الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاثنين 29/5/2023 العدد 714

قسم العناوين الاثنين 29/5/2023
صحيفة هآرتس:
- أردوغان تغلب على منافسه بفارق طفيف
- سياسة الاغتيالات لجيش الاحتلال تسعى إلى تقليص الإصابات بين المدنيين لكن الواقع يختلف كليا
- المستشارة القانونية تعارض تقوية قانون القومية كما طالب بن غفير
- نائب رئيس البلدة في القدس وحاخامات وعشرات اليهود المتطرفين اعتدوا بالبصق والشتائم والعنف الجسدي - على المسيحيين الذين صلَّوا في البلدة القديمة
- رد اقتراح قانون منع رفع العلم الفلسطيني في الجامعات
- روغل ألفر: أنا مع روجر ووترس
يديعوت أحرونوت:
- تقديرات الحكومة والكنيست: لن يقر الانقلاب على الجهاز القضائي حتى نهاية الصيف
- وزير في الليكود: تمت إدارة الانقلاب القضائي بشكل عشوائي وتسبب بأضرار كبيرة في الخارج والداخل
- بن غفير يتهم المستشارة القانونية للحكومة بأنها ضد الحركة الصهيونية والحكومة لم تقر "قيم الصهيونية في عمل الحكومة"
- متظاهرون في جامعة تل أبيب ضد رئيس لجنة القانون والدستور واتهامه بأنه فاشي
" -بقاء السلطان": الرئيس التركي أردوغان يفوز بالانتخابات الرئاسية
- أعلام إسرائيل يتهمون المطرب العالمي روجر ووترس باللاسامية في حفل له بألمانيا كونه يهاجم السياسة الإسرائيلية
معاريف:
- غلاء المعيشة على سلم أولويات الحكومة
- الحكومة ستحاول منع رفع سعر البنزين بعد ارتفاع سعر الدولار
- بن كسبيت: بعد أن دُمر الاقتصاد قرر نتنياهو تشكيل لجنة لمحاربة غلاء المعيشة لكن حتى تجتمع اللجنة - سيواصل توزيع مليارات الشواقل لوزراء لا حاجة إليهم
- نتنياهو يأمر بتجميد قانون الدعم المالي للمنظمات الحكومية بسبب الضغط الدولي
- هرتسوغ سيزور غدا أذربيجان على رأس وفد إسرائيلي
2000- شرطي ومقاتل سيحرسون مسيرة مثليي الجنس بالقدس
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 29/5/2023
تُكشف لأول مرة بعد إطلاق موقع إلكتروني ضخم لها
وثائق حرب أكتوبر: "عبث" في الاستخبارات الإسرائيلية!
بقلم: عوفر اديرت
قبل نحو ساعة ونصف على اندلاع حرب "يوم الغفران" في 6 تشرين الأول 1973 في الساعة 12:30، نشرت شعبة الاستخبارات في الجيش عدة أنباء إشكالية وغريبة، حملت الرقم المتسلسل 433. من جهة، كتب فيها أنه تم تشخيص ميل لشن حرب على المدى الفوري، في مصر وفي سورية. ومن جهة أخرى قدر كتابها أنه حتى الآن لم يتم اتخاذ قرار حول شن الحرب، بل إنهم أشاروا إلى أن المصريين والسوريين "يدركون عدم وجود احتمالية للانتصار في الحرب". نشرت هذه الصياغة المشوشة وغير الحاسمة إزاء حقيقة أنه قبل بضع ساعات من ذلك سمعوا في الاستخبارات العسكرية تحذيرات ملموسة عن اندلاع الحرب.
مجموعة أنباء 433 معروضة في الموقع الإلكتروني الجديد لأرشيف الجيش في وزارة الدفاع، المخصص لحرب "يوم الغفران". أطلق الموقع، أول من أمس، قبل اربعة أشهر تقريبا على الذكرى السنوية لاندلاع الحرب، وهو يشمل 15 ألف صورة و6 آلاف وثيقة و215 فيلم فيديو و40 تسجيلا و170 خارطة. "أطلق أرشيف الجيش الإسرائيلي بشكل مرتب معظم ما في حوزته. وسيمكن هذا من إجراء تحقيق افضل عن الحرب"، قال البروفيسور أوري بار يوسف، من كبار الباحثين في الحرب، للصحيفة.
كشفت الوثائق في الموقع الجديد للمرة الأولى. إحداها هو البحث الذي أجراه في 1985 العميد يوئيل بن بورات، الذي كان أثناء الحرب قائد الوحدة 8200 (الاسم السابق لها 848). في التحقيق انتقد بشدة مجموعة أنباء 433 وكتب "هناك بحث من العام 1973... واجهت عدداً غير قليل من الأمور الغريبة حول طريقة التحليل واستخلاص الدروس. فصل الـ(الإجمال والتقدير) في هذه المجموعة هو من الأمور الغريبة جدا، سواء من ناحية التفكير الاستخباري أو من ناحية التعبير عنه". بعد ذلك فسر وقال: إن التشكيك بوجود قرار "مصري - سوري لشن الحرب" قريب من السخافة. وفي تطرقه لجملة "المستوى الاستراتيجي في مصر وسورية يدرك عدم وجود احتمالية للانتصار في الحرب" كتب بن بورات "هذه الجملة لا تستحق أن تعتبر أمرا مختلفا، عدا السخافة المطلقة". واعتبر أنه "لا أساس لها من الصحة".
وقال أور بيالكوف، وهو باحث في رابطة "مركز حرب يوم الغفران"، للصحيفة: إن هذا التحقيق يعرض "قصة استخبارية ممتعة حقا". وحسب أقواله فإن "مجرد كتابة هذه المجموعة يشير إلى الوضع المعرفي الخطير الذي كان كبار رجال الاستخبارات العسكرية مأسورين فيه".
في وثائق أخرى كتبها بن بورات بعد انتهاء الحرب وتنشر الآن للمرة الأولى في الموقع، كتب "هذا هو الواجب المهني لرجل الاستخبارات. وإذا لم يقم بتحدي المواقف التي تقلص المواقف السطحية وانضم للجوقة كي لا يكون استثناء وجذب إليه الانتقاد والعداء، فهو بذلك يخون مهمته. وهذا ما كان بالفعل. استخف المقاتلون، ولم يعارض رجال الاستخبارات، وأغلق الجميع على انفسهم في حلقة تكافلية مخادعة وخطيرة". في مكان آخر كتب "إذا فشلنا في كل شيء ونجحنا في التحذير، فسننجح. وإذا نجحنا في كل شيء وفشلنا في التحذير، فسنفشل. لو منعنا المفاجأة عشية عيد الغفران لكانوا سيغفرون لنا إخفاقاتنا. لأننا تفاجأنا لم يذكروا في يوم الغفران أياً من نجاحاتنا".
إضافة إلى الجوانب الاستراتيجية للحرب، يشمل الموقع الجديد أيضا الكثير جدا من المواد المحددة عن معارك وعمليات. في هذا الإطار كشف فيه أيضا شهادة قائد موقع الحرمون، غادي زدوبار، الذي وثق سقوط الموقع في اليوم الأول للحرب. "سمعنا صرخات باللغة العربية وطرقا على الأبواب. هنا بدأ ذعر القوة. بدأ الجنود، الذين خافوا، يختبئون في الأنفاق. أملوا أن ينجوا بهذه الطريقة. قمتُ بتغطية انتقالهم برشاش العوزي وقنبلة. وقمت بتنظيم دفاع عن الجحر، بما في ذلك إغلاق الباب... صعدنا إلى احد الأبراج الذي ارتبط بالجحر من اجل رؤية ما يحدث في الخارج. شاهدت بشكل مؤكد اربعة أشخاص كانوا يقفون فوق رؤوسنا وهم يحملون رشاشات الكلاشينكوف ويرتدون الخوذ والملابس المرقطة... لقد كشفونا، صرخوا باللغة العربية، وركضوا نحو البرج، وقاموا بإلقاء قنبلة".
مواد أخرى في الموقع مكرسة لقادة الحرب، بما في ذلك رئيسة الوزراء، غولدا مئير، ووزير الدفاع، موشيه ديان. ضمن أمور أخرى، يمكن الاستماع إلى مؤتمر صحافي عقدته غولدا في اليوم التالي للحرب قالت فيه: "حتى الآن الحرب لم تنته. حتى الآن الأبناء وما زال الجنود والقادة في الجبهة الشمالية وفي الجبهة الجنوبية يقاتلون بتفانٍ وبطولة وقدرة ومعنويات عالية. لا توجد كلمات لوصفهم"، قالت وأضافت: "يمكنني القول إن الشعب في الجبهة الداخلية لا يتخلف عن الأبناء في الجبهة. الروح القوية للشعب ومستوى تطوعه لكل شيء وكل موضوع، أكثر مما كان متوقعا".
وقالت في التوثيق أيضا: "نحن شعب صغير محاط بالجيران المعادين. يا مواطني إسرائيل، هذه هي الوقائع. لا توجد حاجة أو قدرة على قول أمور أخرى مختلفة عن ذلك... لا يوجد مكان لليأس، لا سمح الله. لا يوجد لدينا أي شك بأنه في نهاية الأمر وفي نهاية المعركة سنكون المنتصرين. نحن لم نبدأ الحرب، ولكن بعد أن هاجمونا سنحارب حتى الانتصار. تعالوا نأمل بأنه لن تمر فترة طويلة إلى أن تنتهي الحرب مع انتصار إسرائيل. والجنود في جميع الجبهات، في الجو والبحر والبر، كل المحبة لكم. قلوبنا معكم، قلب كل مواطن... جميعكم أبناؤنا، أبناء الجميع. سنلتقي قريبا، هكذا آمل، بعد الانتصار الكبير لجيش الدفاع الإسرائيلي".
يشمل الموقع أيضا محاضر جلسات أجراها رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس الأركان. تحقيقات عملياتية لوزير الدفاع، هيئة الأركان العامة، وقيادات المناطق والأذرع (البر والجو والبحر) والمقاتلين والتقارير الحربية لمقاتلين كتبت بخط اليد. أيضا تظهر في الموقع مواد لجنة التحقيق الرسمية حول ظروف اندلاع الحرب وطريقة إدارتها، ولجنة اغرانات، وضمن ذلك الشهادات التي أسمعت والمبرزات التي عرضت على اللجنة. بعض المواد في الموقع تصعب قراءتها بعد هذه الفترة. ومثال ذلك الملف الذي يتناول قتل جنود إسرائيليين على يد السوريين، الذي كتب فيه عن وجود "شهادات كثيرة ومقنعة تشير إلى حالات كثيرة في هضبة الجولان، فيها قتل بشكل وحشي وبربري لأسرى حرب من جنود الجيش". في تقرير مفصل كتب حول "التنكيل والإهانة التي مر بها الجنود وجثامينهم، قبل وبعد قتلهم".
يضم القسم البصري للموقع توثيق افضل مصوري تلك الفترة، من بينهم ميخا برعام وابراهام فيرد وميكي تسرفاتي. ضمن أمور أخرى، يمكن رؤية غولدا مئير وهي تحمل في إحدى يديها حقيبتها وفي يدها الأخرى سيجارة ووجهها متكدر وتستمع لإحاطة من قائد الفرقة 183، ارئيل شارون. في صور أخرى يظهر شارون وديان وهما يبتسمان راضيين عن نفسيهما. صور أخرى توثق القوات على الأرض في القطاعات المختلفة، من هضبة الجولان في الشمال وحتى شبه جزيرة سيناء في الجنوب، في وقت القتال وفي وقت الهدنة. توجد الأفلام التي في الموقع تشمل توثيقا لمقابلة أجراها ديان مع وسائل الإعلام في 18 تشرين الأول، قال فيها: "من الأفضل التواضع". ويوجد توثيق بالألوان لرئيس الأركان، دافيد بن اليعازر، وهو يقوم بزيارة سيناء.
في وزارة الدفاع توجهوا أيضا لحكمة الجمهور ومكنوا متصفحي الموقع من إلقاء نظرة على المواد فيه، "من اجل مساعدة أرشيف الجيش في وزارة الدفاع على تشخيص أشخاص وأماكن وزيادة دقة البحث التاريخي". في الوزارة قالوا أيضا إن الموقع سيستمر في التحديث باستمرار.
