الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 4/4/2025 العدد 1275

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 4/4/2025
ثلاثة مسارات ممكنة لتحقيق اهداف الحرب
بقلم: تامير هايمن مدير معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي
لدى إسرائيل ثلاثة مسارات استراتيجية محتملة لتحقيق أهدافها في الحرب: احتلال قطاع غزة وفرض الأحكام العرفية؛ حصار قطاع غزة وإضعاف حماس وردعها: الاتفاق على مناقشة المقترح العربي لإعادة إعمار قطاع غزة واستقراره وإقامة حكومة بديلة فيه. ومن بين الخيارات الثلاثة، فإن المسار الدبلوماسي ــ مناقشة الاقتراح العربي ــ هو المسار الوحيد الذي قد يعزز أهداف الحرب بتكاليف منخفضة نسبيا، ولكن لأن الخطوط العريضة لم تُصغ بحيث تؤدي إلى إبعاد حماس عن أي قدرة عسكرية في قطاع غزة، فإن الحكومة الإسرائيلية لم تناقشها على الإطلاق. إن استبعاد المخطط الدبلوماسي لا يترك لإسرائيل سوى الخيارات العسكرية، حيث تطبق إسرائيل في البداية ضغوطاً عسكرية لدفع حماس إلى الموافقة على تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق لإطلاق سراح الرهائن؛أما الفشل أو الركود فسوف يؤدي إلى توسيع الحملة العسكرية، إلى حد السيطرة الإسرائيلية على معظم القطاع، أو إلى تنفيذ عملية واسعة النطاق، والتي يستعد لها جيش الدفاع الإسرائيلي: احتلال مساحة واسعة للغاية (معظم القطاع) وإعداد الظروف لحكم عسكري.
في هذه الأيام، تمارس إسرائيل، بدعم أميركي، ضغوطاً عسكرية مدروسة على حماس وقطاع غزة، بهدف تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق لإطلاق سراح الرهائن وتحفيز المنظمة على إطلاق سراح المزيد من الرهائن الأحياء ــ وهو الهدف الذي يتصدر أجندة المجتمع الإسرائيلي. ومع ذلك، فمن غير الواضح ما هي الرؤية الاستراتيجية التي توجه مسار العمل هذا. فحماس لا تزال هي صاحبة السيادة في القطاع. وحتى لو تم إطلاق سراح المزيد من الرهائن، فمن المرجح أن تستمر حماس في احتجاز الرهائن، إما كضمانة لبقائها أو بسبب عدم معرفة مكان دفنهم. ومن ثم فإن التركيز على القدرات الحكومية والعسكرية لحماس سوف يصبح هدفا أساسيا.
منذ بداية الحرب وحتى انهيار وقف إطلاق النار، قررت الحكومة الإسرائيلية عدم إقامة حكم عسكري في قطاع غزة. كما لم تقبل الحكومة فكرة حصار قطاع غزة، سواء لأسباب قانونية أو للقيود الأميركية التي فرضتها إدارة بايدن، أو بسبب الفهم بأنه من غير المقبول أن تبقى حماس ذات سيادة في قطاع غزة. ولذلك عمل التخطيط الاستراتيجي للحرب على إرساء آلية للحكم المدني البديل. ولكن إسرائيل لم تحدد بعد من هي الحكومة البديلة التي تسعى إلى إقامتها. المشكلة الأخرى هي أن حماس مخلصة لفكرة “المقاومة” بروح حركة الإخوان المسلمين، وبالتالي فإن محوها عن وجه الأرض بعملية عسكرية أمر مستحيل. لن تختفي حركة الإخوان المسلمين في قطاع غزة، كما لم تختفِ تحت الضغط العسكري في الضفة الغربية، وفي مصر، وفي سوريا، وفي الأردن، وفي إسرائيل نفسها. ولذلك، كان من الواضح منذ البداية أنه إلى جانب حكومة مدنية بديلة لحماس، فإن عناصر من المنظمة وجماعة الإخوان المسلمين سوف تبقى في قطاع غزة. وكان الرد على هذا الوضع، ولا يزال، هو إبقاء المسؤولية الأمنية عن القطاع في أيدي إسرائيل.
وعلاوة على ذلك، حتى لو افترضنا أنه على الرغم من احتمالية تحقيق “الهجرة الطوعية” وفقاً لخطة الرئيس ترامب، فإن نحو نصف مليون من سكان قطاع غزة سينتقلون إلى دولة أخرى، فهذا مقياس إنساني هائل. إن المشكلة الديموغرافية في غزة سوف تتقلص إلى حد ما ولعدة سنوات، ولكن هذه الهجرة لن تحل أي مشكلة أساسية. ولذلك، وعلى المدى الطويل، يطرح السؤال الأساسي مرارا وتكرارا: ما هي الخطة بشأن قطاع غزة؟ إن النقاش الحاسم حول مستقبل القطاع، والذي استمر منذ اليوم الأول للحرب وأدى مراراً وتكراراً إلى ثلاثة سيناريوهات محتملة فقط لنهاية الحرب، لم يعد من الممكن تأجيله:
احتلال القطاع بأكمله وإقامة حكم عسكري إسرائيلي فيه.
استمرار الحصار المدني على غزة مع ترك حكومة حماس ضعيفة حتى تنهار من الداخل.
حكومة مدنية فلسطينية بديلة لحماس، مع ترك مسؤولية الأمن في أيدي إسرائيل (مواصلة العمل لإحباط الإرهاب ومنع حماس من بناء قوتها المتجددة) .
إن البدائل كلها معقدة التنفيذ وتنطوي على تحديات ومخاطر. ولكن من أجل اختيار الأقل سوءًا، سيتم تحليل الثلاثة في السياق الحالي:
أ. احتلال قطاع غزة وإقامة حكم عسكري
إن ميزة الحكم العسكري في قطاع غزة هي القدرة على استخدامه لتحقيق أهداف الحرب في سياق حماس. استبدال حكومة حماس سيتم من قبل إسرائيل. وسيتم تنفيذ عملية توزيع المساعدات الإنسانية بالكامل من قبل جيش الدفاع الإسرائيلي، وبالتالي منع حماس من بيعها واستخدام توزيعها للسيطرة المدنية. إن التواجد المطول في الميدان من شأنه أن يزيد من إمكانيات جمع المعلومات الاستخباراتية، وهو ما من شأنه أن يزيد من تآكل قدرات حماس ويساعد في تحقيق إنجازات عملياتية ضدها. ومن ناحية أخرى فإن الحكم العسكري سوف يفتقر إلى الشرعية بين سكان قطاع غزة وعلى الساحة الدولية، فضلاً عن أن تكلفته الاقتصادية سوف تكون عالية وستكون له عواقب عديدة على الاقتصاد الإسرائيلي.
إن الغزو في حد ذاته سيكون معقدًا للغاية، لكنه ممكن. الخطوات:
الاستيلاء على كامل المنطقة فوق الأرض (سواء في عملية زحف أو في حملة شاملة)
تطهير الممطقة فوق الأرض وتحتها.
إعادة توزيع القطاع إلى قطاعات إقليمية.
تعيين ممثل للحكم العسكري لكل مدينة وحي، يتواصل مع القيادة المحلية ويدير الإدارة المحلية.
التعامل مع رفاهية السكان في دائرتين، حيث تشمل الدائرة الأولى والفورية السكان في مناطق القتال – أمنهم، والمأوى للنازحين، وتوزيع الغذاء، والخدمات الطبية.
مع مراعاة مدة الحكم العسكري، سيكون من المطلوب الاستجابة لجميع الاحتياجات المدنية وفقاً للطريقة التي تعمل بها الإدارة المدنية.
التحديات في “اليوم التالي”:
الدفاع عن هذه الأراضي سيتطلب عملية عسكرية واسعة النطاق، والتي ستكون بالضرورة على حساب القوات في يهودا والسامرة والحدود الشمالية. ومن المتوقع أن تشهد هذه المناطق نتيجة لذلك تراجعا في الشعور بالأمن وزيادة في عدد الهجمات. ولتقدير حجم الاحتياطيات، فلنفترض أن هناك حاجة إلى خمسة ألوية إقليمية في قطاع غزة، ولواءين إقليميين آخرين خارجه. وبالتالي، فإن هذا التشكيل العسكري يتألف من ما بين 15 إلى 21 كتيبة، أي تشكيل عسكري مماثل في نطاقه للتشكيل العسكري المتمركز في يهودا والسامرة، وهو أكبر بأربع مرات من التشكيل المخطط للحدود الشمالية (وهذا تشكيل عسكري يتطلب الاعتماد على الاحتياط، إلا إذا كان هناك تعبئة ضخمة للحريديم).
التكلفة المباشرة ـ في ظل حقيقة أن الدول أو السلطة الفلسطينية لن تشارك في العبء الاقتصادي، فسوف تضطر إسرائيل إلى تمويل كافة احتياجات المنطقة. وكمثال على ذلك، خلال الفترة التي كانت السلطة الفلسطينية تمول فيها قطاع غزة بالكامل، بلغت الميزانية 120 مليون دولار شهرياً (5.3 مليار شيكل سنوياً).
تعبئة الاحتياطيات بالقدر المطلوب من شأنها أن تضر بشكل غير مباشر بالاقتصاد الإسرائيلي بسبب الغياب الطويل للاحتياطيين عن القطاع الإنتاجي.
العبء الواقع على جنود الاحتياط، بالإضافة إلى كونهم مشاركين في مهام الشرطة، قد يؤدي إلى انخفاض الدافعية بشكل يعرض للخطر أولئك الذين هم على استعداد للاستجابة للنداء والتجنيد.
غياب الشرعية الدولية سيؤثر سلباً على العلاقات التجارية والاقتصادية لإسرائيل. قد تنظر العديد من البلدان، باستثناء الولايات المتحدة، إلى تجدد احتلال قطاع غزة باعتباره عملاً غير قانوني وغير متناسب ويتعارض مع قيمها. إن التهديد الأكثر خطورة هو المقاطعة الأوروبية الرمادية لإسرائيل، والتي لا يوجد لها تعريفات رسمية
وأخيرا وليس آخرا – معاداة السامية. ومن الممكن أن يؤدي القتال ضد إسرائيل إلى تكثيف موجات معاداة السامية ضد المجتمعات اليهودية في جميع أنحاء العالم.
