الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الخميس 10/4/2025 العدد 1280

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

إسرائيل اليوم 10/4/2025

 

ترامب يطالب باتفاق أكثر تشددا من 2015 وإسرائيل تريد حلا يتضمن تهديد الصواريخ

 

 

بقلم: دودي كوغان ونيتع بار

 

يوم السبت ستعود الولايات المتحدة وايران الى طاولة المفاوضات على البرنامج النووي الإيراني، بعد نحو عقد على التوقيع على الاتفاق النووي في 2015 وبعد 7 سنوات من انسحاب الرئيس ترامب من الاتفاق إياه الذي وصفه بانه “الاتفاق الأسوأ”. فما هي احتمالات ان تثمر المحادثات اتفاقا جديدا؟

الشكوك تسود في المجال والأسباب واضحة: “واشنطن تطالب باتفاق أوسع واكثر تشددا، فيما أن المعسكر المحافظ في ايران يتمترس في مواقفه الصقرية وإسرائيل تصر على حل شامل للتهديد الإيراني، بما في ذلك برنامج الصواريخ الباليستية والدعم للمنظمات الإقليمية المرعية – وهي مواضيع ترفضها إسرائيل رفضا باتا.

لكن قوى شديدة العظمة تدفع نحو الحل الوسط: الاقتصاد الإيراني يجثم امام سياسة “الضغط الأقصى” الذي يمس مسا شديدا في صناعة النفط، بينما الولايات المتحدة تبني تواجدا عسكريا مكثفا في المنطقة. وهذه سبق أن جلبت ايران الى طاولة المباحثات رغم المعارضة العلنية من الزعيم الأعلى خامينئي.

 

كم نووي يوجد لإيران

 

بالتوازي، تكتشف إسرائيل بان مجال المناورة لديها محدودا اكثر حيال إدارة ترامب العاطفة، مثلما انعكس الامر في لقاء نتنياهو في الغرفة البيضوية. والعنصر الحاسم: ترامب نفسه يسعى الى اتفاق ويشدد هذا في تصريحاته في ظل الابتعاد عن الخيار العسكري.

الوضع النووي الحالي مقلق على نحو خاص: انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق أدى عمليا الى انهياره مع تسريع تخصيب اليورانيوم الإيراني وتقليص الرقابة الدولية. المعطى الأكثر اقلاقا هو مخزون اليورانيوم المخصب الى مستوى 60 في المئة – وهو مستوى عديم المبرر المدني، ولا تفصله الا خطوة واحدة على المستوى العسكري بمعدل 90 في المئة.

وحسب معهد “ايران ووتش”، الذي يستند الى تقارير وكالة الطاقة الذرية، فان مخزون اليورانيوم المخصب الى 60 في المئة لدى ايران يكفي لثماني قنابل نووية، بعد تخصيب إضافي. طهران قادرة على أن تخصب مادة تكفي لخمس قنابل في غضون أسبوع فقط من لحظة القرار.

اتفاق 2025 وان كان يقيد تخصيب اليورانيوم الإيراني وفرض رقابة مشددة لكنه تجاهل برامج الصواريخ والمُسيرات ودعم طهران لمنظمات الإرهاب. رفع العقوبات حسن وضعها الاقتصادي وسمح بتسريع تطوير السلاح وضخ المليارات للمنظمة المرعية. إضافة الى ذلك، كان الاتفاق مؤقتا، مع انتهاء مفعول القيود المركزية بعد عقد. اما ترامب فقد أوضح بانه لن يقبل اتفاقا مشابها ونتنياهو يروج لـ “نموذج ليبيا” – الذي يتعلق بتفكيك البرنامج النووي الليبي في 2003.  “نحن متفقون على أنه لن يكون لإيران سلاح نووي”، قال. “يمكن لهذا ان يتم بالاتفاق، لكن فقط اذا كان هذا الاتفاق هو اتفاق على نمط ليبيا: عندما ندخل نقصف المنشآت ونفكك كل الأجهزة برقابة أمريكية وبتنفيذ امريكي – هذا جيد”.

تذكير: في2003 وافق القذافي على تفكيك منظومة سلاح الدمار الشامل مقابل رفع العقوبات، وفي ضوء تهديد عسكري امريكي ملموس بعد عملية 11 أيلول. اتاحت طرابلس قدرة وصول كاملة للمراقبين الدوليين، الذين فككوا ودمروا العتاد وارسلوا العناصر والوثائق الى الولايات المتحدة لغرض التحليل. ومع ذلك كانت ليبيا في المراحل الأولية فقط من التطوير النووي على مسافة 3 – 7 سنوات. وتضمن الاتفاق مع ليبيا أيضا تفكيك كبير لترسانة السلاح الكيماوي التي لديها – عنصر ليس موجودا في الحالة الإيرانية.

 

تحديات طهران

 

تطبيق نموذج ليبيا في ايران سيكون صعبا لعدة أسباب. أولا، البرنامج الإيراني اكثر تقدما بكثير. ثانيا، من الصعب أن نرى كيف يمكن لطلب التفكيك الكامل ان يستوي مع الموقف الاولي لطهران المصمم على الإبقاء على برنامج نووي مدني. وأخيرا، محافل متطرفة في طهران يمكنها أن تشير الى حقيقة أن ليبيا لم تحظى بعلاقات كاملة مع الغرب، فيما أن القذافي سقط في نهاية الامر – كدليل على أن التخلي عن النووي لا يضمن بقاء النظام.

وماذا سيحصل اذا فشلت المحادثات؟ “سيكون قصف، قصف مثله لم يسبق لهم ان رأوه”، يعد ترامب. يتبقى أن نرى اذا كان هذا التهديد يكفي لاجل إزالة التهديد الإيراني.

 

 

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 10/4/2025

 

 

السيطرة في قطاع غزة ملحة، والسعودية كفيلة بأن تكون رافعة الضغط على ترامب

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

 

اللقاء بين الرئيس ترامب ورئيس الحكومة نتنياهو في يوم الاثنين الماضي جرى بعد مكالمة هاتفية ثلاثية اجراها معه الرئيس الفرنسي عمانويل ميكرون، الذي قام بزيارة خاصة في مصر، ومستضيفه عبد الفتاح السيسي والملك عبد الله، ملك الاردن.

