الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 26/9/2023 العدد 814

  الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

هآرتس/ ذي ماركر 26/9/2023

مع استمرار الاستقالات.. من سيبقى في حكومة نتنياهو لتوقيع الاتفاق مع السعوديين؟

بقلم: آفي بار- ايلي

هناك ألف سبب للشك في دوافع التطبيع الذي يطبخ بين السعودية وإسرائيل. لا يوجد حب حقيقي. ومن الواضح للجميع أن الأمريكيين يبذلون جهوداً كبيرة لمنع تعميق التحالف الصيني – العربي، وهو التحالف الذي أوجد محوراً استراتيجياً بين الصين وباكستان إيران وسوريا ولبنان.

واضح للجميع أن الرئيس الأمريكي جو بايدن، يجب عليه جلب إنجاز سياسي قبل الانتخابات في تشرين الثاني 2024. ومن الواضح للجميع أن السعودية تراهن على أن شهادة الشرعية الغربية ستفيدها أكثر بسبب ترسانة السلاح الأمريكية وبسبب الاعتقاد أن الحركة في واشنطن أسهل لها من بكين. لذلك، فإن المقابل الوحيد المناسب للسعودية هو تحويلها إلى قوة عسكرية إقليمية.

من الواضح للجميع أن السعودية معنية بالتقرب من إسرائيل، لأن السيناتورات في الحزب الجمهوري الذين يؤيدون الصهيونية قد يرجحون كفة الميزان في التصويت على المساعدات العسكرية. ومن الواضح للجميع أن الرئيس الأمريكي جو بايدن بحاجة إلى إسرائيل لكبح الصراع مع الفلسطينيين (التصعيد في قطاع غزة والضفة الغربية دليل على مساعي إيران لإفشال ذلك).

مع ذلك، رغم أن مصدر الدوافع الغريبة إلا أن الجميع يدركون وجود فرصة سياسية محظور على إسرائيل تفويتها، لأنه محظور علينا أن نكون في الجانب غير الصحيح من التاريخ، خصوصاً في الوقت الذي يقوم فيه أعداؤنا بتخصيب اليورانيوم ويقيمون مطاراً عسكرياً على بعد 20 كم شمال المطلة.

نمو اقتصادي وعلاقات متبادلة ومزدهرة بين الصناعة الإسرائيلية والسعودية؟ لا تتوقعوا الكثير من ذلك. طفرة في صفقات السلاح؟ اتفاقات إبراهيم أثبتت أن معظم صفقات التصدير توقفت في نهاية المطاف من قبل الأمريكيين أو من قبل المسؤول عن الأمن في جهاز الأمن، لذلك ستبقى الإمكانية الكامنة بعيدة عن التحقق، والحديث يدور أكثر عن وجع الرأس. التطبيع لن يأتي عن طريق الأموال الطائلة أو الحب. إذاً، ما العمل؟ كيف يمكن تقدير إعطاء موافقة على كيان صهيوني من قبل الحامية للأماكن الإسلامية المقدسة؟ كيف يمكن قياس الأفضلية العملياتية الحيوية التي هي في وضع منظومات الإنذار على بعد بصقة من شواطئ إيران؟

لن تكون المصالح الضيقة والمؤقتة اسماً للعبة في الشرق الأوسط، وليس فيها ما يمكنه تبرير عدم استغلال الفرصة السياسية التي تلوح في الأفق. ليس لإسرائيل ترف لاختيار بين المستعدين لأن يكونوا شركاءها من بين جيرانها العنيفين.

ما المقلق في ذلك؟ أين العيب في هذه المثالية الواضحة؟ إنه يكمن في توقيت هذه البشرى السخيفة. التوقيت البائس الذي تقترب فيه إسرائيل من تحقيق أحد الإنجازات الدراماتيكية في تاريخها – إسرائيل تغرق في حالة من العجز التي لن تسمح لها بتسليم البضاعة.

تطبيع مشروط بالصيانة

في الوقت الذي تتمرغ فيه إسرائيل في سخافات صبيانية من لفين وروتمان وأصدقائهما، فإن أربعة من المدراء العامين في وزاراتها (التعليم والدعاية والأمن القومي والاستخبارات)، قدموا استقالاتهم قبل مرور سنة على تولي مناصبهم. ومكانة ستة من المدراء العامين الآخرين غير مستقرة بسبب القائم مقام أو بسبب استبدال الوزراء في فترات متقاربة. من بين المدراء العامين العشرين الباقين، 10 منهم لا تجربة لهم في الإدارة أو في الأعمال الحكومية.

بكلمات أخرى، ثلث المدراء الكبار في حكومة إسرائيل يملكون فكرة عما يفعلونه، لكن في أوساطهم من حصلوا على هذه الوظيفة بسبب علاقتهم بالحزب. مع قادة مثل هؤلاء، يتم الانطلاق إلى تطبيق السلام (لا نريد التحدث عن الانطلاق إلى حرب)؟

على سبيل المثال، استقالة شلومو بن الياهو، مدير عام وزارة الأمن الوطني، وهي الوزارة التي يمكن أن تشعل كل الساحات (مثلاً إذا غيرت ظروف السجناء الأمنيين) بجرة قلم. بن الياهو، ربما الأكثر تجربة من بين المدراء العامين (الوظيفة الإدارية الخامسة له)، كان الوحيد الذي يمكن معه تبادل الحديث المنطقي في محيط مشعل الحرائق إيتمار بن غفير. وكان هو العنوان العقلاني الوحيد في موضوع الميزانيات، من أجل وضع الأهداف والمعايير أو إدارة موضوع القوة البشرية في الشرطة وحرس الحدود أو في مصلحة السجون. إذن، من بعد استقالته سيطرح مدخلات الوزارة الضرورية بصياغة اتفاق التطبيع، ومن سيكون الشخص البالغ والمسؤول الذي سيمنع تفجره؟ طاقم الإدارة العليا هو الذي يجب أن يتوسط بين الجنون الوزاري وما يحدث على الأرض، أي الاهتمام “بالحياة نفسها” في الوقت الذي ينشغل فيه الوزراء في الانتخابات التمهيدية أو ترديد مشاعر جمهورهم البدائية.

إن الاتفاق مع السعودية قد يكون مدهشاً، ولكن الاتفاق القابل للحياة يبدأ بصياغة صحيحة لبنوده، وتطبيع مشروط بالصيانة. كيف يمكن ضمان هذه الأمور في ظل غياب حكومة قادرة على توفير البضاعة.

---------------------------------------------

 

هآرتس 26/9/2023

إسرائيل تقترب من حرب ثقافية.. يهودي أم يساري؟

بقلم: انشل بابر

قبل ثلاث سنوات بالضبط رفرفت فوق بوابة هذه الصحيفة صور رائعة لصلاة ختامية أقيمت في ميدان “ديزنغوف” في تل أبيب، وأنهت عيد يوم الغفران. كانت فترة الموجة الثانية من وباء كورونا، وآلاف الأشخاص في تل أبيب، المتدينون التقليديون والعلمانيون، والذين أغلقت أمامهم الكنس بتوجيهات من وزارة الصحة، والذين لم تطأ أقدامهم أي كنيس منذ سنوات – وقفوا جميعاً في الهواء الطلق في لحظة من الوحدة الإسرائيلية الحقيقية، وهي لحظة من اللحظات القليلة التي عرفناها في السنوات الأخيرة. كان في أوساط المتدينين من صلوا مع فصل مرتجل بين الجنسين في قسم من الميدان. ولم يزعج هذا أي أحد.

لكن مثل هذه اللحظة لم تعد ممكنة هذه السنة؛ لقد انقضت حكومة اليهودية الأصولية، التي شكلها بنيامين نتنياهو، على الديمقراطية الإسرائيلية مع اندماج زعرنتها الفجة نحو كل قيمة لإسرائيل الليبرالية، وأعطت إشارة على بداية الحرب الثقافية. حرب التدين والتحرر من الدين. يبدو أن هذه الحرب كانت متوقعة، وربما حتى كان يجب أن تندلع في أي لحظة. ولكن لا شك أن الانقلاب النظامي كان المسرع لذلك. وعندما تكون تل أبيب في هذه الحرب، لا يمكن أن يوضع فيها فاصل للفصل بين الجنسين في أي صلاة يهودية.

الحرب من أجل الديمقراطية ليست فقط حرباً على الاتفاقات القانونية أو صلاحيات المحكمة العليا (التي تم سحقها أمس عندما تصرفت الشرطة خلافاً لقرارات المحكمة العليا التي أبقت قرار البلدية على حاله، وعدم السماح بوضع الفاصل)، بل من أجل الفضاء العام في تل أبيب، الذي أعتقد أنه يمكنه الهرب من مصير القدس، التي تتجه نحو الحريدية. هو أيضاً يتعلق بالهوية اليهودية لكل مواطن إسرائيلي يهودي.

الحرب الدينية التي افتتحت رسمياً في إسرائيل عند بداية الصوم، ستستمر وستكون قبيحة. في تل أبيب، وربما في مدن أخرى، بات التسامح تجاه وجود بؤر يهودية غير متسامحة، يتلاشى. يصعب الافتراض أن عرائش حركة حباد التي أقيمت في السابق في الشوارع الرئيسية، والتي عرضت على عابري السبيل تنفيذ وصية الأربعة أنواع، سيُسمح لها بأن تبقى قائمة. مبعوثو الحركة الذين يحاولون جعل عابري السبيل يضعون الوشاح الديني، يمرون الآن بتجربة من ينفذ عملية وراء خطوط العدو.

في هذه المرحلة لا يبدو أن هناك طريقة للجسر بين من اعتبروا أحداث يوم الغفران في تل أبيب محاولة لمتعصبين متدينين خرق قرار المحكمة العليا وفرض الفصل بين الجنسين في مدينة ليبرالية، وبين من اعتبروا هناك متطرفين علمانيين يمنعون اليهود من القيام بطقوس دينية. هذا الشرخ في المجتمع، إرث نتنياهو، لا يمكن رأبه في القريب. بالعكس، من المرجح أن تحاول الحكومة تعميقه أكثر.

نتنياهو سارع بعد انتهاء الصيام إلى إصدار بيان جاء فيه “المتظاهرون من اليسار نفذوا أعمال شغب ضد اليهود أثناء الصلاة”. الرسالة واضحة، هناك يساريون وهناك يهود. ذات يوم، عندما همس بصورة مسممة في أذن إسحق، قدم نتنياهو تسهيلات لليساريين وقال: “لقد نسوا ماذا يعني أن تكون يهودياً”. ببساطة، هم الآن ليسوا يهوداً. يمكن بالطبع الإشارة إلى نفاق من تعود على زيارة مع عائلته في يوم الغفران في السنوات الكثيرة التي قضاها في أمريكا بكنيس محافظ كان يصلي فيه الرجال والنساء معاً. ولكنها أنباء باتت قديمة. فمنذ ثلاثة عقود ونتنياهو يستغل الشرخ المصطنع بين “اليهود” و”الإسرائيليين” من أجل بناء قاعدته السياسية.

لم يعد بالإمكان التفريق بينه وبين إيتمار بن غفير الذي أعلن بأنه سيأتي لإقامة صلاة في تل أبيب في هذا الأسبوع. ما بدأ كشرعنة للكهانيين من أجل شرعنة ناخب اليمين، أصبح دمجاً قيمياً جوهرياً. نتنياهو وبن غفير يحملان عبثاً اسم اليهودية عندما يريدان تحطيم الديمقراطية. مع ذلك، محظور تجاهل حقيقة أن هذه الطريقة خدمتهما بشكل جيد. هما الآن يلاحظان فرصة كي يقوما بتصنيف المعارضين السياسيين، الذين يحبون الديمقراطية الإسرائيلية، بأنهم تنازلوا عن الهوية اليهودية. يجب أن يعمل الاحتجاج بدقة لئلا يسمح لهم بتصنيفه كمناهض لليهودية.

من سيستمرون في رؤية الحرب على الهوية الإسرائيلية كنضال من أجل القيم الديمقراطية في إسرائيل، ومن أجل الدفاع عن تل أبيب وعن الجيوب العلمانية من الأصولية، سيستمرون في خسارتهم للمعركة الشاملة. هذا في الأساس نضال على تعريف اليهودية في إسرائيل ومن أجل مستقبلها.

