الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 26/2/2025 العدد 1245

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي
افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات
هآرتس26/2/2025
تقديم تنازلات مؤلمة للفلسطينيين سيكون أقل فتكا بكثير من سفك الدماء اللانهائي
بقلم: رافي فلدن
تعريف الجنون بأنه تكرار لنفس الفعل مع توقع نتيجة مختلفة يعود لالبرت انشتاين. طوال نضال اسرائيل المتواصل ضد الارهاب الفلسطيني لم نستمع الى نصيحة هذا اليهودي الحكيم. وحتى الآن نحن ما زلنا نتبنى النهج الذي يقول بأن ما لم ينجح بالقوة سينجح بالمزيد من القوة. قبل بضعة ايام حصلنا على تذكير دراماتيكي بذلك عند انفجار الحافلات الثلاثة، التي لحسن الحظ كانت فارغة. من المخيف التفكير فيما كان سيحدث لو أنها كانت مليئة بالمسافرين.
نحن حساسون وبحق للارواح والضحايا، على الاقل عندما تكون من جماعتنا، لكننا نرفض الاعتراف للاسف الشديد، بأن المجتمع الحديث هو الاكثر تعرضا للضرر الذي لا يمكن اصلاحه ازاء الهجمات الارهابية. لذلك، لا حاجة الى الوية منظمة ومزودة بالسلاح المتقدم، يكفي بضعة اشخاص مصممين ومزودين بالبنادق والعبوات الناسفة البدائية، أو ببساطة بسيارات، كي ينغصوا حياتنا.
هذا الدرس تعلمته في السابق دول عظمى لها قوة غير محدودة، التي لم تستخدم أي قيود اخلاقية أو قانونية. روسيا، التي عملت في افغانستان بقوة كبيرة، انسحبت من هناك وهي تجر الذيل بسبب منظمة مسلحة بالكلاشينكوف، وهذا ما حدث ايضا للامريكيين في فيتنام، وللفرنسيين في الجزائر، التي انسحبوا منها رغم أنه تم الاعتراف بها كولاية فرنسية وعاش فيها مليون ونصف مواطن فرنسي.
هذا ما حدث عندنا ايضا في الانتفاضة الاولى والانتفاضة الثانية وفي الهجمات القاسية والمتكررة على غزة. لم نتعلم أن قمع الانتفاضة العنيفة لا يغير الوضع من جذوره. وأن النجاح هو مؤقت فقط، وأن بذور الهجوم القادم تمت زراعتها وستخرج الى حيز الوجود في المستقبل القريب. الدائرة المفرغة القاتلة تواصل تغذية نفسها بشكل ثابت ومثير للقشعريرة. رغم جنون الكهانيين الفاشيين والمسيحانيين الوهميين إلا أن الشعب الفلسطيني لن يتبخر، سواء من غزة أو من الضفة الغربية. ولكن يبدو أن هذا الامر لا يزعجهم، وهم يعلنون بسرور بأننا سنعيش الى الأبد على حد السيف.
الخطأ الخطير جدا الذي يمكن ارتكابه اثناء الحرب هو الضغط على العدو وظهره الى الحائط، بدون اعطاء أي أمل له في الازدهار، واي فائدة في الوقت الذي فيه حياته في الظروف القائمة ليست حياة. في هذه الظروف العدو يكون مستعد لكل شيء، حتى مع معرفته بأنه سيموت في محاولته للمقاومة. على الاقل هو سيحظى بالانتقام. بالقتل والدمار الفظيع الذي تسببنا به في غزة، والتنكيل الوحشي بسكان الضفة نحن نخلق بيدنا اجيال من الشهداء واصحاب الدوافع الكبيرة، الذين سيثورون ضدنا ويحاولون قتلنا. المخزون البشري لديهم لا ينفد. الآن نحن اصبحنا ندرك بأن حماس لا تجد صعوبة في ملء الصفوف بالمقاتلين رغم الآلاف الذين قتلوا. نحن لم نتعلم من تاريخ الشعب اليهودي الذي حارب ضد الطغاة الوحشيين؛ لم نتعلم من الآية في سفر الاسماء: “عندما يعذبونه هو سيتكاثر ويندفع”. هذا ساري ايضا على شعوب اخرى.
أنا غير ساذج وادرك جيدا الاخطار التي تحدق بنا. وقد خدمت لسنوات كطبيب في سلاح المظليين وشاركت في ثلاث حروب ووصلت الى رتبة مقدم. من الواضح لي أنه يجب علينا الحفاظ على القوة العسكرية التي تردع الاعداء، وتكون مستعدة لمهاجمتهم عند الحاجة.