--------------------------------------------
هآرتس 29/5/2023
الاغتيالات الأخيرة في غزة: الجيش الإسرائيلي كان يعلم أنه سيقتل أطفالاً
بقلم: حن معنيت وينيف كوفوفيتش
وصف رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عملية "درع ورمح"، في نهاية الجولة القتالية في قطاع غزة، هذا الشهر، بأنها مثالية. كان يقصد الخسائر الكبيرة لـ"الجهاد الإسلامي"، من بينها اغتيال ستة من كبار قادته، وعدد المصابين الضئيل في إسرائيل في الأيام الخمسة للعملية. قيلت هذه الأقوال في ظل الأضرار التي رافقت المس برؤساء "الجهاد الإسلامي" منذ الضربة الأولى للعملية: إلى جانب القادة الثلاثة قتل عشرة مدنيين، معظمهم أقارب لهؤلاء القادة، ومن بينهم ثلاثة أطفال؛ عرفت إسرائيل مسبقا، باحتمالية عالية، أن هجمات سلاح الجو ستؤدي إلى قتل أبرياء، ومع ذلك اختارت تنفيذ الاغتيال.
خطر المس بالمدنيين غير المشاركين مباشرة في الأعمال "الإرهابية" قائم في أي عملية عسكرية، وبالتأكيد في قصف من الجو. سياسة "الاغتيالات المركزة" للجيش الإسرائيلي هي سياسة قديمة، تأخذ في الحسبان دائما احتمالية أن يقتل أيضا أبرياء إلى جانب الذين اعتبروا أهدافاً. على الأغلب إذا أصبحت هذه الاحتمالية مهمة فإنها ستؤدي إلى إلغاء العملية. وحسب رئيس الاستخبارات العسكرية السابق، تامير هايمان، فقد كانت في السابق حالات كان معروفاً فيها مسبقا أنه سيتم المس بأبرياء.
لا يوجد مصدر رسمي في إسرائيل لم يعترف بأن الاحتمالية المرتفعة لقتل المدنيين في العملية الأخيرة كانت معروفة مسبقا. وقال رئيس الأركان، هرتسي هليفي، بعد انتهاء القتال: "لو كان بالإمكان لكنا ضربنا أهداف الإرهاب دون المس أبدا بغير ذوي العلاقة. نحن نبذل كل جهد ممكن من اجل ذلك". وكتب ايلي يخر، الذي كان المستشار القانوني في "الشاباك"، الأسبوع الماضي، في الصحيفة بأن "تداعيات العملية كانت واضحة. هناك علم اسود يرفرف فوق هذه الاغتيالات".
في الهجوم في حي التفاح في غزة، الذي كان هدفه الشخصية القيادية في "الجهاد"، خليل البهتيني، قتلت أيضا ابنته هاجر ابنة الرابعة والأم ليلى ابنة الـ 42 وشقيقتان كانتا تسكنان قرب العائلة، إيمان ودانيا عدس، 17 و19 سنة. في الهجوم في حي الرمال في مدينة غزة، الذي كان موجها ضد الشخصية الرفيعة في "الجهاد"، طارق عز الدين، قتل أيضا ولداه علي (8 سنوات) وميار (12 سنة) وأبناء عائلة كانوا يسكنون في الجوار: ميرفت حسوان (44 سنة) وزوجها جمال (52 سنة) وابنهم يوسف (19 سنة). في الهجوم في رفح، الذي استهدف أمين عام الذراع العسكرية، جهاد غانم، قتلت زوجته وفاء (61 سنة).
يقول البروفيسور الياف ليبلخ، الخبير في القانون الدولي في جامعة تل أبيب: إن العملية في غزة لم تبرر تداعياتها كما تقتضي قوانين الحرب في القانون الدولي. "لم يتم الاغتيال في وضع إطلاق النار على إسرائيل"، قال وأضاف: "أو أنه كان مطلوبا القضاء على تهديد فوري – اختارت إسرائيل زمان ومكان العملية وهي لم تكن في حالة حرب فعلية. يدور الحديث عن أشخاص تم استبدالهم بأشخاص آخرين على الفور". غيورا آيلاند، الذي كان رئيس هيئة الأمن القومي ورئيس قسم العمليات في الجيش الإسرائيلي، قال: إنه "يمكن السؤال إذا كانت أو لم تكن هناك إمكانية معقولة لتأجيل العملية وضبط الثلاثة في بيوتهم، ربما دون أن يكون هناك أطفال إلى جانبهم. وإذا تم فحص الأمور من قبل الجيش فإن الضرر يعتبر معقولاً بشكل عام".
في الأسبوع الماضي، طلبت جمعية "يوجد حدود" وجمعية "اللجنة ضد التعذيب" من المستشارة القانونية للحكومة تشكيل لجنة مستقلة لفحص المس بالمدنيين. وحسب ادعاء هذه الجمعيات، التي توجهت بوساطة المحامي ميخائيل سفارد والمحامي شنير كلاين، فإن الدولة ملزمة بفعل ذلك طبقا لقرار المحكمة العليا من العام 2006 في أعقاب اغتيال شخصية رفيعة في "حماس"، صلاح شحادة. وقالت المستشارة القانونية: إن هذا الطلب سيحصل على الرد. بعد عملية اغتيال شحادة في 2002، التي قتل فيها 14 مدنيا من بينهم ابنة وزوجة رئيس الذراع العسكرية، بوساطة قنبلة بوزن طن أصابت المنزل في غزة، قالوا في إسرائيل وفي العالم: إن الجيش الإسرائيلي ارتكب جريمة حرب، وإن سياسة الاغتيالات المركزة في الأصل غير قانونية. رفض الجيش الإسرائيلي هذه الادعاءات (قائد سلاح الجو في حينه، دان حلوتس، قال في مقابلة مع "هآرتس" عن العملية ما يلي: "ضربة خفيفة في الجناح" عن الشعور بعد إنزال قنبلة من الطائرة، هذه الجملة التي أصبحت ترتبط به بشكل مهين)؛ قرار الحكم لرئيس المحكمة العليا في حينه، اهارون براك، شرعن هذه السياسة في ظل شروط معينة، منها أن الاغتيال يجب أن يكون هدفه منع الأضرار بإسرائيل". وقال براك في حينه أيضا: إنه طالما أن شخصا نشيطا في منظمة "إرهابية" وينفذ من خلالها نشاطات قتالية فهو يعتبر هدفا مشروعا للهجوم. اشترط تفسير المحكمة الاغتيال بالاعتماد على معلومات موثوقة، وإذا لم يكن بالإمكان العمل ضد الشخص بوسائل أخرى. وحسب أقوال آيلاند فإن هذه الشروط في الحقيقة هي أن الاغتيال ليس بهدف العقاب؛ عندما لا توجد طريقة معقولة لاعتقال المطلوب؛ وعندما يكون خطر المس بالأبرياء ضئيلا.
قصدت الجمعيات من طلبها الأمر الذي أُعطي في قرار الحكم، أي ضرورة القيام بعد العملية بـ"فحص أساسي ومستقل له طابع موضوعي بخصوص دقة التشخيص للشخص المصاب وظروف المس به". وقال سفارد: إنه "في حالات سابقة أصيب فيها أطفال ونساء دائما كان المتحدث بلسان الجيش يقول بعد ذلك أمورا مثل: نحن لم نعرف ولم نقدر بشكل صحيح. في هذه المرة الأمر مختلف. الشعور هو أنه يوجد هنا تغيير مهم. نحن نناضل ضد التصفيات منذ عشرين سنة. ولكننا كنا قلقين من هذه العملية لأنه للمرة الأولى الجيش الإسرائيلي، حسب ما نشر، عرف مسبقا بأنه ذاهب للمس بالأطفال".
قالت لجنة عامة تم تشكيلها في أعقاب قرار الحكم في 2011: إنه كانت هناك إخفاقات كبيرة في تخطيط عملية اغتيال شحادة. ولكنها قالت أيضا: إنه لا شك في ارتكاب أمور جنائية من قبل ضابط معين في جهاز الأمن أو من قبل المستوى السياسي. غيرت نتائج اللجنة بشكل كبير طابع عملية جهاز الأمن في كل ما يتعلق بالاغتيالات التي ينفذها سلاح الجو، لكن يبدو أن الدروس بهتت في جولات القتال الأخيرة.
تستخدم أجهزة الأمن في إسرائيل منذ سنوات "بنك الأهداف"، وهو قائمة الأهداف التي يجب المس بها عن طريق سلاح الجو وقوات أخرى. هذا الخزان الاحتياطي، الذي لا يتعلق فقط بقطاع غزة، تم توسيعه بشكل كبير في السنوات الأخيرة، بالأساس في ولاية رئيس الأركان السابق، افيف كوخافي. فهو يشمل إلى جانب قائمة الشخصيات الرفيعة والنشطاء، البنى التحتية، والبيوت خاصة والأهداف العسكرية وعقارات المنظمات "الإرهابية".
بدأت معظم العمليات التي نفذها الجيش الإسرائيلي في القطاع منذ عملية الانفصال وبحق باغتيال شخصية رفيعة في إحدى المنظمات. والمس بأحمد الجعبري في العام 2012 الذي سبق عملية "عمود السحاب"، كان السنونو الأولى لذلك. صعوبة المس بشخصيات تدرك أن إسرائيل تسعى لاغتيالها، يقيدها عنصر المفاجأة قبل أن تسارع هذه الشخصيات إلى الاختباء في المباني المدنية أو أحياء مكتظة أو تحت الأرض.
تتم إدارة الهجمات في غرفة عمليات مشتركة لسلاح الجو والاستخبارات والنيابة العسكرية. في هذه الغرفة ذاتها "غرفة الهجوم"، يوجد على الأغلب أيضا رؤساء جهاز الأمن وممثلون عن المستوى السياسي. أحيانا يأتي رئيس الحكومة أيضا إلى المكان كي يقرر وبسرعة هل يجب إخراج العملية إلى حيز التنفيذ كما فعل نتنياهو في العام 2019 عند اغتيال بهاء أبو العطا، قائد الجناح الشمالي في "الجهاد"، قبل عملية "الحزام الأسود" التي استمرت ثلاثة أيام.
المعلومات الاستخبارية عن أي هدف، سواء أكان شخصا أو مبنى، يتم جمعها خلال فترة طويلة، إلى حين اتخاذ قرار بإطلاق الطائرات القتالية نحوه. يقتضي هذا القرار، فيما يتعلق بزعماء المنظمات، الحصول على "الخبر الذهبي" الذي يعني معلومة دقيقة جدا عن مكان تواجدهم وعن المحيط القريب منهم ووجود أشخاص آخرين وظروف تقنية تؤثر على القدرة على ضرب هذا المكان. المستشارون القانونيون في النقاشات يفحصون، ضمن أمور أخرى، إذا كان بالإمكان ضرب الأشخاص مدار الحديث بوسائل معتدلة اكثر؛ والى أي درجة هم متورطون في التخطيط لتنفيذ العمليات في إسرائيل وأن الحديث لا يدور عن عقاب على عمليات نفذوها في السابق؛ وإذا كانوا يوجدون قرب أبرياء يمكن أن يقتلوا هم أيضا في العملية؛ وما هو مبرر ذلك.
ظروف جديدة في القطاع
منذ قرار المحكمة العليا في 2006 يأمر النائب العسكري العام بالفحص والتحقيق في كل حالة قيل فيها إن أبرياء قتلوا بنار الجيش. بعد انتهاء عملية "الجرف الصامد" في 2014 تلقت النيابة العسكرية نحو 500 شكوى تتعلق بنحو 360 حادثة في زمن القتال. أمر النائب العسكري في حينه، افيحاي مندلبليت، بفتح تحقيق في بعض الحالات البارزة، التي حصلت على اهتمام وسائل الإعلام أو وصلت إلى هيئات قضائية مختلفة، منها أحداث "يوم الجمعة الأسود" في رفح بعد اختطاف جثامين هدار غولدن واورون شاؤول، وقصف مستشفى النجار وموت 16 مدنيا في هجوم على مفترق طرق البلبيسي. في جميع الحالات كان القرار متشابها، "على خلفية ما قيل لم يجد النائب العسكري العام أن نشاطات قوات الجيش الإسرائيلي تثير شكا معقولا بوقوع مخالفة جنائية. لذلك فقد أمر النائب العسكري العام بإنهاء معالجة الحدث بدون اتخاذ خطوات أخرى ضد المتورطين".