أغلبية ساحقة من اليهود الإسرائيليين، بما في ذلك التقليديون وجزء كبير من “الصهيونية الدينية” الذي لا يتماهى مع رسالة القائمة التي تسمي نفسها بهذا الاسم، ليسوا أصوليين. ولكنهم في معظمهم قبلوا كأمر مفروغ منه بأن من يعرّف اليهودية هم الهامشيون المتطرفون. إسرائيل الليبرالية تنازلت منذ فترة طويلة عن هذه الساحة. فقد تنازلت عن معركة التعليم الرسمي، واستسلمت بدون قتال عندما لم تهب للدفاع عن النساء اللواتي يتم رفض تطليقهن في المحاكم الدينية، ولم تهب للنضال في حالات كثيرة من أجل روح اليهودية الإسرائيلية.

في عيد يوم الغفران في هذه السنة، سمعت صرخة الانطلاق نحو الحرب من أجل اليهودية في إسرائيل. من يبحث عن شعار قد يجد الإلهام في صلاة يوم الغفران. “كي تنهي حكومة خبيثة من البلاد”. ولكن لن يكون كافياً تغيير الحكومة ووقف الانقلاب النظامي. من يريدون الحفاظ على الديمقراطية الإسرائيلية، عليهم المشاركة أيضاً في النضال على هويتها اليهودية.

---------------------------------------------

 

 

هآرتس 26/9/2023

بضغط من بايدن: هكذا وصلت محاكمة نتنياهو المتهم جنائياً.. إلى السعودية

بقلم: عاموس هرئيل

التصريحات العلنية لزعماء الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل حول تقدم في الاتصالات نحو اتفاق التطبيع بين إسرائيل والسعودية، تثير للمرة الأولى نقاشات سياسية وإعلامية حول الاتفاق الآخذ في التبلور. ولكن جزءاً بارزاً من التفاصيل غير معروف بعد للجمهور الواسع. في الطرف الإسرائيلي، يصمت جهاز الأمن، أما رئيس الحكومة نتنياهو فهو من يقرر المعلومات التي يجب نشرها حول المحادثات. في هذه المرحلة، يدور الحديث عن تفاصيل جزئية.

رغم انشغال كبير مؤخراً بطلب السعودية من الولايات المتحدة (بشكل غير مباشر من إسرائيل) الموافقة على إنشاء مشروع نووي في المملكة، فثمة شك أن يشكل هذا عائقاً أمام التطبيع. المشكلة الأساسية ستكون سياسية، وستتعلق إما بالولايات المتحدة أو إسرائيل. في الطرف الأمريكي، فإن الإدارة الأمريكية التي هي بحاجة إلى موافقة واسعة من الكونغرس -رغم التحفظات التي على الاتفاق لدى الحزب الجمهوري والجناح اليساري في الحزب الديمقراطي، كل واحد منهم لأسبابه- غير متحمسة إزاء النظام السعودي. ويرى الطرف الإسرائيلي أن العائق يكمن لدى اليمين، بمعارضة حزبي اليمين المتطرف لأي تنازل للفلسطينيين ومطالبة من يؤيدون الانقلاب النظامي مواصلة التشريع رغم التوقعات المعاكسة في واشنطن. المعارضة في إسرائيل للبند النووي، يعبر عنها رئيس المعارضة يئير لبيد وبعض كبار جهاز الأمن السابقين، ومن بينهم خبراء في الذرة أيضاً.

في محيط نتنياهو يقولون إن المعارضين لا يعرفون تفاصيل الاتفاق، وعند معرفتها سيتبين عدم وجود مشكلة حقيقية. تعتمد هذه الإجابة على ما نشره أمير تيفون وبن صموئيلس في “هآرتس” قبل أسبوعين تقريباً. إدارة بايدن تفحص خطة بحسبها ستقام في الواقع منشآت لتخصيب اليورانيوم لأغراض مدنية في السعودية، لكنها ستخضع للرقابة وسيطرة الولايات المتحدة عن بعد.

هذا الاتفاق، إذا وقف المستوى المهني في إسرائيل من خلفه، سيثير انتقاداً أقل. نتنياهو يريد في المقابل إبراز المكاسب الكثيرة المتوقعة من الاتفاق مع السعودية: فتح الباب لإقامة علاقات مع دول عربية وإسلامية أخرى، وتقليص محتمل لنفوذ إيران في العالم العربي، وفرصة تجارية استثنائية للاقتصاد الإسرائيلي.

ما لم يقله نتنياهو بصوته، أنه ليس اللاعب الرائد في هذه الصفقة. الصفقة تتقدم في نهاية المطاف، لأن الأمر يتعلق باتفاق ذي جدوى لأمريكا، وبدرجة معينة للسعودية. لا لأن الرئيس الأمريكي بحاجة إلى إنجاز على صعيد السياسة الخارجية قبل الانتخابات الرئاسية في 2024 فحسب، بل الموضوع الرئيسي أن الولايات المتحدة في منافسة استراتيجية عالمية مع الصين، هذا هو المنظار الذي سيفحص الأمريكيون من خلاله جميع القضايا المطروحة تقريباً على جدول الأعمال. الاتفاق بين إسرائيل والسعودية والفوائد الكثيرة المتوقعة للرياض فيما بعد، قد تعزز علاقة السعودية مع الغرب على حساب نفوذ الصين المتزايد.

على الرغم من أن نتنياهو لا يعترف بذلك، لكنه يعرف مكانته الهامشية نسبياً في هذه القصة. الأمر صحيح أيضاً بخصوص محاولة أمريكا التوصل إلى تفاهمات بعيدة المدى مع إيران، التي تشمل التزام إيران بتجميد تخصيب اليورانيوم بمستوى أعلى مقابل تسهيلات اقتصادية، إضافة إلى تبادل السجناء والرهائن الذي تم تنفيذه. وفي هذه الحالة، يبدو تأثير إسرائيل هامشياً، ونتنياهو يكتفي فقط بتوجيه انتقاد هجومي كنوع من الضريبة الكلامية.

خطاب نتنياهو تغير؛ فقبل الانتخابات الأخيرة في تشرين الثاني السنة الماضية، التي حصلت فيها كتلة اليمين برئاسته على فوز أعاده إلى الحكم، يصف نتنياهو حتى الآن منع النووي الإيراني بأنه مهمة حياته، حتى هذه المهمة قد تغيرت مؤخراً أيضاً. وبات التركيز الآن على “السلام التاريخي”، كما عرّفه، مع السعودية، وفتح الباب أمام دول عربية سنية وتجاوز المطالبة بتسوية النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين كشرط للسلام مع هذه الدول.

باتت الإدارة الأمريكية مستعدة لفعل الكثير لتعزيز العلاقات مع السعودية، وإسرائيل أيضاً قد تكسب من ذلك. والمثال البارز هو اتفاق إلغاء تأشيرات دخول الإسرائيليين الذين يزورون الولايات المتحدة، الذي تأخر تنفيذه لفترة طويلة والآن يخرج إلى حيز التنفيذ. ما لا يكشفه بايدن في هذه الأثناء هو ما الذي سيطلبه من إسرائيل مقابل ذلك.

صاحب العمود المقرب من الرئيس الأمريكي، توماس فريدمان، كتب في “نيويورك تايمز”، في نهاية الأسبوع، بأنه إضافة إلى الاتفاق فقد أوضح بايدن لنتنياهو أنه يتوقع خطوات مهمة في القناة الفلسطينية. حتى فترة متأخرة، كان هناك أمل بأن سينتج عن ضغط بايدن على نتنياهو قرار بوقف هجوم التشريع. أما في هذه الأثناء، فقد خفضت الإدارة الأمريكية الضغط في هذا الشأن.

السياق الفلسطيني

الصعوبة الرئيسية تكمن كما قلنا في القضية الفلسطينية. الآن الوزيران سموتريتش وبن غفير وبعض أعضاء الكنيست من الليكود، سيعارضون أي شيء يعتبرونه تنازلاً للفلسطينيين في إطار الاتفاق. هذا رغم تسريبات تخرج تقول بأن بادرات حسن النية هذه ستشمل بالأساس ضخاً كثيفاً للأموال من السعودية للسلطة الفلسطينية في رام الله، لذلك لا سبب قد يثير المعارضة.

يبث نتنياهو وكأن الموضوع قد انتهى، وأن معارضة الاتفاق ستكون ضئيلة داخل الائتلاف. ولكن يبدو أن الإدارة الأمريكية تفترض أنه بالإمكان التوقيع على الاتفاق مع ائتلاف آخر، يشمل المعسكر الرسمي برئاسة بني غانتس بدلاً من حزبي اليمين المتطرفين. والتغيير يتعلق بموافقة غانتس، التي لم تتم حتى الآن. وبشكل عام، يتعلق باستعداد نتنياهو للرهان على مثل هذه العملية، التي لن تخلصه بالضرورة من تورطه في لوائح اتهام جنائية.

بشكل عام، رغم التفاؤل الذي بثه رئيس الحكومة في الأسبوع الماضي، فإن فترة ما بعد الأعياد ليس بالضرورة أن تكون واعدة بالنسبة له. سيكون عليه مواجهة طلب الأحزاب الحريدية تمرير قانون الإعفاء من الخدمة في الجيش لطلاب المعاهد الدينية، والالتماس الذي يقلقه جداً حول قانون عدم الأهلية، ونقاشات أخرى متوقعة في المحكمة العليا حول قوانين الانقلاب.

في غضون ذلك، تواصل “المناطق” [الضفة الغربية] الاشتعال. المظاهرات العنيفة على حدود القطاع عادت لتصبح موضوعاً يومياً، وحماس لا تحاول إخفاء حقيقية أنها تقف وراءها. تسجل في الضفة الغربية عمليات إطلاق نار يومياً، وهناك عشرات الإنذارات حول الأعداد لتنفيذ عمليات شديدة في الضفة الغربية وداخل حدود الخط الأخضر. في اجتماع للتنظيمات الفلسطينية في بيروت، تقرر زيادة العمليات الإرهابية ضد إسرائيل.

السبت، دخلت قوات الجيش الإسرائيلي إلى مخيم نور شمس للاجئين في طولكرم، وقتلت اثنين من الفلسطينيين وأصيب جندي. في جامعة بيرزيت قرب رام الله، اعتقلت قوات الجيش و”الشاباك” ثمانية طلاب من أعضاء حماس، الذين حسب المعلومات الاستخبارية كانوا يعدون لتنفيذ عملية وشيكة. جميع هذه الأحداث تحدث دون صلة بالتقدم في القناة الإسرائيلية – السعودية، لكنها ستتأثر بها، وربما حتى ستؤثر عليها كلما اقتربت الأطراف من التوقيع على الاتفاق.

---------------------------------------------

إسرائيل اليوم 26/9/2023

ماذا سيحقق “الاتفاق الثلاثي” لـ “عرب الضفة وغزة”؟

بقلم: أرئيل كهانا

مرت خمس سنوات منذ أن قال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لزعماء يهود في الرياض تلك الجملة التي لا ينسونها: “قلت لأبو مازن إن القطار غادر المحطة. وإذا أردت اللحاق به فاصعد”. بمعنى أن السعودية تسعى للتسليم بإسرائيل، لكن محمود عباس أفلت مفتاح التأهيل أو رفض المسيرة.

بن سلمان أوفى، ولا يزال يوفي بكلمته. في المقابلة التاريخية التي أجراها مع شبكة “فوكس” الأسبوع الماضي، أوضح بأن توقعه العملي هو “تسهيل حياة الفلسطينيين” بالإجمال. الحقيقة أنه لا جديد في موقفه هذا. إلى جانب ذلك، فإن مسؤولين كثيرين في الخليج العربي يمقتون الفلسطينيين أكثر مما يمقتون نحن اليهود. ويتهمونهم بالفساد، والبؤس المهني وإفشال كل مبادرة استهدفت تحسين الوضع الإقليمي. سمعت بأذني أموراً كهذه أكثر من مرة.

لهذا السبب، لم تشكل المسألة الفلسطينية عائقاً أمام اتفاقات إبراهيم. كما أنها ليست العقبة الكأداء المركزية في الطريق إلى اتفاق مع السعودية. إذ ينبغي الانتباه لما لم يطلبه بن سلمان – لا تسليم لأراض، لا دولة فلسطينية، ولا تقسيم القدس أيضاً، بل بالإجمال يعرض مالاً أكثر لعرب الضفة وغزة، الأمر الذي لن يعارضه أحد، بشرط ألا يوجه هذا المال إلى الإرهاب.