عندما استوطنا في ارض اسرائيل تعلمنا أن الطريقة الصحيحة ليست مكافحة البعوض، بل تجفيف المستنقعات. انهار من الدماء سفكت في الحروب مع مصر والاردن، التي اعتبرت عدوين لدودين مصممين على تدميرنا. مع ذلك وجدنا طريقة لعقد اتفاقات سلام معهما مع تقديم تنازلات مؤلمة. وكما يقولون فان “السلام يتم صنعه مع الأعداء”. المقاربة التي تعرض كل العرب كجسم واحد مؤيد لحماس هي مقاربة شعبوية، كاسحة، ضارة وسطحية. سكان غزة هم ايضا رهائن في أيدي نظام قاتل ووحشي، وهناك شهادات كثيرة على كراهيتهم لمن أنزلوا عليهم كارثة فظيعة. من الواضح أنه لا توجد أي امكانية للحوار مع جهات اصولية متطرفة، التي تعمي الكراهية عيونها. يجب علينا بذل كل الجهود من اجل ايجاد طريقة للوصول الى الجهات المعتدلة نسبيا في المجتمع العربي، ويوجد كهؤلاء، من بينهم السلطة الفلسطينية، من اجل وقف الدائرة المفرغة للعنف والرد المضاد، الذي يصب الزيت على النار. يجب علينا التخلي عن اعتبارات الثأر والكرامة الوطنية والبدء في التفكير الواقعي والعقلاني، الذي من خلاله سيتم العثور على طريقة لتقليص النزاع قبل انهائه المحتمل. هذا سيكون مرهون بتقديم تنازلات مؤلمة، في اساسها اقامة دولة فلسطينية منزوعة السلاح، التي ستكون بالتأكيد بجانب دولة اسرائيل. هذه التنازلات المؤلمة ستكون اقل فتكا بكثير من الحرب ومن سفك الدماء اللانهائي.
الالتزام بـ “النصر المطلق” على حماس هو شعار مكسور. ولا أشك بأن نتنياهو ايضا لا يؤمن به. هو يستخدمه بشكل ساخر كي يضمن بأن لا تنتهي هذه الحرب وأن يبقى في الحكم.
سفر التكوين يتحدث عن الصراع الدراماتيكي ليعقوب لليلة كاملة مع الملاك الذي نجح في اصابته. يعقوب تغلب على الملاك، وفي الفجر توجه هذا اليه وطلب أن يحرره. رد يعقوب كان “لن أحررك إلا اذا قمت بمباركتي”. هكذا، الملاك باركه. هذا هو جوهر النصر المطلق، ليس مواصلة القتل والتدمير، بل خلق الظروف التي في نهاية المطاف الخصم فيها يباركك أو على الأقل يسلم بوجودك. هذه يجب أن تكون طريقنا اذا كنا نحب الحياة.
----------------------------------------
هآرتس 26/2/2025
انفجار الاوضاع في الضفة الغربية سيضر الفلسطينيين، وكذلك الاسرائيليين
بقلم: ايتي ماك
في 21 كانون الثاني بدأت في الضفة الغربية عملية “السور الحديدي” في مخيمات اللاجئين، جنين، طولكرم ونور شمس. وزير الدفاع، يسرائيل كاتس، أكد على أن الامر لا يتعلق بنشاطات محدودة ضد التنظيمات الارهابية هناك، بل هو يتعلق بتنفيذ خطة اليمين المتطرف، اخلاء السكان من المخيمات لفترة طويلة. اليمين المتطرف وممثلوه في الحكومة وفي الكنيست يحتفلون، والوزير بتسلئيل سموتريتش اجتاز نسبة الحسم في الاستطلاعات، والوزير كاتس والجيش يقولون أنه هكذا سيدافعون عن الاسرائيليين من “الارهاب الاسلامي”.
ازاء عودة الرئيس ترامب الى البيت الابيض وضعف منظومة القانون والنظام الدولية حتى قبل ذلك، لا يبدو أنه توجد في هذه المرحلة أي جهة دولية يمكنها وضع الكوابح امام سلوك حكومة اسرائيل. ايضا على الصعيد الداخلي في اسرائيل فانه لا توجد أي جهة مهمة في المعارضة معنية بحقوق الانسان ومصير الفلسطينيين الذين اضطروا الى ترك بيوتهم بسبب نشاطات الجيش الاسرائيلي في مخيمات اللاجئين، أو في اماكن اخرى في الضفة بسبب مذابح وارهاب نشطاء اليمين.
اسرائيل تتصرف بشكل غريب، وليس فقط تجاه السكان الفلسطينيين. فاحلام اليمين المتطرف، تحويل الضفة الغربية الى غزة وجنوب لبنان، تتجاهل حقيقة أنه في برميل المواد المتفجرة الذي يحاولون تفجيره يعيش تقريبا نصف اسرائيلي، في 147 مستوطنة رسمية و236 بؤرة استيطانية ومزرعة معزولة، باستثناء شرقي القدس (حسب معطيات حركة “السلام الآن”). انتشار المستوطنات والبؤر الاستيطانية في كل ارجاء الضفة يضر بشكل كبير بالفلسطينيين، وبالقدرة ايضا على حماية من يعيشون فيها بنجاعة.
في الشباك وفي الجيش لا ينجحون في احباط كل العمليات الارهابية. فقط في يوم الخميس الماضي تفجرت عبوات في ثلاث حافلات في مدن في مركز البلاد، في اطار ما ظهر كمحاولة تنفيذ عملية متعددة الساحات. الضفة الغربية فيها الكثير من السلاح بدرجة غير مسبوقة. لذلك، تفجر برميل المواد المتفجرة هذا سيستدعي ايضا عدد لانهائي من العمليات الارهابية في الضفة الغربية وداخل اسرائيل، وفي الشباك والجيش يتوقع أن يواجهوا صعوبة كبيرة في تصفية هذا الارهاب.
