الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 24/2/2025 العدد 1243

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

 

هآرتس 24/2/2025  

 

 

خطة المراحل لنتنياهو

 

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

مناورات الحرب النفسية لحماس تم الرد عليها في منتهى السبت بشكل شديد من قبل اسرائيل. اطلاق سراح الـ 602 اسير فلسطيني، الذي كان مخطط له، مقابل تحرير ستة من المخطوفين الاسرائيليين صباح يوم السبت، تم تجميده. القرار تم اتخاذه ردا على ما وصف في اعلان مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بـ “خروقات متكررة لحماس، بما في ذلك المراسم المهينة لكرامة المخطوفين”. في الخلفية كانت هناك احداث اخرى مثل توثيق احضار مخطوفين لمشاهدة اطلاق سراح ثلاثة من اصدقائهم واعادة جثة امرأة فلسطينية بدل جثة شيري بيباس، وسلسلة التفجيرات في الحافلات في تل ابيب الكبرى مساء يوم الخميس.

قرار اسرائيل تم اتخاذه، كما نشر المراسل براك ربيد في موقع “اكسيوس”، بعد جلستي نقاشات. في الجلسة الاولى بمشاركة نتنياهو وكبار قادة جهاز الامن، اوصى كبار قادة جهاز الامن بالامتناع عن تأخير اطلاق سراح السجناء خوفا من أن تقوم حماس كرد على ذلك بتأخير اعادة الجثث الاربعة الاخيرة للمخطوفين في اطار المرحلة الاولى للصفقة، المخطط لها في يوم الخميس القادم. وبعد ذلك قام نتنياهو بعقد جلسة مشاورات مع عدد قليل من الوزراء بدون اشراك المهنيين، قرر فيها تجميد اطلاق سراح السجناء الفلسطينيين.

حماس قدمت شكوى لدول الوساطة، لكنهم في اسرائيل ما زالوا يقدرون أنه يمكن حل الازمة حتى يوم الخميس. الصعوبة الكبيرة تكمن في ما سيأتي بعد ذلك. في يوم السبت القادم الجيش الاسرائيلي سيبدأ، في اطار صفقة التبادل، في اخلاء محور فيلادلفيا، الخطوة التي نتنياهو غير معني بتنفيذها. ومن المؤكد أنه سيحاول تمديد المرحلة الاولى من خلال نبضات فرعية صغيرة لتحرير عدد قليل من المخطوفين مقابل بضع مئات من السجناء الفلسطينيين. اسرائيل تطمح الى تبكير اطلاق سراح عدد من المخطوفين، الذين نشر أن حالتهم الصحية خطيرة بشكل خاص. في الخلفية ستكون محاولة لتمديد وقف اطلاق النار في شهر رمضان الذي سيبدأ في نهاية الشهر أو بداية الشهر القادم. هذا الامر سيتم حسمه وفقا لمواقف الادارة الامريكية.

ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الامريكي الى المنطقة، قال أمس لشبكة “سي.ان.ان” بأن الادارة الامريكية تتوقع تنفيذ المرحلة الثانية في الصفقة، ولكن من اجل ذلك يجب تمديد المرحلة الاولى. ويتكوف قال ايضا بأنه سيصل الى المنطقة بعد غد من اجل علاج ذلك. “أنا اعتقد أنه يوجد لنتنياهو دوافع لتحرير المزيد من المخطوفين”، قال. “توجد له خطوط حمراء، وهي عدم مشاركة حماس في الحكم في غزة. هو سيحاول الحصول على رد على الأمرين”. هنا يوجد اختيار مهم للصياغة. عندما يصف ويتكوف طلب نتنياهو بأنه رفض لاشراك حماس في الحكم، فان هذا طلب يمكن لحماس بطريقة معينة التعايش معه، خلافا لوعود نتنياهو بالقضاء عليها وتفكيكها كليا.

ادعاء اسرائيل بأن الخاطفين الفلسطينيين من اعضاء منظمة “سادة اليباب” قاموا بقتل طفلي عائلة بيباس كفير واريئيل، يعتمد على نتائج الفحص في معهد الطب الشرعي وعلى المعلومات الاستخبارية. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي، العميد دانييل هاجري، نشر بيان حول ذلك في نهاية الاسبوع بالتنسيق مع الأب يردين بيباس الذي عاد من الاسر. في جهاز الامن يقولون  إن الخطأ في اعادة جثة شيري بيباس نبع من خطأ لحماس، وحسب معرفتنا فانه لم يكن جزء من مناورة متعمدة. قيادة حماس في القطاع اصيبت بالاحراج عندما تم الكشف عن هذا الخلط فقامت بالاسراع في اعادة الجثة الصحيحة. الاعلان عن ذلك تم نقله الى قناة “الجزيرة”، المقربة من حماس، كي يتم نقله الى اسرائيل حتى قبل وصوله الى دول الوساطة.

في هذه الاثناء في الحكومة والجيش ينشرون بيانات متشددة، ايضا في موضوع الضفة الغربية، التي خرج منها حسب الاشتباه واضعي العبوات في الحافلات في مركز البلاد. بعد يومين على زيارة نتنياهو الخاطفة في طولكرم اصدر وزير الدفاع اسرائيل كاتس بيان تفاخر فيه بأن 40 ألف فلسطيني “تم اخلاءهم حتى الآن” من مخيمات اللاجئين في شمال الضفة، وقال “أنا اصدرت تعليمات للجيش بالاستعداد لتواجد طويل في المخيمات وعدم السماح بعودة سكانها وعودة الارهاب للنمو”. المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اعلن عن “تعزيز القوات في العملية، تشمل وحدات مشاة وسرية دبابات”. في مواقع وسائل الاعلام المتماهية مع اليمين تحمسوا من نشر الدبابات في المنطقة، “للمرة الاولى منذ عملية السور الواقي في 2002″، ولم يتوقفوا عند مسألة كم عدد الدبابات في السرية (ذات مرة كانت ثلاث دبابات والآن دبابتين).

 

 

تهديد جديد

 

في بيروت شارك أمس عشرات آلاف الاشخاص في جنازة حسن نصر الله، تقريبا بعد خمسة اشهر على اغتياله من قبل اسرائيل. اثناء الجنازة حلقت طائرات حربية اسرائيلية بارتفاع منخفض فوق المدينة. في موازاة ذلك قصف سلاح الجو الاسرائيلي اهداف لحزب الله في بعلبك في البقاع اللبناني واهداف في جنوب لبنان، بذريعة أنه تم تشخيص نشاطات عسكرية هناك.