إضافة إلى ذلك، يعرف بن سلمان، والأمريكيون، أن نتنياهو لا يملك مجال مناورة في المسألة الفلسطينية. أي نوع من تسليم الأرض سيؤدي إلى سقوط الحكومة، ثم إلى انهيار مسيرة التطبيع. هذا فشل يريد الجميع منعه، وبن سلمان أكثر من الجميع.

قول ذو مغزى

ولي العهد السعودي، تاجر ماهر مع رؤية إيجابية لدولته وللمنطقة. لكنه يحتاج إلى الاتفاق أكثر مما يحتاجه بايدن ونتنياهو، فإسرائيل والولايات المتحدة ستربحان من الاتفاق المال والقوة السياسية. هي مصالح مهمة، لكنها في درجة واحدة أقل من السعودية التي تحتاج إلى الحلف مع الولايات المتحدة كوسيلة أمنية تجاه إيران.

هذا هو معنى قول بن سلمان، الذي أفلت قليلاً من الرادار، “كل ما لدى إيران يجب أن يكون لدينا”. بهذه الأقوال، يوضح الحاكم السعودي بأنه وعلى الرغم من فتح السفارات المتبادلة في الرياض وطهران، فالسعودية ترى في إيران خصماً، وليس صديقاً. ومع أنه يهدد بـ “أمسكوا بي” وكأنه يستورد قدرات نووية من الصين أو من روسيا، لكن مثل هذه الانعطافة ليست سهلة من ناحيته على الإطلاق.

ترتبط المملكة السعودية بالغرب منذ تأسيسها، وتعتمد أيضاً على السلاح الأمريكي وعلى القوات الأمريكية منذ 40 سنة على الأقل. أما الصين، بالمقابل، فلم تقم حتى ولا قاعدة عسكرية واحدة خارج أراضيها وتعلن بأن ليس في نيتها عمل ذلك. أما بخصوص روسيا، فيصعب عليها في الوضع الحالي توسع مجالات نفوذها العالمي.

من ناحية السعودية فإن الاتفاق مع الأمريكيين هو الطريق الصحيح. يعي نتنياهو أن السلام مع السعودية سيكون إنجازاً تاريخياً؛ إذ سيكون ممكناً الإعلان عن نهاية النزاع الإسرائيلي العربي. وهذا هو الحكم بالنسبة لبايدن الذي يتدهور وضعه في الاستطلاعات من يوم إلى آخر. وهذا الحلف سيصدح بصفته نجاحاً سياسياً يغطي على فشل الانسحاب من أفغانستان، وسيوفر الكثير من الوظائف للصناعة الأمنية الأمريكية.

تؤدي المصالح إلى النتيجة المرجوة والآمال عظيمة والتفاؤل، رغم أقوال نتنياهو في الولايات المتحدة بأنه “إذا لم نحقق هذا في الأشهر القريبة القادمة، فسيتأجل الاتفاق لبضع سنوات” – عظيم جداً. العائق الأساس هو الطلب السعودي لقدرة نووية. هذه المشكلة تتحدد أساساً في خط واشنطن – الرياض، إذ إن الولايات المتحدة وإسرائيل في المستوى ذاته، والحديث يدور في كل الأحوال عن قدرة نووية سيمنحها الأمريكيون لإيران.

مسألة النووي

ومع ذلك، ثمة مجال للتساؤل ما الذي سيجديه للسعودية مفاعل نووي مدني مع قدرات تخصيب على أراضيها؟ فالسعوديون لا ينوون ولا يمكنهم أن يجعلوه مفاعلاً مع قدرات عسكرية. وحتى لو فعلوا هذا، فإنهم لا يملكون طائرات ولا صواريخ، وعلى ما يبدو أيضاً لا إرادة لاستخدام قوة نووية ضد أحد يوماً ما. فما القصة إذن؟

يبدو أن هناك مخرجاً يريح الجميع، وهو ذاك الذي تفوه به نتنياهو بالخطأ في خطابه – “ردع نووي”. ليست إسرائيل هي التي من ستوفره، بل الأمريكيون، مضاف إليه حلف دفاع كالذي بينهم وبين كوريا الجنوبية. هذه الفكرة اقترحها وزير الخارجية ايلي كوهن عقب زيارة لشبه الجزيرة، ويبدو أن الجميع يتعايشون معها.

بصدفة أم بغير صدفة، التقى رئيس كوريا الجنوبية يون سوك ياؤول بنتنياهو في الأمم المتحدة، وطلب أن يشتري من إسرائيل منظومات دفاع ضد الصواريخ، وعلى رأسها “حيتس”.

ما هو جيد لكوريا الجنوبية ربما يكون جيداً للشرق الأوسط: علاقات جيرة طبيعية، وحلف إقليمي أمريكي يتضمن التزاماً بمظلة نووية، وطبقات دفاع من الصواريخ الإسرائيلية. لعل هذا هو السبيل لتربيع مثلث الرياض – واشنطن – القدس.

--------------------------------------------

هآرتس 26/9/2023

شركات إسرائيلية تحوّل الإعلانات التجارية سلاحاً قي المعركة التكنولوجية (2من2)

بقلم: عومر بن يعكوف

هناك شركات أُخرى مع منتوجات أقل تطوراً. إحدى هذه الشركات هي B-Sightful، التي تسوّق قدراتها لجهات خاصة تعمل في مجال الإعلانات في العالم. وبحسب مصادر في المجال، فإن عمل الشركة يستند إلى مقارنة معطيات التصفح ومصادر المعلومات الإضافية التي يمكن شراؤها، أو الوصول إليها عبر الشبكة. اشترت هذه الشركة شركة سايبر أُخرى تدعى Cognyte، التي تعرض خدمات مشابهة - لكن للدول والجيوش. بما معناه، المعلومات ذاتها والتكنولوجيا ذاتها، مع استعمالات مختلفة: واحدة تجارية، والثانية استخباراتية.

ولكن، هناك بعض الشركات التي لا تكتفي باستخدام الإعلانات فقط لجمع المعلومات والملاحقة، وتذهب أبعد من ذلك، تبني أدوات لاختراق الهواتف والأجهزة.

كيف تعمل هذه الأدوات؟ أولاً، تركيب بروفايل إعلاني دقيق للجمهور المستهدف. واستناداً إلى هذا البروفايل، يتم بناء حملة إعلانية مخصصة لجمهور الهدف ونشرها عبر الإعلانات. وفي المرحلة التالية، يُزرع تطبيق تجسّس أو مضمون عدائي داخل الحملة ذاتها، وعبر المعلن، أو مجموعة المعلنين، يتم رفع الإعلان التجسسي في بورصة الإعلانات. حينها، يشاركون في البورصة ويستحقون المزيد من الإعلانات. وعندما ينكشف الهدف للإعلان، حيث يتم اختراق هاتفه.

تقول مصادر في هذا المجال إنه كان من الواضح منذ البداية أن هذا المجال سيتحول سريعاً إلى منزلق. ويقول أحد المصادر إن "استخبارات الإعلانات هي مجال شرعي"، مضيفاً "ما دام لا يزال في منطقة الملاحقة العامة. مَن يحوّل هذا المجال إلى سلاح يلعب بالنار. كل ما يجب القيام به هو اختراق واحد، استعمال واحد سيئ، يكفي إلى حرق الأداة برمتها."

* * *

منذ أكثر من عقد ونصف، تدور لعبة القط والفأر بين الدول وبين الشركات التكنولوجية العملاقة، فبعد انتقال الجميع إلى الهواتف الخليوية، خسرت أجهزة الاستخبارات القدرة على التنصت على المواطنين بواسطة شبكات الهاتف الثابتة. وتحولت الهواتف الخليوية إلى هواتف ذكية ومشفرة أكثر.

وعلى الرغم من أن شركات آبل وغوغل وميتا تتعاون مع طلبات أجهزة الاستخبارات، وخصوصاً إذا كانت آتية من الولايات المتحدة ومن دول غربية أُخرى، فإنها لا تسمح بالوصول الكامل إلى المكالمات والأجهزة التابعة لها. ويوجد تفسير أساسي تقني لذلك: لا تريد هذه الشركات السماح للدول باستخدام هواتفها لأغراض تجسّسية حتى لو كانت شرعية، بالأساس في ضوء الحوادث التي استُخدمت فيها بصورة سيئة ضد الصحافيين ومنتقدي الأنظمة ونشطاء الدفاع عن حقوق الإنسان.

لكن أجهزة الاستخبارات في كل أنحاء العالم متعطشة إلى الوصول إلى هذه الأجهزة، والصناعة السيبرانية الهجومية تعرض سلة حلول، بالتحديد على الدول غير القادرة على تطوير هذه القدرة بنفسها. بدأ هذا قبل أكثر من عقد مع قرصنة وتعقُّب شبكة الخليوي.

واستمر مع قرصنة شبكة الإنترنت من خلال الخط الثابت، أو الواي فاي، وتطور مع متصفّحات وتطبيقات ورسائل نصية (sms) ذات مضامين مسيئة.

القدرات الأكثر تطوراً التي انتشرت في الفترة الأخيرة وتعرّضت لانتقادات حادة هي تلك التي طورتها شركات إسرائيلية، مثل شركة NSO وCandiro، وبوساطة برامج التجسس التي طورتها، وأشهرها بيغاسوس، أصبح في الإمكان اختراق الهواتف الخليوية بواسطة تقنيةZero Click ، أي من دون أن يعرف الشخص الذي تعرّض للهجوم بذلك، وبالتالي من دون أن يقوم بأي خطوة تمنع ذلك في جهازه.

برامج التجسس، مثل بيغاسوس، بإمكانها التسلل إلى أي جهاز هاتفي وتحويله إلى أداة تجسّس تعمل ضد صاحبه، نظراً إلى ضعف الحماية. والمقصود هنا شيء آخر. فهذه ليست محاولة للتسلل إلى الجهاز من الباب الخلفي، بل الدخول بصورة ذكية عبر نافذة أمامية، هذه النافذة مفتوحة على مصراعيها بفضل عالم الإعلانات القوي على الإنترنت.

وفي الواقع، هذه التكنولوجيا تسمح بإنشاء طريق دخول جديد إلى الجهاز “vector” (باللغة المهنية) بالنسبة إلى الذين يعرفون كيفية تطوير وسائل تجسّسية خاصة بهم، أو استخدام تلك الموجودة لدى شركة مثلNSO، إذا كان هناك مَن يعتبر بيغاسوس القنبلة الموقوتة في العالم الرقمي، فإن هذه القدرات الجديدة هي الصاروخ الموجّه الذي يحمل رأساً حربياً نووياً - رقمياً متطوراً.

ليست صدفة محاولات شركات إسرائيلية سيبرانية تطوير تقنيات تستغل الإعلانات خلال الأعوام الأخيرة، ليس فقط للمراقبة، بل أيضاً للتجسس. وفي الواقع، خلال السنوات الخمس الأخيرة، يشهد هذا المجال سباقاً بين شركات، مثل Candiro، Paragon، Nemsis، وQuadri، وNSO نفسها.

ووفقاً لجهات مطّلعة في هذا المجال، نجحت NSOفي اختراع منتوج سمّته Truman، لكن لم يُسمح لها ببيعه. وحدها شركة Insanet سُمح لها ببيع هذا المنتوج حتى الآن.

أنشأت مجموعتان من رجال الأعمال شركة Insanet في سنة 2019. المجموعة الأولى مخضرمة في مجال السايبر، بينهم أريئيل أزيان، وروعي لامكين، وداني أرديتي، الذين حملوا معهم الاستثمارات المالية. والثلاثة معروفون بصفتهم المسوّقين لشركات، مثل NSO وParagon في أوروبا الغربية والشرقية، ولديهم علاقات جيدة مع أجهزة الاستخبارات.

المجموعة الثانية مؤلفة من رجال أعمال شباب، جزء منهم لديه خلفية في منظومات سيبرانية إسرائيلية، وقدموا الفكرة قبل شركةInsanet ، وأسّسوا شركة إعلانات، لكنهم باعوها قبل سنوات.

وبفضل خبرتهم في المؤسسة الأمنية وفي مجال الإعلانات، نجحوا في شركةInsanet في تطوير "شرلوك"، أداة تستغل شبكة الإعلانات من أجل قرصنة فعالة لأجهزة الكومبيوتر والهواتف الخليوية.

