الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 6/4/2025 العدد 1276

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

هآرتس 6/4/2025

 

 

الجوع في غزة يزداد، المحكمة العليا ترفض التطرق للأمر

 

 

بقلم: تمار لوستر وايال غروس

 

في يوم الاربعاء الماضي اعلن برنامج الغذاء العالمي التابع للامم المتحدة بأن جميع المخابر الـ 25 التي ساعدت في تشغيلها في قطاع غزة مغلقة الآن بسبب نقص الطحين والوقود، وأنه في الايام القريبة القادمة سيتم توزيع رزم الطعام الاخيرة التي توجد لدى البرنامج. بعد شهر على القرار بعيد المدى للمستوى السياسي، منع ادخال المساعدات الانسانية الى قطاع غزة كليا عبر اراضي اسرائيل، فان المنظمات الدولية تحذر من انخفاض دراماتيكي في مخزون الغذاء والمعدات الطبية في القطاع وتظهر الخوف الكبير من تجدد الجوع هناك.

على خلفية ذلك يتم طرح اسئلة صعبة من قرار المحكمة حول ذلك في الاسبوع الماضي. قبل سنة قدمت خمس منظمات مجتمع مدني التماس، “غيشه”، “موكيد”، “اطباء من اجل حقوق الانسان”، “جمعية حقوق المواطن” و”عدالة”، طلبت فيه أمر الدولة بضمان ادخال المساعدات والاحتياجات الضرورية الى قطاع غزة. بعد مرور سنة وخمس جلسات في المحكمة العليا تم رفض الالتماس، وقالت المحكمة إن اسرائيل تلبي التزاماتها المترتبة عليها حسب القانون الاسرائيلي والقانون الدولي. في قرار حكم المحكمة تمت الاشارة بشكل صريح الى أنها لن تتطرق الى قرار وقف ادخال المساعدات الى القطاع عبر اسرائيل وعدم تزويد القطاع بالكهرباء، لأن الاجراء الحالي لا يلبي متطلبات هذه القرارات، التي تجسد تغير كبير في الظروف. لأن قرار حكم يستند، ضمن امور اخرى، الى اعلان الدولة بأنه لا توجد قيود على حجم المساعدات التي يتم ادخالها الى قطاع غزة، فان هذا القرار يكفي من اجل تحويله الى قرار فارغ.

المحكمة فحصت الظروف القانونية لتطبيق قوانين الاحتلال ووافقت على موقف الدولة الذي يقول بأن قطاع غزة ليس منطقة محتلة، خلافا لقرار محكمة العدل الدولية الصارد في تموز 2024 الذي يقول بأنه في قطاع غزة تسري قوانين الاحتلال من قبل، ولا سيما بعد 7 اكتوبر والحرب، لذلك فانه على اسرائيل تسري التزامات واسعة تجاه السكان المدنيين. المحكمة العليا رفضت ادعاء بأنه يسري على اسرائيل واجب ينبثق من قوانين الاحتلال التي تقضي بتوفير المساعدات الانسانية، لكنه يعتقد أن الدولة ملزمة بـ “السماح وتسهيل انتقال المساعدات الانسانية انطلاقا من قوانين الحرب”. قول إنه لا توجد لاسرائيل التزامات كقوة محتلة في غزة يدل على مقاربة اشكالية تريد فيها اسرائيل تدمير سلطة حماس ولكنها لا تسمح بأي بديل سلطوي ولا تتحمل المسؤولية كقوة محتلة. المحكمة العليا رفضت ايضا اعطاء أي وزن للالتزامات النابعة من قوانين حقوق الانسان التي تتناول الحق في الغذاء، وهكذا فرضت على اسرائيل التزامات ضئيلة، مع الاخذ في الحسبان القوة الكبيرة التي تستخدمها في غزة.

الدولة قالت إنها تبذل الجهود لتحسين البنى التحتية للمساعدات وتنسيق توزيعها، وحملت حماس المسؤولية عن ازمة سكان القطاع بسبب سرقة المساعدات. الملتمسون اشاروا الى التأخير والقيود والصعوبة التي تفرضها اسرائيل على ادخال المساعدات الحيوية، التي مع هجمات الجيش الاسرائيلي على البنى التحتية المدنية والتدمير الواسع أدت الى انهيار منظومة الغذاء والصحة في القطاع وأدت الى كارثة انسانية.

المحكمة العليا مكنت الدولة من عرض بيانات كثيرة بحضور جانب واحد ووافقت على موقفها. وحتى أنه تظهر صعوبة كبيرة في أن الحكم يكتفي بفحص النشاطات المختلفة لاسرائيل بدون أن تتضمن التطرق وضع السكان في القطاع. يبدو أن مؤشر “آي.بي.سي” الذي يستخدم لتقدير الامن الغذائي في ارجاء العالم والذي تشارك فيه الامم المتحدة والمنظمات الانسانية الدولية، حذر عدة مرات منذ اندلاع الحرب بأن جزء كبير من سكان القطاع هم على شفا الجوع، الدرجة الاكثر خطورة من نقص الامن الغذائي.

خلال مناقشة الالتماس وفي منشورات علنية ادعت اسرائيل بأن بيانات التقرير هي جزئية أو خاطئة ولكنها لم تعرض أي بيان بديل واضح. في قرار الحكم امتنعت المحكمة ايضا عن التعبير عن موقفها من هذه القضية باستثناء اشارة سخيفة تقول “يبدو أن وقف النار في كانون الثاني وحتى آذار 2025 خلق وضع واقعي يختلف عن الذي اعتمد عليه تنبؤ المنظمة”. هذا عندما نشر قرار الحكم بعد انتهاء وقف اطلاق النار وادخال المساعدات عبر اسرائيل توقف كليا. في لحظة فيها مطلوب مراجعة قضائية للمحكمة، بالذات عندها، قررت أنه يجب تناول هذا الموضوع في اطار اجراء مستقبلي. من اجل تقدير قانونية نشاطات اسرائيل، خاصة قرار تأثيره خطير مثل الوقف الكلي لادخال المساعدات، يجب فحص اضرارها المحتملة. ولا يمكن فعل ذلك بدون التطرق الى وضع الاطفال وكبار السن والنساء والرجال في غزة، الامر الذي امتنعت عنه المحكمة العليا.

المخطوفون الذين تم تحريرهم مؤخرا وصفوا الجوع في أسر حماس كتعذيب شديد جدا. الجوع لا يتسبب فقط بمعاناة الجسد، بل هو عبء نفسي ثقيل ومس كبير بالعلاقات الاجتماعية في العائلات والتجمعات. في الايام التي ترفض فيها المحكمة العليا، ومثلها معظم وسائل الاعلام الاسرائيلية، الانشغال برعب الجوع الذي يتفشى في اوساط سكان غزة، بالتحديد الآن يجب علينا توجيه الانظار مباشرة الى الواقع الصعب في القطاع.

-------------------------------------------

 

 

 

هآرتس 6/4/2025

 

 

شريط يتناقض وادعاءات الجيش عن قتل عمال الإغاثة

 

 

بقلم: نير حسون

 

 

الفيلم الذي كشف عنه في الهاتف المحمول للممرض الذي عثر على جثته في قبر جماعي لـ 15 من عاملي الاغاثة الذين قتلوا بنار الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة في 23 آذار الماضي، اظهر أن سيارات الاسعاف وسيارات الاطفاء التي كان فيها عاملي الاغاثة كانت عليها اشارات واضحة، وأن اضواء الطواريء كانت مشغلة عندما اطلقت قوات الجيش الاسرائيلي النار عليها. هذا بعد أن قالوا في الجيش في بداية الاسبوع بأن القوات “لم تهاجم بالصدفة” سيارة الاسعاف، وأن عدد من السيارات “تمت ملاحظتها وهي تتقدم بصورة مشبوهة” وبدون اضواء وبدون اشارات نحو الجنود، الذين قاموا باطلاق النار ردا على ذلك. الفيلم تم الحصول عليه من دبلوماسي رفيع في الامم المتحدة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، المكان والتاريخ تم التحقق منهما من قبل “نيويورك تايمز”. الجثث تم العثور عليها في يوم الاحد في حفرة في الرمال الى جانب السيارات التي تدمرت. المشاركون في انقاذ الجثث قالوا إن بعض القتلى كانوا مكبلي الأيدي أو الأرجل. بعد الضغط الدولي قالوا في الجيش الاسرائيلي في يوم الخميس الماضي بأنه تم فتح تحقيق رسمي في الحادثة.

