الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 17/2/2025 العدد 1237

 الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

 

هآرتس 17/2/2025

 

 

الشباك يفحص اذا كانت قطر عملت على تجنيد مستشاري نتنياهو كعملاء تأثير

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

 

فحص الشباك لعلاقات شخصيات رفيعة في مكتب رئيس الحكومة مع قطر سيتركز حول الاشتباه بأن هذه الامارة الخليجية حاولت تشغيل بعض مستشاري رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو كـ “عملاء تأثير” من قبلها في إسرائيل. بيان الشباك حول البدء في عملية الفحص يثير العصبية في محيط رئيس الحكومة. ابواق نتنياهو بدأت في هجوم علني ضد رئيس الشباك رونين بار وهددت بأنه سيعزل من منصبه في الاثام القريبة القادمة.

 

 

قطر، مثلما كتب هنا في السابق، لا تعتبر في إسرائيل دولة عدوة. إسرائيل تقيم معها علاقات سياسية وتجارية منذ ثلاثين سنة، على الأقل من بداية عملية أوسلو في 1993. في العقد الأخير تعززت العلاقات بالأساس في ظل حكومات نتنياهو. يوسي كوهين، في منصبه كرئيس لمجلس الامن القومي وبعد ذلك عندما كان رئيس الموساد، قام باجراء كمبعوث لنتنياهو الاتصالات مع القطريين، وفي 2018 عقد معهم الاتفاق لنقل 30 مليون دولار في الشهر الى قطاع غزة.

 

 

معظم كبار رؤساء جهاز الامن كانوا شركاء في هذه العملية ورأوا فيها حل معقول، حتى في ظل التخوفات – التي كان نتنياهو شريكا فيها – شن حرب واسعة مع حماس. المعارض الرئيسي لهذا الاتفاق في حينه كان رئيس الشباك نداف ارغمان. الأموال التي يبدو أنها استخدمت لدفع رواتب موظفي السلطة في القطاع ومساعدة العائلات المحتاجة، ساعدت بشكل غير مباشرة حماس في تخصيص الأموال لتعززها العسكري. الى جانب ذلك فان شركات إسرائيلية، التي بعضها بملكية خريجي جهاز الامن، اقامت علاقات متشعبة مع القطريين، في مرات كثيرة كان ذلك بتشجيع من المستوى السياسي. ولكن هذه ليست الشكوك التي تفحص الآن فيما يتعلق بالمستشارين الإعلاميين لنتنياهو. يونتان اوريخ، شرولك اينهورن وايلي فلدشتاين، مشتبه فيهم أيضا بالتورط في تسريب الوثائق السرية من شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان”.

 

 

اوريخ تم التحقيق معه، اينهورن سيتم التحقيق معه، لكنه لا يأتي الى البلاد من مكان اقامته في صربيا، وفلدشتاين يوجد في الإقامة الجبرية بعد أن قضى بضعة اشهر في السجن. الادعاء الذي يتم فحصه بشأنهم في القضية القطرية هو أنهم من ناحية عملوا في القضايا اليومية والحساسة في مكتب رئيس الحكومة، من الحملات السياسية وحتى التدخل في مواضيع امنية، وباليد الثانية اقاموا علاقات تجارية خاصة مع قطر، التي تتعلق بالأساس بتحسين صورة الدوحة إزاء علاقاتها العميقة مع حماس وحركة الاخوان المسلمين. الاشتباه بوجود تناقض مصالح اصبح واضحا اكثر منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، في 7 تشرين الأول 2023. وهو يترجم الى شبهات محددة على صعيدين – إمكانية أنه تم الاضرار بالحفاظ على اسرار استخبارية، والخطر في أن قطر حاولت استخدام مستشاري نتنياهو كـ “عملاء تأثير” من قبلها في القدس. يجب التذكر بأن كل ذلك يحدث عندما اصبح معروفا أنه كان هناك عدم تنظيم في ضمان السرية الأمنية لفيلدشتاين، وبالصورة التي حصل فيها على أجرة – من غير المؤكد أنه في هذا الشأن كان استثنائي في المكتب.

 

 

رد الشباك على استجواب أعضاء الكنيست نعمة لزيني وجلعاد كريب (الديمقراطيين) نشر في وسائل الاعلام أول أمس في المساء، في الوقت الذي كان فيه نتنياهو يجري استشارة هاتفية مع كبار رؤساء جهاز الامن. منذ ذلك الحين فان بار يوجد مرة أخرى في مرمى هدف ماكنة السم. فهو متهم بالتنكيل بنتنياهو وتأخير التحقيقات الداخلية في الشباك حول المذبحة (القضية التي يظهر فيها من يؤيدون بيبي الاهتمام)، ويتم تهديده بالاقالة في الوقت القريب. ولكن بار بعيد عن أن يكون شخص ساذج. فمجرد فتح تحقيق يمكن أن يصعب على نتنياهو اقالته. لأنه في المحكمة العليا يمكن التقرير بأن رئيس الحكومة موجود في حالة تناقض مصالح في اتخاذ قرار حول الإقالة. خلافا لرئيس الأركان هرتسي هليفي، الذي بضغط من نتنياهو اعلن عن استقالته وسيترك الجيش بعد أسبوعين ونصف، فان بار يبدو في هذه الاثناء وكأنه قرر البقاء والنضال على منصبه.

 

 

الخلفية ليست فقط محاولة رئيس الحكومة القاء المسؤولية على المستوى المهني بشكل حصري حول إخفاقات 7 أكتوبر، بل الخوف من أن يحاول نتنياهو تعيين في منصب رئيس الشباك أحد رجاله. معهد الأبحاث “زولت” للمساواة وحقوق الانسان نشر في تشرين الثاني الماضي ورقة موقف حذر فيها من تعيين دمية لرئاسة هذا الجهاز. حسب المعهد فان نتنياهو يمكن أن يحاول تحويل الشباك الى ذراع خاص له لتنفيذ القانون. يشارك في هذا التخوف كثير من كبار رجال هذا الجهاز والرؤساء السابقين فيه.

 

 

اليوم الـ 500

 

 

ارسالية القنابل الدقيقة بوزن طن وصلت مؤخرا في سفينة من الولايات المتحدة الى إسرائيل بعد عدة اشهر كثيرة من التأخير  من قبل إدارة بايدن. قرار الغاء التجميد اتخذته إدارة ترامب، التي يمكنها في المستقبل أن تصادق في القريب أيضا على ارسال 130 جرافة “دي9” للجيش الإسرائيلي. الإدارة السابقة قامت بتأخير المساعدات بسبب خلاف حول دخول الجيش الإسرائيلي الى رفح في أيار السنة الماضية. ارسال الارساليات يعرض في حكومة إسرائيل كدليل على امرين: تعزيز الدعم من الولايات المتحدة وتحسين القدرات العسكرية لإسرائيل اذا تم استئناف القتال في القطاع.

 

 

اليوم هو اليوم الـ 500 للحرب. من بقوا على قيد الحياة من بين الـ 73 مخطوف، الذين ما زالوا في القطاع (التقدير هو أن الحديث يدور عن اقل من نصفهم)، لا يعرفون بالتأكيد متى وهل أصلا سيعودون الى بيوتهم. الواضح، سواء بالنسبة لهم أو بالنسبة لمن يتابعون الحرب من الخارج، هو أن تحريرهم لن يتحقق بواسطة الضغط العسكري فقط، وأن استئناف القتال يمكن أن يرفع كثيرا المخاطرة بموت المخطوفين في الاسر.

 

 

في هذه الاثناء حاشية نتنياهو تنثر تنبؤات حول إمكانية تغيير صيغة صفقة المخطوفين مع حماس، والسماح بتمديد المرحلة الأولى فيها. في هذه الاثناء في اطار هذه المرحلة، التي ستنتهي في بداية شهر آذار القادم، سيتم تحرير ستة مخطوفين أحياء آخرين، بعدهم يتوقع إعادة ثمانية جثامين لمخطوفين آخرين. إسرائيل تحاول تحسس حل يمكن من تحرير مخطوفين آخرين على قيد الحياة من بين الـ 59 الاحياء والاموات المشمولين في المرحلة الثانية، استمرارا للمرحلة الأولى. معنى ذلك سيكون أن حماس ستطلق سراح مخطوفين آخرين قبل تفي إسرائيل بالتزامها بالانسحاب من محور فيلادلفيا، وفي الواقع الانسحاب بشكل شامل من القطاع. احتمالية ذلك تظهر ضئيلة، أيضا حماس بالتحديد راكمت ثقة جديدة على خلفية ادخال ارساليات كبيرة من المساعدات الإنسانية وسيطرتها بالتدريج على مراكز القوة في قطاع غزة.

