الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاربعاء 16/4/2025 العدد 1284

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

هآرتس 16/4/2025

 

 

شكرا لرجل الشباك الذي قام بالتسريب، بفضله عرف مواطنو اسرائيل التهديد الذي يحدق بالنظام

 

 

بقلم: تسفي برئيل

 

تابوت العهد تم تدنيسه. رجل الشباك من الاحتياط مزق الستارة التي اخفت “اسرار الدولة”، وسرب، كما يبدو الوزير عميحاي شيكلي والمراسلين، معلومات سرية متعلقة بتحقيقات الشباك في دخول جهات كهانية الى الشرطة، وتحقيق الشباك في اعقاب احداث 7 اكتوبر. في هذه الاثناء، الى حين أن يتقرر اذا كانت ارتكبت أي جريمة، فان العاصفة الديماغوجية المليئة بالاوساخ تعطي افضلية ضرورية للمشاهدين الذين اصابهم الملل. في نهاية المطاف الى أي مستوى يمكن الاستمرار في طحن “خطة ويتكوف” أو “اقتراح حماس” أو “الخطوط الحمراء لبيبي” أو “ملحمة المشروع النووي الايراني”؟. اخيرا يوجد شيء نحرف انتباهنا اليه، القليل من الهواء النقي لحلبة الملاكمة المليئة بالعرق.

لكن حرف الانتباه الحقيقي والمقلق، الذي يظهر في هذه القصة الغضة،  المفهوم المضلل واحيانا الكاذب، هو “المس باضرار الدولة”. التحقيق في اختراق جهات كهانية للشرطة أو مكاتب الحكومة لا يعتبر من اسرار الدولة ولا يجب أن يكون، كان يجب أن يكون على رؤوس الاشهاد. كان يجدر برئيس الشباك نفسه، وليس بمسربين لديهم “مشاعر العدل”، تحذير مواطني اسرائيل بأن هناك خوف من أن “جهات كهانية”، أي ارهابيين كتعريفهم في القانون، تعمل مثل الخنجر المشحوذ في صلب نظام انفاذ القانون.

مثلما توجد اهمية عليا امنية ورادعة في أن يعرف الجمهور بأنه يتم التحقيق مع مواطنين اسرائيليين يساعدون ايران، أو اجراء تحقيق في اختراق قطر لاعماق الحوض الذي يسبح فيه رئيس الحكومة، ايضا يحق للجمهور معرفة التهديد الذي تواجهه الديمقراطية في اسرائيل، الذي يتحمل جهاز الشباك المسؤولية عن حمايتها. وعدم نشر هذه التهديدات باعتبارها اسرار دولة، يعتبر انتهاك اساسي ليس فقط لحق الجمهور في أن يعرف، بل ايضا حقه في الدفاع عن نفسه والاستعداد لانهيار النظام.

الاكثر خطرا من ذلك هو أن الاخفاء عمل مثل السهم المرتد، والنتيجة اصبحت معروفة. في هذه الاثناء الشباك هو الذي يعتبر خائن يعمل على تقويض اسس الديمقراطية، ومهرجان الكهانية يواصل بسرور طريقه الى تحطيم الجهاز الذي يمكن أن يحمينا منه. الآن ليس فقط مصير “القسم اليهودي” في الشباك على كفة الميزان، ايضا هدف التنظيم كحامي للديمقراطية يمكن أن يتبخر.

الضرر الاكثر شدة لثقافة “اسرار الدولة”، الذي يلف الشباك مثل الردع الواقي الذي لا يمكن اختراقه تقريبا، يكمن في التوسيع غير المحتمل للمفهوم نفسه. ما الذي عرفه الشباك عن نوايا حماس وتقديره حول الاموال القطرية؟ ما هي شروط الولاء الشخصي التي فرضها نتنياهو على رئيس الجهاز، وما الذي طلبه من رؤساء الشباك السابقين؟ ما هو مستوى التهديد للانقلاب النظامي وما هو مستوى عمق تغلغل العناصر الارهابية المعروفة بالكهانية في مؤسسات الدولة؟. لا يمكن دفن أي شيء من ذلك تحت سور “اسرار الدولة”.

الهيكلية المقدسة التي تملي على رئيس الشباك ورؤساء المستوى الامني بشكل عام واجب الخضوع للحكومة، تلزم بالطاعة، لكن لا تعفي من واجب تحذير الجمهور في الوقت الحقيقي، بشكل مباشر وليس من خلال التسريب أو مقابلات فيها اعتذار عن الخطأ بعد انهاء الخدمة. مواطنو الدولة الذين يحظون بمنظومة تحذير متقدمة تعرف كيفية التحذير من اختراق صاروخ من اليمن، لم يحصلوا على هذه الخدمة الحيوية من رئيس الشباك. ليس فقط قبل مذبحة 7 اكتوبر، بل ايضا عندما حلقت تهديدات فورية على طبيعة الدولة وتواصل التحليق فوق رؤوسهم. هذا التهديد ربما تم عرضه على رئيس الحكومة، لكن هو نفسه الذي اوجده.

“رجل الشباك الذي قام بالتسريب، والذي ربما سيتم تقديمه للمحاكمة على ما سيعتبر “مس بأمن الدولة” يستحق الآن الشكر من الجمهور، ليس بسبب ما اغدقته عليه عصابة الجريمة التي تسمى حكومة اسرائيل ومساعديها، بل بسبب اختراق “اسرار الدولة”، الذي بفضله عرف مواطنو اسرائيل التهديد الذي يحدق باسس النظام.

 

 

-------------------------------------------

إسرائيل اليوم 16/4/2025

 

 

نتنياهو مستعد ان يذهب بعيدا في حربه ضد الشباك ورئيسه

 

 

بقلم: يوآف ليمور

 

 

القصة بسيطة: عامل شباك سابق اعتزل وجند للاحتياط يقرر ان يأخذ القانون في يديه، يخرج وثائق من حواسيب الجهاز وينشرها كما يرى مناسبا. في احدى المرات، حسب الاشتباه، لوزير في الحكومة، ومرتين على الأقل لصحافيين.                               

 

 

المشكلة ليست مع الصحافيين، فالصحافة تعيش على التسريبات ولا يفترض بها أن تفحص دوافع المسربين. من واجب الصحافي ان يفحص مصداقية القصة وبالطبع ان يجتاز عائق الرقابة العسكرية في حالة نشر معلومات تتعلق بامن الدولة. من اللحظة التي يجتاز فيها النشر هذين العائقين، يكون الاختبار الوحيد هو الاهتمام الجماهيري.

 

 

حكم مسرب مختلف. فقانون الشباك يقضي صراحة في المادة 19 (3 ب 2) بان “عاملا في الجهاز وكذا من يعمل بتكليف من الجهاز، في الماضي او الحاضر، اذا كان كشف أ و نشر معلومات سرية دون إذن حسب هذه المادة فحكمه السجن لخمس سنوات”. اقوال محامي أ المشبوه بالتسريب هي أنه تأكد من أن أمن الدولة لن يتضرر، لا تقدم ولا تؤخر في هذا الشأن. فالقانون يتحدث عن اخراج معلومات بهذا الشكل و أ ليس الرقيب بل موظف استغل حسب الاشتباه قدرته على الوصول الى المعلومات كي ينشرها دون إذن لدوافع غريبة.

 

 

هذه ليست المرة الأولى التي تتسرب فيها في اثناء الحرب معلومات سرية الى وسائل الاعلام. الحالة السابقة كانت قضية سرقة الوثائق السرية من الجيش والتي وجدت احداها طريقها الى “بيلد” الألمانية. في حينه مثلما هو اليوم المستفيدون من النشر هم الحكومة ورئيسها. يمكن التساؤل لماذا تم سرقة المعلومات الحساسة ونشرها بالذات من اليمين، لكن جدير أكثر التساؤل لماذا يسارع الوزراء والنواب للدفاع عمن يتجاوز صراحة القانون.

 

 

الادعاء المركزي الذي ذكر أمس ضد التحقيق هو الانفاذ الانتقائي – أي أنه يحقق فقط بالتسريبات من جهة واحدة.  هذا لا يصمد في اختبار الواقع: فقد افاد الشباك امس بانه منذ بداية الحرب فتح اكثر من 20 تحقيقا على التسريبات، وواحدة من عاملي الجهاز قدمت الى المحاكمة. ومؤخرا أيضا استدعي للتحقيق النائب جلعاد كريف للاشتباه بالتسريب ورئيس الشباك نداف ارغمان أيضا استدعي للتحقيق لانه هدد بنشر معلومات حساسة. من دعا أمس الى التحقيق معهم باسم أمن الدولة يطرح اليوم حجة معاكسة باسم الدولة العميقة الوهمية.