ومن أجل تسويق هذا المنتوج، بحثت الشركة عن تعاوُن مع شركات سيبرانية هجومية أُخرى. في وثيقة تسويق Candiro التي نشرها أميتي زيف في "ذا ماركر" في سنة 2019، يُعرض على الزبون المحتمل شراء "شارلوك" مع برامج تجسّس أُخرى طورتها الشركة. ويبرز في الوثيقة أن ثمن البرنامج باهظ جداً: استخدام "شارلوك" للملاحقة يكلف الزبون خمسة ملايين يورو.

وتكشف الوثيقة أن برنامج "شارلوك" قادر على اختراق كومبيوترات Windows وهواتف آيفون وأندرويد. حتى الآن، هناك شركات تخصصت في قرصنة أجهزة مختلفة، فشركة Candiroركزت على الكومبيوترات الشخصية، وNSO عرفت كيف تخترق آيفون، ومنافسوها تخصصوا في اختراق أندرويد. لكن مع شبكة من هذا النوع، في الإمكان الوصول إلى أي جهاز.

يقول دونا أو سربهايل رئيس طاقم أمنستي - تك إن "هذه الأدوات خطِرة جداً. ويمكن استخدام هذه المنظومة الهجومية لاستهداف أشخاص على أساس ديموغرافي أو سلوكي، يجري جمعها من خلال الإعلانات. على سبيل المثال، يمكنك استهداف مجموعة إثنية معينة، أو أشخاص زاروا موقعاً إخبارياً معيناً ينتقد السلطة، وهذا تطوّر خطِر".

* * *

على الرغم من المخاوف، فإن منتوج Insanet يُباع بصورة قانونية بموافقة إسرائيل. وحصلت الشركة على تصريح متساهل من وزارة الدفاع فيما يتعلق بتقنيات سيبرانية حساسة. وبفضل هذا التصريح، نجحت الشركة في استكمال صفقة كبيرة.

لكن بعد التصريح الأولي، وُضعت عليه قيود كبيرة. تقول مصادر في المجال إن التغيّر نجم عن خوف حقيقي، وهو ثلاثي الأبعاد: تخوف من تسرّب القدرة، ومن الغضب الأميركي، ومن غضب شركات تكنولوجية عملاقة، الغاضبة أصلاً من الصناعة السيبرانية الإسرائيلية (على سبيل المثال، فايسبوك وآبل تقاضيان شركة NSO).

لهذا السبب، جرى تقييد التصريح بصورة كبيرة. واليوم يمكن بيع "شارلوك" كمنتوج هجومي، لكن ضمن شروط محدودة جداً. ومن أجل بيعه لزبون محتمل في الغرب، المطلوب الحصول على موافقة محددة من وزارة الدفاع التي لا تمنحها دائماً.

قصة شركة Insanet وشبيهاتها هي قصة إسرائيلية كلاسيكية: روح مبادرة تكنولوجية متقدمة ومتحدية، كي لا نقول استغلالية، وآليات رقابة عفا عنها الزمن غير قادرة على مواجهة وتيرة الاختراعات، وشهية العالم اللانهائية للتقنيات المتطورة. وتتخوف مصادر في هذا المجال من أن القدرة على مراقبة وكبح استخدام هذه التقنيات الخطِرة تزداد ضعفاً. وجزء يعتقد أن هذا المجال خرج عن السيطرة...

حتى الآن، الشركات التي تعتبر أنها تعمل انطلاقاً من مصادر علنية مع زبائنها المدنيين ليست مراقبة البتة. في المقابل، الشركات العالمية في المجال السيبراني تخضع لرقابة دقيقة.

لكن الحدود ليست واضحة دائماً، والقيود لا تعمل دائماً. مثلاً، بعد حصول شركة NSO على ترخيص لتصدير منتوجها في هذا المجال، مُنع موظفو الشركة من إخبار زبائنهم المحتملين عن وجود المنتوج، ودرست الشركة إمكانية دمج هذه التكنولوجيا في برنامج بيغاسوس...

بمرور الوقت، ازداد إدراك وزارة الدفاع أنه من الصعب المحافظة على هذه القدرات. والدولة التي سمحت بنشاط استخباراتي إعلاني من دون رقابة، بحجة أن المقصود "استخبارات من مصادر علنية"، خسرت قدرتها على كبح السوق الهجومية التي برزت على ظهرها. ومن أجل منع حجج فلان وعلان، أخيراً قررت وزارة الدفاع هذه السنة منح شركة رايزون Raizon ترخيصاً لمنتوج اختراق فعال.

تدل حالة شركة رايزون على مدى وحشية السباق على التسلح الدائر في هذا المجال. لسنوات طويلة، تجنبت شركة رايزون إنتاج منتوج مسيء، واقتصرت على معلومات استخباراتية تعتمد على الموقع الجغرافي ومراقبة الاتصالات غير المشفرة. بمعنى آخر، لا يمكن معرفة مَن يتحدث، ومع من، ومتى. لأن هذه خاضعة للرقابة، وهي تعتمد على جمع معلومات تُعتبر حساسة وغير علنية...

في إسرائيل يُدرس إخضاع كل المصادر العلنية للرقابة. وفي الأشهر الأخيرة، تجري محادثات لتغيير الرقابة في هذا المجال. وتغيير السياسة نابع من ردة فعل وزارة الدفاع على التغيير الذي طرأ على هذا المجال. وبعد أعوام، تمارس إسرائيل حالياً ضغطاً على الصناعة السيبرانية.

وقبل عامين، قررت الدولة الاستجابة للضغط الأميركي وكبح برامج السايبر الهجومي وتقليص قائمة الدول المسموح التصدير لها. ومن قائمة تشمل 100 دولة، سُمح فقط لـ40 دولة، أغلبيتها غربية. ونتيجة ذلك، أغلقت الشركات الإسرائيلية التي كانت تعتاش من زبائن في دول العالم الثالث أبوابها.

هذه الخطوة كانت ناجحة جزئياً، وكان لها تداعيات إشكالية على السوق، فقد دفعت عشرات الإسرائيليين إلى المغادرة إلى أوروبا والولايات المتحدة، وهناك نشأت صناعة سيبرانية هجومية مزدهرة تحاول استغلال أفضل القراصنة الإسرائيليين...

في وزارة الدفاع، نشأ تخوف حقيقي من أن تصبح هذه القدرات التكنولوجية ملكاً لشركات أجنبية غير خاضعة للرقابة، وعلى أمل إبقاء هذا المجال الجديد في البلد وتحت الرقابة، قررت هذه السنة تنظيم المجال، بهدف إرضاء هذه الصناعة قليلاً.

* * *

كلنا يعلم بأن هذه الأدوات للمراقبة المتطورة يمكن أن تستخدمها دول ضدنا. في السنوات الأخيرة عرف الناس أن دولاً ليست غربية، في أفريقيا، وفي الشرق، وفي أميركا الوسطى، وفي العالم العربي، حصلت على هذه القدرات، ليس بقدراتها الخاصة، بل من خلال شرائها من السوق الدولية والخاصة.

هذه القدرات التي طورتها شركات إسرائيلية، الهدف منها منع الإرهاب والجريمة، تُستغل بصورة سيئة أيضاً من جانب دول غير ديمقراطية وغير ليبرالية. ومثل كل سلاح، إلى جانب السوق المراقبة والشرعية، تنشأ دائماً أسواق سوداء تكون الرقابة عليها قليلة، تبيع هذه التقنيات لدول مشكوك فيها تمنع إسرائيل بيعها لها، أو لكيانات خاصة. وتحذّر مصادر في هذا المجال هذه المرة أيضاً، كما جرى في السايبر الهجومي، من حدوث تداعيات مشابهة في هذا المجال.

---------------------------------------------

 

 

 

(أوريان 21) 21 أيلول (سبتمبر) 2023

اتفاقيات أوسلو" كنموذج للفشل

بقلم: دانيال ليفي*

كان من الممكن أن تنجح عملية أوسلو لو أن إسرائيل بذلت جهدا لجعل شروطها مقبولة لدى القيادة الفلسطينية التي أظهرت استعدادها للتوصل إلى تسوية، في وقت كانت تتمتع فيه بالشرعية الكافية للتوصل إلى اتفاق. لكن الأمر لم يكن كذلك، بل على العكس تماما، حيث واصلت إسرائيل مشروعها الاستعماري من دون أن تواجه الكثير من العقبات. ومع ذلك، يمكن لآفاق عالمية جديدة أن تغير الوضع وتمنح فرصة للفلسطينيين من جديد.

*   *   *

صادف يوم 13 أيلول (سبتمبر) 2023 الذكرى الثلاثين لتوقيع "اتفاقية أوسلو" بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض. وسبقت هذه اللحظة التاريخية من أيلول (سبتمبر) 1993 أشهر من دبلوماسية الظل المكثفة تحت رعاية النرويج، أسفرت عن سلسلة من الاتفاقيات المعروفة باسم "اتفاقيات أوسلو"، التي نصت على إنشاء سلطة فلسطينية مؤقتة تتمتع بالحكم الذاتي في جزء من الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإعادة تصنيف هذه الأراضي إلى مناطق "أ، ب، ج"، التي ما تزال قائمة حتى اليوم، على الأقل على الورق.

ولكن، سيتم في أيلول (سبتمبر) 2023 تجاهل ذكرى اتفاقية أوسلو أكثر من الاحتفال بها. ومصير هذه العملية أن يتم تدريسها باعتبارها نموذجا لفشل "عملية السلام". فبعد أقل من 26 شهرا من تلك المصافحة المفعمة بالأمل بين رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، اغتيل رابين على يد متطرف يهودي خلال تجمع من أجل السلام في الساحة المركزية في تل أبيب. وبعد عقد من الزمن، رحل عرفات عن عالم الأحياء، ويرجح أن موته لم يكن طبيعيا بعد أن حاصرته القوات الإسرائيلية في "المقاطعة" برام الله لمدة 34 شهرا تقريبا.

باتت الظروف على الأرض اليوم أقل ملاءمة للسلام مما كانت عليه قبل 30 عاما. فقد تضاعف عدد المستوطنين الإسرائيليين غير القانونيين المقيمين في الضفة الغربية المحتلة أربع مرات خلال هذه الفترة. وفي المرة الوحيدة التي سحبت فيها إسرائيل المستوطنين (في 2005)، تم ذلك بقرار أحادي الجانب، من دون مفاوضات وخارج إطار "عملية أوسلو للسلام".

من الانتفاضة إلى إمكانية التوصل إلى اتفاق

لقد انتهت اليوم الحقبة التي سمحت بظهور "أوسلو"، سواء على مستوى خصوصيات السياقات الإسرائيلية الفلسطينية المحلية، أو على مستوى الجغرافيا السياسية الإقليمية. وقد توافقت "عملية أوسلو" مع حقبة انتهت. ومن الضروري لكل من يرغب في تصور مستقبل فلسطيني إسرائيلي مختلف وتطوير استراتيجيات لتحقيقه، أن يفهم السياقات آنذاك والآن.

على المستوى المحلي، تميزت السنوات التي سبقت اتفاقية أوسلو مباشرة بانتفاضة شعبية فلسطينية كبرى في الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية (التي كانت في ذلك الحين تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عقدين من الزمن). وانخرطت الفصائل السياسية الفلسطينية السرية والحركات النسائية والنقابات العمالية وقطاعات كبيرة من المجتمع المدني في سلسلة من الإضرابات والاحتجاجات والعصيان المدني والاشتباكات غير المسلحة إلى حد كبير ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي وإدارته العسكرية. وكان الرد الإسرائيلي وحشيا، ولكنه شكل أيضا إشارة إنذار. إذا كان استمرار الاحتلال لمدة عقدين من الزمن ممكنا من دون أن تدفع إسرائيل الثمن، فإن الأمر لم يعد كذلك مع الانتفاضة الأولى. وعلى المستوى الدولي، وجد الإسرائيليون أنفسهم في مركز اهتمام غير مسبوق وتحت ضغط غير عادي. لكن الضغوط مورست أيضا على منظمة التحرير الفلسطينية، التي كان مقرها في تونس بعد نفيها من لبنان، والتي بدا أن قيادتها الخارجية بدأت تتراجع ميدانيا لصالح الفصائل من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة.