 

 

في البيانات الرسمية التي صدرت عن مصر وفرنسا جاء فقط بأن المحادثات تركزت حول الوضع في غزة والحاجة الى ادخال المساعدات الانسانية بشكل مستعجل ورفض خطة التهجير من غزة. ولكن بعد بضع ساعات، في محادثة مع المراسلين، قال ترامب إن “الحرب ستنتهي في وقت ما، وهذا لن يكون في المستقبل البعيد”. ربما ترامب سمع من محدثيه تفاصيل اخرى، جعلته يقول بأنه ستكون لاستراتيجية نتنياهو – التي تقول بأن الحرب ستستمر طالما كانت حاجة لذلك – نهاية، ليس نتنياهو من سيحددها. غداة المحادثة جاء ميكرون والسيسي في زيارة مغطاة اعلاميا الى مدينة العريش قرب معبر رفح. ايضا هناك كررا التصريحات المعروفة المعارضة للتهجير. في نفس الوقت نشر بأن قوات كبيرة من الشرطة وحرس الحدود المصرية تستعد على طول الحدود مع قطاع غزة في اشارة الى الاستعداد العالي لمصر ضد سيناريو يحاول فيه مئات آلاف الغزيين اجتياز الجدار. في السابق نشرت هناك قوات مصرية. خوف مصر والاردن لم يتلاشى. ويمكن التقدير بأن تقارير “هآرتس” حول نية تحويل رفح الى جزء من المنطقة الفاصلة زادت الشعور بحالة الطواريء، الشعور الذي يجعل مصر تدفع قدما بسرعة نحو خطة بديلة، سواء لتحرير المخطوفين أو السيطرة في غزة.

 

 

في اطار هذه الجهود جاءت الى مصر في يوم السبت الماضي بعثة لكبار قادة م.ت، برئاسة جبريل الرجوب، امين عام اللجنة المركزية في فتح، ومحمد اشتية، العضو في اللجنة المركزية في فتح ورئيس الحكومة الفلسطينية السابق، وروحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني والشخص الذي يمكن أن يكون القائم باعمال محمود عباس اذا لم يعد قادر على اشغال منصبه. حسب التقارير في وسائل الاعلام العربية فقد ناقشوا مع وزير الخارجية المصرية بدر عبد العاطي الدفع قدما بخطة تمكن السلطة الفلسطينية من تحمل المسؤولية عن ادارة القطاع.

 

 

يبدو أن هناك جولة محادثات اخرى، عديمة الفائدة ونهايتها معروفة. ولكن خلافا للجلسات السابقة التي طرحت فيها المعروف باسم “خطة مصر لادارة القطاع”، الوثيقة التي تتكون من 90 صفحة وفيها يتم تفصيل بنية اللجنة وصلاحياتها وميزانيتها، التي يجب أن تستند الى صندوق بمبلغ 53 مليار دولار، وتشكيل قوة شرطة وحماية فلسطينية، هذه المرة يبدو أن النقاش استهدف عملية جديدة واكثر شمولية تتعلق بالبنية المستقبلية للسلطة الفلسطينية بشكل عام، وليس فقط في القطاع.

 

 

موقع “سكاي نيوز” باللغة العربية نشر أن مبادرة خطة العمل كانت للطرف الفلسطيني، الذي جلب خطة مفصلة تستند الى التعاون بين فتح وم.ت.ف وبين حماس. حسب الخطة “حماس ستتعهد بتبني جميع قرارات الامم المتحدة كمصدر صلاحية لحل النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين، والمقاومة الشعبية الشاملة ستكون الخيار الاستراتيجي”. المقاومة، كما تمت الاشارة، ستكون بطرق سلمية وليس بواسطة “سفك الدماء”. حماس يجب عليها ايضا تبني كل قرارات م.ت.ف على الصعيد الوطني والدولي، أي تبني ايضا مباديء اتفاق اوسلو و”وحدة السلطة والسلاح”، التي تفسيرها نزع سلاح المنظمة ووحدة مؤسسات السلطة “من رفح وحتى جنين”. ايضا سيتعين على حماس الاعلان عن انهاء سيطرتها العسكرية والمدنية في قطاع غزة، والبدء في خطوات عملية لدمج الضفة والقطاع في وحدة واحدة بالتنسيق مع السلطة الفلسطينية ومصر. عند انتهاء النقاش توجه الرجوب الى مصر ودعا الى ترتيب لقاء بين فتح وحماس من اجل “توحيد الصف الفلسطيني والتوصل الى وحدة وطنية بواسطة الانتخابات وليس السلاح”.

 

 

هذه ليست المرة الاولى التي تعرض فيها جهات رفيعة فكرة “توحيد الصفوف”. فمصر حاولت لسنوات اجراء المصالحة بين الفصائل الفلسطينية، ولكن بدون نجاح. ولكن استئناف الحرب في غزة وخطة التهجير لترامب، التي تمر في هذه الاثناء بعملية تجميد، وتوسيع الاحتلال الاسرائيلي في القطاع، والخوف من اقتحام الحدود بين غزة ومصر، ووقف المساعدات الانسانية كليا، الذي نتائجه القاسية اصبحت تظهر على الارض، كل ذلك يعيد بسرعة قضية السيطرة في القطاع الى رأس سلم الاولويات المصري والعربي. الهدف هو اقناع الادارة الامريكية بأنه لا يوجد أي مخرج آخر عدا عن حكم فلسطيني متفق عليه في القطاع. بكلمات اخرى، ايجاد رافعة ثقيلة يمكنها التأثير على ترامب بعد رفضه لخطة العمل المصرية التي حصلت على التأييد وادعم العربي وابقاها كورقة عمل من اجل الحفظ.

 

 

شخصية فلسطينية رفيعة مطلعة على مضمون النقاشات في مصر قالت للصحيفة إن “اشارة ترامب بشأن انهاء غير بعيد للحرب تفسر في مصر كاستعداد لفحص قنوات اخرى للحل. الاكثر اهمية من ذلك هو أنه للمرة الاولى ترامب يوضح لاسرائيل بأنه لا يمكنها البقاء في القطاع للوقت الذي تريده، وأنه سيكون للحرب موعد نهاية حتى لو أنه لم يذكره. من يمكنه التأثير على ترامب، أكثر من اسرائيل ومصر، هي السعودية التي اصبحت رأس الحربة في جهود التوصل الى انهاء الحرب”.

 

 

هذه الاقوال قيلت بعد هبوط وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان أول امس في واشنطن من اجل الاعداد لزيارة ترامب في السعودية، المخطط لها في شهر أيار. في الظروف العادية كانت زيارة بن فرحان ستظهر غريبة قليلا. السائد هو أن زيارة الرئيس يعدها مندوب من قبله، الذي يأتي الى السعودية وليس العكس. ايضا حتى الآن لم يتم تحديد موعد لزيارة ترامب. ولكن هذه ليست ظروف عادية. في يوم السبت يتوقع عقد في سلطنة عُمان “اللقاء الكبير” لممثلي الولايات المتحدة وايران. حتى الآن تحلق فوق ذلك علامات استفهام حول وجود حوار مباشر بين الطرفين.