 

 

 الفيلم وثق كما يبدو من داخل سيارة مسافرة، وتشاهد أمامها قافلة من سيارات الاسعاف وسيارات الاطفاء المُعلمة جيدا، مع الاضواء الامامية وهي تسافر جنوبا في الشارع المؤدي الى رفح في الصباح الباكر. القافلة توقفت عندما شاهدت سيارة انحرفت على جانب الطريق. وبعد نزول عاملي الاغاثة من سيارات الاسعاف وهم يرتدون الستر الرسمية التي تشخصهم كرجال اسعاف، سمعت صلية طلقات، التي حسب الفيلم الموجود لدى “نيويورك تايمز” استمرت لخمس دقائق. حسب المتحدثة بلسان الهلال الاحمر الفلسطيني فان جثة الممرض الذي وثقت كاميرته ما حدث تم العثور عليها بعد ذلك وقد تم اطلاق النار على رأسه.

 

 

 منذر عابد ايضا، متطوع (27 سنة) في الهلال الاحمر، الذي كان في قافلة سيارات الاغاثة، قال إن الجنود اطلقوا النار على سيارات الاسعاف وسيارات الاغاثة للجمعية الواحدة تلو الاخرى. وحسب قوله فانه بعد اطلاق النار استخدم الجنود جرافة لدفن السيارات المدمرة. عابد جلس الكرسي الخلفي في سيارة الاسعاف الاولى التي وصلت الى المكان في حي تل السلطان في رفح، بعد مهاجمة الجيش الاسرائيلي في المكان. في ذلك الصباح قال في مقابلة مع “الغارديان” بأنه تطوع في مستشفى في المواصي وأن النداء وصل الى منطقة الهجوم بعد الفجر بقليل.

 

 

 بعد حوالي عشرين دقيقة عابد واثنان آخران من الطاقم وصلوا الى المكان، على الفور بدأ اطلاق نار كثيف على سيارتهم. “منذ بدء الاطلاق اتخذت مكان آمن على أرضية سيارة الاسعاف”، قال عابد. “سمعت اصدقائي يلفظون انفاسهم الاخيرة. فجأة كل شيء صمت. سيارة الاسعاف توقفت والاضواء خفتت”. عندما تم فتح الباب شاهد جنود مع اضواء ليزر خضراء ونظارات رؤية ليلية.

 

 

 الجنود قاموا بجره الى الخارج ووجهه الى أسفل في محاولة لمنعه من رؤية ما حدث حوله، وخلعوا ملابسه وكبلوا يديه وراء ظهره. “قاموا بالقائي على الارض وبدأ التحقيق. أنا تعرضت للتعذيب الشديد واللكمات والاهانة والتهديد بالموت والخنق، أحد الجنود قام بالضغط بالبندقية على عنقي”. عابد يتذكر ويقول جندي آخر قام بوضع سكين على كتفي الايسر. وبعد وقت جاء ضابط وأمر الجنود بالتوقف. وقد سماهم بالمجانين الذين لا يعرفون كيف يتعاملون مع البشر. عابد اشار ايضا الى أن صياد سمك كبير في السن وابنه خرجا قبل الشروق تم اعتقالهم وتكبيلهم واجبارهم على الاستلقاء على الارض قربه.

 

 

 رغم رميه على الارض إلا أن عابد نجح في مشاهدة ما حدث. على كل سيارة اغاثة اخرى وصلت تم اطلاق النار بشكل كثيف. “خلال ذلك لاحظت سيارة دفاع مدني وسيارة اسعاف تقترب من المكان. وقد واجهت اطلاق نار كثيف من قوات الجيش لمدة خمس دقائق”، قال. “تمكنت فقط من رؤية اضواء سيارات الاسعاف وسماع اطلاق النار. بعد توقف الاطلاق لم اشاهد أي أحد ينزل من السيارات”. حسب قوله، بعد ذلك بدقائق وصلت ثلاث سيارات اسعاف اخرى وقد اطلقت قوات الجيش النار عليها ايضا.

 

 

 عند شروق الشمس، قال، نجح في رؤية ما حوله بشكل اوضح. “المنطقة كانت محاصرة بالكامل. وصلت دبابات، مسيرات وجرافة وحفار. بدأوا في حفر حفرة كبيرة، بعد ذلك القوا فيها سيارات الاسعاف وسيارة الدفاع المدني. بعد ذلك قاموا بدفنها واغلقوا الحفرة. حسب مصدر شارك في انقاذ الجثث تحدث مع “هآرتس”، فقد قام بوضع علامات على مكان دفن السيارات ومكان دفن الجثث. وقال لجهات الانقاذ ايضا باحضار معهم آليات للحفر في المكان.

 

 

 عابد نفى رواية الجيش التي تقول بأن اضواء سيارات الاسعاف كانت غير مشغلة. “الاضواء كانت مشغلة بشكل واضح، وشعار الهلال الاحمر كان واضح عندما كنا في الطريق الى المكان”، قال. الجيش الاسرائيلي وصف المكان كمنطقة عسكرية، لكن عابد قال إن المنطقة التي يدور الحديث عنها في حي تل السلطان، “الحساسين”، هي  منطقة مدنية والحياة فيها عادية ولم يتم الاعلان عنها كمنطقة قتال. في الجيش قالوا أيضا إنهم قتلوا تسعة مسلحين من حماس والجهاد الاسلامي في ذلك الحادث. ولكن لم يتم العثور على أي جثث اخرى في القبر الجماعي. عابد يصمم على أنه لم يكن أي مسلحين سافروا معهم في سيارات الاسعاف.

 

 

 عابد تم احتجازه لدى الجيش لبضع ساعات، خلالها، كما قال، تم خلع كل ملابسه، وتم ضربه والتحقيق معه حول ماضيه. بعد ذلك قال إنه تم اجباره على المساعدة في التحقيق وتصوير سكان المكان الذين تم أمرهم بالمغادرة والذهاب الى المواصي. بعضهم حملوا اولادهم القتلى. أم حملت ابنها الذي اطلقت النار على صدره وقتل. أم أخرى حملت ابنتها التي اطلقت النار على صدرها ايضا. طفلة جرت اختها التي بترت رجلها. عابد قال إن النساء سمح لهن بالمرور ولكن الرجال لا. “بدأت اعطي تعليمات للرجال. احضرت خمسة في كل مرة للوقوف أمام الكاميرا”، قال عابد. “بعضهم واصلوا بدون مشاكل، لكن آخرين تم اعتقالهم. قاموا بالباسهم ملابس بيضاء ووضعوهم في خفرة كبيرة. حتى الان لا اعرف ما الذي حدث لهم”.

 

 

 عابد تم اطلاق سراحه فقط في المساء. وقد قال إنه استعاد ساعته وملابسه الداخلية، لكن بطاقة هويته وايضا زي الاسعاف والحذاء لم تتم اعادتها له. وقد طلبوا منه الذهاب سيرا على الاقدام نحو المواصي، لكنه في نهاية المطاف نجح في ايقاف سيارة مارة للهلال الاحمر وركب فيها. حسب قوله هو حتى الآن يعاني بسبب الضرب، ونفسيته “محطمة”. عابد تطوع في الهلال الاحمر وهو في سن الـ 18، لكنه بدأ يعمل في طواقم سيارات الاسعاف في بداية الحرب فقط. “دخلنا الى المجال من خلال الشغف، رغم الاخطار التي تواجهنا اثناء أداء هذه المهمات. نحن الآن لا نتفاجأ عندما يقتل أي أحد، كل شخص يمكن أن يكون هدفا لأننا نواجه قوة محتلة تتجاهل القوانين والمواثيق الدولية. أي مهمة نذهب اليها تظهر وكأنها الاخيرة”، قال عابد بغضب.