تفاقم الوضع الحرج لقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بسبب حرب الخليج الأولى التي شنتها الولايات المتحدة في العام 1991 بعد غزو العراق للكويت، بعد أن اختارت القيادة دعم صدام حسين ضد تحالف ضم العديد من الدول العربية. كما أن دعم العديد من الدول العربية لواشنطن شكل أيضا، إلى حد ما، ضغطا على إسرائيل (إذ كانت الدول العربية تطالب آنذاك بإحراز تقدم في ملف القضية الفلسطينية)، وأدى إلى إطلاق عملية سلام متعددة الأطراف في مدريد. وقادت المحادثات الفلسطينية الإسرائيلية، من الجانب الفلسطيني، قيادات من الداخل، بسبب إصرار إسرائيل على استبعاد منظمة التحرير الفلسطينية رسميا (في الواقع، كان وفد فلسطيني-أردني مختلط هو الذي تفاوض مع الإسرائيليين في مدريد). وقد استفاد هؤلاء القادة الفلسطينيون، الذين كانت لهم دراية جيدة بنظام الاحتلال الإسرائيلي والحرمان من الحقوق، من زخم الانتفاضة، وأثبتوا أنهم مفاوضون أشداء يسعون إلى تحقيق تقدم مهم. ورأت كل من منظمة التحرير الفلسطينية -التي وجدت نفسها مهمشة- وإسرائيل المحمومة، فائدة في استكشاف مساحة للمحادثات تسمح بالالتفاف على الإطار القائم.

قبل ذلك ببضع سنوات، كانت منظمة التحرير الفلسطينية قد أقامت علاقات مع الولايات المتحدة، وأعلنت رسميا تأييدها لحل الدولتين (خلال اجتماع المجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر في العام 1988). وقررت أنه من الممكن التوصل إلى اتفاق يسمح بمعالجة المسائل التي أثارتها حرب حزيران (يونيو) 1967، فضلا عن الاحتلال (وبالتالي الحصول على دولة فلسطينية على 22 في المائة فقط من الأراضي)، مع استبعاد -أو على الأقل تأجيل- القضايا التي أثارتها نكبة العام 1948 وسلب الأراضي وتقاسمها. وكان اللاجئون الفلسطينيون هم الذين سيدفعون ثمن هذه المحاولة لتقليص معايير الصراع من خلال التركيز على 1967 على حساب 1948. وكثيرا ما عبروا عن معارضتهم بقوة.

بدا إذن، ولو لفترة وجيزة، أن هناك معسكرا وقيادة سياسية في إسرائيل مستعدة للتوصل إلى اتفاق بشأن قضايا نفسها العام 1967 -أي الحدود والأراضي في المقام الأول. وأسفرت انتخابات العام 1992 في إسرائيل عن تشكيل حكومة بقيادة رابين، مكونة من حزب العمل وحليفه اليساري "ميرتس"، بدعم من الحزبين اللذين كانا يمثلان آنذاك المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل (وانضم الحزب الأرثوذكسي المتطرف "شاس" رسميا بعد ذلك إلى التحالف). وكان احتمال التوصل إلى اتفاق فلسطيني إسرائيلي آخذا في الظهور، لكنه بالكاد كان يرى في الأفق.

لحظة مناسبة

كان السياق الدولي في تلك الحقبة مختلفا بالقدر نفسه. وبدا أن زوال الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة يبشران بعصر من الأحادية القطبية غير المسبوقة. ومن الأمثلة على ذلك، نجاح أميركا في حرب الخليج المذكورة أعلاه والتحالف الذي تمكنت من تشكيله. وهكذا بدت قدرة القوة الأميركية على التوصل إلى اتفاق سلام في الشرق الأوسط أمرا لا يقبل الجدل، حتى ولو لم يكن الأمر كذلك تماما.

ولكن، في غضون عقد من الزمن، أعلنت الولايات المتحدة "الحرب العالمية على الإرهاب"، التي أدت إلى تدخل عسكري ثانٍ طويل الأمد ومدمر لها في العراق (وكذلك في أفغانستان)، وإلى تصور مبالغ فيه بطريقة فظة لهذا التهديد الذي أرهق الأميركيين، وأدى إلى تقويض قوتهم ومصداقيتهم، ما أثار رفضا هائلا، حتى في الولايات المتحدة نفسها، لمثل هذه التدخلات الخارجية.

إذا كانت هناك فرصة سانحة للحظة أوسلو، فقد كانت في ذلك العقد، في التسعينيات -وقد تم فعليا تحديد تاريخ لانتهاء التدابير المؤقتة التي تم وضعها في إطار عملية أوسلو ليكون أيار (مايو) 1999. لكن الولايات المتحدة فشلت في تأمين التنازلات الضرورية من طرف إسرائيل، حتى بالنسبة لاتفاق الحد الأدنى على أساس حدود العام 1967، والذي كان سيفيد الجانب الإسرائيلي إلى حد كبير. ويمكن التساؤل عما إذا كانت السياسة الأميركية تتوفر على القدرة الكافية لتنفيذ هذه المهمة، أو ما إذا كانت الإدارات الأميركية المتعاقبة قد حاولت القيام بذلك.

من المؤكد أن القيادة الفلسطينية ليست خالية من اللوم. وتميل الانتقادات الموجهة إليها إلى التركيز على تورطها في أعمال العنف وسوء إدارتها للمؤسسات. لا شك أن الهجمات التي استهدفت المدنيين الإسرائيليين كانت سببا في تقويض جهود السلام، وكانت هذه الهجمات في بداية الأمر تأتي في أعقاب أعمال العدوان الإسرائيلية (مثل قتل باروخ غولدشتاين للمصلين المسلمين في المسجد الإبراهيمي في الخليل في شباط/ فبراير 1994). لكن المقاومة المسلحة سمة مميزة لأي نضال من أجل التحرير، والفلسطينيون ليسوا استثناء. إن افتراض أن أفعال المقاومة ستنتهي على الرغم من استمرار الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات كان في أحسن الأحوال إحدى "سذاجات" أوسلو، وفي أسوأ الأحوال فخا معدا مسبقا. ولعل أكبر فشل لمنظمة التحرير الفلسطينية يكمن في سوء تفسيرها لنوايا الآخرين والسياق الجيوسياسي والإقليمي والمحلي، وهو عيب ما يزال قائما بطريقة مربكة حتى اليوم.

ضمان مصالح المحتل

إن الميل إلى إسناد المسؤولية بالتساوي للطرفين ليس خاطئا وخارج السياق فحسب، بل إنه يغفل بشكل أكثر جوهرية ما هو أساسي. فقد استندت "أوسلو" إلى شروط مناسبة لإسرائيل، التي كانت هي التي حددت هذه الشروط إلى حد كبير. وكان من شأن ترسيخ هذه الفرضية أن يكون إنجازا رائعا للمشروع الصهيوني. كان من شأنه أن يسمح لإسرائيل بالحصول على اعتراف دولي لا جدال فيه بالطبيعة العرقية-القومية لدولتها على مساحة 78 في المائة من الأرض الفلسطينية، إضافة إلى تخلي الحركة الوطنية الفلسطينية عن حقوق اللاجئين، وبالتالي إلغاء مطالبها المتعلقة بتهجير الفلسطينيين وسلب ممتلكاتهم خلال النكبة. وهذا حتى قبل النظر في مطالب إسرائيل الأكثر صرامة لإعادة التوزيع السياسي المحتمل في القدس والبلدة القديمة، والترتيبات الأمنية ونزع سلاح الدولة الفلسطينية، وكلها كانت جزءا من سلسلة مطالب من شأنها أن تحرم ما تسمى بـ"الدولة" من أي وضع سيادي ذي معنى.

على الرغم من كل ما قيل حول إخفاقات أوسلو، قد تكفي ملاحظة واحدة: الطريقة التي كان من الممكن أن تنجح بها عملية أوسلو، باعتبارها بناء إسرائيليا، هي أن تبذل إسرائيل جهدا إضافيا لجعل شروط التسوية مقبولة بحد أدنى للقيادة الفلسطينية، التي أظهرت استعدادها للتوصل إلى تسوية في وقت كانت تتمتع فيه بالشرعية الكافية للتوصل إلى اتفاق.

ما الذي كان يعنيه هذا من حيث التفاوض؟ تعويض زائد على تبادل الأراضي على سبيل المثال؛ تقسيم حقيقي وتشارك داخل القدس والبلدة القديمة؛ التخلي عن مطالب أمنية غير ملائمة وغيرها؛ استخدام لغة تصالحية؛ ودفع تعويضات واعتراف باللاجئين -قد تكون هذه التفاصيل أقل أهمية من المبدأ ذاته. لكن الأهم من ذلك هو أنه لم يتم اختبارها أبدا.

من الناحية الموضوعية، أخذت إسرائيل قبل الأوان وبشكل عشوائي الاستعداد الظاهر للفلسطينيين للتوصل إلى تسوية كأمر مكتسب، وأصرت على كسب تنازلات لا نهاية لها حتى لا تكون هناك عودة إلى الوراء. ويمكن النظر إلى خطوات رابين الأولى على أنها ارتجال قصير الأمد لإدارة ما اعتبره بيئة حساسة (ربما تبنى عرفات أيضا مناورة تكتيكية). وكان نجاح هذا التحدي الذي ينطبق أيضا على الحركة الصهيونية، هو معرفة ما إذا كان من الممكن تحقيق توازن استراتيجي مع الفلسطينيين، أي التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ والقبول. ولم يكن الحال كذلك. فقد استمر بنيامين نتنياهو على النهج نفسه، حتى عندما انخرط في مفاوضات سلام زائفة، وادعى أنه ثبت أنه كان على حق. كان يبدو أن الضغط قد تبدد.

تلك هي، باختصار، قصة أوسلو. لقد كانت الصهيونية راسخة لدرجة أنها لم تكن لتقبل بأي تسوية، ولا بإدماج مواقف وجودية حول قضية فلسطين. وفي هذا الصدد، سيكون من الخطأ الاستقراء من معاهدتي السلام اللتين أبرمتها إسرائيل مع الأردن ومصر أنها ستتحلى بالحكمة في علاقتها مع الفلسطينيين.

بعد مرور عشر سنوات على توقيع اتفاقية أوسلو، كانت اللعبة قد انتهت. انسحب آرييل شارون من غزة في صيف العام 2005 معلنا صراحة عن اعتزامه تحصين وجوده في الضفة الغربية ووضع أي احتمال للسلام مع الفلسطينيين في "حوض من الفورمالين"، كما أعلن ذلك جهارا كبير مستشاريه ومفاوضيه، دوف فايسغلاس. وعند لحظة وصول إيهود أولمرت إلى طاولة المفاوضات -وقد ادعى مرارا وتكرارا أنه كان الأقرب إلى التوصل إلى اتفاق- كان الإسرائيليون يزعمون على نحو غير معقول، أن التوصل إلى اتفاق سيكون مقبولا سياسيا داخليا أو قابلا للتطبيق. أما محاورهم الفلسطيني، فلم يكن قادرا على ادعاء أنه يتمتع بسلطة كافية. لم تعد الحقائق على الأرض اليوم تشبه بأي حال تلك التي سادت في بداية حقبة أوسلو، بل وتغيرت أيضا السياقات الجيوسياسية المحلية والعالمية إلى حد جعل من غير الممكن التعرف عليها.

لغة السلام في خدمة اللاشرعية

من المثير للدهشة أن العديد من الهياكل واللغة المشتركة لأوسلو ما تزال قائمة (فكرة المناطق أ، ب، ج، والسلطة الفلسطينية، والتعاون الأمني). وإذا تابعنا التصريحات التي صدرت خلال مؤتمرات القمة بين الأطراف، التي ما تزال تعقد تحت رعاية "عملية السلام"، أو الخطب التي لا نهاية لها للقادة السياسيين الأميركيين وغيرهم، فإننا سنجد التعويذة التي تكاد تكون طقوسية لنصوص وأساطير هذه العملية: نداءات لاستئناف المفاوضات، وتدابير بناء الثقة؛ تحسينات اقتصادية في ظل الاحتلال؛ وبطبيعة الحال، الرغبة الدائمة في تطبيق "حل الدولتين". ولكن لا شيء من هذا يشبه الواقع على الأرض. لقد انكشفت الهاوية المتسعة، إنها "عملية سلام" بوتيمكين (أي زائفة)، خدعة تظهر كل علامات فترة خلو العرش المرضية التي أشار إليها أنطونيو غرامشي(1). ويمكن إدراج كل كلمات أوسلو في نص المتحدث باسم وزارة الخارجية في واشنطن، الخالية من أي معنى، وهي مجرد ميت/حي. وتشكل حقيقة استمرار هذه المهزلة شهادة على الجمود والراحة التي تقدمها لإسرائيل وضامنها الأميركي. وما أصبح لدينا الآن هو لغة السلام في خدمة أعمال غير قانونية وحرمان من الحقوق وفصل العنصري. هذا هو الإرث المحزن لأوسلو بعد مرور ثلاثين عاما. لكن هذا لا يهم من نواح كثيرة، لأن لغة السلام تخسر في معركة الأفكار. إننا نعيش في عصر مختلف بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين -ولكن أيضا بالنسبة إلى الجغرافيا السياسية العالمية.

