نحن رفضنا تصديق أن المشكلة هي نتنياهو، وليس الكراهية لنتنياهو. نحن نادينا بتحرير المخطوفين بدل المناداة لاسقاطه. نحن نتحمله لأنه لا توجد لنا الأدوات لمواجهة من هدفه هو فقط الوصول الى طريق مسدود، وأن يعلق هناك من اجل الاثبات بأننا عالقين معه الى الأبد. هل ربما نحن لم نصل الى الدرك الأسفل؟.
نحن اصبحنا هناك. وحيدو القرن في الاستوديوهات اصبحوا يشحذون قرونهم. يتكيفون بسرعة. بعد دقائق على الإعلان عن اقالة رونين بار بدأوا في مناقشة البديل. نحن في حالة ذعر. قوموا بتهدئتنا. نحن نريد من وحيدي القرن هؤلاء أن يقولوا لنا بأن الامر يتعلق بـ “خطوات سياسية”، وأن “المحكمة العليا ستتدخل”، وأنه “بعد لم يتم قول الكلمة الأخيرة”. اعطونا قصص أخرى عن معاناة المخطوفين. هي المخدر لنا. فقط لا تقولوا إننا نوجد في عوالم ظلامية، وأنه اذا نظرنا الى المرآة فسنرى هناك الاغبياء الذين سمحوا لذلك بأن يحدث.
هذا يحدث. ونحن في ازمة عميقة. الازمات لدينا تحطم ولا تجمع. عندنا لا نخرج منها أقوياء. ليس بعد قتل رابين أو بعد 7 أكتوبر. ولكننا لم نمر بعد بمثل هذه الازمة. هذه ازمة تحطم شعوب. ازمة تؤدي الى حرب أهلية. نحن عالقون ولا نعرف من الذي سينقذنا.
من الواضح أنه لا يوجد ما نعول عليه من الاحتجاج والمظاهرات. هي تنتمي الى عصر سابق.
بالنسبة للديكتاتورية فان الاحتجاج هو نكتة، لعبة أطفال. من أوقف رئيس الشباك هل سيجد صعوبة في تصفية من يرفع لافتة في كابلان؟ الاحتجاج فقط يؤخر ولا يسقط. لا تقولوا موتي اشكنازي، ذلك كان وقت آخر، شعب آخر، وسائل اعلام مختلفة. “الرأي العام” و”ضغط الجمهور” لا يعملان الآن. الديكتاتور لا يهمه اذا كان محبوبا. لا تحب، أنت ستدفع المقابل، نحن سنريك.
ليس الخطر على الديمقراطية هو ما يقلق. لتذهب الديمقراطية الى الجحيم. ما شأننا والديمقراطية؟ ما الذي نعرفه أصلا عن الديمقراطية؟ هل تعلمنا عنها؟ هل كان عندنا شيء كهذا؟ الديمقراطية جيدة عندنا للاحتفالات والخطابات وكي نشعر بأننا أبناء حضارة. من في الأصل يفكر فيها؟ نحن نفكر باليوم التالي.
اليوم التالي جاء أبكر مما هو متوقع. اليوم التالي اصبح هنا. في اليوم التالي نحن لوحدنا أمام الديكتاتور. لم تعد هناك حماس أو مخطوفين بيننا. إما نحن أو هو. هل نحن مستعدون. هل نحن مستعدون لشل الدولة والتجارة والمواصلات والصحة والتعليم؟.
لكن الوقت اصبح متأخر جدا. الوقت لم يعد مناسب. مع استطلاعات كهذه هو مضطر الى شن حرب. نحن نستيقظ فقط عندما يطرق الموت على الباب. آباء المخطوفين يحتجون. الآباء الثكالى غاضبون. الآخرون لا. الآخرون ليسوا لامبالين، بل هم مهزومون، يحنون الرؤوس ويرفعون الأيدي. صحيح، مثل القطيع الذاهب للذبح. هذا في جيناتنا. الذين يجلسون في البيت هم ليسوا استثناء. أيضا الالمان الجيدون جلسوا في البيت، الروس والأتراك أيضا. ولكن نحن لا نترك أهل غزة لحالهم، ونبقى نسألهم: لماذا صمتم ولم تنتفضوا.