 حسب بيان الصليب الاحمر والدفاع المدني فان القتلى الذين ينتمون للهلال الاحمر هم مصطفى خفاجة، عز الدين شعث، صالح معمر، رفعت رضوان، محمد بهلول، اشرف أبو لبدة، محمد الحيلة ورائد الشريف. قتلى الدفاع المدني هم يوسف خليفة، فؤاد الجمل، زهير الفرا، انور العطار، سمير البهابسة وابراهيم المغاري. وحسب البيان فان القتيل من الاونروا هو كمال محمد شختوت، وهو معلم من سكان حي الشابورة في مدينة رفح. حتى الآن غير معروف مصير عامل الهلال الاحمر أسد النسرة. ولكن عابد قال بأنه شاهده وهو على قيد الحياة ومعتقل على يد الجنود. النسرة لم تتم رؤيته منذ ذلك الحين.

-------------------------------------------

 

 

معاريف 6/4/2025

 

 

الظروف الحالية تخلق فرصة نادرة لترتيب الساحة اللبنانية الإسرائيلية

 

 

بقلم: ميخائيل هراري

 

 

 اتفاق وقف النار في لبنان والتغييرات الدراماتيكية في المنطقة، واساسا في سوريا خلقت امكانية إيجابية لرفع العلاقات بين إسرائيل ولبنان الى مسار مستقر. يدور الحديث عن ظروف غابت لزمن طويل عن الساحة الشمالية في ثلاث مديات زمنية.

 

 

في المدى الزمني الفوري، التحديث المركزي هو استقرار وقف النار والتنفيذ الكامل لقرار 1701. المسيرة التي بدأت في الأسابيع الأخيرة تبدو واعدة: رئيس وحكومة جديدين في لبنان يعربان عن التزام لفظي وعملي لتنفيذ القرار وجمع السلاح في يد الدولة. حزب الله يوجد في موقف ضعف واضح. هكذا أيضا ايران، ما يسمح للحكم الجديد في لبنان بالدفع قدما بسياسته.

 

 

إسرائيل ملزمة بان تبدي افقا ونضجا كي تسمح للمسيرة المركبة ان تنجح. هذه محقة في ميلها لتغيير سياسة الاحتواء التي اتخذت في الماضي، لكن لا يجب السماح لمحافل تسعى لإحباط المسيرة الواعدة بالوصول الى انهيارها. جدير أن تتخذ إسرائيل سياسة قوة ملجومة قدر الإمكان لاجل السماح للمسيرة اللبنانية الداخلية ان تستنفد الامكانية الكامنة الإيجابية التي فيها.

 

 

على لبنان أن يفكر جيدا بالسياسة الإسرائيلية التي بعد الحرب وان يبث سياسة علنية وعملية واضحة – سياسة تشدد على تصميمه على فرض السيادة اللبنانية على كل الدولة. كما أن للاعبين الخارجيين، الولايات المتحدة، فرنسا والسعودية، دور ذو مغزى. عليهم ان يتأكدوا من أن الطرفين يعملان على تنفيذ قرار 1701 وعند الحاجة ممارسة ضغط استراتيجي لهذا الغربي.

 

 

في المدى الزمني القريب تتعلق التحديات المركزية بالمفاوضات حول الحدود البرية ومسيرة نزع سلاح حزب الله، شمالي نهر الليطاني أيضا. نجاح المفاوضات في مسألة الحدود سيساعد جدا في تحقق التحدي الثاني. جدير التفكير بتقسيم المفاوضات حول الحدود الى قسمين، والبدء بالنقاط التي لا يوجد حولها خلاف تقريبا (12 من اصل 13 نقطة). من المهم ان يضفى على المفاوضات الإسرائيلية – اللبنانية طابع سياسي – مدني، وليس بالذات لاجل السعي منذ الان لاتفاق سلام، بل لاجل تعويد الرأي العام في الطرفين على الحوار السياسي، وليس فقط الأمني، بين الدولتين.

 

 

في المدى الزمني المتقدم، في ظل النجاح في المسائل الفورية، من الحيوي التركيز على جانبين اساسيين: على إسرائيل أن تهجر الخط القتالي في اظهار قوتها العسكرية. فقد سبق لهذه ان ثبتت.  حذار على إسرائيل أن تظهر كمتدخلة في المسيرة اللبنانية الداخلية.

 

 

في الجانب الثاني، الخطاب الجماهيري حول اتفاق سلام وان كان مبكرا، ويربط العربة امام الحصان، لكن توجد له أهمية كبيرة. في الساحة اللبنانية بالذات بما في ذلك ساحة حزب الله يجري بحث جماهيري مشوق يجد تعبيره في تنوع الآراء. يجدر بنا أن نتركه للجمهور الغفير دون أن نخلط هذا الان بتصريحات رسمية. نوصي السماح لمحافل المجتمع المدني من الطرفين تعميق البحث بينها ونزع الحظر عن وجودها.

ان الظروف الحالية تخلق فرصة نادرة لترتيب الساحة اللبنانية الإسرائيلية. توجد “شهية دولية” لضمان النجاح في الجبهة الشمالية، وبالتأكيد عندما لا تكون تلك الجنوبية، الفلسطينية، واعدة على الاطلاق.

-------------------------------------------

 

 

 

هآرتس 6/4/2025

 

 

والان رونين بار أيضا يؤكد: استمرار الحرب يجدي نتنياهو شخصيا

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

الرسالة التي ارسلها رئيس الشباك رونين بار الى قضاة المحكمة العليا في سياق الالتماس ضد اقالته هي احدى الوثائق الاكثر اهمية التي نشرت في اسرائيل منذ بدأت الحكومة في الانقلاب الثاني في كانون الثاني 2023. الرسالة نشرت أول أمس قبل ما من شأنه أن يكون الاسبوع الصاخب اكثر في الصراع على طابع النظام في اسرائيل. الى جانب مناقشة الالتماس في قضية رئيس الجهاز بعد غد تتسع تحقيقات الشباك والشرطة في قضية تدخل قطر في مكتب رئيس الحكومة نتنياهو. هذه الاجراءات تتقاطع مع بعضها البعض من ناحية نتنياهو، الذي يتوقع أن يواصل طريقه من هنغاريا الى الولايات المتحدة، من الضروري التخلص من بار في اسرع وقت ممكن قبل أن يتم تحقيق اختراقة في القضية القطرية.

في تفاصيل الرسالة يصف بار التغيير في تعامل نتنياهو معه في الاشهر الاخيرة. رئيس الحكومة اوضح بأنه قرر اقالة رئيس الشباك لأنه “فقد الثقة به”. رئيس الشباك اوضح خلفية ذلك. فقد ذكر، كما كشف ميخائيل هاوزر طوف في “هآرتس”، الضغط الذي استخدمه عليه نتنياهو في تشرين الثاني 2024 كي يقدم رأي يقول بأنه لا يستطيع مواصلة تقديم الشهادة في محاكمته لاسباب امنية. بار رفض وابلغ القضاة بأن المضمون الذي تم تحديده وهو نقل النقاش في محاكمة نتنياهو من المحكمة المركزية في القدس الى القبو الرئيسي في تل ابيب، مقبول عليه على اعتبار أنه المسؤول عن حماية رئيس الحكومة.

رواية بار تعزز ما كان يمكن فهمه قبل اكثر من سنة: مواصلة الحرب، في عدد كبير من الساحات، يفيد نتنياهو شخصيا. هو حقا يخشى من صفقة لتبادل المخطوفين التي ستعيد الـ 59 مخطوف المحتجزين لدى حماس لأنه في اعقاب ذلك يحتمل أن ينهار تحالفه السياسي مع قوائم اليمين المتطرف والائتلاف الذي يترأسه. ولكن اضافة الى ذلك استمرار الحرب يشكل حرف للانتباه عن المحاكمة وسيستخدم كذريعة للتأخير الذي لا يتوقف في خطواته (مع تأجيل الجزء المقلق جدا من ناحية نتنياهو، وهو التحقيق المضاد).

رئيس الشباك كتب بأنه في قضية قطر تجري “حملة تشويه ونزع شرعية”، تستهدف ردع جهات التحقيق وانفاذ القانون. هو يقتبس نتنياهو الذي سمى المستشارين المعتقلين، يونتان اوريخ وايلي فيلدشتاين، بـ “الرهائن” وضحايا “الصيد السياسي”، الذي يهدف كما يبدو الى وقف اقالة بار.