في الانتفاضة الثانية ايضا لم يتم احباط عدد كبير من العمليات الارهابية، وبسبب ذلك قتل واصيب عدد كبير من الاسرائيليين. في حينه كان يعيش في الضفة الغربية فقط 228 ألف اسرائيلي فقط في 120 مستوطنة رسمية و90 بؤرة استيطانية. الامر الصادم في هذه العمليات هو قتل الفتيين يعقوب كوبي مندل ويوسف ايش بوسكيله، عندما كانا يتنزهات قرب بيتهما في تقوع. دائما حكومات اسرائيل ومعظم الجمهور الاسرائيلي اعتادوا على تجاهل تحذيرات نشطاء حقوق الانسان الذين يدافعون عن حقوق الفلسطينيين في الضفة. ايضا شاهدنا كيف أن حكومة نتنياهو ومؤيديها تجاهلوا التحذيرات المتكررة من أن اهداف الحرب في غزة متناقضة، وأنه لا يمكن اعادة جميع المخطوفين على قيد الحياة، وفي نفس الوقت شن حرب ضروس ضد حماس. الآن ايضا يبدو أن اهداف الحرب في الضفة متناقضة. فلا يمكن تفجير برميل المواد المتفجرة هناك والتسبب ببدء انتفاضة، التي ستكون اوسع ومسلحة اكثر من سابقاتها، وفي نفس الوقت تقليل المس بأرواح وحياة الاسرائيليين الذين يعيشون في داخل هذا البرميل وخارجه ايضا. يتوقع أن يحدث بالضبط العكس.
بدلا من الكذب على الجمهور الاسرائيلي يجب قول الحقيقة له. اذا تفجر برميل المواد المتفجرة في الضفة فليس فقط الفلسطينيون هم الذين سيتضررون، بل ايضا المدنيين الاسرائيليين. وسيمر وقت طويل وسيكون الكثير من الضحايا الى أن يهدأ اشتعال البرميل، ومرة اخرى سننتظر انفجاره القادم.
مثلما كان في المرات السابقة فان تفجير برميل المواد المتفجرة لن يجلب أي حل حقيقي، بل فقط سيوسع دائرة الضحايا والثأر وسفك الدماء في الطرفين.
-------------------------------------------
معاريف 26/2/2025
ترامب يعتبر إسرائيل حليف لمكافحة الإرهاب الإسلامي، واستثمارا اقتصاديا وتكنولوجيا
بقلم: يورام اتينغر
الرئيس ترامب ليس وسيطا محايدا. فهو توجهه مصلحة أمريكية ومقتنع بان إسرائيل تشكل مضاعف قوة ومضاعف دولارات مميز للولايات المتحدة – اقتصاديا، عسكريا وتكنولوجيا. ترامب يرى في الإرهاب الإسلامي تهديدا على الديمقراطيات الغربية، بما فيها الولايات المتحدة، وعلى وعي بوهن الناتو وعدم استعداد المنظمة للعمل عسكريا وسياسيا ضد الإرهاب الإسلامي. كما أنه يفهم بان مهمة ايران والاخوان المسلمين ملقاة على رقبة كل نظام عربي مؤيد لامريكا. من هنا، الاستنتاج هو أن إسرائيل هي الحليف الناجع، المصداق والأكثر تجربة للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب الإسلامي.
يتطلع ترامب لتقليص وجود الجيش الأمريكي في الشرق الأوسط. لكنه لا يتجاهل الشرق الأوسط كبؤرة مركزية للارهاب وتجارة المخدرات، وكموقع تتركز فيه 48 في المئة من احتياطات النفط في العالم. كما أن الشرق الأوسط هو أيضا مفترق مسارات تجارية حرجة بين آسيا وأوروبا الغربية وبين أوروبا، آسيا وافريقيا. الرئيس الأمريكي يرى في إسرائيل حليفا وحيدا قادرا على أن يملأ الفراغ الذي نشأ جراء تقليص التواجد العسكري الأمريكي.
ترامب، مثل معظم المصوتين والمشرعين في الولايات المتحدة، يرى في إسرائيل جزء من قوى الخير في الصراع ضد قوى الشر. وهو يفهم بان الإرهاب الإسلامي والفلسطيني توجهه ايديولوجيا متزمتة جذرية ومناهضة للغرب وبالتالي يجب هزيمتهم وعدم احتوائهم. هو يرى في غزة دولة إرهاب، سكانها يتماثلون – تربويا، دينيا، إعلاميا – مع الإرهاب. وهو واع لحقيقة أن نصر إسرائيل على الإرهاب الإسلامي هو نصر امريكي.
في اثناء ولايته الأولى ازاح ترامب من مؤسسة وزارة الخارجية عن ساحة الفعل في سياسة الخارجية والامن عقب فشلها المنهجي، ولا سيما في الشرق الأوسط. فقد نجح ترامب في تحقيق أربعة اتفاقات سلام (اتفاقات إبراهيم)، كونه عمل بخلاف فكر وزارة الخارجية الامريكية الذي يرى في المسألة الفلسطينية مركز النزاع العربي – الإسرائيلي واضطرابات الشرق الأوسط.
بخلاف الفكر متعدد الجنسيات والعالمي لوزارة الخارجية الامريكية، يعارض ترامب بلورة قاسم سياسي مشترك مع الأمم المتحدة ومنظمات دولية تعمل بمنهاجية ضد مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل. وهو متمسك في استقلالية العمل الأمني والسياسي الأمريكي بالتعاون مع حلفاء ناجعين، كاسرائيل، ويعارض اتهام سياسة الولايات المتحدة بسياسة الأمم المتحدة المعادية وأوروبا الواهنة.