 

 

حول رئيس الحكومة تطرح كل أنواع الأفكار لشروط التقدم في الصفقة، من بينها الحصول على تعهد بشأن نزع السلاح من القطاع في المستقبل، أو عدم مشاركة حماس في سلطة مستقبلية هناك. أيضا الإدارة الامريكية تظهر تعاطف معين مع هذه الأفكار. صعوبة نتنياهو الأساسية هي داخلية. اذا لم يستأنف القتال بعد المرحلة الأولى، ويحاول الدفع قدما بتحرير مخطوفين آخرين مقابل انسحاب الجيش الإسرائيلي من القطاع، فانه سيضع في امتحان صعب التحالف بينه وبين شركاءه في اليمين المتطرف. ويضاف الى ذلك صعوبات أخرى: مطالبة الجمهور المتزايدة بإعادة جميع المخطوفين بعد أن عاد بعضهم في حالة صحية ونفسية مثيرة للقلق؛ تحفظ رجال الاحتياط من العودة الى القطاع بدون اجماع؛ وتصميم الأحزاب الحريدية على تمرير قانون شرعنة الاعفاء من الخدمة في الجيش رغم انتقاد الجمهور الواسع.

موقف الإدارة الامريكية هو أنها هي التي تحسم. حسب الإشارات من محيط نتنياهو فان الرئيس الأمريكي سيتساوق مع استئناف القتال في القطاع لفترة محدودة، بصورة ستجبي من حماس ثمن عسكري آخر، وربما فرض تنازلات سياسية أخرى عليها. في المقابل، بقي موقف السعودية. المملكة ستضع عقبات امام الدفع قدما بصفقة مع الولايات المتحدة اذا استمرت الحرب والدمار، ولم يعرض في الأفق أي حل سياسي للقضية الفلسطينية.

-------------------------------------------

 

هآرتس 17/2/2025

 

 

مبعوث ترامب فاجأ نتنياهو، الذي اضطر الى الإعلان عن التقدم نحو المرحلة الثانية

 

 

بقلم: حاييم لفنسون

 

في الوقت المناسب، بعد عشرة أيام من صداع الكحول السياسي الخطير، وصل أمس من نيويورك العلاج لصداع الكحول، على صورة ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس الأمريكي الخاص للشرق الأوسط. خلال عشرة أيام كان نتنياهو يتجول بغرور وسرور. فقد قام باهانة السعودية؛ لدغ قطر؛ احتضان وزير المالية بتسلئيل سموتريتش؛ ادخال زوجته سارة الى النقاشات الأمنية؛ محاولة إعادة رئيس حزب قوة يهودية ايتمار بن غفير؛ اقالة رئيس كل الموظفين؛ ودفن وانهاء المرحلة الثانية في الاتفاق. أمس ظهرا انتهى كل ذلك. رجعنا الى الواقع، حيث كنا قبل شهر: “خطة ترامب”، اذا كانت هناك خطة كهذه فانها كما يبدو انتهت بإعلان مقتضب للبيت الأبيض بأن ترامب يدعم نتنياهو في كل خطواته لاعادة المخطوفين. يبدو أن اهتمام الرئيس الأمريكي الذي يحتاج الى الاهتمام لا نهاية له ذهب بعيدا. بعد احتفال نتنياهو والتهجير الى مصر فانه في الأسبوع القادم يوجد الاحتفال بالسلام بين روسيا وأوكرانيا. الآن ويتكوف موجود هنا من اجل ترتيب كل شيء.

كما تشهد الجهات التي تشارك في الاتصالات الدبلوماسية، فانه الشخص الوحيد في الإدارة المحصن من سحر نتنياهو. فهذا لا يهمه، وفقط ما يهمه هو المصالح التجارية. في ملفه الشخصي الذي نشر في موقع اكسيوس، يصفون سر قوته. فهو شخص لا توجد لديه مصالح شخصية ولا يريد الشهرة لنفسه. وقد حصل على ثقة ترامب الكاملة وقام بترتيب وتسوية الأمور له مع كبار الحزب الجمهوري بعد اقتحام الكابيتول في كانون الثاني 2021. أمس زار إسرائيل وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو. وقد قام باجراء لقاءات مع جهات إسرائيلية كثيرة. من اجروا المحادثات معه تولد لديهم الانطباع بأنه أيضا يعرف مكانه بالنسبة لويتكوف. ولكن رسالته كانت واضحة. موقف الإدارة الامريكية هو أنه يجب اطلاق سراح جميع المخطوفين. “ترامب يريد رؤية المرحلة الثانية تخرج الى حيز التنفيذ”، أكد ويتكوف في مقابلة اجراها مع “اخبار 12”. كيف يفعلون ذلك؟ ستيف ويتكوف سيعالج التفاصيل.

المبعوث الخاص يتوقع أن يسافر مساء الى الرياض مع مستشار الامن القومي مايكل فولتس من اجل اجراء محادثات في المسألة الروسية – الأوكرانية. ومن هناك يتوقع أن يسافر الى الدوحة، القاهرة أو القدس، حسب الحاجة. أمس اجرى مقابلة طويلة مع فوكس نيوز. ببساطة يجب مشاهدتها لفهم الوضع. “المرحلة الثانية معقدة اكثر من المرحلة الأولى، ولكنها ستبدأ بالتأكيد”، قال. وقد قال إنه اجرى “محادثات مفيدة جدا” مع نتنياهو ورئيس حكومة قطر محمد آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية حسن محمود رشاد، بشأن مواصلة الصفقة. المحادثات تناولت مواقف الطرفين فيما يتعلق بالصفقة، واستهدفت تمكين استمرار الاتصالات في هذا الأسبوع من اجل إيجاد طريقة تمكن من استكمال المرحلة الثانية في الاتفاق بنجاح.

ويتكون أكد في المقابلة بأنه في المرحلة الثانية يتوقع أن يطلق سراح الجندي عيدان الكسندر، المخطوف الأخير في القطاع، الذي يحمل الجنسية الامريكية. وحسب التقديرات هو ما زال على قيد الحياة. وأوضح أيضا بأن المرحلة الثانية ستشمل إعادة جثامين. “هذا يشمل الجميع. هذا معقد قليلا، ولكن الأكثر تعقيدا هو كيفية جلب الطرفين من اجل التوصل الى اتفاق. المرحلة الثانية تشمل انهاء الحرب، وأن حماس لن تكون مشاركة في الحكومة وستغادر غزة”، قال. ماذا بخصوص خطة ترامب؟. “كما هو الامر دائما، الرئيس يقول شيء جديد ومميز، وتتم مهاجمته بسبب ذلك، لكن هذا أيضا شجع على الكثير من المحادثات”، أجاب ويتكوف. “الآن يوجد لدينا المصريين الذين يقولون: توجد لنا خطة. الأردنيون يقولون: توجد لنا خطة. والناس يشاركون في محادثات مهمة… انظروا الى ما يحدث الآن، توجد لنا محادثات حول ما هو الأفضل لغزة وما الذي يجعل حياة الناس افضل”.

مناورة ترامب واضحة جدا، لكن يبدو أنها ناجعة. الزعماء العرب ضغطوا من الخطة التي اقترحها وبدأوا في التحرك. استمرار المحادثات التي يتحدث عنها ويتكوف سيحدث في القمة العربية في الرياض، التي ستتناول خطة ترامب، التي سيتم عقدها في 20 شباط الحالي. الخطة تتناول عدة خطوات وعمليات تم الحديث عنها في السابق في منتديات مختلفة، لكن الآن أصبحت مفصلة اكثر. ضمن أمور أخرى تمت مناقشة إعادة اعمار قطاع غزة بأموال خليجية وتنفيذ سعودي – اماراتي، واتفاق سلام بين إسرائيل والسعودية ومكافحة جدية من قبل مصر لتهريب السلاح وتشكيل لجنة قومية عربية – إسلامية لادارة قطاع غزة وإعلان حماس أنها باسم الوحدة هي تتنازل عن السيطرة في غزة. يبدو أن هذه هي الخطة الوحيدة التي كانت وستكون على الطاولة، والتي لن تروق لسموتريتش.