الى جانب رد المستشارة القانونية للحكومة، غالي بهراف ميارا، على الالتماسات، فان رسالة بار تقدم جواب جدي ومبرر على الادعاءات التي اسمعها نتنياهو والوزراء المخلصين له ومن يخدمونه في وسائل الاعلام كمبرر للاقالة (ازاء دوره في الاخفاقات التي أدت الى مذبحة 7 اكتوبر من الجدير ببار الاستقالة فيما بعد في كل الحالات، لكن ليس حول هذا الامر تتركز الآن النقاشات). مهم الانتباه الى الساعات الموقوتة المتنافسة. أول أمس تم ارسال فيلدشتاين الى الاقامة الجبرية، في حين أن اوريخ، الشخصية الرفيعة والمقربة اكثر منه من نتنياهو، سيبقى في المعتقل حتى غد.

في “اخبار 12” نشر أول أمس عن مواجهة قامت بها الشرطة بين من يجري التحقيق معهما. فيها وجه فيلدشتاين الهائج الاتهامات لاوريخ، الذي حسب قوله ورطه في القضية وبعد ذلك تخلى عنه. نتنياهو حاول التنصل في البداية من فيلدشتاين، لكنه بعد ذلك تراجع ودعمه، ومرة اخرى بدأ يتجاهله عندما تبين أنه عين لنفسه محام مستقل بدلا من المحامي الذي يتساوق مع رئيس الحكومة. جهد الماكنة المتشعبة التي يشغلها نتنياهو يتركز الآن على اوريخ وليس فيلدشتاين. الأمل هو أن لا ينهار في المعتقل وفي التحقيق وأن يتحدث عما يعرفه، كما يبدو أكثر بكثير مما يعرفه فيلدشتاين الذي عمل في المكتب مدة سنة تقريبا.

هنا اصبح الجدول الزمني حاسم بالنسبة لنتنياهو. في السيناريو المرجح أقل، الذي فيه المحكمة العليا لا تتدخل ولا تؤجل اقالة بار، يمكن استبداله بسرعة برئيس شباك خاضع ومخلص والعمل على تأجيل التحقيق واطلاق سراح اوريخ الى الاقامة الجبرية، قبل اكتشاف تفاصيل اخرى تعرض الرئيس للخطر. هذه فترة حاسمة وخطيرة على سلطة القانون في الدولة. نتنياهو لم يتقدم بعد في تطبيق الخطوة الاكثر اهمية بالنسبة له وهي محاولة اقالة المستشارة القانونية للحكومة.

 

بين غزة واليمن

 

في الفترة الاخيرة قدمت مصر اقتراح جديد للوساطة في المفاوضات حول مرحلة اخرى في صفقة التبادل. حماس اعلنت في السابق عن الاستعداد لاطلاق سراح خمسة مخطوفين اسرائيليين على قيد الحياة (هناك تقدير بأن 21 من بين الـ 59 مخطوف ما زالوا على قيد الحياة)، ردا على الاقتراح الامريكي. اسرائيل تطلب اطلاق 11 مخطوف احياء. في الحالتين الحديث يدور عن مرحلة مؤقتة، وليس عن صفقة تنهي الحرب. مصر ستحاول جسر الفجوة بين الموقفين.

في الحكومة وفي الجيش يدعون عن ظهور علامات الضائقة في حماس. اسرائيل استأنفت القتال في القطاع في 18 آذار، بعد شهرين تقريبا على وقف اطلاق النار، ومنذ ذلك الحين هي تقصف من الجو القطاع وتشغل القوات البرية في عدد من المناطق – مداخل بيت لاهيا في الشمال، منطقة نتساريم في الوسط وفي منطقة موراغ ومحور فيلادلفيا في رفح في الجنوب. المقاومة الفلسطينية ضئيلة حتى الآن. قتل المئات، بينهم شخصيات رفيعة في الجهاز السياسي لحماس وقادة ميدان في الذراع العسكري، جدد الشعور بالضغط في القطاع. هكذا ايضا الاخلاء القسري للسكان من مناطق القتال ووقف تقديم المساعدات الانسانية (رغم أن حماس ما زالت تملك مخزون كبير)، التي اثرت على استئناف المظاهرات ضد سلطة حماس. حسب مصادر اسرائيلية هذه هي خلفية استعداد حماس لتليين مواقفها.

في نفس الوقت اسرائيل تهدد بعملية اوسع لاحتلال القطاع والتفكيك الكلي لنظام حماس وقدراتها العسكرية والمدنية. هذا حتى الآن لا يحدث على الارض. عندما تم طرح الخطط على المستوى السياسي تحدثوا في الجيش عن الحاجة الى عدد كبير من الفرق، التي تستند الى الاحتياط من اجل تنفيذ هذه الخطط. في هذه الاثناء تعمل في القطاع ثلاث قيادات بمستوى فرقة، والقليل من ألوية الاحتياط، التي خدمت اصلا في المنطقة. الانتقال الى المرحلة القادمة يحتاج الى تجنيد واسع. في هذه الاثناء اسرائيل تضغط على أمل التوصل الى تحرير المزيد من المخطوفين، لكنها لا تعمل بشكل فوري على انهاء الحرب، سواء بعملية عسكرية أو صفقة تبادل شاملة.

في زيارته في الولايات المتحدة سيتناقش نتنياهو مع الرئيس ترامب ايضا العلاقة بين غزة واليمن. ترامب تحدث مؤخرا مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وطلب منه مساعدة مصر في حرب الولايات المتحدة ضد الحوثيين في اليمن. السيسي رد بأن الامر يتعلق بالتقدم في غزة. ربما أنه مرة اخرى توجد لترامب مصلحة متزايدة في التوصل الى صفقة مؤقتة في غزة. ايضا نتنياهو هذه الصفقة يمكن أن تفيده اذا هدأت بشكل قليل غضب الجمهور الاسرائيلي منه.

 

انتهى ولم يُدفن

 

رئيس الاركان ايال زمير قام في الاسبوع الماضي بخطوة انضباطية شديدة جدا بعد أن تم الكشف عن عن اعمال شغب للجنود والمستوطنين في قرية جنبا في جنوب جبل الخليل. بعد الحادثة بين رعاة فلسطينيين وأحد الرعاة الاسرائيليين، خرجت قوة من كتيبة مدفعية نظامية بمرافقة مستوطنين من قوة الدفاع المحلية، الى حملة انتقام شملت تخريب الممتلكات والمس بالسيارات. في البداية تم اخفاء الحادثة عن القيادة العليا. زمير صمم على الوصول الى المكان؛ عدد من الضباط تم توبيخهم أو عزلهم؛ ضباط وجنود آخرون تم ارسالهم الى السجن. هذا سيحدث ايضا في حالات اخرى من تنمر الجنود ضد الفلسطينيي، التي تم كشفها مؤخرا.

رئيس الاركان يوجد الآن في ذروة حملة مطلوبة لتعزيز الانضباط العملياتي في الجيش. هذا يشمل ايضا الحرص الكبير على اوامر فتح النار والتعامل مع المدنيين. في فترة سلفه هرتسي هليفي وجد الجيش صعوبة في الانشغال بهذا الامر. أولا، كانت هناك الحرب التي تمت ادارتها في مناخ انتقامي ازاء الفظائع التي قامت بها حماس. ثانيا، من كانوا يقودون الجيش منذ 7 اكتوبر وجدوا صعوبة في انفاذ القانون والعقاب ضد مرؤوسيهم، في الوقت الذي فيه هم انفسهم استمروا في مناصبهم رغم مسؤوليتهم عن الاخفاقات. ولكن زمير متحرر من كل ذلك وهو يصمم على استقامة الجيش بما في ذلك “قطع الرؤوس” اذا كانت حاجة الى ذلك، كما قال لجنرالات الجيش الاسرائيلي.