 

 

نتنياهو هو الاخر اعترف الأسبوع الماضي بتسريبات معلومات سرية من الكابنت في محاولة للدفاع عن مستشاره ومقربه يونتان اوريخ. وأمس أشرك رئيس الوزراء الاخرين بتغريدة للنائب حانوخ ميلبسكي الذي طالب بالتحقيق مع رونين بار. هذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها نتنياهو ومحيطه الشباك وبار، والسياق واضح: تحقيق قطر غيت الذي الاشتباهات في هذه القضية هي الأخطر في محيط رئيس الوزراء الحالي.

 

 

نتنياهو مستعد لان يسير شوطا بعيدا باسم حربه ضد الشباك ورئيسه بما في ذلك تبييض شبهات لمخالفات جنائية. ولما كان تسريب المعلومات الأمنية السرية تعد من ناحيته موضوع شرعيا، فعندي له اقتراح: ان ينشر مؤيدوه كل معلومة كفيلة بان تساعده وتنشر بالمقابل أيضا كل معلومة أخرى – مثل المعلومات التي لدى رجال وحدة حراسة الشخصيات عن سلوكه وسلوك عائلته والمعلومات التي لدى رجال الموساد عن تمت وجرى الحديث فيها برحلاته السرية.

 

 

هذا لن يحصل بالطبع ابدا، وخير أن هكذا. معظم من ينشغلون بامن الدولة يفهمون بأنهم يحمون بذلك امن الدولة. خسارة ان الحكومة ورئيسها لا يفهمون مسؤوليتهم هذه والغوا أمس بحثا امنيا هاما في فرقة غزة. إذ مع كل الاحترام للمخطوفين وللحرب المعركة الهامة حقا من ناحيتهم هي ضد رونين بار.

 

 

 ------------------------------------------

إسرائيل اليوم 16/4/2025

 

 

أمريكا لا تسارع الى التورط في الشرق الاوسط

 

 

بقلم: أرئيل كهانا

 

 

اقوال مقلقة قالها ليلة الثلاثاء المبعوث الامريكي ستيف ويتكوف بالنسبة للمحادثات بينه وبين مندوبي ايران على برنامجها النووي. ففي الأسبوع الماضي فقط شرح مندوبو إدارة ترامب بان الولايات المتحدة ستطلب من ايران تفكيك البنية التحتية النووية، صواريخها وتسلحها. كما أن أمريكا ستوضح لإيران بانه انتهى نظام نشر الإرهاب في العالم من خلال منظمات مرعية.

 

 

في اللقاء العاجل بين ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض يوم الاثنين الماضي كان الانطباع بان الرئيس وفريقه يتبنون “النموذج الليبي” الذي عرضه نتنياهو. في اطار هذا النموذج تنازل معمر القذافي طوعا عن النووي الليبي وقد فكك هذا وكأنه لم يكن.

 

 

غير أنه بالنسبة لإزالة الخطر الإيراني بشكل حاد وواضح، قال ويتكوف لشبكة “فوكس” أمورا أخرى تماما. “الحديث مع الإيرانيين تركز في نقطتين حرجتين: الأولى – التخصيب. فهم لا يحتاجون للتخصيب الى اكثر من 3.67 في المئة. في بعض الحالات هم يخصبون بـ 60 في المئة، في حالات أخرى بـ 20 في المئة. لكن هذا متعذر. ولا حاجة لبرنامج نووي مدني يخصب فوق مستوى 3.67 في المئة”. إضافة الى ذلك، بدلا من نزع قدرات الإنتاج عن ايران أضاف ويتكوف بان هدف الاتفاق سيكون “بالأساس تأكيد خطة التخصيب، وتأكيد السلاح. ويتضمن هذا الصواريخ، أنواع الصواريخ التي تجمعت هناك والالية لتفعيل القنبلة”. بكلمات أخرى، عرض ويتكوف خطوطا أساسية تشبه جدا الاتفاق النووي لاوباما في 2015 وهذا كما يذكر، هو الاتفاق الذي انسحب منه ترامب في 2018.

 

 

لماذا يقلقنا هذا؟

 

 

حافظت إسرائيل الرسمية على الصمت، في ضوء ما بدا كتراجع امريكي كبير عن المواقف الأولية التي طرحت حتى قبل أسبوع. الوحيد في البلاد الذي انتقد هذه الاقوال هو رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت، حين عقب على تصريحات ويتكوف دون أن يذكر اسمه قائلا “سيكون تفويتا لفرصة تاريخية السماح لإيران اعادة تنظيم نفسها لتهدد مرة أخرى الولايات المتحدة، إسرائيل وباقي العالم”.

 

 

لكن من خلف الكواليس، في واشنطن وفي القدس على حد سواء، كل من يعالج مسألة ايران تعجبوا. وقد فعل النقد على ما يبدو فعله، وفي ساعة الصباح في الولايات المتحدة غرد ويتكوف بايضاح في شبكة: “ايران ملزمة بان توقف وتلغي برنامج التخصيب وبرنامج التسلح لديها”، كتب رجل سر ترامب.

 

 

التغريدة الإصلاحية لويتكوف يمكنها ظاهرا ان تهديء القلق في القدس. فالادارة الامريكية مرة أخرى تفكر مثلما بنفس الطريقة. ومع ذلك، ليس مهما ما هو التفسير للتصريح الاشكالي للمبعوث، الحقيقة هي أنه بهرائه قدم للايرانيين تنازلات هائلة. فلماذا يقلقنا هذا؟ لان المعنى للمدى البعيد هو أنه وان كان ترامب ورجاله يؤيدوننا تأييدا مطلقا، لكن قد تنشأ وضعية يتخذون فيها مواقف غير صحيحة باتصالاتهم مع الإيرانيين. وعليه فان إسرائيل ملزمة بان تبقى على أهبة الاستعداد.

 

 

ويوجد سبب آخر لاجله نحتاج لان نفتح العيون: ترامب ومعظم مستشاريه يفهمون جيدا الخطر المحدق من ايران. فاول امس فقط قال الرئيس: اذا كانوا سيحوزون السلاح النووي فاننا سنستخدم القوة.  ولن نفعل هذا من اجل أمريكا بل من اجل العالم.  غير أنه في محيط ترامب ويبدو ايضا أن في رأسه هو تسمع أصوات تتعارض مع كيفية التصرف عمليا. هناك من يؤيدون العمل لكن أيضا من لا يريدون ادخال الرأس في نزاع آخر في الشرق الاوسط. من ناحيتهم فان اتفاقا يؤجل النهاية لعدة سنوات هو أمر يمكن التعايش معه.

 

 

في مقابل هاتين الامكانيتين اللتين تحاولات فهم كيف سيتصرف ترامب يحتمل طريق ثالث – وهو يعيد الكرة الينا. لقد اثبت ترامب في كل سنواته التزاما مطلقا بامن إسرائيل. هذا يعني أنه في كل لحظة زمنية يمكن لنتنياهو أن يقول لترامب: “سيدي الرئيس، إسرائيل تحترمك، بالطبع – لكن في المكان الذي وصلت اليه الأمور نحن ملزمن بالعمل”.

قد لا يحب الرئيس ما لدى نتنياهو ليقوله. لكنه أيضا لن يوقفه. او مثلما قال بن غوريون الذي في طريقه سار بيغن مع قصف المفاعل العراقي وأولمرت مع قصف المفاعل السوري: لا يهم ما يقوله الاغيار، المهم ما يفعله اليهود.

-------------------------------------------

 

هآرتس 16/4/2025

 

الشباك في عهد نتنياهو: عملاء يتجسسون ويوشون الواحد على الاخر

 

 

بقلم: رفيت هيخت

 

المعركة على السيطرة على جهاز الامن في اسرائيل تتفاقم وتقترب من الانفجار. اذا كان الطرفان  – حكومة نتنياهو وحراس العتبة – انخرطا في نقاش محموم بشكل خاص في المحكمة العليا في الاسبوع الماضي، فان المعركة على “القضية الجديدة” وصلت الآن الى وسائل الاعلام.