الجنازة تم اخراجها كما هو متوقع كاستعراض قوة لحزب الله بعد الهزيمة النكراء في الحرب ضد اسرائيل في الخريف الماضي. ولكن رغم مشاركة الجمهور والخطابات التي وعدت بالانتقام في المستقبل من اسرائيل، إلا أن وضع حزب الله في الجبهة الداخلية معقد وصعب. رئيس لبنان الجديد جوزيف عون قال أمس في لقاء مع وفد ايراني في بيروت بأن دولته “تعبت من حرب لآخرين”، واضاف “لبنان دفع ثمنا باهظا جدا من اجل القضية الفلسطينية”.

في 18 شباط قلص الجيش الاسرائيلي تواجده في جنوب لبنان وفقا لاتفاق وقف اطلاق النار، وجمع القوات المتبقية في خمسة مواقع قرب الحدود داخل لبنان. ولكن اسرائيل انحرفت عن الاتفاق، وحتى الآن امتنعت عن الانسحاب الكامل، رغم الوعد بذلك. حتى الآن عدد السكان الذين عادوا الى القرى الشيعية في الجنوب ضئيل جدا. في الجيش الاسرائيلي يقدرون أنهم ينتظرون اتضاح صورة الوضع على طول الحدود. الاضرار في القرى الشيعية شديدة وستكون هناك حاجة الى فترة طويلة لاخلاء الانقاض هناك. في اسرائيل يثمنون نشاطات الجيش اللبناني في الجنوب ويقولون إنه حدث تحسن واضح عليه، بما في ذلك الاستعداد لمطالبة حزب الله باخلاء رجاله من القرى الموجودة في جنوب نهر الليطاني. العلاقة مع الجيش الامريكي من اجل تطبيق الاتفاق وثيقة جدا. في المقابل، دور قوة الامم المتحدة، اليونفيل، في الاتفاق الجديد هو دور هامشي جدا.

رئيس الحكومة يبدو أنه مصمم على اشعال النار في اكبر عدد من الجبهات. ففي احتفال انتهاء دورة لضباط المشاة أمس اطلق نتنياهو تهديد جديد نسبيا. هذه المرة الجبهة السورية. فقد اعلن بأن اسرائيل لن تسمح للجيش السوري في اطاره الحالي بدخول المنطقة جنوب دمشق، وستطلب نزع كامل لسلاح قوات الجيش هناك. هذا يحدث استمرارا للقرار الاسرائيلي الذي في كانون الاول الماضي، اقامة خط من المواقع في هضبة الجولان السورية والسيطرة على قمة جبل الشيخ السوري. النظام الجديد وبحق يحافظ على مسافة من خط الحدود مع اسرائيل، ومحاولات كثيرة للاقتراب تم صدها باطلاق نار تحذيرية من الطرف الاسرائيلي. ولكن مشكوك فيه اذا كان الجيش الاسرائيلي قد نفذ حتى الآن بالقوة نزع كامل للسلاح في المنطقة جنوب دمشق. نتنياهو يزيد مبلغ المراهنة ايضا في هذه الساحة.

كان يمكن ايجاد في اقوال رئيس الاركان التارك لدغة اخرى للمستوى السياسي، الذي سيجسد في الاسبوع القادم خطته للتخلص من هليفي. فقد حذر هليفي من “الخيول منفلتة العقال التي تنطلق بدون تمييز أو هدف دقيق”، في اشارة واضحة على الطريقة التي يقوم فيها نتنياهو بترقية ضباط هجوميين. هليفي ايضا سعى الى تأكيد الحاجة الى التجنيد الجماعي للحريديين في الجيش، في الوقت الذي فيه الاثنان اللذان يقفان الى جانبه على المنصة، نتنياهو وكاتس، يتآمران من اجل تمرير قانون الاعفاء من الخدمة، الذي يعفي الحريديين كليا من أي لمس خطير للزي العسكري.

----------------------------------------

 

 

إسرائيل اليوم 24/2/2025   

 

 

هذه هي المرحلة التالية

 

 

بقلم: دورون هدار

 

 

في 24 تشرين الثاني 2023، في الدفعة الثامنة، ادعت حماس بان ليس بوسعها العثور على باقي النساء، واقترحت كبديل لهذا اليوم البدء بتحرير كبار السن. في هذه الاثناء قررت إسرائيل وقف الصفقة والعودة الى المناورة القوية.  كان هناك رجل واحد هو غادي آيزنكوت الذي فهم عندها أننا لن نرى كبار السن أولئك يعودون على قيد الحياة، ضغط لمواصلة الصفقة لكن بلا جدوى. كبار السن بقوا في القطاع، ومعظمهم لاقوا حتفهم هناك.

 

 

بداية بالنسبة لتركيبة فريق المفاوضات، ابدأ وأقول ان لا خلاف على أن مندوب الشباك ضروري في المحادثات على تحرير السجناء. فهو الجهة المهنية التي يتعين عليها أن تعطي تقدير الخطر بالنسبة لكل محرر. كما انه لا جدال في أن محادثات غير مباشرة من خلال أجهزة امن دول اجنبية ينبغي أن تضم أيضا مندوبي الموساد.

 

 

بالنسبة لمشاركة جهة عن المستوى السياسي، الحزبي – في الماضي عين رجل مهني من قبل رئيس وزراء قائم، بشكل عام كان مسؤول كبير سابق في أحد أجهزة الامن، لم يكن ملزما للأجهزة وولاؤه لرئيس الوزراء الذي عينه كان عاليا. اعتقد أنه يجب الحفاظ على هذه التركيبة، وهكذا تجد تعبيرها التجربة والمعرفة المهنية.

 

 

كقاعدة، بالنظر الى نتائج المفاوضات الحالية، لا يمكن الإشارة الى إنجازات دراماتيكية؛ فحماس لا تزال تطالب بوقف تام للحرب، لا تزال تطالب بانسحاب كامل للجيش الإسرائيلي من القطاع وأضافت في اثناء السنة الأخيرة أيضا مطالب تنطوي على اعمار القطاع، ولا تزال ترفض النزول من الحكم وبالتأكيد الخروج من القطاع.

 

 

إضافة الى كل هذه توجد “المفاتيح” للتحرير، التي ارتفعت كلما امتد الزمن. فلئن كان في حملة “أبواب السماء” حررنا ثلاث اسيرات لقاء مايا ريغف، في 30 كانون الثاني الماضي حررنا 30 سجينا بمن فيهم من هم “ملطخة أيديهم بالدماء”، لقاء أربيل يهود – عشرة اضعاف. الامر ذاته تم مقابل غادي موزيس الذي حرر لقاء 30 سجينا، وبينهم قتلة، بعد 482 يوما عانى فيها في الاسر، بدلا من 3 سجناء في اليوم الخمسين أو الستين من الحرب.