من أكثر الظواهر إثارة للاهتمام ما يحدث في الخطاب السياسي الإسرائيلي والمؤسسات السياسية. لم يعد لمعسكر أوسلو وجود. كان لدى حزب العمل وحزب "ميرتس" 56 عضوا من أصل 120 في البرلمان الإسرائيلي في الائتلاف الذي قاده إسحاق رابين في العام 1992. وقد تقلص هذا العدد إلى أربعة مقاعد فقط (أربعة لحزب العمل، وصفر لميرتس). وتمارَس السياسة البرلمانية الصهيونية الآن بشكل أساسي على الأرض، بين الترسيخ التدريجي المستمر للاحتلال وتسارع حركة "النصر الفوري" نحو المزيد من سلب الأراضي واستئناف التطهير العرقي (والخطاب السياسي الإسرائيلي مليء بالتهديدات بحدوث نكبة ثانية). إنها معركة بين المؤيدين الفخورين للفصل العنصري وأولئك الذين ينكرونه بينما يديمون الظروف اللازمة لتطويره. لقد خلق فشل أوسلو الظروف التي سمح فيها التفوق اليهودي المسيطر على الديمقراطية بنشوء قوة داخل الحكومة يمثلها بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وجزء كبير من حزب الليكود. لذلك لا ينبغي أن يتفاجأ أحد بأن ما يسمى بالاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي تعارض أجندة الإصلاح القضائي للائتلاف الذي يقوده نتنياهو، تجنبت بشكل واضح معالجة التحدي الأكبر للديمقراطية الذي يفرضه نظام التمييز العنصري والاحتلال الذي يعاني منه الفلسطينيون.

جريمة الفصل العنصري، تواطؤ مشترك؟

كما أظهرت أخيرا رسالة من مجموعة من كبار الباحثين الإسرائيليين والأجانب بعنوان "الفيل في الغرفة"، فإنه "لا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية لليهود في إسرائيل طالما استمر الفلسطينيون في العيش في ظل نظام الفصل العنصري".

إن راية المعارضة الحقيقية والسلام تحملها الأصوات غير البرلمانية شبه المنشقة للكتلة المناهضة للاحتلال وللفصل العنصري بشكل متزايد في المجتمع المدني الإسرائيلي-اليهودي والفلسطيني. وما تزال "عملية السلام" مستمرة في الخطاب الإسرائيلي، لكن القوى السياسية البرلمانية الداعمة لها انحازت إلى الواقع، وهي لا تتجاوز إدارة الفلسطينيين والسيطرة عليهم وسلب ممتلكاتهم. لم يعمد لـ"عملية السلام" كممارسة للمساواة، واستعادة الحقوق -ولنجرؤ على قول، والسلام- سوى عدد قليل من الأنصار.

ولا ينبغي الاندهاش أيضا من الاعتراف المتزايد بهذا الواقع باعتباره يشكل قانونا جريمة فصل عنصري بموجب القانون الدولي. وهذا ما لا تلاحظه المنظمات الفلسطينية وحدها، بل وأيضا منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية الرئيسية، خاصة "بتسيلم" و"يش دين" و"عدالة"، ومنذ 2021-2022 "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية". وهي قضية من المرجح أن تحال إلى محكمة العدل الدولية بمجرد أن تحيل إليها الجمعية العامة للأمم المتحدة مسألة احتلال إسرائيل المطول. وقد قدمت دول عدة ملاحظات إلى المحكمة حول الأساس المعتمد في القانون الدولي لتحديد ما إذا كانت دولة ما تمارس الفصل العنصري.

ولم تسلم السياسة والتنظيم الفلسطينيان من كل هذا. فقد وضعت الحقائق على أرض الواقع وإعادة التأطير المكاني والمفاهيمي المؤسسات الفلسطينية للحكم الذاتي التي أنشأتها أوسلو في وضع هش بشكل خاص. لم تشهد هذه المؤسسات انتخابات منذ 17 عاما، والتي كثيرا ما تأجيلها أو إلغاؤها. وقد فقدت هذه المؤسسات منذ فترة طويلة أهميتها السياسية لدى الفلسطينيين وفقدت مصداقيتها وصفتها التمثيلية. والأدهى من كل ذلك هو أن كل هذا يجري في إطار نظام الفصل العنصري. ولذلك يكفي أن نمضي قدما في هذا التحليل لنستنتج أن السلطة الفلسطينية هي جزء من هياكل الفصل العنصري، كشكل من أشكال الإدارة الذاتية الفلسطينية "للبانتوستانات" في خدمة نظام الفصل العنصري الأشمل.

ويقع التعاون الأمني على قمة سلم هذا الاستقطاب، وهو محل رفض شعبي كبير لدى الفلسطينيين، ويواجه تحديا متزايدا من قبل قوى المقاومة الجديدة من جيل الشباب.

تظل منظمة التحرير الفلسطينية هي الهيكل الوطني الفلسطيني الأعلى، على الرغم من أن السلطة الفلسطينية حلت محلها إلى حد كبير على مر السنين. وقد شخصت المنظمة نفسها الفصل العنصري بصفة رسمية، وهو ما يشكل على نحو متزايد جزءا من برنامج مرافعتها الدولية. لكن هذا التوتر لا يمكن أن يستمر مع الوقت. إن استمرار وجود السلطة الفلسطينية في تجسيدها لأوسلو، واستمرار ارتباط الهياكل المؤسسية الفلسطينية بـ"عملية السلام" ربما تكون آخر الحجارة التي ما تزال قائمة. لكنها بنية سياسية مفرغة من الجوهر، سيئة التمثيل، منقسمة وتعتمد بشكل متزايد على أدوات القمع ضد شعبها. وقد أصبح التنظيم والتعبئة حول اللجنة الوطنية لحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) تتمتع الآن بتماسك سياسي أكبر وبأهمية متزايدة. كما تحرز الحجج التي تركز على إنهاء الاستعمار وحقوق اللاجئين نجاحا متزايدا.

إضعاف الهيمنة الأميركية

إذا كان السياق السياسي المحلي لا علاقة له بذلك الذي كان قائما في أوائل التسعينيات، فقد تغيرت الجغرافيا السياسية بشكل أكثر جذرية. لقد كانت الأحادية القطبية الأميركية عابرة، ونحن نعيش في عصر الاضطرابات الجيوسياسية المستمرة. فقد ظهر ما يسمى بالقوى الناشئة، وأصبحت التعددية القطبية واضحة، وصار نوع جديد من عدم الانحياز مرئيا، وكان الإعلان عن توسيع مجموعة بريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) خلال قمة جوهانسبرغ (آب/ أغسطس 2023)، أحدث مثال على هذا التطور.

أدى انسداد السياسة الوطنية الفلسطينية حتى الآن إلى تأخير تطبيق هذا التطور على الشؤون الإسرائيلية الفلسطينية. ولكن مع تآكل الحصانة الأميركية، تتآكل الحصانة الإسرائيلية أيضا. ومع تمكن الهياكل العالمية الجديدة من تأكيد نفسها، من غير المرجح ألا يتأثر الملف الفلسطيني الإسرائيلي. ولكن لا يمكن أن تحدث التغييرات بسرعة إلا عندما يتم توحيد السياسات والاستراتيجيات الفلسطينية وإعادة تجميعها وإعادة صياغتها. ولدى بعض أهم القوى في الجنوب رؤية لملف فلسطين وإسرائيل تختلف تماما عن رؤية الولايات المتحدة، سواء لأسباب تتعلق بالتاريخ الاستعماري أو الفصل العنصري، أو السياسة الداخلية أو رفض التطبيق الانتقائي للقانون الدولي الذي تمارسه واشنطن. وينطوي ذوبان الجليد في الفضاء الجيوسياسي على مخاطر ظهور اتجاهات سياسية ليست كلها إيجابية.

كانت مقاومة نموذج أوسلو مثيرة للإعجاب ولن يكون استبداله سهلا. فإسرائيل هي ذاتها قوة إقليمية، ويعتبرها الكثيرون قوة عالمية متوسطة المستوى، لديها سلاح نووي، وهي مصدِّرة للمعدات العسكرية الرائدة، وخبيرة في التكنولوجيا (وغالبا ما تكون مصدرا خطيرا للعناصر المدمرة لهذه الخبرة التكنولوجية). وهي أيضا فاعل في الجغرافيا السياسية الجديدة. لكن نظام الفصل العنصري الذي أسسته إسرائيل ليس شعبيا ويجبر سلطاتها على اتخاذ إجراءات مثيرة للمتاعب.

بدأت ملامح المسألة الإسرائيلية الفلسطينية في مرحلة ما بعد أوسلو في الظهور. ومن المرجح أنها ستندرج في إطار عالم متعدد الأقطاب، وتقوم بتحديدها أطراف غير غربية، وتتمحور على النضال من أجل المساواة بدلا من التركيز على الدفاع عن الأرض. وإذا كانت أهدافها، لحسن الحظ، تشمل تحرير الفلسطينيين من إنكار حقوقهم وحرياتهم، فإنها ستحرر أيضا اليهود الإسرائيليين من إدامة نظام عنصري غير إنساني، مدمر للروح وغير آمن في نهاية المطاف.

 

*دانيال ليفي: رئيس مشروع مركز أبحاث الشرق الأوسط الأميركي ومفاوض إسرائيلي سابق خلال مفاوضات أوسلو وطابا. ترجم المقال من الفرنسية حميد العربي.

هامش:

(1) نسبة الى مقطع شهير من "دفاتر السجن" لأنطونيو غرامشي: "تكمن الأزمة على وجه التحديد في حقيقة أن (النظام) القديم يحتضر والجديد لا يمكن أن يولد بعد. وفي فترة خلو العرش بين النظامين، تظهر مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأعراض المتوحشة السقيمة".

---------------------------------------------

يديعوت أحرونوت 26/9/2023

داسوا علينا في بيتنا

بقلم: هدار غيل - عاد

كان هذا يوم غفران حزين على نحو خاص، ربما الأكثر حزنا الذي نشهده. في السنوات الأخيرة، منذ أن خرجت صلوات يوم الغفران من الكنس وبدأت تجري في الحيز العام تحت السماء، ميدان ديزنغوف، الذي هو حي علماني في جوهره، أصبح رمزا وقدوة للتسامح، الاحترام المتبادل والتعايش. كانت الصلوات تجري على جانب الميدان، بينما في الخلفية عائلات تتنزه واصوات الأطفال الفرحين الذين يركبون الدراجات الهوائية. تقاليد علمانية الى جانب تقاليد دينية، بالضبط مثلما هو الفسيفساء الإسرائيلي يفترض أن يكون. كانت إمكانية للصلاة بانفصال، وكانت إمكانية للعائلات الصلاة، او لمجرد الاستماع للصلاة معا. كل بإيمانه يعيش، لا احد يفرض شيئا على احد.