في مركز القضية يوجد رجل من الشباك بمستوى متوسط، الذي سرب معلومات سرية بدون صلاحية أو اذن، لوزير في الحكومة ومراسلين من مؤيدي اليمين. هدف عمله كان احراج رئيس الشباك وأن ينسب له دافع سيء في قرار فتح تحقيق بسبب الاشتباه باختراق الكهانية للشرطة (ليس بالضبط الاشتباه المدحوض بالوزير المسؤول)، وايضا نشر نتائج مختلفة من تحقيقات داخلية للشباك تنسب لبار سياسة احتواء لحكم حماس.

هذه القضية اقل خطورة من قضية ايلي فيلدشتاين ونشر معلومات مسروقة في صحف اجنبية في ذروة الحرب، مع نية التلاعب من اجل التأثير على الرأي العام في قضية المخطوفين. ولكن نشاطات عميل سري، يسرق معلومات من جهاز الامن وينقلها الى جهات اخرى بهدف “الوشاية” بالمسؤولين عنه، تقوض أسس الجهاز وتخلق فيه عدم ثقة، وفي نهاية المطاف يمكن أن تعطي معلومات عن تطور في جهاز الشباك: أنه منظمة فيها من يؤيدون الحكومة يتجسسون على المعارضين ويقومون بالوشاية على بعضهم البعض. قبل مناقشة تفاصيل الحدث الحالي مهم معرفة تاريخ الحرب العاصفة في هذه الساحة الخطيرة جدا، التي تمتص فيها في هذه الاثناء جميع شروط الحرب القبلية. وكل الدلائل تشير الى أنه بعد 7 تشرين الاول عمل نتنياهو وبار بتعاون معقول على الاقل. وكان نتنياهو في ذلك الوقت يعاني من ضائقة شديدة في الليكود، وباستثناء جيوب بيبية عميقة وسخيفة بدرجة معينة، فانهم في اليمين خططوا للتخلص منه في اول فرصة بعد استكمال المهمة العسكرية. وسواء كانت هذه النية نوع من الخداع أو من التأييد السري له، فان مسؤوليته عن المذبحة لم تكن موضع خلاف على الاطلاق.

 

العدو الصاعد له هو وزير الدفاع السابق يوآف غالنت، الذي اظهر في الاسابيع الاولى للحرب الميل للهجومية اكثر بكثير منه. وكان الجمهور ينظر اليه، بما في ذلك اليمين، بأنه أقل مسؤولية أو تحمل للذنب فيما يتعلق بالمذبحة أو السياسة التي أدت اليها. ولكن مثل رئيس الاركان هرتسي هليفي، الذي ترك المشهد عندما تفاقمت الخيوط حوله، كان رونين بار هدف مؤكد. عندما استعاد نتنياهو الثقة بنفسه من خلال الضم المتجدد لليمين العميق والكهانية (نتيجة رفض تقدمه في صفقة اعادة المخطوفين وانهاء الحرب)، عاد نتنياهو الى نمط آخر من انماطه القديمة، وهو تحديد العدو والتحريض ضده بدون حدود حتى بثمن التوصل الى نتيجة صعبة بشكل خاص. 

لماذا الآن بار بالذات؟ باستثناء اهمية اعتباره المسؤول الرئيسي عن احداث 7 اكتوبر، الخطوة الحيوية لنتنياهو الذي يريد الخروج نظيف من مسرح الجريمة، اتبع بار عدة خطوات هجومية استثنائية عرضت نتنياهو للخطر. وحسب مصادر مقربة من رئيس الوزراء فان البئر سممت بعد بضعة اشهر على بداية الحرب عندما ادرك نتنياهو بأن بار سيعلن بشكل صريح في تحقيقات الشباك المتبلورة عن مسؤولية المستوى السياسي في تعزيز قوة حماس والحفاظ عليها والوصول الى النتيجة الكارثية. التحقيق مع موظفي مكتب نتنياهو بسبب تسريب معلومات مسروقة لصحيفة “بيلد”، وبسبب العلاقات مقابل الاموال مع قطر، وضع الطرفين على مسار تصادم قاتل.

بخصوص القضية الحالية فان وزراء في الحكومة يعترفون أن تسريب المعلومات بدون اذن أو صلاحية هو أمر محظور. ولكن حسب قولهم فان المشكلة هي في الانتقائية التي تمتنع عن التحقيق بنفس الحماسة في تسريبات اخرى. “بماذا اضر هذا التسريب أمن الدولة اكثر من التسريب بشأن منع نية يوآف غالنت في 11 تشرين الاول من مهاجمة حزب الله في الشمال؟”، سأل مصدر رفيع في الحكومة. حجج “ماذا بشأن” كما ثبت في ارجاء العالم هي المحفز الاكثر نجاعة لهجوم اليمين. هذه الافكار لا تكتفي بتوضيح المشاعر الاساسية لقاعدة اليمين الشعبوي والمشاعر الدونية في مواجهة النخبة، سواء كانت حقيقية أو متخيلة، بل هي تحلل أي أي جريمة، وتنسب جريمة اخرى فيها امتيازات للطرف الآخر. النتيجة هي أنه الآن المستشارة القانونية للحكومة ورونين بار هما شخصان يقفان امام حملة تحريض شديدة وخبيثة اكثر من التي جرت ضد اسحق رابين قبل قتله. وفي الوقت الذي فيه دورهما الرئيسي هو أن يكونا بمثابة سلم التعافي بالنسبة لنتنياهو في اوساط اليمين الشعبوي، المدمن على اسطورة الدولة العميقة ونظرية الاضطهاد.

حسب تقديرات جميع المصادر فان ايام بار كرئيس للشباك معدودة. الخوف هو من أن حملة تشويهه الاخيرة استهدفت تمكين نتنياهو من “القيام بتعيين محطم للادوات”، أي جلب شخص من الخارج، يفرض على الجهاز الولاء الشخصي للحاكم. عملية مشابهة يتم فحصها بخصوص منصب رئيس الاركان. وفي نهاية المطاف تراجع نتنياهو وفضل تعيين المرشح المتفق عليه، ايال زمير. الحقيقة المحزنة التي لم يكن من الصعب الاتفاق عليها، رغم الخلافات بين المعسكرات، هي أن كل من تولى منصب رفيع في 7 اكتوبر كان يجب عليه ترك منصبه، وأن يتم التحقيق معه من قبل لجنة تحقيق رسمية. من المثير للاحباط أن الاتفاق الاساسي والمنطقي هذا لا ينجح في التأثير على الواقع، الذي اصبح أكثر فوضوية.

-------------------------------------------

 

هآرتس 16/4/2025

 

القضية الجديدة تشهد على بدء التفكك الداخلي للشباك

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

أمر منع النشر بشأن ما سمي بالقضية الامنية الجديدة صمد في هذه المرة اقل من يوم، منذ اللحظة التي تسربت فيها التفاصيل الاولى وحتى رفع الحظر الجزئي صباح أمس. في اساس هذه القضية هذا تحقيق يتعلق بشبهات بشأن تسريب معلومات لمراسلين ووزير في الحكومة بدون صلاحية. ولكن من الطريقة التي تدحرجت فيها وتصاعدت، يبدو أنه يتطور هنا شيء أكثر عمقا. هذه مواجهة مباشرة بين الشباك والصحافي اليميني البارز (كما يبدو المحبوب) جدا في الدولة، عميت سيغل من “اخبار 12، حيث في الخلفية هناك الجهود المتواصلة لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو للتخلص من رئيس الجهاز رونين بار.

منذ النشر ظهرت ادعاءات لملاحقة سياسية منهجية لبار ضد رجال من اليمين. يجدر تذكر ايضا حقائق مهمة لفهم السياق. أولا، أن نتنياهو واليمين المتطرف يديرون حملة مخطط لها وواسعة لتشويه مؤسسات الدولة ومفاقمة الانقسام الداخلي في المجتمع الاسرائيلي. ثانيا، أنه توجد لرئيس الحكومة مصلحة شخصية معينة لتسريع اقالة بار (التي في هذه اللحظة تم تجميدها بأمر من المحكمة العليا)، ازاء تقدم الشباك في تحقيق القضية القطرية، التي متهم فيها اثنان من رجال مكتبه. ورغم أن القضية الجديدة لا تتعلق في هذه الاثناء بصورة مباشرة برئيس الحكومة فانه لا يمكن رؤيتها بصورة منفصلة عن حرب نتنياهو ضد بار والمستشارة القانونية للحكومة وجهاز الامن وسلطات القانون.

