فلسطين والتغيرات المقبلة على المنطقة ...!

أولا وأخيرا أحيي كافة المواقف الشعبية والرسمية العربية والدولية، المبنية على الوفاء والإخلاص والتمسك بالمواقف الوطنية والقومية والإنسانية من القضية الفلسطينية ...

هي القضية العربية المركزية على مدى قرن مضى من الصراع ولازالت وستبقى قضية الأمة المركزية، الحذر الحذر من اسقاط القضية وابعادها السياسية والقانونية، سواء باسم المقاومة والبندقية أو غيرها من التفاهمات من هنا ومن هناك ... والحذر الحذر من تحويلها من قضية حقوق شرعية ثابتة غير قابلة للتصرف لشعب يناضل من أجل حق العودة وحق المساواة والحرية وتقرير المصير والإستقلال .... إلى مجرد مسألة إحسان ومسألة انسانية، تتمثل في فتح ممر أو معبر أو ميناء أو مطار ورفع لحصار ... الخ من المسائل الحياتية، ليس تقليلا من أهمية ذلك، وإنما لأن جوهر القضية يكمن في انهاء الإحتلال الإسرائيلي، واقتلاع الاستيطان وتحقيق العودة وتقرير المصير والحرية والمساواة للشعب الفلسطيني، وتحقيق الوحدة الترابية والديمغرافية السياسية والقانونية في دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس.

يقال تموت الحرة ولا تأكل بثدييها .. والشعب الفلسطيني بنسائه ورجاله شعب حر، شعب مقاوم منذ فجر التاريخ، ورث المقاومة جيلاً عن جيل، لن يكل ولن يمل حتى ينتصر ويحقق كامل أهدافه الوطنية المشروعة، حتى ولو بعد حين، نؤكد أن لا أمن ولا استقرار ولا سلام يمكن أن يحلَ في المنطقة دون التسليم والإقرار بهذه الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.

نقول هذا ونؤكد عليه في ظل التغيرات الجارية والمتسارعة على مستوى العالم، والمنطقة العربية تؤثر وتتأثر بذلك، خاصة وأن منطقتنا العربية، والشرق الأوسط والاقصى بصفة عامة، مقبلون على مرحلة سياسية جديدة وهامة، سيعاد من خلالها اعادة تشكيل النظام الإقليمي والدولي عامة، ونظام منطقتنا العربية خاصة، سيكون هناك جملة من التغييرات الإستراتيجية عسكريا وسياسيا واقتصاديا، التي تفرض أن تكون القضية الفلسطينية وتسوية الصراع العربي الإسرائيلي حاضرتين فيها وبقوة، كما لابد من تسوية كافة الإشكالات والقضايا العربية المتأزمة، من اليمن إلى العراق وسوريا ولبنان وليبيا والسودان والمغرب العربي... الخ من قضايا النزاع والصراع في دول المنطقة والإقليم، وانهاء الخلافات مع دول الجوار العربي إيران وتركيا واثيوبيا، من أجل أن يستعيد الإقليم أمنه واستقراره وسلامه ومن أجل اطلاق عملية التنمية والنهوض والبناء والتقدم والإزدهار لدول وشعوب المنطقة كافة، لقد مثل الإتفاق السعودي الإيراني برعاية جمهورية الصين الشعبية الموقع في بكين في 10/3/2023 مدخلا مهما ومتغيرا كبيرا، وأن الإلتزام بتنفيذه لاشك سوف يشكل اساسا متينا لمجمل التغيرات، ومدخلا لإنهاء العديد من الازمات التي تعصف بالمنطقة ومن شأنها أن توفر البيئة السياسية المناسبة لبداية مرحلة جديدة من الأمن والإستقرار والبناء والتنمية لدول المنطقة.

هذا يقتضي ويوجب العمل على اعادة العافية والإعتبار للنظام العربي والجامعة العربية، على اسس مصلحية تحقق المصالح العربية لكافة دول الإقليم العربي، وأقاليم الشرقين الأوسط والاقصى، وكذلك منطقة وادي النيل وشمال افريقيا، هذا ما أكدت عليه قرارات القمة العربية الثانية والثلاثين المنعقدة في جدة في 19/5/2023 م.