في عملية "الحزام الأسود" قتل تسعة أشخاص من أبناء عائلة السواركة في غزة، خمسة منهم أطفال أبناء 5 – 13، في مكان اعتقد الجيش الإسرائيلي أنه كان لـ"الجهاد الإسلامي". تحقيق النيابة العسكرية العامة، الذي تم فتحه في أعقاب سلسلة تقارير في "هآرتس"، أظهر أن اعتبار المبنى هدفا عسكريا كان خاطئا. ولو أنه تم تشخيص المكان بشكل صحيح لكان يجب أن تتم مهاجمته في إطار العملية المحددة. في التحقيق تمت الإشارة أيضا إلى أن وجود أبناء العائلة لم يكن معروفاً قبل الهجوم؛ اليوم، يعترفون في الجيش بأن التقدير كان أنهم لن يمسوا بالمدنيين. لم تؤد النتائج إلى استنتاجات شخصية ضد قادة كبار، لكن بعض الإجراءات في إعداد "ملف الهدف" وفحصه تم تغييرها في أعقاب الحادثة.
في الطلب الذي قدم للمستشارة القانونية قالت جمعية "يوجد حدود" وجمعية "اللجنة ضد التعذيب": إن اغتيال شحادة كان الأخير الذي أدى إلى تشكيل لجنة عامة محايدة للتحقيق في المس بأبرياء. وقد طلبت هذه الجمعيات من المستشارة القانونية إجراء فحص مشابه حول المس بأطفال ونساء أثناء تصفية شخصيات رفيعة في "الجهاد" في العملية الأخيرة. يعتقد النائب السابق للمستشار القانوني للشؤون الدولية، الدكتور روعي شايندروف، أن قرار الحكم لا يسري على الحادثة مدار الحديث بسبب تغير الظروف في القطاع. "تطرقت أقوال المحكمة العليا في العام 2006 لفترة ما قبل الانسحاب من قطاع غزة"، قال شايندروف. "في الحالة الاستثنائية التي توجد فيها إسرائيل لم تكن في مواجهة مسلحة مع من سيطر في حينه على القطاع، السلطة الفلسطينية. المس بقادة (الجهاد الإسلامي) مختلف كليا لأننا في حالة مواجهة نشطة مع الجهاد ولم نعد نسيطر على الأرض".
حسب أقوال شايندروف فإن اغتيال قادة "الجهاد" الكبار ردا على إطلاق الصواريخ والقذائف نحو إسرائيل لا يعتبر "تصفية مركزة". "ربما يسمون ذلك هكذا"، "لكن منطق قتلهم هو أنهم قادة جيش العدو. أطلق العدو النار عليّ والآن أنا أطلق النار على قائده. ربما يجب تشكيل لجنة تحقيق إذا حدثت اليوم تصفية مركزة في الضفة الغربية التي نسيطر عليها الآن، وأصيب فيها أبرياء. ولكن لا توجد أي صلة لذلك مع ما يحدث في قطاع غزة". في المقابل قال البروفيسور ايال غروس، من جامعة تل أبيبك إن طلب التحقيق في المس بالأبرياء ما زال قائماً. "الأمر المؤكد والذي لم يتغير هو المطالبة بعدم المس حتى بالجنود إذا كان هناك خطر حدوث ضرر غير متناسب، من الواضح أنه حدث هنا"، قال.
وقال البروفيسور ليبلخ: إن الدولة ملزمة بالتحقيق في المس بالأبرياء دون صلة بقرار الحكم، بل بسبب قواعد القانون الدولي. "لجنة تيركل، أيضا التي فحصت أحداث سفينة "مرمرة" في 2010، والقانون الدولي أيضا، ينصان على أنه حتى في زمن القتال يجب التحقيق في أحداث تثير الشك بخرق القانون. المس الكبير بالمدنيين يتجاوز العتبة التي تقتضي على الأقل التحقيق في الحادث، ليس تحقيقا عملياتيا بل تحقيق يمكن أن يوصل المسؤولين إلى التقديم للمحاكمة".
وحذرت طل شتاينر، المديرة العامة للجنة "ضد التعذيب"، من أنه "إذا لم يتم تشكيل لجنة مستقلة لفحص قانونية العمليات في غزة فإن إسرائيل ستشهد على نفسها بأنها لا تريد أو لا تستطيع الحفاظ على قواعد القانون الدولي وقوانين الحرب. هي ستفتح الباب أمام تدخل المؤسسات الأجنبية من اجل تحقيق العدالة لضحايا سياستها غير الأخلاقية".
وقال البروفيسور ليبلخ: "توقعات خبراء القانون الدولي هي أن إسرائيل ستقوم بفحص المس بالأبرياء كما حدث في عملية درع ورمح. يثور هنا الشك الكبير حول خرق القانون الدولي. وإذا لم تقم إسرائيل بالتحقيق في الحادثة فربما سيقوم خبراء دوليون بذلك".
--------------------------------------------
نيوز 1 العبري: 29/5/2023
لماذا جلست حماس على الحياد؟
بقلم: يوني بن مناحيم
قيادة حماس راضية عن التطورات الأخيرة في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث تعرضت الجهاد الإسلامي، خصمها السياسي، لضربة قاسية من إسرائيل في عملية “درع وسهم”، ورغم أن الجناح العسكري لحركة حماس لم يشارك في القتال ضد اسرائيل، الا انه لم يتضرر موقفه في الشارع الفلسطيني.
ويتجلى ذلك من خلال نتائج انتخابات المجالس الطلابية في جامعات الضفة الغربية، فاقت شعبية حماس شعبية حركة فتح التي تشكل العمود الفقري للسلطة الفلسطينية، حيث فازت حركة حماس في الأسبوعين الماضيين بالمجلس الطلابي في انتخابات جامعة النجاح في نابلس وجامعة بير زيت في رام الله، ووجهت في الواقع ضربة قوية للسلطة الفلسطينية وخطتها السياسية للتفاوض مع إسرائيل على الرغم من الاعتقالات التي قامت بها الأجهزة الأمنية الفلسطينية بين أنصار حماس. ويشير انتصارها إلى دعم الجيل الفلسطيني الشاب لفكر المقاومة لإسرائيل من خلال الكفاح المسلح.
على الرغم من أن حركة حماس جلست على الحياد في الجولة الأخيرة من القتال في قطاع غزة بين الجيش الإسرائيلي والجهاد الإسلامي، إلا أنه لا يُنظر إليها في شوارع غزة على أنها تخلت عن الكفاح المسلح ضد إسرائيل، بل أظهرت براغماتية والمسؤولية تجاه سكان قطاع غزة، ورفضت حركة حماس الانتقادات التي وجهت إليها من قبل نشطاء الجهاد الإسلامي لعدم مشاركتها في القتال، وأوضحت عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي أنها شاركت في الغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة وفعلت كل ما هو مطلوب منها.
في 21 أيار، نشر موقع حماس “الرسالة نت” مقالاً بقلم خالد صادق، أحد نشطاء الحركة، شرح فيه أسباب عدم مشاركة حركة حماس خلال عملية “درع وسهم”. أكد في مقالته على النقاط التالية:
– انتقاد حماس لعدم مشاركتها في القتال هو محاولة لدق إسفين بين فصائل المقاومة.
– بين حماس والجهاد الاسلامي هناك حوار والغرفة المشتركة للفصائل الفلسطينية التي تضم 12 جناحا عسكريا للفصائل، وفرت دفاعاً شعبياً خلال القتال ضد اسرائيل فضلا عن مساعدات لوجستية.
– كما أطلقت عدة فصائل فلسطينية صواريخ على إسرائيل وقتل سبعة من مقاتليها خلال المعارك.
– دخول حركة حماس العلنية إلى الحملة ضد إسرائيل كان سيقدم مبررًا للعدو لمهاجمة الأبراج السكنية في قطاع غزة والمكاتب الحكومية والجامعات ومراكز الشرطة والمساجد والبنية التحتية.
– أظهرت حركة حماس مسؤوليتها تجاه إدارة شؤون قطاع غزة من أجل توفير الاستقرار لسكانها في ظل الحصار المفروض على القطاع وبعد أكثر من 15 عامًا من ترميم البنى التحتية وأنقاض السكان الذين تعرضوا للهجوم. تأثرت بشكل خاص في عملية “حارس الجدران”. فضلت حماس عدم إعطاء ذريعة للعدو لتدمير البنية التحتية لقطاع غزة وزيادة بنك الأهداف.
– لم يطلب الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي من الجناح العسكري لحركة حماس المشاركة في القتال ضد إسرائيل وخاض القتال دون مساعدته.
– تدير حماس حملتها ضد إسرائيل وفق إستراتيجية ورؤية ناضجة تتفق عليها جميع الفصائل الفلسطينية، وهي تدرس بعناية عدد الضحايا الذين سيدفعهم الشعب الفلسطيني في كل حملة ضد العدو الإسرائيلي، وتقدر أن إسرائيل على وشك الانهيار. . شيء واحد فقط سيدفع حماس إلى حملة علنية ضد إسرائيل، وهو إذا كان المسجد الأقصى في خطر الانقسام وتحاول إسرائيل السيطرة عليه.
مما يكتبه خالد صادق، يمكن الاستنتاج أن جولات القتال العديدة في قطاع غزة منذ عام 2007 حتى اليوم أرهقت حركة حماس وألحقت أضرارًا كبيرة بالبنية التحتية لقطاع غزة، حماس تدرك جيدًا الحالة المزاجية في غزة اليوم، الذي سئم الحروب ضد إسرائيل والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لقطاع غزة ويوم الحياة اليومية.
الزناد الذي يؤدي إلى التصعيد على حدود قطاع غزة هو ما يحدث في القدس، إذا خففت إسرائيل مخاوف الفلسطينيين من مستقبل المسجد الأقصى. أي أنه ليس في خطر وأن الوضع الراهن سيستمر، وهذا قد يساعد في الحفاظ على الهدوء في قطاع غزة.
--------------------------------------------
هآرتس 29/5/2023
ديفيد امسالم وزير العبث الذري
بقلم: يوسي ميلمان
بعد فترة قصيرة على مصادقة الحكومة على تعيين دافيد امسالم في منصب الوزير المسؤول عن الطاقة النووية، فإنه سيقف في القريب جنوباً ويدخل باب مركز شمعون بيرس للأبحاث النووية في ديمونة. امسالم سيرافقه الدكتور غيل دغان، المدير العام لمركز الأبحاث النووية، وموشيه ادري، المدير العام للجنة الطاقة النووية، وسينزل عدة طبقات إلى تحت الأرض ويصل إلى شرفة غولدا.
حسب شهادة مردخاي فعنونو في صحيفة “صاندي تايمز” في 1986، هذه شرفة في المستوى الثاني تحت الأرض في معهد 2 في المفاعل، التي تعود منها كبار شخصيات الدولة على الإشراف على قاعة إنتاج معهد الأبحاث النووية، الذي يعرف أكثر بالاسم الشعبي “المفاعل النووي”. منذ زيارة رئيسة الحكومة غولدا مئير للمكان فقد تعود من يعملون في المفاعل على تسمية نقطة الرقابة باسمها.
حسب منشورات أجنبية، استهدف المشروع النووي الإسرائيلي بالأساس إنتاج السلاح. في الأسبوع الماضي قرر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، التذلل لامسالم المر والغاضب، وأن يصالحه ويعينه في منصب الوزير المسؤول عن قدس أقداس أمن إسرائيل. سيحصل امسالم على احترام أعلى من سلسلة وظائفه الزائدة – وزير في وزارة العدل، ووزير التعاون الإقليمي، ووزير الارتباط بين الحكومة والكنيست.
وبمفاهيم الحكومة الـ 37، التي ستكمل اليوم شهرها الخامس فإن تعيين امسالم هو الأكثر هستيرية منها جميعها. تعيين لا أساس له أكثر من تعيين ايتمار بن غفير في منصب وزير الأمن الوطني وتعيين وزير المالية بتسلئيل سموتريتش كوزير في وزارة الدفاع، وغيلا غملئيل وزيرة للاستخبارات، وغاليت دستل اتبريان وزيرة للإعلام.
