مواجهة الاستيطان وتداعيات مقتل نزار بنات

أمد/ على وقع انشغال الفلسطينيين بالاحداث الجارية في الضفة الغربية المحتلة على اثر جريمة قتل الناشط السياسينزار بنات من قبل قوة من الاجهزة الامنية الفلسطينية، استكملت الحكومة الاسرائيلية الجديدة إجراءات فرضواقع جديد على الأرض واقامة مستوطنة جديدة وشرعنة ما يسمى بـ تسوية وتبييض البؤرة الاستيطانية“إفياتار”، المقامة في جبل صبيح في قرية بيتا الفلسطينية قرب نابلس في قلب الضفة الغربية، وإن هذا كانهدفها منذ البداية.
ووفقا لما ذكرته رئيسة فريق متابعة المستوطنات في حركة “سلام الآن”، حاغيت عوفران، إنه في هذه “التسوية” ثبت أن “المستوطنين يقررون سياسة إسرائيل في المناطق” المحتلة. فقد تم الاتفاق بين الحكومة الإسرائيليةوالمستوطنين على إبقاء مبنى دائم وقاعدة عسكرية سيسكنه جنود سرية عسكرية، ومعهد ديني لتدريس التوراة(ييشيفاة)، وبعد ذلك إجراء مسح للأراضي بهدف إقامة المستوطنة.
وعلى الرغم من الادعاء القائل بمحاولة جيش الاحتلال الإسرائيلي الظهور بأنه يعارض إقامة المستوطنة، لكن هذايبدو كتضليل أكثر من أنه يعبر عن موقف. فجيش الاحتلال هو المسيطر في الضفة، وإقامة البؤرة الاستيطانيةتمت تحت أنظاره، طوال الفترة الأخيرة. ووفقا لصحيفة يديعوت احرنوت أنه منذ بداية أيار/مايو الماضي اتسعتالبؤرة الاستيطانية واستقرت، تحت رعاية حكومة نتنياهو والمصادقة التي منحتها لها بصمت.
المحلل السياسي في الصحيفة، ناداف أيال، قال: ان قادة المستوطنين سعوا إلى إقامة البؤرة الاستيطانية، وأنالمستوطنة دانييلا فايس قادت الاتصالات مع الحكومة من أجل التوصل إلى التسوية، وأن وزيرة الداخلية، أييليتشاكيد، شكلت حلقة الوصل بين فايس وبين وزارة الأمن ورئيس الحكومة، نفتالي بينيت.
في المقابل قال المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس”، عاموس هرئيل، أن الاتفاق الآخذ بالتبلور بين الحكومةوالمستوطنين في البؤرة الاستيطانية غير القانونية “إفياتار: لا يعكس تسوية، وإنما يبشر بانتصار جارفللأخيرين. وتثبت الأيام الأولى لحكومة بينيت، لبيد مرة أخرى ما كان معروف منذ وقت طويل: قادة المستوطنين هممجموعة الضغط الأقوى في الدولة. وتبدل الحكومات وإنهاء ولاية بنيامين نتنياهو لا تغير هذا الوضع. وربماالعكس: ممثلو المستوطنين، يوسي داغان ودانييلا فايس، يعلمون تماما على أي أزرار ينبغي أن يضغطوا من أجلتشغيل نفتالي بينيت وأييليت شاكيد.
ويتبين مرة أخرى أنه من أجل مصالح المستوطنين، يفقد وزير الامن بيني غانتس تأثيره على وزارته، حيث كانغانتس قال لقادة المستوطنين، قبل بضعة أيام فقط، أنه لن تكون هناك أي تسوية وأنه سيتم إخلاء البؤرةالاستيطانية. ووفقا لهرئييل ان غانتس اكتشف سريعا جدا، أنه لا يتوقع له في هذه الحكومة متعة أكبر قياسابالشراكة الاضطرارية السابقة مع نتنياهو. وفي الأسبوع الماضي فقط، لجم شركاؤه في الحكومة محاولته تشكيللجنة تحقيق في قضية الغواصات. والآن هم يفرضون على غانتس استسلاما في قضية البؤرة الاستيطانية.