ترامب يقدر قوة الردع الإسرائيلية التي جعلتها حليفا مميزا يرفع مستوى قوة الردع الامريكية. وهو يرى في إسرائيل مركز حداثة لكبرى شركات التكنولوجيا العليا الامريكية، مما يساهم في التفوق التكنولوجي لبلاده. إسرائيل في نظره هي مختبر موفر في المعارك العسكرية الأمريكية؛ ينتج لدافع الضرائب الأمريكي مليارات الدولارات كنتيجة للتوفير في نفقات البحث والتطوير، زيادة الانفاق الأمريكي وتوسيع قاعدة التشغيل الامريكية.
------------------------------------------
معاريف 26/2/2025
الحصول على صورة شاملة لملابسات كارثة 7 أكتوبر يتطلب لجنة تحقيق رسمية
بقلم: د. شاي هار تسفي
بدأ الجيش الإسرائيلي يعرض هذه الأيام أساس تحقيقاته في هجمة الإرهاب الاجرامية لحماس في 7 أكتوبر، قبل أيام معدودة من اعتزال رئيس الأركان هرتسي هليفي. وتتركز التحقيقات الجوهرية المركزية على مفهوم استعداد الجيش للتهديدات من قطاع غزة؛ على مفهوم الاستخبارات بالنسبة لحماس؛ على جملة الاحداث في الليلة بين 6 و 7 أكتوبر؛ على عمل القوات في الأيام الأولى حتى استعادة السيطرة الكاملة على بلدات الغلاف. بقدر ما هو معروف لا يفترض بالتحقيقات في هذه المرحلة أن تتضمن استنتاجات شخصية.
التحقيقات التي ستعرض هي بداية الطريق. معقول أن يكون رئيس الأركان الوافد ايال زمير مطالبا بان ينفذ تحقيقات إضافية لاستكمال الصورة العامة وفقا للنتائج الناشئة وفي كل حال سيتعين عليه أن يفحص مستقبل سلسلة من الضباط في مستويات القيادة المختلفة. يفترض بالتحقيقات أن تكون الأساس لاستخلاص الدروس وتحسين سلوك الجيش الإسرائيلي في سلسلة طويلة من المسائل الاستخبارية، العملياتية، اللوجستية وغيرها، في اعقاب انهيار ثلاثة من المداميك المركزية في مفهوم الامن لدولة إسرائيل في 7 أكتوبر – الردع، الاخطار والدفاع. وذلك أولا وقبل كل شيء لاجل الفهم العميق للأسباب التي أدت الى المفاجأة الاستراتيجية والى الإخفاقات العملياتية التي انكشفت في الساعات الأولى ما بعد هجمة حماس.
التحقيقات هي أيضا مدماك في سياقات طويلة المدى لاستعداد الجيش الإسرائيلي وبناء القوة العسكرية لمواجهة التهديدات والتحديات المستقبلية التي تقف امامها دولة إسرائيل. بطبيعة الأحوال، الحرب القادمة وميدان المعركة المستقبلي سيكونان بيقين مختلفين عما واجهه الجيش في 7 أكتوبر وتصدى لهما منذئذ.
هدف هام آخر في التحقيقات هو تعزيز ثقة الجمهور بالمنظومة العسكرية وعلى رأسها الجيش، وإزالة الشكوك في أوساط أجزاء من الجمهور، مثلما يظهر أيضا في استطلاعات مختلفة نشرت مؤخرا بالنسبة لقدرة واستعداد الجيش لاجراء تحقيقات مصداقة، ثاقبة وغير متحيزة. من المهم للحوار الذي سيجري في اعقاب نشر التحقيقات ان يكون محترما، مهنيا ويحترم الاخرين والا يستخدم للمناكفة السياسية للمحاكم العسكرية.
لا جدال في الأهمية الكبيرة لتحقيقات الجيش. الى جانب ذلك فان هذه التحقيقات، مثلما هي أيضا تحقيقات الشباك في سياق الطريق، يمكنها أن توفر صورة جزئية فقط إذ انها تتركز على الاجسام التي تحقق فيها. اما الطريق الوحيد الذي سيكون ممكنا بها الحصول على صورة واسعة، شاملة وعامة على المستوى الوطني بالنسبة للملابسات التي أدت الى الكارثة الرهيبة في 7 أكتوبر والى عمل المؤسسات، الهيئات والمنظومات المختلفة في الدولة، فهو من خلال إقامة لجنة تحقيق رسمية.
هذه هي اللجنة الوحيدة التي توجد لها حسب القانون كل الصلاحيات لان تستدعي كل شخص للادلاء بشهادته لان تحصل على كل الوثائق، التسجيلات والأدلة
المختلفة وتبلور الاستنتاجات وتصدر التوصيات في المستوى المنظوماتي والشخصي على حد سواء.
ان القدرة على الفهم العميق لما حصل واستخلاص الاستنتاجات والاعمال اللازمة من اجل التقليص الى الحد الأدنى للاحتمالات لتكرار القصورات التي انكشفت، هي عمليا الواجب الأخلاقي، القيمي والقومي تجاه كل أولئك الذين قتلوا، اختطفوا، ماتوا واصيبوا بجراح، تجاه أبناء عائلاتهم وعمليا تجاه كل مواطني دولة إسرائيل.
ان إقامة لجنة تحقيق رسمية هي أمر حيوي لاجل استعادة ثقة الجمهور بمؤسسات الدولة والتصدي الأفضل لتحديات الحاضر والمستقبل. هذا هو امر الساعة بالنسبة لدولة إسرائيل.