لا يمكن فهم قرار نتنياهو تعيين الوزير العصبي والثرثار في هذا المنصب الحساس جداً وتحويله إلى شريك في السر الذي له المكانة الأعلى في الدولة. معالجة المشروع النووي في إسرائيل تحتاج إلى الضبط الدقيق، الدقيق جداً، والسير بهدوء على رؤوس الأصابع والحفاظ على أقصى قدر من السرية – كل الصفات البعيدة عن شخصية امسالم، وهو ذو سلوك يذكر بفيل في غرفة خزف.
رئيس الحكومة الأول دافيد بن غوريون، مع ثلة من مساعدين وعلماء قادوا إسرائيل إلى واجهة شعوب العالم من خلال فهم أهمية العلوم في بناء الدولة. في 1952 شكل بن غوريون لجنة الطاقة النووية ووضع على رأسها الكيميائي البروفيسور آرنست دافيد بيرغمان، الذي اعتبر أبو المشروع النووي الإسرائيلي. في 1966، على خلفية الأزمة السياسية والخلاف مع رئيس الحكومة ليفي أشكول حول حجم المشروع النووي وتوجهه، استقال بيرغمان. عقب ذلك، تم تغيير تشكيلة لجنة الطاقة النووية وأُخضعت لرئيس الحكومة. ومنذ ذلك الحين وحتى الآن ظل رئيس الحكومة هو رئيس اللجنة، يعمل إلى جانبه مدير عام.
حسب منشورات أجنبية، فإنه بفضل فرنسا التي زودت إسرائيل في الأعوام 1958 – 1962 بالمفاعل النووي والمعدات اللازمة واليورانيوم الذي يستخدم كمادة للوقود، أصبحت إسرائيل في العام 1966 الدولة السادسة في نادي السلاح النووي بعد الدول الخمس العظمى. حسب هذه المنشورات، تملك إسرائيل على الأقل عشرات القنابل النووية التي ترتكز على اليورانيوم والبلوتونيوم والطائرات والصواريخ والغواصات التي تستخدم كوسائل لإطلاقها. إسرائيل، التي وافقت في البداية على التوقيع على ميثاق منع انتشار السلاح النووي “ان.بي.تي”، وبعد ذلك تراجعت، ترفض أيضاً السماح بالرقابة الدولية على المفاعل.
في المقابل، تسمح إسرائيل بزيارة سنوية لمراقبي الوكالة الدولية للطاقة النووية في مفاعل البحث النووي الصغير “شورك” قرب “يفنه”، الذي زودت به الولايات المتحدة إسرائيل في العام 1960 كهدية.
المفاعلان ليسا “الدميتين” الوحيدتين اللتين سيكون امسالم المسؤول عنهما، أو اللتين سيحتك بهما أو يتفاخر بهما. فوفقاً لمنشورات أجنبية، هناك جهات أخرى مشاركة في المشروع النووي الإسرائيلي، من بينها شركة السلاح والصواريخ “رفائيل”، التي يوجد في أحد مصانعها “معهد دافيد” على اسم دافيد بيرغمان. جهات أخرى هي سلاح الجو الذي طائراته -حسب المنشورات الأجنبية- يمكن أن تنقل القنابل، وسلاح البحرية الذي غواصاته قد تكون مزودة بصواريخ مع رؤوس نووية حربية.
في منشورات أجنبية عن المشروع النووي الإسرائيلي، وصف أيضاً موقع باسم “جناح 2″، غرب “بيت شيمش”، الذي تخزن فيه تحت الأرض صواريخ أرض – أرض من نوع “يريحو”، التي هي أيضاً مزودة برؤوس حربية نووية.
امسالم بلسانه السليط، وصف المتظاهرين ضد الانقلاب النظامي لحكومة نتنياهو بـ “الفوضويين”. ومن بينهم طيارين ورجال غواصات ووحدات خاصة في سلاح الجو في الاحتياط وعلماء في “رفائيل” ومعهد الأبحاث النووية، المسؤولين عن المشروع النووي. الآن، حيث لا حدود للسخافة، على الأقل بشكل رسمي، فإن امسالم هو الجهة الوزارية المسؤولة عنهم.
من الواضح أن المسؤولية العليا كانت وما زالت لنتنياهو، والصلاحيات التي أعطاها لهذا الوزير العابس كانت مسؤولية محدودة. نتنياهو ووزير الدفاع غالنت ورئيس الأركان هليفي وكل الشركاء في سر المشروع النووي الإسرائيلي، سيستمرون في إدارته.
مع ذلك، ضُم امسالم إلى دائرة السر الأكبر والأهم، حاملاً رسالة رمزية. فحتى لا يعتبر شهادة التأمين لوجود إسرائيل، تحول إلى أداة سياسية ساخرة في يد نتنياهو. وهو السياسي عديم الضمير والمستعد للاتجار بأي قيمة رسمية لإرضاء مؤيديه ومن أجل الحفاظ على حكمه
---------------------------------------------
إسرائيل اليوم 29/5/2023
الجريمة في الوسط العربي: إعلان حالة الطوارئ
بقلم: بوعز جلعاد
أسباب الارتفاع في مدى العنف والجريمة في المجتمع العربي عديدة ومتنوعة، لكن إذا ما فهمناها فسنتمكن من تركيز الحلول.
من صلاحية وزير الدفاع ورئيس الوزراء في أوقات الطوارئ الإعلان عن “حالة خاصة في الجبهة الداخلية”. هكذا كان مثلاً في 2021، في حملة “حارس الأسوار”، حين أعلن عن حالة طوارئ خاصة في مدينة اللد أو مؤخراً في حملة “درع ورمح”. في هذه الحالات، تمنح محافل الأمن والوزارات الحكومية صلاحيات خاصة لزمن محدد للعمل بوسائل غير اعتيادية في مناطق جغرافية محددة.
في حالة العنف في المجتمع العربي كانت منذ زمن بعيد حاجة لدفع القيادة السياسية “للدخول إلى الحدث” وتحديد سياسة واتخاذ سياسة مرتبة. ولما لم تفعل هذا، بقيت الشرطة وحدها تقريباً لتعالج الجريمة التي تكلف حياة أناس وأضراراً في الأجساد والممتلكات. نضيف إلى هذا جهازاً قضائياً يجثم تحت العبء، مع دواليب عدالة تطحن ببطء وبتسامح. وتدفع النتيجة بمن اختاروا حياة الجريمة ليواصلوا، مع العلم أن الثمن الذي سيدفعونه، إذا كانوا سيدفعونه، سيكون طفيفاً.
مستوى التشغيل في الوسط العربي متدنٍ مقارنة مع باقي الأوساط؛ مما يبقي معدلاً كبيراً من الشبان دون بدائل سليمة، وعالم الإجرام يصبح لهم مخرجاً متوفراً. كما أن تسلل السلاح والوسائل القتالية من مناطق السلطة والسرقات من مخازن الجيش الإسرائيلي تستخدمه المنظمات في أعمال إجرامية، وفي النزاعات وأحداث الثأر، وكل عائلة تحاول أن تحدد لنفسها أرضها الإقليمية. واضح أيضاً دخول محافل إجرامية إلى السلطات المحلية، في ظل السيطرة على النشاط التجاري.
ثمة جانب آخر، وهو غياب التواصل للخطة متعددة السنوات “مسار آمن” لمعالجة الجريمة والعنف في المجتمع العربي، والتي تصدرها اللواء المتقاعد يوآف سغلوبتس، نائب وزير الأمن الداخلي السابق. وتتضمن الخطة نشاطاً متداخلاً من الوزارات الحكومية وهيئات إنفاذ القانون، والدفع قدماً بالعقاب المتشدد، وصراع ضد السوق السوداء ومنع تدخل جهات إجرامية في العطاءات. كل تأخير في تنفيذ الخطة يفاقم المعالجة للمسألة التي تأكل الحوكمة. المطلوب خطوات فورية لتقليص العنف والجريمة:
1- على رئيس الوزراء أن يعلن عن حالة طوارئ و”في الحرب مثلما في الحرب” يجب اتخاذ طرق مختلفة لخلق انعطافة: مصادرة المعالجة لمسائل الأمن الداخلي من وزير الأمن القومي الذي من الواضح أن انعدام تجربته وخبرته المحدودة لا يسمح له بمعالجة الأمور. من الأفضل أن يأخذ رئيس الوزراء على عاتقه المسؤولية فيعين جهة عنه تنسق فريقاً من وزارات متعددة، بشكل يضمن انخراط عموم المحافل ذات الصلة في القتال ضد الجريمة فترفع خطة “مسار أمن” ليعود مرة أخرى إلى الطريق السليم.
2- يجب أن تدخل إلى الساحة محافل مثل جهاز المخابرات – الشاباك، في صيغة تشغيل تعبر عن فضائل الجهاز في الجوانب التكنولوجية والاستخبارية، مما سيزيد السيطرة في الميدان ويوفر التحكم والرقابة مثل معالجة المطلوبين في مناطق الضفة وغزة. مشاركة “الشاباك” ستساعد في تقليص المسافات، وإغلاق دوائر الاستخبارات، والإدانة، ومنع الجريمة في الزمن الحقيقي، وتوجيه ضربة اقتصادية قاسية لمثيري الجريمة، وتجميد نشاط عائلات الجريمة وإدخالها في حالة دفاع عن النفس.
3- على المحاكم أن تعمل في صيغة طوارئ في ظل تفضيل ملفات الجريمة في الوسط العربي. في الحالات التي تفترض ذلك، يجب اتخاذ خطوات متشددة بل وفرض أوامر اعتقال إدارية لمنع المس بالأرواح.
إلى جانب ذلك، يجب اتخاذ خطوات لتعزيز الشرطة بشكل يسمح للإجهاز بأن يؤدي غايته، مثل تخصيص المقدرات، وتحسين شروط تشغيل أفراد الشرطة، وتجنيد قوة بشرية وتعزيز البنى التحتية التكنولوجية.
في نظرة استراتيجية بعيدة المدى، على الزعامة العربية أن تدخل إلى المضمار وتشارك في وضع المخططات لتقليص الجريمة، وفي توسيع إمكانيات التشغيل، وتعزيز جهاز التعليم، وتنمية قيادة المستقبل والاندماج في المجتمع الإسرائيلي.
العنف في المجتمع العربي ليس قدراً. على الحكومة وممثلي الوسط أن يأخذوا المسؤولية ويغيروا طريقة المعالجة.
---------------------------------------------
معاريف 29/5/2023
انفجرت الروح المناهضة للحكومة في مؤتمر هرتسليا الثالث والعشرين
بقلم: يوسي احيمئير
حرم جامعة رايخمن في قلب هرتسيليا هو من أجمل الأماكن في إسرائيل. أذكره منذ بداية طريقه كمركز متعدد المجالات، كلية سارت بعظمة منذ بدايتها. إلى جانب مبان من طابق واحد محفوظة وأسطح من القرميد، نباتات غنية ومخلفات أثرية، ظهرت مبان جديدة، مع عتاد متطور وقاعات محاضرات واسعة. يافطة صغيرة تكاد تكون مخفية عن العين، تفصح عن قاعدة مركزية لقوات مضادات الطائرات في جيش الدفاع الإسرائيلي منذ بداية الدولة حتى 1994. تحولت المنطقة من نطاق عسكري إلى نطاق أكاديمي فاخر، ومنذ سنوات الألفين يستضيف المركز واليوم الجامعة مؤتمر هرتسيليا شائع الصيت والسمعة. سياسيون من البلاد والعالم، سياسيون محليون، باحثون، إعلاميون، يجتمعون في يومين متواصلين مليئين من المناقشات لإطلاق صوتهم ونتائج بحوثهم وآرائهم. هذه منصة عظيمة الصدى تستغل لإطلاق آراء حديثة، ونوايا سياسية، وتلميحات لمخططات مستقبلية.
قيل إن مؤتمر هرتسيليا يسرق العرض من كنيست إسرائيل. كما هو معروف، عندما يلقى خطاب مهم ودراماتيكي في الكنيست، تكون المقاطعات كثيرة. لكن الأمر في هرتسيليا مختلف؛ فالخطيب يلقي القنبلة، ينصرف ثم ينشأ جدار جماهيري شديد. الحالة الأشهر كانت في كانون الأول 2003. رئيس الوزراء أرئيل شارون ألقى “خطاب هرتسيليا” عن فك الارتباط، وقال إنه لن ينتظر إلى أن يبذل الفلسطينيون جهداً لحل النزاع، وسيبادر إلى خطوة من طرف واحد – إخلاء مستوطنات، قال ونفذ. مرت سنتان، واقتُلعت مستوطنة “غوش قطيف” مع 8 آلاف من سكانها من مكانهم.