جزء من المشكلة، كما يقولون في هيئة الاركان، يتعلق بانزلاق معايير غريبة من الحرب في غزة الى المهمات الامنية الجارية في الضفة. بعد سنة ونصف من القتال فان القوات التي خرجت من القطاع (كتيبة المدفعية جاءت من الجنوب قبل يومين من حملة التدمير قرب الخليل) تجد صعوبة في استيعاب أن قوانين اللعب في الضفة مختلفة. ولكن الضفة ليست اساس المشكلة. ربما أن الامتحان الاول الصعب لرئيس الاركان، مع امتحان الجيش، يكمن في حادثة اخرى حدثت في القطاع قبل اسبوع تقريبا. وسائل الاعلام الاسرائيلية، باستثناء “هآرتس”، ذكرتها مؤخرا.

عشية 23 آذار اقتربت قافلة فلسطينية فيها سيارة اسعاف وسيارات اطفاء من قوة للجيش الاسرائيلي في حي تل السلطان في رفح. الجنود اطلقوا النار على السيارات التي حسب قولهم سافرت بصورة مشبوهة. 15 عامل في منظمات الاغاثة (14 حسب الجيش الاسرائيلي)، بينهم مسعف، قتلوا بسبب اطلاق النار. جثث هؤلاء العاملين والسيارات المحطمة وجدت بعد بضعة ايام وهي مدفونة في الرمال. مصادر في الفرقة المسؤولة عن منطقة العملية قالت في محادثة مع الصحيفة في الاسبوع الماضي بأن الجنود شعروا بالخطر على حياتهم، الذي من فحص هوية معظم القتلى تبين أن لهم علاقة مع حماس، وأن حماس تستخدم سيارات الانقاذ لنقل المسلحين. تجميع الجثث ودفنها بشكل مؤقت تحت شباك، كما قيل، هو جزء من اسلوب سائد يتبعه الجيش الاسرائيلي في القتال كي لا تصل اليها الكلاب. في الجيش الاسرائيلي تعودوا ابلاغ الفلسطينيين عن اماكن دفن الجثث بواسطة المنظمات الدولية.

في المقابل، شهود عيان فلسطينيون قالوا إن سيارات الطواريء كانت عليها الاشارات كما هو سائد، وكانت تسافر بأضواء وأن الضحايا تم اعدامهم باطلاق النار عليهم من مسافة قصيرة، وأن بعض الجثث عثر عليها وهي مكبلة الأيدي. وسائل الاعلام الامريكية والبريطانية نشرت مؤخرا معلومات وشهادات عززت ادعاءات الفلسطينيين. أمس نشرت “نيويورك تايمز” فيلم فيديو كان في الهاتف للممرض، ظهر فيه أن القافلة كانت عليها علامات واضحة خلافا لادعاء الجيش الاسرائيلي.

في المستوى الاعلى في الجيش سمعت في نهاية الاسبوع المزيد من علامات الاستفهام حول رواية الفرقة. ايضا يجب التعامل مع ادعاءات الفلسطينيين بدرجة من التشكك، والاخذ في الحسبان بأنه توجد لحماس مصلحة في جعل كل حادثة قتل حدث دولي بهدف الدفع قدما بخطوات قانونية ضد اسرائيل. حتى الآن يبدو أنه تطرح هنا ادعاءات حول مذبحة ضد عاملي اغاثة. لذلك تم نقل الحادثة لفحصها من قبل طاقم التحقيق في هيئة الاركان.

القوة التي اطلقت النار على عاملي الاغاثة هي من لواء غولاني، لكنها كانت تعمل وهي خاضعة للواء احتياط. قبل بضعة ايام نشر فيلم يوثق محادثة لقائد كتيبة في غولاني مع الجنود، عشية الدخول الجديد الى القطاع: “كل من تقابلونهم هم أعداء”، قال للجنود. “اذا لاحظتم أي شخص دمروه”. هذه الاقوال التي تعكس سياسة فتح موسع ومتساهل للنار، أدت ايضا الى قتل الكثير من الفلسطينيين في القطاع. هذه ايضا هي الخلفية لقتل المخطوفين الاسرائيليين الثلاثة الذين نجحوا في الهرب من أيدي آسريهم واطلقت النار عليهم وقتلوا بالخطأ على يد الجيش الاسرائيلي في حي الشجاعية في غزة في كانون الاول 2023.

طاقم التحقيق في هيئة الاركان يترأسه الجنرال احتياط يوآف هار ايفن، المدير العام السابق لـ “رفائيل” ورئيس قسم العمليات في الجيش الاسرائيلي. الفحص سترافقه المدعية العامة العسكرية الاولى الجنرال يفعات تومر – يروشالمي. فقط قبل اسبوعين حاول وزير الدفاع يسرائيل كاتس العمل على اقالة المدعية الرئيسية. رئيس الاركان اعطاها دعمه الكامل. الآن هي وهار ايفن بحاجة الى دعم آخر – حمايتهم من سيرك الادانة والتشويه الذي سيبدأ في القريب – من اجل التحقيق في هذه القضية المقلقة حتى النهاية.

-------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 6/4/2025

 

 

اسرائيل لن تسمح لتركيا بتواجد عسكري قريب من الجولان

 

 

بقلم: رون بن يشاي

 

التوتر في العلاقات الإسرائيلية – التركية الذي وصل الى ذروته الأسبوع الماضي خف قليلا يوم الجمعة عندما قال وزير الخارجية التركي في مؤتمر الناتو في بروكسل: “نحن لا نريد ان نرى أي مواجهة مع إسرائيل في سوريا. على السوريين وحدهم ان يقرروا في الشؤون الأمنية لبلادهم”.

تصريح هكان فيدان هذا كان بلا شك انعطافة إيجابية في أسبوع أعلن فيه حاكم تركيا اردوغان عن أنه يأمل في أن “يدمر الله إسرائيل” ودمرت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي تماما المطار العسكري تي 4 في سوريا قبل أن يدخل الجيش التركي اليه ويسيطر عليه.

في الغداة، في صباح يوم الأربعاء، اعلن وزير الدفاع كاتس: “احذر حاكم سوريا الجولاني، اذا سمحت لقوات معادية لإسرائيل الدخول الى سوريا وتعريض مصالح امنية لإسرائيل للخطر، فانك ستدفع ثمنا باهظا للغاية”. وللايضاح بان ليس فقط الحاكم الحالي لسوريا هو العنوان للرسالة، أضاف كاتس: “عمل سلاح الجو أمس في مطار تي 4 في حماة وفي منطقة دمشق هو رسالة واضحة وتحذير للمستقبل. لن نسمح بالمس بامن دولة إسرائيل”.

كاتس لم يذكر تركيا باسمها لان إسرائيل لا تزال تأمل بالامتناع عن مواجهة جبهوية وان تتوصل مع تركيا، بوساطة أمريكية وربما أيضا روسية، الى توزيع مناطق النفوذ وترتيبات الامن في الأراضي السورية. لكن قصف أربعة مطارات عسكرية كبيرة في سوريا في تلك الليلة كان رسالة للسلطان في أنقرة.

اردوغان، حزبه ونظامه ينتمون دينيا وايديولوجيا لتيار الاخوان المسلمين المتزمت الذي تنتمي اليه حماس أيضا. هذا هو السبب الأساس للعداء طويل السنين بين إسرائيل وتركيا، والذي اصبح علنيا منذ أكتوبر 2023، بخاصة بعد أن بدأ الجيش الإسرائيلي المناورة في داخل قطاع غزة.

منذ 8 كانون الأول 2024، عندما تفكك نظام الأسد نهائيا، تبخر الجيش الموالي له وتلقى “محور المقاومة الشيعي” ضربة قاضية، تعاظم في جهاز الامن واسرة الاستخبارات في إسرائيل التخوف من إمكانية أن تستغل تركيا الفراغ السلطوي في سوريا بشكل يخلق تهديدا على إسرائيل.

السبب الفوري لهذه المخاوف كانت العلاقة الشجاعة بين منظمات الثوار الجهاديين السُنيين وبين تركيا التي دعمتهم لوجستيا وسياسيا في عهد الحرب الاهلية في سوريا وحتى بعد ان كان يخيل أن الحرب خبت. جيب الثوار السودانيين في منطقة ادلب وجد بفضل تركيا. هناك تشكلت المنظمة العليا بجماعات الثوار الجهاديين، هيئة تحرير الشام بقيادة زعيم القاعدة في سوريا، محمد الجولاني، فاسقطت حكم الأسد.

