الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الاحد 28/5/2023 العدد 713

قسم العناوين الاحد 28/5/2023
صحيفة هآرتس:
- اليوم الانتخابات في تركيا
- الشرطة ازالت عنوة العلم الفلسطيني من المتظاهرين في القدس وحيفا
- الهدف القادم للانقلاب على القضاء: ادخال الفحوى لقانون القومية
- في أعقاب الانتقادات الدولية: التراجع عن قانون يمس بمنظمات حقوق الانسان
- بعد موافقة وزير الأمن: اعداد الارض للبؤرة الاستيطانية حومش لتبييضها
- اصابة فلسطيني بجروح خطيرة برصاص مستوطن وشرطة الاحتلال تدعي ان هوية المستوطن غير معروفة
يديعوت أحرونوت:
- شارع كابلان للأسبوع 21 على التوالي: 235 ألف متظاهر ضد حكومة نتنياهو
- لحظة القرار تقترب: معركة على تعيين قضاة المحكمة العليا
- الضغط الدولي على الحكومة الاسرائيلية: نتنياهو يتراجع عن قانون يمس بالمنظمات الحقوقية
- الحكومة ستقر قانون اعتبار الصهيونية قيمة موجهة لعمل الحكومة والمستشارة القانونية للحكومة تعارض
- العنصري عضو الكنيست آفي معوز يعود للحكومة ويحصل على ميزانية بيمة 285 مليون شيقل "للحفاظ على الهوية اليهودية"
- إلقاء القبض على 8 متهمين بقتل الشاب غشان شمسية من عكا في دبي
- التحقيق مع الفنان العالمي روجر ووترز في ألمانيا بادعاء انه ارتدى جاكيتاً يشبه الزي النازي
معاريف:
- 200 حريق في كافة أنحاء البلاد
- تصويت واحد قبل الديكتاتورية ومظاهرات في 150 بلدة ومدينة ضد اضعاف الجهاز القضائي
- رئيس جامعة تل ابيب" قانون ابعاد الطالب الذي يرفع علم فلسطين فاشي
- اقتراح قانون لعضو الكنيست داني دنون من الليكود للإعلان عن مواقع أثرية في الضفة وغزة "مواقع -- تراثية يهودية" ومن يمس بها يحكم عليه بالسجن 3 سنوات
- اقتراح القانون خطوة في فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة على الضفة الغربية
- حسن نصر الله: حرب شاملة على كافة حدود اسرائيل إذا ارتكبت اسرائيل خطأ– والحرب الكبيرة ستؤدي الى انهيار لإسرائيل
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 28/5/2023
مؤتمر هرتسليا عاد لانتاج العناوين
بقلم: عاموس هرئيل
مؤتمر هرتسليا عاد لانتاج العناوين، وكأن العام هو عام 2004. سيل من التصريحات لجهات اسرائيلية رفيعة في المؤتمر الذي عقد في جامعة رايخمان في هذا الاسبوع نجح في ايقاظ وسائل الاعلام الدولية وأن يبعث روح جديدة في الأخطار القديمة للحرب بین اسرائیل و بین ايران وحزب الله، وحتى رفع سعر الدولار مقابل الشيكل. ورغم أنه التصريحات من اسرائيل نبعت من تطورات مقلقة في المعسكر المعادي واستهدفت ترسيخ ردع جديد ضد المحور الشيعي الراديكالي في المنطقة فمن المشكوك فيه اذا كانوا في جهاز الامن وفي المستوى السياسي قد قدروا مسبقا ابعاد العاصفة التي ثارت، لا سيما عندما جاءت هذه التصريحات في يوم اخبار ضعيف نسبيا، يوم الثلاثاء.
القلق المتزايد في اسرائيل يكمن في تطورين بينهما علاقة، وكلاهما لم يتم تشخيصهما للمرة الاولى في هذا الاسبوع أولا، ايران قامت بتحسين وضعها الاستراتيجي في المنطقة على خلفية ضعف اهتمام امريكا فيما يحدث في الشرق الاوسط والمساعدات العسكرية التي تقدمها طهران لروسيا في حربها ضد اوكرانيا. هذا التغيير وجد التعبير في الجرأة المتزايدة للايرانيين في الدفع قدما بالمشروع النووي الى جانب الحث المستمر للتنظيمات التي تعمل بتمويل منهم مثل حزب الله والجهاد الاسلامي الفلسطيني لزيادة محاولات المس بأهداف اسرائيلية. ثانيا، حزب الله في الحقيقة قام بتكثيف نشاطاته، لكن هذا يحدث ايضا على خلفية التقدير في بيروت بأن اسرائيل غارقة في ذاتها وعلى خلفية الهزة التي جلبها لها الانقلاب النظامي، بحيث أنها لا تـغـامـر بـردود عسكرية واسعة على الاستفزازات الموجهة اليها.