في الأسبوع الماضي، انعقد في الحرم الجامعي رايخمن مؤتمر هرتسيليا الـ 23، تحت عنوان “رؤيا واستراتيجية في عصر انعدام اليقين”. رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لم يشارك. كما كان متوقعاً، خرج من المؤتمر بضعة عناوين شائقة بلغ عنها باستطراد في وسائل الإعلام. ومع أن بعضاً من وزراء الحكومة ألقوا كلمات في المؤتمر أو أجريت معهم لقاءات صحافية، شعر المرء بروح مناهضة للحكومة إن لم نقل المتحيزة، التي هبت من بعض من جلساته، عن حق أو عن غير حق. كمشارك مدعو – وشكراً لرئيس المؤتمر، صديقي اللواء احتياط عاموس جلعاد، على التنظيم الرائع – فإنك تختار لنفسك جلسات تستمع فيها، فما بالك أن المؤتمر المكثف يجري في مسارين متوازيين.
كانت علاقات إسرائيل والولايات المتحدة هذه المرة في مركز المؤتمر. وتكرر طرح السؤال: لماذا يتلبث الرئيس بايدن في دعوة رئيس وزراء الحليفة إسرائيل إلى البيت الأبيض؟ أفلا يشهد الأمر على تراجع في العلاقات بين الدولتين، اللتين تتقاسمان القيم ذاتها والمصالح ذاتها؟
الشائق أن كل المتحدثين الأمريكيين، وعلى رأسهم السفير المعتزل توم نايدز، استبعدوا الرأي وكأن أمريكا تبتعد عن إسرائيل، ورووا عن منظومة علاقات معمقة في كل المستويات؛ مئات أوجه التعاون التي لا يعرفها الناس، حتى وإن أعربت واشنطن غير مرة عن هذا النقد أو ذاك على خطوات وتصريحات في جانبنا. بالمقابل، انتقد المتحدثون الإسرائيليون بشدة “التدهور في العلاقات” بذنب الحكومة بالطبع، ورفعوا أصبع اتهام تجاه نتنياهو وحذروا مما سيأتي. فكرت في قلبي: هل يتحدث البروفيسور يوسي شاين ورفاقه في الرأي بلغة الحقائق أم بلغة السياسة؟
لا يمكننا نفي أن المؤتمر شهد لحظة سياسية وكانت فيه جلسات قيلت فيها أمور لا تقل في حدتها وتحيزها عن الأقوال التي تطلق في مظاهرات كابلن. هكذا كانت الجلسة عن الأزمة الداخلية التي كرر فيها المتحدثون – غادي آيزنكوت، وتمير باردو، وأمير ايشل وبإدارة بن كسبيت – تصريحاتهم المتطرفة ضد الحكومة. أفلم يكن ممكناً أن يضاف إلى الجلسة أيضاً متحدث برأي مختلف؟ أو جلسة في تركيبة سياسية مشابهة – يورام كوهن، روني ألشيخ، موشيه لادور والعاد شرغا – تحت عنوان “إسرائيل على شفا الهاوية؟”. هل يجتمع أولئك الذين يرون السواد فقط لبحث استنتاجاته معروفة من قبل؟ وكانت جلسة عن “الاحتجاجات”؛ للحظة دخلت إلى هناك وخرجت فوراً. لفرحتي، قلة فقط جاءوا ليستمعوا لأمير هسكيل ورفاقه عن الـ “الدكتاتورية”.
وأنهي بحكاية. مثل باقي المقابلات الصحافية، نال الرئيس السابق أيضاً رؤوبين ريفلين مقابلة صحافية ودية. سمعت أقواله بإنصات، جاءت بأسلوبه الهزلي المميز وبمرارة غير مخفية. كان روبي هو الذي لا يخفي عداءه لمن كان ولا يزال رئيس الوزراء. ها هو عند الخروج من القاعة يتفاجأ لرؤيتي – شاذ في مشهد المصفقين لأقواله ولكل من شتم رئيس الوزراء والحكومة “سلام يا بيبي، ألديك صفحة رسائل في جيبك؟” تفوه نحوي وسارع في طريقه. سؤالي إليك، فخامة الرئيس السابق: بكونك المواطن رقم 1 لم تفوت أي فرصة لتتحدث عن نتنياهو، أحياناً عن حق، وأحياناً لا. هل كل شيء يخضع لحسابه الشخصي مع من لم يؤيد انتخابك للرئاسة؟ ولماذا تحتقر كل أصدقائك الذين تبقوا في الليكود؟ أفلا تعلم أنه يمكن للمرء أن يكون ليكودياً، ورجل الإرث، وليس “بيبياً” سعيداً بكل ما يجري؟
---------------------------------------------
معاريف 29/5/2023
مُر ومتسرع
بقلم: عيناب شيف
قبل نحو شهرين أذهل رئيس الاركان سامعيه. كان هذا في لقاء مع رجال احتياط في اعقاب الاضطراب في ضوء خطة تغيير النظام التي هددت ولا تزال تهدد بتمزيق الجيش. "خير دكتاتورية آمنة من فوضى غير محمية"، قال الفريق هرتسي هليفي، مثلما كشف عنه النقاب زميلي ناحوم برنياع في "يديعوت احرونوت". في اعقاب الجلبة التي احدثها النشر، تذكر رئيس الاركان ان يعلن بانه لا يؤمن بالضبط بما قاله: "اضفت جملة ما كان ينبغي لي ان اقولها وهي لا تعكس فكري على الاطلاق"). من جهة، من المهدئ للروع أن نعرف بان قائد الجيش اضاف نجمة لمفهوم تبسيطي ومشوه للغاية ("دكتاتورية آمنة" لا توجد الا للدكتاتور والموالين له، وحتى لهم لا يكون هذا احيانا مجديا). من جهة اخرى، يبعث الامر على القلق بالنسبة لقدرة رئيس الاركان على التحكيم العقلي كشخصية عامة.
لكن عندها كانت ايضا بضع ملابسات مخففة. هليفي كان قد تسلم فقط لتوه مهام منصبه واذ به يصطدم بتحد سياسي واجتماعي لم يواجهه اسلافه قبله. كما أنه بالتأكيد يحتمل انه قد لا يكون هو ورجاله قد استوعبوا بعد بان الحديث يدور عن شخصية بهذا الحجم، فمفهوم "حديث مغلق" لا يصمد حتى بصفته نكتة.
كل هذا لا يمكنه ان يقال عن اقوال رئيس الاركان في الاسبوع الماضي كجزء من احتفال التشبيك الذي يسمى ايضا "مؤتمر هرتسيليا". فهناك بالذات فيما انه قد يكون ازاغ بصره جو مجلس اللوردات الذي يسيطر على ما يبدو على الحدث اللامع اختار هليفي ان يطلق القول الدراماتيكي الاكثر له عن وضع اسرائيل الامني. "إيران تقدمت في تخصيب اليورانيوم أكثر من اي وقت مضى"، قال هليفي وعندها القى بالقنبلة: "توجد تطورات سلبية من شأنها أن تؤدي الى العمل. توجد لنا القدرة وهذا هام وذو مغزى". وهكذا دفع هليفي الى ان تقفز دفعة واحدة دولة مشغولة البال ومستنزفة على اي حال. وبالتوازي أفرح جدا مستثمري الدولار: حتى قبل أن تجاز ميزانية شبه فتاكة لمستقبل الاقتصاد الاسرائيلي، رفع وحده سعر العملة الامريكية بالنسبة للشيكل. ولعل هذا ايضا جزء من "علاوات رئيس الاركان" الشهيرة.
مثلما في قضية "خير دكتاتورية أمنية"، هذه المرة ايضا خرج مطفئو نار هليفي لإطفاء الحريق، في شكل احاطة خاصة للمراسلين. لكن كالمعتاد في مثل هذه القصص، لا يزال الدخان يتصاعد وبالتأكيد حين يكون هليفي يتولى منصبه تحت حكومة الشبهات حولها بين معارضيها في البلاد وبالتأكيد في العالم شاذة بكل مقياس ممكن: فأمر واحد ان تعلن بان الوضع يوجد على مسافة خطوة واحدة من حرب شاملة وعلنية وامر آخر هو أن تفعل هذا بعد أن فقط في اللحظة الاخيرة منعت الاطاحة بوزير الدفاع والكابينت بما فيه وزيرين يعرف عنهما جهاز الامن أكثر مما يعرفان هما عنه.
لحظ رئيس الاركان، فضلا عن قفازات الحرير التي يعالج بها بشكل ثابت (مثل تعظيم انجازات الحملة الاخيرة في غزة ضد التنظيم الاقل قوة في القطاع) فان الانطباع المتسرع في الخطاب غطى على الثقة الغربية التي ابداها. "توجد لنا القدرة وهذا هام وذو مغزى"، قال هليفي. على اي حال، حتى رئيس اركان غير حذر بما يكفي بلسانه لن يفصل ما هي "القدرة". غير أن قراءة منشورات على طول السنوات الاخيرة، منذ اتهم نفتالي بينت بنيامين نتنياهو بانه "تحدث كثيرا وفعل قليلا" تطرح الكثير من المصاعب والتحفظات حول تلك "القدرة". يجدر بنا أن نتبنى ذات النهج الشكاك والنقدي ايضا تجاه من يتحدث عنها هكذا، حتى لو كان يحمل لقب رئيس الاركان.
---------------------------------------------
تايمز أوف إسرائيل 29/5/2023
بعد أن نجا من أصعب معاركه السياسية، أردوغان يدرك أيضًا أن تركيا قد تغيرت
بقلــم: أمير بار شالوم
بالرغم من احتفالات النصر المبكرة - حتى قبل نشر النتائج النهائية - حتى الرئيس التركي المنتخب رجب طيب أردوغان يعرف أن تركيا في السنوات المقبلة هي ليست الدولة نفسها التي اعتاد عليها. ما يقارب من نصف مواطني الدولة لم يدلوا بصوتهم له، وأغلبهم بالتحديد هم شبان من الطبقة الوسطى، الذين كبروا فعليًا في ظل حكمه.
الجولة الثانية كانت متوقعة أكثر بكثير من الأولى، خاصة بعد أن أعلن سنان أوغان - المرشح القومي الذي فاز في الجولة الأولى بنسبة 5٪ من أصوات الناخبين- دعمه لأردوغان. هذا وحاول المرشح الخاسر كمال كليجدار أوغلو القيام بمناورات مختلفة خلال الأسبوعين الماضيين في محاولة لإمالة كفة الميزان لصالحه، بما في ذلك التوجه الحاد لليمين في دعوة إلى ترحيل اللاجئين السوريين إلى بلادهم.
فعليًا أردوغان يلعب في هذا الملعب منذ أكثر من عقدين - وهو يعرف كيف يلعب على الأوتار الصحيحة. إن انهيار الليرة التركية والتضخم الذي قد يتجاوز في الملخص السنوي عتبة 100٪ لم يتردد صداهم خلال هذين الأسبوعين، على حساب مرشح المعارضة.
إن إسرائيل كانت حذرة جدًا خلال الأسبوعين الماضيين فيما يتعلق بتركيا. لم يخرج أي وزير عن صمته (ربما لا يفهم معظمهم الفروقات السياسية أيضًا، وربما يكون هذا أمرًا جيدًا). إن تصريحات كليجدار أوغلو الأخيرة لم تلقَ قبولًا جيدًا لدى الإسرائيليين، الذي دعا لإعادة فتح اتفاق تعويض ضحايا الأسطول التركي.
بالنسبة لإسرائيل، أردوغان في الأشهر الأخيرة هو أردوغان مختلف. لقد جاءت عملية "درع وسهم" في غزة بالنسبة له في ظل حملة انتخابية صعبة. في الماضي، لم يكن يُفوت أي فرصة للمبالغة في خطابه تجاه إسرائيل، بل وحتى اتخاذ خطوات دبلوماسية ظاهرية، من أجل تصوير نفسه على أنه المنقذ للفلسطينيين والحرم القدسي.