 

 

في الحقيقة السعودية ليست وسيطة مباشرة، لكنها “مؤيدة للوساطة الناجعة والحيوية، التي ساهمت بدورها في تحقيق اللقاء، وهي سترغب في التأكد من أن مصالحها لن تتضرر من العملية مع ايران. اضافة الى ذلك يبدو أن ترامب سيرغب في تنظيم اثناء زيارته في السعودية مؤتمر قمة دولية كما فعل في ولايته الاولى. حسب تقارير عربية ربما يلتقي ايضا مع الرئيس السوري احمد الشرع.

يمكن التقدير بأن ترامب سيرغب في القدوم الى قمة عربية يشارك فيها كثيرون، في الوقت الذي ستكون لديه خارطة طريق محددة لانهاء الحرب في غزة. هو لا يمكنه أن يذكر حتى لو من بعيد، مفهوم الهجرة القسرية أو الطوعية. هذه الخطة ربما لن تلبي شرط السعودية الاساسي من اجل التطبيع مع اسرائيل، لكن على الاقل هو يستطيع تمكين ابن سلمان من التوقيع على عدة اتفاقات سخية مع ترامب دون التعرض للانتقاد بسبب استثمار مئات مليارات الدولارات في دولة تسمح لاسرائيل بتدمير غزة. التقدير هو أنه اذا توصل ترامب الى استنتاج أن “طريق اسرائيل” ليس فقط لا تحقق نتائج، بل ايضا تعرض للخطر مصالح اخرى له في المنطقة، فانه ستتحرك معادلة الضغط نحو اتجاه جديد. هذه الآن هي مهمة السعودية.

-------------------------------------------

 

 

هآرتس 10/4/2025

 

 

اعمال الشغب في المحكمة تُقرب نهاية الديمقراطية

 

 

بقلم:  مردخاي كرمنتسر

 

 

اقالة رئيس الشباك تثير اسئلة جوهرية وحاسمة من ناحية سلطة القانون، وهي تنحرف بشكل كبير عن الموضوع الشخصي لرونين بار. تصعب رؤية في بار شخص يحارب شخصيا من اجل تمديد فترة ولايته من اجل استنفاد المتعة التي يعيشها، حيث من غير المحتمل تصور متعة أقل من الخدمة في منصب رئيس الشباك في ظل هذه الحكومة. اذا استمر النقاش حتى البت فيه فان النزاهة تقتضي السماح لرئيس الشباك بعرض على القضاة رده على الادعاءات التي طرحت ضده وموقفه في جلسة سرية، تمكن المحكمة من البت في الامر بشكل جوهري كما هو مطلوب والغاء قرار الاقالة.

 

 

من اعتقدوا أن الملتمسين سيتم رميهم من المحكمة بصورة مهينة، خاب املهم. من كانوا يأملون أن عدم امتثال رونين بار كملتمس للمحكمة سيؤدي الى رفض الالتماس، خاب أملهم. وقد صدقوا الذين قدروا بأن المحكمة يمكن أن تؤيد حل وسط يعفيها من اتخاذ قرار في هذه الالتماسات بحد ذاتها. بداية هذا المسار في اقتراح شخصي للقاضي نوعام سولبرغ، الذي ظهر وكأن القضاة الآخرين غير متحمسين له، لكنه بعد ذلك اصبح اقتراح من قبل المحكمة للحكومة والمستشارة القانونية للحكومة.

 

 

ادعاء الحكومة بأن رئيس الجهاز تنازل عن حق الادعاء لأنه لم يأتي الى جلسة الحكومة اثناء مناقشة اقالته، يدل على أي درجة تستخف الحكومة بحق الادعاء، الذي هو من أسس العدل الطبيعية. لا يمكن توقع قدوم رئيس الجهاز الى جلسة بدون أن تقدم له بنية تحتية وقائعية مفصلة حول الادعاءات ضده. ولأن هذه الادعاءات لم يتم تقديمها له فانه يمكن الافتراض أن هدف الجلسة هو اهانة لرئيس الشباك على يد الموجودين في حالة تضارب مصالح تحرمهم من مناقشة قضيته. هذا بعد أن سمع من رئيس الحكومة بأنه نسبت له خيانة الدولة، وبعد أن تم ابعاده عن المفاوضات حول اطلاق سراح المخطوفين في اعقاب نجاحه في هذه المهمة.

 

 

لقد كانت لدى الحكومة ادعاءات من شأنها أن تستخدم كـ “ورقة رابحة”. الادعاء الاول هو أنه توجد للحكومة صلاحية واضحة في القانون لاقالة رئيس الشباك، والمحكمة لا يمكنها التدخل بالصورة التي تستخدم فيها الحكومة صلاحياتها. ورغم أن هذا الادعاء ليس له أساس قانوني إلا أن الحكومة صممت عليه وكأنها لم تسمع أي شيء عن وجود قانون اداري ينص على كيفية تفعيل الصلاحية القانونية في حالة محددة.

 

 

إن طرح هذا الادعاء من قبل رجال قانون يذكر بتحذير رئيس المحكمة العليا السابق مئير شمغار بأنه لا يجب استخدامهم كـ “مهرجي قضاء”. لذلك فانه احيانا ظهرت النقاشات في المحكمة مثل دورة مبتدئين تمهيدية في مباديء القانون الاداري.

 

 

عمليا، هذا الادعاء اكثر خطرا من التهريج، لأنه يفتح جبهة دائمة امام المحكمة. في كل مرة يطلب فيها من المحكمة فحص طبيعة استخدام الصلاحيات – نسمع أنها انحرفت عن صلاحياتها. هكذا فان الحكومة تتنصل من سلطة القانون وتدعي تحررها من نير القانون. هذا ادعاء بسيط يمكن استيعابه، الذي بسرعة يأمر قلوب كثيرة ويخلق العداء للمحكمة.

 

 

من اجل انقاذ الادعاء احتاجت الحكومة الى القول بأنه اثناء الحرب يتم تعطيل وشل القانون الاداري. هذا ادعاء معيب محظور قبوله. وباعادة صياغة لاقوال القاضي المتوفى ميشال حشين، فان القانون الاداري هو الصوت العالي الذي يجب أن يسمع حتى عندما تطلق المدافع وتصمت الجنيات. في المقابل، طرح هذا الادعاء يمثل افضليات وضع الحرب من ناحية السلطة، والحاجة الى تعزيز العلاقة المشبوهة تجاه سياسة استمرارها بدون هدف سياسي. لذلك تمت اضافة ادعاء بشأن الحاحية هذه الخطوة. سلوك الحكومة نفسها، التي في البداية طلبت تأجيل انهاء الولاية لثلاثين يوم، يدل على أن الحديث لا يدور عن ادعاء حقيقي، بل ذريعة متأخرة.