هذه كانت الخلفية لسلسلة التصريحات الاخيرة، الاستثنائية في هذه الفترة. رئيس الاستخبارات العسكرية، الجنرال اهارون حليوه حذر رئيس حزب الله حسن نصر الله من أنه " يمكن أن يرتكب في القريب خطأ قد يجرنا الى حرب كبيرة". حليوه قال أيضا إن تفجير العبوة الناسفة في مجدو في منتصف شهر آذار الماضي "لا تعتبر حادثة منفصلة". ورئيس الاركان، هرتسي هليفي، قال إنه يمكن أن تحدث في المشروع النووي الايراني "تطورات سلبية محتملة، يمكن أن تؤدي الى عملية" من قبل اسرائيل أو من قبل جهات اخرى ووزير الدفاع يوآف غالنت، الذي قام بزيارة قاعدة حتسور لسلاح الجو قال إن اسرائيل تتأهب لـ "هدف معقد، صعب ومهم، أكثر بكثير".
سلسلة التصريحات هذه خلال 24 ساعة أدت بالتأكيد وزارات الخارجية الاوروبية ووزارة الخارجية الامريكية الى طلب تفسيرات مستعجلة من الدبلوماسيين الموجودين في البلاد في محاولة لحل لغز ما الذي اثار القيادة في اسرائيل. تصريح هليفي وحده كان كاف كي يرفع سعر الدولار من 3,4 شيكل الى 3,7 شيكل. يبدو أنهم في هيئة الاركان العامة لم يستوعبوا بعد معنى "تأثير رئيس الاركان"، المعروف ايضا من تصريحات سلفه في هذا المنصب. في اوساط الجمهور الاسرائيلي وفي دول اخرى ما زالوا يعطون اهمية كبيرة لاقوال ضابط رفيع يرتدي الزي العسكري، ولا يقتنعون بسهولة بأن الامر يتعلق فقط بتصريحات بروتوكولية. العاصفة التي ثارت كانت كبيرة جدا الى درجة أن للتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي اضطر الى أن يقوم في المساء باحاطة هاتفية للصحف من اجل التوضيح بأن الوضع الاقليمي في الحقيقة مقلق. ولكن التصريحات الاخيرة لا تشير إلى أن هناك حرب في لبنان على الباب، أو على هجوم قريب لاسرائيل في ايران.
خلال ذلك، وليس بدون صلة، يبدو أن الاحمرار عاد قليلا الى وجه رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بعد نصف سنة فظيعة بالنسبة له. عملية "درع ورمح " في قطاع غزة، التي اهميتها الامنية بعيدة المدى ضئيلة جدا، نجحت مع ذلك في أن تحسن قليلا مكانة نتنياهو في الاستطلاعات ازاء الرضا النسبي للجمهور من نتائج العملية (تصفية كبار قادة الجهاد الاسلامي مقابل قتيلين في اسرائيل). في تواصل مباشر للعملية فان التصريحات الاخيرة تحافظ على الامن على رأس جدول الاعمال الجماهيري وتحرف الانظار ايضا عن المحاولات المخادعة للحكومة من اجل اجازة قوانين الانقلاب، وعن فشلها المطلق في تطبيق نواياها.
المراوحة في المكان لجهود التشريع، إلى جانب المفاوضات الطويلة وعديمة الجدوى (حتى الآن) في مقر الرئيس اخرجت جزئيا الرياح من اشرعة الاحتجاج، ايضا منظمو المظاهرات وكبار قادة المعارضة ايضا يجدون صعوبة في تخمين خطط نتنياهو، الذي اشار أمس إلى أن الانقلاب النظامي ما زال قائما وأن تشريعه يمكن أن يحدث في القريب.
عذر مثالي
نتنياهو، الذي ما زال يبحث لنفسه عن دعوة في البيت الابيض، حصل على الاقل على نقاط لدى الادارة الامريكية بفضل عدد من خطواته الاخيرة الغاء اقالة غالنت، تجميد التشريع وقرار منع زيارة اليهود في الحرم في الايام العشرة الاخيرة في شهر رمضان.
الأمل الكبير له لحرف الانظار المثالي يتعلق بالطبع بالعائلة المالكة السعودية مؤخرا تم استئناف وتسريع الاتصالات بوساطة امريكية من اجل التطبيع بين اسرائيل والسعودية. ليس فقط أن هذا سيكون انجاز اكبر من اتفاقات ابراهيم (لذلك هو يغمز ايضا الرئيس الامريكي، جو بايدن في المنافسة مع سلفه دونالد ترامب)، بل نتنياهو يمكن أن يقدم للجمهور هدية اقتصادية من المفروض أنها تنتظر في الأفق نتيجة للاتفاق. هذه ستكون اجابة قاطعة بالنسبة له على أحد أهم الادعاءات ضد حكومته - أن خطط الانقلاب والاتفاقات الائتلافية السخية التي وقع عليها مع شركائه تدمر الاقتصاد الاسرائيلي.