ب. حصار قطاع غزة – حماس ضعيفة ومحبطة
بموجب هذا النهج، ستفرض إسرائيل حصاراً جزئياً على قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس. ولن يكون من الممكن إعادة إعمار القطاع والتجارة، وستعمل إسرائيل على تعميق الفجوة بين السكان وحماس. هذه الفكرة، التي لم تكن ممكنة في عهد إدارة بايدن، تبدو أكثر إمكانية في عهد إدارة ترامب. ويبدو أن الرئيس الحالي للولايات المتحدة لا يجد أي مشكلة في دعم إسرائيل، حتى في الوقت الذي تفرض فيه القيود على دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. إن الإنجاز البعيد المدى الذي ستسعى إسرائيل إلى تحقيقه من خلال الحصار هو تخلي حماس عن السيطرة على القطاع بسبب الظروف الصعبة التي يعيشها، وتفضيلها نقل إعادة إعمار المنطقة إلى طرف آخر.
ولكن هناك مشكلة استراتيجية خطيرة كامنة في خيار الحصار، وهي أن حماس سوف تنظر إليه وتقدمه على أنه انتصار ودليل على نجاحها في مواجهة تحدي الحرب مع إسرائيل، وتسببها في طردها من قطاع غزة، وأنها الآن تتعامل مع الحصار ــ وهو وضع ليس جديداً عليها. وفي ظل ظروف الحصار، فمن المتوقع أن تتمكن حماس من السيطرة على المساعدات التي تصل إلى القطاع، بقدر ما تدخل، وستجد إسرائيل صعوبة في فرض وصول المساعدات إلى سكان المنطقة. وسوف تنشأ هنا معضلة بين تجويع السكان بالكامل، الأمر الذي من شأنه أن يعرض إسرائيل لخطر اتهامها بارتكاب جرائم حرب، وبين بقاء حماس في القطاع ضعيفة ولكنها فوق عتبة البقاء. وتشير التجارب السابقة إلى أن حماس ستعمل بعد ذلك على توجيه الغضب الشعبي نحو إسرائيل، والذي قد يتجسد في مسيرات ومظاهرات حاشدة، وفي تشجيع الحملة الدولية ضد إسرائيل بدعوى ارتكابها جرائم حرب.
إن عواقب الحملة ضد إسرائيل على الساحة الدولية قد تضر بالاقتصاد الإسرائيلي، رغم أن الضغط في هذه الحالة سيكون أقل من المتوقع إذا احتلت إسرائيل القطاع وفرضت عليه الحكم العسكري، حيث تتعرض إسرائيل منذ عدة سنوات للانتقادات على أساس أنها تفرض حصاراً على قطاع غزة.
إن المشكلة الرئيسية الكامنة في حالة الحصار هي الهزيمة العسكرية. أولا، فشلت دولة إسرائيل في تحقيق أهداف الحرب كما حددتها. ولم يتم إطلاق سراح الرهائن وبقيت حماس في مكانها. وتتجاوز الأهمية الاستراتيجية لهذا الوضع بكثير التداعيات المتعلقة بقطاع غزة وحده. وقد ترى الولايات المتحدة أيضًا في هذا علامة ضعف، وفي عالم الرئيس ترامب لا يوجد مكان لدعم الدول الضعيفة والقادة الضعفاء (انظر الاجتماع مع فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض).
أما بالنسبة لاستنزاف حماس وإمكانية قلب نظام حكمها من الداخل، فهناك دلائل أولية على اضطرابات شعبية ضد المنظمة تطالب بإنهاء الحرب وإزالة قياداتها من المنطقة. ولا يزال من المبكر جدا تقييم حجم الاحتجاج، وما إذا كان سيزداد ويتسع، وما إذا كان قادة التنظيم سيضطرون بالفعل إلى مغادرة القطاع للهروب من غضب الجماهير. وفي الوقت نفسه، أبدت حماس بالفعل استعدادها لوقف المظاهرات ضدها باستخدام العنف الصارخ. ولذلك فإن الشك في نجاح الاحتجاج مبرر في ضوء التجارب السابقة وخاصة في الوقت الحاضر حيث تسود حالة من الجنون بين قيادة المنظمة، ولسبب وجيه، ويجب أن نأخذ في الاعتبار أيضاً أن المقاومة الشعبية سوف تقابل بقبضة من حديد ويتم قمعها.
وفي الخلفية، من الممكن أن يشجع الواقع المدني الصعب، الذي قد يصل إلى أزمة إنسانية، على الهجرة بين أولئك الذين سيتمكنون من الوصول إلى دولة عربية. ولكن الأغلبية الفقيرة والعاجزة من سكان غزة سوف يتم تقديمهم كضحايا أبرياء لآلة الحرب الإسرائيلية، وسوف تبدأ التبرعات بالتدفق ــ بما في ذلك إلى حماس، حيث ستكون قطر المانح الأول، والتي سوف تسعى جاهدة لضمان استمرار مشروع الإخوان المسلمين الذي تقوده في القطاع.
ج. حكم مدني بديل مع إبقاء حماس تحت الأرض
إن الميزة الكبرى الكامنة في هذا البديل هي الميزة الاقتصادية. وفي حالة وجود حكومة تكنوقراطية ـ حكومة مدنية بديلة ـ فإن حماس لن تقوم بتوزيع المساعدات الإنسانية، وبالتالي لن تصبح أقوى اقتصاديا. وببطء، سوف تتآكل حالته المدنية أيضًا. وقد ترى إسرائيل في هذا الوضع إنجازاً لهدف الحرب. ولكن العيب الكبير سيكون استمرار حماس في الوجود تحت السطح. وسوف يزعم البعض، بحق، أن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن يقوم أعضاء حماس أيضاً بإلقاء ممثلي الحكومة المدنية البديلة من فوق الأسطح، كما فعلوا مع أعضاء السلطة الفلسطينية في عام 2007. وسوف تستمر حماس في النمو، ومعها التهديد الذي تشكله.
لقد كانت هذه العيوب معروفة بالفعل منذ بداية الحرب، عندما تقرر أن تشكيل حكومة بديلة في قطاع غزة هو النموذج المرغوب. وكان الحل الذي صاغوه هو إبقاء مسؤولية الأمن في أيدي إسرائيل، ومواصلة تقويض قدرات حماس من خلال سلسلة من العمليات على مدى أشهر عديدة، حتى يتم إضعافها بشكل كامل. وكان الحل الثاني الذي تم النظر فيه هو بناء قوات محلية في غزة لفرض القانون والنظام. وكانت الخطة تقضي بتدريب نحو 5 آلاف شخص مؤهل في الأردن، في إطار التدريب الأميركي، وإعادتهم إلى قطاع غزة كضباط شرطة يتم دفع رواتبهم من قبل جهة أخرى غير حماس. وهكذا، ربما، وعلى مدى فترة طويلة من الزمن، سوف تتآكل حماس إلى حد التحدي الذي تشكله حالياً في الضفة الغربية، حتى لو لم تختفِ عن وجه الأرض.
ورغم أن هذا النموذج كان خيار الحكومة الإسرائيلية في بداية الحرب، إلا أنه لم يتم تنفيذه لأنه لم يكن هناك نقاش بشأن السلطة المدنية البديلة لحماس. ولذلك فإن الاقتراح المصري والاقتراح الإماراتي لإعادة إعمار قطاع غزة واستقراره، مع عدم مشاركة حماس في الحكومة، هما الأقرب إلى المصالح الإسرائيلية اليوم. لكن إسرائيل رفضت كلا الاقتراحين. ويتضمن المقترحان تشكيل تحالف دولي من الدول العربية والغربية، يكون مسؤولا عن إعادة إعمار القطاع والإشراف على مجلسه المدني. ويتضمن المقترحان أيضاً إنشاء قوة للأمن وتوزيع المساعدات الإنسانية، وهي ليست تابعة لحماس. وبالإضافة إلى ذلك، فإن السلطة الفلسطينية ليست مشاركة في إطار المقترحين، بل من المفترض أن توافق فقط على الخطوة. الفرق بين المقترحين يتعلق بطبيعة الجسم الذي سيحكم غزة. وبحسب المقترح الإماراتي، فإن هذه القوة ستكون بمثابة سلطة عليا، بينما المقترح المصري سيكون عبارة عن لجنة مدنية من سكان غزة لا ينتمون إلى السلطة الفلسطينية أو حماس.
الملخص والتوصيات
قبل زيادة الضغوط العسكرية على قطاع غزة، لا بد من تحديد الوضع النهائي المنشود: أي من البدائل الثلاثة يشكل الإطار السياسي للعمل العسكري؟ كل واحد من الخيارات الثلاثة سوف يحقق غرضه الخاص من خلال تكوينه النظامي (التشغيلي) الخاص، وبالتالي فإن القرار يجب أن يتم اتخاذه قبل بدء المناورة، وليس أثناءها. إن البدائل الثلاثة إشكالية: من منظور عسكري، فإن الحكومة العسكرية هي الأفضل؛ من منظور واسع النطاق للأمن القومي (الاقتصاد، والجيش، والمجتمع، والدبلوماسية) – يعتبر نموذج الحكومة التكنوقراطية هو الأفضل؛ على أية حال، فإن استمرار حكم حماس هو الخيار الأسوأ ويجب تجنبه، وبالتالي فإن البديل المتمثل في حصار غزة غير جذاب أيضاً.
إذا كانت الحكومة المدنية البديلة هي الخيار الأقل سوءاً، فلابد من معالجة المشاكل الكامنة فيها ومنع الظواهر التي تميز “نموذج حزب الله” في قطاع غزة ــ وجود ميليشيا مسلحة ومؤثرة داخل إطار الدولة، مما يشلها ويهدد استقرارها من الداخل.
من الضروري تحديد ما هو النظام الأمني الذي سيسمح لإسرائيل بمواصلة العمل ضد قدرات حماس، بالقدر الذي تبقى فيه هذه القدرات
يجب التخطيط لإجراءات تضمن بقاء الحكومة البديلة في قطاع غزة، في حين ستسعى حماس إلى تعزيزها وإسقاطه
يجب تحديد المكونات الأمنية، باستثناء النظام الذي يسمح لإسرائيل بالعمل على إحباط التهديدات، والذي يضمن تقييد حماس واحتوائها. ومن المفترض أن تشمل هذه المكونات مفهومًا دفاعيًا محدثًا للمجتمعات في النقب الغربي.
عنصر الأمن الشخصي هو الأكثر أهمية. يجب تشكيل قوة شرطة فلسطينية في قطاع غزة، تعمل وتنسق مع إسرائيل وتسمح بالعمليات الإسرائيلية في القطاع، على غرار العمليات المشتركة التي يقوم بها جيش الدفاع الإسرائيلي والسلطة الفلسطينية في أراضي يهودا والسامرة.