في بيان قسم التحقيقات مع رجال الشرطة، المسؤول عن التحقيق سوية مع الشباك، قيل إنه في هذه القضية اعتقل في 9 نيسان رجل من الشباك بتهمة ارتكاب مخالفات امنية. هذا الرجل هو احد موظفي الجهاز في خدمة الاحتياط، المسمى حاليا أ، متهم باستغلال منصبه وقدرته على الوصول الى وثائق سرية من اجل اعطاء معلومات لجهات غير مسموح لها الحصول عليها. في الايام الاولى من التحقيق وحتى أمس، ايضا منع عليه مقابلة محامي. قسم التحقيقات في الشرطة قال انه خلافا لقضية قطر فانه في الحالة الحالية لم يتم اخذ شهادات من الصحافيين.

من تفاصيل اخرى، التي تكشفت الآن، يتضح أن موظف الجهاز متهم بنقل معلومات للوزير عميحاي شكلي، من المخلصين الاخيرين ولكن المتحمسين لنتنياهو، وللصحافي عميت سيغل ومراسلة “اسرائيل اليوم” شيريت افيتان - كوهين. سيغل نشر في 23 آذار بأن الشباك يجري تحقيق في اشتباه “سيطرة كهانية” على الشرطة، وحسب المادة 7أ في قانون الجهاز الذي يحدد اغراضه، ضمن امور اخرى، يذكر مكافحة “تقويض اجهزة الحكم والديمقراطية”. تحقيق الشباك تناول خطوات للشرطة، بالتنسيق مع وزير الامن الوطني ايتمار بن غفير، حول اتخاذ القرارات بشأن ترتيبات الصلاة والزيارة في الحرم. حسب الاشتباه، معلومات مشابهة نقلت ايضا الى شيكلي.

في حين أن افيتان كوهين نشرت في صحيفتها بعد يومين من ذلك ما وصفته بـ “وثائق استراتيجية بار في السنوات التي سبقت مذبحة 7 اكتوبر”. هذا النشر اتهم الشباك بـ “مؤامرة” مكنت من حدوث المذبحة، مع التوصية بمساعدة لاقتصاد قطاع غزة واحتواء تهديد حماس. رجل الجهاز المعتقل قال في التحقيق معه بأنه عمل من اجل نشر “معلومات عامة هامة جدا، تم اخفاءها من قبل الشباك”.

سيغل لمح امس في تغريدة في تويتر بأن الشباك تنصت على محادثات مراسلين في هذه القضية. في الشباك ينفون ذلك: هذه الخطوة بحاجة الى منظومة متشعبة من المصادقات، التي لم يتم طلبها على الاطلاق. في هذا الصباح، بعد الرفع الجزئي للامر، صرح بشكل حاد أكثر. سيغل كتب أن “القصة في النهاية بسيطة جدا: رونين بار روى للمستشارة القانونية قصة تثير القشعريرة عن سيطرة الكهانية على الشرطة كما ظهرت في 9 آب العبري في الحرم. المستشارة القانونية ارادت الفحص، وبعد ذلك تبين، للاسف الشديد، من قبل مرؤوسي بار أنه لم يكن هناك أي شيء كهذا. بار في محاولة لترميم مكانته امامها وامام رجاله قام بفتح تحقيق سري وغير مسبوق للشرطة… ايضا هذا التحقيق انتهى بلا شيء”.

حسب قوله المستشارة القانونية ادرجت “معلومات سرية كاذبة”، التي قدمها بار، في مبرراتها امام المحكمة العليا في جلسة الاستماع للالتماسات التي تناولت اقالته. واضاف سيغل بأن “القصة يتم نشرها وهي محرجة جدا بالنسبة له. توجد لديهم الادوات المطلوبة لملاحقة الشخص الذي كشف عريهم ولذلك القوه في الحجز بدون محام. ألا يعتبر ذلك عرقلة؟ كيف يمكن اعاقة تحقيق انتهى بلا شيء؟ وعندما لا توجد مصادر يصعب تحديدها… الجهاز الجدي كان سينشغل باجراء تحقيق داخلي معمق حول سبب انغماسه في تحقيق مزيف بدلا من مضاعفة مبلغ الرهان”.

في المقابل، ادعت الجهات المطلعة على القضية بأن المعلومات عن العلاقة بين الشرطة ومصلحة السجون وبين جهات كهانية (المنظمات المتماهية مع “كاخ”، التي تعتبر في القانون كمنظمات ارهابية منذ العام 1994)، وصلت الى لواء يهودا في الجهاز، بدون توجيهات من الاعلى لبار. هذا لم يكن تحقيق كامل بل جمع معلومات مسبقة ازاء الاشتباه الذي ثار، والذي استهدف التحقيق في مستوى اختراق الكهانيين للشرطة ومصلحة السجون. الجهاز انشغل في ذلك بحكم دوره. جمع المعلومات حدث من خلال الحفاظ على مسافة من بن غفير ورجاله. واضافوا بأن بار تمت حتلنته بالتفاصيل ازاء الحساسية وطلب منه المصادقة على مواصلة الفحص. “يقومون بشيطنة بار”، قالوا. “الواقع مختلف كليا. بسبب الحساسية لم يتم فتح تحقيق امام بدوكاي (بن غفير)، الذي في حالة اخرى ربما كان من الصحيح فتح تحقيق في ذلك”.

النشر واتهامات سيغل اثارت كما هو متوقع هجوم صارخ من قبل الوزراء واعضاء الكنيست في الائتلاف ضد بار والشباك. نتنياهو، في بيان لقائمة الليكود، قال إن بار وبهراف ميارا حولا اجزاء من الشباك الى “مليشيا خاصة”، ليس أقل من ذلك. وزير المالية سموتريتش اتهم بار بـ “التخطيط لانقلاب نظامي عميق”، وهدد بمقاطعة الجلسة التي سيشارك فيها بار في فرقة غزة (الجلسة تم الغاءها)، واقترح تعيين أ.، المشتبه فيه، كرئيس جديد للجهاز. شيكلي وصف المشتبه فيه بـ “بطل اسرائيل، الذي كشف الفساد وكان مستعد للمخاطرة ضد المسؤولين اللذين لعبا دور خطير”. قناة الدعاية المؤيدة لبيبي اعلنت، القناة 14، بأن علم اسود سيرفرف الآن على شعار بثها الى حين اقالة بار.

يجدر تذكر الموقف المتغير والناجع لنتنياهو واتباعه من التسريبات. عندما يكون الامر مناسب له فهو يطالب بالتحقيق مع المصدر، وعندما يكون الامر اقل ملاءمة له مثلما في حالة تسريب العرض المقدم للحكومة حول عملية “الجرف الصامد” في 2014 هو يتجاهله. فقط مؤخرا اعترف بأن مستشاره المشهور يونتان اوريخ قام بتسريب معلومات سرية بتوجيه منه. في وقت سابق اعتقل متحدث آخر بلسانه هو ايلي فيلدشتاين، وضابط صف في “أمان”، آري روزنفيلد، وتم التحقيق ايضا مع آخرين في الاستخبارات العسكرية للاشتباه بتسريب وثائق سرية لصحيفة “بيلد”.

التسريبات، لا سيما السرية، هي الاوكسجين الاساسي للصحافة الحرة، طالما أن المعلومات الامنية تم تقديمها وتمت المصادقة عليها في الرقابة العسكرية فانه ليس من شأن المراسل الذي قام بالنشر معرفة كيفية الحصول عليها. مع ذلك فان قواعد اللعب معروفة. ففي الوقت الذي فيه الجيش في اعقاب زيادة حجمه وغياب الانضباط، يصعب تطبيق الحظر على اجراء اتصالات مع وسائل الاعلام، الظروف في الشباك الذي هو اصغر وأكثر سرية، مختلفة، وهذا الجهاز يميل اكثر الى التحقيق في التسريبات من صفوفه.