نتنياهو، الذي يطرح نفسه كمن يسيطر على الحدث، في نهاية المطاف، هو أيضا أداة في لعبة المصالح الامريكية والمشكلات التي تشغل ترامب. أمس تبجح نتنياهو في جلسة الحكومة بأنه هو وترامب يتعاونان وينسقان بشكل كامل. “أنا لا يمكنني الدخول الى كل التفاصيل، لكن توجد لنا استراتيجية مشتركة”، قال. لا يوجد شيء في العالم يحبه نتنياهو اكثر من القول بأنه لا يستطيع التحدث عن التفاصيل، ربما ذلك في المكان الثاني بعد هوايته في عدم قول الحقيقة. هكذا أيضا في هذه الحالة، هو لم يقل الحقيقة.

يبدو أن مقابلة ويتكوف فجأته. بالنسبة لنتنياهو لا توجد مرحلة ثانية. وهو يغطي عيون الجمهور عما لن يحدث. ولكن بعد نشر هذه الاقوال سارع نتنياهو الى نشر بيانين تفصل بينهما 40 دقيقة. في البيان الأول قال في البداية سيجتمع الكابنت لمناقشة المرحلة الثانية في الاتفاق. احد ما في الولايات المتحدة يبدو أنه يعرف قراءة اللغة العبرية، وبعد 40 دقيقة جاء البيان المعدل – في الغد سيسافر وفد الى القاهرة، سيناقش المرحلة الأولى في الاتفاق. وفي موازاة ذلك سيجري نقاش في الكابنت وسيعطي توجيهاته في أمور المرحلة الثانية. نحن تقدمنا.

 ------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت:

 

 

في الطريق الى حرب الترحيل

 

 

بقلم: عيناب شيف

 

لخيبة أمل محبي ومحبات استئناف الحرب، مرت الساعة الـ 12 ظهرا من يوم السبت (في القدس وفي واشنطن) وإسرائيل واصلت وقف اطلاق النار، رغم استفزازات الرئيس الأمريكي والضغط في اليمين الإسرائيلي. غير أن خطر الانهيار لم ينقضي بعد. حماس هي منظمة وحشية ونكراء، رئيس الوزراء لم يجد بعد مصلحة سياسية لتنفيذ المرحلة الثانية ومن يدري ما الذي سيخرج من فم ترامب حتى يوم السبت. أسبوع أبو علي الذي مر على إسرائيل كان حيويا لفهم سخافة استمرار الحرب والتغيير الدراماتيكي المتوقع في أهدافها. من لخص المزاج كان بالذات وزير الدفاع اللذيذ لإسرائيل، الذي يولي قليلون له أهمية – وبنيامين نتنياهو ليس بالتأكيد واحدا منهم – وهو كله منشغل بعرض المسرح المثير للشفقة والعليل لـ وجهت “تعليماتي” و “أوامري”. وها هو، في الأسبوع الماضي مرة أخرى لوح إسرائيل كاتس بالتهديد واعلن بان “حرب غزة الجديدة ستكون مختلفة في قوتها عن تلك التي قبل وقف النار – ولن تنتهي قبل هزيمة حماس وتحرير كل المخطوفين، وستسمح ايضا بتحقيق رؤيا الرئيس الأمريكي بالنسبة لغزة”.

ليس مرغوبا فيه ان نضع جانبا التصريحات المتبجحة الفارغة التي يمكن أن نفترض منها وكأنه في الـ 500 يوم الأخيرة تلقت غزة صيغة رقيقة ما ومتسامحة ما من إسرائيل، التي لم تتطلع الى هزيمة حماس وتحرير كل المخطوفين. كما أنه لا حاجة للاندفاع أيضا وراء الشعور بالاهانة الدوري للذكاء، وكأن “هزيمة حماس وتحرير كل المخطوفين “ليسا هدفين متناقضين منذ اشهر طويلة، كلفا حياة مخطوفين ومخطوفات، مثلما شهد سلف كاتس في المنصب وكذا مسؤولون كبار في طريق المفاوضات.

ومع ذلك، ما يدهش هنا هو الخفة التي يضيف فيها كاتس هدفا جديدا للحرب: السماح “بتحقيق رؤيا الرئيس الأمريكي بالنسبة لغزة”. وبلغة مغسولة اقل: خطة الترحيل التي تتعارض والقانون الدولي والأخلاق الإنسانية، التي امتشقت من العقل الساخن لرجل قادر على ان يهضم مفهوم التعقيد مثلما يمكن لجسمه ان يهضم الحديد. هذا القول يجب أن يقف امام عيون المقاتلين والمقاتلات هم سيرسلون للهجوم في المرة الرابعة أو الخامسة (من يحصل) على جباليا وخانيونس: يتبين انهم سيكونون هناك ليس فقط كي يهزموا منظمة إرهاب إجرامية ونكراء ولانقاذ إخوانهم أيضا (رغم أنه منذ البداية لم يكن ممكنا هذا وذاك)، بل لتهيئة التربة بارتكاب أفعال تشكل جريمة حرب.

في صالح كاتس ينبغي أن يقال انه لا يتحدث على نحو منقطع عن المشاعر السائدة في الحكومة وفي الائتلاف: في بيان “مصدر سياسي” قبل أسبوع قيل ان الكابنت يقف من خلف “الرؤيا الثورية لترامب لمستقبل غزة” (وان كان لم يصوت على ذلك). الوزيرة غيلا جمليئيل، عضو الكابنت، تتباهى في المقابلات بخطة “الهجرة الطوعية” التي طرحت في بداية الحرب (في اطار الوزارة المختلقة التي هجرتها طواعية أو بغير طواعية). إذن، لم يرغب أي مصدر رسمي بان يسمع عن ذلك. في السفارة في واشنطن تنكروا لها واستغرق هذا 500 يوم وانتخابات دراماتيكية في الولايات المتحدة لاجل تحويل المنبوذ الى علاقات عامة (وشكرا أيضا للوسط السياسي العفن).

وهكذا، عمليا، تتدحرج مرة أخرى المسؤولية الى عتبة ابطال الحرب الحقيقيين، رجال ونساء تركوا كل شيء وضحوا بالجسد والروح لانهم شعروا بالأرض تهتز وسمعوا صوت إخوانهم واخواتهم، تصرخ اليهم من الانفاق. اذا وصل النداء، عليهم ان يأخذوا بالحسبان: إسرائيل الرسمية، ولا يهم لمن كانت الفكرة، تريدهم وتحتاجهم ليس فقط كي تزيل تهديد غزة بل أيضا كي تنفذ الترحيل. لا تقولوا انكم لم تعرفوا.

------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 17/2/2025

 

 

لأول مرة يأتي رئيس لامريكا لا يلجم إسرائيل بل يتجاوزها في رؤياه الكهانية

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

أيام مصيرية تمر علينا، مسيحانية. يخيل أن حتى المعجبين بترامب لم يتوقعوا مسبقا كم هي عظيمة، كم هي مسيحانية. فلاول مرة يتولى في الولايات المتحدة رئيس ليس فقط وديا لإسرائيل، ليس فقط صهيونيا في نظر نفسه بل كهاني حقيقي. في تصريحاته في نهاية الأسبوع شجع ترامب حكومة إسرائيل على تبني انذاره، وانزال الجحيم على غزة اذا لم تحرر حماس كل المخطوفين فورا. نتنياهو لم يعرف ما يفعله بكل هذا الخير – هل يأمر الجيش ان يدخل مجددا الى قتال نتيجته المؤكدة الوحيدة هي موت المزيد فالمزيد من المخطوفين، بذنبه، ام ان يظهر ضعيفا وجبانا في نظر رئيس يحتقر الضعفاء. سارع لان ينشر تصريحا مليئا بالثناء على ترامب، على امل أن يشتري له التملق وقتا.