 

 

في نهاية الأسبوع الحالي أعلنت إسرائيل بانها تحرر 600 سجين، وبينهم 48 محكوم بالمؤبد و 47 من محرري شاليط ممن اعتقلوا وحبسوا من جديد بعد قتل الفتيان الثلاثة غيل عاد شاعر، ايال يفرح ونفتالي فرانكل رحمهم الله في حزيران 2014.

 

 

مدراء المفاوضات بمشاركة الوسطاء بلوروا اتفاق اطار مرحلي يتضمن فقط تفاصيل وتوافقات على المرحلة الأولى. بالنسبة لباقي المراحل (الثانية والثالثة) اتفقوا على مباديء ملتوية وغامضة حول تفاصيل التنفيذ.

 

 

لغرض التشبيه، يوجد لنا اطار صورة مع ثلث صورة رسم بشكل مفصل وثلثا صورة ليس فيهما توافق لا على التفاصيل ولا على الألوان. حماس كانت تريد اللون الأخضر، الولايات المتحدة الوان الأزرق والاحمر وإسرائيل الأزرق والأبيض.

 

 

لتقصير الزمن، لتقليص الاثمان ولتجاوز كل الألغام على الطريق، يتعين على الولايات المتحدة ان تقترح آلية بديلة جديدة للشكل الذي تجري فيه المفاوضات. على الالية الجديدة أن تكون مرثون محادثات يضم عموم الوفود بشكل مكثف، في موقع تجري فيه الوفود مشاورات بتركيبات مختلفة. كما نوصي بضم جهات مساعدة أخرى كالسعودية والأتراك. ينبغي أن يكون اعلان عن موعد بدء وموعد انهاء، بحيث يكون واضحا للجميع بان الغاية هي: نجلس، نبحث ونتجادل الى أن يخرج دخان ابيض ويكون اتفاق شامل، بتفاصيل التفاصيل بما في ذلك الألوان واليات الإنفاذ.

 

 

في خلفية مرثون المحادثات، من الصواب أن يعلن الرئيس ترامب بانه اذا لم يتبلور اتفاق سيكون لإسرائيل تفويض كامل للعمل بكل طريق وشكل تختاره. على الولايات المتحدة أن تكون نوعا من “المحكم” (باسناد السعوديين) بين الطرفين وتحسم في مسائل موضع الخلاف.

 

 

ان ادخال كل الأطراف الى مسار الذبح سيقصر الجداول الزمنية، سيخلق آلية زخم هي عنصر ضروري في المفاوضات من هذا النوع، سيقلص المعاناة الزائدة للمخطوفين وعائلاتهم وسينقذ أولئك الذين تتعلق حياتهم بشعرة.

-------------------------------------------

 

هآرتس 24/2/2025 

 

 

هجوم نتنياهو على رونين بار يدل على أنه مضغوط جدا، ليس فقط بسبب المرحلة الثانية

 

 

 

بقلم: يوسي فارتر

 

مشهد المخطوفين الذين عادوا كأشخاص غامضين بعد قضاء 500 يوم تقريبا في الانفاق؛ والشهادات الصادمة التي قدموها بعد ذلك حول ما مر عليهم؛ وعلامات الحياة التي قدموها بخصوص  الباقين خلفهم أو علامات الرعب التي وصفت اسوأ ما في الامر، لا شيء من كل ذلك نجح في تليين أي شخص ممن يرفضون المرحلة الثانية في المستوى السياسي.

كل توسل العائدين من اجل التسريع في تحرير الباقين، الذين يعانون ويتعذبون في غزة السفلى، لم يقنع أي وزير في الحكومة  أو أي عضو من اعضاء الكنيست الذين صوتوا ضد وحتى الآن ما زالوا يهددون بالانسحاب من الحكومة (أو عدم العودة اليها مثلما في حالة ايتمار بن غفير)، اذا تمت الموافقة على طلب حماس انهاء الحرب وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع مقابل اطلاق سراح شامل.

عائلات المخطوفين الذين بقوا في غزة، وهي العائلات التي مرت بكل انواع التعذيب والترويع المحتملة، يفركون العيون بدهشة أمام هذه الظاهرة. كيف يمكن العودة الى الوراء؟ كيف يوجد في القيادة من لا يدركون الجريمة الاخلاقية التاريخية التي ستسجل على اسمهم اذا تم التخلي حتى لو عن مخطوف واحد وتركه في الخلف؟ حتى في منتدى الأمل المتشدد يضغطون من اجل الاستمرار في الصفقة بكل المراحل وبالثمن المعلن.

يوآف غالنت التقى في هذا الاسبوع مع ستة من الرجال والنساء الذين تم اطلاق سراحهم في الشهر الماضي. الذين كانت لهم طريقة للوصول الى وسائل الاعلام سمعوا عن تقارير حول من عارض الصفقة وأفشلها ومن أيدها. “أنت كنت نقطة الضوء في الظلام”، قال له أحدهم. ولكن غالنت لا يوجد هناك. نحن نعرف من الموجود هناك. بحساب سياسي بارد نتنياهو يفضل التخلي عن الجنود والرجال الشباب الموجودين في القطاع، واستئناف القتال. هذا على الاقل يبقي حكومته على قيد الحياة. لو أن الامر كان يتعلق به فحتى الذين عادوا كانوا سيضطرون الى انتظار جولة القتال التالية.

لقد تم جره رغم ارادته الى هذه الصفقة من قبل الرئيس ترامب ومبعوثه ستيف ويتكوف. كل طفل يعرف من يشكر ومن له الفضل. موضوع الفضل في المرحلة الاولى في الصفقة اوصل نتنياهو الى موجة غضب شديدة بشكل خاص. موجة غضبه كان لها دور في الهجوم المقرف على رئيس الشباك رونين بار، وكان لها تعبير زائد في الرسائل والاحاطات العصبية التي خرجت من محيط رئيس الحكومة خلال الاسبوع. هل هذا علامة تدل على الرغبة في مواصلة الصفقة؟. القلب يريد التصديق بأنه لا يستطيع إلا المواصلة الى المرحلة الثانية، لكن العقل يتذكر من هو هذا الشخص، الذي بأقل تقدير القلب ليس هو الذي يحركه بشكل عام. هناك اشارات ايضا تدل على هذا التوجه المخيف، مثل المقاربة الباردة، المقطوعة تقريبا عن الواقع، التي اظهرها الذراع التنفيذي لنتنياهو، رون ديرمر، امام عائلات المخطوفين التي التقى معها. رسالته لها، “أنا سأعارض انهاء القتال وسأعارض صفقة تشمل ذلك”، كانت حازمة وواضحة. نحن نعرف القليل جدا عن ديرمر، واقل من ذلك عن انسانيته. ولكن هذه الفسيفساء ربما بدأت في توضيح كيف اصبح “الابن الثالث لنتنياهو”، كما يسمى.