------------------------------------------
يديعوت احرونوت 26/2/2025
رمضان في ظل الفقر
بقلم: سمدار بيري
37 مسلسل تلفزيوني سيتصدر الشاشات الصغيرة في ارجاء العالم العربي، في مئات ملايين المنازل، مع حلول شهر الصيام رمضان المعروف كموسم ذروة للمشاهدة التلفزيونية.
مررت على مضمون كل واحد من المسلسلات الجديدة كي اكتشف بان هذه السنة لا يوجد حتى ولا واحد يعنى بإسرائيل. لا بفظائع الحرب؛ ولا يوجد على الاطلاق (حاليا) ذكر لغزة، ولا حتى مسلسلات تجسس ضد “العدو الصهوني”.
واذا كنت فوتت شيئا ما فهذا سيكون خلافا للعادة الثابتة، شهر رمضان بدون إسرائيل على الشاشة الصغيرة. بالطبع يمكن دوما امتشاق مفاجأة سيئة في اللحظة الأخيرة. بعض المسلسلات جاهزة للبث مع 30 حلقة، حلقة جديدة كل مساء وبث معاد في ظهر الغداة؛ وقسم إضافي فقط مع 15 حلقة للمسلسل، بسبب ميزانيات الإنتاج العالية.
مع حلول رمضان تتطلع العيون الى مدينتين: غزة أولا وقبل كل شيء، وبعدها فورا المسجد الأقصى في القدس. في المكانين قد تثور مشاكل كبرى. شرطة إسرائيل وزعت منذ الان مناشير تدعون السماح للمسلمين بالصلاة بلا عراقيل، وعيون الشرطة التي ستتركز على الحرم مفتوحة على مصراعيها. سهل جدا تخيل ماذا سيحصل اذا ما نشأت مواجهة بين شرطة إسرائيليين ومصلين مسلمين او في حالة محاولة رجال حركة يمين حجيج بالقوة وخرق النظام.
أصدقائي وصديقاتي في العالم العربي ممن هنأتهم “رمضان كريم” مقتنعون بان شهر الصيام لن يمر بدون مشاكل مع إسرائيل. عندنا أيضا يستعدون.
سيكون هذا صيام رمضان بدون موائد الرحمن، تلك الموائد بطول مئات الأمتار التي تمد في مراكز المدن الكبرى وعليها طعام الإفطار. رئيس تركيا، اردوغان أمر بإلغاء الموائد والتبرع بالوجبات لسكان غزة. الأردن ومصر هما أيضا سيحولان الى القطاع شاحنات طعام ووجبات جاهزة. امارات الخليج تعهدت بتزويد مواطني القطاع واطفالهم بالفضائل التي يتميز بها رمضان الى جانب الملابس الجديدة والألعاب للأطفال حسب التقاليد.
اذا ما القينا نظرة الى 22 دولة في العالم العربي، بعضها يحكمها ملوك، رؤساء ومعظمها دكتاتوريات. شهر صيام رمضان هذه السنة سيتميز بالفقر المدقع. من لبنان عبر سوريا، مصر، الأردن، تونس، العراق ودول إسلامية في افريقيا. حتى الجمهورية الكبرى لإيران تعيش في فقر عظيم.
فضلا عن طبقة الحكام، رجال الاعمال الأثرياء ومن تصل رواتبهم من دول اجنبية، الطبقة الوسطى في العالم العربي كادت تختفي. مكانها حلت دفعة واحدة طبقتان يتفجر سكانها باعدادهم: طبقة الفقر، ودونها طبقة العوز. من اعال عائلته المتفرعة بصعوبة فقد هذه السنة وظيفته. من عمل على نحو ثابت فقد الوظيفة اضطر لان يتنافس (أساسا في الأردن) مع مهاجرين من سوريا، العراق، لبنان ومصر. من انتقل من القرية الى المدينة (في مصر)، مع الحلم لان يكسب أكثر ويعيش حياة متقدمة يضطر الان لان يعود على اعقابه. في القرى مستوى المعيشة اكثر راحة وبساطة. لكن لا ننسى، مستوى الجهل عالٍ.
في مصر، كبرى الدول العربية ستدشن هذه السنة لأول مرة أسواق “اهل رمضان” التي تعرض فيها اللحوم، الطيور، الدقيق، السكر، الأرز، الفواكه والخضار. مراقبو الحكومة سيتجولون بين البسطات كي يتأكدوا من أن التجار لا يحاولون رفع الأسعار التي تقررت بتنزيلات تتراوح بين 60 و 70 في المئة.
منذ الان، قبل يومين من بدء الصيام، يحرص المذيعون ومقدمو البرامج في التلفزيون، في الإذاعة ووسائل الاعلام المكتوبة من الصباح حتى المساء على التشديد بانه ممنوع الاكل اكثر مما ينبغي في شهر الصيام. هل يُسمع هذا مشوشا؟ افحصوا لدى الصائمين الذين يرتفعون في الوزن 3 – 4 كيلو غرام على الأقل في شهر رمضان.
في الوزارات الحكومية في ارجاء العالم العربي ينظمون يوم عمل مريح بين التاسعة صباحا والثانية بعد الظهر فقط. أزمة حركة السير تبدو ملموسة منذ الان في الشوارع حين يسارع الناس للوصول الى الإفطار في السادسة مساء. وبعدها، في حضن العائلة الموسعة يجلسون لمشاهدة مسلسلات التلفزيون – التي لن تذكر إسرائيل فيها أغلب الظن هذه السنة.