يبدو أن حقيقة أنه فيما نشره سيغل تم احضار صورة لوثيقة وصفت بأنها سرية، التي خرجت من مكتب بار، زادت أكثر دافع الاخير للتحقيق ومعرفة مصدر التسريب. تسريب وثائق من جهاز تجسس لا يعتبر أمر بسيط. في الشباك هذا موضوع نادر جدا – الامر الذي يشير الى بداية التفكك الداخلي، حيث تشغل السلطة لاغراضها عملاء في الجهاز.

الآن رئيس الشباك يوجد في مواجهة مباشرة، ليس فقط مع نتنياهو وسموتريتش وشيكل وماكنة السم، بل هو موجود في مواجهة اخرى مع سيغل. من بين كل الاشخاص المتورطين تصعب معرفة من هو الاكثر تصميم واستعداد للقتال. وفي الوقت الذي فيه هذه المواجهات تسر وسائل الاعلام فانه لحق ضرر كبير بجهاز الشباك نفسه، الذي يصمم اليمين على جره الى الوحل في اطار الحرب المحمومة من اجل الدفاع عن رئيس الحكومة. القضية الحالية ليست الاولى، وهي جاءت استمرارا للهجوم على رئيس القسم اليهودي في الشباك في بداية الشهر الحالي. واضح ايضا أن العاصفة الجديدة تخدم نتنياهو لأن الانشغال الكبير بها مرة اخرى يحرف النقاش عن فشل الحرب في غزة وعدم اعادة الـ 59 مخطوف.

-------------------------------------------

 

معاريف 16/4/2025

 

بينما يعرض الجنود حياتهم للخطر في غزة تهتم الحكومة بالتشهير بالشباك ورئيسه

 

 

بقلم: افي اشكنازي

 

هكذا تبدو دولة تخرج عن الخط: ثلاث فرق للجيش الإسرائيلي تناور منذ قرابة شهر في قطاع غزة، فيما أن هدف المناورة هو ممارسة الضغط على حماس كي تحرر 59 مخطوفا تحتجزهم لديها. المقاتلون يعرضون حياتهم للخطر ويقاتلون كالاسود. ومع ذلك، حين تبدأ المفاوضات بالتحرك ويبدو انه قد يكون اتجاه ما لتحقيق تحرير المخطوفين يأتي وزير من اليمين المتطرف، ممن كان يخضع في الماضي لملاحقات الشباك ويقرر تفعيل منظومة ابتزاز مثلما تتصرف منظمة جريمة ويعلن بانه غير مستعد لان يجلس في بحث أمنى مع رئيس الشباك.

لرجال اليمين المتطرف والكثيرين من أعضاء الحكومة توجد مشكلة مع الشباك الذي يقوم بعمله. صباح امس كشف الشباك النقاب عن ان احد رجاله، رجال احتياط، عمل كـ “دسيس” داخل الجهاز. وحسب الاشتباه، فقد اخرج معلومات سرية ومعلومات لا يفترض أن تخرج من الجهاز السري. كل حكومة سوية العمل كان ينبغي لها أن تطلب التحقيق في التسريبات واستنفاد القانون مع الجواسيس، المدسوسين والمسربين للمعلومات السرية.

بالمناسبة، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب اكثر من مرة في السنوات الأخيرة استنفاد التحقيق في تسريب المعلومات السرية.

ومنذ بدأت الحرب ادار الشباك اكثر من 20 تحقيقا في تسريب معلومات سرية في جهاز الامن وفي الجيش. بعضها عرض للخطر قوات الجيش وامن إسرائيل. لكن ليس سرا أنه بسبب جملة التحقيقات التي تتعلق بمحيط مكتب رئيس الوزراء وانعدام الولاء الشخص من رئيس الشباك لنتنياهو، قرروا في حكومة إسرائيل جعل الشباك عنصرا غير ذي صلة. مثلما جعلوا المحكمة العليا غير ذات صلة، مثلما جعلوا مؤسسة المستشارة القانونية للحكومة غير ذات صلة. ومثلما جعلوا الشرطة غير ذات صلة هكذا قريبا يوشكون على ان يفعلوا هذا بالجيش الإسرائيلي.

لماذا؟ لانه كلما كان هؤلاء ذوي صلة، سيكون من الصعب الدفاع عن النفس في قضية قطر غيت وسيكون من الصعب الدفاع عن النفس اذا ما ادانت المحكمة في ملفات الالاف وسيكون من الصعب منع إقامة لجنة تحقيق رسمية لاحداث 7 أكتوبر وسيكون من الصعب منع تجنيد عشرات الاف الحريديم لصفوف الجيش الإسرائيلي.

ابتداء من صباح أمس لا تنشغل حكومة إسرائيل الا بمهمة واحدة – التشهير بالشباك ورئيسه وبخطهما، حتى بثمن تحويل جاسوس ظاهرا خان الجهاز الأمني الإسرائيلي الى حبيب أمم العالم.  في نظرهم هو عزيز الحكم، من أولئك الذين يصل الوزراء اليهم للشد على يده في المحكمة. حكومة إسرائيل تفضل تحويل أجهزتها الأمنية الى كيس ضربات وتجاهل معاناة 59 مخطوفا. المهم هو أن تحول جهاز الامن بعامة والشباك بخاصة الى غير ذي صلة، وكل ذلك بهدف خدمة الملكية وليس المملكة. وماذا عن الجنود في غزة؟ أولئك الذين يقاتلون كالاسود، ويعرضون حياتهم للخطر كي يشددوا الضغط على حماس؟ هم، من ناحية الحكومة، يمكنهم أن يواصلوا القتال بلا هدف حقيقي. هكذا بالضبط تبدو دولة تخرج عن الخطوط.

-------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 16/4/2025

 

ليس لعملية الجيش في غزة بوليصة تأمين

 

 

بقلم: رونين بيرغمان

 

“زمير قال ان العملية في غزة لا تعرض المخطوفين للخطر. كل خطوة تتم بمصادقة اللواء نيتسان ألون، قائد الوحدة التي أقيمت في الجيش في موضوع المخطوفين”، هذا ما كتبه ناحوم برنياع على هذه الصفحات، وقيل في الجلسة المتوترة التي عقدت في مكتب نائب رئيس الأركان الأسبوع الماضي مع مندوبي طياري سلاح الجو في الاحتياط. بقيادة قائد سلاح الجو ورئيس الأركان الأسبق دان حلوتس، نظموا انفسهم كي يوقعوا على الكتاب الذي اثار العاصفة. وحاول الفريق ايال زمير اقناع طواقم سلاح الجو ممن هم من رجال خدمة الاحتياط الفاعلة، سحب الكتاب والاكتفاء كل باحتجاجه الشخصي، بلباسه المدني وبمعتقداته – وليس كرجل احتياط يظهر باسمه وبرتبته في توقيعه على نص نقدي جدا على الحرب، أسبابها ودوافعها.

ظاهرا، كانت لرئيس الأركان مبررات ثقيلة الوزن، إضافة الى الادعاء بان العملية لا تعرض المخطوفين للخطر. اول هذه الادعاءات هو أن هذه عملية كان هو من بادر اليها وقادها وان أحدا من فوق، بمعنى من المستوى السياسي، لم يكن مصدر الأوامر للقوات للانطلاق على الدرب. وذكر زمير ان حلوتس بالذات كان ضد الرفض. اما حلوتس فقال ان الكتاب لم يذكر الرفض على الاطلاق. تعليل هام آخر كان أنه “يوجد للعملية هدف واحد: دفع حماس الى الصفقة”. أي نقيض الشبهات ضد نتنياهو بانه ضد الصفقة وانه لا يريد الا الحرب. هنا كان رئيس الأركان بنفسه والناطقون بلسانه يدعون بان هذه خطوة هي كلها من أجل إعادة كل المخطوفين الى الديار. هذه بالطبع تعليلات ثقيلة الوزن لكن فقط اذا كان لها أساس. فقد فشل زمير في محاولات الاقناع وخرجت العريضة التي رد عليها رئيس الأركان بحدة بفصلهما الموقعين عن خدمة الاحتياط مما أدى فقط الى اشعال مزيد من العرائض التي قد تصبح بحرا واسعا ما أن تتعاظم موجاته وفصل من وقع على العرائض قد يضر بقدرات الجيش مما سيحشر زمير في زاوية حرجة أكثر فأكثر.