إن انسحاب الولايات المتحدة من افغانستان منتصف شهر آب 2021 م، وانسحابها لاحقا من العراق وسوريا وباقي أقطار المنطقة، قد يفتح المجال لجملة من التوقعات والتغيرات المختلفة التي قد تترتب على ذلك، سوف يكون لها انعكاساتها المهمة، على واقع القوى والدول والمحاور السياسية في الإقليم، والتي من صالحها أن تدخل جميعها من الآن في حوارات سياسية معمقة، وأن تتوصل إلى اتفاقات استراتيجية، يكون من شأنها مواجهة تلك التغيرات والتحديات المقبلة، وآثارها السياسية السلبية والإيجابية المتوقعة والممكنة، وأن تضمن استعادة الأمن والسلام والإستقرار لها وللإقليم.

هنا نعود إلى القضية الفلسطينية، القضية المركزية للعرب وللإقليم، نؤكد على أنها قضية جوهرية لا يمكن شطبها أو تجاوزها، إنما يجب العمل على حلها، ذلك يمثل المدخل الرئيس لضمان استعادة واستمرار الأمن والسلام والإستقرار في المنطقة العربية والإقليم، لها انعكاسها على باقِ دول العالم، فهي قضية سياسية مركبة، قضية كرامة، وقضية انهاء للإحتلال، وقضية عودة للاجئين، وحق لتقرير مصير للشعب الفلسطيني، لا تنجز إلا من خلال بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس ...

القضية الفلسطينية ليست مجرد قضية جوع واحسان، كما يحلو للبعض تصويرها أو ورفع لحصار وتحسين للأوضاع المعيشية للفلسطينيين سواء في قطاع غزة وبقية أراضي فلسطين المحتلة أو في مخيمات اللجوء المختلفة ... كما يحلو للبعض اختزالها، فالتذهب المعونات والمساعدات إلى الجحيم .. إذ ستكون مقابل انتزاع الكرامة والحرية والاستقلال واستبدالها بالهدن والتهدئات طويلة المدى أو غيرها مع الفصائل المهيمنة على قطاع غزة أو غيره، غزة جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة، فما ينطبق عليها يجب أن ينطبق على بقية الأراضي الفلسطينية المحتلة ..!

لم تكن ثوراتُ وانتفاضاتُ فلسطين وشعبها في يوم من الأيام من أجل الجوع أو من أجل تحسينات اقتصادية يحصل عليها هنا أو هناك ...!

إنما كانت وما زالت هي من أجل الحرية والكرامة والإستقلال ووقف الهجرة اليهودية وإنهاء الإحتلال واقتلاع الاستيطان العنصري البغيض من كافة أنحاء أرضه ووطنه ..

نقول إذا كانت القدس مقدسة فكل ذرة تراب من فلسطين أيضا مباركة ومقدسة، وقد جبلت بعرق ودماء الفلسطينيين، قبل أن تظهر اليهودية كديانة، والصهيونية كحركة سياسية عنصرية تعاكس مسار التاريخ للأمم وللشعوب .. وهي محكومة بالزوال بمنطق التاريخ وجدلية الصراع بين الحق والباطل ...!

فلا تذعنوا اشقاءنا واصدقائنا لضغوط القوى والحركات العابرة ذات الرؤى الخائبة، التي لا تنظر للقضية الفلسطينية سوى من خلال ارتباطاتها ومصالحها الخاصة، مسقطة مصالح وحقوق شعبنا للفلسطيني وأمتنا العربية، ومنها الوطنية والقومية الثابتة غير القابلة للتصرف أو الطمس والذوبان ...!

فلسطين هي وطن الفلسطينيين وليس لهم وطن غيره وسواه ..، فلابد من وحدة الكلمة ووحدة الرأي ووحدة الموقف فلسطينيا وعربيا، والثبات والصمود والمقاومة حتى تنتزع الحقوق وتستعاد كاملة غير منقوصة.

عاشت فلسطين وعاش شعبها واحدا موحدا ..

عاشت أمتنا العربية ووحدة نضالها من أجل الحرية والبناء والتقدم والإزدهار ..

لِتكتم كل أصوات الفتنة والانقسام في فلسطين وغيرها من الدول الشقيقة والصديقة، والمتناغمة مع استمرار الاحتلال وضياع الحقوق وتقزيم الأهداف والغايات وتدمير الدول ..!

غايتنا الكرامة والوحدة والعودة والاستقلال...

لشعبنا ولأمتنا ولشعوب لعالم الأمن والحرية والكرامة والسلام...

disqus comments here