جهود سابقة من اجل التوصل إلى اتفاق فشلت في شهر كانون الثاني عندما جمدت السعودية المفاوضات بعد العاصفة التي ثارت حول زيارة الوزير ايتمار بن غفير في الحرم. في هذه المرحلة المحادثات غير المباشرة تتناول بالاساس اعطاء المصادقة للمواطنين العرب في اسرائيل للسفر مباشرة من البلاد من اجل الحج في السعودية.
مؤخرا يبدو أنه سجل تحسن معين في العلاقة بين الرئيس الامريكي، جو بايدن، مع ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان. في الصيف الماضي قام بايدن بزيارة كارثية لدى الامير في حينه طلب من السعوديين زيادة انتاج النفط ردا على تداعيات الحرب في اوكرانيا على السوق العالمية. ولكنه طلبه هذا تم رفضه. هناك تقارير تفيد بأن السعودية اقرب الآن من أي وقت مضى من اجل الموافقة على طلبات الولايات المتحدة منها. هذا كما يبدو أحد الأسباب الذي من اجله في واشنطن اصبحوا على استعداد للاستثمار في القناة بين اسرائيل والسعودية.
نتنياهو بالتأكيد يعتبر هذا الاتفاق الارنب الذي سيستله الساحر من القبعة في اللحظة الاخيرة والذي سينقذه من السقوط في الهاوية. هذا يمكن أن يكون مبررا مناسبا ايضا لكبح شركائه في اليمين المتطرف الذين يريدون تغيير من الاساس الواقع في الضفة الغربية، وايضا وقف جهود التشريع بصورة توقف حركة الاحتجاج. في تسريبات من اسرائيل يتم التأكيد طوال الوقت على أن اتفاق مع السعودية يتعلق بوقف الانقلاب النظامي. ومن غير الواضح اذا كان مثل هذا الطلب طرح في الرياض (لماذا هذا الامر سيهم السعوديين؟) أو في واشنطن. أو أنه يعكس في الاصل ميول رئيس الحكومة نفسه.
في "اخبار13 " نشر مساء أول أمس نبأ مفاجيء عن تعيين الوزير دودي امسالم كمسؤول عن لجنة الطاقة النووية، وهو مجال حتى الآن تعاملوا معه بخوف شديد في القيادة الاسرائيلية. تفسير محتمل لقرار نتنياهو يقول بأن هذه هدية مصالحة لـ امسالم، من المؤيدين المتحمسين للانقلاب النظامي. ربما هذا الامر بالذات يعكس الاهمية التي يواصل رئيس الحكومة اعطاءها للتهديد النووي من ايران. على أي حال، سيكون هناك بالتأكيد من سيشرح بأنه مرة اخرى تم انجاز انتصار تاريخي لاسرائيل الثانية: من الآن يمكن الاعتماد على أنه سيكون هناك من سيهتم بالرقابة المناسبة لعلماء الذرة النخبويين من اسرائيل الاولى.
الكذب هو الرسالة
في الوقت الذي فيه كل انشغال اسرائيل مكرس لاستخدام محتمل لسلاح حركي في ساحة المعركة فانه يزداد النقاش العالمي ويتوسع حول المعركة في مجال السايبر في الاشهر الاخيرة كان حوار واسع في وسائل الاعلام وفي اوساط العلماء ورؤساء صناعة الهايتيك بخصوص التداعيات المحتملة للتقدم الكبير في مجال الذكاء الصناعي، هذا التطور سيكون له تأثير كبير ايضا على الطريقة التي سيتم فيها جمع المعلومات، وستتطور تكنولوجيا قتالية جديدة وسيستخدم سلاح بصورة واسعة ومنسقة بدون مس يد الانسان له.
في الجيش الاسرائيلي يتحدثون عن تجمع مستقبلي لثلاث ظواهر، التي تأثيرها على القتال سيزداد الذكاء الصناعي، هجمات سايبر واستخدام الحرب النفسية ونشر المعلومات الكاذبة في الشبكات الاجتماعية، في محاولة متبادلة للنيل من المعنويات القتالية للعدو. جزء من الاساليب سينزلق الى الساحة الامنية من الصراعات السياسية، ويتبين منها أنه في المستقبل القريب سيكون اصعب على الشعوب في الدول الديمقراطية التمييز بين الاخبار الحقيقية والاخبار غير الحقيقية. "كلما ازداد استهلاك المعلومات عبر البعد الرقمي سيزداد طمس حدود الواقع"، قال ضابط رفيع في هيئة الاركان. التلاعب بالحقائق سيزيد الفوضى في العالم. هذا سيجبر اسرائيل على أن تتعلم كيفية الدفاع بشكل افضل ضد السايبر وضد هجمات الحرب النفسية التي ستستعين بالشبكات الاجتماعية. أحد السناريوهات المستقبلية الذي يقلق اسرائيل يتعلق باحتمالية تطوير ايران القدرة كبيرة جدا في هجمات السايبر. الآن هذه القدرة تنسب فقط لعدد قليل من الدول، منها الولايات المتحدة وروسيا والصين. هناك من يعتقدون أن اسرائيل احدى هذه الدول. امتلاك قدرة كبيرة يمكن أن يسمح لايران، على سبيل المثال، بأن تدخل الى للمنظومة الوطنية في اسرائيل معلومات كاذبة ترتكز على الذكاء الصناعي بصورة تشوش نشاطات الطرف الاسرائيلي.