-------------------------------------------
إسرائيل اليوم 26/2/2025
في “صورة مفزعة .. الاقتصاد الإسرائيلي يفقد عجلة نمو الذكاء الاصطناعي: لا دولة دون “إنتل”
بقلم: نيتسان كوهن
فقدَ سهم “إنتل” أمس في أثناء التداول في “وول ستريت” أكثر من 5 في المئة من قيمته، وبذلك هو يكمل انخفاضاً بنحو 50 في المئة في السنة الأخيرة. هذه ليست أنباء طيبة للاقتصاد الإسرائيلي الذي يفقد قاطرة نموه في السنوات الأخيرة.
التكنولوجيا العليا هي قاطرة نمو الاقتصاد الإسرائيلي. هذه هي إحدى المسلمات الأهم في إسرائيل والعالم، و”إنتل” محرك مهم لتلك القاطرة. كل هذا يعيش اضطراباً الآن. ثمة صورة مفزعة تبرز من أحاديث مع رجال في صناعة التكنولوجيا العليا: إسرائيل ليست جاهزة لثورة الذكاء الاصطناعي، وقصة “إنتل” التي يتركز عليها كل اهتمام التكنولوجيا الإسرائيلية قد تكون هي القصة.
لفهم مكانة “إنتل” في الاقتصاد الإسرائيلي، علينا النظر إلى الأرقام. في العام 2022 الذي شهد ذروة عمل “إنتل”، صدرت إسرائيل إلى الخارج منتجات وخدمات بمقدار 9 مليار دولار شكلت في حينه 5.5 في المئة من عموم تصدير التكنولوجيا العليا الإسرائيلي، وهذا كثير.
مراقب الدولة يحذر
“يجدر بالذكر أن قصة إنتل أكبر بكثير من قصة التصدير المبهرة. “إنتل” تغذي غير قليل من الإسرائيليين في الدوائر الأولى والثانية والثالثة لمعطيات الخدمات، والموردين، وهكذا دواليك. لقد علمت “إنتل” الإسرائيليين كيف تعمل شركة أمريكية دولية، وكيف تفكر بالمقاييس اللازمة لتصبح لاعباً مهماً في العالم. وبالفعل، خريجو “إنتل” مفتخرون في كل عوالم التكنولوجيا المحلية. لقد فوتت إسرائيل فرصة تنوع تعلقها بمصادر غير “إنتل”، وعليه فإن مخاطرة “إنتل” هي مخاطرة إسرائيل”، يقول حن هرتسوغ، من شركة الاتصالات BDO.
منذ زمن بعيد، نشر مراقب الدولة تقريراً أشار فيه إلى انعدام استعداد إسرائيل لثورة الذكاء الاصطناعي. معنى عدم الاستعداد هذا، يبين حرجاً للاقتصاد الإسرائيلي. مراقب الدولة وجد أن لجنة في وزارة الحداثة قررت في العام 2023 بوجود حاجة عاجلة لتمويل عالم الذكاء الاصطناعي بمبلغ 5 مليار شيكل، وذلك من أجل إنتاج نوع من المجال يقلل تعلق الاقتصاد الاسرائيلي بـ “إنتل”. ووجد المراقب أن ملياراً واحداً فقط خصص من أصل 5 مليار شيكل، ولم يتحقق من هذا المليار إلا 400 مليون شيكل فقط.
يفوتون الثورات
في العام 2023 كان موضوع الذكاء الاصطناعي في مهده، وكان يمكن خلق هذا المجال الاقتصادي، بحيث إذا ما نضجت التكنولوجيا يكون هذا متصدراً للمجال، لكن هذا لم يحصل، وهو ما يبدو واضحاً أيضاً في ترتيب إسرائيل في المدرجات الدولية. فمثلاً، وجد جدول أوكسفورد أن إسرائيل تدهورت من المرتبة 35 إلى المرتبة 68 من بين 193 دولة في قدرة استيعاب وتصدر عوالم الذكاء الاصطناعي، أو الأدق ما وجد تعبيره في “استعداد الدولة” بين الأعوام 2020 – 2023.
مهما يكن من أمر، فوتت “إنتل” ثورة الخلوي، وفوت الاقتصاد الإسرائيلي معها تلك الثورة إياها. والآن، تتخذ “إنتل” خطوات أخيرة لملاحقة الوتيرة في عوالم الذكاء الاصطناعي، وإسرائيل كدولة وكاقتصاد تتدهور معها. توجد “إنتل” -على الأقل حسب منشورات مختلفة في الولايات المتحدة- كوحدة واحدة أو كأجزاء قبيل البيع، وهذا يبقي إسرائيل دون واحدة من المقطورات الهامة في الاقتصاد المحلي؛ إذ ليس واضحاً ما الذي سيرغب فيه المشتري الجديد، وأين سيرغب في تحديد مكان المشاريع الجديدة، وكذا دواليك. لم يفكر أحد تصل “إنتل” إلى نهاية طريقها – ستبقى، لكن يبدو أن إسرائيل الآن فوتت ثورة الذكاء الاصطناعي، ما يجسد ضربة غير بسيطة للاقتصاد المحلي في سياق الطريق.
-------------------------------------------
هآرتس 26/2/2025
كيف أصبحت السعودية “عاصمة القرارات العالمية” في عهد ترامب؟
بقلم: فيفيان يي وإسماعيل نعار
السعودية الغنية بالنفط والتي لها تأثير إقليمي كبير، كانت مفيدة جداً إلى درجة لم تتمكن إدارة بايدن من الابتعاد عنها لفترة طويلة. الآن، بعد بضعة أسابيع على بدء ولاية ترامب الثانية، الذي طور علاقات دافئة مع السعودية في ولايته الأولى، بدأت أسهم السعودية ترتفع. هذا رغم أن نهج الرئيس تجاه المنطقة لا يروق للسعوديين دائماً.