لكن هذا الجدال طمس السؤال الأهم: لماذا دخل الجيش الإسرائيلي مرة أخرى الى غزة؟ وكيف تنسجم هذه الخطوة مع دروس ا لحرب التي كانت حتى الان. وهل هي تخدم انهاء الحرب بشكل يفيد إسرائيل ام ربما تبعد هذا اليوم الذي سيكون بداية كل التطورات في الشرق الأوسط في السنوات وربما العقود القادمة.

ويوجد موضوع آخر يتعلق بمكان بعيد عن غزة لكن مصيره يرتبط جدا بما سيحصل هنا وما سيحصل للمخطوفين: التخطي الإسرائيلي للهجوم على منشآت النووي الإيرانية. وقالت مصادر في محيط نتنياهو انه كان يريد أن يتحدث مع ترامب عن الجمارك لكن ترامب قال انه يريد أن يتحدث معه ليس هاتفيا، ونتنياهو بعفويته لم يفوت الفرصة للقاء الرئيس الأمريكي فانطلق على الدرب.

مهما يكن من أمر فان لقاء الخازوق لنتنياهو في البيت الأبيض ودخول الولايات المتحدة الى حوار مع ايران يؤجل لعدة اشهر على الاقل كل فكرة هجوم إسرائيلي في ايران قد يؤدي بنتنياهو الى أن يأمر بتعميق العملية في غزة.  نتنياهو، حسب هذا التحليل بقي بدون هجوم في ايران وبدون اتفاق سلام مع السعودية. وهذا يتركه فقط مع احتلال غزة وابادة حماس “وليذهب المخطوفون الى الجحيم” كما يقول احد المصادر ويشرح أيضا بان “الجيش يعمل حسب ساعة الحرب”. فاذا ما الغيت له المخططات لإيران فانه سيرغب في خطوة اشد في غزة”.

وفي كل ما يتعلق بالمعركة في غزة حسب مصادر رفيعة المستوى في الجيش والاستخبارات فانها لا تتضمن أهدافا واضحة وقابلة للتحقيق، تعرض للخطر بشكل حاد المخطوفين وتخلد فقط الأسباب التي لاجلها تواصلت الحرب منذ سنة ونصف.

أمران يتحكمان بالعمليات التي يخوضها الجيش في غزة وهما “مجال ناري محمي” و “أسرى ومفقودين”. ويعمل الجيش في هجماته في إيقاع مع هذين الامرين بحيث يتجنب إيقاع إصابات محتملة غير مرغوب فيها، حيث تشتعل على الفور أضواء التحذير لوقف العملية. لكن وهذه لكن كبيرة يوجد لهذا الحرص حدود هامة تتعلق أيضا بمدى ودقة المعلومات الاستخبارية، وينبغي أن نتذكر بان الحديث يدور عن مخطوفين كثيرين وفي أماكن كثيرة. حيث كان غير قليل من الفراغات في المعلومات وفي انعدام اليقين. وتقول هذه المحافل انه “هكذا هو الحال عندما تحاول تحقيق هدفين متعارضين: ان تنقذ حياة أناس من نوع ما وتنهي حياة أناس من نوع آخر. وما كان لاحد أن يقول ابدا ما   قاله رئيس الأركان وكأن عملا عسكريا بقوة متزايدة في غزة لا تعرض المخطوفين للخطر على الاطلاق. يمكن أن نفهم أن وزير الدفاع يقول هذا لارضاء مسؤوليه. أما ان يقول رئيس الأركان مثل هذا الامر بل ويجر اللواء نيتسان الون الى هذه المغامرة الخطيرة وهو يعرف أنها غير صحيحة”.

-------------------------------------------

هآرتس 16/4/2025

 

سيدا الجريمة في الوسط العربي.. نتنياهو وبن غفير: سننفي “هذا الخُمس” من بيننا

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

الأجواء في أوساط المجتمع العربي في إسرائيل مفعمة بالقلق والرعب. في الأسبوع الماضي، قتل في يوم واحد ثلاثة رجال في بلدات الطيرة وسخنين والناصرة، جراء إطلاق النار. دوائر الجريمة والقتل لا تتوقف؛ إطلاق النار على الناس، ونحو البيوت والمحلات التجارية، وتفجير سيارات، وتهديد أصحاب مصالح تجارية وعائلاتهم. عناوين الأيام الأخيرة تعكس صورة الوضع: “مقتل رجل في انفجار مركبة في عرابة”؛ “رجل بعمر 60 قتل في شفا عمرو”؛ “أخوان قتلا بالنار في حي الجواريش في الرملة”؛ “ابن 35 قتل بالنار في الرينة”.

في عرابة، مثلاً، من بداية 2024 قتل 11 شخصاً مقابل 4 في السنوات الخمس السابقة. السكان، الذين لا يفهمون كيف وصلت إليهم منظمات الجريمة بعد سنوات من الهدوء، يغلقون على أنفسهم بيوتهم ويتهمون سلطات إنفاذ القانون. شعورهم العام أن كلاً منهم قد يقتل في لحظة، دون تقديم المجرم إلى المحاكمة.

وفقاً لمتابعة “هآرتس”، قتل 73 شخصاً في المجتمع العربي منذ بداية السنة. يدور الحديث عن ارتفاع واضح مقابل المعطيات التي سجلت في السنوات السابقة. للمقارنة، قتل 49 شخصاً حتى الفترة الموازية من العام الماضي. ومعدل حل ألغاز الجرائم في المجتمع العربي طفيف في السنوات الأخيرة: في عام 2024 لم يحل سوى لغز 15 في المئة من جرائم القتل، معدل مشابه لما سجل في 2023.

إن قرار نتنياهو تعيين بن غفير لمنصب الوزير المسؤول عن أمن المواطنين العرب هو الخطوة الأولى في التسيب وإدارة الظهر لخُمس مواطني إسرائيل. فقد أوضح هذا التعيين بأن ليس لنتنياهو ولحكومته أي نية لمعالجة العنف المستشري في المجتمع العربي، بل العكس؛ هم يتيحونه ويتيحون توسعه.

لأسياد التسيب، بن غفير ونتنياهو، لا يملكون شجاعة النظر في عيون أبناء العائلات الذين تأذوا من الجريمة والعنف. الأمر يصرخ بشكل خاص حين نتذكر أنه كان يمكن ملاحظة نية صادقة للعمل من أجل القضاء على الظاهرة في عهد حكومة التغيير. وزير الأمن الداخلي في حينه، عومر بارليف، التقى في 2021 مع أمهات ثكلى فقدنَ أبناءهن جراء جرائم قتل. نائبه يوآف سجلوبتس، زار المجالس المحلية والتقى الناس من المجتمع العربي، واستمع إليهم، ووضع خطة “مسار آمن” لمكافحة الوضع القائم.

بدلاً من إعطاء جواب يحسّن لمواطني إسرائيل العرب، ها هما الوزير بن غفير ومفتش عام الشرطة داني ليفي، يتركان أكثر من 20 في المئة مواطني الدولة لمصيرهم. لو كان رئيس وزراء معنياً بإصلاح الظلم في المجتمع العربي لأقال بن غفير، وعين وزير أمن داخلي يضع مصلحة المواطنين العرب أمام ناظريه، وزاد الميزانيات لمعالجة المشكلة. لكن نتنياهو غير معني بإصلاح أي شيء، بل معني بأي هدم على أن يضمن لنفسه الحكم.

-------------------------------------------

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

هآرتس 16/4/2025

 

حين يصبح حجم البكاء والألم مؤشر التوقيت اليومي في غزة.. فثمة الكارثة

 

 

بقلم: ليئا عنبال – دور

 

 في ذكرى يوم الكارثة التي سأشارك فيها الأسبوع القادم كابنة من الجيل الثاني للكارثة، سأتحدث عن معاناة فظيعة مر بها والداي الناجيان من الكارثة، ولكني سأفعل ذلك هذه المرة بالتحدث عن الفلسطينيين في غزة، الذين يرزحون تحت وطأة الحرب هناك. سأتحدث عن حياة ليست بحياة؛ عن الألم الجسدي والنفسي تحت وطأة العبء والألم؛ عن حياة مشكوك فيها في العالم السفلي؛ وسأتحدث أيضاً عن الشخص الذي يكافح من أجل حياته والبقاء بعد اجتيازه حدود اليأس.