 

 الاستراتيجية “العثمانية الجديدة”

 

الجيش الإسرائيلي، الذي تعلم درس 7 أكتوبر، لم يأخذ المخاطرة وتموضع في المنطقة الفاصلة منعا لوضع محتمل يكون فيه المسلحون الجهاديون السُنة على مسافة بضع مئات امتار عن بلدات هضبة الجولان الإسرائيلية. بالتوازي قصف سلاح الجو بنى تحتية عسكرية استراتيجية لجيش سوريا وحزب الله في كل ارجاء سوريا وعمل على تدمير مخزونات السلاح كي لا تقع في ايدي رجال هيئة تحرير الشام واساسا كي لا تقع في ايدي حزب الله.

كانت هذه هي الخطوة الاستراتيجية الأولى التي اتخذتها إسرائيل كي تمنع التهديدات الفورية التي من شأنها أن تنبع من سقوط نظام الأسد في سوريا. لكن بعد بضعة أسابيع لاحظت إسرائيل ان تركيا تعتزم، من خلال نفوذها على الثوار السُنة، التموضع في سوريا عسكريا واقتصاديا. صحيح أن تركيا تحتفظ منذ بضع سنوات بمثابة حزام امني داخل الأراضي السورية بعرض بضعة كيلو مترات كي تمنع مساعدة الاكراد السوريين لابناء شعبهم ممن يعملون ضد الحكم في جنوب شرق تركيا لنيل حكم ذاتي تركي في الأراضي التركية. أما الان فاردوغان يحاول توسيع وتثبيت نفوذ وتواجد بلاده العسكري والاقتصادي في كل ارجاء سوريا كجزء من استراتيجية “العثمانية الجديدة” التي بموجبها تعمل تركيا في العقد الأخير وتسعى لان تثبت تركيا من جديد كقوة عظمى إقليمية مسيطرة في الشرق الأوسط وكعامل هام في الساحة الدولية.

تركيا تستغل كل فراغ أو ضعف سلطوي في الشرق الأوسط، ولا سيما منذ الربيع العربي كي تكتسب لنفسها المواضع. اليوم توجد لها قواعد عسكرية دائمة في ثماني دول في الشرق الأوسط وفي افريقيا. ضمن أمور أخرى في شمال العراق، في شمال سوريا، في قطر، في الصومال، في تشاد وفي شمال قبرص.

هذا الانتشار يستهدف أيضا خدمة التطلعات الاقتصادية لتركيا للسيطرة ليس فقط على حقول الغاز في البحر المتوسط بل وأيضا لمنع دول البحر المتوسط عن تجارة وتسيير الغاز مع أوروبا. الاحتكاك الاقتصادي في موضوع السيطرة على التنقيب عن الغاز حول قبرص والمحاولة التركية لمنع إقامة أنبوب غاز تحت مائي في البحر المتوسط ينقل الغاز من مصر، إسرائيل وقبرص الى أوروبا هو العامل المركزي للاحتكاك بين إسرائيل وتركيا، لكن مركز التوتر الأساس بين القدس وأنقرة الان هو جهود تركيا لتثبيت تواجد ونفوذ في سوريا على حساب ايران وروسيا. اردوغان، كما نشر في وسائل الاعلام العالمية اقترح على الجولاني ان تعيد تركيا بناء الجيش السوري، لكون رجاله في قسم منهم رجال المنظمات الجهادية، الأعضاء في هيئة تحرير الشام التي يقف الجولاني على رأسها.

 

 توجد إمكانية للحوار

 

نية تركيا لادخال منظومات دفاع جوي ورادارات مركزية في سوريا تهدد مباشرة حرية العمل الجوي لاسرائيل في المجال الجوي لسوريا. حرية العمل هذه حيوية ليس فقط لمنع تهديدات مباشرة من سوريا على إسرائيل بل وأيضا كامكانية لمسارات طيران لاهداف قريبة وبعيدة في الشرق الأوسط كايران مثلا.

ان تموضع عسكري تركي في جنوب وشرق سوريا، بما في ذلك في الجولان السوري من شأنه أيضا ان يخلق وضعا ينزل فيه الجهاديون الذين اصبحوا “قوات الامن” للجولاني تحت رعاية القوات التركية الى الجنوب، وسرعان ما سينشأ وضع كالذي كان في غلاف غزة قبل 7 أكتوبر وفي الحدود اللبنانية حيث يكون جيش إرهاب معاد لإسرائيل يوجد على مسافة هجوم بري على بلدات هضبة الجولان وشمال إسرائيل.

حتى سقوط نظام الأسد كانت في منطقة الحدود مع إسرائيل قوات رقابة روسية منع الجيش السوري ومسلحين محليين من الصدام مع إسرائيل. لكن اذا ما تموضع في المنطقة شخص تركي يستخدم المُسيرات والحوامات واساسا بطاريات الدفاع الجوي من مطارات تي 4، حمص وحماة، فستضطر إسرائيل لان تزن جيدا كل عمل تقوم به للدفاع عن مواطنيها وسيادتها في منطقة هضبة الجولان وتزن اذا كان مثل هذا العمل سيؤدي الى صدام عسكري مع تركيا.

وعليه، فعندما اعتزمت قافلة قوات امني تركية الدخول الى مطار تي 4 ومنطقة حمص، على مسافة اكثر من 100 كيلو متر عن الحدود مع إسرائيل، خرج سلاح الجو لسلسلة اعمال قصف خربت تماما المطار ومحتواه، بشكل يمنع إمكانية التموضع والعمل من داخله على مدى زمن طويل.

يمكن للاتراك بالتأكيد أن يعيدوا بناء هذه المطارات، لكن إخراجها عن الاستخدام من قبل سلاح الجو الإسرائيلي استهدف أساسا نقل رسالة للاتراك بان إسرائيل لن تسمح بهذا.

ان القلق الحقيقي وبعيد المدى لإسرائيل بالنسبة لتركيا هو نشوء محور إسلامي – سُني بروح الاخوان المسلمين، تقوده تركيا ويمر في سوريا، لدى الاخوان المسلمين في الأردن، عبر مؤيدي حماس والجهاد الإسلامي في الضفة وينتهي في غزة. في إسرائيل يخشون جدا من أن يحتل محور الاخوان المسلمين هذا محور الشر الشيعي بقيادة ايران.

لكن بخلاف ايران، التي لا توجد لإسرائيل معها أي نقطة اتصال دبلوماسية وإمكانية للحوار، تركيا هي عضو في الناتو وحليف قريب من الولايات المتحدة ولا علاقات قريبة أيضا مع روسيا. منظومات الامن والاقتصاد لإسرائيل وتركيا توجد على اتصال دائم. رغم أن تركيا اليوم تعطي رعاية شبه علنية لاعمال حماس في الضفة من أراضيها، لإسرائيل توجد قدرة على الحوار مع الاتراك ونقل الرسائل لهم بشكل مباشر بل والتأثير عليهم. لا شك ان مخاوف إسرائيل من محاولات تركيا للسيطرة على سوريا – الى جانب مواضيع مشتعلة أخرى كالمخطوفين وايران – ستكون موضوعا مركزيا في اللقاء هذا الأسبوع بين ترامب ونتنياهو في البيت الأبيض.

عمليا ما تقترحه إسرائيل على تركيا هو تقسيم سوريا الى مناطق نفوذ برعاية الولايات المتحدة في الشرق، روسيا في قاطع الشاطيء الغربي؛ تركيا في الشمال، إسرائيل في الجنوب وفي الشرق، والنظام المؤقت في سوريا في كل ما تبقى. هذا على الأقل الى أن تقوم حكومة مستقرة منتخبة في سوريا. أي بعد سنوات غير قليلة.