مواقف ديرمر وتعاطفه مع نتنياهو واخلاصه له، كل ذلك لا يبشر بالخير فيما يتعلق بمستقبل الصفقة. هكذا، الشكوك الطبيعية تحلق فوق الحديث الصادر من مكتب رئيس الوزراء حول محاولة تغيير الصفقة مرة اخرى بواسطة الحركة، وتغيير هيكلية المراحل بصورة معينة. في كل الحالات عندما سيتم تشكيل طاقم التفاوض برئاسة ديرمر، بدون دادي برنياع ورونين بار، فان الأمل الوحيد موجود في ضغط الجمهور في اسرائيل وضغط بعض الاشخاص في امريكا مثل مريام ادلسون وستيف ويتكوف ودونالد ترامب.

 

 

مأساة كانون الاول 2023

 

في تشرين الثاني 2023 اثناء تنفيذ نبضات تحرير النساء والاطفال، وتحرير العمال الاجانب، بدأت تتدفق الى اسرائيل معلومات حول مصير شيري، كفير واريئيل، بيباس، الذين تم اختطافهم أحياء من كيبوتس نير عوز. لم يكن من الواضح اذا كانوا أحياء. في الايام الاولى بعد المذبحة لم يعرفوا في الجيش الاسرائيلي اذا كان تم استخدام اجراء “هنيبعل” اثناء نقلهم، كما حدث في حالات اخرى تم قتل فيها مخربون ومخطوفون. ايضا الانتماء التنظيمي للخاطفين لم يكن معروف في البداية. بعد ذلك تبين أن الامر لا يتعلق بحماس، بل باعضاء تنظيم صغير، عائلة جريمة محلية تتماهى مع لجان المقاومة. في هذه الليلة قيل إن المنظمة الجهادية التي تسمى “رب البرية” هي التي قامت باختطاف ابناء العائلة، وربما قتلهم. جثث كفير واريئيل تم التحقق من هويتها، والجثة التي قيل أنها لشيري بيباس كانت لشخص مجهول. حماس بنفسها بحثت عنهم في القطاع.

في منتصف تشرين الثاني، في موازاة الفيلم الذي ظهر فيه يردين بيباس وهو يبلغ بصورة وحشية عن موت زوجته واولاده، كانت اصبحت لدى الجيش كل المعلومات من اجل ابلاغ العائلة عن “خوف كبير على حياتهم”، لكن لم يكن أي دليل ملموس. لذلك، لم يتم الاعلان عن موتهم رسميا. في نهاية تشرين الثاني وقبل انتهاء النبضات اعلنوا في حماس بأنه لم يتم العثور على النساء العشرة، باستثناء المجندات، اللواتي كان سيتم اطلاق سراحهن ايضا.

في اسرائيل لم يصدقوا ذلك؛ في النقاشات في المستوى السياسي والمستوى الامني كان تقدير بأن حماس غير معنية بتسليم النساء في ذلك الوقت. في هذه المرحلة حماس اقترحت نبضة اخرى، ستتم فيها اعادة ثلاث أو اربع جثث، و6 – 7 رجال مسنين فوق سن الستين، احدهم كان عوديد لايفوشيتس. الاعتقاد كان أن الجثث هي لابناء عائلة بيباس. في كابنت الحرب ناقشوا الموافقة على الاقتراح رغم أن ذلك كان يعتبر خرق فظ للتفاهمات.

نتنياهو ويوآف غالنت وبني غانتس ورون ديرمر وآريه درعي قالوا إن اسرائيل سيتم اعتبارها مستخذية، وأنها مرة اخرى خضعت لمناورة المنظمة الارهابية التي هاجمتها قبل شهرين. اذا كانت حماس تقوم باخفاء النساء الآن فأي مصلحة ستكون لها في اعادتهن فيما بعد؟ غادي ايزنكوت كان الوحيد الذي كان له اعتقاد آخر حيث قال: “يجب علينا أخذ الآن ما يقدمونه لنا. على العكس، تعالوا نجعل حماس تصدق بأنه يمكن تضليلنا، وبعد ذلك نحن سنعمل على اعادة النساء”. وقد اقترح أن تطلب اسرائيل ايضا اعادة الأب يردين بيباس كي يتمكن من دفن ابناء عائلته.

موقفه تم رفضه. وقف اطلاق النار انتهى. معظم كبار السن الذين كان يمكن تحريرهم في بداية كانون الاول قتلوا. غالنت الذي قاد معارضة موقف ايزنكوت قال بعد ذلك بأنه لا يتفاخر بذلك، لكنه لا يندم. اعضاء طاقم المفاوضات، رئيس الموساد برنياع ورئيس الشباك بار والجنرال احتياط نيتسان الون هم ايضا دعموا موقف الاغلبية. وحسب ما نشر فان الون وبار اعترفا بعد ذلك بالخطأ.

 

 

شرك لرئيس الشباك

 

في يوم الاربعاء، عندما كانت كل اسرائيل تستعد نفسيا لتفطر القلب الجماعي وفي القنوات بثوا مرة تلو الاخرى صور ابناء عائلة بيباس الذين تم التخلي عنهم، كانت لنتنياهو اهتمامات ملحة اكثر. الهجوم القبيح على اعضاء طاقم المفاوضات، برنياع وبار والون، الذين خلال 500 يوم تقريبا عملوا باسمه وتحت مسؤوليته وبصلاحية منه من اجل الدفع قدما بالصفقة (التي أفشلها مرة تلو الاخرى)، كان هجوم استثنائي حتى بالمفاهيم المرضية التي اتبعها هنا.

في المساء فقط تذكر اليوم التالي. وبادر الى نشر فيلم قصير بشر فيه بـ “يوم صعب جدا على دولة اسرائيل، يوم صادم، يوم حزين… القلب يتفطر… نحن نحتضن العائلات”. نحتضن؟ هو امتنع بشكل استفزازي الذهاب الى نير عوز، رمز المذبحة ورمز فشله، والمكان الذي اختطفت منه عائلة بيباس. تسعة اشهر وهو يستعد للزيارة. خلال ذلك قال “هم يعانون، لكنهم ليسوا أموات”. ايضا هو لم يطلب العفو كما فعل رؤساء جهاز الامن، ورئيس الدولة اسحق هرتسوغ (طلب العفو ايضا امس، بسبب أن الجيش الاسرائيلي لم يصل الى كيبوتس نير عوز، وأنه لم ينجح في اعادتهم أحياء). ولكن نتنياهو لا يفعل ذلك. هو يعتقد أنه يجب طلب العفو منه. هو الضحية هنا.