صحيح أن خطة الإبادة النازية المنظمة والآلية لا تشبه القسوة الوحشية غير المحتملة، التي انعكست في الحرب في غزة، لكن كل منها تدل على أمر فظيع – ما يمكن أن يفعله البشر بالبشر. وحين يحدث لا ينظر إلى الناس بصفتهم بشراً، بل مخلوقات أدنى، يسهل اتخاذ قرار قتلهم بدون أي تفكير مسبق. كل ذلك بعد أن تم إنزالهم على يد الآخر إلى مستوى وجود متدن جدا – اجتثاث، طرد، عزلة، ونفي حياتهم السابقة.

في السنة الماضية، تم إحياء يوم الكارثة تحت شعار “انظروا، كانت هناك تجمعات ولكنها لم تعد موجودة، الطائفة اليهودية وانهيارها”. أما هذه السنة فيجب أن يكون انهيار الطائفة الفلسطينية حاضراً أيضاً. ففي هذا اليوم بالذات، عندما يفتح المجتمع قلبه لذكرى مؤلمة وتاريخية، عليه إدراك الفجوة الكبيرة بين ذاكرة الشعب اليهودي وواقع الشعب الفلسطيني؛ بين وعد “هذا لن يتكرر أبداً” وما الذي يحدث هنا في الوقت الحالي، خلف الجدار. لذلك، يجب على المجتمع الإسرائيلي التحدث عن المعاناة والدمار والمذبحة التي هو نفسه يتحمل مسؤوليتها؛ وأن يعترف بكل ذلك – التحذير منها وإنهاء هجوم إسرائيل المتطاول في غزة؛ وإعادة المخطوفين على الفور.

التقارير من غزة، لا سيما في وسائل الإعلام في الخارج، متوحشة ومشبعة بالدماء والألم والرعب والذعر. المواطنون الذين ليست لهم حماية، العاجزين والمكشوفين لوابل القذائف التي تسقط فوق رؤوسهم أو نار القناصة الخبيثة، والهرب بخوف، التعب، عدم الخصوصية، الشعور بالعجز، البؤس – كل ذلك يصبح كابوساً وحلماً مخيفاً. أفكار هستيرية تسيطر على العقل المحموم الذي لا يمكنه العثور على الهدوء. أين هم أبناء العائلة والأصدقاء الذين بقوا تحت عمليات القصف؟ هل دفنتهم الأنقاض؟ أحياء؟ في الصباح يبدأ يوم يشبه سابقه، يوم طويل إلى درجة أنه لا يمكن تخيل نهاية له. ليس سوى البكاء على القتلى والمصابين ما يفصل بداية اليوم عن نهايته.

يصعب تحمل الشهادات التي جلبها نير حسون على لسان أطباء يائسين في مستشفيات آيلة للسقوط في غزة، الذين يصل صراخهم إلى عنان السماء. من جهة، عدد من الأطفال الذين يحتضرون، ومن جهة أخرى صراخ المصابين والأطفال الرضع والنساء والشيوخ الذين ينزفون حتى الموت بدون منقذ، ورائحة الوحل والدماء والمرض والموت المختلطة.

في هذه السنة سنتذكر كيف وصلنا إلى هذا الحضيض. إلى المستوى الأدنى. لم يبق أدنى من ذلك. كل ذلك سأقوله في يوم الكارثة لمن يستمعون لي، حتى لو لم نتجرأ بعد ذلك على أن ينظر أحدنا إلى عين الآخر.

-------------------------------------------

 

عن "N12" 16/4/2025

 

مــن أجــل بــقــاء الائــتــلاف الــحــكــومــي

 

 

نتنياهو يستغلّ الجنود في حرب غير شرعيّة

 

 

بقلم: إسرائيل زيف

 

بعكس ادعاءات "آلة بث السموم"، فإنه لا توجد في عريضة جنود الاحتياط أي دعوة إلى رفض الخدمة العسكرية. ماذا يوجد فيها؟ يوجد فيها تعبير واضح عن فقدان الثقة الكلي في رئيس الحكومة والحرب السياسيّة التي يُديرها في غزة. إن قوات الاحتياط - جنوداً وضبّاطاً - ليسوا عمياناً، إنما يقرؤون الواقع جيداً، ولا ينجرّون وراء الشعارات الفارغة كـ"النصر المُطلق"، ولم يعودوا يصدّقون الشعارات بشأن إعادة المخطوفين. وانعدام الثقة هذا خطِر أكثر كثيراً من المطالبات بعدم الامتثال للخدمة، لأنه عندما يتضح أن المخطوفين الأحياء قُتلوا في خطوة قادتها الحكومة، فإن الأزمة ستكون أخطر كثيراً.

أخطأ نتنياهو، فكتّاب العرائض ليسوا "أعشاباً ضارة"، إنهم أفضل ما في هذه الدولة؛ هم الطبق الفضي والقاطرة التي تقود إسرائيل والجيش في السلم والحرب. إنهم ذاتهم الذين رأوا الكارثة تقترب حين جرى الدفع بالانقلاب الدستوري، وحذّروا من هذه الأفعال. وحده الانغلاق والاستعلاء هو ما قادنا إلى كارثة 7 تشرين الأول، وليسوا هُم. رئيس الحكومة هو المسؤول، والآن يكرر الإخفاقات ذاتها التي قادتنا إلى الكارثة. إنها الحسابات الغريبة ذاتها التي وجّهته سابقاً وجعلت من وضعه أخطر، والآن لديه مزيد من الأسباب التي تدفعه إلى الهروب وتوجيه أصابع الاتهام والكراهية إلى كُل من يقول له الحقيقة ولا يمطره بالإطراءات.

يجب ألا نبحث عن "الأعشاب الضارة" بعيداً، إنهم يتواجدون حول رئيس الحكومة، وَهُم مجموعة من المتملقين تزرع السموم والكراهية والتفرقة وتُحيط به. لم يسبق في تاريخ إسرائيل كُلها أن شهدنا حكومة منتفخة وغير مجدية إلى هذا الحد، وتتضمن أشخاصاً بلا عمود فقري يتمسّكون بالسُلطة.

يدّعي رئيس الحكومة أن الشعب اختاره، لكن 70% من هذا الشعب لا يصدّقه، ولا يصدّقون أنه يعمل من أجل إعادة المخطوفين، ولا يصدقون الميزانية غير المسؤولة، ويطالبون بلجنة تحقيق رسمية، ويعرفون جيداً أنه لن يتحمل المسؤولية أبداً.

 

يستغلّون وطنية الجمهور

 

هذه الحرب كاذبة، ولا تهدف فعلاً إلى إعادة المخطوفين، إنما تهدف إلى احتلال قطاع غزة كخطوة للمحافظة على الائتلاف، وبالتالي، فإنها ليست حرباً شرعية، إنما هي حرب بلا إجماع، وعاجلاً أم آجلاً ستفقد بقايا الدعم في الجمهور الإسرائيلي. وهذا قبل الحديث عن الجيش الذي يُرغَم على القتال في حرب تتناقض مع أهدافها. هذا استغلال للجنود الذين يُريدون إعادة إخوانهم بكُل صدق إلى منازلهم وَهُم غير مستعدّين للتنازل عنهم والذين تربّوا على عدم ترك المصابين ولا الأصدقاء في أَسْرِ العدو. إنهم يعرفون أنهم يمكن أن يكونوا مكانهم، ونتنياهو يفهم هذا جيداً، لذلك يوزّع الشعارات بأن هدف القتال إعادة المخطوفين، ويعمل في الوقت نفسه على احتلال غزة وإفشال خطوات إعادة المخطوفين.

لا توجد قسوة أكبر من استغلال الصدق والوطنية والإيمان الأعمى وتصريحات الجنود والمواطنين الصادقة، في الوقت الذي يعبّر فيه القائد نفسه عن عدم الثقة في الدولة التي يترأسها وفي مؤسساتها. إنه يصرّح يوماً بعد يوم بوجود "دولة عميقة"، ويهاجم مؤسسات الدولة ومن يُدير هذه المؤسسات، ويرفض مبدأ فصل السُلطات. أين رأينا سابقاً رئيس دولة يقف على منابر دولية ويهاجم دولته؟ الأشخاص الذين كانوا فخورين جداً بإسرائيليتهم يواجهون صعوبة اليوم في تصديق انعدام المسؤولية الذي يحدث أمامهم، ويتساءلون إلى أي مناطق مظلمة سنصل لاحقاً.