 

 

عندما تلوح الحكومة بالقلق على أمن الدولة فانه مطلوب فرك الاذن. من الذي قام برعاية وتقوية حماس، وعمل على تعزيز مكانة قطر بجعلها وسيطة، وقام بتطبيع عمل المقربين من مساعديه في الخدمة الداعمة لحماس اثناء الحرب، وأراد اقالة يوآف غالنت لأنه حذر من الخطر الكبير على الأمن، ثم تم طرده اثناء الحرب لاستبداله بيسرائيل كاتس، هؤلاء الذين يتخلون عن المخطوفين ويشجعون على التهرب من الخدمة العسكرية، ويقومون بتعيين رئيس جديد لجهاز الامن خلافا لأمر المحكمة، ويتم التراجع عن ذلك بسرعة – كل ذلك يضر بأمن الدولة وسيجد صعوبة في اقناع الناس بأن قيادة سفينة الأمن توجد في أيدي أمينة، كما المحت القاضية دفنة براك – ايرز.

 

 

الادعاء الثاني يتعلق بازمة الثقة التي نشأت بين الحكومة، وبالاساس رئيسها، وبين رئيس الشباك، التي تمنع الأداء المناسب. ولكن هذا الادعاء يتجاهل مصادر ازمة الثقة والمسؤول عنها. أولا، عندما يتوقع رئيس الحكومة من رئيس الشباك تقديم خدمات شخصية وحزبيه له، كما طلب نتنياهو من بار تقديم في صالحه رأي كاذب للمحكمة، عندها يجب على رئيس الجهاز أن يرفض. لا يجوز في أي حالة النظر الى رفضه أداء واجبه، وإلا ستفتح طريق سهلة لاقالته من خلال تقديم طلبات يجب عليه رفضها بحكم خضوعه للمملكة وليس الملك.

 

 

مصدر آخر للازمة يكمن في محاولة منع رئيس الشباك من اسماع رأيه المهني، الذي بحسبه لجنة التحقيق الرسمية هي أمر حيوي لأمن الدولة. لذلك فان الحكومة تنفي استقلالية رئيس الجهاز ودوره كحارس عتبة. بدون حماية رئيس الشباك الذي يطرح موقفه بدون تحيز فانه لن يكون لدينا رئيس شباك مستقل ولن يكون لدينا جهاز دولة. اضافة الى ذلك فان الجهاز السري الذي يخدم المصالح الشخصية والحزبية سيشكل خطرا على كل الحريات المدنية والديمقراطية ووجود الدولة.

 

 

الجزء المحرج اكثر في ادعاءات الحكومة هو تجاهل الكثير من الادعاءات الواقعية، التي هي حسب رأيها مصدر ازمة الثقة. من فشل رئيس الشباك في علاج المتظاهرين ضد الانقلاب (امتناعه عن جعل الجهاز جهاز شتازي) الى دوره في كارثة 7 اكتوبر (بعد سنة ونصف من الاحداث عندما يتجرأ رئيس الوزراء على نفي دوره الحاسم فيما يحدث باستمرار) الى مطالبة رئيس الجهاز بتعيين لجنة تحقيق رسمية (الحاجة الامنية من الدرجة الاولى) وما شابه. ليس بالصدفة اشار القاضي سولبرغ الى عدم وجود صورة واقعية. وهذا غير مفاجيء أبدا لأن الحكومة لا يمكنها تحمل كشف الحقيقة.

 

 

السبب الحقيقي في ازمة الثقة يكمن في التوتر الذي يحدث بين رئيس جهاز رسمي وبين رئيس حكومة لا صلة له بالدولة، وهو أسير متاهة مصالحه الشخصية والسياسية. عندما سئل المحامي تسيون امير عن النفي الذي نشره رئيس الحكومة بخصوص نية اقالة رئيس الشباك، عبر عن الاستغراب من السؤال. أي سبب يمكن افتراضه في أن بيان رئيس الحكومة يعكس الحقيقة. من غير الغريب أن ممثل الحكومة لم يتردد في وصف مؤامرة الدولة العميقة بأنها موقف مشروع. فقط في عالم لا يوجد فيه فرق بين الحقيقة والكذب يمكن اعتبار رئيس الوزراء رجل أمن ورونين بار خائن.

 

 

المستشارة القانونية للحكومة حذرت في الوقت المناسب اعضاء الحكومة من الحاجة الى توضيح مسألة تضارب المصالح. ولكن كالعادة اختاروا تجاهل نصيحتها، بالذات لأنها تعكس بوضوح القانون الذي يعتبر غير دستوري. وفي غطرستهم جنبوا ايضا تحويل قضية المساءلة الى لجنة التعيينات العليا كما كان يجب أن يفعلوا. ظاهريا، يمكن الغاء قرار اقالة بار واعادة الحكومة الى مهمة اجراء التحسينات. ولكن مشكوك فيه أن يكون هذا حل حقيقي، حتى لو حدثت معجزة فان لجنة غرونس ستقدم توصية جوهرية رغم أن اثنين من اعضائها يتم تعيينهم من قبل الحكومة – من الذي سيضمن استماع الحكومة للتوصية؟ يتوقع حدوث العكس. الساذجون فقط هم الذين يعتقدون أن الحكومة تستطيع النظر الى القضية بموضوعية، لا سيما في ظل العداء الكبير الذي يظهره رئيس الوزراء لرئيس الشباك.

 

 

ليس فقط اقالة رئيس الشباك هي الحدث غير المسبوق، ايضا اعمال الشغب في المحكمة أول أمس هي غير مسبوقة. توجد علاقة مباشرة بين عداء الائتلاف للمحكمة، خاصة الادعاء بأنها تعمل خلافا للقانون وضد ارادة الشعب، وبين موقف الجمهور من المحكمة. لذلك فانه يجب التحذير من الخطر الذي يتعرض له القضاة، خطر العنف، ليس أقل من ذلك، خطر كبير وفوري يتربص بالديمقراطية التي مضمونها يفرغ من المضمون. رئيس المحكمة العليا عميت كان على حق عندما اعترف بقدرة الحكومة على وضع حد لهذه المشكلة من خلال اتخاذ خطوات كبيرة، واقالة رونين بار تعتبر من هذه الخطوات.

إن نهج الحكومة الذي يعرف الديمقراطية بأنها ليست أكثر من حكم الاغلبية، هو نهج معاد للديمقراطية، واسوأ من ذلك هو نهج لديه القدرة على تدمير الديمقراطية بشكل كامل.