بار يجب أن يذهب في نهاية المطاف. كنتيجة ضرورية بسبب مسؤوليته الواضحة التي تحملها عن دوره في الفشل. لكن محظور عليه التزحزح شبر واحد طالما أنه تجري تحقيقات “قطرغيت” في مكتب رئيس الحكومة، التي يقوم بها رجاله أو يشاركون فيها. على رأس نتنياهو توجد قطعة زبدة كبيرة، التي فقط تحقيقات الشباك ستكشفها. كل ذلك ايضا يمكن أن يصل الى المحكمة العليا. في سيناريو رعب، الذي بمعرفتنا الاشخاص المشاركين فيه يمكن أن يكون واقعي، فان هذا التصادم يمكن أن يتحول الى فصل جديد ومخيف في ملحمة الانقلاب النظامي.

 ------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

معاريف 24/2/2025   

 

 

ألعاب حربية

 

 

 

بقلم: افي اشكنازي

 

بين استاد كرة القدم في بيروت وقصر الرياضة في حولون حاولت أمس إسرائيل ان ترسم من جديد حدود الدولة. فقد عرضت لكل المحيط الخطوط الحمراء وحاولت استعراض القوة – في البر، في الجو وفي البحر.

إسرائيل توجد في مشكلة غير بسيطة. بعد الحرب الشديدة توجد مرحلة حفظ الإنجازات. مثل شخص يجري حمية وينزل من وزنه، فانه مطالب بان يصارع كي يحافظ على الإنجاز والا يرتفع بالوزن ببطء مرة أخرى.

بضعة احداث متطرفة وقعت في الأيام الأخيرة، احداث شققت إنجازات الحرب؛ مقتل شيري بيباس وطفليها، ارئيل وكفير، وحقيقة أن حماس حاولت أن تخدع إسرائيل وتحرر امرأة غزية في تابوت وليس الام شيري. بالتوازي، في الساعة ذاتها، نفذ مخربون من شمالي السامرة عملية كبرى حين فخخوا خمسة باصات في غوش دان. وبالمعجزة فقط، بسبب خلل في توجيه ساعات التشغيل – منعت كارثة كبرى.

كما تشاهد إسرائيل أيضا ما يحصل في لبنان وفي سوريا وتشغل بالها محاولة ايران إعادة بناء قوة حزب الله.

بين القصر الرياضي في حولون والاستاد في بيروت عملت إسرائيل على ترميم التآكل في إنجازات في الحرب. بدأ هذا بالقرار من وقف تحرير المخربين، مثلما تعهدت في الاتفاق. بعد ذلك انطلق سلاح الجو الى أربع ربما خمس هجمات في ارجاء لبنان وعلى حدود سوريا وضرب مسارات تهريب الذخيرة على حدود البقاع.

في الظهر عقد حزب الله مراسيم الجنازة لزعيم المنظمة حسن نصرالله الذي صفي بقصف سلاح الجو قبل نحو نصف سنة. حزب الله حول الحدث الى استعراض للقوة. ومع ان سلاح الجو لم يدعَ الى الحدث، فقد وصل مع ذلك واجرى طلعة صاخبة على ارتفاع منخفض، فيما كان له هدف واحد – اطلاق رسالة لحزب الله ولكل الضيوف الذين جاءوا من طهران واليمن. والرسالة، على حد قول ضابط كبير في الجيش الإسرائيلي: “نلاحقكم في كل الوقت ومستعدون للهجوم في كل لحظة”.

في الساعة إياها في القصر الرياضي في حولون سار مئات الخريجين الذين انهوا لتوهم دورة الضباط. رئيس الوزراء، وزير الدفاع ورئيس الأركان تناولوا الشؤون المشتعلة. الجيش الإسرائيلي تمكن، قبل المراسم، من أن يعزز بسرية دبابات القوات العاملة في الحملة في جنين. وقد فعل هذا بعد اكثر من 20 سنة لم يستخدم فيها الدبابات في الضفة.

رئيس الوزراء رسم أيضا الخطوط الحمراء لإسرائيل في سوريا واعلنوا بان جنوب الدولة يجب أن يكون مجردا من السلاح.

الرسالة التي نقلتها إسرائيل أمس ستكون موضع اختبار في الأيام، الأسابيع والاشهر القادمة. في إسرائيل واثقون باننا في لبنان وفي سوريا بتنا في عصر جديد. ويشهد على ذلك أيضا بيان قيادة الجبهة الداخلية في أن بلدات خط المواجهة تعود الى الحياة الطبيعية دون قيود الدفاع.

بالمقابل، في الجنوب بالذات تقف إسرائيل امام المجهول – هل سنواصل الصفقة، فننتقل الى المرحلة الثانية ام نعود الى الحرب. بالتوازي مع بيان قيادة الجبهة الداخلية عن الشمال، اصدر الناطق العسكري بيانا عن تصعيد التأهب للجيش الإسرائيلي في غلاف غزة.

 بين القصر الرياضي في حولون واستاد كرة القدم في بيروت ادارت إسرائيل العاب حرب على كل الملعب – وفي كل الساحات.

------------------------------------------

 

هآرتس 24/2/2025   

 

 

بديل معتدل..الطريقة الوحيدة لتدمير حماس

 

 

 

بقلم: يائير غولان

 

اختطاف وقتل الطفلين كفير ويئير بيباس، والكشف عن الحقيقة الصادمة بأن حماس ارسلت مع جثتيهما ايضا جثة امرأة فلسطينية، هو تذكار مثير للقشعريرة للفشل الاستراتيجي للقيادة الاسرائيلية. بنيامين نتنياهو قوي بالكلام ولكنه ضعيف بالافعال. فهو يعد بالانتقام من حماس، يصرخ ويهدد، لكن عمليا حماس ما زالت موجودة وهي تواصل السيطرة في قطاع غزة.

الحقيقة البسيطة هي أن حماس ما زالت على قيد الحياة بفضل نتنياهو، ونتنياهو ما زال على قيد الحياة بفضل حماس. هذه علاقة تكافل، حولت حكم الارهاب في قطاع غزة الى جزء لا يتجزأ من الواقع السياسي في دولة اسرائيل. لذلك فانه كلما صرخ نتنياهو اكثر فانه يكون واضح أكثر بأنه يحاول اخفاء الحقيقة، وهي أنه ضعيف ويعتمد على حماس ويخشى من أن يشم المواطنون في اسرائيل الرائحة الكريهة لهذه الصلة.

