ليبرمان يجاهر بعدد الوحدات الاستيطانية

 موضوع الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي ليس جديدا، انما هو ملف مطروح على مدار تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

لا سيما وانه احد اهم مرتكزات المشروع الكولونيالي الصهيوني، ورافعته، وعنوانه، ومفتاح روايته المزورة والكاذبة، وحامل كل موبقات التاريخ وجرائمه ووحشيته. وكان وسيبقى العنوان الأبرز والاساس في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لانه مرتبط بعملية التطهير العرقي، والسيطرة على الأرض، والمنتج والمولد لكل جرائم الحرب للسيطرة على الحقوق والمصالح الوطنية الفلسطينية بكل عناوينها ومجالاتها بما في ذلك الرواية الفلسطينية والموروث الحضاري والمأكولات والملابس، لانه لا يملك أي علاقة بالأرض والوطن الفلسطيني، ولا باي مظهر من مظاهر الحياة، وبالتالي يسعي بالإضافة لعملية الترانسفير والطرد والقتل والاغتصاب والعنصرية بابشع اشكالها وتجلياتها إلى تقمص دور "صاحب الأرض" عبر تلفيق روايته، التي لا اثر لها، ولن يكون لها ذات يوم أي اثر مع وفي فلسطين التاريخية، بغض النظر عن الزمن الذي اغتصبوا فيه الأرض الفلسطينية.

 

اذا الحديث عن الاستيطان الاستعماري الإسرائيلي ليس اجترارا، ولا تزيدا في الفذلكة، ولا ازهاقا للقارىء، وانما هو كما ذكرت احد ابرز واهم العناوين الأساسية للصراع، والذي يفترض ان تبقى بوصلة النضال الوطني التحرري مصوبة عليه والوقوف على تطور اشكاله ومظاهره، ومتابعة تطوراته واليات العمل الصهيونية الرسمية وغير الرسمية فيه وعليه، ومن خلاله استشراف مواجهته، والتصدي له، واشتقاق البرنامج الكفاحي لهزيمته.

في خطوة غير مفاجئة اعلن افيغدور ليبرمان، وزير مالية حكومة التغير يوم الثلاثاء الماضي الموافق 16/11/2021 أن "الحكومة الإسرائيلية ستبني 60 الف وحدة استيطانية على الأقل سنويا، وليس 40 الفا، كما حدث في الماضي." وأضاف الوزير المافيوي لقناة "مكان" الإسرائيلية "ان هذه الخطة ستؤدي إلى انخفاض أسعار السكن."

 

وبالمجاهرة في الاعلان العدواني السافر والارهابي يكون زعيم حزب "يسرائيل بيتينو" وجه رسائل عدة أولا للقيادة والشعب العربي الفلسطيني ونخبه وقواه السياسية وقطاعاته الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، معلنا فيها، ان دولة إسرائيل المارقة والخارجة على القانون لا تبالي بردود فعلكم، وبيانات شجبكم، وترفض من حيث المبدأ السلام، ولا تريد ان تجلس معكم، ولا ان تتفاوض واياكم، ولا تعترف بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران / يونيو 1967، ولا بخيار دولتي قرار التقسيم 181، ولن تقبل العيش معكم في حدود الدولة الواحدة. وكأن لسان حاله يقول: تنفيذا لقانون "أساس الدولة اليهودية" لا حقوق لكم، ولا وطن، ولا تحلموا بوجود دولة، واعلى ما في خيلكم اركبوا!؟ وهذا لسان حال كل الأحزاب والكتل الصهيونية بمختلف مشاربها. واذا كان هناك حزبا داخل الائتلاف الحاكم ضد هذا الإعلان، عليه ان ينسحب من الحكومة، ويعلن رفضه لذلك، لا ان يبقى واضعا رأسه في الرمال باسم حماية الحكومة المهلهلة، ولا ان يتذرع بالخشية من عودة نتنياهو. لانها كذبة كبيرة آن الآوان لطيها.

 

كما انه يوجه رساله للمجتمع الدولي عموما والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية خصوصا بالاستخفاف بمطالبهم ودعواتهم ومناشداتهم لدولته وحكومته الفسيفسائية بوقف الاستيطان، وحماية ما تبقى من افاق لخيار حل الدولتين ورافضا هو واقرانه في الحكم العملية السياسية من حيث المبدأ. واراد ان يقول لهم، اننا نبني بدعمكم، ومساندتكم، ورضاكم، وحمايتكم لنا ولمشروعنا، الذي هو مشروعكم انتم، ونحن عملنا ونعمل وفق الاستراتيجية المشتركة لوأد وخصي العرب ومشروعهم القومي النهضوي. وبالتالي نتفهم مطالباتكم الشكلية، ولن نتراجع قيد انملة عن خيار الاستيطان الاستعماري، الذي هو مرتكز أساس وجودنا في الأرض الفلسطينية العربية.

وعليه ان كان لدى كل من إدارة بايدن والاتحاد الأوروبي جدية في التمسك بخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، فعليهم أولا ان يعترفوا بالدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على ذات الحدود انفة الذكر، ثانيا فرض العقوبات على دولة المشروع الصهيوني، والزامها بتنفيذ القرارات الأممية وخاصة قرار مجلس الامن الدولي 2334 الصادر في نهاية كانون اول / ديسمبر 2016؛ ثالثا الدفع بعقد المؤتمر الدولي الملزم لإسرائيل بالتعاون مع اقطاب الرباعية الدولية لتكريس وترجمة التوجهات والقرارات الدولية ذات الصلة. دون ذلك يبقى الحديث عن خيار الدولتين مجرد لغو فارغ لا يمت للحقيقة والجدية بصلة.

 

وعلى الصعيد الوطني مطلوب تنفيذ قرارات الدورات السابقة للمجلسين المركزي والوطني وخاصة الدورة 27، وعقد المجلس المركزي فورا، للإعلان عن الرد السريع والمباشر على فجور وغطرسة وعنصرية الدولة الاستعمارية الإسرائيلية. لان للرد الفلسطيني القوى بالقول والفعل انعكاس إيجابي جدا على خارطة الصراع برمته. الكرة الان في مرمانا أولا وثانيا وعاشرا.

disqus comments here