-------------------------------------------
هآرتس 4/4/2025
ترامب أعطى إسرائيل تفويض للعمل في قطاع غزة، مع جدول زمني محدود
بقلم: عاموس هرئيلِ عاموس
أينما ننظر نرى أن بنيامين نتنياهو يوجد الآن في تضارب مصالح واحد تلو الآخر. الحديث لا يدور فقط عن المفهوم ضمنا، القضية القطرية التي فيها مكتب رئيس الحكومة متورط حتى عنقه، في الوقت الذي هو نفسه يحاول فيه التخلص من المستشارة القانونية للحكومة ورئيس الشباك. نتنياهو أمر باستئناف الحرب في قطاع غزة في الشهر الماضي، مع تعريض حياة المخطوفين الباقين للخطر، وأيضا الجنود الذين يدخلون الآن الى القطاع. هو يدير سياسة هجومية في سوريا وفي لبنان، مرفقة بالتواجد العسكري هناك وفي حالة احتكاك دائم. حسب التقارير الكثيرة في وسائل الاعلام الأجنبية ربما أن هجوم إسرائيلي في ايران يقف على الاجندة. هل الشخص الذي اتخذ كل القرارات حول هذه المواضيع الحساسة يمكنه فعل ذلك بصورة نقية وموضوعية، في الوقت الذي يغرق فيه في معركة ثنائية مع سلطة القانون؟ هل الأفلام الكثيرة التي نشرها في هذا الأسبوع، تقريبا كل يوم، ضد جهاز القضاء والشباك تظهر أن رئيس الحكومة هاديء ومسيطر بشكل كامل على الوضع؟.
في هذا الأسبوع وسع الجيش نشاطاته في قطاع غزة. حتى الآن هذه ليست الحرب الكبيرة التي وعد بها الحكومة رئيس الأركان ايال زمير عند تسلم منصبه. في هذه الاثناء تعمل في القطاع ثلاث فرق بحجم قوات مقلص وبدون الإعلان عن تجنيد خاص للاحتياط. الخوف من عدم امتثال عدد كبير من رجال الاحتياط يستمر في التحليق فوق كل الخطط العسكرية. هكذا أيضا، في بعض الوحدات بصعوبة يمتثل 50 في المئة من الجنود. المشكلة هي عملية اكثر مما هي سياسية. صحيح أن الاجماع حول مجريات الحرب تآكل بسبب سلوك الحكومة، لكن التهديد الملح اكثر بالنسبة لهيئة الأركان يتعلق بالصعوبة الشخصية لرجال الاحتياط. عدد كبير منهم اجتاز عتبة الانكسار إزاء تحمل العبء. هذا عائق اكثر وضوحا امام تحقيق اهداف الحرب من التأييد المتزايد للرفض.
هدف توسيع العملية، كما قال أمس وزير الدفاع يسرائيل كاتس، هو زيادة الضغط على حماس كي تتنازل في المفاوضات حول استمرار صفقة التبادل. أقواله تظهر مثل تصريح تم تنسيقه مع الأمريكيين، وربما تم طلب ذلك من قبلهم. ليس بالصدفة أن ستيف ويتكوف اختفى، المبعوث الأمريكي، من خارطة الاعلام في الفترة الأخيرة. يبدو أن الإدارة الامريكية أبقت لإسرائيل هامش لعملية عسكرية، على أمل أن تحسن القدرة على المساومة في المفاوضات، ولكن يبدو أنها ستكون محدودة زمنيا. الرسالة الحالية من واشنطن تقول إنه اذا كانت إسرائيل المحاربة في غزة فهي مدعوة لفعل ذلك، والإدارة الامريكية الحالية أيضا ستوفر لها كل السلاح المطلوب لذلك. ما سيحدث بعد ذلك يمكن أن يكون مختلف قليلا: ترامب يتوقع أن يزور السعودية في الشهر القادم. ومشكوك فيه اذا كان يريد أن تعتم صور الحرب من غزة هذه الزيارة. في الأسابيع الأخيرة نشرت اقتراحات أمريكية، إسرائيلية وفلسطينية، بخصوص العودة الى صفقة التبادل. بالخطوط العامة يبدو أن إسرائيل تريد تحرير في المرحلة الأولى 11 مخطوف على قيد الحياة (هناك كما يبدو 21 مخطوف احياء من بين الـ 59 الذين ما زالوا محتجزين في القطاع). حماس وافقت على اطلاق سراح خمسة مخطوفين احياء. هنا يوجد هامش موافقة محتمل بين الطلبين. ولكن قبل ذلك سيكون سفك دماء متبادل، الذي ستطرحه الحكومة على الجمهور بشكل مضلل، كخطوة حيوية في الطريق الى النصر.
قبل بضعة أيام من كاتس، في بداية جلسة الحكومة في يوم الاحد، تحدث نتنياهو عن اهداف الحرب. الاهداف التي وضعها كانت طموحة اكثر. حسب رئيس الحكومة فانه في نهاية العملية الإسرائيلية حماس ستلقي سلاحها، وقادتها الكبار سيسمح بخروجهم الى الخارج، و”سنمكن من تطبيق خطة ترامب بشأن الهجرة الطوعية”. اذا كان نتنياهو وبحق يأمل في تحقيق هذه الأهداف فانه سيتعين عليه استخدام المزيد من الضغط العسكري. من غير المؤكد أنه سينجح في ذلك. وفي الطريق يوجد خطر واضح، موت معظم المخطوفين.
كاتس تحدث مع المراسلين العسكريين، الذين رافقوه في جولة في جنوب لبنان. وقد قيل للمراسلين أنه محظور نشر نية الجيش الإسرائيلي تطويق رفح من الشمال والشرق في موازاة التقدم نحو محور فيلادلفيا. هذا الامر تم بواسطة السيطرة على محور موراغ، الذي يمر عبر انقاض المستوطنة التي أقيمت في حينه بين خانيونس ورفح. المبرر لمنع النشر هو الحفاظ على سلامة القوات. هذا لم يزعج نتنياهو في التفاخر باحتلال موراغ في الفيلم الذي نشره بعد بضع ساعات. لقد كان هنا كالعادة أيضا تلميح للمستوطنين وأحزاب اليمين المتطرف في الحكومة التي تأمل بمحو إجراءات الانفصال وإعادة الاستيطان في القطاع.
في هذه الاثناء اعلن الجيش الإسرائيلي عن البدء في تحقيق خاص به في القضية الاستثنائية في رفح، حيث قتل هناك 15 من رجال الإسعاف وعمال مساعدة فلسطينيين، الذين تم العثور على جثامينهم في قبر جماعي في اعقاب حادثة كانت في صباح 23 آذار. الطبيب الجنائي الذي قام بفحص الجثث، قال إن الضحايا تم اعدامهم بواسطة اطلاق النار من مسافة قصيرة. شهود عيان فلسطينيين قالوا إن بعض الجثث كانت مكبلة الأيدي والارجل. في المقابل، في الجيش قالوا، بعد فحص أولي، بأن الحديث لا يدور عن مذبحة، وأن بعض القتلى تم تشخيصهم كاعضاء في حماس، وأنه حسب الاشتباه فقد استخدموا سيارات الإسعاف من اجل النشاطات العسكرية.
في الوقت الذي فيه في الضفة الغربية تمكن المستوطنون من تنفيذ مذبحتين عنيفتين بشكل خاص، في قرية في منطقة نابلس وفي قرية في منطقة الخليل. في الأراضي السورية قام حاخام (82 سنة)، الذي هو من قدامى زعامة المستوطنين الدينية، بزيارة قوات الجيش الإسرائيلي وهو يضع الاوسمة ويرتدي الزي العسكري (على الأقل هذه المرة لم يقتل أي جندي من اجل توفير الحماية لهذه المغامرة التي لا حاجة اليها). في عيد الفصح يتم التخطيط لعقد مؤتمرات مدنية مختلفة بمساعدة الجيش الإسرائيلي، والقيام بنزهات عائلة وراء الحدود داخل هضبة الجولان السورية. ما الذي يقوله رجال الشرطة في لندن في المسرحيات الكوميدية البريطانية القديمة؟ لا يوجد أي شيء لمشاهدته هنا. استمروا في التصرف بشكل عادي.
-------------------------------------------
هآرتس 4/4/2025
إسرائيل تستطيع تنفيذ بقدر ما تريد من المذابح
بقلم: جدعون ليفي
كم كنا ساذجين وحساسين في حينه. في 18 نيسان 1996، قبل 29 سنة، اطلقت بطارية مدفعية تابعة للجيش الإسرائيلي النار من اجل انقاذ قوة “مجيلان” بقيادة الرائد نفتالي بينيت، التي تعرضت لكمين في قرية قانا في جنوب لبنان. اربع قذائف سقطت على مبنى للأمم المتحدة كان اللاجئون يختبئون فيه. 102 شخص مدني، بينهم عدد كبير من الأطفال، قتلوا في هذا القصف.
المتحدث بلسان الجيش الإسرائيلي حاول طمس ذلك والكذب كالعادة. ورئيس الحكومة في حينه شمعون بيرس قال “نحن آسفون جدا، لكننا لن نعتذر” والعالم أصيب بالغضب. بعد بضعة أيام اضطرت إسرائيل الى انهاء عملية “عناقيد الغضب”، التي هي احدى العمليات في لبنان. وبعد شهر من ذلك هزم بيرس في الانتخابات وبنيامين نتنياهو صعد الى الحكم، جزئيا بسبب كفر قانا. كم كنا ساذجين وحساسين في حينه.
كفر قانا أصبحت منذ ذلك الحين الى كابوس إسرائيل في كل حرب: قتل عشرات المدنيين، الامر الذي سيضطر إسرائيل الى وقف الحرب، فقط ليس ذلك. تلك الأيام انقضت. دولة إسرائيل يمكنها الذبح بقدر ما تشاء. بدون أن يهددها ذعر كفر قانا مرة أخرى.
في الأسابيع الأخيرة إسرائيل تقوم بتنفيذ “كفر قانا” تقريبا كل يوم في القطاع. لا أحد يطلب منها التوقف. كابوس كفر قانا تلاشى. لم تعد حاجة الى الحذر بعد الآن من أن يقتل عشرات الأبرياء، لأن لا أحد يهمه ذلك. المتحدث بلسان الجيش لا يجب عليه الكذب، ورئيس الحكومة لا يجب عليه التأثر – العالم صمت وتبخر وضمير إسرائيل كذلك. اذا لم يوقف حمام الدماء الفظيع في اليوم الأول في المرحلة الحالية في الحرب في القطاع إسرائيل، واذا لم يوقفها قتل الطواقم الطبية في رفح، فما الذي سيوقفها؟ لا شيء. فهي تستطيع تنفيذ بقدر ما تريد من المذابح. وكما يبدو هي تريد ذلك.