عقيدة الأمن الإسرائيليّة دائماً كانت تخصص مكاناً للوقت كأساس للإستراتيجية وقياس النجاح أو الفشل، ولذلك كانت الرؤية الأساسية هي السعي لـ"حروب قصيرة". سابقاً، تم التعامل مع الحروب التي امتدت لأسابيع على أنها حرب طويلة عبّرت عن ضعف الجيش في الحسم. أمّا هذه الحرب في المقابل، فقد تجاوزت كُل معيار البعد الزمني، وتُدار من شعار إلى شعار، ومن "النصر المطلق" إلى "أصبحنا على بعد خطوة من النصر" والآن "المفاوضات تحت النار". وأسبوع بعد أسبوع، يتحوّل إلى شهر بعد شهر ونحن نقاتل منذ عام ونصف العام العدو الأضعف أمامنا؛ "حماس". هذه الحرب ليست معقولة وغير منطقية، وتعبّر ببساطة عن إحباط الذين يعدوننا بالأمور الكبيرة ويواجهون صعوبة في تحقيقها. أساساً، هذه حرب سياسية يتطابق جدولها الزمني مع جدول حياة الائتلاف، ومعزولة عمّا يحدث في منطقة القتال.

 

ما الذي نُقاتل من أجله؟

 

الشرعية الوحيدة هي شرعية المخطوفين، لكن نتنياهو لا يستطيع إعادتهم إلا بالعودة إلى مخطط الاتفاق الذي قرر خرقه. يفضّل نتنياهو استنزاف الجيش وعدم إعادة المخطوفين، وهو ما يُمكن أن ينهي له الحرب مبكراً، والجيش فعلاً يُسْتَنْزَفُ.

وهيئة الأركان الجديدة، لأنها تُريد إثبات ذاتها وقدرتها على تحقيق إنجازات أفضل، تعمّق حالة التخبّط في مستنقع غزة. ومرة تلو الأُخرى، يعود الجيش إلى المناطق ذاتها التي تواجد فيها، ويقتل مزيداً من "المخربين" بعد الآلاف الذين قتلناهم. ومن دون أهداف وجدول زمني للوصول إليه، لا يُمكن حتّى قياس نجاح الجيش، والواقع يبدو مختلفاً الآن؛ فوظيفة رئيس هيئة الأركان هي أن يطلب من الحكومة وضع أهداف واضحة يمكن قياسها وجدول زمني يمكن التزامه. هذا واجبه أمام الجنود الذين يجب أن يعرفوا من أجل ماذا يقاتلون. وبدلاً من ذلك، فإن الجيش يؤخذ في حرب غير واضحة إلى طريق بلا هدف واضح للعيان.

حتى لو نجح المصريّون في إقناع "حماس" بتنفيذ دفعة أُخرى من الصفقة، فيبدو أن رئيس الحكومة لا يُريد الالتزام بهذا الاتفاق، فطموحه هو الحصول على بضعة مخطوفين، وتهدئة الجمهور قليلاً، وتحسين الأرقام التي تستغلها أبواقه للتفاخر بها في الإعلام، وكأن المخطوفين ليسوا إلا أرقاماً. إنه معزول، ولا يملك مشاعر ولا تضامناً، ولا يتعاطف مع مشاعر الجمهور.

من واجب الشعب أن يقول كلمته بكُل الطرق القانونية، ولا حق له في خرق القانون كما تفعل الحكومة. يجب أن يكون الجمهور أفضل كثيراً من مستوى قياداته التي فقدت الشرعية منذ زمن. ويجب القيام بكُل ما هو ممكن لإجراء الانتخابات الآن، لا يوجد لدى الشعب الكثير من الوقت، ولديه الكثير ليخسره عندما يسرقون أمواله ويضعون حريته في خطر ويرسلون أبناءه وبناته إلى حروب ليست ضرورية.

-------------------------------------------

 

هآرتس 16/4/2025

 

 

ينثر الوعود بمواطنة متساوية للجميع

 

 

بقلم: سيفي هندلر

 

رئيس الحكومة اختار الدعابة من خلال تغريدة قال فيها "أنا أحب ابني يئير"، ابنه الذي غرد موجها حديثه لرئيس فرنسا وقال "اذهب إلى الجحيم" بسبب دعم الأخير لإقامة الدولة الفلسطينية، التي يفحص اعترافه بها قريبا. حول أسلوب الثرثرة الذي ينطلق من آلة الطباعة في ميامي لا فائدة من التوسع في الحديث. ولكن عندما يغرد رئيس الحكومة ضد الرئيس الفرنسي، فإن الأمر يجب أخذه على محمل الجد بدرجة معينة.

نتنياهو طرح حجتين في تغريدته لماكرون: الخطر الذي يحيق بإسرائيل من وجود دولة فلسطينية، وحول ذلك يجري حديث يقظ في إسرائيل، وما يصوره كنفاق فرنسي عندما تتجرأ على تأييد هذه الخطوة، في حين أنها غارقة في الكولونيالية ("نحن لن نقبل المواعظ الأخلاقية ممن تعارض إعطاء الاستقلال لكورسيكا").

فرنسا كدولة استعمارية عظمى سابقة تحتفظ بمناطق بعيدة عن فرنسا البرية. نتنياهو ذكر ثلاثا منها في التغريدة: كورسيكا، كلدونيا الجديدة وغيانا الفرنسية. هناك مسافة كبيرة تفصل فيما بينها، تاريخيا، ثقافيا وسياسيا، لكنها كلها تحكمها حتى الآن فرنسا. كورسيكا، الجزيرة في البحر المتوسط، انتقلت من يد جنوة بعد فترة استقلال قصيرة إلى حكم مباشر لفرنسا في القرن الثامن عشر. كلدونيا الجديدة التي توجد في المحيط الهادئ تم احتلالها من قبل فرنسا في منتصف القرن التاسع عشر. وغيانا الجديدة في أميركا الجنوبية تأسست كمستعمرة فرنسية منذ القرن السابع عشر إلى أن تم الإعلان عنها كولاية فرنسية بعد الحرب العالمية الثانية.

التوتر السياسي بين النظام المركزي في باريس وبين هذه المناطق، كبير ومتواصل، وحتى أنه أخذ شكلا عنيفا. أيضا محاولة العثور على حل وسط سياسي مع كورسيكا وغيانا وكلدونيا غيرت وبدلت صورتها. في كورسيكا أجري قبل 20 سنة استفتاء شعبي، فيه تم رفض اقتراح حكم ذاتي موسع بأغلبية بسيطة. ولكن الجزيرة تحظى ببرلمان مستقل خاص بها. في كلدونيا الجديدة تم إجراء ثلاثة استفتاءات شعبية، التي فيها رفض طلب الاستقلال (الاستفتاء الأخير كان في العام 2023، واعتبر متحيزا من قبل عدد من السكان الأصليين). في غيانا لم يتم إجراء أي استفتاء شعبي بمبادرة من فرنسا حول قضية الاستقلال.

نتنياهو أشار إلى نقاط ضعف مؤلمة في خريطة عامة لفرنسا ومناطقها. وحتى الآن، هناك أمر واحد غاب عن تغريدة الأب المحب. فقد نسي أن يذكر أن الجمهور الكورسيكي والكلدوني والغاني يصوتون في الانتخابات الرئاسية في فرنسا ويرسلون ممثلين عنهم إلى الجمعية الوطنية في باريس. بكلمات أخرى، سكان هذه المناطق التي مكانتها حتى الآن مختلف عليها في نظر البعض، لديهم جوازات سفر فرنسية وينتخبون الرئيس ويصوتون للبرلمان الفرنسي.

نتنياهو تعود في السابق على أن يقول لمحدثيه إنه تعلم اللغة الفرنسية عندما كسرت رجله واضطر إلى البقاء من دون حركة لأسابيع. لم يكن يضيره لو أنه أخذ كتاب تاريخ عن فرنسا ومستعمراتها وقام بقراءته قبل التغريد بأنصاف الحقائق. إلا إذا كانت هنا توجد رسالة تخريب سرية: هل بالضبط مثل فرنسا هو يخطط لإعطاء حقوق المواطنة للجميع، من البحر حتى النهر، وإقامة دولة ثنائية القومية على أنقاض دولة اليهود؟ الجواب واضح للجميع. في ظل الحرب في غزة نتنياهو ينثر الرماد في عيون الفرنسيين والفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here