كل رئيس امريكي من هاري ترومان حتى جو بايدن سعى بدوره لان يلجم خطى إسرائيل تجاه الطرف العربي. أحيانا بتهديد صريح مثل آيزنهاور في 1956، أحيانا بخليط من العصي والجزر، مثل نيكسون في حرب يوم الغفران، مثل بوش الاب في حرب الخليج، مثل بوش الابن في حرب لبنان الثانية، ومثل سلسلة من الرؤساء الديمقراطيين الذين رأوا بعين سيئة اتساع المستوطنات وسلوك إسرائيل في المناطق.

وها هو يقوم رئيس يفكر ويتصرف بشكل مختلف. اذا كانت غزة بمليوني سكانها هي مشكلة فسنوزع سكانها على دول أخرى. مئة سنة واكثر يستوضح يهود وعرب مسألة الترحيل، يتجادلون في جوانبها الأخلاقية، القانونية والعملية، ولا يصلون الى الفهم. جاء ترامب وحل المشكلة بجملة واحدة: الجيش الإسرائيلي يطهر القطاع، الولايات المتحدة تسيطر، الأردن ومصر يستوعبان، السعوديون يدفعون والريفييرا تبنى. في غضون بضع سنوات ستكون غزة نيتسا والنصيرات أنتيف.

هكذا أيضا تحرير المخطوفين؛ هكذا النووي الإيراني: My way or the Highway، يقول ترامب للعالم كله. أدخلت هذه الجملة الى تطبيق الذكاء الاصطناعي الى محمولي وطلبت ان يعود الي مع خطاب ترامب. وترجمت خلاصة الجواب على النحو التالي: “هكذا نحن نقوم بالامور: كفى للضعف، كفى للتأجيل – فقط نصر لم يسبق ان كان له مثيل. اذا كنتم تصرون على طريقكم، فانتم تعرفون الى أين ستصلون في النهاية. أمريكا أولا!.

ثمة سحر ما في ممارسة ترامب للقوة: العالم مليء بمشاكل معقدة لا ينجح احد في حلها. جاء ترامب، ومثل الكسندر المقدوني في قصة مؤامرة الصمـت يمتشق سكينا ويقطع. صحيح، يقول بعض من مؤيديه، تهديداته لا تنسجم وقواعد الحكم السليم والتقاليد الدبلوماسية. لكنها تخلق جدلية إيجابية: بداية صدمة بل وحتى فزع، بعد ذلك معارضة وفي النهاية حل.

لعبته خطيرة، يحذر معارضوه. يقوض القيم الأساس للديمقراطية الامر الاستقرار في العالم: هو يلعب بالنار. اخشى أن يكونوا محقين.

الترامبي الأكثر حماسة في حكومة إسرائيل هو بتسلئيل سموتريتش. في نهاية الأسبوع روى بان طواقم مشتركة من حكومة إسرائيل وإدارة ترامب تعمل على تنفيذ خطة الترحيل للعرب في غزة. التنفيذ سيبدأ ببطء ويتواصل بكل القوة.

رؤيا سموتريتش نعرفها: حرب مع العالم العربي والإسلامي، فيها بمعونة الرب وباسناد أمريكا، تبيد إسرائيل كل اعدائها وتحظى بمجيء المسيح وإقامة مملكته. رؤيا ترامب متبلورة اقل. هو يستمد إلهامه من معارك قديمة لرعاة البقر ضد الهنود الحمر. البيض محقون ومنتصرون؛ الحمر اشرار ومهزومون. في النهاية يتوطن المتبقين في محميات ويسمح لهم بنيل الرزق من الكازينوهات. لكن القرن الـ 21 ليس القرن الـ 19، الفلسطينيون ليسوا هنودا حمر والشرق الأوسط ليس الغرب القديم – هو قنبلة نووية موقوتة. بدلا من مساعدة نتنياهو على الاستقرار على ارض الواقع، ترامب يدفعه الى الحد الأقصى. هذا يحصل أيضا في الانقلاب النظامي: نتنياهو عاد من أمريكا بقرار لان يطبق هنا كل ما يمليه ترامب هناك. هذا هو الميل: من دولة قوية، عزيزة، أصبحنا ترامبولينا.

ترامب يمكنه ان يغير رأيه: ان يفرض فجأة على نتنياهو ان يوافق على المرحلة الثانية في اتفاق المخطوفين ويمنعه من استئناف القتال؛ التوقيع على اتفاق نووي مع ايران يكون مناقضا لمصالح إسرائيل. بالنسبة له الشرق الأوسط هو حقل تجارب؛ بالنسبة لنا هو حياة وموت: هذا كل الفرق.

-------------------------------------------

 

هآرتس 17/2/2025

 

 

عرض بديل للطرد كفيل بأن يبقي الجهاز الاداري لحماس في مركز الساحة

 

 

بقلم: جاكي خوري

 

الاجماع في الساحة الفلسطينية وفي العالم العربي ضد خطة التهجير للرئيس الأمريكي ترامب، لا يقلل من مستوى الضغط المتزايد في قطاع غزة وفي رام الله – أيضا في بعض عواصم العالم العربي، خاصة القاهرة وعمان – لطرح خطة بديلة قابلة للتطبيق على الأرض.

جميع المشاركين في التطورات السياسية يدركون أن تقديم جواب سلبي لترامب وزيادة الأصوات المعارضة لخطته لن تكون كافية في هذه المرة. حتى مظاهرات الدعم في الأردن للملك عبد الله، والبرامج التلفزيونية الكاملة في مصر التي تتناول صمود الرئيس عبد الفتاح السيسي لن تغير الوضع. مطلوب خطة تطرح بديل متفق عليه حول اليوم التالي في القطاع، خطة تجبر حتى “رجل الصفقات” ترامب وبنيامين نتنياهو على أخذها في الحسبان. في هذه الاثناء، عشية لقاء القمة العربية المقلصة في يوم الخميس في الرياض، وقبل القمة الواسعة التي ستعقد في 27 شباط في القاهرة، حتى الآن لا توجد خطة واضحة ومتبلورة تحصل على دعم سياسي واقتصادي.

على الأرض من يسيطر على القطاع بالفعل حتى الآن هي حماس مع الـ 40 ألف موظف لها، والى جانبهم يعمل الجهاز الأمني والعسكري، التي في الواقع تضررت منذ 7 أكتوبر، لكنها ما زالت تعمل وتسيطر. في حماس يعلنون أنهم مستعدون للتنازل عن السيطرة الإدارية في القطاع. المعنى هو أن كل لجنة أو هيئة إدارية يمكنها العمل على الأرض، وبالاساس العمل في المهمة الملحة اكثر وهي اعمار القطاع في كل المجالات. مع ذلك، في حماس يرفضون التنازل عن السلاح، المعنى هو أن قوة حماس العسكرية ستبقى في القطاع، وفقط اذا تم التوقيع على اتفاق سياسي شامل فسيكون بالإمكان مناقشة دمج هذه القوات في أجهزة الامن والشرطة الرسمية. تحقق هذا السيناريو يبدو في هذه الاثناء بعيد لسنوات ضوئية.

كل ذلك يضع تحد كبير امام المجتمعين في الرياض وفي القاهرة، وأيضا امام المحادثات التي تجري هذه الأيام في محاولة للعثور على صيغة قابلة للتطبيق. “ذات مرة كان هناك مايسترو فلسطيني يقود الفرقة الموسيقية في كل ما يتعلق بالموقف الفلسطيني الرسمي، والدول العربية كانت مؤيدة له”، قال للصحيفة مصدر فلسطيني رفيع كان في السابق مشاركا في دائرة اتخاذ القرارات. “الآن لا يوجد. كل واحد توجد له قيثارته وهو يعزف عليها، في الوقت الذي فيه الفلسطيني هو الأضعف. حماس متعبة في القطاع والسلطة متعثرة في رام الله، في الوقت الذي فيه الشعب يتطلع الى افق وحل”.