في الضربة الافتتاحية لاستئناف الحرب الحالية في قطاع غزة قتلت إسرائيل 436 مدني، بينهم 183 طفل و94 امرأة. ما يعادل 4 مذابح مثل مذبحة كفر قانا وربما اكثر. الافتتاحية الصادمة في “ملحق هآرتس” في يوم الجمعة الماضي، التي كتبتها حنين مجادلة ونير حسون، جلبت الوجوه والاوصاف. هم كانوا العكس للجنود. في هذا الأسبوع نشرت أيضا تفاصيل مذبحة فظيعة أخرى، ربما الأكثر بربرية من بينها حتى الآن: مذبحة الطواقم الطبية في حي تل السلطان في رفح. 15 جثة، من بينها جثة مع ارجل مكبلة وجثة اطلق عليها 20 رصاصة، دفنت في الرمال فوق بعضها، مع سيارات الإسعاف والدفاع المدني.
حسب الشهادات فانه على الأقل البعض منهم تم اعدامهم. جميعهم كانوا من طواقم الإنقاذ التي حاولت تقديم المساعدة لمصابين بسبب القصف الإسرائيلي. وصف الحادثة في “هآرتس” (نير حسون وجاكي خوري وليزا روفسكي) كان في الأوقات العادية سيوقف تقريبا أي حرب في نفس اليوم. كفر قانا تتقزم من حيث حجم الوحشية مقارنة مع تل السلطان. في كفر قانا كان يمكن الاعتقاد أنه لم تكن أي نية لقتل عشرات الأبرياء. ولكن في تل السلطان كانت توجد نية، خبيثة وواضحة ومجرمة، لفعل ذلك.
ما حدث في تل السلطان هو مذبحة ماي لاي الإسرائيلية المصغرة في غزة، في حين أن مذبحة ماي لاي بشرت ببداية انعطاف الرأي العام الأمريكي ضد الحرب في فيتنام، فان مذبحة تل السلطان حتى لم يتم ذكرها في معظم وسائل الاعلام الإسرائيلية. أمريكا العسكرتارية، مغسولة العقل، ثارت بسبب ماي لاي. ولكن إسرائيل غضت النظر عن تل السلطان. فليس فقط أن هذه المذابح لم تبشر بانعطاف الرأي العام أو وقف الحرب، بل هي أعطت التشجيع على ارتكاب مذابح أخرى. أمس قصف الجيش الإسرائيلي عيادة تابعة للاونروا في مخيم جباليا وقتل 19 شخص بينهم أطفال. هذه مذبحة لانهائية. من كان يصدق أننا سنشتاق الى مذبحة كفر قانا أو عملية “عناقيد الغضب” أو حكومة بيرس. ها أنتم ترون ذلك.
-------------------------------------------
معاريف 4/4/2025
تعيين رئيس الشباك والشبهات أن رجال نتنياهو روجوا بشكل مدفوع الاجر لمصالح قطر
بقلم: ألون بن دافيد
قصة تعيين رئيس الشباك هذا الأسبوع، مهزلة انتهت بالتفافة حدوة حصان وبعدها كشف خطط الجيش الإسرائيلي في غزة بشكل كفيل بان يعرض مقاتلينا للخطر كانتا مؤشرين دالين حادين على أن نتنياهو فقد الاهلية لتولي المنصب الحساس المتمثل برئاسة الوزراء. في الأسبوع الماضي كتبت هنا انه اذا خرق نتنياهو قرار محكمة العدل العليا، يمكن لهذا أن يكون علة للإعلان عنه كعاجز. لكن اذا ما بين تحقيق قطر غيت بان مكتب نتنياهو عمل في خدمة دولة معادية، فان العجز سيكون بات عنوانا على الحائط.
بنشاط وألمعية اعلن نتنياهو هذا الأسبوع عن تعيين اللواء احتياط ايلي شاربيت رئيسا للشباك في ساعة مبكرة من الصباح. كل سكرتيرييه العسكريين ان في 6:53 صباحا، الساعة التي اعلن فيها عن التعيين ليست الساعة التي يحب فيها نتنياهو ان يلتقي بعيون مفتوحة. البيان الذي نشره بث حماسة: سينجح في ان يتحدى محكمة العدل العليا وان يثبت حقائق حتى قبل المداولات بل وكان لامعا في اختيار قائد سلاح بحرية سابق كمرجعية لتعيين عامي ايلون في 1996 ويكون بذلك نجح أيضا في أن يخفي عن كل وسائل الاعلام، بما فيها أبواقه، اسم المرشح.
لكنه لم يقدر فقط على نحو صائب المعارضة التي سيلتقيها من البيت بكل معنى الكلمة: البيت السياسي والبيت الخاص على حد سواء. حتى الابواق ثارت ضد تعيين شخص ممتاز وضابط مقدر وقع في خطيئة المشاركة في مظاهرة ضد الانقلاب النظامي. مثل أناس كثيرين وطيبين قبله، فان شاربيت أيضا، الإسرائيلي المخلص الذي استدعي لخدمة العلم فادى التحية، دحرج في نفس اليوم من على الدرج.
في غضون بضع ساعات وجد نتنياهو نفسه في غمرة تحقيق قطر غيت، وبدا أنه دخل في دوامة. في شريط سارع لان يحرره في المساء إياه عن “الرهينتين اوريخ وفيلدشتاين، بدا رجلا مفزوعا فقد رابطة جأشه. هو عالق في هذا التحقيق. اذا ما تنكر على عادته وقال انه لا يعرف ان مستشاريه القريبين يشتغلان لدى قطر – فهما كفيلان بان يعرضا رواية أخرى. اذا قال انهما عملا باذنه – فهو سينكشف كمن سمح لدولة معادية بموطيء قدم في قدس اقداس الدولة.
ما ليس فيه خلاف هو أن نتنياهو سمح بتشغيل ثلاثة مستشارين مقربين في مكتب يمسك بلباب سر إسرائيل، دون أن يكونوا اجتازوا تصنيفا امنيا أو كانوا خاضعين لرقابة ضابط أمن الديوان. معظم سنواته كزعيم كان نتنياهو شبه مهووس بحراسة المعلومات من كل نوع كان. حرص على أن يتحدث في خطوط محمية ويخفي أوراقه. الهوس في الحفاظ على معلوماته الشخصية بقي، لكنه في السنوات الأخيرة بدأ يستخف بكل أنظمة أمن الدولة.
اين الاذن؟ والشفافية؟
حتى الان يبدو أن أحدا من المشاركين لا يحاول نفي حقيقة أن مستشاري نتنياهو المقربين وظفوا، بشكل مباشر او غير مباشر، لدى القطريين. هذه ليست بالضرورة مخالفة: فاسرائيليون كثيرون، وبينهم خريجو جهاز الامن، عملوا ويعملون مع قطر، لكنهم مطالبون بان يفعلوا هذا باذن وبشفافية. عند الحديث عن أناس تشغلهم قطر، بينما هم يعملون في المكتب الأكثر حساسية في الدولة – فهذا بات يبعث على أسئلة تتعلق بامن الدولة.
الشبهات التي عرضت هذا الأسبوع في المحكمة، والتي تفيد بان أناس نتنياهو عملوا ظاهرا أيضا كي يدفعوا قدما بمصالح قطر، الداعمة الأساس لحماس، بينما هم يخدمون رئيس وزراء إسرائيل – كفيلة بان تحول علاقات الاستفهام الى علامات تعجب. اذا ما تثبتت الشبهات وتبين أن مكتب نتنياهو عمل في خدمة الممولة الأساس لحماس في ظل الحرب – ستثور أيضا مسألة أهلية نتنياهو لاشغال منصبه حتى لو ادعى بانه لم يكن يعلم بعمل رجاله.
خط أحمر سميك يفصل بين مخالفات طهارة المقاييس وتبييض الأموال وبين مخالفات امنية مثل الاتصال بعميل اجنبي او تسليم معلومات سرية وبالتأكيد في وقت الحرب. انا مقتنع بانه سواء غالي بهرب ميارا أم رونين بار يفهمان المعاني. هذا أيضا هو السبب للهلع الكبير من جانب نتنياهو لاستبدالهما وبداية بار.
أجرى نتنياهو مقابلات حتى الان مع ستة مرشحين لمنصب رئيس الشباك، إضافة الى شاربيت الذي استبعد. اسم واحد منهم لم ينشر بعد. لكن حسب التقديرات يدور الحديث عمن شغل منصب رئيس قسم في الشباك واعتزل قبل غير قليل من السنين. ممثلو نتنياهو يحددون ايال تسير-كوهن كمرشح تفضله العائلة.
تسير – كوهن نما كمقاتل خبير في الشؤون العربية في الوحدة العملياتية للشباك. شارك وقاد عشرات العمليات الجريئة ضد الإرهاب الفلسطيني في الانتفاضة الثانية. ترك الشباك قبل قرابة 20 سنة. بعد منصب رئيس قسم (مواز لعقيد) وانضم الى الموساد حيث أدى مناصب عملياتية، وفي منصبه الاخير كان رئيس “تفل” – قسم العلاقات الخارجية للموساد. اذا ما عين للمنصب مع التوقع بان يحول الشباك الى جهاز امن عائلي – فستكون مفاجأة لمن يعينه.
خطوط زمير
الكثيرون أيضا ممن سارعوا لان يلصقوا التصنيفات برئيس الأركان الجديد ايال زمير شهدوا بضع مفاجآت في الأسابيع الأخيرة. فزمير يتبين كمن لا يتردد في ان يحدد خطوطا حمراء لصلاحياته كقائد وللقيم التي يؤمن بها. فبعد أن لم يتردد وحدد علنا خطوط منطقته مع وزير الدفاع، وقف بعد اعمال الشغب هذا الأسبوع في يطا ورسم خطا قيميا واضحا لجنود وقادة الجيش. استمرار تأييده العلني لرونين بار هو اعلان استقلال واضح وليس تافها، لمن يخدم تحت وزير دفاع مثل إسرائيل كاتس ورئيس وزراء كنتنياهو.