-------------------------------------------

 

هآرتس 10/4/2025

 

 

يجب ايضا التحقيق في الفشل في الشمال

 

 

بقلم: اسحق بريك

 

في الاعوام 2008 – 2019 توليت منصب المسؤول عن شكاوى الجنود. وضمن امور اخرى، فحصت وحققت في مئات القضايا النظامية في الجيش الاسرائيلي، مثل المنظومات القتالية، المنظومات اللوجستية والصيانة، منظومات التدريب ومنظومات التكنولوجيا والبنية التحتية العسكرية، المنظومات المساعدة للقتال ومخازن الطواريء. أنا قدمت للجيش تقارير عن كل التحقيقات، وطرحت فيها المشكلات التي وجدتها والحلول التي اوصيت بها. الجيش قام بعلاج معظم المواضيع واستثمر في ذلك الكثير من الاموال، لكن بسبب الثقافة التنظيمية المعيبة فان بعض المواضيع التي تم علاجها تدهورت مرة اخرى الى الخلف.

في كانون الثاني 2018 طلب مني وزير الدفاع في حينه افيغدور ليبرمان فحص جاهزية الجيش الاسرائيلي للحرب في قيادة المنطقة الشمالية امام حزب الله على الحدود مع لبنان وأمام السوريين في هضبة الجولان. قمت بزيارة جميع مواقع الجيش الاسرائيلي، على مستوى السرايا، على طول الحدود مع لبنان امام حزب الله وعلى طول الحدود مع سوريا في هضبة الجولان. في كل موقع تواجدت اربع ساعات واستجوبت الضباط والجنود في كل القضايا العملياتية للجاهزية، الدفاع والهجوم، بما في ذلك الدوريات على طول الجدار والأمن الجاري وحشد القوات للحرب والاحتياطي وما شابه.

النتائج كانت صادمة للاسوأ. كان هناك نقص مطلق في الجاهزية لشن حرب، سواء الدفاع أو الهجوم، في قيادة المنطقة الشمالية. قمت بعرض النتائج القاسية على ليبرمان، وخلال ذلك قام باستدعاء رئيس الاركان في حينه غادي ايزنكوت، وقائد المنطقة الشمالية في حينه الجنرال يوئيل ستريك، من اجل استيضاح الامور بمشاركتي. بدلا من قبول رئيس الاركان وقائد المنطقة الشمالية نتائج الفحص، والاسراع الى اصلاحها، حاولا التملص من النتائج القاسية للفحص، وتقديم مبررات كثيرة مختلفة خلال فترة خدمتهما. والاساس هو أنه لم يتم فعل أي شيء لتحسين الوضع.

في 30 كانون الثاني 2024 نشر في موقع “واي نت” نبأ يقول إنه في تموز 2023 (قبل ثلاثة اشهر على هجوم حماس)، قام مراقب الدولة نتنياهو انغلمان باجراء زيارة تفتيش في الشمال لفحص استعداد الجيش لمواجهة مع حزب الله. وقد قال إن “الوضع مقلق”. في مركز التقرير كان انتقاد شديد للاخفاق في جاهزية الجيش للحرب في قيادة المنطقة الشمالية على طول الحدود مع لبنان امام حزب الله.

التقرير الذي قام باعداده مراقب الدولة ومساعديه تم نقله للحصول على الرد من رئيس الحكومة نتنياهو ووزير الدفاع في حينه يوآف غالنت، قبل هجوم حماس في الغلاف. قائد قيادة المنطقة الشمالية في حينه اوري غوردن، الذي تم تعيينه في 11 ايلول 2022 وما زال في المنصب حتى الآن، لم يقم باصلاح أي اخفاق من هذه الاخفاقات. وحتى كتابة هذه السطور توجد سرية مفروضة على نشر التقرير، لأن رئيس لجنة مراقب الدولة في حينه ميكي ليفي فرض السرية عليه ولم يتم اتخاذ قرار برفعها حتى الآن.

تقرير “اخبار 12” كشف المشاعر القاسية في مكتب رئيس الاركان في صباح 7 اكتوبر. “لو أن حسن نصر الله هاجم لكنا شاهدنا سيارات التندر لقوة الرضوان في حيفا الآن”، تم اقتباس هرتسي هليفي. هكذا وصف الخوف من الهجوم المشترك لحماس وحزب الله.

خلال سنوات اصدرت عشرات التقارير عن عدم جاهزية الجيش للدفاع أو الهجوم في المنطقة الشمالية، على الحدود مع لبنان وفي هضبة الجولان وفي كل حدود اسرائيل الاخرى. قمت بنشرها وعرضها على رؤساء الحكومات ووزراء الدفاع ووزراء واعضاء مجلس الامن القومي ورؤساء لجنة الخارجية والامن التابعة للكنيست واعضاء اللجنة ورؤساء الاركان والجنرالات. وقد حذرت من الوضع البائس، وحذرت من أنه اذا اندلعت الحرب فان قوة الرضوان التابعة لحزب الله ستقوم باحتلال الجليل، مواقع الجيش الاسرائيلي والمستوطنات في الشمال، ولا يمكن تجنيد الاحتياط، وأن هذا الاحتلال سينزل كارثة على الشمال وعلى كل الدولة.

إن فشل اهتمام الحدود هو امر مشترك بين الحدود الشمالية والحدود الجنوبية. لذلك اندهشت من اكتشاف أنه رغم وعي الجيش لهذا الامر، إلا أنه في جميع التحقيقات التي يقوم بها الجيش الآن لا توجد أي نظرة للفشل في قيادة المنطقة الشمالية، الذي نجت فيه الدولة من الاحتلال بمعجزة فقط. يضاف الى هذا التقصير أن مصدر الفشل الذي اشارت اليه التحقيقات في الجنوب لا يوجد على الحدود الشمالية. مثلا، لم يتم الزعم بأن حزب الله لا يهتم بالمواجهة (العكس هو الصحيح: قبل 7 اكتوبر، في فترة الاحتجاج، تم الزعم بأن حزب الله مستعد للمواجهة). ولم يزعم أحد بأن ارهابيي حزب الله تم ردعهم، كما يزعمون بشأن ارهابيي حماس. اضافة الى ذلك لم يزعم أحد بأن حزب الله يهتم بالاستفادة من اقتصاد لبنان (كما تم الزعم بشأن حماس في قطاع غزة). فشل 7 اكتوبر هو فشل مشترك بين الشمال والجنوب، والفرق في النتائج الصعبة يعود الى الحظ الكبير والمعجزة في الشمال. من هنا يجب ايجاد سبب الفشل على هذه الحدود.

في قضية الشمال لا يقومون بفحص الجيش الاسرائيلي إلا في الاماكن التي تحدث فيها كارثة. هناك ايضا يجري التحقيق بشكل عشوائي بدون عرض الدروس وتصحيحها. ولا حاجة الى القلق بشأن نقاط الضعف الاخرى التي كان يمكن أن تصيبنا بسببها كوارث اخرى، قد تصل الى مستوى الكارثة الرهيبة للبلاد، والجيش الاسرائيلي كان يعرف أن حزب الله غير مرتدع وأنه كان يستعد لمهاجمة اسرائيل، ومع ذلك هو لم يفعل أي شيء لمنع الضربة.