وحسب هرئيل أن الادعاء الذي يسمعه غانتس في كلتا الحالتين، هو أن التوازن الداخلي في الحكومة الجديدةناعم جدا ويحظر تشكل خطر على استمرار ولايته بخطوات غير مألوفة، ولا تكون مقبولة على جميع أطرافها. وعمليا، القرارات تُتخذ من أجل دعم مصالح بينيت، وفيما في الخلفية دفيئته الأيديولوجية، حركة الاستيطان.
في نهاية شهر آيار/مايو الماضي قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، إطلاق تحقيق دولي حولانتهاكات إسرائيلية لحقوق الإنسان ارتكبت في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومناطق الـ48 منذ نيسان/ أبريلالماضي، وأيضا في “الأسباب العميقة” للتوترات.
اعتبر هذا القرار مهم لان هذه المرة الأولى التي يشكل مجلس حقوق الإنسان لجنة تحقيق بتفويض لا تحدد مدتهمسبقا، ويعالج الأسباب الجذرية للتمييز العنصري الإسرائيلي الممنهج ضد الشعب الفلسطيني في الداخل وفيالأراضي المحتلة عام 67″.
وخلال النصف الأول من هذا العام صدر تقريران هامان من مؤسستين لحقوق الانسان الأول تقرير مركزالمعلومات الاسرائيلي لحقوق الانسان “بتسيلم”، والثاني تقريرمنظمة “هيومان رايتس ووتش” الأميركية. التقريرانيؤكدان على واقع الفصل العنصري (أبارتهايد) في فلسطين.
وفي مارس/ آذار من العام الجاري أكدت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية السابقة فاتو بنسودا ، علىالشروع في إجراء تحقيق يتعلق بالوضع في فلسطين. وسيغطي التحقيق جرائم تدخل في اختصاص المحكمةوالتي يُزعم أنها ارتكبت منذ تاريخ 13 حزيران/يونيو 2014، بما فيها جريمة الاستيطان في الضفة الغربيةالمحتلة.
على ضوء ذلك، ينشغل الفلسطينيون بأزماتهم الداخلية بينما يستبيح نظام الفصل العنصري الاسرائيلي الضفةالغربية، وتعطيل نضالنا المشترك ضده وضد مشاريعه وبناء المستوطنات وشرعنتها. ما يتطلب من الفلسطينيينالبحث في تدارك تداعيات جريمة مقتل نزار بنات ومسألة قمع الحريات العامة والاستفراد بالنظام الفلسطيني،والازمة التي يعيشها الفلسطينيين، وما تمارسه دولة نظام الفصل العنصري من القتل اليومي، وسياسة الاعتقالاتاليومية وفي مقدمتها الاعتقال الإداري، وهدم المنازل، ومصادرة الأراضي من الفلسطينيين، وتجزئة الضفة والقيودعلى حرية الحركة والتنقل، ومواجهة حصار غزة والقيود المشددة عليها.
ما نحتاجه هو البحث في ما يجمع ويوحد وان يكون هناك ناظم لتوحيد جميع الطاقات من النضال المشترك بكافةالاشكال، وتصعيد النضال الشعبي كما يحدث في قرية بيتا، نضال يأخذ البعد الدبلوماسي والقانوني و يسعىلملاحقة المسؤوليين الإسرائيليين ومقاضاتهم أمام المحكمة الجنائية الدولية، وغيرها من الوسائل لمواجهة نظامالفصل العنصري، واستكمال البناء على ما تم تحقيقه من انتصار للكرامة الوطنية في هبة ومعركة سيف القدسوالتوقف عن محاولات شيطنتها.