لكن هذه السنة اخترقت هذه الآلية الجميلة والرقيقة بوحشية. منصة ضخمة أغلقت الميدان، وعلقت اعلام إسرائيل لاجل خلق فصل بين المصلين الذين سعوا الى تقسيمهم الى قسمين. قلوبنا، نحن سكان الحي، حطموها الاف الأجزاء، اعرف ان أحدا لا يريد ان يقضي يوم الغفران، الذي يفترض أن يكون يوم هدوء في المظاهرات، بهتافات "يا للعار". لكن هذا اكثر من التجاهل بفظاظة لقرار المحكمة الذي قضى الا تجرى صلاة بانفصال في الحيز العام، كما أن هذا اكثر من الاستخفاف بالقانون – هذا هو دوس بالعنف على تقاليد وقيم الناس. هذه محاولة لاقصاء عائلات كاملة عن حيزها العام، عن ايمانها، عن الشكل الذي تختار فيه احياء العيد. وكما هو متوقع في رده امس اختار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تجاهل الخرق الفظ لقرار المحكمة مثلما هو لمعظم مواطني إسرائيل الذين يشعرون ان صوتهم لا يسمع في الحكومة التي أقامها. حكومة تفضل بشكل ممنهج حقوق الأقلية على حقوق الأغلبية. وبالفعل، تتجاهل أيضا حقوق النساء. فعقب قائلا: "في دولة اليهود بالذات، في اليوم الأكثر قدسية للشعب اليهودي متظاهرون يساريون يشاغبون ضد اليهود في اثناء صلاتهم. يبدو أنه لا توجد حدود، لا توجد أنماط سلوك ولا يوجد قيد للكراهية من جانب المتطرفين من اليسار".

أمس، في موعد قريب من خروج الغفران، سرت الى الميدان محطمة القلب، الميدان إياه الذي تصدر منه كل سنة في هذه الساعة نغمات الصلاة الى جانب نغمات العائلات والأطفال الضحكين، وهذه السنة سمعت منه أصوات الجدالات اللاذعة. أوضح لي في حينه ان هذا ليس صراع يسار ضد يمين، كما أنه ليس صراع متدينين ضد علمانيين. هذا صراع على المساواة في الحقوق. وكلما اقتربت وسمعت الحوار بين الطرفين اتضح لي بان الفجوة التي تنبع في أساسها من القيادة التي تنمي خطاب الكراهية، ليست كبيرة. صحيح أن هذا ما بحثت فيه المحكمة لكن هذا ليس صراعا على الفصل في الحيز العام، هذا صراع على المساواة، وليس فقط المساواة بين الجنسين بل على المساواة في الحقوق. هذا صراع من جمهور كامل يطالب بقبول القيم، الأعراف وانماط الحياة لديه. أن يسمحوا له بأن يحيي الأعياد بالشكل الذي يؤمن به. ان يصل بالطريقة التي يؤمن بها وأن يربي اطفاله على القيم التي يؤمن بها. ان يتحرك بمساواة في الحيز العام. ان يسمحوا له ان يتزوج حسب إيمانه، وان يتطلق حسب إيمانه. ونعم، أن يسافر في السبت أيضا. أن يتقاسموا معه العبء بمساواة. المأساة هي أنه كلما عمقت الحكومة الفجوات وقضمت من هذه الحقوق، فإن القدرة على التعايش واحتواء احتياجات الآخر ستتقلص فقط.

---------------------------------------------

 

 

 

 

معاريف 26/9/2023

لكمة في وجوهنا

بقلم: سام بن شطريت وبلفور حكاك

ما يفعله معارضو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الولايات المتحدة هو التشهير بالبلاد. أفعالهم هي مثابة لكمة في وجهنا. لا يوجد ظل شك بأن أصحاب رؤوس الأموال يقفون من خلف حملة التشهير هذه. يصعب علينا التصديق بأن مان داهو سينفق من جيبه الاف الدولارات ضد نتنياهو في رحلته السياسية. يخيل لنا أنه تحطمت كل السدود وكل أنماط السلوك الأساسية. قيادة النضال ضد الحكومة تبعث بإسرائيليين وبـ "مهاجرين من إسرائيل" ليركضوا وهم يحملون أعلام إسرائيل ويهتفون بأصوات متحشرجة: يا للعار! وكل هذا امام عيون الاغيار واليهود المندهشين. اما أعداء إسرائيل فيذوبون فرحا. فمن كان سيعطي هدية كهذه للدعاية الإيرانية، لمبعوثي أبو مازن في الولايات المتحدة ولكتائب الـ BDS التي تطالب بمقاطعة إسرائيل ومؤسساتها الاكاديمية؟ الا تكفي المظاهرات في شارع كابلان، امام بيت نتنياهو في القدس وفي قيساريا او امام بيوت الوزير لفين والنائب روتمن؟

اتصلت بنا شخصية رفيعة المستوى من المغرب وأعربت عن دهشتها من أفعال المتظاهرين. الأفعال تهين صورة إسرائيل كما قالت الشخصية وأضافت: "انتظروا لتروا حين يصل نتنياهو الينا، بناء على دعوة من جلالة الملك، محمد السادس، ونحن سنستقبله بما يتناسب مع فخامته: بالتصفيق العاصف وبباقات الورود".

في عهد بينيت ولبيد في رئاسة الوزراء لم نر المشاهد والافعال كهذه. نتنياهو يقوم في الولايات المتحدة بمهمة للدولة. وكان حكماؤنا قرروا بان "الملك الذي يغفر على المس بشرفه فان شرفه لا يغفر". هو الزعيم المنتخب والمس به هو مس بإسرائيل.

الجمعية العمومية للأمم المتحدة هي منصة للقاءات رئيس وزرائنا مع المستشار الألماني شولتس، مع رئيس أوكرانيا زلنسكي، ومع رئيس تركيا اردوغان. كل العالم يتابع الإسرائيليين الذين يتهمون حكومة إسرائيل بـ "الابرتهايد"، بتحويل إسرائيل الى ديكتاتورية وبالمس بجهاز القضاء. ان صراعات سفير إسرائيل في الأمم المتحدة جلعاد اردان لصد هذه الاتهامات ضد إسرائيل يستهان بها حين يكون الإسرائيليون هم الذين يشهرون بها امام العالم. يبث الإسرائيليون صورة نتنياهو بملابس السجين على اسوار سجن الكتراز، وشعارات مضادة له على مبنى الأمم المتحدة، فيشهر بنا.

لم نتعرض في الماضي لمثل هذا السلوك القاسي المتمثل بالتنكر لرموز وكرامة دولة إسرائيل من جانب المعارضة. محزن أن غانتس ولبيد يقفان جانبا ويسندان ذلك بصمتهما.

---------------------------------------------

هآرتس 26/9/2023

الاحتجاج ضد العمل التبشيري اليهودي

بقلم: أور كشتي

احتجاج يوم الغفران في تل أبيب يرمز الى مرحلة اخرى في استيقاظ الجمهور الليبرالي: أمام عمل تبشيري يهودي، فان الشرطة التي تراوح موقفها بين اللامبالاة والتعاون مع خرق حكم صريح لهيئتين قضائيتين، وأمام بلدية اختارت التجاهل والصمت، أوضح مئات من المتظاهرين بسلسلة مواجهات في المدينة بأنهم لن يسمحوا بالفصل بين الجنسين في الفضاء العام. خط الحدود الجديد الذي تم رسمه أول من أمس عمليا هو المرحلة الحيوية لبلورة معسكر ينبض بالحياة، والذي يمكن أن يلزم ايضا السياسيين الذين يريدون في القريب الحصول على ثقته بالانتخابات المحلية. التعددية احادية الجانب، التي في ظلها نمت وترسخت مبادئ التفوق اليهودي، بدأت في التغير. محطة اولى في الطريق الى اصلاح بعيد المدى وواسع النطاق.

لمهم التوضيح بأن الاحتجاج المدني لم يهاجم صلاة ولم يمس بحرية العبادة، بل خرج ضد تصنيف الرجال والنساء بشكل غير مناسب في الفضاء العام. بذلك فإن الاحتجاج دافع عن قيمة المساواة وأثبت بأنه يوجد ايضا لليبرالية مبادئ مقدسة. وكما كتبت في الاسبوع الماضي قاضية المحكمة المركزية في تل ابيب، هداس عوفاديا، فان كل من يريد الصلاة بفصل بين الرجال والنساء يمكنه فعل ذلك في 500 كنيس موجودة في المدينة، ولا يتخيل أحد أن يقيد ذلك (للأسف الشديد لا أحد يتخيل أن يزيد الدعم بالتيارات غير الارثوذكسية).

 القصة شيء مختلف. فالرغبة في شرعنة الفصل بين الرجال والنساء في المحميات الطبيعية وفي المواصلات العامة وفي الجيش وفي الاكاديميات وفي جهاز الخدمة العامة وأينما يمكن ذلك، استهدفت تطبيع أجندة عنصرية، قومية متطرفة، أوسع، ترتبط بشكل مباشر بالانقلاب النظامي. ليس بالصدفة جاء رجل الاعلام شمعون ريكلين لدعم محاولة جمعية "رأس يهودي" للتذاكي وخرق قرارات المحكمة العليا والمحكمة المركزية التي منعت وضع أي فاصل في الفضاء العام. ليس بالصدفة أنه قبل بضع ساعات على ذلك تم تصوير ناشط في الجمعية وهو يضع فاصل في الوقت الذي كان يحمل فيه مسدسا في جيب بنطاله. حيث أنه من الضروري وجود السلاح اثناء مهمة يتم تنفيذها في الجبهة الداخلية للعدو. العلاقة بين التفوق الجندي والتفوق اليهودي لم تكن في أي يوم واضحة بهذه الدرجة.

اجمالي المحاولات في يوم الغفران لتطبيق الفصل في الفضاء العام بذريعة الصلاة، في تل ابيب وفي كل البلاد، تدل على عدوان متعمد، وربما منظم، ضد الجمهور الليبرالي. او اصبع في العين، هكذا اعتادوا في اليمين الديني القومي المتطرف، أن يقوموا بتثبيت حقائق على الارض، بؤرة استيطانية تلو اخرى، بكلام معسول والخداع والحديث عن "الوحدة". ليس الصلاة أو تقريب القلوب هي التي تهم مدير عام "رأس يهودي"، اسرائيل زعيرا. افعاله تثبت بأنه يهتم بوضع فاصل رمزي واحتلال المزيد من المساحة العامة، في الطريق الى التهويد الكامل، كما اعترف بنفسه، بعدم وعي مميز في مقابلة أجراها مع القناة 7 قبل بضع سنوات. أمس بعد أن منع المئات من المتظاهرين في ميدان ديزنغوف اجراء الصلاة مع الفصل بين الرجال والنساء وصرخوا "يا للعار"، يبدو أنه يمكن الاستنتاج أنه لم يقدر قوة المعارضة.

 يجب شكر زعيرا الذي دعا في الاسبوع الماضي الحاخام المحرض يغئال ليفنشتاين لالقاء محاضرة عن "الشرخ داخل الشعب" والتباكي على المظاهرة ضده – وعن إسهامه في بلورة المعسكر الليبرالي. قبل بضع سنوات نشرت منظمة التهويد برئاسته اعلان عن برنامج تبشيري. "تعالوا لايقاظ المدينة"، كتب هناك، مع تعهد بسكن في الاحياء المختلفة في تل ابيب ومنحة معيشة برعاية الحاخام شلومو الياهو. وبتأخير واضح انتهت الفترة التي فيها مرت اهانة كهذه من تحت الرادار. جزء كبير من النشاطات ممول بالاموال العامة: حسب بيانات مسجل الجمعيات فانه في الاعوام 2017 – 2022 حصلت الجمعية، التي لها فروع في تل ابيب وفي القدس، على دعم من الحكومة بمبلغ 711 ألف شيكل. "رأس يهودي" وأنوية توراتية، تشغل "مراكز هوية يهودية" وتحول من خلالها نشاطات في المدارس الحكومية، هما جزء لا يتجزأ من البنية التحتية التي تم اعدادها مسبقا من اجل الانقلاب النظامي.

في المقابل، "هناك حكم واضح صدر عن هيئتين قضائيتين في الاسبوع الماضي وهما أن حرية العبادة لا يعطي الحق للشخص، لأن تعاليم دينه يمكن تطبيقها في الفضاء العام وبالشكل الذي يرغب فيه"، كتبت القاضية عوفاديا واضافت بأن منع البلدية لوضع فاصل هو "تطبيق للشريعة (القانونية) الراسخة التي تمنع الفصل بين الرجال والنساء في الفضاء العام. الخيار الوحيد هو حظر الفصل بين الجنسين في الاماكن العامة. ولا يوجد مثل ساحة ديزنغوف لتوضيح ما هو الفضاء العام".