في نفس الوقت المشاركون على قناعة بأن عدم طرح خطة منظمة سيحث ترامب ونتنياهو على مواصلة طرح قضية الهجرة. إزاء الالحاحية التي وجدت، بالتحديد الذين لا يؤيدون حماس في القطاع يدركون أنه لا يمكن التنازل عن جهاز حماس، على الأقل لفترة انتقالية، رغم المعارضة الكبيرة لإسرائيل وحتى معارضة معظم الدول العربية والسلطة الفلسطينية. “يوجد لحماس جهاز ناجع يعمل جيدا منذ 17 سنة. وحتى الحرب لم تدمره”، قال موظف كبير في جهاز الإدارة لحماس في القطاع. “هذا الجهاز، الى جانب اللجان الشعبية ورؤساء الحمائل، هو الأداة الأكثر فعالية الآن اذا كنا نريد حقا التقدم، وإلا فاننا سنبقى في نفس الدائرة المفرغة التي لا يوجد مخرج منها. فهي فقط سيزيد تفاقم الوضع وتزيد الضغط على الجميع حتى الانفجار القادم”.

إضافة الى كل ذلك في الساحة الفلسطينية حتى الآن لا توجد إجابة على اسئلة جوهرية، تمتنع كل الأطراف من التطرق اليها، مثل الى أي درجة الخطة العربية اذا تم طرحها، ستعمل على شرعنة حقا خطوات أوسع فيما يتعلق بسيطرة السلطة الفلسطينية في القطاع؟ ما هي العلاقة التي ستكون بين القطاع والضفة الغربية؟ بأي درجة ستحصل هذه الخطة على دعم السعودية أو أن يتم طرحها كمبادرة سعودية؟ هل ستكون المحفز لاتفاق تطبيع مع إسرائيل؟ هل هذه الخطة ستشرعن دولة فقط في القطاع بشكل منفصل عن الضفة التي تخضع لتهديد الضم الذي يطرحه الوزير بتسلئيل سموتريتش؟ هل هذه الخطة حقا ستتبلور وكيف ستتعامل معها حماس والسلطة الفلسطينية؟.

صحيح أن هذه أسئلة نظرية فقط. سكان قطاع غزة يتوقعون فقط الحصول على الخيام والمياه والكهرباء. ولكن في الواقع الذي فيه رئيس مثل ترامب يجلس في البيت الأبيض، وفي إسرائيل تسيطر حكومة مسيحانية، فان من يعتبرهم الشعب الفلسطيني قادته يجب عليهم توفير إجابات. لأنه ليس فقط اعمار القطاع هو الموجود على الاجندة، بل أيضا موجود مستقبل الشعب الفلسطيني.

-------------------------------------------

 

إسرائيل اليوم 17/2/2025

 

 

كلفة يوم حرب لدافع الضرائب: 315 مليون شيكل

 

 

بقلم: نيتسان كوهن

 

ندفع ثمنا باهظا في الجانب الاقتصادي أيضا: حين نتحدث عن حرب بحجم الحرب التي نشبت في 7 أكتوبر يتوجب أن نتحدث أيضا عن الكلفة المالية الهائلة لها. هنا في واقع الامر نحن نتحدث عن أنواع مختلفة من الكلفة. توجد الكلفة المباشرة لوزارة الدفاع والجيش: الدفع عن أيام الاحتياط، الدفع على الذخائر، تعبئة المخزونات للذخائر، الوقود وهكذا دواليك. كما توجد أيضا الكلفة الاقتصادية للحرب وهذا يعني أنه يجب أن يدخل الى الحساب فقدان الناتج، كلفة تشويش الحياة اليومية الطبيعية وغيرها.

كيفما نظرنا الى الأمور، نجد كلفة اقتصادية لا بأس بها. قبل أن ندخل الى الأرقام يجدر بنا ان نذكر أن الاقتصاد الإسرائيلي دخل الحرب وهو في حالة جيدة. هذا يعني أنه كانت لحكومة نتنياهو مصادر تستمد منها المال دون تلقي مساعدات خارجية بتعابير دولارية. ماذا يعني هذا؟ أولا وقبل كل شيء، نسبة دين إسرائيل كانت متدنية بحيث كان ممكنا اقتراض المال حتى وان كان بأسعار عالية.

بنك إسرائيل يحافظ على ارصدة عملة اجنبية عالية، كانت تدور حول 215 مليار دولار. وهذا يتيح لإسرائيل سيولة من العملة الأجنبية. المعنى؟ عندما كانت حاجة للدولارات لشراء الذخائر في الخارج كانت تلك الدولارات. عندما يذعر المستثمرون الأجانب من الحرب ويريدون سحب أموالهم – يكون هذا الرصيد موجودا وهذا معطى هام جدا للإبقاء على سير حرب لا تجر الاقتصاد الى الهوة.

جملة سيناريوهات وهموم

بشكل مبدئي، البحث الشامل والأكثر مصداقية حول كلفة الحرب اجراه بنك إسرائيل – والمقصود هو دائرة البحث في البنك التي يترأسها عدي برندرن اقتصادي ذو قامة. ثمة غير قليل من السيناريوهات للحرب وكل سيناريو يحتاج الى تعبير اقتصادي لكن بنك إسرائيل استوعب الحدث، فصله الى شواكل ووصل الى عدد 255 مليار شيكل. أي كل يوم يمر دون أن تنتهي الحرب يكلف بائع الضرائب الإسرائيلي 315 مليون شيكل.

نعم، هذه كلفة الحرب صحيح حتى اليوم وحتى نهاية العام 2025، لكن توجد هنا “لكن” كبيرة. هذه الكلفة لا تأخذ بالحسبان سيناريو حرب شاملة مع ايران. هنا تقدر محافل اقتصادية مطلعة على التفاصيل بانه لن تكون كلفة اقتصادية عالية جدا لمثل هذه الحرب إذ انه في ضوء التجربة المتراكمة في جهاز الامن من هجومين إيرانيين على إسرائيل وهجوم إسرائيلي مضاد فاننا نتحدث عن معركة يفترض أن تكون قصيرة نسبيا.

سيناريو آخر لا يأخذ بالحسبان اشتعال إضافي مع حزب الله. لكن هنا أيضا، انتزع الجيش من حزب الله الذي يقف على حدودنا الشمالية غير قليل من القدرات التي كان يفترض أن تخفض جدا كلفة هذا السيناريو.

سيناريو آخر لا يؤخذ الان في الحسبان الاقتصادي هو اشتعال الجبهة الجنوبية. هنا أيضا نزع الجيش غير قليل من قدرات المنظمات في غزة. وعليه فان حربا بقوة عالية لن تكون مثلما رأينا في بداية الحرب وهنا أيضا الميزانية المالية لن تكون مشابهة. وكذا سيناريو تشتعل فيه كل الجبهات بالتوازي لم يؤخذ بالحسبان بتعابير اقتصادية.

ما أُخذ حقا بالحسبان هو استمرار الحرب في الجبهة الجنوبية والشمالية بقوى متغيرة – أي اشتعال، هدوء واشتعال متجدد.

هذا يعني انه لن تجند كل قوة الاحتياط التي جندت في بداية الحرب، ومن هنا بان يستخدم الجيش الذخائر استخداما اقل وهكذا دواليك.

هذا السيناريو يأخذ بالحسبان تأهب وحدات احتياط كبيرة لكن ليس في مداها الأقصى. يأخذ بالحسبان تشوش جزئي جدا للحياة في الجبهة الداخلية ومن هنا أيضا فان فقدان الإنتاج سيكون محدودا ومن هنا أيضا فقدان المداخيل من الضرائب للدولة وهكذا دواليك.

 

الجبهة الإسرائيلية الداخلية قوية

 

الان ينبغي ان نفهم الوضعية. إسرائيل توجد في مستوى عال من انعدام البيقين، وكل سيناريو لم نفكر فيه يمكن أن يفاجيء، لكن الان أيضا، الاقتصاد الإسرائيلي قوي. الجبهة الإسرائيلية الدخلية قوية، وإسرائيل معتادة على الانتقال السريع من الحياة الطبيعية الى الطوارئ ومن ثم الى الحياة الطبيعية. وعليه فيجب أن يقال كل شيء بتحفظ. كل الجهات الاقتصادية تعيش بسلام مع سيناروهات بنك إسرائيل التي اخذت بالحسبان كل احتياجات الجيش كما عرضت ومع هوامش أمان معقولة.