نتنياهو يكرر ويعلن بأن حماس توجد على شفا الانهيار، لكنه فعليا هو يواصل سياسة تمكن هذه المنظمة الارهابية من الحفاظ على سلطتها. بدلا من تدمير حماس فان نتنياهو يواصل نفس اللعبة السياسية الخطيرة والساخرة، التي تستمر منذ عقد ونصف. السياسة التي استمرت لفترة طويلة لنتنياهو – تحويل مليارات الدولارات من قطر الى حماس، تجنب الدفع قدما ببديل  سلطوي معتدل في قطاع غزة وصد أي محاولة لايجاد افق سياسي، كل ذلك عزز هذه المنظمة خلال هذه السنوات وأدى في نهاية الامر الى المذبحة في 7 اكتوبر.

الانتقام الحقيقي من حماس ليس بالاقوال التهديدية أو العمليات العسكرية المحددة، بل بتدمير حكمها. الطريقة الوحيدة للمس بهذه المنظمة الارهابية المقيتة هو بناء بديل ثابت ومعتدل لنظام حكمها في القطاع. وخلق سلطة جديدة ومتزنة، التي ستتعاون مع المجتمع الدولي، هو الرد الحقيقي على الارهاب. من يريد وبحق الانتقام من المخربين الملعونين وضمان أمن دولة اسرائيل يجب عليه أن يقود عملية تعمل على استبدال حماس، وليس فقط استخدامها كعدو مريح لاغراض سياسية.

الزعامة الصهيونية الشجاعة كانت ستضمن نزع السلاح بشكل مطلق من القطاع. اسرائيل كانت ستحافظ على حرية عمل أمني كاملة حتى تحقيق الاستقرار. وكل قطاع غزة كان سيبقى تحت اشراف عملياتي وثيق. حماس كان سيتم ابعادها كليا عن ادارة الامن، الاقتصاد والمجتمع المدني في القطاع. وبدلا منها كان سيقوم حكم فلسطيني معتدل برقابة الدول العربية المعتدلة وجهات دولية.

هذه العملية يجب تنفيذها على مراحل. اولا، تحديد مناطق آمنة تحت سيطرة فلسطينية معتدلة، وبعد ذلك يتم توسيع الاشراف المدني والاقتصادي، وفي النهاية يتم تشكيل جهاز سلطوي مستقل، مصلحته هي أن يضرب هو نفسه الارهاب.

دولة اسرائيل كانت دائما تطمح الى ربط انجازاتها الامنية بعملية سياسية داعمة. واخراج مصر من دائرة القتال في 1979 كان قرار استراتيجي دراماتيكي، اكبر من أي انتصار عسكري. في المقابل، ضم المناطق بدون افق سياسي فقط عمق التهديد الامني. الاتفاقات مع مصر والاردن ودولة الامارات اثبتت نفسها كذخر أمني كبير، لكن جهود التوصل الى اتفاق مع الفلسطينيين فشلت فشلا ذريعا. الصراع الرئيسي في الشرق الاوسط ليس فقط على السيطرة الجغرافية، بل هو حرب على مستقبل المنطقة. هذا صراع بين قوى معتدلة تطمح الى الاستقرار والازدهار وبين قوى راديكالية تسعى الى الفوضى والارهاب. دولة اسرائيل مجبرة على قيادة تحالف المعتدلين، لكن من اجل فعل ذلك يجب عليها وقف على الفور الرقص الخطير مع حماس ومواجهة المتطرفين الموجودين داخلها.

تكفي نواة صغيرة ومتعصبة كي تجر دولة كاملة عن طريق زرع الخوف وعقد تحالفات مصالح ظلامية، أو تعهد ورعاية اللامبالاة العامة. النضال الحقيقي ليس مع عدو خارجي، بل هو ايضا على صورة دولة اسرائيل من الداخل.

دولة اسرائيل تقف الآن امام الازمة الوجودية الاكثر خطورة في تاريخها، ليس فقط بسبب التهديدات الخارجية، بل بسبب التفكك الداخلي. الحكومة بدلا من قيادة عملية اصلاح، واعادة البناء، تواصل مهمة التدمير. وطالما أن نتنياهو وحكومته يمسكون بدفة الحكم فانه لن يكون اصلاح لدولة اسرائيل. تغيير حقيقي يمكن أن يأتي فقط مع استبدال الحكومة والتعهد بوضع استراتيجية جديدة تفضل أمن دولة اسرائيل على البقاء السياسي.

التدمير الشديد في قطاع غزة اوجد فرصة تاريخية للتغيير. دولة اسرائيل يمكنها أن تقود عملية دولية لاعادة اعمار القطاع وانشاء حكم معتدل هناك، لكنها لن تستطيع فعل ذلك طالما أن نتنياهو يتمسك بالكرسي. من يبقي حماس في غزة من اجل الابقاء على حكمه لن يجلب الأمن لدولة اسرائيل، ومن يلعب بخوف الجمهور لن يجلب الوحدة والأمل. لقد حان الوقت لقيادة صهيونية جديدة، مسؤولة وأمنية، ستفضل مصالح دولة اسرائيل على البقاء السياسي الشخصي.

-------------------------------------------

 

هآرتس 24/2/2025 

 

 

خطأ الفلسطينيين الأكبر هو أنهم موجودين أصلا

 

 

 

بقلم: عودة بشارات

 

تقريبا بعد كل مقال اكتبه ضد سياسة الحكومة يقومون بالاحتجاج ضد ويقولون: ماذا، هل لا يوجد لديك شيء ضد الفلسطينيين؟. للوهلة الاولى هم على حق، لأن أي شخص متصالح مع نفسه يجب عليه في البداية انتقاد العيوب التي توجد لديه. هذا موقف صحيح وأنا أعمل بهذه الروحية. عندما أكتب باللغة العربية أنا أتطرق الى الامور السلبية في المجتمع العربي وانتقدها بشدة. لا يوجد لدي أي تبجح لملاطفة “أنا” شعبي. الشاعر محمود درويش كتب: “عندما اصبحت كلماتي عسل الذباب غطى شفتي”.

في المقالات التي كتبتها باللغة العربية قمت بادانة العمليات بشدة. أنا كتبت ضد الانظمة الديكتاتورية العربية وتعرضت لانتقادات شديدة عندما وقفت باصرار ضد نظام الاسد، حتى في عهد حافظ الأب. للأسف، هناك من رأوا في الاسد ونظامه قائدا للقومية العربية. وأنا رأيت فيه ديكتاتورا فاسدا ومتعطش للدماء.

في المقابل، الآن لا يمكن تمييز شفاه معظم العاملين في الاعلام العبري، لأنها مغطاة بطبقة من الذباب بسبب العسل الذي يخرج من افواههم، ويتساوق مع القوات الظلامية في المجتمع اليهودي، ظلامية التحريض وتبلد الحواس.