-------------------------------------------
معاريف 20/3/2025
لم يكن وقف نار أبدا
بقلم: الياف بطيطو
عادت إسرائيل في اليوم الأخير الى القتال في قطاع غزة، والحرب في جبهة الجنوب استؤنفت. غير أنه الى جانبنا، تعاظمت أيضا الحرب في ساحة الاعلام، الساحة التي لم تحظى حتى ولا بيوم واحد من وقف النار. بخلاف الجبهات في الميدان، والتي تدار أساسا بالقذائف، الصواريخ والأسلحة – فان الحرب على الرأي العام الدولي تجري بلا توقف ويخوضها مواطنون عاديون. بخلاف تأهيل الانفار، ضباط الصف والضباط، والذي يجري بشكل رسمي، في حرب الاعلام – يجري التأهيل بشكل مستقل.
عندما وقع اتفاق وقف النار لتحرير المخطوفين – اوضحنا في هيئة الاعلام المدنية بانه محظور الوقوع في عدم الاكتراث. حين ينظر مواطنو دول العالم الى ما يجري في الشرق الأوسط – فانهم يرون صورة مختلفة تماما عما نراه بالعيون الإسرائيلية. لاسفي، كثيرون هم الاناس الذين في نظرهم حقيقة أن حماس خطفت نساء، شيوخ وأطفال – لا تختلف كثيرا عن حقيقة ان إسرائيل (رغما عنها) اضطرت لان تمس باولئك السكان في الطرف الاخر. لاسفي، كثيرون هم من يعتقدون ان الصفقة لتحرير المخطوفين هي بالاجمال “تبادل اسرى” بين السجناء من الطرفين.
منذ الازل معروف لنا، نحن الإسرائيليين، كيف تزور منظمات إرهاب مثل حماس وحزب الله الحقيقة وتستخدم السكان المدنيين كشريحة دفاع بشرية، غير ان الرسالة الهامة لا تنجح في الولوج الى الاسرة الدولية. والسبب – التخلي التام عن الساحة في عشرات السنين الأخيرة. حكومات إسرائيل على اجيالها أهملت الصراع على الرأي العام الدولي. بينما ايران، قطر ووكلاؤهما استثمروا مليارات الدولارات في الجامعات في ارجاء الولايات المتحدة – إسرائيل بقيت خارج الساحة.
لقد كان الوقت للبدء بالعمل. امس فقط سمعنا كيف بيعت الشركة الإسرائيلية لكبرى شركات التكنولوجيا غوغل بقيمة اكثر من 100 مليار شيكل. في دولتنا الرائعة يوجد افضل العقول والقوى التي يمكنها أن تغير الوضع وتنقذ السفينة من الغرق. كله مسألة قرار. كله منوط بفهم أهمية الموضوع وتغيير سلم الأولويات.
الحكومة ملزمة بان تستثمر بحلول إبداعية ومدنية. غريب في نظري كيف يكون لسياسي متوسط في دولة إسرائيل جيوش من الافظاظ تقاتل في سبيل مكانته السياسية، لكن لا توجد لدولة إسرائيل أدوات وطرق للتأثير على مكانتها الدولة. الحلول بالمناسبة توجد منذ الان. لا حاجة لاختراع الدولاب. فقط استثمار المقدرات في الأماكن الصحيحة. بدلا من احراق الأموال على حملة حكومية فاشلة أخرى في الخارج، هذا هو الوقت لتحويل مقدرات وميزانيات للهيئات المدنية، التي تعرف كيف تعمل بسرعة، بتصميم وبنجاح.
في السنة الأخيرة نرى ارتفاعا شاهقا في عدد الهجمات ضد يهود وإسرائيليين في الخارج. اللاسامية تتسلل الى التيار المركزي الجماهيري في العالم. إذن ما الذي ينبغي لنا نحن كمواطنين أن نفعله؟ ان نتجند للمهمة، ان نواصل التشارك مع الاخرين في المضامين الإعلامية، ان نساهم بجمعيات ومنظمات تعمل في الموضوع وان نقاتل في سبيل دولتنا. اذا لم نستيقظ الان، لن يبرد اليوم الذين ستبدو فيه رحلة عائلية الى الخارج كمهمة متعذرة
-----------------انتهت النشرة-----------------