------------------------------------------

 

هآرتس 17/2/2025

 

 

لقد قاموا بتعذيبي، وزني نزل، ذلك كان شهر ونصف وليس 500 يوم

 

 

بقلم: اوري عراد

 

طائرة “فانتوم” التي طرنا فيها أنا وزميلي الطيار كوبي حيون في قلب دلتا مصر، تم اسقاطها في 11 تشرين الأول 1973. وسقطنا في الأسر. أنا هبطت في قرية صغيرة. ولحسن حظي فقد نجحت في النجاة من حادثة فتك، كان ذلك بدرجة كبيرة بفضل شخص جيد انقذني من مخالب الجمهور وقامي بحمايتي الى أن تم نقلي للجيش المصري. كوبي أصيب إصابة بالغة، لكنه بقي على قيد الحياة.

من اللحظة التي اخذني فيها ضابط مصري تحت حمايته أنا لم اشعر بأي خطر على حياتي. عرفت أنني سأواجه تحد شديد وكبير، لكن بصفتي اسير في يد دولة فقد شعرت تقريبا أنه لا يوجد خطر على حياتي، وبالاساس عرفت أن دولة إسرائيل ستفعل كل ما في استطاعتها لاعادتنا من الاسر.

بعد شهر على انتهاء الحرب عاد جميع الاسرى في مصر الى البيت. فداء الاسرى كان القيمة الاسمى التي وقفت أمام انظار حكومة غولدا مئير وكل الشعب.

منذ بداية تشرين الثاني 2023 تحدثت عن المخطوفين في مناسبات كثيرة، على كل منصة ممكنة. وقد أكدت مرة تلو الأخرى بأن ما يمر على المخطوفين في قطاع غزة اصعب باضعاف من الاسر الذي مررت به. وقد شرحت أن مواجهة رجل طاقم جوي مر بالاعداد وكان يدرك إحتمالية أسره، لا تشبه مواجهة المدنيين الذين تم اختطافهم فجأة. وأن الاسر من قبل دولة لا يشبه الاسر من قبل منظمة إرهابية قاتلة، وأن التهديد على الحياة فيه هو تهديد يومي وملموس بشكل لا يقدر.

الآن عند مشاهدة المخطوفين الذين عادوا والمعلومات عن ظروف الاسر، أنا اريد تصحيح نفسي: الاسر لدى حماس أسوأ باضعاف. في الحقيقة أنا تم تعذيبي وفقدت الكثير من وزني، لكن هذا كان في شهر ونصف وليس في 500 يوم، وبدون تكبيل بالسلاسل وتحرش جنسي وضرر روحي كبير. المخطوفون مروا ويمرون في اسر حماس بسبع طبقات من جهنم.

رغم ذلك، تصريحات وافعال نتنياهو تدل على أنه لا يتردد في تخريب مواصلة الصفقة حتى بثمن الحكم بالاعدام على المخطوفين المعذبين. وحتى إزاء المشاهد القاسية للعائدين والرأي العام الحاسم في صالح وقف الحرب وإعادة المخطوفين، فان نتنياهو يفضل مصالحه الشخصية وبقاءه السياسي على اعادتهم، رغم أن هذا هو الهدف الاسمى للحرب. محظور السماح بذلك، يجب المطالبة باعادتهم جميعهم وعلى الفور.

الحديث يدور عن خرق امانة لا يوجد اكبر منه. نتنياهو يقتل روح إسرائيل. الشخص الذي وضع الشعب في يديه القوة وقام باساءة استخدامها وتخلى عن المخطوفين وتركهم ليموتوا في عذابهم ليضمن بقاء حكمه، هو مجرم تجاه شعبه وتجاه كل الإنسانية.

كثيرون يحذرون من أن نتنياهو والحكومة سيدمرون إسرائيل اذا لم نقم بوقفهم، ولكنهم مخطئون. فاسرائيل أصبحت مدمرة. إسرائيل هي قبل أي شيء هي فكرة تقوم على القيم السامية، وبعد ذلك فقط هي كيان مادي. اذا انهارت الفكرة فان ما يبقى غير جدير بأن يسمى إسرائيل. يصعب سماع ذلك ولكن هذه هي الحقيقة.

لقد عبر عن ذلك جيدا البروفيسور اهارون تشخنوبر، الحائز على جائزة نوبل، عندما قال مؤخرا: “حياة الانسان هي القيمة الأعلى التي تتسبب بتماسك أي مجتمع في العالم، ليس فقط عندنا. عندما قمنا بانتزاع هذه القيمة التي توجد اسفل المبنى فقد قمنا بتدمير كل المبنى. بعد ذلك كل القيم ستنهار في اعقاب ذلك”، قال وأضاف. “نتنياهو متهم باهانة الـ 25 ألف رجل وامرأة الموجودين في المقابر العسكرية، الذين ضحوا بحياتهم من اجل وجود دولة تختلف كليا عن الدولة التي يقيمها هنا”.

إسرائيل اهملت سكانها في 7 أكتوبر، في المذبحة الفظيعة. كان هذا خطأ كبير لا يغتفر، لكنه غير متعمد. بعد ذلك تخلت الحكومة عن الذين أهملتهم، وحكمت عليهم بالموت وبذلك هي تطبع الغاء قيمة الحياة كقيمة عليا. النظام ووكلاؤه يزيدون هجماتهم على قدس الاقداس، عائلات المخطوفين والعائلات الثكلى، لم يعد يوجد تضامن وتكافل متبادل، لم تعد توجد قيم، كل شيء اصبح سياسي، الأساس انهار.

من يعتقد أنه يمكن تحرير المارد الكهاني من القمقم واعادته بعد ذلك، يكتشف الآن بأن هذا غير ممكن. اذا لم نثر الآن ونحتج بكل القوة فلن تكون لنا نهضة، سنجد انفسنا بدون المخطوفين، في دولة ابرتهايد مسيحانية، ديكتاتورية، ظلامية، محتلة، منبوذة ومعزولة عن العالم المتنور. دولة فيها، كما قال نتنياهو في هذا الأسبوع، مصير المخطوفين ليس مصلحة وطنية عليا، بل موضوع للحزن الشخصي.

محظور التنازل. ما زالت هناك نواة قاسية، قوية وكبيرة، التي لن تخضع، وفي نهاية المطاف هي ستتغلب على الحكم الفاسد والمفسد. عندها سيبدأ الإصلاح، الذي سيكون قاسم وسيستغرق الكثير من الوقت وسيحتاج الى موارد كثيرة. أي شيء لن يأتي بسهولة. ولكن الفكرة الإسرائيلية ستبعث. حتى لو اضطررنا الى البناء من جديد نحن سنفعل ذلك.

مهاتما غاندي قال: “العصيان المدني هو واجب مقدس عندما تصبح الدولة غير أخلاقية أو فاسدة”. هو كان محق ونجح. في يوم الواجب، القريب، سنخرج الى الشوارع وسنشل الدولة الى أن تسقط الحكومة.

------------------------------------------

هآرتس 17/2/2025

 

منظمات المجتمع المدني في بؤرة الاستهداف.. واليمين الإسرائيلي: لا تروقنا ولا تخدمنا

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

مشروع تعديل قانون الجمعيات، الذي اقترحه النائب أرئيل كلنر من الليكود، والذي يلزم كل تبرع من كيان سياسي أجنبي بمعدل ضريبة 80 في المئة، وقد أقرته أمس اللجنة الوزارية لشؤون التشريع، هو مشروع فاقع في تطرفه، حتى على خلفية جملة المشاريع التشريعية المناهضة للديمقراطية والإجراءات المرفوضة التي يعمل عليها ائتلاف الانقلاب النظامي.