في اسرائيل يحللون، بمساعدة دول الناتو وشركات غربية ضخمة في مجال التكنولوجيا ايضا احداث الحرب في اوكرانيا في مجال السايبر قبل غزو روسيا لاوكرانيا، في شباط في السنة الماضية، ازدادت التقارير والتقديرات في الغرب عن قدرة هجومية مدهشة في مجال السايبر التي كما يبدو تمتلكها روسيا. في نهاية المطاف مثل استخدام وحدات الكوماندو واطلاق افواج الدبابات، فان أداء روسيا في الحرب خيب الآمال ايضا عندما كان الحديث يدور عن تشغيل طابعة.
الروس في الحقيقة، كما يتبين، طبقوا برنامج تشغيل "زر احمر"، وهو منظومة هجومية سرية يتم ادخالها إلى منظومة حواسيب العدو، وتستخدم في اليوم المحدد من اجل تشويش نشاطاته بالكامل. هجوم السايير تم اعداده خلال بضعة أشهر على الاقل، لكن رغم شل البنى التحتية للانترنت في اوكرانيا، إلا أن كييف نهضت بسرعة. احد اسباب ذلك يكمن في المساعدة التي قدمها الملياردير ايالون ماسك، الذي وضع تحت تصرف اوكرانيا "ستار - لينك"، وهو اسطول اقمار صناعية يوجد على ارتفاع منخفض. ماسك اعاد شبكة الانترنت في اوكرانيا وانضمت اليه بعد ذلك شركات رقمية عملاقة غربية أخرى.
الباحث الاسرائيلي البروفيسور ديما ادمسكي من جامعة رايخمان نشر في هذا الاسبوع مقال في مجلة "فورن افيرز"، طرح فيه مرة اخرى السيناريو الذي طرحه قبل سنة في بداية الحرب حول امكانية استخدام السلاح النووي. وقد كتب فيه بأن روسيا ما زالت تمتلك الترسانة النووية الاكبر في العالم. قيادتها النووية في افضل حالة من الصيانة، مقارنة مع قوات الامن الروسية، ولديها آلاف الصواريخ النووية القادرة على تدمير المدن، الى جانب الآلاف من قطع السلاح النووي التكتيكي المخصص للاستخدام في ساحة العركة.
--------------------------------------------
هآرتس 28/5/2023
اصدروا أمر اغلاق الدولة
بقلم: اوري مسغاف
دولة اسرائيل تتعرض لتهديد وجودي فحكومة الحريديين - الحريديين القوميين - البيبيين اصدرت للدولة أمر اغلاق لسنتين. ذات يوم ستكون غير قادرة على السداد. في هذه الاثناء فان انكماش كبير يقف على الباب. اسألوا كل صاحب مصلحة تجارية تعرفونه. لا توجد اموال لا توجد اعتمادات، التضخم يرتفع، الفائدة على قروض العقارات والقروض وقروض الاستئجار تحطم رقما قياسيا. وسعر الدولار واليورو يرتفع بشكل كبير. الامر يستغرق وقت كثير لدى الاسرائيليين من اجل استيعابه بعد قليل سيصرخون بصوت مرتفع، بما في ذلك مصوتي بنيامين نتنياهو، عندها سنرى اذا كانت الغطرسة واللقاءات المقيتة مع نوعا كيرن والكالمات الهاتفية لكابتن بيتار القدس ستساعدهم.
كان يمكن التوقع بأن القنوات الاخبارية ستعلن عن حالة طواريء، واستوديوهات مفتوحة ومحللون خبراء، سيشرحون للمواطنين ما الذي حدث. اشارة هذه ليست امطار لا توجد "قبة حديدية" تحمي جيوبهم وبطونهم. أي عملية قسرية من الجو ضد منظمة صغيرة في قطاع غزة توقف دولة كاملة على ارجلها هنا، مع سلسلة لانهائية من الجنرالات المضخمين والعجبين، ولكن عندما يقوم نتنياهو ومحيطه بتفكيك حاضرنا ومستقبلنا فانهم يتعاملون هنا مع غاليت غوتمان. في الحقيقة من غير اللطيف التحدث هنا عن الحريديين. فهم يتطوعون في جمعية "زاكا"، وبعضهم حتى يعملون ويقفون عندما تنطلق الصافرة بالمناسبة، انا شخصيا ضد التظاهر في بني براك.