العاصمة الرياض، استضافت الأسبوع الماضي قمتين عربيتين مهمتين للدبلوماسية العربية. الجمعة، اجتمع فيها زعماء الدول العربية لإعداد اقتراح يهدف إلى إقناع ترامب بعدم طرد مليوني غزي إلى دول عربية وتحويل القطاع إلى نوع من “ريفييرا الشرق الأوسط”.
قبل ذلك، التقت في العاصمة السعودية شخصيات رفيعة، أمريكية وروسية، لإجراء محادثات حول إنهاء الحرب في أوكرانيا. نزل الوفد الروسي في فندق “ريتس كارلتون”، وهو المكان الذي حبس فيه الحاكم الفعلي للسعودية ولي العهد محمد بن سلمان، مئات رجال الأعمال وبعض أبناء العائلة المالكة في محاولة مسبقة لترسيخ قوته. ادعت السعودية الرسمية في حينه بأن الأمر يتعلق بخطوة ضد الفساد. أما الآن، فقد أظهرت السعودية وجهاً مختلفاً كلياً، وقائمة طعام تشمل -حسب تقارير التلفزيون الروسي- مأكولات عربية وغربية (المحار، القريدس والسلمون، والكنافة). “دولة سلام”، كان هذا الشعار الذي رافق المنشورات التي تناولت المحادثات في الحسابات الحكومية. في أماكن أخرى، تمت تسمية المملكة في هاشتاغ “عاصمة القرارات العالمية”.
في لقائه مع مبعوثي ترامب إلى الرياض، قال بن سلمان: “سنكون مسرورين جداً من التعاون معكم ومع الرئيس ترامب وإدارته. أؤمن أننا نستطيع تحقيق أمور إيجابية من أجل السعودية ودول كثيرة في أرجاء العالم”. في الأسبوع الماضي، ألقى ترامب خطاباً في قمة الاستثمارات في ميامي بيتش، التي استضافها صندوق الثروة السيادية للسعودية. وأثنى في خطابه على دور الرياض في المحادثات بين روسيا والولايات المتحدة.
انتظرت السعودية أحداث الأسبوع الماضي بصبر. الزعماء التقليديون في العالم العربي، ومن بينهم الرئيس المصري والرئيس العراقي والرئيس السوري، ضعفوا بعد سنوات من عدم الاستقرار الداخلي. في ظل ولي العهد محمد بن سلمان، استغلت السعودية أهميتها وثروتها ومكانتها كحامية لعدد من الأماكن الإسلامية المقدسة لملء الفراغ. “الدبلوماسية المغطاة إعلامياً تستخدم لإظهار نفوذ المملكة العالمي وقيادتها الإقليمية”، قال حسن الحسن، وهو زميل بارز للشؤون السياسية في الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية. وقد أشار إلى أن ضعف النفوذ الأمريكي في الساحة الدولية يسمح “للاعبين نشطين”، مثل السعودية، بتعزيز نفوذهم.
المحللون، ومن بينهم مقربون من البلاط الملكي، قالوا إن السعودية تمكنت من تطوير علاقاتها مع جهات خارج الولايات المتحدة في فترة التوتر مع إدارة بايدن، الأمر الذي عمل في صالحها في المحادثات بين أمريكا وروسيا الأسبوع الماضي.
في السنوات الأخيرة، أقامت السعودية علاقات اقتصادية مع الصين وامتنعت عن التماهي مع أحد الطرفين في المواجهة بين روسيا وأوكرانيا. هذه الحيادية مكنتها من التوسط في تبادل الأسرى بين الدولتين وتبادل الأسرى بين روسيا والولايات المتحدة، وأيضاً استضافة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. في الأسبوع الماضي، بالمناسبة، ألغى زيلينسكي زيارته المخطط لها إلى السعودية بعد أن تم إبعاده عن المحادثات بين أمريكا وروسيا حول الحرب.
ورسخت السعودية نفسها أيضاً كـ “الجائزة الكبرى” لإسرائيل إذا تم تحقيق التطبيع بين إسرائيل وجيرانها العرب، الأمر الذي يعطي السعودية الرافعة للتوصل إلى حلف دفاع مع أمريكا. السعوديون يربطون الموافقة بموافقة إسرائيل على الدولة الفلسطينية – الحلم الذي لم يتنازل معظم العالم العربي عنه ذات يوم. المحادثات المتواصلة مع الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل التطبيع، التي تشمل التطلع إلى مساعدة في تمويل إعادة إعمار القطاع، جعلت السعودية خياراً طبيعياً للمؤتمر الذي شاركت فيه مصر والأردن والإمارات وقطر، الذي عقد الجمعة الماضي.
“الصفقة الكبيرة” المخطط لها بين السعودية وإسرائيل والولايات المتحدة، اقترحتها إدارة جو بايدن في البداية، الذي اعتبر الاتفاق فرصة، اختار ترامب السعودية في ولايته الأولى لتكون أول دولة يزورها، وهي الزيارة التي رفعت السعودية إلى مكانة صديقة موثوقة وشريكة في الشؤون الدولية.