هدف القانون تصفية منظمات المجتمع المدني التي لا تؤيد الحكومة أو منظمات تروج لقيم لا تروقها. إضافة إلى ذلك، يسد القانون الطريق في وجه صلاحيات المحكمة للاستجابة إلى التماسات منظمة ما، تصل معظم ميزانيتها من تبرعات كيان سياسي أجنبي، سواء من خلال حق الوصول إلى محكمة العدل العليا أو إمكانية الرقابة القضائية على إجراءات مؤذية تجاهها.

إن الاستخدام المتطرف وغير المتوازن للضريبة كحافز سلبي سيؤدي إلى تحيز فظ لسوق الآراء في الساحة العامة. وستضطر آراء معينة لدفع غرامة للنجاة، وأخرى –تلك التي يرغب الحكم في خيرها– ستزدهر في تمويل حكومي على حساب دافعي الضرائب، وستكون مستحقة في الاستمتاع بالتبرعات؛ أنظر إلى “كهيلت” ومنظمات من أمثالها تغذيها الحكومة ومتبرعون خاصون مجهولون.

بات على بؤرة الاستهداف جمعيات تروج لقيم الديمقراطية الليبرالية، وحقوق الإنسان، والأقليات، والنساء، وذوي الاحتياجات الخاصة، والأطفال، والمهاجرين، والإدارة السليمة، ومكافحة الفساد، والسياسة النقية، ووجود وحماية البيئة، والسلام، والشراكة العربية اليهودية، والتسامح تجاه الميول الجنسية المتنوعة، والخروج عن الدين، ومكافحة العنف تجاه النساء، والتفكير بـ “اليوم التالي” وطرح حلول للنزاع الإسرائيلي الفلسطيني، ليست الترحيل ولا تتبناها الحكومة. وفي قائمة التصفية الحكومية المحتملة أيضاً منظمات تعمل في صالح حق المرأة في جسدها، والحق في الإجهاض، والإعلام الحر، والأكاديمية المستقلة، والتعددية اليهودية والترويج لتيارات متنوعة في اليهودية.

الصيغة التي يجري العمل عليها لتعديل قانون الجمعيات هي الأكثر تطرفاً في المشاريع التي طرحت على البحث وشطبت منه في السنوات الأخيرة. وثمة مشروع قانون سابق مشابه قضى معدل ضريبة 65 في المئة. فمع “الإصلاح القضائي” ارتفع معدل الإلزام الضريبي للجمعيات إلى 80 في المئة – ربما للوصول لاحقاً إلى حل وسط سام كاذب، على طريقة الحكومة، يقرر معدل 65 في المئة ويصنف كتنازل سخي يحظى بتأييد ممثلي الوسط، بل وربما رئيس الدولة، المحب للحلول الوسط الوهمية.

على المعارضة، ومنظمات المجتمع المدني والجمهور أيضاً أن يصارع ضد مشروع القانون الذي هو مدماك مركزي في الانقلاب النظامي. إذا ما أجيز مشروع القانون بالقراءة العاجلة الأربعاء من هذا الأسبوع، سيبدأ العد التنازلي لتصفية منظمات المجتمع المدني.

------------------------------------------

 

هآرتس  17/2/2025

 

 

فقط ايال زمير يمكنه منع خطة “حرب جهنم في غزة” من التحقق

 

 

بقلم: عوفر شيلح

 

ايال زمير يمكن أن يحصل في الشهر القادم على رتبة جنرال، ويتسلم منصبه كرئيس الأركان الـ 24 في الجيش الإسرائيلي. ربما في أيامه الاولى في هذا المنصب يمكن أن يتسلم توجيه من المستوى السياسي، الانطلاق الى عملية في القطاع، التي حسب وزير الدفاع إسرائيل كاتس “ستفتح أبواب جهنم على حماس. الحرب الجديدة في غزة ستكون مختلفة في قوتها عن الحرب التي كانت قبل اتفاق وقف اطلاق النار”.

يمكن الافتراض بأن كاتس أراد فقط إعطاء صيغة خاصة به لتصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن زمير في زيارته الأولى في قيادة المنطقة الجنوبية، التي كان قائدها في السابق، سيحصل على صورة دقيقة عن كيف ستكون جهنم. عاموس هرئيل نشر هنا عن جزء منها (“هآرتس”، 14/2). فرض الحصار، المس بالمساعدات الإنسانية، تدمير ضخم للبيئة الذي هدفه هو خلق وضع لا يحتمل ويؤدي الى هجرة الفلسطينيين من القطاع، وفقا لحلم ترامب تحويل غزة الى نظيفة من الفلسطينيين وإعادة بناءها كضيعة “مار الاغو” على شاطيء البحر المتوسط، وفي الطريق، بشكل غير متعمد ولكن محتم، القتل الجماعي للمدنيين، نساء وأطفال. نعم، جهنم.

خطط حملة التدمير والثأر، التي حسب اقوال هرئيل تفوح منها رائحة “التطهير العرقي”، آخذة في التراكم في قيادة المنطقة الجنوبية. هذا حدث في تشرين الأول الماضي، في عملية جباليا وبيت حانون، حيث أعد ضباط في القيادة الخطط، وتم التوقيع عليها من قبل أمراء 7 أكتوبر، رئيس الأركان التارك هرتسي هليفي وقائد المنطقة الجنوبية يارون فنكلمان ووزير الدفاع السابق يوآف غالنت. هؤلاء، من خلال تخدر المشاعر والعجز المهني، قدموا لنتنياهو كل ما أمل به على طبق من الأفعال غير الأخلاقية: إطالة فترة الحرب وخاتم “المهنيين” لتحويل إسرائيل الى دولة جيشها هو جيش انتقامي بلا قيود.

لكن الحساب مع الماضي، الذي يجب على زمير اجراءه أيضا اذا كان ينوي انقاذ الجيش، مهم في هذه الاثناء اقل من تقرير المستقبل. حتى قبل تسلم زمير للمنصب يجب عليه البت في المعضلة التي لم تكن مثلها امام أي رئيس اركان. خطة جهنم هذه سينفذها جنود وقادة في الميدان ورجال استخبارات وطواقم جوية، الذين يوجد لكل منهم ضمير. ولكن فوق رؤوسهم يحلق الامر. ومن سيرفض تنفيذه سيتحمل النتائج، لمعرفته أن التضحية التي قام بها لن توقف العملية. هناك فقط شخص واحد، الذي اذا قال “لا”، فان سيناريو الرعب هذا يمكن أن يتوقف والجيش الإسرائيلي ومن يخدمون فيه سينجون، وهو رئيس هيئة الأركان، الضابط الأكبر في الجيش.

حسب قانون الأساس: الجيش فان رئيس الأركان خاضع للحكومة ولوزير الدفاع. عمليا، سواء بسبب حقيقة أنه يترأس الجهاز الذي يحظى بالمستوى الأعلى من ثقة الجمهور أو بسبب عدم معرفة المستوى السياسي، فان رئيس الأركان هو لاعب مشكل، وليس فقط ينفذ الأوامر ويحني الرأس. يجب على زمير أن يفعل كل ما في استطاعته كي لا يتم الإعلان عن الخطة. يجب عليه التوضيح لوزير الدفاع ورئيس الحكومة بأن الامر الذي سيفرض على الجيش الإسرائيلي روح العصابة سيتم وقفه عنده. لأنه سيكون المسؤول عن المس الأخلاقي بعشرات الآلاف الذين يرتدون الزي العسكري والافلاس الأخلاقي لجيش الشعب، الامر الذي سيؤدي الى تفككه.

في المقال الذي نشره بعد عشرين سنة على حرب لبنان الأولى كتب العقيد ايلي غيفع، الذي حاول وقف دخول الجيش الإسرائيلي الى بيروت وتم ابعاده عن الجيش لأنه “في معظم الحالات، الأوضاع ومعنى الأوامر والقرارات هي قانونية بالمعنى الجاف الاولي. الصعوبة أنها في تطورها هي تتسبب بافعال تتحرك هنا وهناك على حدود غير قانونية، التي أيضا عليها يرفرف علم رمادي أو أسود”.