أنا اعتقد أنه لا توجد أي جدوى من التظاهر ضد جمهور أو جماعة سكانية. هذا أمر اجمالي وغير نزيه ولا يفيد بشيء. الاكثر اهمية هو أن نتنياهو، المحرض الوطني، يعيش من هذا التحريض والتقسيم. هو يحتفل بذلك ويزدهر بفضل ذلك حتى منذ تسعينيات القرن الماضي.
في اليوم التالي لتمرير الميزانية الكارثية، ثمل بالنصر أو أخذ وجبة غير صحيحة من مسكنات الوعي، اعلن نتنياهو "بالتأكيد الانقلاب النظامي سيعود". بني غانتس رد عليه وقال: "نحن سنهز الدولة". فقط لا يوجد أي سبب للانتظار. وفي كل الاحوال فان ما تفعله هذه الحكومة للاسرائيليين الذين يخدمون وينتجون ليس اسوأ أو أقل خطرا من تشكيل لجنة تعيين القضاة أو من فقرة الاستقواء. أنا لا أعرف ما هو الطلوب من اجل تبديد الالهام الذي يوجد في بيت الرئيس، الذي هدف منذ البداية الى تخدير الاحتجاج والامريكيين (النقاش) الى حين توقف شجرة الصنوبر عن الاشتعال، والزوجين في قيصاريا يحصلان على البطاقة الموعودة لواشنطن بالمناسبة في حديثه عن نهائي بيتار صمم اسحق هرتسوغ على مواصلة اعطاء الكأس والميداليات حتى عندما امتلأ الاستاد بآلاف المشاغبين، وفقط الحراس "الشرطة والشباك" قاموا باخلاء هذه الفوضى منه. هل هناك استعارة افضل من ذلك لمتنازل مناوب وعجزه عن فهم الواقع واخطاره.
ماذا يجب أن يفعلوا الآن؟ أولا، رغم أنه من الصعب التنفس إلا أنه يجب علينا التنفس. هذا معركة طويلة. المعارضة البرلمانية عملت بشكل جيد وفعلت كل ما في استطاعتها هم ليسوا سحرة، وميزان القوى في الكنيست بفضل میراف ميخائيلي، هو 56 - 62 . هذا لن يتغير في القريب لأن اعضاء الائتلاف يدركون جيدا ما الذي ينتظرهم في اللحظة التي ستقف فيها هذه الحكومة ومجرميها أمام امتحان الجمهور. الاحتجاج يجب أن يستمر، فقط هو. والاهتمام الدولي به هو الذي يمكن أن ينقذ اسرائيل. توجد له حياة خاصة وطابع حديدي ولا أحد سيقوم بحكمه.
مؤخرا انتبهت لقصة جديدة وشعبية في صفحات "هآرتس"، اعطاء مواعظ اخلاقية للائتلاف ولاعضائه، بالاساس من قبل بيبيين يجلسون في القناة 14، أو مؤيدي حداش الذين فعلوا كل ما في استطاعتهم لاسقاط حكومة التغيير لأن منصور عباس كان بالنسبة لهم اسوأ من ايتمار بن غفير. أيها الاصدقاء وفروا علينا هذه النصائح ودموع التماسيح، أو تظاهروا بأنفسكم من اجل ما يظهر لكم اكثر اهمية.
في هذه الاثناء كان يمكن ايجاد العزاء للمفيد في الشهادة الغضة لارنون ملتشن، وفى ارسال سارة للاشراف عن كثب على شاهد النيابة من جهة اخرى، في اليوم الذي بدأت فيه شهادة آري هارو حصلنا على هجوم في غزة. ما هي تعرفة ملتشن؟ هل هي حرب مع ایران؟
--------------------------------------------
موقع "القناة 7" 28/5/2023
معضلة غزة: حلول اليمين واليسار عفا عليها الزمن!
بقلم: غلعاد كاتس
القنصل الإسرائيلي العام في جنوب غربي الولايات المتحدة، ومستشار سابق لرئيس الحكومة.
مرة أُخرى، أظهرت حملة "درع ورمح"، التي انتهت في بداية الأسبوع، "معضلة قطاع غزة". فمع كل حملة عسكرية جديدة تزداد الأصوات من اليمين واليسار، والتي تقول، إن الوقت حان لتغيير الواقع غير المحتمل حيال قطاع غزة، مرة واحدة، وإلى الأبد، أي واقع التهديد الدائم للبلدات القريبة من القطاع، وحتى تلك البعيدة أكثر عنه.
تعاظُم قوة "التنظيمات الإرهابية" في القطاع، وعلى رأسها تعاظُم قوة "حماس"، تدفع جهات كبيرة وذات نيات "حسنة"، إلى المطالبة بحلّ فوري هنا.