-------------------------------------------

 

يديعوت احرونوت 6/4/2025

 

 

إسرائيل يجري فيها انقلاب من الحكومة عكس ما يريده اغلبية الجمهور

 

 

بقلم:  بن درور يميني

 

كان هذا أسبوعا صعبا جدا لدولة صغيرة جدا. أسبوع أُعلن فيه عن بديل لرئيس الشباك، التعيين استبعد، اسم آخر صعد، هو الاخر هبط فورا. أسبوع اعتقل فيه الرجل الأكثر قربا من رئيس الوزراء للاشتباه بخدمة قطر، وعندها جاء يوم الجمعة من الأسبوع المليء، وتعرضنا لقنبلتين أخريين. كتاب رئيس الشباك الذي يكشف حقيقة أن رئيس الوزراء طلب منه كتاب اعفاء من الشهادة في المحكمة، والاسوأ من ذلك، العمل ضد المواطنين، ود. اودي ليفي، رئيس سابق لوحدة “تسلتسل” في الموساد (التي تعنى بالحرب الاقتصادية ضد منظمات الإرهاب) الذي يدعي بان من الواجب التحقيق في الوثائق التي تشهد على نقل مال من قطر الى نتنياهو (قضية رايفن). ماذا ستطلبين منا اكثر من ذلك يا أميرة. كيف يمكن لنا أن نحتمل هذا الثقل، فيما نحن لا نزال في معركة متعددة المناطق وفيما أن ساعة الرمل تدق قبيل المواجهة الأكبر، مع ايران.

وكان هذا أيضا أسبوعا قضى فيه رئيس الوزراء، بنفسه وبجلالة فضله، بان قطر التي تسللت الى داخل مكتبه هي “دولة مركبة”، فيما ان كل من هب ودب يعرف، وبالتأكيد يعرف، بان هذه دولة الاخوان المسلمين. دولة تمول إرهاب جهادي وتدعم حماس. دولة ترشي بمليارات لا تحصى اجساما في العالم، بما فيها اجسام اكاديمية، دولة اعلامها “الجزيرة” تبث دعاية رهيبة لعشرات الملايين ضد إسرائيل. لكن “دولة مركبة”. حسب هذا المنطق فان ايران هي “دولة مشوقة”.

الان هذا كتاب التفجير لرئيس الشباك. هذه كلمة مقابل كلمة. اذا كانت الادعاءات صحيحة، فعندها يكون نتنياهو أراد أن يجعل الشباك شرطة خاصة سرية، شتازي. واذا لم يكن هذا صحيحا فانه في رئاسة الشباك يقف، ولا يزال يقف رجل خطير يحاول أن يفرض نفسه، بالكذب، على حكومة منتخبة. هذا ليس خلافا آخر، هذا بات هزة أرضية.

يحتمل، بالتأكيد يحتمل، بعد أن تعرض الأدلة ستقرر محكمة العدل العليا بان اقالة رئيس الشباك جاءت لتمس بتحقيق قطر غيت. نتنياهو سيرفض الطاعة. ماذا بعد ذلك؟ الكهاني المعين من الحكومة مسؤولا عن الشرطة هل سيبعث افراد الشرطة ليطردوا بار من مكتبه؟ من سيطيع افراد الشرطة؟ هل سيضطر الجيش للتدخل كي يفرض النظام؟ واذا كان نعم، فمن سيطيع الجنود؟ وماذا سيحصل في الشوارع؟ ليل غالنت سيكون لعبة أطفال مقابل ما يمكن أن يحصل.

لاضافة الزيت على شعلة التحريض ينثر نتنياهو مؤامرة الدولة العميقة لابنه. منذ عقد ونصف وهو رئيس الوزراء. معظم القضاة الحاليين في المحكمة العليا عينوا تحت حكمه. لكن دولة عميقة. منذ ان اعتزلت استر حايوت وعنات بروم المحكمة العليا – توجد هناك اغلبية للتيار المحافظ. لكن دولة عميقة. يكاد يكون كل موظف كبير مع صلاحيات ما، كل ضابط كبير في الشرطة، كل لواء في هيئة الأركان، تلقى تعيينه في عهد ولايته. لكن دولة عميقة. لكل الكبار في سلك خدمة الدولة لا توجد ذرة من القوة التي لبن غفير او سموتريتش. لكن دولة عميقة. كل الأجهزة معا غير قادرة على أن تحول شيكل واحد في الميزانية من بند الى بند. لكن دولة عميقة. لغولدكنوف وجفني توجد قوة لتحويل مليارات الى المتملصين. وهما يحولانها. لكن دولة عميقة. اغلبية مطلقة في الجمهور، من الشمال ومن الجنوب، من اليمين ومن اليسار، تعارض قانون التملص، ونتنياهو يعلن عن خضوع مسبق لاولئك الذين شعارهم هو “تموتون ولن نتجند”. لكن دولة عميقة. بمراعاة سلم الأولويات وقرارات الحكومة، معظم الإسرائيليين كانوا أكثر هدوءً لو كان هنا جهاز دولة عميقة قوي. لكن لا يوجد. وكم محزن انه لا يوجد.

إسرائيل توجد في وضع غريب. يجري فيها انقلاب. لكن ليس من خلال مظاهرات الشارع. ليس من خلال الجيش. هو يجري من قبل الحكم الذي يكاد يكون في كل مجال يفعل النقيض عما تريده اغلبية الجمهور. الاغلية تريد تحرير مخطوفين، حتى بثمن وقف نار وتحرير مخربين. بن غفير وسموتريتش يريدان شيئا معاكسا، وهما المقرران. اغلبية الجمهور تريد مساواة في العبء. لكن وزير الدفاع، الذي حصل على المنصب كي يروج للتملص، يفضل الرقص مع المتملصين وسحق الأغلبية. اغلبية الجمهور تعارض الانقلاب النظام بالاكراه. يريف لفين وسمحا روتمان يفرضان ارادتهما.

والان يأتي رئيس الشباك، بنفسه وبجلالة قدره، ويدعي بان رئيس الوزراء حاول ان يستخدم جهاز الامن كي يمس بالمواطنين. قادة شباك يفترض بهم ان يحافظوا على السرية المطلقة. فكل حارس يلتصق بابناء عائلة نتنياهو يعرف أمورا تقشعر لها الابدان. هم يسكتون. وخير أنهم يسكتون. لكن توجد لحظة يكون فيها السكوت خيانة. اذا كان نتنياهو حاول حقا أن يستخدم الشباك لأغراض سياسية، ضد المعارضة، فهم ملزمون بان يفتحوا الفم. لا ان يهددوا، لا ان يحذروا، ان يتكلموا. نداف ارغمان، الذي وقف على رأس الشباك سبق أن قال انه اذا أجاز نتنياهو القانون فسيفتح الفم. السؤال هو ليس ما سيفعله نتنياهو. السؤال هو هل سبق ان نتنياهو فعل. وفقط شيء واحد واضح. في إسرائيل تتولى حكومة تسحق الأغلبية. حتى حدود معينة، هذه الديمقراطية. لكن يخيل أن في الأسبوع الماضي تم اجتياز خطوط حمراء. صندوق المفاسد فتح. ربما، حبذا، سيعيد الحكم للاغلبية.

-------------------------------------------

 

هآرتس 6/4/2025

 

 

نتنياهو وأوربان في حلف المنبوذين: لا إسلام بعد اليوم.. ولا قانون يحكمنا

 

 

بقلم: أسرة التحرير

 

محظور على محكمة العدل العليا التعاطي بعد غد مع الالتماسات التي رفعت ضد إقالة رونين بار رئيس “الشاباك”، كموضوع فني صرف. فكتاب بار إلى المحكمة عقب إقالته العاجلة، يكشف عن درك أسفل جديد لنتنياهو، في سعيه الحثيث لتغيير طبيعة النظام الديمقراطي في إسرائيل. في كتابه، يشير بار إلى أنه “في أثناء تشرين الثاني 2024 طلب منه رئيس الوزراء مراراً، إعطاء فتوى أمنية تقضي بأن الظروف الأمنية لا تسمح بإجراء شهادته المتواصلة في محاكمته الجنائية”. بكلمات بسيطة، أراد نتنياهو من “الشاباك” أن يوفر له ذريعة لتأجيل، وعملياً إذابة، محاكماته الجنائية.

والأخطر هو طلبه، هكذا حسب بار، استخدام “الشاباك” ضد مواطني إسرائيل. لا يفصّل بار ما الذي طلبه منه رئيس الوزراء بالضبط، لكن سبق أن نشر بأنه طلب من “الشاباك” استخدام قدراته لقمع حرية التظاهر والاحتجاج. وإذا لم يكن هذا بكاف، يشير رونين في كتابه إلى التحقيقات ضد مستشاري نتنياهو حول تسريب وثيقة سرية لصحيفة “بيلد” الألمانية، والشبهات بدور قطر (دولة داعمة لحماس) في الشؤون الأمنية لإسرائيل. ويذكر أن في هذا الموضوع “إجراء حملة تشهير ونزع شرعية ترمي إلى ردع محافل التحقيق”، وأن نتنياهو قضى بأن هذا “تحقيق سياسي”.