هذه المرة، باستثناء همهمة دبلوماسية خافتة، لم يُقال الكثير. هذا الاختبار يمكن أن يًشير إلى الاتجاه الذي يريد أردوغان أن يسير فيه. إن اسرائيل هي جزء من الحل وليست المشكلة. إن الغاز الإسرائيلي مغريًا جدًا بالنسبة له كجزء من رؤيته لجعل تركيا مركزًا للغاز المركزي في أوروبا، على حساب فلاديمير بوتين.
فيما يتعلق بالتقرب الإسرائيلي من الولايات المتحدة والقدرة على فتح الأبواب، من الصعب بعض الشيء التحدث عنه في هذه الأيام، على الأقل إلى أن تتم دعوة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض. علاوة على ذلك، يعلم أردوغان أن أي تقدم في الجانب الإسرائيلي سيتطلب منه اتخاذ مزيدًا من الإجراءات في تقييد تحركات حماس في بلاده.
لطالما كان أردوغان في السنوات الأخيرة مصدر إزعاج حقيقي لحلف شمال الأطلسي. منذ سنوات والدول المتحالفة تتجول بحرية نحو أنقرة، لكنها لا تقول الأمور بشكل معلن حقًا. جميعهم يتعاملون مع أردوغان بقفازات من حرير، وهذا الأمر لا يُتوقع أن يتغير.
حتى الآن لم يتمكنوا من إقناعه بقبول السويد في التحالف بسبب مطالبته بتسليم المنفيين الأتراك من أصل كردي. هو يعتبرهم إرهابيون – وهم يعتبرونهم لاجئين / طالبي لجوء. إن المكالمة الهاتفية التي تلقاها فورًا عقب فوزه من بوتين بالطبع لم تعط شعور بالرضا في المقر العام في بروكسل.
هذا ولم توافق الولايات المتحدة بعد على بيع طائرات F-16 جديدة لها، كما أنها تؤخر تطوير الطائرات القديمة. أي أن الولايات المتحدة تمنع ثاني أكبر دولة في الناتو من تعزيز قوتها- وهو وضع يواجه أردوغان صعوبة في التخلص منه. إن تسليح نفسه بأسلحة صينية أو روسية بالإضافة إلى أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات من طراز S-400 - لن يؤدي إلا إلى إبعاده أكثر عن بروكسل.
هذا هو أحد الأسباب التي تجعل تركيا حاليًا في عملية تطوير متسارعة لطائرتها المقاتلة المتقدمة. إذا حكمنا بناء على صناعة الطائرات بدون طيار الخاصة بها، فإن المعرفة هناك متقدمة بالتأكيد، لكن من المشكوك فيه ما إذا كانت تركيا تستطيع الوصول إلى المستوى الأمريكي بطائرات مقاتلة من الجيل الخامس والسادس.
في نهاية ولايته الحالية، أدرك أردوغان أيضًا الاتجاه الإقليمي لبناء جسور إقليمية. هو أيضًا يحاول التقرب من بشار الأسد، بغض النظر عن الشريط الأمني التركي الذي أقيم في شمال سوريا. الآن حين عاد الأسد إلى حضن جامعة الدول العربية، فإن الانفصال عنه قد يضر بالمصالح التركية في سوريا.
خلاصة القول، فإن أردوغان فاز بأصعب حملاته الانتخابية، لكنه دخل في أكثر فتراته تعقيدًا – سواء على المستوى المحلي التركي، أو على المستوى الإقليمي، أو على المستوى الدولي.
في الواقع، ينظر الجميع إليه بارتياب شديد، في انتظار رؤية أردوغان الذي سيقابلونه – هل هو القومي، المعزول سياسيًا وإقليميًا، أو البراغماتي، الذي يدرك أن لديه فرصة تاريخية للاستفادة من موقع تركيا الاستراتيجي.
---------------------------------------------
معاريف 29/5/2023
تخوّف من نشاطات غير معلومة لـ”نصر الله”
بقلم: العقيد (احتياط) إسحاق باريك
بقلم: تحدث العقيد (احتياط) “إسحاق باريك” المفوض السابق لشكاوى الجنود، الأحد، مع “يوآف مينتز” في إذاعة الشمال 104.5FM حول الوضع الأمني واحتمال حدوث تصعيد قريب، وحذر من أن هناك تخوف كبير لدى الجيش “الإسرائيلي” من أفعال نصر الله التي لم يكن يعهدها من قبل، على حد قوله، “إسرائيل” لم تبنِ قدرات للتعامل مع حرب إقليمية ـ الحل الوحيد، “حرس وطني” عسكري مكون من جنود احتياط تتراوح أعمارهم بين 25 و 50 سنة تحت مسؤولية اللواء “غيرشون هكوهين”.
وقال في بداية حديثه، في مؤتمر “هرتسليا” سمعنا رئيس الاستخبارات اللواء “أهارون حليفا” يتحدث عن خطأ قد يرتكبه نصر الله قد يتسبب في حرب كبرى، ورد نصرالله “لا تهددونا فالحرب ستقودكم إلى الهاوية”، إنه في الحقيقة يلمح إلى مشكلة “إسرائيل” أكثر من مشكلة حزب الله.
تُظهر تلميحات رئيس الأركان في ذلك المؤتمر أن هناك أشياءً تحدث، تثبت أن الجيش “الإسرائيلي” لديه خوف من أفعال لنصر الله لم نعهدها من قبل.
نصرالله يلاحظ ضعف “إسرائيل”، وهو يرى عدة قضايا في العامين الماضيين، عمليًا تسير لصالحه: أولها التخلي عن المياه الإقليمية في قضية منصة الغاز على الحدود اللبنانية، الأمر الثاني هو رد “إسرائيل” على تسلل مسلح وتفجيره العبوة الناسفة على مفترق مجيدو وعلى جسده حزام ناسف كان من الممكن أن يقتل العشرات في مكان مزدحم، وكان من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل شديد من “إسرائيل”.
والأمر الثالث هو رد فعل “إسرائيل” الضعيف على إطلاق الصواريخ من لبنان، وسوريا، فسلاح الجو غير قادر على منع إطلاق الصواريخ من قبل الجهاد في غزة، والأمر الرابع الطائرات التي تهبط من إيران مباشرة في بيروت ولا ترد “إسرائيل”.
نصرالله يشدد من نشاطاته ضد “إسرائيل”، ولا يخاف من رد فعلها على هذه النشاطات التي يمكن أن تسبب نوعًا من حرب الاستنزاف التي تخلق ضائقة وانعدام أمن لدى سكان الشمال.
هو يأتي ويقول في نفسه: إذا بدأت “إسرائيل” الرد بشكل أكثر جدية سوف يعطيه سببًا وجيهًا ليقول للبنانيين أنه لم يبدأ الحرب، و يبدأ هنا تصعيد ليس هو المسؤول عنه، وهذا سيعطيه الثقة لقيادة مثل هذه العملية.
وعندما سئل كيف كان ينبغي لـ”إسرائيل” أن ترد في رأيه على حدث مثل مجيدو، قال، “هذه هي المشكلة بالضبط”، “إسرائيل” على مدى السنوات العشرين الماضية لم تبني القدرات للتعامل مع الحرب الإقليمية مع آلاف الصواريخ التي كل يوم ستطلق على “إسرائيل”، كل دولة ستتلقى الضربات ولن يكون هناك إلى أين نهرب؟ لم نُنشئ جيشًا يعرف كيف يحرس حدودنا.
“إسرائيل” في معضلة رهيبة اليوم، فعندما تحتاج إلى الرد، فإنها لا تفعل ذلك لأنها ليست مبنية للحرب والرد الذي سيتبعه.
هذه هي المأساة التي طالما تحدثت عنها، فلو كان لدينا الشجاعة والقدرة على الدفاع، فالجبهة الداخلية غير الجاهزة للحرب، لكننا أكثر شجاعة وجرأة، هو يدرك ذلك ولهذا السبب هو من يمسك بالخيوط.
وأضاف “نحن في حالة طوارئ، الحل الوحيد هو إقامة “حرس وطني” وهو الأمر الأساسي لإنقاذ “الوطن” الذي سنكون مستعدين له، وأوضح أن المنظومة الأمنية تعرف كيف تستعد لمثل هذا الوضع: نعم لقد جلست مع المستويين السياسي والعسكري، (وزير الجيش، ورئيس الأركان، ونائب رئيس الأركان، ومع المدير العام وزارة الجيش مؤخرا). أول شيء يمكن القيام به هو “الحرس الوطني”.
وأوضح: “في الحرب القادمة لن يكون لدينا فقط ضحايا في المدن المختلطة، في الحرب القادمة عشرات الآلاف من فلسطينيي الداخل سوف يركضون هنا في جميع أنحاء البلاد ومن المستحيل إيقافهم بالحرس الذي يعمل “بن غفير” على إنشاءه، إنه شيء صغير وغير جاد، سيتعين عليهم تجنيد 100 ألف شخص”.
من يجب أن يشكل “الحرس الوطني” الذي تتحدث عنه؟
“يجب أن يكون هناك حالة يتم فيها تجنيد 100,000 من جنود الاحتياط الذين غادروا وحداتهم بالفعل، من عمر 25 إلى 50. على سبيل المثال اللواء “غيرشون هكوهين” رجل جدي للغاية، يمكن أن يكون مع “بن غفير”، لكن يجب أن يكون ذلك تحت قيادة لواء وأن يساعد الجيش في ذلك، هذه هي بالضبط طريقة الولايات المتحدة.
---------------------------------------------
إسرائيل اليوم 29/5/2023
جرأتهم تزداد وعبواتهم أصبحت أكثر قوة من قبل
بقلم: حنان غرينوود
وقع انفجار شديد هزّ مدينة نابلس قبل نحو أسبوعين، حيث وقع الانفجار نتيجة عبوة زرعها أفراد المقاومة الفلسطينية واستهدفت قافلة جيبات عسكرية في أعقاب قيام جيش العدو باقتحام المدينة لاعتقال فدائيين.
يقول مسؤول عسكري لصحيفة “إسرائيل اليوم”، إن خطر إطلاق النار والمتفجرات يواجهنا بقوة أكبر في شمال الضفة الغربية – في جنين ونابلس – وربما أكثر مما واجهنا في عملية السور الواقي، وبحسب قوله: “نحن نشهد إلقاء عبوات ثقيلة وشديدة الانفجار تحتوي على مواد شديدة الانفجار مدمرة ومعيارية وإطلاق نيران كثيف، لا يوجد اقتحام إلى شمال الضفة الغربية لا نواجه فيه إطلاق نار”.
مع بداية عملية “كاسر الأمواج”، التي بدأت بعد موجة العمليات النضالية في مارس – مايو 2022 تبين واقع جديد – قديم في شمال الضفة الغربية، ففي السنوات الأخيرة دخلت كميات هائلة من الأسلحة إلى مخيمي جنين ونابلس، بحسب تقديرات جيش العدو، تقريباً كل بيت في الضفة الغربية يوجد فيه أسلحة نارية.
وقد تجلى ذلك بشكل جيد في العمليات العسكرية التي جرت في شمال الضفة، حيث أطلق المئات من المسلحين بواسطة بنادق هجومية معيارية ومحلية الصنع النار على الجنود الذين دخلوا في نشاط كان يعتبر في السابق شبه روتينياً، لقد أصبح مخيم جنين للاجئين، الذي كان أحد أشهر الأماكن في عملية “السور الواقي”، مرة أخرى مصيدة موت محتملة.
لكن تكنولوجيا الحماية والتحصين قد تغيرت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وتم تجهيز “الجيش الإسرائيلي” بجيبات مدرعة قادرة على امتصاص الانفجارات الناتجة عن العبوات المتفجرة التي كانت تودي بحياة الجنود في الماضي.
يقول مسؤول في “الجيش الإسرائيلي”: “لا يوجد دخول إلى جنين ونابلس لا تتضرر فيه المركبات، هناك ليالٍ يكون فيها الضرر طفيفاً، وهناك ليالٍ يتم فيها الصعود على عبوة جانبية وهذا يتسبب في إلحاق الضرر بالمركبة”.
اليوم تنشط مئات المركبات المدرعة في الضفة الغربية – الأصغر والأكثر رشاقة” من بينها هي الجيبات من طراز “دفيد” وجيبات “زئيف” التي في طريقها لمغادرة الجيش، وشاحنات “الفهد” الكبيرة، التي تقرر في البداية أن تحل محل “الذئب” ولكن نظراً لحجمها، ستستخدم للنقل خارج القرى والمدن الضيقة.