خبراء وضباط كبار في جيش الاحتياط، والكثير من الأطراف، يطرحون أفكاراً ومقترحات مفصلة، هدفها الإجابة عن سؤال، ماذا يجب أن تفعل إسرائيل من أجل تغيير الواقع الحالي؟ نبدأ بالموقفيْن "الأكثر شيوعاً" المطروحيْن منذ أعوام.
اليساريون يدّعون أن الحلّ الوحيد لهذا الواقع هو حلّ سياسي. وبحسبهم، حان وقت الحوار مع "حماس" والتوصل إلى تفاهمات واتفاقات. ومن دون حوار سياسي، بحسب ما يدّعيه اليسار، سنحكم على أنفسنا بالحياة بين جولات لا تنتهي من "الإرهاب" والرد وإعادة الكرّة.
مقابل موقف اليسار، تقف جهات في اليمين العميق، وتدّعي أنه بعد اتفاق "أوسلو" و"فك الارتباط"، الحلّ الوحيد الذي سيغيّر الواقع السيئ الذي نعيشه منذ أكثر من 20 عاماً هو الحلّ العسكري، ويدور الحديث عن حملة عسكرية واسعة نبادر إليها. وبحسبهم، فإنه من المحظور الحوار مع "الإرهابيين"، لأن اللغة الوحيدة التي يفهمونها هي لغة القوة. احتلال القطاع هو إمكانية واقعية بالنسبة إليهم، وذلك لأن احتلال القطاع سيؤدي إلى وأد "الإرهاب" الغزّي وتغيير قواعد اللعبة.
التوجهان معروفان ومُستنفدان ومرّ عليهما الزمن. ويبدو أن مَن يقترحهما أيضاً يعلم بأنهما غير قابليْن للتطبيق، ولن يؤديا إلى الحلّ المرغوب فيه. توجُّه اليسار القائل إن كل صراع ديني/ قومي/ جغرافي يمكن حلّه بالحوار بين الأطراف، هو توجُّه ساذج، مراهق، وخطِر. كرقصة التانغو؛ للتوصل إلى تفاهمات واتفاقات، يجب أن يكون هناك طرفان. يمكن الحديث بصوت مرتفع لمصلحة الحوار، ويمكن طرح ترتيبات مفصلة بشأن المواعيد الزمنية وعرض الشروح التفصيلية؛ لكن، في نهاية المطاف، الطرف الآخر لا يعترف بنا، ولا يعترف بحقنا في الوجود؛ لذلك، لا يوجد فعلاً مَن يمكن الحوار معه.
هذه هي الحال إزاء "حماس" وبقية التنظيمات "الإرهابية". مَن يعتقد أن "حماس" منفتحة على الحوار لا يعرف ماذا يقول، ولا يعرف ما المقصود.
لقد أثبت اتفاق "أوسلو" أن الحديث بصوت مرتفع عن نهاية الصراع تم تفسيره لدى الفلسطينيين الأكثر اعتدالاً من "حماس" بأنه تحسين لموقفهم قبل المرحلة المقبلة. حتى اليوم، لا تزال السلطة الفلسطينية، ومن المؤكد التنظيمات "الإرهابية"، ترفض الاعتراف بحق دولة إسرائيل في الوجود كدولة للشعب اليهودي. مَن لا يعترف بهذه الحقيقة الأساسية يكشف عن هدفه الضمني، وهو طردنا من هنا بأي طريقة ممكنة. لذلك، فإن الخلاصة واضحة؛ إمكانية الحوار مع "حماس" تشبه إمكانية الحوار مع أفعى.
الحلّ الذي يطرحه ما أسمّيه "اليمين العميق" غير واقعي أيضاً. أسلوب توجيه ضربة وانتهينا غير موجود فعلاً. صحيح أننا دائماً نستطيع إرسال ألوية دبابات وأسراب من الطائرات الحربية لتنظيف الميدان، ولكننا جميعاً نعلم بأن هذا لن يحدث. لماذا؟ بسبب الكثير من الأسباب القيمية - الأخلاقية، والقانونية، والسياسية، والأمنية. وذلك لأن استخدام قوتنا كلها غير مطروح، وبالتالي بقينا مع أدوات عادية نستخدمها في كل حملة وجولة. احتلال القطاع أيضاً ليس واقعياً.
الأغلبية الساحقة في المجتمع الإسرائيلي، أكثر من 85%، غير مستعدة للسماع عن احتمال احتلال القطاع. المجتمع الإسرائيلي في جيله الحالي، انفصل عن قطاع غزة، مادياً ونفسياً. يمكن أن نحبه، وأن نكرهه أيضاً، لكن شيئاً لن يغيّر هذا الواقع.