عندما ادرك المسؤولين العسكريين الكبار بأن الحدود الشمالية غير جاهزة للدفاع فضلوا الاعتماد على المعجزات، وردوا بغطرسة وغرور والتهرب من المسؤولية. حتى بعد حدوث الكارثة هم يعالجون فقط الاماكن التي حدثت فيها الكارثة ولا يقومون باعداد الجيش للدفاع عن كل حدود اسرائيل. الحدود الشمالية والشرقية، سوريا والاردن، حيث لا توجد هناك قوات على الاطلاق، وعلى الحدود الغربية مع مصر.

-------------------------------------------

 

يديعوت 10/4/2025

 

 

بعد سبعة اشهر من الإعلان عن الحسم في رفح، يعترفون ان كتائب حماس لا تزال هناك

 

 

بقلم: يوسي يهوشع

 

قبل سبعة أشهر فقط، في أيلول 2024 نشر الناطق العسكري بيانا رسميا أعلن فيه احتفاليا: “فرقة 162 حسمت لواء رفح لحماس”. وحسب ذاك البيان، فان الأشهر الثلاثة التي عملت فيها الفرقة في رفح أدت الى تصفية اكثر من 2000 مخرب وكذا تدمير 13 كيلو متر من المسارات التحت أرضية. فحقيقة أن البيان آنف الذكر لم يخرج عن مصدر سياسي ساهمت في ثقة الجمهور به: ها نحن نقترب من النصر.

زيارة الى رفح عشية فصح 2025 تكشف واقعا آخر تماما، اعترف به أيضا الناطق العسكري أول أمس في بيان أصدره جاء على نحو مصادف تقريبا لم ينل المدى المناسب له بسبب مواضيع مشتعلة أخرى. فقد تبين أن رئيس الأركان أجرى تقويما للوضع وجولة في “محور موراغ” موضع الحديث وقال للمقاتلين هناك، فيما كان الى جانبه قائد المنطقة الجنوبية اللواء ينيف عاشور وقائد فرقة 36، العميد موران عومر: أتوقع منكم حسم لواء رفح”.

ولمن يتساءل: لا، لواء رفح لم ينهض من الرماد وعلي فينبغي حسمه من جديد. “لواء رفح لم يحسم حقا”، تقول مصادر في الجيش الإسرائيلي. القادة في الجبهة، حيث تقاتل قوات من لواء 188 وسييرت غولاني، تعترف بانه تبقى لحماس هناك كتائب أخرى. رئيس الأركان، اللواء ايال زمير، يحثها على انهاء المهمة، الذي يزعم انها أنهيت قبل اكثر من نصف سنة.

غير قليل من النقد اسمع عن تصريحات السياسيين وعلى رأسهم رئيس الوزراء الذي أعلن قبل سنة بان إسرائيل توجد على مسافة خطوة من النصر”، غير أن وهن حسم رفح يدل، وليس لأول مرة لشدة الأسف، على هوة تميل لان تنفتح في بيانات الجيش أيضا، بشكل يثير تساؤلات قاسية: ما الذي يعرفه الجمهور حقا عن القتال هناك، عن الإنجازات مقابل الإخفاقات، عن الأهداف التي تحققت وتلك التي ثرثر فقط عنها في بيانات العلاقات العامة؟ أي قصة رووها لنا، وكم هي حقيقة؟ بالمناسبة، على هذه الأسئلة أن تقلق ليس فقط من كان في منصب رئيس الأركان والناطق العسكري في حينه بل وأيضا رئيس الأركان الحالي وكل قمة القيادة: فاعلاناتهم أيضا ستقاس على مدى الزمن وكل فجوة تشق أكثر ثقة الجمهور بالجيش.

الزيارة التي أجريت أمس أعلن وزير الدفاع بان الجيش الإسرائيلي سيسيطر على كل المجال الذي بين محور موراغ ومحور فيلادلفيا المحاذي لمصر، مما يجعل رفح منطقة فصل. “كل رفح ستخلى وستكون مجالا أمنيا”، قال الوزير إسرائيل كاتس، “هذا ما نفعله نحن الان”. ميزانية الدفاع كبيرة بما يكفي، لكن الاقوال لا تزال مجانا وبالتالي السؤال هو ماذا سيحصل اذا ما وعندما يتحقق اتفاق وقف نار وإعادة مخطوفين. مصدر إسرائيلي كبير يقول بلغة حرة ووسيطة: “في اللحظة التي توافق فيها حماس على إعادة 11 مخطوفا حيا، القتال سيتوقف فورا”. وأضاف الوزير كاتس بانه في الاعمال انكشفت “انفاق متسللة أخرى بين غزة ومصر ولهذا فواضح ان البقاء في فيلادلفيا بعد هذا الكشف هو أمني”.   هذا التصريح أيضا ينبغي أن يوضع قيد الاختبار في المستوى السياسي وبالتأكيد في ضوء التحديات حيال ايران وفي الجبهة السورية أيضا حيال تركيا.

ما يمكن حقا ان نتعرف عليه هو أن معالجة الجيش الإسرائيلي للانفاق كانت اقل فاعلية بكثير مما يمكن اخذ الانطباع: التقدير في الجيش هو أن واحد فقط من كل أربعة انفاق (25 في المئة) دمرت. هذا المعطى أيضا يستوجب شروحات يصعب على الجيش الإسرائيلي حاليا أن يوفرها. أهمية الانفاق ترافقنا منذ نحو 11 سنة منذ حملة “الجرف الصامد” وبقوة اكبر في الوضعية الصادمة الناشئة: الان أيضا يمكن لحماس أن تستعين بامبراطورية الانفاق التي بنتها الى جانب الهروب الى المناطق المأهولة. بعد أن سحب منها دعم المحور الإيراني، فان قدرتها على انتاج السلاح محدودة لكن مسؤول كبير في الجيش يدعي: “الضربة للذراع العسكري وحده لن تقوم بالعمل. توجد حاجة لمواصلة ضرب المستوى السياسي”. المسؤول الكبير إياه سُئل سؤالا يحوم فوق الجيش تقريبا من اليوم الذي صدت فيه هجمة 7 أكتوبر وبدأت الاستعدادات للهجوم المضاد: ما هو النصر؟  جوابه، ولا بد أنكم ستتفاجأون، كان “إعادة المخطوفين وحسم حماس”.

حين تكون 75 في المئة من الانفاق لا تزال فاعلة مشكوك ان يتحقق القسم الأول في حملة عسكرية. وبالنسبة للقسم الثاني، فقبل الحديث عن “حسم حماس”، لعله من الاجدر التأكد باننا هذه المرة نحسم لواء رفح – وان يكون هذا حتى صحيحا.