يوم الجمعة ذكر قاضي المحكمة العليا، اسحق عميت، بما يجب أن يكون واضح بحد ذاته. واضاف أن الفصل بين الجنسين "مرتبط بوعي حظر التمييز وانتهاك المساواة واقصاء النساء عن الفضاء العام". كل من يعتقد أنه لا توجد مشكلة مع "القليل من الفصل"، اقتبس عميت قرار حكم القاضي (المتقاعد) حنان ملتسر، حول واجب العمل ضد "لافتات الحشمة" في بيت شيمش: "معنى اقصاء النساء"، كتب ملتسر قبل نحو خمس سنوات هو "التمييز الجارف على خلفية الجنس، الذي ميزته الأساسية هي إقصاء النساء بسبب كونهن نساء، إمكانية الحصول على الخدمات العامة ولعب دور في النشاطات العامة أو التواجد في الفضاء العام". هاكم عبرة هامة أخرى: بطبيعته فإن الفصل بين الجنسين لا يعرف الشبع ولا يعرف الحدود. ما حدث في بيت شيمش لن يبقى هناك.

---------------------------------------------

 

 

يديعوت أحرونوت 26/9/2023

الذراع الاستخباري لقوات الأمن ضد المهاجمين

بقلم: اليشع بن كيمون

في إطار استعدادات الذروة في فترة الأعياد، في فرقة المناطق يواصلون، الى جانب ملاحقة المهاجمين الذين نفذوا العمليات وفروا، جهود دفاعية متعاظمة في يهودا والسامرة في ضوء إحداث إطلاق النار الأخيرة.

في خلفية التقارير عن تعزيز السلطة الفلسطينية سيواصلون في الجيش الإسرائيلي الإبقاء على عزل الساحات قدر الإمكان. في مناطق الخليل، عصيون وبنيامين يوجد هدوء نسبي. اما التركيز في هذه اللحظة فهو في منطقتي منشه والسامرة، المختلفة الواحدة عن الأخرى.

في منطقة منشه (شمال السامرة) يعمل الجيش الإسرائيلي حيال تهديدات إطلاق النار، بشكل عام من خلايا ومسلحين، نحو المحاور، المواقع والحواجز التابعة للجيش الإسرائيلي. كما تطلق النار نحو شكيد، غان نير ومستوطنات أخرى. وذلك الى جانب تهديدات صواريخ محدودة جدا. مؤخرا رأينا الجيش الإسرائيلي يعمل في مدينة جنين ومخيمات اللاجئين وينفذ اعتقالات لنشطاء أطلقوا النار نحو القوات. كما أن السلطة الفلسطينية تحاول العمل في منطقة جنين ضد المسلحين إياهم، لكن عمليات إطلاق النار مستمرة.

في منطقة السامرة الوضع مختلف قليلا. في الجيش يلاحظون انه يوجد عدد من خلايا إطلاق النار بدأت ترفع الرأس في القرى المجاورة لنابلس. الجيش والشاباك ما يزالان يطاردان المنفذ الذي قتل نحو شهر شاي سايلس نيجركر وأفيعاد نير في حوارة والمهاجم الذي أصاب إسرائيليين اثنين في عملية إطلاق نار قرب حوارة قبل نحو أسبوع.

ويشرح مصدر رفيع المستوى في فرقة المناطق بأنه فضلا عن المطاردة، فان الهدف هو خلق الردع هناك، ولهذا فانه يتم وضع اليد على وسائل قتالية واجراء اعتقالات واسعة وليس فقط اعمال موضعية. هكذا مثلا في ليلة واحدة الأسبوع الماضي حقق الجيش ومشط في منطقة السامرة اكثر من 450 هدفا. لا تأتي الاعمال الهجومية من فراغ. فكمية عمليات اطلاق النار اخذة في التزايد هذه السنة وتخلق غضبا في أوساط المستوطنين الذين يطالبون بإعادة الحواجز والتفتيشات في المداخل للمدن والقرى.

الى جانب ذلك، في قيادة المنطقة الوسطى طوروا عنصر اغلاق الدائرة في حركة ضد المهاجمين. ففي اثناء الأشهر الأخيرة تثبت التعاون والارتباط بين غرفة عمليات الشاباك وغرفة عمليات الشرطة حتى مستوى المقاتل الذي يوجد في الميدان. فالمعلومات الاستخبارية تنتقل بشكل سريع وشامل في ظل استغلال وسائل تكنولوجية حديثة توجد تحت ستار من السرية.

"الاستخبارات تطورت جدا. تمر تفاصيل أكثر عن الأهداف وبسرعة اكبر، ونحن نرى النجاحات. نحن ننجح في أن نمسك بهم حيث هو مريح لنا"، يشرح مصدر كبير في قيادة المنطقة الوسطى.

عندما ننظر الى الاعداد نفهم كم تطورت طريقة العمل. في كانون الثاني هذا العام نفذت 26 حملة لاغلاق الدائرة و كلها القبض على المقاتلين. في شباط نفذت 18 حملة ناجحة من هذا النوع. في اذار وفي الأشهر التالية نفذت 24، 12، 27، 34 حملة لإغلاق الدوائر. في آب نفذت 22 حملة ناجحة، وفي شهر أيلول نفذت 9 حملات، وامسك فيها بكل المخربين المستهدفين.

"التعاون الاستخباري بين القوات تحسن جدا. في الماضي كان يستغرقنا ربما 40 دقيقة حتى ننقل معلومة دقيقة الى الجندي في الميدان. اما اليوم ففي غضون دقيقة تقريبا تصل المعلومة الى المقاتل في الميدان بشكل مفصل، مع الكثير من المعطيات. ولا يتبقى له غير اعتقال المهاجم. وهذا ينجح"، هكذا يشرح برضى المصدر الأمني الكبير نفسه.

---------------------------------------------

 

السفير السعودي: نعمل لإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية

رام الله- “القدس العربي”:

تقبل الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، الثلاثاء، أوراق اعتماد سفير المملكة العربية السعودية، نايف بن بندر السديري، لدى فلسطين.

جاء ذلك خلال استقبال عباس السفير السعودي بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية “وفا”.

وقالت الوكالة إن الرئيس عباس “تقبل أوراق اعتماد سفير السعودية، نايف بن بندر السديري، سفيرا فوق العادة، مفوضا غير مقيم لدى دولة فلسطين، وقنصلا عاما في مدينة القدس”.

ونقلت عن الرئيس الفلسطيني قوله إن “هذه الخطوة ستسهم في تعزيز العلاقات الأخوية المتينة التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين”.

كما رحب عباس بالسفير السعودي، وأشاد بزيارته واصفا إياها بـ “المهمة”.

بدوره، قال السفير السديري إنه أكد على العلاقة الوثيقة التي تربط السعودية وفلسطين.

وأضاف: “هذه الزيارة ستكون فاتحة لتعزيز المزيد من العلاقات في جميع المجالات”، ولفت إلى أن “مواقف السعودية ثابتة وداعمة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة”.

وفي وقت سابق اليوم قال السديري إن بلاده تعمل من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.

جاء ذلك في كلمة أمام الصحافيين بعد لقائه وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي في رام الله وسط الضفة الغربية، في زيارة رسمية تستمر يومين.

وقال السديري إن “السعودية لديها اهتمام كبير بالقضية الفلسطينية وحلها على أساس الشرعية الدولية”.

وأضاف: “نعمل من أجل إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية”.

ولفت السديري إلى أن “أي عملية سلام ستكون مبادرة السلام العربية ركنها الأساسي”.

وأشار السفير السعودي إلى أنه سيقدم خلال زيارته إلى الأراضي الفلسطينية “أوراق اعتمادي الأصلية والبراءة القنصلية كقنصل عام في القدس إلى الرئيس عباس”.

وردا على أسئلة وسائل الإعلام عن إعادة افتتاح القنصلية السعودية في القدس، قال: “نأمل أن يكون ذلك”، مشيرا إلى أن المملكة كان لها سابقا قنصلية في الشيخ جراح بالقدس.

وهذه أول مرة تعين فيها السعودية سفيرا لها لدى فلسطين، علما أنه كان للمملكة قنصلية عامة في القدس، لكنها أغلقت مع احتلال إسرائيل للمدينة عام 1967، حيث كانت الضفة بما فيها القدس الشرقية، تخضع لإدارة أردنية آنذاك.

بدوره، رحب وزير الخارجية الفلسطيني بالسفير السعودي، وقال “تأتي الزيارة الهامة اليوم لتعزيز العلاقات مع أشقائنا في السعودية”.

ووصف المالكي تعيين السفير “بالخطوة المرحب بها” مضيفا: “نحن على ثقة بالمواقف السعودية وقرارات قيادتها”.

وفي وقت سابق الثلاثاء، وصل السديري، وهو أول سفير للسعودية لدى فلسطين، إلى الضفة الغربية عبر معبر “الكرامة” (اللنبي) قادما من الأردن في زيارة رسمية.

وتستمر زيارة السفير والوفد المرافق حتى الأربعاء، بحسب بيان سابق لوزارة الخارجية الفلسطينية.

وفي 13 أغسطس/ آب الماضي، أفادت وكالة الأنباء السعودية “واس”، بأن المملكة عينت السديري سفيرا فوق العادة مفوضا غير مقيم لدى فلسطين وقنصلا عاما بمدينة القدس.

وذكرت الوكالة آنذاك أن السديري وهو أيضا سفير السعودية لدى الأردن، سلم نسخة من أوراق اعتماده إلى مجدي الخالدي مستشار الرئيس الفلسطيني للشؤون الدبلوماسية، خلال مراسم أقيمت في مقر سفارة فلسطين بالعاصمة الأردنية عمان.

 

تعليقات إسرائيلية

تزامنا مع مساعي التطبيع ووصول سفير السعودية الجديد نايف السديري لرام الله اليوم الثلاثاء قال رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو إن توسيع دائرة السلام فرصة تاريخية مؤكدا التزامه بذلك وسط حفاظ على المصالح الأمنية لإسرائيل.

وخلال مشاركته في احتفالية خاصة لاستذكار ضحايا حرب 1973 قال نتنياهو أيضا إن السلام مع السعودية سيدفع دولا كثيرة للاقتداء بها وتابع “نعمل بمثابرة مع صديقتنا الولايات المتحدة على تحقيق السلام وتعزيز أمننا ونحن كشعب، من علمانيين ومتدينين يمين ويسار يهودا وغير يهود كافتهم، أثبتوا أن المشترك أكبر مما يفرّق بينهم وبحال فرضت علينا معركة سينتصر المشترك بيننا وفي لحظة الامتحان نعرف كيف نقف شعبا موحدا والكل يعلم أن ماض واحد لنا ولا شك لدي أن مستقبلا مشتركا أيضا لنا”.

كما اعتبر وزير الخارجية في حكومة الاحتلال إيلي كوهن زيارة السديري لرام الله اليوم مؤشّرا على جدية المساعي السعودية نحو التطبيع مع إسرائيل مذكّرا بتصريحات ولي عهدها محمد بن سلمان في مقابلته مع شبكة “فوكس نيوز” بأننا نقترب يوميا من التطبيع مع إسرائيل وبأن إيران تهديد إقليمي.

واعتبر كوهن التطبيع مع السعودية حدثا تاريخيا لأنه “سيفتح الباب أمام سلام بين إسرائيل وبين العالم الإسلامي”. وهل هذا السلام أهم من السلام مع مصر والأردن؟ على هذا السؤال أجاب كوهن: “مصر مهمة والأردن جيراننا لكن السلام مع السعودية سيضع حدا للصراع العربي – الإسرائيلي”.

كما قال كوهن إن التاريخ المتوقع لتوقيع اتفاق تطبيع مع السعودية سيكون قبيل نهاية الربيع القادم لافتا لوجود تفاصيل ينبغي التوافق عليها. وردا على سؤال حول إمكانيات التعايش مع نووي سعودي قال كوهن “هدفنا الأهم حفظ أمن إسرائيل وتعزيزه وربما نجد حلولا لذلك من خلال ضمانات أمريكية ورقابة مشددة على المشروع النووي في السعودية وهذا كله الآن قيد البحث”.

وبشأن القضية الفلسطينية أوضح كوهن أن الفلسطينيين “لا يشكلّون عائقا أمام اتفاق التطبيع والسلام مع السعودية وأن إسرائيل معنية بتحسين شروط رفاهيتهم”.

------------------انتهت النشرة------------------

disqus comments here