تقنياً، احتلال القطاع ممكن. يستطيع الجيش ومنظومة الأمن القيام بذلك خلال أقل من 24 ساعة، ولكن سيرافق هذه الخطوة سؤالان. السؤال الأول هو بالطبع عن الثمن، والثاني الذي لا يقل أهمية، هو ماذا سيحدث بعد احتلال القطاع؟ هل نملك خطة منظمة لإدارة القطاع، وهل نستطيع القيام بذلك؟ المجتمع الإسرائيلي يعارض ذلك. ولذلك، فإن الحديث عن حلّ "ضربة وانتهينا" غير قابل للتطبيق، وعملياً، غير مطروح أصلاً.
إذا كانت الأمور على هذه الحال، فماذا تبقى لنا لنفعله؟ الكثير، حتى أنه يمكن القول الكثير جداً. لكن، وقبل القيام بأيّ شيء مهم، يجب فهم الاستراتيجيا التي علينا تبنّيها. فكما هي الحال مع الأمراض المستعصية التي لا يملك الطب حلاً كاملاً لها، ما يقوم به الأطباء هو تحسين لحالة المريض، ووضعه في حالة استقرار تسمح له بالعيش حياة طبيعية بقدر الإمكان.
وكذلك هو الأمر بشأن "معضلة قطاع غزة". الهدف الواقعي لا يمكن أن يكون اقتراح حلول لا يمكن تطبيقها وغير موجودة الآن، إنما تبنّي سياسات تسمح لدولة إسرائيل بالاستمرار في مسار حياتها، ونموها، وتعزيز قوتها وتقدُّمها. كيف يمكن القيام بذلك؟ عبر اتخاذ سلسلة قرارات، الهدف منها خلق حالة ردع فعالة. الاغتيالات هي مثال ممتاز لذلك. جميع قيادات وزعماء التنظيمات "الإرهابية" في غزة يتخوفون من أن تقوم إسرائيل باغتيالهم.
لذلك، بالنسبة إلينا، يجب أن تبقى هذه الأداة على الطاولة طوال الوقت، وفي مواجهة جميع الجهات. هذا بالإضافة إلى أنه يجب تشجيع العمل بحكمة، كي ندفع سكان غزة إلى التمرد على "حماس". هذا لن يحدث غداً، ولا بعد غد أيضاً، ولكن سياسة "فرّق تسُد" ضرورية وجيدة لنا، وأيضاً لسكان غزة الذين لا علاقة لهم بـ"الإرهاب". ومن أدوات الضغط الإضافية، هناك بالطبع استغلال جيد لمعابر الدخول إلى القطاع. هذا بالإضافة إلى سياسة إدخال المواد إلى القطاع. ممنوع أن يشعر الطرف الآخر بأن هذا الموضوع لا يمكن أن يتغير. علينا أن نشرح لهم بوضوح، وعلى عكس الماضي، أننا لن نسمح لهم بالعمل ضدنا ونتصرف كأن شيئاً لم يكن.
واقعنا يشبه وعاءً ممتلئاً بالماء الذي يغلي فوق النار، وهدفنا هو منع الماء من الخروج خارج الوعاء. أحياناً، يجب التقليل من حدّة النار، وأحياناً يجب التنفيس، ولكن يجب التأكد دائماً أن الماء لا تخرج من الوعاء. هكذا هو "الإرهاب" في غزة. هل هذا مثالي؟ طبعاً لا. هل هذه السياسة واقعية، طبعاً نعم. وأكثر من ذلك، هذه سياسة جيدة، وهي الأكثر نجاعةً وأمناً من بين ترسانة الخيارات الموجودة لدينا. يمكن أن تؤدي تغييرات كهذه أو غيرها إلى حرب أهلية بين السلطة الفلسطينية و"حماس" مثلاً، وتتغير الأمور. وما دام الواقع مستمراً على ما هو عليه، فإن مصلحتنا هي إدارة الأزمة بمسؤولية وأمان، وبصورة جيدة، وهذا ما قامت به بالضبط حملة "درع ورمح".
--------------------------------------------
القناة 12 – 28/5/2023
شرق أوسط جديد..
دفء في العلاقات بين دول المنطقة وتهديدات “لإسرائيل”
بقلم: آساف روزننتسفغ – سابير ليبكين
تعمل الولايات المتحدة على إنجاز اتفاق تطبيع بين “إسرائيل” والمملكة العربية السعودية، هذا ما صرح به “جيك سوليفان”، مستشار الأمن القومي لإدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن”، قبل أن يقلع لزيارة المملكة بقليل، وهذا البيان تنبأ بتطور آخر مهم، فقد تم الكشف هذا الأسبوع في النشرات الإخبارية الرئيسة عن مطالب السعودية وشروط بايدن “لإسرائيل” مقابل إحراز تقدم في المفاوضات، في إشارة واضحة إلى أن المحادثات تمضي قدماً.