يبدو أن نتنياهو يفهم بان اختيار رئيس الشباك التالي كفيل بان يكون مصيريا لمستقبله الشخصي أيضا. فقد اشارت العليا له بشكل واضح بانها تفضل الا تقرر في هذا الموضوع وتركت له ما يكفي من الوقت لتعيين بديل مناسب لرونين بار. لكن مهزلة شاربيت والظل الثقيل لقطر غيت اجبرا نتنياهو على التخلي ودحرجة القرار مجددا الى عتبة المحكمة.
لقلعة العليا التي قبل خمس سنوات قادتها رئيستها استر حايوت الى الاستسلام بدون معركة، وقعت فرصة أخيرة لإنقاذ إسرائيل التي هي الرهينة الحقيقية في القصة. اذا اقرت تنحية بار بخلاف تام لرأي المستشارة القانونية فانها ستصفي حامية الحمى الأخيرة المتبقية لنا. في الأسبوع القادم سنكتشف اذا كانت محكمة العدل العليا تواصل طأطئة الرأس ام انها هي أيضا تعرف كيف تحدد خطوطا حمراء.
-------------------------------------------
هآرتس 4/4/2025
الوزير الذي رفض مكان مضمون له لدى نفتالي بينيت
بقلم: يوسي فارتر
قبل لحظة من سفر بنيامين وسارة نتنياهو للاحتفال بعيد زواجهما الـ 34 على ضفاف نهر الدانوب في بودابست عند الديكتاتور فيكتور اوربان، نشر رئيس الحكومة فيلم فيديو من النوع الرخيص الذي يميزه. وقد ظهر فيه استخذاء غير متزن ليونتان (اوريخ)، المستشار المعتقل، والتجاهل المطلق لـ “الشخص الوطني الصهيوني” (ايلي فيلدشتاين)، ورمي الكثير من الوحل على الآخرين الذين “مدحوا” قطر (كأن هذا هو جوهر المخالفة التي يتم التحقيق فيها): “غانتس مدح! لبيد مدح!”. رونين بار تواجد في “مقصورة الشرف (في مونديال 2022) التي تقدر بآلاف الدولارات، وهناك من يقولون عشرات الآلاف”. الشباك لم يبق صامتا واصدر تصريح وضع فيه المحرض المريض في مكانه. بار كان في قطر في مهمة رسمية مع رئيس الموساد في غرفة العمليات التي أقيمت من اجل الحفاظ على أمن الإسرائيليين الذين كانوا في الحدث.
من الجيد أن نتنياهو لم يرفع لافتة مكتوب عليها “رشوة، تحايل وخرق للامانة” بجانب صورة بار. بالمناسبة، كان هناك شخص آخر قام بالمديح وهو رئيس هيئة الامن القومي تساحي هنغبي. في 25 تشرين الأول 2023، بعد ثلاثة أسابيع على المذبحة غرد هنغبي باللغة الإنجليزية وقال: “أنا مسرور لأن أقول بأن قطر أصبحت طرف ولها مصلحة حيوية في الدفع قدما بحلول للمساعدات الإنسانية. جهود قطر الدبلوماسية حيوية في الوقت الحالي”. هنغبي لم يكن ليتصرف بهذه الطريقة بدون تعليمات صريحة من الرئيس، الذي في الفيلم سمى قطر “دولة معقدة”.
بار في هذه الاثناء ما زال في منصبه، يعمل طوال الوقت ويحصل على الدعم، الهاديء والعلني، أيضا من قبل رئيس الأركان ايال زمير. قصة اقالة بار اختلطت في هذا الأسبوع بقصة قطر غيت، بصورة ردت أخيرا على التساؤل الذي استمر لسنوات حول سلوك نتنياهو: هل سلوكه في معظمه هو متحايل ومجرم ومتطور على شاكلة “بيت من ورق” أو أنه يعبر عن الفشل على شاكلة المسلسل السياسي الساخر “بوليشوك”. الإجابة هي أن لديه دائما كلا الأمرين.
في نهاية الأسبوع في هنغاريا يمكن لنتنياهو تبادل الانطباع مع صديقه حول التصفيات المحلية التي تقوم بها “الدولة العميقة”. هو سيحدثه عن معاناته في الأراضي المقدسة ويشاركه كيف أنه هو ورجاله الطاهرين يتم اضطهادهم واعتقالهم والتحقيق معهم؛ سيشتكي له وسيقول بأن هناك شخص، رونين بار رئيس الشباك الذي قرر استبداله منذ فترة، نذل بدأ بحملة صيد سياسية من اجل افشال اقالته، التي تم اتخاذ قرار في الحكومة بشأنها بالاجماع.
لو أنه كان هناك أي ذرة من الحقيقة في اقوال المحقق معه المتسلسل نتنياهو فهو بالتأكيد عنده مرشح جاهز يرغب في استبدال بار. ولكن لا يوجد. بدلا من ذلك شاهدنا فيلم سخيف جدا ومثير للسخرية حتى بحسب معايير نتنياهو. من احاطات إعلامية حول مجموعة من الأسماء التي تبين (حتى الآن) أنها ليست ذات صلة، الى المهزلة قصيرة المدى لترشيح الجنرال ايلي شربيط، الذي كان وفقا لسم نتنياهو وابواقه “بطل إسرائيل” في الساعة السابعة صباحا وخائن مغربي قبل الظهر؛ بعد ذلك جاء التسريب حول تعيين جنرال متقاعد آخر هو سامي ترجمان، الذي بعد بضع ساعات انضم أيضا الى معرض الأشخاص خائبي الأمل الذي أقامه الجنرال براتاتس.
ماذا في هذه الاثناء؟ الدواء الخالد؛ سيتم وضع قائم بالاعمال بالطبع، نائب رئيس الجهاز ش.، لكن في جلسة الإقالة في الحكومة (كما نشر ميخائيل شيمش) هاجم نتنياهو بالضبط الاحتمالية التي اختارها أخيرا. “الامر الأخير الذي نحن بحاجة اليه الآن هو المس باستقرار الجهاز وتعيين قائم بالاعمال مؤقت، هذا الامر يمكن أن يضعضع الجهاز”. لا يوجد مثل بيبي في اصدار التناقضات الداخلية. رجل معقد.
اوريخ يمكنه اليوم التحرر والذهاب الى الإقامة الجبرية. وعندما يحدث ذلك هو بالتأكيد سيشاهد سلسلة الأفلام التاريخية التي أصدرها من اجله الرئيس. ويمكنه التمييز من الرسائل السخيفة الموجهة اليه وفحص خطواته. لقد حطم الذعر الذي أصاب رئيس الحكومة في هذا الأسبوع الأرقام القياسية، وربما حتى التي حدثت بعد 7 أكتوبر. يمكن وبحق شم رائحة العرق الحامض. نحن لا نعرف الى أي مرحلة معلومات وصلنا في قضية قطر غيت: اذا كان المكشوف يفوق المخفي بالفعل أو العكس. في هذه الاثناء تحضنه بقوة المجموعة المارقة كي لا ينقلب عليها أو ينهار في مواجهة الدولة العميقة الشريرة.
في هذا السياق يجب الإشارة الى اوريخ. فهذا النموذج ليس نير حيفتس، آري هارو أو شلومو فلبر. هم كانوا اشخاص آخرين وعملوا في زمان مختلف كليا عن الذي نشاهده الآن؛ ليس فقط بسبب أنه في هذه المرة ومنذ فترة طويلة كل مشتبه فيه كان يستأجر محام مختلف، ليس المحامي الرسمي لمجموعة الاجرام الرسمية عميت حداد. اوريخ يوجد في أعماق هذه المافيا، مهندس رئيسي في تطهير مؤسسة عصبة نتنياهو الى درجة السم النقي. فقد راكم في السابق تورطات جنائية في ثلاث قضايا: قطر غيت، سرقة وثائق استخبارية وتسريبها لـ “بيلد” وملاحقة شاهد الدولة فلبر. هذا محصول غير سيء لبضع سنوات بالنسبة لشاب صغير. هذا كما يبدو طرف جبل الجليد الذي يطفو في مياهه ومياه رئيس المنظمة الضحلة.
استعداد بينيت
هذه كانت فقط مسألة وقت الى أن يتفرغوا في الليكود للانشغال بنفتالي بينيت. هذا الشخص الذي يوجد على مدرج المشاهدين والذي يشكل خطرا واضحا، حتى لو لم يكن فوريا، على حكم العصبة. من المخزون الذي لا ينفد للأشخاص الاغبياء المفيدين، تم في هذه المرة اختيار عضو الكنيست افيحاي بوارون. هو يعمل على مشروع قانون (لاحقا “قانون بينيت”) يمكن أن يمنع رئيس أي حزب جديد من تجنيد الأموال للترشح مرة أخرى، اذا كان في السابق عضو في حزب تراكمت الديون عليه.
يوجد على حزب “يمينا”، الحزب الذي ترأسه بينيت حتى استقالته، دين بمبلغ 14 مليون شيكل للدولة. الليكود مثلا يوجد عليه دين بمبلغ 50 مليون شيكل، لكن لا مشكلة لديه في تجنيد الأموال والتنافس في الانتخابات. بالطبع هذا هراء آخر في سلسلة الاقتراحات التي انتهت في سلة القمامة للسكرتاريا العامة للكنيست، قانون شخصي وتمييزي لا توجد له أي فرصة لتجاوز المحكمة العليا.
في هذه الاثناء حسب الاستطلاعات فان بينيت هو العائق الوحيد في طريق نتنياهو ومجموعة التخريب التابعة له لتولي ولاية أخرى. عندما يكون في السباق فان كتلة اليمين – وسط – يسار، من افيغدور ليبرمان وحتى يئير غولان، ستنقص الائتلاف الحالي ليصل الى 46 – 47 مقعد. بينيت الذي شكل في هذا الأسبوع حزب (بالاسم المؤقت بينيت 2026) يحصل على دفعة قوية في البيانات المتعلقة بمستوى ملاءمته لمنصب رئيس الوزراء. هو المرشح الوحيد الذي سيهزم نتنياهو. الجمهور يعطيه تقدير متأخر لتولي منصب رئيس الوزراء، الذي كان جيد لا سيما في ضوء الائتلاف الانتقائي والمعقد الذي ترأسه، الى جانب حملة التحريض والتشهير العنيفة والكثيفة التي تم شنها ضده هو وشركاءه.