“ترامب يعتبر السعودية زعيمة العالم العربي”، قال حسين إيبش، وهو زميل في “معهد سياسات الخليج العربي” في واشنطن. أرادت السعودية التعامل معها هكذا، وفي فترة إدارة ترامب يتعاملون كذلك
حسب أقوال ترامب، اختيرت السعودية لتكون المكان الذي يعقد فيه اللقاء المحتمل الأول مع بوتين منذ عودته إلى البيت الأبيض، بسبب علاقة الزعيمين مع ولي العهد السعودي. مع ذلك، عودة ترامب إلى البيت الأبيض تعرض للخطر عملية مهمة جداً لبن سلمان، وهي التوصل إلى حلف دفاع مع الولايات المتحدة ومساعدتها في تطوير المشروع النووي المدني مقابل التطبيع مع إسرائيل.
يقول الخبراء إن طرد الفلسطينيين من غزة، كما يقترح ترامب، لن يكون جريمة حرب وخرقاً للقانون الدولي فقط، بل سيمحو أي أمل لإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضي الفلسطينية. للفلسطينيين تأييد كبير جداً في أوساط الشعب السعودي، وأظهر الأمير محمد بن سلمان أنه لن يعمل ضد طموحات شعبه. لذلك، أعلنت الحكومة في الرياض، رداً على اقتراح ترامب، أنها لن تطبع علاقاتها مع إسرائيل ما لم تقم دولة فلسطينية. هذا الشرط المسبق الذي صممت عليه السعودية في السنة الماضية، “غير خاضع للتفاوض، ولا تنازل عنه”، قيل هذا الشهر في بيان وزارة الخارجية السعودية.
-------------------------------------------
هآرتس 26/2/2025
عار إسرائيلي بمؤشر ترامب: نحن مع روسيا ضد أوكرانيا.. وساعر “الجبان”: نعم للسلام
بقلم: أسرة التحرير
سجلت دولة إسرائيل هذا الأسبوع دركاً أسفل جديداً حين قررت إدارة ظهرها لأوكرانيا، والوقوف إلى جانب فلاديمير بوتين وفك ارتباطها عن الاتحاد الأوروبي وعن معظم العالم الحر. عملياً، قررت ربط نفسها بالرئيس الأمريكي ترامب، مهما كانت سياسته.
أقرت الجمعية العمومية للأمم المتحدة، أول أمس، مشروع قرار أوكرانيا بمناسبة ثلاث سنوات على بدء الحرب، يندد بغزو روسيا لأراضيها ويدعو إلى الانسحاب من كل المناطق التي احتلت. لأول مرة منذ بداية الحرب، صوتت الولايات المتحدة – التي كانت في عهد إدارة بايدن الداعم الأول لأوكرانيا – ضد القرار ووضعت نفسها إلى جانب الروس. لشدة العار، اتبعت إسرائيل الولايات المتحدة وسارت وراءها بعيون مفتوحة إلى الجانب غير الصحيح من التاريخ.
93 دولة أيدت مشروع القرار وبينها تقريباً كل دول الاتحاد الأوروبي. وامتنعت عن التصويت 65 (وبينها الصين وإيران). 18 دولة فقط صوتت ضد مشروع قرار أوكرانيا. فضلاً عن الولايات المتحدة-ترامب وروسيا-بوتين، قد نجد في النادي أصدقاء جدداً لإسرائيل من الآن فصاعداً بمن فيهم كوريا الشمالية وروسيا البيضاء، وبوركينا فاسو، وبورندي، وجمهورية وسط إفريقيا، وغينيا الاستوائية، وأريتريا، ومالي، وجزر مارشال، ونيكاراغوا، والنيجر، والسودان، وبالطبع هنغاريا. “قل لي من صديقك أقل لك من أنتَ”، ولعل الوقت حان لنسأل: من هي إسرائيل؟
شرحت وزارة الخارجية برئاسة الجبان جدعون ساعر، أن “إسرائيل تعتقد بأن من الأهمية بمكان دعم الجهد الأمريكي الرامي إلى تحقيق تقدم في المحاولات للوصول إلى إنهاء الحرب وحل النزاع بالطرق السلمية. وقد يفرح بوتين بأن يجلس في وزارة الخارجية في إسرائيل شخص ذو قدرة على التكيف مع روح الزمن.
حتى هنا سارت إسرائيل على مدى ثلاث سنوات على حبل رفيع في تعقيبها على غزو روسيا لأوكرانيا. ليس لوجود ما نتباهى به في هذا الموقف الجبان، ومع ذلك لم تقف إسرائيل حتى الآن ولو مرة واحدة إلى جانب روسيا مقابل أوكرانيا. لا يهم كيف نفحص هذا، فالحديث يدور عن إفلاس أخلاقي، وعن رهان جغرافي سياسي سائب. إذا كان ثمة شيء ما مؤكد لدى ترامب، فهو تقلبه. فلمن ستتوجه إسرائيل إذا ما أدار ترامب ظهره لها؟ وماذا سيحدث بعد أربع سنوات، عندما يغادر البيت الأبيض؟
حكومة إسرائيل لا بد ستشرح الخطوة بمصالح إقليمية وبأهمية الحلف مع الولايات المتحدة الذي بالتأكيد لا ينبغي الاستخفاف به، فما بالك في زمن حرب لا يزال فيها عشرات الإسرائيليين مخطوفين في أسر حماس بغزة. لكن ليس في هذا ما يبرر خطوة معيبة بهذا القدر. ثمة خطوط حمراء محظور اجتيازها، وإسرائيل اجتازت واحداً آخر كهذا.
-----------------انتهت النشرة-----------------