باستثناء انتقاد بنيامين نتنياهو فانه لا يوجد لديهم أي تحفظ على الاحتلال والقتل الجماعي في قطاع غزة، بعد ذلك توجد لديهم الوقاحة للطلب من الشخصيات العامة العربية ادانة جرائم حماس، التي هي وبحق تستحق الادانة. النفاق في هذا الطلب يصرخ الى عنان السماء. لأنه باستثناء ميكروفون الادانة – تقريبا جميع ميكروفونات الاذاعة والتلفزيون والصحف مغلقة أمام العرب.

أنا مضطر الى التذكير بأنني أكتب في صحيفة اغلبية قراءها هم من اليهود حول الموضوع على جدول اعمال المجتمع الاسرائيلي. وبصفتي مواطن في الدولة (إلا اذا كان هناك شخص يعتقد غير ذلك) فان عنواني هو حكومة اسرائيل ومؤسساتها. وأنا احاول بقوتي الضئيلة أن اعبر عن موقفي حول هذا الشأن.  من يريد “آراء” تداعي “الأنا” القومية للمجتمع اليهودي، باسلوب أن اليهود ضحايا وأن العرب برابرة فليبحث عن شخص آخر ليفعله.

اضافة الى ذلك أنا لا أكتب من اجل الاغضاب، واذا كان ذلك هو ما يحدث فانه بسبب الوضع الصعب الذي نعيش فيه؛ وكيف أنا بنفس الدرجة اكتب ايضا امور مشجعة، لأنه في نهاية المطاف الحياة بدون أمل ليست حياة – طوال الوقت أنا أبحث عن الشرخ في سور الكآبة الموجود حولنا. ذات مرة حتى أنني قمت بمدح نتنياهو الذي قال في أحد الافلام القصيرة أمور جميلة عن المواطنين العرب. اذا واصل ذلك، كتبت، فأنا سأصبح عاطل عن العمل.

في مرة اخرى، بعد أن رأيت اطفال يهود وعرب وهم يغنون معا، ولم يكن بالامكان معرفة من هو العربي ومن هو اليهودي، كتبت عن “الزهرة اليهودية – العربية”. اذا وقفت امام زهرة سأقوم بريها، أنا مثل كثيرين اعمل على زراعة الأمل، مثلما قال محمود درويش.

مع ذلك، ازاء المطالبة المتزايدة، نحن الكُتاب العرب سنشير الى السلبيات لديها، وهاكم انتقادي:

الخطأ الرئيسي لنا، نحن الفلسطينيون، هو أننا موجودون أصلا. أنا غاضب جدا على آبائي. لو أنهم لم يكونوا موجودين لما كانوا سيطردونهم من قرية معلول. لأنه لا يمكن طرد مواطنين غير موجودين. ويمكن المواصلة: لو أنه لم يكن فلسطينيون في قطاع غزة لما كان الرئيس الامريكي دونالد ترامب سيكلف نفسه عناء وضع خطة لطرد اشخاص غير موجودين، ووزير الدفاع السابق ما كان ليأمر بتجويعهم.

صحيح أننا حادثة تاريخية تنغص على حياة اليهود، وحتى أنها تسبب لبعضهم المثول في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي. لذلك، في التجسد القادم سنطلب من اخوتنا اليهود البحث عن مكان آخر لا توجد فيه مثل هذه المصيبة البائسة التي تسمى الفلسطينيين. ويفضل أن لا يكون عرب حولنا على الاطلاق.

-------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 24/2/2025 

 

 

محق في التشخيص مخطيء في العلاج

 

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

يوم السبت شاهدت شريط الدعاية الذي انتجته حماس بالمشاركة القسرية لافيتار دافيد وغي غلبوع دلال، شابين اختطفا من حفلة النوبا. فقد اجبر الاثنان على أن يشاهدا من بعيد مراسم تحرير عومر شمتوف، الياهو كوهن وفينكرات. فقد صورا في الشريط الكامل وهما يشكران آسريهما ويستجديان تحريرهما. منظرهما، وهما معا انتزع مني تنفس صعداء: حياتهما مؤمنة.

كل ما تبقى علمني بغباء جهاز الدعاية الحماس. فالمنظمة تسعى لان تثبت للعالم بانها كيان مسؤول، راشد، يقاتل في سبيل الشعب الفلسطيني كله. المراسم التي يجريها والاشرطة التي ينتجها تثبت العكس – بانه داعش، بصيغة اقل تطورا. هم يسعون لان يبثوا قوة لكنهم لا يوقظون الا المقت. الا يوجد واحد في كل غزة يعلمهم العبرية؟ الإنجليزية؟ العقل السليم؟ كل المراسم، كل الشريط يقنع مزيدا من أصحاب القرار في إسرائيل في الغرب وفي العالم العربي، بان شيئا صالحا لن يحصل في غزة طالما كانت هناك هناك. دم المنظمة في رقبتها.

الى هذا اضيف الخطأ في تشخيص شيري بيباس. فالملابسات تشير ظاهرا الى اهمال من جانب مخربي حماس، وليس الى نية مبيتة، لكنها توفر سببا آخر لعدم الثقة بكلمتهم.

السؤال هو ما هو الاستنتاج الواجب. نتنياهو رد ببث دعاية خاصة به، نسب فيه لقصة التشخيص اتلال من النوايا دون ان يثبتها بل وفرض عقابا أيضا. مئات القتلة الذين كانوا يوشكون على التحرر في السبت لم يحرروا. لم يحرروا حتى كتابة هذه السطور، يوم الاحد. ردا على ذلك، هددت حماس بتفجير المسيرة. إعادة توابيت أربعة ضحايا آخرين لحماس، كانت مخطط لها لان تكون في يوم الخميس من هذا الأسبوع، وضعت في علامة استفهام.

استنتاجي معاكس: طالما كان ممكنا التحرير من قبضة حماس مخطوفين احياء، فيجب إعطاء ذلك أولوية عليا. صحيح أنه توجد لحماس مصلحة لاحتجاز مخطوفين على قيد الحياة: فهم كنزها الأكبر، الرافعة التي تتيح لها المجال. لكن مثلما يثبت قتل طفلي عائلة بيباس المصلحة في جهة والسلوك العملي في جهة أخرى. تحت الضغط، مخربو حماس لن يترددوا حتى في قتل رضع.