في حالة حرب “جهنم” في غزة فان العلم الأسود يرفرف الآن. الرأي العام في إسرائيل الذي أصابه الحزن والخوف ومشاعر الانتقام يرفعه باعتباره “راية العدل” في هذه الأيام. المستوى السياسي منفلت العقال الذي تدفعه اعتبارات البقاء السياسي، يؤيد هذه الراية. المعارضة غير موجودة، ولا يوجد اعلام أيضا. فقط ايال زمير يمكنه ذلك ويجب عليه فعل ذلك.

------------------------------------------

 

المستوطنون الإسرائيليون يواصلون الاستيلاء على أراضي الضفّة الغربية

 

 

 

 

بقلم: بيتر بومونت كويكي كيرزينباوم

15 شباط 2025

المستوطنون الإسرائيليون يواصلون عملية ضم فعلية، مسكوت عنها، لمساحات واسعة من الأراضي الريفية في الضفة الغربية.

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تقريراً تتحدث فيه عن التوسع الاستيطاني للاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، والذي ارتفع بشكل كبير بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر.

 

يواصل المستوطنون الإسرائيليون المضي قدماً في عملية ضم فعلية، مسكوت عنها، لمساحات واسعة من الأراضي الريفية في الضفة الغربية المحتلة، والتي شهدت بالفعل نزوحاً شبه كامل للبدو في مناطق واسعة.

في حين أن نشاط المستوطنين، بما في ذلك العنف، موثق منذ فترة طويلة في الجزء من الضفة الغربية الذي حددته اتفاقيات أوسلو لعام 1993 على أنه خاضع للسيطرة الأمنية والإدارية الإسرائيلية أي ما يسمى بالمنطقة (ج) من الأراضي المحتلة، بما في ذلك تلال الخليل الجنوبية - فقد حوّل المستوطنون تركيزهم إلى المنطقة (ب) الريفية في الغالب، والتي تم تحديدها لتكون تحت السيطرة المدنية الفلسطينية في البداية.

كان من المقرر بموجب اتفاقيات أوسلو أن يتم نقل المناطق الثلاث، بالإضافة إلى المنطقة (أ) التي تضم المدن الفلسطينية الكبرى، إلى الدولة الفلسطينية المستقبلية.

في الوقت الذي تحدث فيه الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تهجير الفلسطينيين من غزة، ما يعني تأييده الفعلي للتطهير العرقي هناك، تتقدم بالفعل عملية التهجير في المنطقة (ب) حيث يتعرض فلسطينيو الضفة الغربية لضغوط من المستوطنين وأنصارهم السياسيين من اليمين المتطرف في "إسرائيل".

في أحد أقسام المنطقة (ب) في التلال الصحراوية القاحلة الواقعة بين بيت لحم والبحر الميت بالقرب من مستوطنة تقوع الإسرائيلية، يبدو أن كل الأدلة التي تشير إلى وجود البدو الذين عاشوا هناك قد تم محوها، بينما في منطقة ثانية، يتعرض من بقي من البدو لمضايقات بسبب عنف المستوطنين.

وقد كان رعاة البدو حتّى وقت قريب يرعون قطعانهم بالاعتماد على النباتات المنخفضة التي تزهر في فصل الشتاء، أو على المحاصيل العلفية المزروعة موسميّاً في قيعان الوديان المسطحة، والتي كانت في السابق موطناً لمجموعات من البدو يصل عددهم إلى بضع مئات، وأصبحت الآن فائضة ببؤر استيطانية غير قانونية متفرّقة، وأحياناً تتكوّن من منزل واحد أو كوخ، وأحياناً من مبنيين. ويمكن رؤية تمديدات المياه والأنابيب المتعرّجة التي توصل المستوطنات ببعضها، حيث أصبحت الآن الصهاريج التي استخدمها البدو لأجيال تحت سيطرة المستوطنين، في حين حلّت زراعة المستوطنين الجديدة، التي تعتمد في معظمها على أشجار الزيتون التي تغذّيها أنابيب المياه تلك، بدلاً من رعي الأغنام.

وبحسب يوني ميزراحي، الباحث في منظّمة مراقبة الاستيطان "السلام الآن"، فإنّ معظم عمليات إخلاء هذه المنطقة القريبة من بلدة تقوع حدثت في أعقاب 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، حيث تصاعد النشاط الاستيطاني في الضفّة الغربية. وقد اختفت معه ثقافة السكان الفلسطينيين الفريدة من نوعها في تلك التلال، والتي كانت تبدو حتّى سنوات قليلة مضت كأنّ لا يمكن فصلها عن المناظر الطبيعية.

وقال ميزراحي: "يمكنك أن ترى مدى خلوّها باستثناء عدد قليل من البؤر الاستيطانية"، مضيفاً أنّ هذه البؤر الاستيطانية غير القانونية تصوّر نشاطها على أنّها "زراعية"، "فيما هي في الواقع، محاولة للسيطرة على مناطق ريفية واسعة".

وذكر ميزراحي أنّه في عام 2024، أحصيت 59 بؤرة استيطانية غير قانونية جديدة في الضفة الغربية بأكملها، ورأى أنّه "كان عاماً قياسياً، حيث تنشأ بؤرة استيطانية جديدة كل أسبوع، فيما قبل ذلك، كانت تبنى مستوطنة واحدة إلى 12 بؤرة استيطانية بشكل متوسّط كلّ عام".

وهذا الجهد مدعوم ببناء طرق غير قانونية جديدة، والتي هدمت بالجرّافات في التلال في المنطقة الواقعة شرق منطقة تقوع. وأضاف ميزراحي، أنّ "البدو هنا هم الأضعف والأكثر عرضة للخطر بين البلدات الفلسطينية، ويُهجّرون كمجتمعات ما جعلهم بلا مأوى". وفي رحلة قصيرة بالسيارة جنوباً إلى المنيا ومكبّ النفايات المفتوح الضخم على حافّة التلال الصحراوية، يحاول البدو على بعد كيلومتر أو نحو ذلك البقاء فوق أرضهم.

وفي أحد المخيمات الصغيرة، تمكّن جميل ومجاهد شلالدة من الصمود، على الرغم من حملة العنف التي اندلعت منذ وصول مجموعة من المستوطنين المتطرّفين إلى مكان قريب منهما آخر السنة الماضية.

"تعيش هنا قبيلتان منذ 52 عاماً"، يقول جميل. ويضيف: لقد "وصل المستوطنون قبل 3 أشهر. كلّ يوم وليلة نشعر بالخوف ممّا سيرتكبونه. كانت هنا عائلة أخرى، لكنّها أرغمت على المغادرة.  ليس لدينا مكان آخر للذهاب إليه. لقد دمّروا مساكننا، مع العلم أنّنا اشتكينا إلى الشرطة، إلّا أنّهم لم يفعلوا شيئاً".

يقول يهودا شاؤول من "مركز أوفيك للشؤون العامّة" الإسرائيلي: "نحن نتحدّث عن آلاف الدونمات من الأراضي". والدونم يعادل ربع فدّان. وأضاف: إنّ "ما يحدث حول تقوع هو ما يحدث في أماكن أخرى، حيث تُطهّر مناطق جديدة من خلال عنف المستوطنين". وخلال السنة التي سبقت 7 تشرين الأوّل/ أكتوبر 2023، "شاهدنا نزوح ما يقرب من 100 فلسطيني"، ولكن في الأشهر التي أعقبت هجوم حماس، ارتفع العدد إلى 1400". كما أنّ تسارع النشاط الاستيطاني في منطقة تقوع، يُستوعب في ظلّ المناخ السياسي الإسرائيلي الحالي. وأضاف شاؤول: "قبل 3 سنوات ونصف، كان هناك نحو 240 ألف دونم من الأراضي التي لم يتمكّن الفلسطينيون من الوصول إليها بسبب عنف المستوطنين. واليوم، يقترب هذا الرقم من 800 ألف دونم. وهذا يمثل 12% من مساحة الضفّة الغربية".

المهمّ، حسب شاؤول، الانتباه إلى أنّ النهج الذي استخدمه المستوطنون الإسرائيليون لفترة طويلة من دون عقاب في المنطقة (ج)، "يُحوّل تكتيكاتهم الآن إلى أجزاء جديدة من الضفّة الغربية بهدف تفتيت الأراضي المخصّصة للدولة الفلسطينية المستقبلية بالكامل".

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here