بعد أن جعل الكنيست ختم بصمة، وذلل الشرطة وأضعف جهاز القضاء، يحاول نتنياهو الآن تحويل “الشاباك” إلى جهاز استخبارات سياسي يخدمه ويخدم عائلته. لكن الأمر رمزي؛ ففي اليوم الذي نشر فيه كتاب بار، يستجم الزوجان نتنياهو في بودابست. هنغاريا بقيادة فيكتور أوربان، أصبحت قبل سنوات “دولة دكتاتورية تحت غطاء ديمقراطي -يفعل فيها الحاكم كما يشاء في البرلمان، وفي وسائل الإعلام، والمحاكم، والشرطة والجيش. وأعلن أوربان، المنعزل في الاتحاد الأوروبي، الانسحاب من محكمة الجنايات الدولية كمساعدة لنتنياهو. هذه المحكمة أصدرت ضد نتنياهو ووزير الدفاع غالنت أوامر اعتقال للاشتباه بجرائم حرب. وأعلن الزعيمان بأنهما يتطلعان ليصبحا رافعي علم “الحضارة اليهودية – المسيحية”، أي ضد الإسلام، والمهاجرين الأجانب والقانون الدولي. أسسا في بودابست “حلف المنبوذين”. ثمة خيط واضح يربط بين الارتباط بأوربان القومجي، الذي يعدّ غير قليل من مؤيديه لاساميين وفاشيين، وتطلع نتنياهو لأن يصبح الحاكم الفرد.

إذا أراد قضاة محكمة العدل العليا لـ “القلعة” -على حد تعريف رئيسة المحكمة العليا السابقة استر حايوت- ألا تسقط حقاً، فعليهم فهم بأنه لا توجد مسألة على المحك إذا كان من حق رئيس الوزراء إقالة رئيس “الشاباك” وفي أي ظروف. البحث في محكمة العدل العليا هو في مسألة هل ستوافق إسرائيل كونها دولة ديمقراطية، بحماة الحمى فيها، والتوازنات والكوابح الضرورية، ومبدأ فصل السلطات.

-------------------------------------------

 

إسرائيل هيوم 6/4/2025

 

إخفاق غزة.. أحد ما هنا لا يريد أن ينتصر

 

 

بقلم: ايال زيسر

 

منذ خمسة عشر شهرا والجيش الإسرائيلي يقاتل ضد حماس في قطاع غزة، لكنه ما يزال بعيدا عن هزيمة العدو. بل يخيل أن صورة النصر آخذة في الابتعاد كلما واصلنا المراوحة بلا غاية وبلا هدف.

إن المصاعب بل والإخفاقات في الأسابيع والأشهر الأولى من الحرب في غزة، كان يمكن تبريرها بالضربة الرهيبة التي تلقيناها من حماس في 7 أكتوبر. الهجوم المفاجئ الذي لم نتوقعه ولم نستعد له، أدى إلى فقدان الصواب وانهيار المنظومات في المستويين السياسي والعسكري وجعل اتخاذ القرارات صعبا في كل ما يتعلق بأهداف الحرب وطريقة إدارتها.

بعد كل شيء كانت حماس ما تزال في ذروة قوتها، فيما أن إسرائيل وجدت نفسها تقاتل على سبع جبهات وتتعرض لجملة ضغوطات في الساحة الدولية. في أوساط الكثيرين وعلى رأسهم رئيس الوزراء نتنياهو عشعش التخوف من ألا يتمكن الجيش الإسرائيلي من الإيفاء بالمهمة وأن يجبي القتال في غزة حجما من المصابين لا يمكن للجمهور أن يحتمله.

وعليه، فقد علقنا في حرب متواصلة لأشهر من طويلة دون غايات وأهداف واضحة، من دون خطة حملة كبيرة تفصل ما ينبغي عمله منذ البداية وحتى النهاية. بدلا من هذا شهدنا جملة عبثية من الحملات التي لم يكن لها في الغالب تواصل ولم يكن هناك اتصال بينها، ولم تؤد إلى تحقيق الحسم في الحرب - بداية قتال في مدينة غزة، بعد ذلك في خانيونس، وبعد ذلك في رفح، والعودة إلى البدء.

لكن يخيل أن كل شيء يبدأ وينتهي في أن أهداف الحرب حددت منذ البداية بشكل عمومي وغامض من دون التفصيل كيف سيحققها الجيش الإسرائيلي في الميدان. تصفية القدرات العسكرية لحماس هي شعار فارغ وليس خطة عمل عسكرية مرتبة تتضمن أهدافا ملموسة للتحقيق. هل كان الجيش الإسرائيلي مطالبا بأن يصفي كل مخربي حماس؟ نحن نبلغ اليوم بأن حماس تجند بلا صعوبة فتيانا وشبانا بدلا من المقاومين الذين قتلناهم. ولعل الحديث يدور عن تصفية القدرة الصاروخية لحماس؟ لكن ها هي مرة أخرى تعود لتطلق في كل يوم تقريبا الصواريخ نحو بلدات الغلاف. "التنقيط" يعود وبكل قوة. وما وردنا بيانات للإعلام عن إخلاء غزيين من مناطق إطلاق الصواريخ كي يعود هؤلاء إلى هذه المجالات بعد يوم أو يومين. وهكذا فإننا محكومون بحرب طويلة يحتل فيها الجيش الإسرائيلي أرضا وبعد ذلك يخليها كي يحتلها مرة أخرى من جديد. حرب، أحيانا قوية وفي الغالب على نار هادئة. وبين هذا وذاك توقفات نار والعودة إلى البدء.

كان يمكن أن نتوقع وحتى أن نأمل في أن تصحو إسرائيل وتتعلم من إخفاقات الماضي وتتبنى نهجا مختلفا، وأساسا هدفا محدثا موضوعه احتلال القطاع أو على الأقل مناطق واسعة منه أو كبديل – الدفع قدما بتسوية سياسية تضمن إبعاد حماس عن القطاع، بل وحتى صفقة لتحرير مخطوفينا جميعهم. لكن كل هذا لا يحصل، ونحن نواصل التحرك في طريق بلا مخرج لا يقربنا من هدفنا.

في كتب التاريخ ستذكر حرب الـ15 شهرا الأخيرة كحرب فاشلة – بداية بسبب الشكل الذي نشبت عليه، لكن أيضا وأساسا بسبب الشكل الذي تدار فيه منذئذ، وقبل كل شيء من قبل المستوى السياسي الذي وكأنه لا يريد أن يحسم وينتصر في الحرب، ويأتي بنهايتها بل يفضل حربا بلا نهاية.

لهذا لا يوجد اليوم أي سبب. قيادة الجيش تبدلت ولا يمكن اتهامها بانعدام الروح القتالية. إدارة ترامب تمنحنا يدا حرة للعمل بقدر ما نجد من الصواب، بل والدول العربية توصلت منذ زمن إلى الاستنتاج بأنه من الأفضل للجميع أن تهزم حماس وبالتالي هي أيضا تمنح إسرائيل الضوء الأخضر للعمل في غزة، لكن إسرائيل ما تزال عالقة في مكانها تمتنع عن اتخاذ القرارات وتفتقر للرؤية وخطة العمل.

وفي نهاية الأمر، عندما سيرى الأميركيون أننا غير قادرين على أن نحسم وننتصر بل ونخاف من أن نقرر، فإنهم سيقررون بدلا منا وفقا لخريطة مصالحهم، وعندها لن نتمكن من أن نتهم إلا أنفسنا.

كفى لمراوحة لا نهاية لها في رمال غزة، كفى للتردد والخوف من اتخاذ القرارات – حان الوقت لاستبدال القرص والخروج من الدائرة السحرية التي نوجد فيها منذ 15 شهرا. هكذا ننتصر وهكذا أيضا نعيد مخطوفينا الذين في يدي حماس.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here