وجيبات “التايجر” ذات المقاعد الثمانية والتي ستحل محل مركبات “الذئب” وتعتبر بُشرى جيدة بعد أن دخلت الضفة الغربية بشكل عملياتي في الآونة الأخيرة.
صيانة هذه المركبات، التي تتعرض لإطلاق النار والعبوات بشكل متكرر، هي من مسؤولية سلاح التكنولوجيا والصيانة، الذي يدير ويشغل نظام منتشر على ستة ألوية مناطقية، ويقدم بذلك استجابة عدد من وحدات النخبة مثل كتيبة نيتسان (636) التابعة لسلاح الجمع القتالي ووحدة المستعربين التابعة لحرس الحدود.
إن التهديد بإطلاق النار والمتفجرات الذي يواجه الجيش، يجبرنا على التحقق باستمرار من حماية المركبات، إذا اصطدمت مركبة بعبوة يتم إخراجها على الفور عن طريق الجر أو القيادة، ونقوم بالتحقيق في الحادث، هل اخترقت شظية أم لا، وكيفية التحسين.
بالرغم من أنها مركبات قوية إلا أن الوزن الإضافي يؤثر على وظيفتها.
هناك معضلة بين الحماية والسلامة، المركبات غير مصممة لمثل هذا الوزن، فهي تحد من مجال رؤية السائق ويتضرر استقراره، ولهذا السبب نتعاون مع وحدة التنقل للتحقق من الحد الأقصى.
كمية غير معتادة من المتفجرات في معمل للمقاومة
في الأسبوع الماضي، اقتحم مئات الجنود مخيم بلاطة للاجئين بالقرب من نابلس، على عكس العمليات الأخرى، كانت هنا عملية “خضراء”، بدون وحدات خاصة مثل وحدة اليمام ووحدة المستعربين.
اقتحم جنود الجيش منازل في المدينة، وعثروا على أسلحة وعبوات ناسفة، اكتشفوا في أحد المباني معمل متفجرات أذهلهم، وأضاف المسؤول: “تم استدعاء وحدة هندسة المتفجرات للتعامل مع هذا المعمل لأنه يحتوي على كمية غير معتادة من المواد المتفجرة، حيث تطلب الأمر إخلاء ثلاثة مبانٍ لتفجير المختبر وتعرضت لإضرار جسيمة نتيجة الانفجار”.
الفيديوهات التي ينشرها الفلسطينيون أنفسهم، تثبت أنهم يتقدمون خطوة خطوة ويطورون أنفسهم.
عبوات كبيرة تنفجر بالقرب من آليات عسكرية، ومركبات أخرى تُسحب من نابلس أو من مخيم جنين وغيرهما، في أحد الفيديوهات يمكنك أن ترى الضرر الهائل الذي أحدثته العبوة في الشارع، وتخيل فقط ما الذي سيحدث إذا لو كان هناك بدلاً من المركبة الحديثة، ناقلة جنود مدرعة قديمة.
يقول مسؤول العسكري: “إن جرأتهم تزداد وعبواتهم أقوى، نحن نرى أضرار الانفجارات، إنها لا تخترق مركباتنا، وهو أمر ممتاز، ولكن لا شك في أنهم أكثر جرأة ويحاولون الوصول إلى العبوات الأقوى والأكثر قوة، وإخفاءها في أماكن أكثر إبداعاً”.
وأوضح المسؤول: “لم نصل بعد إلى وضع غزة ونعمل على تقليص قدراتهم في كل وقت”، بالنسبة لسؤال ما إذا كان من الضروري تشغيل أو استخدام المركبات المحمية أكثر من سيارات الجيب، مثل ناقلة الجند “نمير” أو “إيتان”.. أجاب المسؤول بالنفي، وقال: “العدو يحاول الوصول إلى هناك، لكننا لا ندع ذلك يحدث، نحن نعمل على محورين – إحباط مختبرات أو معامل المتفجرات واعتقال المطلوبين، ونستخدم أدوات هندسية عند الدخول للمدن والقرى، اليوم لا يوجد دخول إلى نشاط بدون جرافة، هذه لعبة مختلفة تماماً”.
يدرك “الجيش الإسرائيلي” هذا التهديد جيداً ويعمل على القضاء عليه بطرق إبداعية، لقد أنشأنا مختبراً تكنولوجياً في الضفة الغربية يحقق في موضوع المتفجرات، كما يكشف عن مصدرها.
---------------------------------------------
بهدف إضفاء الشرعية
مستوطنون ينقلون مدرسة توراتية إلى أراض فلسطينية
نقل المستوطنون مساء الإثنين المدرسة الدينية التي أقيمت على أرض فلسطينية خاصة في “حومش” إلى أراضي فلسطينية أخرى قريبة، وذلك بموافقة كل من “غالانت” و”نتنياهو”.
وبحسب صحيفة هآرتس، رغم الانتقادات الدولية على إعادة استيطان البؤرة الاستيطانية غير القانونية في شمال الضفة الغربية، قام المستوطنون بنقل المدرسة الدينية بهدف شرعنة البؤرة الاستيطانية، وهي خطوة مخالفة للقانون وتم تنفيذها بدون تصريح.
وقد صرحت الإدارة المدنية للعدو للمجلس الاستيطاني “شمرون” بالبدء في إجراءات تخطيطية للأرض، لكن لم يُسمح بعد بإجراء تغييرات على المنطقة أو البناء عليها.
في الأسبوع الماضي، تم تنفيذ الأعمال دون تصريح لتجهيز المنطقة، بموافقة وزير جيش العدو “يوآف غالانت” والوزير المسؤول عن الاستيطان في وزارة جيشه “بتسلئيل سموتريتش”.
وأوضح المسؤولون المختصون في المنظومة الأمنية للعدو للمستوى السياسي أن الأعمال في رأيهم يجب أن تتوقف، لكن المستوى السياسي رفض إيقافها.
ونددت رئيسة حزب العمل “ميراف ميخائيلي” بخطوة نقل المدرسة الدينية، قائلة إن “غالانت أثبت اليوم أنه لا يكترث بغالبية الشعب ومئات الآلاف الذين دعموه بعد طرده، فهو يهتم بالمستوطنين الفوضويين ومصالح نتنياهو”.
وقع قائد المنطقة الوسطى في جيش العدو “يهودا فوكس” الأسبوع الماضي، على أمر يسمح للمستوطنين بإعادة استيطان “حومش” -هذا بحسب أمر الوزير “غالانت”- من أجل إضفاء الشرعية على البؤرة الاستيطانية وللتصدي للالتماس المقدم من قبل أصحاب الأرض الفلسطينيين أمام محكمة العليا للعدو مطالبين بإخلاء البؤرة الاستيطانية وتمكينهم من الوصول إلى أراضيهم.
وأدانت الولايات المتحدة وفرنسا التوقيع على المرسوم، ووفقاً للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية “ماثيو ميللر”، فإن المرسوم يشكل انتهاكاً لالتزامات “إسرائيل” الرسمية تجاه الولايات المتحدة.
وأضاف “ميللر”: “الترويج للمستوطنات في الضفة الغربية يشكل عقبة أمام تحقيق حل الدولتين”.
وانضمت فرنسا إلى الإدانة، ودعت حكومة العدو إلى “إعادة النظر في هذا القرار”، وجاء في بيان نشرته وزارة الخارجية الفرنسية أن “هذا القرار مخالف للقانون الدولي وأيضاً مع الالتزامات التي أخذتها إسرائيل على عاتقها في اجتماعات العقبة وشرم الشيخ”.
في مارس الماضي، وافق الكنيست على تعديل قانون الانسحاب أحادي الجانب، والذي ينص على إمكانية البقاء في المستوطنات التي تم إخلاؤها عام 2005 في شمال الضفة الغربية.
كان القانون يهدف إلى السماح للمستوطنين بالبقاء في بؤرة “حومش” الاستيطانية، التي أقيمت في أراض فلسطينية التي تم إخلاؤها في 2005، لكن صياغته تسمح عملياً بإعادة إنشاء المستوطنات في المنطقة، كما يسمح القرار بحكومة العدو بتخصيص أراضي للاستيطان من جديد شمال الضفة والت يطلق عليها العدو “أراضي الدولة”.
---------------------------------------------
هآرتس 29/5/2023
الواشي الرئيس
بقلم: أسرة التحرير
من لم يرغب في رئيس حزب نوعم آفي ماعوز كمسؤول عن برامج التعليم الخارجية لوزارة التعليم سيحصل عليه كمشرف مستقل على المضامين التي تعلم في المدارس. يتبين انه لا يكفي اشراف الوزارة على المضامين: مطلوب جهة اخرى، مستقلة، تتأكد من أنها تتطابق وقيم "نوعم". ماعوز فقط سيتأكد من ان المضامين لا تمس بقيم الخوف من التفوق اليهودي. بالتوازي سيواصل التباكي على هندسة الوعي في "اليسار".
اقرت الحكومة أمس ميزانية 285 مليون شيكل لسلطة الهوية القومية برئاسة ماعوز. الفائدة ترتفع، الاسعار ترتفع، العائلات تنهار تحت عبء قرض السكن، لكن لرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، من المهم ان يمول ميزانية سلطة وهمية اقيمت فقط لاغراض ائتلافية مقابل عودة ماعوز الى الحكومة. سلطة، ستعمل على هندسة هوية اطفال اسرائيل وفقا للفكر الظلامي لماعوز وابيه الروحي الحاخام تسفي يسرائيل تاو. سيحصل ماعوز على ميزانيات مخصصة لتدين التلاميذ والراشدين وكذا ميزانيات لدعم مشاريع "هوية قومية يهودية" في المدارس.
وحسب صيغة القرار، سينشيء ماعوز منظومة رقابة على المضامين التي تعلم في المدارس. بلشفية أزرق أبيض. حسب التقديرات، فإن منظومة الرقابة الجديدة ستستهدف مدراء يختارون برامج تعليم ليبرالية – الحياة المشتركة، وتعليم النوع الاجتماعي – بشكل يتجاوز صلاحيات وزارة التعليم والسلطات المحلية ويسمح بممارسة ضغط مباشر على المدراء.
لماعوز تجربة جمة في "تصفية" المضامين "والرقابة" على الناس واستهدافهم سياسيا. في السنة الماضية انكشف عن نوعم برئاسته أدارت قائمة في وسائل الاعلام وفي جهاز التعليم ونسويات يعملن مستشارات للجيش الاسرائيلي. حتى اليوم تتباهى صفحة الحزب بجهاز الوشاية التي تسمى "بؤرة هندسة الوعي". الجمهور مدعو لان يبلغها عن حالات "هندسة الوعي". وحسب الموقع فان "الحالات تنقل الى مكتب النائب ماعوز وتعالج". والان، بواسطة مئات الملايين التي نجح في ابتزازها من نتنياهو، سيتمكن ماعوز من توسيع مشروع الوشاية.
المستشارة القانونية في ديوان رئيس الوزراء، شلوميت برنيع بارغو اشارت الى ان نقل الميزانيات للسلطة ستشترط بفحص مهني لفريق الديوان وفتواه القانونية وانه يجب المراجعة فيما اذا كان تخصيص الميزانيات سيكون على اساس معايير متساوية وعلى اساس بنية تحتية من الحقائق. هذا لا يكفي. في المرة السابقة التي حاولوا فيها زج ماعوز، نجحت السلطات المحلية في خلق جبهة ضد تعيينه. يجب تنظيم الامور بشكل مشابه لاجل منع وصوله الى الرقابة على مضامين التعليم. محظور السماح لأناس ظلاميين بقدرة الوصول الى وزارة التعليم، مضامينها او الى الاطفال.
---------------------------------------------
هآرتس 29/5/2023
الهدف للانقلاب: صب مضمون لقانون القومية
بقلم: یونتان ليس
تقریبا بعد خمس سنوات على المصادقة على قانون القومية يعمل اعضاء في الائتلاف من اجل اعادته الى الواجهة وزير العدل ياريف لفين، من المبادرين لقانون الاساس اعلن في السابق بأن تطبيقه فعليا يحتاج الى "اصلاح في المحاكم". مؤخرا، وفي موازاة جهودها للدفع قدما بالانقلاب النظامي فان قائمة يهودية تريد أن تصب مضمون حقيقي في القانون.