ان الإرهابيين المحررين يجب فحصهم ليس وفقا لجرائمهم في الماضي بل وفقا لمخاطرهم في المستقبل. هذا ليس علما دقيقا – فتحرير يحيى السنوار في صفقة شاليط يثبت ذلك – لكن هذا هو المعيار الصحيح، المقرر. كبار رجالات الشباك الذين تعاملوا مع قائمة الأسماء التي تقدمت بها حماس، اخذوا بالحسبان أيضا جرائم الماضي وكذا المدة الزمنية المتبقية للسجين في السجن، وكذا تقويم الخطر منه. مجال مناورتهم، ولا سيما في ما يتعلق بسجناء حماس الثقيلين، كان محدودا. المجال كان محدودا أيضا في التفكر الى أين ينقل المحرر، الى الضفة، الى غزة او الى دول اجنبية. من ناحية أمنية كان من الصواب ابقاؤهم قريبا، في مكان يكون ممكنا اعتقالهم وهم فيه من جديد؛ من ناحية سياسية كان من الصواب اطلاقهم الى مسافة بعيدة. الاملاء السياسي هو الذي حسم.

وفي هذه الاثناء، كل من يتحرر هو عالم بكامله. 100 في المئة صافي. هذا هو احد الفوارق بيننا وبينهم. عندما تضع حماس قائمة محررين تكون معضلتها هي الحرية مقابل السجن؛ اما المعضة في إسرائيل فهي الحياة مقابل الموت. مصير 63 إسرائيليا، 24 منهم احياء، موضوعة على الطاولة، مع الوصمة التاريخية التي سيخلفها فقدانهم. يمكن أن نلعب بين الحين والاخر بعقوبات مؤقتة، بعصي وجزر، لكن محظور ان نشيح ولو للحظة العينين عن الكرة.

عن حق، نحن نتقدم في استعادة الاحياء. لكن توجد أهمية هائلة أيضا لاعادة المقتولين. في اثناء الاتصالات ناشد الإسرائيليون الوسطاء لترتيب إعادة هدار غولدن، الذي قتل في حملة “الجرف الصامد” قبل 11 سنة. حماس رفضت: رجالها مقتنعون بان الموقف الخاص للرأي العام في إسرائيل تجاه هدار غولدن وسقوطه يسمح لهم بان يطالبوا بمقابل إضافي. هكذا هم يعملون.

نتنياهو هو الذي عين فريق المفاوضات الأول. اثنان من أعضائه، رئيس الشباك ورئيس الموساد تابعان له مباشرة. لايام اتهمهما بمراعاة زائدة لمطالب حماس، بسلوك “العطاء والعطاء” (كانت هذه كذبة فظة بالطبع، لكن ليس في هذا من جديد). والان، حين عين بدلا منهما مقربيه ديرمر وهيرش، حبس نفسه في داخل العملية: لا يمكنه أن يتهم الآخرين. هذه ليست بشرى طيبة للمخطوفين، ولا للعائلات التي تصلي للمرحلة الثانية، لكن هذا هو الموجود.

-------------------------------------------

 

 

هآرتس 24/2/2025

 

 

 

بمعنى الكلمة.. هكذا نجح المستوطنون في تحويل الضفة الغربية إلى “ساحة حرب”

 

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

وزير الدفاع، إسرائيل كاتس، أعلن أمس بفخار عن هدف حملة الجيش الإسرائيلي في الضفة: طرد سكان مخيمات اللاجئين. بينما يحلمون بترحيل سكان قطاع غزة، فهم الآن ينفذون حلمهم في الضفة، بل أن الوزير أضاف وقال إن “التعليمات” عدم السماح لـ 40 ألف فلسطيني الذين طردوا من مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم ونور شمس، بالعودة إليها طوال سنة على الأقل. تصريحات كاتس تتناقض تناقضاً تاماً مع ادعاء الجيش الإسرائيلي الذي أعلن رسمياً منذ بداية الحملة في الضفة بأنه لا يهدف إلى إخلاء سكان في الضفة الغربية.

   سكان مخيمات اللاجئين الذين طردوا من بيوتهم يتخذون الآن مأوى في قرى ومدن في المنطقة. والعشرات منهم ينامون على أرضية ملاجئ مؤقتة، يديرها متطوعون محليون. وعشرات الآلاف منهم اضطروا لإخلاء بيوتهم بسرعة دون أن يتمكنوا من أخذ ما يكفي من الملابس والأدوية أو المال معهم. وأطفال لا يستطيعون الذهاب إلى مدارسهم منذ أسابيع.

دولة إسرائيل، كعادتها، تثبت أنها لا تفهم إلا لغة القوة، وغير قادرة إلا على التفكير للمدى القصير، بدلاً من التوجه لحل مشاكل النزاع من جذورها.

الجيش، الذي يدمر بيوتاً في مخيمات اللاجئين بهدف توسيع الطرق، قرر تشديد الأجواء أكثر فأكثر؛ فبعد محاولة العملية الأسبوع الماضي، أدخل الجيش دبابات إلى مخيم اللاجئين جنين، لأول مرة منذ 20 سنة. حملة قيادة المستوطنين التي تدفع بهذه الاتجاهات منذ أكثر من سنة، آتت أكلها: فقد نجح المستوطنون في تحويل الضفة الغربية إلى ساحة حرب بكل معنى الكلمة.

بعض من النازحين الفلسطينيين يشهدون على أنهم هربوا خوفاً، لكن آخرين يروون كيف أجبرهم الجنود على ترك بيوتهم. ووصف أفراد عائلة ما، كيف اقتحم الجنود بيتهم في منتصف الليل وطردوهم. وشهد شاب آخر على أنهم استخدموه درعاً بشرياً، ثم أمروه بالخروج من مخيم اللاجئين. وثمة شيخ أعمى روى كيف سيطر الجيش على مبنى ما، أدخله فيه وحبسه في غرفة مع عائلة أخرى على مدى يومين ومنعوهم من الاتصال بأحد.

أصبحت اجتياحات الجيش جزءاً من حياة سكان مخيمات اللاجئين اليومية في السنة الأخيرة، وهم الذين عمل بعضهم في إسرائيل قبل نحو سنة. حياة يومية تتضمن تدمير الشوارع، والطرد من البيوت، والقتل. التصعيد السريع في الأسابيع الأخيرة الذي هو بمثابة تعويض لليمين المتطرف على خيبة الأمل والقرف من الصفقة لإعادة المخطوفين، حمل هؤلاء السكان إلى اليأس والخوف من المستقبل.

دولة إسرائيل، كعادتها، تثبت أنها لا تفهم إلا لغة القوة، وغير قادرة إلا على التفكير للمدى القصير، بدلاً من التوجه لحل مشاكل النزاع من جذورها. بعد 23 سنة من حملة “السور الواقي”، ما زالت إسرائيل تقف الصورة ذاتها. فما الذي سيولده استخدام المزيد من العنف، والعقاب الجماعي، والتنكيل بالسكان المدنيين وعملية عسكرية دون دور سياسي، غير دائرة عنف ودم ونبذ إسرائيل في العالم؟

-----------------انتهت النشرة-----------------

 

disqus comments here