بينيت يقلق نتنياهو لأنه يميني ومعارض شديد للدولة الفلسطينية ومؤيد لاجراء إصلاحات قضائية، لكنه ضد تدمير الدولة والتحريض والمس بجهاز الامن وتدمير الاقتصاد. في اليسار التطهري، كما هي الحال دائما هو لا يعرف ما الجيد له، يستخفون بغضب. هناك يرفعون اقتباساته هو واييلت شكيد من العام 2019: “بينيت سيهزم حماس وشكيد ستهزم المحكمة العليا”. ويقولون: هو لم يتغير، لكن هي تغيرت. بينيت اصبح منذ زمن غير موجود هناك. رئاسة الحكومة غيرته بشكل جذري؛ مثلا في تعامله مع الخصوم السياسيين، من الانقلاب النظامي الكارثي تعلم بشأن حدود القوة.
لا يوجد لليكود ما يفعله ضده. كل الذخيرة تم استنفادها في الانتخابات التي سبقت الانتخابات الأخيرة. في المقابل، يوجد لبينيت الكثير مما سيستخدمه مثل الفشل، المذبحة، انهيار الحكومة في 8 أكتوبر، التهرب من المسؤولية، رعاية حماس، إدارة الظهر لمن يخدمون في الاحتياط لصالح التهرب الجماعي الممأسس، ميزانية العار والفساد المتفشي في مكتب رئيس الحكومة. هذا السجل الكارثي هو ذهب خالص لكل مرشح لرئاسة حكومة.
نواة الائتلاف القادم لبينيت هي كما قلنا من يئير غولان و”الديمقراطيين” في اليسار وحتى ليبرمان وإسرائيل بيتنا في اليمين. وسائل الاعلام البيبية – اليمينية تركز على غولان. فهو الشيطان الأكبر. الهدف: جعله غير شرعي، مثل منصور عباس 2026. باختصار، غولان هو العربي الجديد. أيضا ذلك غير محدود. هذا الشخص مع ذلك هو جنرال في الاحتياط، ونائب سابق لرئيس الأركان، ومفهوم “هجومي” صغير عليه، وشخص شجاع انطلق بسرعة نحو الغلاف وانقذ المواطنين في 7 أكتوبر هو ويساريين آخرين يكرهون إسرائيل، من بينهم إسرائيل زيف ونوعام تيفون.
رغم التلميح بوجود شرخ بينهما إلا أن بينيت واييلت شكيد ما زالا على اتصال لتشكيل اتحاد بينه وبين ليبرمان، الامر الذي سيجعلهما بالتأكيد القائمة الأكبر. وهي ستتمتع بمكان محترم لها في هذه القائمة اذا قررت العودة الى السياسة في المستقبل.
بورصة الأسماء في سياق بينيت هامة، حتى لو كان من السابق لأوانه التحدث عنها طالما أنه لا تلوح في الأفق انتخابات مبكرة. في السياسة الإسرائيلية من غير المعتاد عرض البضاعة قبل افتتاح البيع فعليا. صحيح أنه التقى وفحص. وفي الفترة الأخيرة تلمس مع وزير الداخلية موشيه أربيل (شاس)، جزيرة العقلانية في حكومة الفشل، انضمامه للخمسة الأوائل في القائمة. أربيل رفض بأدب. هو أيضا يبحث عن امرأة تكون العكس تماما لعيديت سولومون. في محيطه يتحدثون، ضمن أمور أخرى، عن عيدي تاني – سوفر، المديرة العامة لفيس بوك إسرائيل، وعن الإعلامية معيان آدم. في الاستطلاعات يوجد له عدد كبير من المربعات الفارغة. في الحقيقة هذا سينتهي بعدد أقل، والسؤال هو كم سيقل ذلك عن العدد الفارغ.
من حاشية بينيت جاء الرد: “نحن لا نتطرق الى القائمة”. أربيل قال إنه رفض وما زال بسبب أنه يؤمن برسالة حركة شاس.
-------------------------------------------
يديعوت احرونوت 4/4/2025
قطريون في حوض سمك
بقلم: ناحوم برنياع
يوم الثلاثاء ستنعقد محكمة العدل العليا لما يعتبر في جهاز القضاء الاختبار الأكبر في تاريخها. ثلاثة قدامى القضاة، الرئيس اسحق عميت والقاضيان نوعم سولبرغ ودفنا باراك ايرز سيكونون مطالبين بان يحسموا هل عملت الحكومة حسب القانون حين أقالت رئيس الشباك رونين بار.
ظاهرا، أمور إجرائية؛ اما عمليا، فمفترق تاريخي. في ايدي القضاة سيكون الخيار هل أن يكونوا رأسا صغيرا، فيبحثوا عن حل شخصي، موعد متفق عليه على انهاء ولاية بار، مثلا، ترتيب كهذا سيحررهم من الحاجة الى الحسم. كبديل، يمكنهم أن ينموا رأسا كبيرا وان يتصدوا للمسائل الدستورية، القيمية والسياسية التي تمزق حاليا المجتمع الإسرائيلي. ليس رأس بار هو من يقف هنا للحسم، بل قيمة الرسمية. وللدقة، افساد قيمة الرسمية.
على الورق توجد اغلبية اثنان ضد واحد: عميت وباراك – ايرز هما رأس حربة المعسكر الليبرالي في المحكمة العليا؛ سولبرغ هو كبير المعسكر المحافظ. لكن على خلفية الهجمات المتكررة على مجرد وجود المحكمة، التقدير هو ان ثلاثة القضاة سيبذلون جهدا عظيما للخروج بقول مشترك، بالاجماع. عيون الطرفين تتطلع الى سولبرغ: في يديه المفتاح. عندما يعين نتنياهو مرشحين جديرين ظاهرا في منصب رئيس الشباك ويشطبهم، يعين ويشطب، فانه يقصد سولبرغ – ويقصده هو فقط.
في نظر النيابة العامة هذا صراع على القلعة الأخيرة. على حد نهجها، فان الهروب من الحسم سيؤدي بالضرورة الى سقوط المحكمة العليا، استقلالها وقوتها. سيكون قضاة في القدس، لكنهم سيكونون عبيدا خانعين لنزوات الحكومة.
النظام في إسرائيل يمنح قوة هائلة لرئيس الوزراء. اربع مؤسسات تلجمه: جهاز القضاء، جهاز الامن، وسائل الاعلام والإدارة الامريكية. على أساس هذه التوازنات توجد وتزدهر الديمقراطية الإسرائيلية. وها هو، في أمريكا انتخب رئيس ليس فقط يمتنع عن لجم حكومة إسرائيل بل يشكل نموذجا للاقتداء في مسيرة التدمير السريع للمؤسسات الثلاثة الأخرى.
كل شيء يرتبط بكل شيء: اقالة رئيس الشباك ترتبط بقضية قطر غيت، بسيطرة الحكومة على انتخاب القضاة، بتنحية المستشارة القانونية للحكومة، بالتجميد في تحرير المخطوفين، باصرار الحكومة على استمرار الحرب. ليس مؤكدا ان كل قضاة العليا يرون الرزمة كلها. القضاة لا يسارعون بشكل عام الى المعركة.
رائحة العفن تفوح الى السماء
نبدأ بقطر غيت. ادعى نتنياهو هذا الأسبوع بان التحقيق في القضية هو حملة صيد ضده وضد حكمه. الحقائق التي تنكشف في التحقيق تدل على شيء آخر. مصدر مطلع جدا على التحقيق لخص النتائج حتى الان بوصف تصويري: قطر، دولة معادية، تسللت الى حوض السمك، الى مكتب رئيس الوزراء في منتصف الحرب.
لا يدور الحديث عن أناس اختاروا خيانة الوطن. يدور الحديث عن الطمع. طمعهم لا يختلف كثيرا عن طمع الإسرائيليين الذين وافقوا على تقديم خدمات استخبارية لإيران بعد أن وعدوا بارسالية الأموال الافتراضية. واضيف الى الطمع المكانة والغرور: المال موضوع على الأرض. أفلا نرفعه؟
السؤال اذا كان الملف سينضج الى لائحة اتهام أمنية، جنائية، اقتصادية او غيرها مفتوح، لكن واضح لكل المشاركين، ربما باستثناء نتنياهو، بان رائحة العفن تفوح الى السماء.
كبار رجالات مكتب رئيس الوزراء يقدمون الاحاطات للصحافيين: هذا عملهم. الاحاطات تنشر كنبأ عن مصدر سياسي: هذا هو العرف. كل شيء سليم، الى أن يتبين بان مصدر النبأ هو في مكتب رئيس الوزراء لكن مصمم مضمونها هو رجل ضغط قطري. هدف الانباء هو ظاهرا التخريب على صفقة المخطوفين وتقزيم قيمة الوساطة المصرية. علاقات عامة قطرية تسوق للجمهور كرسالة على لسان رئيس وزراء إسرائيل. المس بالمخطوفين، المس بالعلاقات مع مصر، المس بالجمهور، المس بنتنياهو أيضا. لعله هو لا يشعر بانه مُس فوق هذا، لكن المحققين يصعب عليهم أن يسموا هذا مطرا.
يقلقهم موضوع آخر اكثر خطورة: ماذا قال مؤثرو قطر في مكتب رئيس الوزراء في المداولات الداخلية. فهل ضخوا رسائل قطرية مباشرة الى أُذن نتنياهو؛ هل اثروا؛ تضارب المصالح بارز على نحو خاص حين نـأخذ بالحسبان الدور الذي تؤديه قناة “الجزيرة” لقطر في الحرب. الحكومة قررت في بداية الحرب وقف نشاط القناة في البلاد. القرار اتخذ بضجيج كبير. مشوق: مر وقت طويل بين القرار وبين التنفيذ.
نائب سابق في كتلة عربية روى هذا الأسبوع، بانه قبل نحو عقد توجه اليه وزير الخارجية القطري وعرض عليه تلقي دفعة سخية جدا مقابل أن يجند سياسيين وصحافيين لمصلحة قطر. رد النائب بالرفض. انت لا تعرف هؤلاء الإسرائيليين، قال. لا يمكن رشوتهم. كنت ساذجا، قال لنا النائب السابق هذا الأسبوع. كان يمكنني أن أكون مليونيرا. بالمناسبة، المستشار الرئيس لسلطات قطر في كل ما يتعلق بإسرائيل هو مؤسس التجمع الديمقراطي عزمي بشارة الذي يحل ضيفا في الدوحة منذ سنين.