وزير النقب والجليل والحصانة القومية، اسحق فاسرلاوف، ينوي أن يحضر في هذا الصباح لمصادقة الحكومة مشروع قانون يلزم الوزراء بالاستناد الى قيم القومية في قراراتهم مشروع القانون، الذي تدحرج لاسابيع بين الوزارات الحكومية، ينص على أن "قيم الصهيونية ستكون قيم موجهة وحاسمة في وضع سياسة الادارة العامة والسياسة الداخلية والخارجية والتشريع ونشاطات الحكومة وجميع وحداتها ومؤسساتها، سواء في مرحلة تشكيل السياسة العامة أو في مرحلة تنفيذها، وذلك دون المس بالمباديء التي توجد في قانون الاساس" . وشرح فاسرلاوف بأن القرار سيمكن من اعطاء اولوية لجنود الجيش الاسرائيلي ومسرحي الجيش وترسيخ علاقة الشعب اليهودي ببلاده وتعزيز النقب والجليل ويهودا والسامرة.
التداعيات الفعلية لمشروع القانون غير واضحة، لكن المستشارين القانونيين حذروا أنها يمكن أن تشجع الوزراء على اعطاء اولوية لقيم الصهيونية، حسب رأيهم، بدلا من القيم التي يمكن أن تجد لها وزن مساو مثل المساواة امام القانون مبادرة فاسرلاوف ورئيس قوة يهودية، الوزير ايتمار بن غفير هي صدى لاقوال الوزير لفين في آب 2018 بعد المصادقة على قانون القومية. في حينه، في مقابلة مع "هآرتس"، اعترف بأن تأثير القانون كما صودق عليه سيكون تأثير محدود. وأوضح الاهداف التي كانت نصب عينيه. "صحيح أن القانون لم يعط ما كنت أريده، لكن اذا لم يكن حتى الآن بالامكان القول بأننا نريد اعطاء مساعدة معينة للناصرة العليا لتعزيز وحدة اليهود فيها، فان القانون يمكن من فعل ذلك. فهو لا يمكن من فعل ما كنت اريده وهو استيطان مجتمعي لكل شخص حسب رغبته، لكنه يسمح باعطاء محفزات وتسهيلات من خلال الرغبة في الحفاظ على الطابع اليهودي. بواسطة هذا القانون يمكننا منع شمل عائلات، ليس فقط لاسباب امنية، بل بدافعية الحفاظ على طابع الدولة كوطن قومي للشعب اليهودي. أنا توجهت عدة مرات للمستشار القانوني وطلبت تبرير "عدم لم شمل العلائلات، ليس فقط بالتبريات الامنية. والرد كان بأن هذا الامر غير ممكن لأنه لا توجد لديهم أي منصة للتمسك بها. الآن أنا اؤمن بأننا سنحصل على جواب مختلف"، قال لفين واضاف في حينه "من الواضح لي بأنه اذا لم نقم بالاصلاح في المحاكم فنحن لن نحقق ما نريده. عندما نقوم بالتغيير في جهاز القضاء وتكون هناك تشكيلة مختلفة. من القضاة فان النتيجة النهائية ستكون متزنة كليا". القانون تمت المصادقة عليه بعد أن مر بتخفيف واضح، بضغط من اعضاء في الائتلاف ومن المجتمع الدولي وخشية من أن لا يصمد في امتحان المحكمة العليا. هكذا، شطب منه البند الذي هدف الى الزام قضاة المحكمة العليا بتفضيل القيم اليهودية للدولة على قيم الديمقراطية، في الحالات التي يوجد فيها تناقض بين هذه القيم. بند آخر استهدف التمكين من اقامة بلدات لليهود فقط استبدل ببند ينص على أن "الدولة تعتبر تطوير الاستيطان اليهودي قيمة وطنية، وهي ستعمل على تشجيعه والدفع به قدما وترسيخه".
القانون ثبت في قانون الاساس عدة قيم تشخص الدولة، التي بعضها ظهر في الاصل في قانون مواز. القانون ينص على أن اسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي وأن له الحق الخاص في تقرير مصيره القومي فيها. هو يشمل رموز الدولة، منها العلم والشمعدان والنشيد الوطني ورزنامة السنة العبرية وعيد الاستقلال واعياد اسرائيل.
وينص على أن "القدس الكاملة والموحدة" هي عاصمة الدولة كما نص على ذلك قانون الاساس: القدس، واعطى مكانة الرسمية للغة العبرية فقط. بند آخر، ينص على أن الدولة ستستثمر الموارد من اجل الحفاظ على العلاقة مع يهود العالم، تمت صياغته بضغط من الاحزاب الدينية التي ارادت منع التزام الدولة بالطوائف الاصلاحية والمحافظة داخل حدود اسرائيل.
منذ المصادقة على القانون فانه تقريبا لم يتم طرحه للنقاش العام ولم يترك أي بصمة حقيقية فى قرارات الحكومة أو فى احكام المحاكم اقليات على رأسها الدروز، احتجت بأنه يشرعن التمييز ضدها. بعض المعارضين للقانون طالبوا بتعديله، لكن الحكومة السابقة لم تعمل على ذلك.
العملية التي يدفع بها فاسرلاوف قدما يمكن أن تصطدم بعائق قانوني. ففي تموز 2021 رفضت المحكمة العليا عدة التماسات ضد قانون القومية ونصت على أنه بكونه تصريحيا في اساسه فانه لا يغير التوازن بين طابع اسرائيل الديمقراطي وطابعها اليهودي. "قانون" الاساس هذا يشكل فصل واحد في دستورنا الآخذ في التبلور، وهو لا ينفي طابع اسرائيل كدولة ديمقراطية، كتبت رئيسة المحكمة العليا السابقة استر حيوت في قرارها واضافت بأنها لا تعتقد أن الكنيست قد تجاوزت صلاحياتها عندما صادقت على القانون، والمحكمة غير مطلوب منها "حسم مسألة صلاحية المحكمة في انتقاد قضائي لقوانين الاساس".
مؤخرا توجهت جمعية تاغ مئير" للمستشارة القانونية للحكومة، غالي بھراف ميارا، وادعت بأنه على ضوء قرار المحكمة العليا الذي بحسبه الحديث يدور عن قانون تصريحي لا يحرم الفرد من الحقوق، فان محاولة اعطاءه قوة فعليا هي محاولة غير قانونية. الآن يوجد تمييز ممأسس وعميق ضد كل اليهود في دولة اسرائيل في جميع مجالات الحياة، كتب باسم الجمعية المحامي ايتي ماك واضاف "طالما أن الوزير فاسرلاوف معني بتشديد القانون فان هذا الامر لا يأتي من خلال قوة قانون القومية. ومن اجل اعطاء دواء وقائي لوباء العنصرية فأنا اطلب منك التوضيح وبدون تأخير للوزير فاسرلاوف بأن مشروع القرار هذا غير قانوني ويجب عدم طرحه للتصويت في الحكومة".
---------------------------------------------
يديعوت احرونوت 29/5/2023
ما يبدأ بالاصلاح القضـائي ينتهي بشيء آخر
بقلم: سيفر بلوتسكر
من يبحث عن دليل الى اين من شأن الاصلاح القضائي ان يتدهور الى نحو صفر من صلاحيات المحكمة الى تقييد قوة الائتلاف الحاكم فيسحق فصل السلطات، سيجده في القانون الذي اقره مجلس النواب البولندي اول أمس باغلبية طفيفة.
يقضي القانون بتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في النفوذ الروسي في الحياة البولندية العامة ابتداء من العام 2007 حتى يومنا هذا. ظاهرا خطوة عادية لتطهير الاجهزة العامة من نفوذ اجنبي ومعادٍ. لكن ظاهرا فقط. عمليا، يشكل النظام في بولندا لجنة صلاحياتها كصلاحيات المحكمة الجنائية التي بوسعها ان تحظر على من يشتبه بالتعاون مع محافل استخبارات ونفوذ روسية الحصول على قدرة وصول الى اسرار الدولة، فتمنعها من المشاركة في مداولات حساسة - أمنية وغيرها وعمليا تمنعها من الحكم من خلال اوامر منع" - دون ان تقدم الى اي محاكمة.
وبتفصيل اكبر فان لجنة التحقيق اياها مخولة عمليا، بان تسد طریق مرشح المعارضة لرئاسة بولندا، دونالد توسيك لان يحصل على المنصب حتى لو فاز باغلبية واضحة في الانتخابات القادمة للرئاسة، والتي لم يتقرر موعدها بعد، لكن من المتوقع ان تجرى في الخريف). وهذا هو الحكم بالنسبة لمرشحي المعارضة الرئاسة الحكومة البولندية في الانتخابات العامة التي ستجرى هي الاخرى في موعد قريب، والذين يمكن استبعادهم ايضا في الادعاء العابث في انه يوجد ظل من الاشتباه بانه قبل كذا وكذا سنوات كانوا عرضة لـ "نفوذ روسي".
سيعين البرلمان لجنة التحقيق الخاصة، ولهذا فانها ستكون سياسية من بدايتها. وقد حظيت في بولندا منذ الان بلقب "لجنة ملاحقة توسيك"، ويعرف تشكيلها كانقلاب نظامي يقوده الحزب الحاكم القومي الشعبوي "القانون والعدالة" برئاسة يروسلاف كاتشنسكي. من شأن هذه اللجنة أن تسمح للمرشحين الذين هزموا في الانتخابان ان يواصلوا الحكم في بولندا. ولما كان مجرد تشكيلها يتعارض ومباديء الدستور الديمقراطي - الليبرالي البولندي، فقد حاول واضعوها تشويش صلاحياتها بعيدة الاثر وكونها اداة لادارة محاكمات استعراضية ضد كبار رجالات المعارضة. لكن التغطية لم تجدي نفعا: مجلس الشيوخ، المجلس الثاني الاعلى للبرلمان في وارسو رد المبادرة لتشكيل لجنة التحقيق وفرض الفيتو عليها. وقد عادت الى بحث اضافي في لجنة القانون، الدستور والقضاء فى البرلمان وسقطت هناك ايضا. وعلى الرغم من ذلك، فقد نجح الحزب الحاكم في أن يمررها في الهيئة العامة للبرلمان. ما لا يزال يمنع الدخول الى حيز التنفيذ للقانون التي يقضي بتشكيلها هو فقط توقيع المصادقة من الرئيس البولندي اندزي دودا. ومع ان الرئيس دودا هو عضو في حزب "القانون والعدالة" لكن اذنه منصتة للغضب الناشيء عن القوى الديمقراطية في بولندا ولتهديدات الاتحاد الاوروبي الذي يرى في اعطاء صلاحيات قضائية للجنة تحقيق سياسية تناقضا تاما مع مباديء الديمقراطية البرلمانية وحماية الانتخابات الحرة وتداول الحكم التي ستأتي في اعقاب ذلك.
يجدر بالذكر ان فكرة تشكيل لجنة التحقيق طرحته بالذات المعارضة الديمقراطية البولندية عندما بدأت تنكشف في الاشهر الاخيرة العلاقات العميقة لكبار رجالات حزب القانون والعدالة مع محافل استخبارات وتخريب روسية ابتداء من العام 2007. أما الان فقد بات واضحا ان اللجنة التي قررها البرلمان ستفعل العكس تماما في حملة الانتخابات ستجلب الى التحقيق، استنادا الى شبهات زائفة دونالد توسيك بالذات كبير السياسيين من المعارضة. تحقيقاته ستبث في كل قنوات التلفزيون وبخاصة في القناة الحكومية TVP، التي تتمتع بالتغطية الأعلى وكأنها حصرية في بلدات المحيط البولندية. ومع أنه لا توجد ذرة دليل على علاقات توسيك المزعومة مع محافل النفوذ الروسية، فانه سيوصم بالعار ويهان.
في بولندا يجدون صعوبة في الرهان على حسم الرئيس دودا، هل سيوقع على التشريع أم سيرفض. لكن مهما كان حسمه، فان المبادرة الأخيرة للحزب الحاكم هي ذروة محتمة لاصلاحات قضائية اجريت في بولندا في السنوات الأخيرة بما فيها استبدال الاف القضاة، هدم محكمة الدستور وايداع حقوق المدعي العام في ايدي وزير العدل. عن هذا نقول لرواد الإصلاح في اوساطنا : "انظروا فقد حذرتم".
------------------انتهت النشرة------------------