-------------------------------------------

 

هآرتس/ ذي ماركر 10/4/2025

 

 

في المعركة امام الاسواق، ترامب هو الذي تراجع أولا

 

 

بقلم: ايتان افريئيل

 

طوال الطريق منذ تسلم دونالد ترامب منصبه كرئيس للولايات المتحدة، حيث في اليوم الاول وقع على 100 أمر رئاسي، كانت هناك أمور واضحة. الاول هو أن ترامب يمكنه اخضاع لارادته تقريبا أي شخص في امريكا بفضل اندماج سيطرة مطلقة على حزبه وسيطرة على الشبكات الاجتماعية، لكنه لا يستطيع جعل الاسواق تفعل ما يريده. الاسواق ليست شخص ما يمكن أن يفرض رعبه عليه، بل هي ملايين الاشخاص المنفصلين، الذين في معظمهم هم مجهولون ويتصرفون باستقلالية.

قبل شهر كتب هنا أنه اذا كان هناك ما يمكنه وقف ترامب فهو سوق السندات. أمس السندات الحكومية في امريكا بدأت تنخفض بشكل حاد، وخلال بضع ساعات قام ترامب بتجميد كل الضرائب التي فرضها، باستثناء العبء الذي يبلغ 10 في المئة على جميع دول العالم، وربما ايضا الصراع مع الصين. الامور غير واضحة لأن اعلان تجميد الجمارك، وربما الغاءها، نقله ترامب للعالم بواسطة تغريدة في شبكة “تروث سوشيال” التي يسيطر عليها، التي سعر الاسهم فيها ارتفع أمس بعد الاعلان 20 في المئة.

الامر الآخر الواضح هو أن الجمارك التي اعلن عنها ترامب قبل اسبوع في “يوم التحرير” غير منطقية، الى درجة أنه تبين لكثيرين بأن الجدول المفصل الذي عرضه يجب أن يكون تمرين آخر لفرض الفوضى والتشويش على العدو لاجراء مفاوضات – ليس هو الوضع النهائي. وأنه رغم العجز التجاري في الولايات المتحدة مقارنة مع دول اخرى غير ثابت ويحتاج الى تعديل، الجمارك التي فرضها ترامب ستؤدي بالتأكيد الى ركود كبير في الولايات المتحدة وارتفاع الاسعار والتضخم وانخفاض مستوى المعيشة، وهي النتيجة التي لن يوافق عليها معظم الجمهور الامريكي، بما في ذلك ناخبي ترامب.

عمليا، هذا نهج ثابت لترامب، الذي سبق وتم طرحه ووصفه من قبل صهره جارد كوشنر: يبدأون بالتصريحات ونقاط انطلاق تقريبا غير منطقية، ويصيبون الطرف الثاني بالارباك، ومن هناك يعقدون الصفقات. ترامب يفعل ذلك طوال الوقت. مثل الاعلان بأن الولايات المتحدة “ستأخذ” قطاع غزة، وستنقل السكان الى اماكن اخرى وستقوم ببناء ريفييرا هناك. هذا لن يحدث، لكن الآن هو يستطيع القول لحماس: “أنا مستعد لتأجيل خطة الطرد. ولكن الآن اعطوني شيء ما في المقابل”.

القضية هي أنه حتى الاسواق تعرف أن هذا نهج عمل ترامب. لذلك فانها طوال الطريق لم تكن على قناعة بأن الجمارك التي اعلن عنها سيتم فرضها حقا، وبالتأكيد ليس كاملة. هذا هو سبب أن الاسهم في الاسواق انخفضت 4 – 5 في المئة كل يوم وليس دفعة واحدة، لأنه في كل يوم السوق فحصت رد ترامب على الانخفاض.

الآن بعد أن قام ترامب بتأجيل مسألة الجمارك لتسعين يوم، وفي رد الاسهم والسندات الحكومية تم عرض ارتفاع حاد تاريخي كل يوم غير مسبوق منذ ازمة الرهن العقاري الثانوي في 2008. السؤال المطروح هو هل هذا الغاء أم تأجيل فقط. رجال بنك غولدمان زيكس مثلا، يعتقدون أن هذا الغاء، وبناء على ذلك فقد اعادوا التنبؤ الاقتصادي من العام 2005، من الركود الى النمو الايجابي.

ايضا البورصات التي ترسل رسالة مشابهة، ارتفاع 10 في المئة في المؤشرات في غضون بضع دقائق، التي تعيد الى المستثمرين اكثر من نصف الخسارة في “قضية الجمارك”، تستطيع أن تكون مفهومة اذا فسر التجار والمستثمرون تصريح ترامب بأنه “صافرة تهدئة”. لأنه في نهاية المطاف من يؤمن بأن ترامب سيعيد موضوع الجمارك بعد ثلاثة اشهر لن يشتري اسهم آبل وتسلا وانفيديا ومايكروسوفت بزيارة سعر تبلغ 10 – 15 في المئة، كما سجل أمس في البورصات.

اكثر من أي جمرك أو من أي رقم، بالضبط نفس الفوضى التي يخلقها ترامب، سيستمر في الاثقال على الاسواق والاقتصاد الواقعي والقدرة على اتخاذ القرارات من قبل مدراء الشركات في ارجاء العالم. ربما الاسواق ستعود الى الارتفاع، لكن هذا الضرر لن يستطيع ترامب اصلاحه.

-------------------------------------------

هآرتس 10/4/2025

 

رئيس “شاس” مهدداً نتنياهو: إما الحريديم أو حكومتك

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

منذ قرار محكمة العدل العليا في حزيران 2024 القاضي بالإجماع على تجنيد شباب المدارس الدينية، بعث الجيش الإسرائيلي بآلاف أوامر التجنيد، لكن معدلات الامتثال بدت بنسب محدودة. الشباب الحريدي يصوت بالأرجل، بأمر من حاخاميهم وبترقب، على تثبيت قانون يشرع تملصهم.

الائتلاف لا ينجح في تحقيق قانون تملص في هذه المرحلة؛ لإدراكهم فهماً يقضي بأنه في الوقت الذي تطيل فيه الدولة الخدمة الإلزامية بأربعة أشهر، وتضاعف بضعفين بل وبثلاثة أضعاف مدى خدمة الاحتياط، وترفع سن الاعتزال من خدمة الاحتياط – فلن يكون ممكناً الوصول إلى قانون يعفي عشرات آلاف الشباب الحريدي من الخدمة العسكرية.

لكن الحكومة لا تبدي أي مؤشرات على اعتزامها فرض التجنيد الذي ينطبق على الشباب الحريدي، ويتبين أنها تعيش بسلام مع هذا الرفض. وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، الذي يعرف عن كثب العبء الذي لا يطاق الملقى على رجال الاحتياط، يفترض أن يوفر أدوات فاعلة للجيش تتيح له تجنيد الحريديم – لكنه يفضل سلامة الائتلاف على مصلحة المشاركين في الخدمة.