لدى القطريين هذا نهج: يبحثون عن شخصيات قريبة من أُذن الزعيم ويعرضون عليها مقابلا ماليا. وقد جربوا هذا الابتكار بنجاح في بضع دول. صربيا ومونتنيغرو، مثلا. هاتان الدولتان اللتان كانتا في الماضي دولة واحدة، تؤديان دورا مركزيا في تجارة السلاح الدولية. مصادر محلية هناك تدعي بان قطر مشاركة. وها هو العجب، في صربيا يحل ضيفا عليها إسرائيل آينهورن، شريك يونتان اوريخ. آينهورن استدعي للتحقيق. اذا أصر على رفضه العودة الى البلاد، فستحاول النيابة العامة ترتيب عودته عبر الانتربول.
لا يوجد معنى كبير للشهادة التي ادلى بها نتنياهو هذا الأسبوع في قضية قطر غيت. افراد الشرطة ادوا واجبهم حسب الكتاب (رجال الشباك لم يحضروا التحقيقات)، ومثلهم نتنياهو؛ هو لم يأتِ ليشهد: هو جاء ليدعم الرفاق. التحقيق الهام هو تحقيق اوريخ: اذا قرر التعاون مع المحققين فان الكثير من الأمور كفيلة بان تنكشف، في هذه القضية وفي قضايا أخرى. يوجد اهتمام أيضا بما يرويه المحقق معهم الاخرون – الناطق ايلي فيلدشتاين، الصحافي تسفيكا كلاين والوسطاء غيل بيرغر وجي بوتليك. بوتليك سيحقق معه في أمريكا.
ملأوا اعصابنا بار
لماذا اقيل رئيس الشباك؟ نتنياهو عرض روايتين: الأولى، دوره في اخفاق 7 أكتوبر؛ الثانية، انكسار في علاقات الثقة. أمور قالها نتنياهو لوسائل الاعلام تدحض الروايتين: الاقتباسات نشرت في الأيام الأخيرة بتوسع.
الرواية المضادة اكثر اثارة للاهتمام بكثير: عندما واجه نتنياهو مشاكل سياسية وشخصية، سعى لان يستخدم رونين بار وجهازه في دور كلب هجوم. ليس جهاز امن عام – بل جهاز أمن شخصي. الاستخدام الذي اراد نتنياهو أن يقوم به بالقوة السرية للشباك غير مسبوق: كل رؤساء الوزراء قبله فهموا القيود بمن فيهم نتنياهو نفسه. اما عندما عجز فقد قرر نتنياهو أن يلعب بالنار.
بار رفض. عمل في اطار قواعد اللعب: سلفه أيضا، نداف ارغمان، رفض عندما طلب منه نتنياهو، في ذروة الضغط بسبب الكورونا ان يستخدم برنامج الملاحقة ضد خارقي حظر التجول.
نتنياهو طلب منه أن ينفذ فحوصات آلة الكذب على الوزراء للاشتباه بالتسريب من جلسات الكابنت. بار رفض. نتنياهو طلب تجنيد الشباك وادواته الخاصة ضد الاحتجاج. بار رفض. نحن نعرف الان بان نتنياهو مارس الضغط على الشباك وعلى النيابة العامة كي يعفيه من الشهادة في المحكمة. والمبرر كان أمنه الشخصي. طلب ان يعلن الشباك بانه لا يوجد مكان آمن لتجرى فيه المحكمة، واذا ما وجد مكان كهذا فانه سيستبعد بعد مداولات واحدة، لان امنه يستوجب نقله من مكان الى مكان آخر، ومكان الاجتماع يجب أن يكون سريا – محظور ادخال الصحافيين والجمهور الى المداولات. ومورس الضغط أيضا على النيابة العامة. المعنى العملي لمطالبه كان تأجيل محاكمته حتى نهاية الحرب. في النهاية وجد مكان – في قبو المحكمة المركزية في تل أبيب. على نية المداولات ابقيت، وسلامة رئيس الوزراء ضُمنت. نتنياهو لم يقبل الترتيب بمحبة.
وبالتالي فان اجراء تنحية بار تسارع. اذا ما سار كل شيء حسب خطة نتنياهو، فان محكمة العدل العليا ستسمح له بتعيين رئيس شباك قبل أن يستدعى الى التحقيق القضائي المضاد. رئيس جديد يفتح صفحة جديدة، يفحص ترتيبات الحراسة، ينعش الأنظمة؛ وليس اقل أهمية رئيس جديد يراجع من جديد تحقيق قطر غيت. الرسالة الضمنية لاوريخ، لفيلدشتاين وللاخرين هي انتظروا، لا تسارعوا في التوقيع على صفقات. قريبا سيكون هذا الملف من خلفكم. رغبة نتنياهو في تنحية بار مفهومة. والهلع يستدعي قصة. قبل أسبوعين عقد نتنياهو الحكومة في جلسة خاصة لاقالة رئيس الشباك، قبل يوم من حملة كبيرة للجيش الإسرائيلي وللشباك في غزة. مشروع الذرار الذي جلبه الى ا لجلسة قال ان الإقالة تدخل الى حيز التنفيذ في غضون 30 يوما. ليس لي ثقة به، شرح للوزراء. كيش وكرعي قفزا من كرسياهما: لماذا الانتظار 30 يوما، اذا لم تكن ثقة؟ فليرحل فورا. الحكومة لا يمكنها أن تفعل هذا، حذرت المستشارة القانونية غالي بهرب ميارا. يوجد اجراء للاقالة ويوجد اجراء لتعيين قائم مقام. حسنا، قال نتنياهو. إذن بدلا من 20 نيسان يقال في 10 نيسان.
القرار بإقالة بار اتخذ بالاجماع. بعد ثلاثة أيام انعقدت الحكومة لاجل البدء باجراء تنحية المستشارة القانونية. الكلمة الأساس في الخطوتين كانت الثقة: الثقة بمعنى الولاء للمسؤول او الثقة بمعنى الولاء لقيم الدولة.
أحيانا يكون هذا مسألة حياة وموت: بار كان عضوا في طاقم المفاوضات لتحرير المخطوفين. أدى دورا مركزيا في تحقيق المرحلة الأولى من الصفقة الأخيرة. اقترح منحى للمرحلة الثانية، كانت على أساس تجربته المهنية وعلاقاته مع الحكم المصري. نتنياهو رفض المنحى. هذا حقه. وكان واجب بار أن ينفذ تعليمات رئيس الوزراء.
لكن نتنياهو لم يكتفِ بذلك. فقد نحى بار ورئيس الموساد برنياع ووضع على رأس الطاقم المواليين له رون ديرمر وغال هيرش. وبدلا من التجربة المهنية حيال الوسيطين العربيين، الولاء الشخصي. العائلات خافت. ما حصل في وزارات امسلم وريغف ونظرائهما يحصل الان في قدس الاقداس لاتخاذ القرارات – في المفاوضات لإنقاذ المخطوفين.
ليست مهنة بار أو بهرب ميارا توجد على البحث في العليا ولا من سيعين مكانيهما. السؤال هو باي قواعد لعب سيعمل رؤساء الشباك التالين، المستشارين القانونيين التالين، رئيس الأركان الحالي والتالي، المفتش العام التالي، مأمور السجون، رئيس الموساد، محافظ بنك إسرائيل وغيرهم. هل سيجرى حوار حر بين المستوى السياسي والمستوى المهني. هل سيتمكنون من الاعراب عن ارائهم المهنية دون خوف من اقالتهم. هل يوجد لهم وجود بدون اسناد من المحكمة العليا.
ان كسر قواعد اللعب يطرح معضلة خاصة على قضاة يعتبرون محافظين. هل نزعة المحافظة تستدعي الامتناع عن التدخل حين تعربد الحكومة، ام العكس تستوجب من القاضي المحافظ ان يدافع بكل قوته عما هو موجود. ففي موعد ما سيتعين على القضاة ان يحسموا في هذه المسألة. ثمة من يشتري عالمه في ساعة واحدة، في ملف واحد: اغرانات في ملف صوت الشعب؛ ديرنازون في بث التلفزيون في السبت. هذا هو التحدي؛ هذه هي الفرصة.
-------------------------------------------
هآرتس 4/4/2025
حرب دائمة.. ونتنياهو قائد أعلى للجيش
بقلم: غيل تلشير
عندما يعين نتنياهو رئيسا جديدا للشاباك فإن ذلك لن يكون أحد نواب رونين بار، بل شخص من خارج الشاباك أو شخص يخدم فيه في وظيفة صغيرة، طبقا لإعادة التنظيم التي يطالب اليمين بإجرائها في جهاز الأمن. الجهات المؤثرة على نتنياهو، مثل العائلة والحريديين القوميين ومعاهد أبحاث اليمين – المحافظ والقومي – المتطرف، تطالب بجعل نتنياهو القائد الأعلى للجيش، وتعيين ضباط هجوميين في هيئة الأركان، الذين لا يعتبرون جزءا من "التصور" القديم، الذي يقول بأن الحرب يجب أن تنتهي باتفاق سياسي، ويطالبون باعتبار إسرائيل دولة توجد في وضع القتال الدائم. لذلك، ليس من الغريب أن تعيين ايلي شربيط، الذي يؤيد الاتفاق البحري الذي وقعت عليه حكومة بينيت – لبيد مع لبنان، تم افشاله بسرعة.
"جنون رونين بار والدولة العميقة يظهر بأن لديهم الكثير مما يخفونه بخصوص 7 أكتوبر"، كتب يئير نتنياهو في التلغرام. في نفس المساء تم عقد جلسة للحكومة من اجل اقالة رئيس الشباك، واتهم "مصدر سياسي"، رونين بار فضل عدم المشاركة في جلسة الحكومة المتعلق به، فقط لأنه خاف من تقديم أجوبة، وبالاساس الإجابة على سؤال واحد وهو لماذا بعد معرفتك عن هجوم حماس قبل ساعات لم تفعل أي شيء ولم تتصل برئيس الحكومة؟. قبل نصف سنة عندما سئل نتنياهو عن المؤامرة التي ينشرها يئير أجاب بأن نجله "مستقل". الآن رئيس الحكومة ينشر بصوته نظرية مؤامرة عن تورط الشاباك في 7 أكتوبر، ويعرض للخطر جهاز الأمن والدولة.
الذعر في مكتب رئيس الحكومة يعكس عدم الصبر. في الواقع الميزانية تمت المصادقة عليها وأزمة التجنيد تم تأجيلها، لكن نتنياهو يقلق من ثلاثة أمور وهي تأجيل التحقيق المضاد في محاكمته، القاء المسؤولية عن 7 أكتوبر على جهاز الامن ومحاولة افشال التحقيق في القضية القطرية بواسطة تعيين رئيس "مخلص" للشاباك. قطر غيت تصل الى قلب مكتب رئيس الحكومة. الآن يوجد تقريبا تشابه بين المكتب والعائلة، ولذلك فان الخوف من تحطم زجاج الحوض يقلق من هو على يقين بأنه ضحية 7 أكتوبر، ويدعي أنه هو وزوجته يعيشون في جهنم.
