المخيمات الفلسطينية شوكة في حلق الاحتلال

تُعتبر المخيمات الفلسطينية العقدة التي ظلت تؤرق الاحتلال وتحبط مخططاته. فهي الحاضنة القوية والرئيسية للمقاومة، وهي شوكة في حلق الاحتلال، وشاهد على نكبة الشعب الفلسطيني، والرمز الذي بقي يحمل حق العودة الذي يسعى الفلسطينيون إلى تحقيقه مهما طال الزمن أو قصر.

فعلى غرار غزة، بدأت حكومة الاحتلال تتحدث عن مخططاتها لليوم التالي لعمليتها العسكرية في الضفة الغربية المحتلة، فبعد سلسلة تهجير وتجريف للأراضي وهدم للمنازل والبنية التحتية، يتحدث الإعلام العبري عن مخططات لإعادة ترتيب الجغرافيا والديموغرافيا، وسط تحذيرات من أن الفلسطينيين لن يصمتوا طويلاً.

تركز الخطة على إعادة تشكيل المخيمات الفلسطينية وسكانها، التي تضم قرابة مليون لاجئ موزعين على حوالي 20 مخيماً، إذ تسعى سلطات الاحتلال لمنع عودة المخيمات إلى دورها كمراكز للمقاومة.

وبسبب عجز الاحتلال عن فرض السيطرة الكاملة على هذه المخيمات، لجأ إلى أساليب أمنية جديدة تقوم على تغيير الطابع الجغرافي والديموغرافي، كما يحدث في مخيم جنين، وفق ما تظهره تسجيلات مسرّبة.

التغيير الديموغرافي يتم عبر التهجير القسري، حيث يعود السكان ليجدوا منازلهم مهدمة ومكانها شوارع، ما يصعّب إعادة البناء ويقلل من فرص العودة.

وحذّر محللون من أن المخططات الإسرائيلية تهدف إلى تهجير سكان المخيمات وتدمير رمزيتها تمهيداً لتصفية القضية الفلسطينية.

ووفق موقع “والا” العبري، فإن جيش الاحتلال قرر تفكيك مخيمات جنين وطولكرم وتحويلها إلى أحياء تتيح له حرية أكبر في التحرك، بالتوازي مع استمرار ضمّ أراضٍ في الضفة تجاوزت 52 ألف دونم منذ 7 أكتوبر 2023.

وراء عملية “السور الحديدي” تقف أهداف استراتيجية، منها ضمّ الضفة الغربية، وهو هدف لم تخفِه حكومة الاحتلال، التي تحظى بدعم غير مسبوق من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

تسعى سلطات الاحتلال لتحقيق هدفين استراتيجيين: القضاء على القضية الفلسطينية، وضم الضفة الغربية، عبر خطة يمينية متطرفة تستغل ضعف النظام الدولي، وتقوم على تهجير سكان المخيمات جزئياً كما يحدث في جنين.

اقتحم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مخيم طولكرم، والتُقطت له صور في منزل عائلة لاجئة تم طردها، محاطاً بالضباط وتحت علم دولة الاحتلال، في مشهد يرمز إلى الغطرسة والتشفي.

تمضي سلطات الاحتلال بخطة لنهش حق العودة، إن تعذّر القضاء عليه الآن، وتبدأ بإقصاء الأونروا وربطها بالإرهاب، في إطار السعي لتفكيك قضية اللاجئين.

التهجير القسري والتوطين الإجباري للاجئين هما أهداف استراتيجية، فضم الضفة يتطلب تقليل عدد الفلسطينيين إن تعذّر التخلص منهم نهائياً.

فشلت محاولات التهجير الجماعي في غزة، فتحوّل الاحتلال إلى التهجير الجزئي انطلاقاً من مخيم جنين، وإذا نجح هناك، ستُكرر التجربة في مخيمات مناطق “ج” و”ب”.

العدوان ليس عسكرياً فحسب، بل يسعى إلى إنهاء دور الأونروا، وإغلاق ملف اللاجئين، وإسقاط حق العودة، وهو ما يتجلى في تغيير المخيمات إلى أحياء مدينية، بهدم البيوت، وشق الشوارع، ومنع العودة، وتضييق الخناق الاقتصادي والاجتماعي، بهدف دفع السكان للاستقرار خارج المخيم.

disqus comments here