رئيس حزب “شاس” آريه درعي، الذي يقود حركة الرفض الحريدية، قال هذا الأسبوع إنه “في اللحظة التي تقع فيها حادثة واحدة تدخل فيها الشرطة العسكرية إلى مدرسة دينية أو بيت ما وتعتقل حتى ولو شاباً، ففي تلك اللحظة بالذات، ولا يهم الظروف ولا إذا كان هذا قرار المحكمة أو إصرار المستشارة القانونية، في تلك اللحظة لن يكون بوسع “شاس” البقاء في الائتلاف”.

 أقوال درعي توضح على من يستند ائتلاف نتنياهو، الذي يدير الحرب منذ سنة ونصف: على الحريديم غير المستعدين للتجنيد، في حين يبعثون للحرب آخرين.

من جهة، يستسلم نتنياهو لضغوط اليمين المتطرف الذي يطالب بمواصلة الحرب في قطاع غزة في ظل تخل عن المخطوفين وزيادة الخطر على جنود الجيش. ومن جهة أخرى، يستسلم لضغوط الحريديم في عدم التجنيد.

عملياً، الحريديم هي حركة الرفض الأكبر اليوم في دولة إسرائيل، رفض برعاية حكومة نتنياهو وبتشجيعها: درعي وإسحق غولدكنوف يفزعانه، كاتس ونتنياهو يساندان حركة الرفض.

رئيس الأركان، أيال زمير، الذي قال مع تسلمه المنصب إن “مهمة الدفاع عن الدولة يجب أن تتوزع بشكل متساوٍ”، ملزم بقوله لتجنيد الحريديم. وعليه أن يطالب الوزير المسؤول عنه بكل الأدوات لذلك، وأن يصب ثقل وزنه ضد الرفض الحريدي. هكذا فقط يؤدي واجبه الأعلى لحماية الدولة وتجاه الجمهور الذي يخدم في الجيش.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

يديعوت أحرونوت 10/4/2025

 

 

هذه ليست دولة عميقة

 

 

بقلم: آفي شيلون

 

أحد الادعاءات الجديدة لمؤيدي نتنياهو والذي يتضح أيضا بالنسبة لإقالة رئيس الشباك يتعلق بما يسمى الدولة العميقة. فقد روى نتنياهو أن في أثناء خطاب له في هنغاريا بأن أباه أوصاه وأوصى وزراءه قبل أن يعين لرئاسة الوزراء، بالحصول على "تعليم واسع" كي يتمكن من التصدي لموظفي الدولة، الذين أسماهم الدولة العميقة. لا أعرف إذا كان بنتسيون نتنياهو بالفعل فكر بتعابير الدولة العميقة قبل 30 سنة. لكن المؤكد هو أن الشكاوى من الدولة العميقة هي نظرية مضادة للفكر الرسمي الذي تميز به اليمين ما قبل البيبية.

المشكلة في الادعاء ضد الدولة العميقة – الذي يعتقد بان موظفي الدولة يتخذون سياسة تختلف عن السياسة التي يمليها منتخبو الشعب، أي السياسيين– مزدوجة. أولا، لأن منتخبي الجمهور الذين يتعين عليهم بالفعل أن يقرروا السياسة، ليسوا، في معظم الحالات، خبراء في مجالهم. وزير المالية لا يعرف ولا يفترض أن يعرف كيف يحلل معطيات اقتصادية. يفترض به أن يستمع لما يعرضه عليه الخبراء ويحسم.

في حالتنا وزير الدفاع أيضا ليس خبيرا في المناورة العسكرية. ووزيرة المواصلات هي الأخرى كما يفترض ليست ضالعة في تخطيط الطرق. وعليه فان الوزراء يحتاجون الى الاستشارة، كل في مجاله. ويمكن لهم أن يرفضوا الاستشارة او يتبنوها. كما يمكن للوزراء أن يغيروا الموظفين، لكن هذا لن يغير الحقائق التي عرضت عليهم. هذه ستبقى حقائق حتى بعد أن يستبدل الموظف.

هذه المشكلة الأولى في الادعاء بالدولة العميقة. اذا كانت إسرائيل يحكمها موظفون يفعلون ما يريدون- وكيف يحتمل، بالمناسبة، ان بعد خمسة عقود من حكم اليمين لا يزال الموظفون إياهم في وظائفهم اذا كانوا سيئين بهذا القدر. يمكن استبدالهم بخبراء آخرين. لكن نتنياهو ومؤيديه لا يعرضون خبراء جددا بل يكتفون بالاتهامات ضد سياسة تآمرية من الموظفين. الحقيقة هي ان الحكومة هي التي تملي السياسة بالفعل. لكن المشكلة هي مع موظفي دولة ملتزمين بمناصبهم المهنية وغير مستعدين لان يخضعوا موقفهم للإرادة السياسية.

هكذا مثلا إذا كانت الشرطة تعتقد بأن على السياسي أن يخضع للتحقيق للاشتباه بمخالفة القانون، فلا يمكن المطالبة بتغيير المحقق. واذا كان الشاباك يعتقد أنه يمكن حراسة رئيس الوزراء في المحكمة في تل أبيب، فمن واجبه أن يقول رأيه المهني، ولا يفترض برئيس الوزراء نفسه أن يحسم كيف وأين تتم الحراسة. والا سنحصل على دولة غير مهنية، دولة عالم ثالث تدار وفقا لنزوات السياسيين.

بالضبط لهذا السبب، عندما صعد مناحم بيغن الى الحكم، غير سياسة أسلافه لكنه أبقى قادة جهاز الأمن في مناصبهم إذ كانوا ولا يزالون خبراء في مجالهم. بنفس القدر لم يخشَ بيغن من الحسم ضد بعض من المشورات الأمنية التي تلقاها– مثلما بالنسبة لقصف المفاعل في العراق الذي عارضه إسحق حوفي رئيس الموساد في حينه، لكن لم يفكر بإقالته بسبب موقفه المهني.

عندما يعمل الشاباك ضد مستوطنين يمسون بالفلسطينيين، لكنه لا يعمل كدولة عميقة حتى لو كان الأمر لا يعجب سموتريتش. فهو ينفذ وظيفته مثلما هو مؤتمن على حماية الديمقراطية والقانون. في الولايات المتحدة دارج أن يجلب كل وزير جديد معه موظفين مهنيين جدد أيضا. وفي بريطانيا دارج ان يبقى الموظفون حتى عندما يعين وزير جديد. لكن فقط في الدول الضعيفة الحكم والموظفون المهنيون يتصادمون. هذا لأسفنا هو الاتجاه الفاشل الذي تسير إليه إسرائيل اذا واصلت الحكومة المس بالمهنيين بادعاء الدولة العميقة.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here