لماذا تمت اقالة بار؟ في البداية قال نتنياهو إنه لا يثق برئيس الشاباك. وعندما تبين أن ذلك ليس وظيفة اخلاص، قام بتغيير "الذريعة" وقال "بار تمت اقالته بسبب 7 أكتوبر". هذا يتناقض مع بيان مكتبه في 5 تشرين الثاني 2024، الذي جاء فيه بأنه يطمح الى مواصلة عمله المشترك معه (قبل اربعة كانت توجد ثقة). ولكن الآن رئيس الحكومة ينشر نظرية مؤامرة: رئيس الشاباك اختلق تحقيق قطر غيت من اجل أن يبقى في منصبه. ونتنياهو يشكك في كل العاملين في الشاباك. حيث في فيلم "الدولة العميقة" الذي نشره في الشبكة ظهر عملاء سريون وهو يقول بأن جميع الموظفين يميلون لليسار ويتآمرون ضد الحكومة. الشاباك، حسب نتنياهو، هو تنظيم متآمر.
ما هي مقاربة اليمين للأمن؟ نتنياهو الابن يشرح الخوف: ما تفعله وسائل الإعلام واليسار الآن برئيس الأركان، هو بالضبط ما فعلوه بالشيخ ومندلبليت وغيرهما... دعاية، ضغط واتهامات، بأنه "حكم بيبي"، إلى أن ينهار الشخص الكبير المناوب ويصبح حكم كابلان، الدولة العميقة، وسائل الإعلام واليسار المتطرف. نوع من ورشة عمل تعليمية، التي يقومون بتطبيقها على كل شخص رفيع يتم تعيينه من قبل حكومة اليمين".
بناء على ذلك، عائلة نتنياهو تطالب بتعيين فقط من هو مخلص لها بشكل شخصي.
لكن الرغبة في السلطة المطلقة وتشويه حراس العتبة وتقويض جهاز الامن ليست نزوة جامحة للعائلة. فهناك عوامل هامة تؤثر على نتنياهو: بتسلئيل سموتريتش ونظرية التفوق اليهودي، وتصور مراكز الأبحاث المحافظة المقربة من نتنياهو.
قوة سموتريتش تم اثباتها مرة أخرى مؤخرا. في مسألة "اليوم التالي" في غزة قال نتنياهو في جلسة الحكومة في 27 آذار بأنه بعد الانتصار على حماس سيدير القطاع اتحاد من دول عربية. الوزيرة اوريت ستروك استغربت وقالت كيف يعطي نتنياهو غزة خاصتنا للعرب. نتنياهو رد عليها قائلا: "ربما يكون حكم عسكري. لدينا كل الخيارات مفتوحة". في جلسة الحكومة التي عقدت بعد ثلاثة أيام (30/3) بقي فقط احتمال واحد وهو أن "حماس ستنزع سلاحها. وقادتها سيسمح لهم بالخروج الى الخارج. نحن سنهتم بالامن في غزة وسنسمح بتطبيق خطة ترامب، خطة الهجرة الطوعية. هذه هي الخطة". حكم عسكري ونفي سكان غزة "بشكل طوعي" اصبحت في نهاية الأسبوع الى "خطة نتنياهو"، حيث لم تعد خطة ترامب.
في مؤتمر الاستيطان اليهودي في غزة في 28 كانون الثاني 2024 أوضح الوزير شلومو قرعي، المخلص لنتنياهو، الهجرة الطوعية: "الضغط عليه الى حين أن يقول أنا أريد ذلك". الطريقة الأكثر نجاعة لنقل الفلسطينيين تمت مناقشتها في جلسة لوبي ارض إسرائيل في 9 آذار. سموتريتش تحدث عن عملية لوجستية كبيرة: اذا اخرجنا 5 آلاف كل يوم فإن الأمر سيستغرق سنة. وإذا كان 10 آلاف فهذا سيستغرق نصف سنة. هذه فرصة لتغيير تاريخي، أوضح. بالضبط هو حل نهائي. سموتريتش هو وزير في وزارة الدفاع ويسرائيل كاتس وافق على كل طلباته لسلامة الائتلاف. سموتريتش هو الشخص القوي في الحكومة ونتنياهو يفعل كل ما يأمره به.
العامل الثالث الذي يؤثر على نتنياهو هو معاهد أبحاث اليمين المحافظ القومي – المتطرف. منذ 7 أكتوبر هذه المعاهد تدفع قدما بخطة بناء جيش هرمي يكون نتنياهو القائد الأعلى له. الجيش الإسرائيلي ستتم الرقابة عليه من قبل الكنيست – أي الحكومة – وسيتم استبدال كل القادة الكبار فيه "أسرى التصور القديم". ران بيرتس، الشخص الرفيع السابق في مكتب نتنياهو ومؤسس موقع "ميدا" قال: "عندما قالوا للجيش احتل غزة... هو رد: لا توجد لي خطط لاحتلال غزة" (3/5/2024). بناء على ذلك فان بيرتس يطالب بالتخلص من المستوى الرفيع واعداد جيل جديد.
في تشرين الأول 2023 اقترح عكيفا بغمان في "ميدا" استغلال الفشل العسكري للقيام بـ "انقلاب كامل": استبدال القيادة العليا اثناء القتال لتغيير التصور. خط "ميدا" ومعهد"هشلوح" ومعهد"مسغاف" يؤيد ترقية "ضباط هجوميين" ليس لديهم أي "تصور" من نوع فرعي. معهد مسغاف برئاسة مئير بن شبات، مرشح نتنياهو لرئاسة الشاباك والذي رفض ذلك، نشر في الشهر الماضي تقرير بعنوان "إسرائيل الثانية"، نظرية الامن لإسرائيل في اعقاب 7 أكتوبر. وتوصيته الرئيسية هي أن نتخلى كليا عن فكرة حل الدولتين.
في هيئة الأركان العامة، يحذر التقرير، توجد "استنساخ مقلق لرؤساء هيئة الأركان" و"غياب السيطرة الناجعة لرئيس الحكومة على تفعيل الجيش، لا سيما عندما يكون رئيس الأركان يعمل بصورة مشاكسة للحكومة". لذلك فانه مطلوب وجود رقابة مدنية للحكومة على المستويات العليا في جهاز الامن بمساعدة جلسات استماع في الكنيست واخضاعها للمستوى السياسي. بكلمات أخرى، تسييس مطلق لجهاز الامن. الطلب هو تغيير قانون الجيش واخضاعه مباشرة لرئيس الحكومة. ولكن التصور الأساسي الذي يريد المحافظون استبداله هو النظرية التي تقول بأن الحروب تنتهي بالاتفاق السياسي. تقرير "مسغاف" ينص على أن الجيش يخشى من استخدام القوة، لذلك هو يوصي بالإعلان عن "وضع قتال دائم ومتواصل".
باختصار، هذه العوامل الأكثر تأثيرا على نتنياهو الآن، عائلته والحريديين القوميين والايديولوجيين المحافظين، تضغط عليه من اجل استبدال جميع الضباط الكبار بقادة "هجوميين" وإيجاد رقابة للحكومة على المستوى الأمني الأعلى وتعيين نفسه كقائد اعلى للجيش. الحديث يدور عن انقلاب عسكري يضاف الى الانقلاب النظامي. رئيس الحكومة، المسؤول شخصيا عن الفشل الأكبر لدولة إسرائيل والذي يبحث عن اتهام المستوى الأمني به، سيتم تعيينه كقائد أعلى له.
ما العمل اذا؟ مطلوب اخراج رئيس الحكومة الى حالة عدم الاهلية. ومن اجل أن لا يضطر جهاز القضاء الى فعل ذلك فان بقايا اليمين الرسمي في الائتلاف، التي تقلق من مس نتنياهو بأمن الدولة، يجب عليها الدفع قدما بعدم ثقة بناء وتشكيل حكومة انتقالية برئاسة غادي ايزنكوت حتى موعد الانتخابات. هذه الحكومة يجب عليها الدفع قدما بثلاثة اهداف، إعادة جميع المخطوفين على الفور بواسطة صفقة، تشكيل لجنة تحقيق رسمية وإصدار أوامر تجنيد للحريديين على الفور في اعمار 17 – 19 كي يوفروا للجيش الإسرائيلي المقاتلين والمساعدين للقتال.
ماذا اذا نجح نتنياهو في القاء قطر غيت على حراس الباب، ايلي فيلدشتاين ويونتان اوريخ؟ نتنياهو (75 سنة) يعرف أنه لن ينجح في الانتخابات القادمة. يوجد لديه سنة. المعركة الجارية برئاسته هي بين البعد السياسي والتاريخي. من ناحية سياسية يجب عليه مواصلة البقاء الى جانب اليمين المتطرف. ولكن العامل الحاسم، ترامب، لن ينتظره. بعد بضعة أشهر سيوقع على اتفاق دفاع بين الولايات المتحدة والسعودية، ونتنياهو سيضطر إلى التقرير إذا كانت إسرائيل ستنضم اليه.
نتنياهو يعرف أن الاتفاق مع السعودية سيشمل بند فلسطيني مع التزام مستقبلي بدولة منزوعة السلاح، الأمر الذي لن يمر في اليمين. وهو يعرف أيضا أن معظم الجمهور الإسرائيلي، وبالتأكيد المعسكر الليبرالي في الكنيست، سيؤيد الاتفاق مقابل تبكير موعد الانتخابات. هذه الخطوة ستقسم اليمين بين الخط الحريدي القومي – حرب الى الأبد، احتلال وحكم عسكري في غزة وهجرة قسرية – وبين خطة نتنياهو – ترامب، التي ستشمل حلف إقليمي بمشاركة السعودية، كجزء من التعاون الإقليمي السياسي – الأمني – الاقتصادي ضد المحور الاصولي لإيران وتوابعها. هذا ربما سيدخل نتنياهو في كتب التاريخ، ليس فقط كرئيس لحكومة الفشل، بل سيخرجه من السياسة الإسرائيلية. عدا عن ذلك سيكون هناك وضع سنستيقظ فيه ذات صباح على اعلان نتنياهو كقائد اعلى للجيش.
-----------------انتهت النشرة-----------------