وتضاف حقيقة وتوقيت المناقشة علناً حول إمكانية مثل هذا الاتفاق إلى سلسلة من الرسائل من رئيس وزراء العدو “بنيامين نتنياهو”، الذي أكد مراراً وتكراراً أن العلاقات الدبلوماسية العلنية مع المملكة العربية السعودية هي هدف رئيس، لكن في الوقت نفسه، أعلنت المملكة العربية السعودية رسمياً تجديد العلاقات مع إيران، في الوقت الذي كان فيه القصر السعودي يجري محادثات مع “إسرائيل” في الآونة الأخيرة تحت ضغط أمريكي.
في هذه المرحلة يبدو أن طريق التطبيع معقد وينطوي على تنازلات في القضية الفلسطينية وهي خطوات تثير اهتمام السعوديين.
الاتفاق الدراماتيكي بين إيران والسعودية هو جزء واحد من سلسلة التحركات السياسية الواسعة التي حدثت بين دول الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، من عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وتجديد علاقاتها مع العديد من دول المنطقة إلى تخلص قطر من المقاطعة الخليجية الواسعة، هذا هو تسلسل الأحداث الدراماتيكية التي تجري جميعها بالقرب من كيان العدو.
يعيدون العلاقات..
أعلنت إيران والسعودية قبل أكثر من شهرين عن اتفاق شبه تاريخي لإعادة العلاقات بينهما، في 11 آذار / مارس و بعد ماراثون من المناقشات السياسية والأمنية المكثفة، وافقت الدول التي كانت في حالة قطيعة طويلة الأمد منذ عام 2016 على تجديد علاقاتها من خلال وساطة الصين – على الرغم من الاتصالات المطولة بين البلدين أيضًا من خلال وساطة العراق وسلطنة عمان.
إن تجديد العلاقات بين طهران والرياض بعيد كل البعد عن إنهاء العداء والتوتر بينهما، من ناحية أخرى، تؤكد الاتفاقية بشكل أكبر على الموقف السائد لدى دول الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة، التي تفضل أكثر التحركات السياسية، على حساب التصعيد العسكري.
قُطعت العلاقات بين إيران والسعودية منذ سبع سنوات، بعد سلسلة أعمال شغب واسعة النطاق في القنصلية السعودية في مدينة مشهد بإيران، الحدث الرئيس الذي أدى إلى أعمال الشغب كان إعدام رجل الدين الشيعي نمر النمر، حدث كبير آخر زاد من العداوة بين البلدين وهو مقتل مئات الإيرانيين الذين كانوا يؤدون فريضة الحج في مكة وسحقوا حتى الموت في كارثة التدافع الكبرى في سبتمبر 2015.
يشير الدكتور “راز تسميت”، من معهد دراسات الأمن القومي (INSS) ومركز “اليانس” للدراسات الإيرانية في جامعة تل أبيب، إلى عملية تحسن العلاقات بين إيران والعالم العربي ويقول إن العملية نتجت عن تلاقي مصالح كلا الجانبين، إذ إن إيران مهتمة بالتخفيف قدر الإمكان من التوترات في المنطقة، لا سيما في ضوء ما تعتبره جهودًا متزايدة من جانب “إسرائيل” والولايات المتحدة لمواصلة ممارسة الضغوط عليها وخصوصاً “إسرائيل”.
يوضح الدكتور “تسميت” أن هناك نية واضحة تتجلى بشكل خاص لدى الحكومة الحالية في إيران، لمحاولة تحسين العلاقات مع العالم العربي ككل، وكذلك لتأخير العمليات التي تعتبرها إشكالية، مثل “الوجود الإسرائيلي” المتزايد في المنطقة ولكن أيضًا لأسباب اقتصادية، ففي النهاية -بحسب قوله- لدى إيران مصلحة طويلة الأمد في محاولة إيجاد أسواق أقل تعرضًا لتأثير العقوبات الأمريكية، وأي تحسن من هذا القبيل في العلاقات مع العالم العربي يوفر فرصة أخرى لتوسيع علاقاتها الاقتصادية في المنطقة.
ويشير الدكتور “يوئيل غوزانسكي”، كبير الباحثين ورئيس الساحة الإقليمية في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) إلى جميع الاتفاقيات والتطورات السياسية في المنطقة في الآونة الأخيرة على أنها سلسلة من الأحداث ذات القاسم المشترك المركزي، وحسب قوله الحديث هنا يدور عن وقف التوترات على المستوى الإقليمي، ويرى أن الأمور أكثر تطوراً وتعقيداً مما أقنعت به “إسرائيل” نفسها، يقول: “كل الأوراق تختلط، والدول تقوم بالتحوط الاستراتيجي على أساس القيم الدبلوماسية والاقتصادية وليس العسكرية، وهناك إرهاق كبير بعد عقد من الاضطرابات العسكرية والربيع العربي والحروب، وهذا يقود البلدان إلى تحسين تكتيكي للعلاقات”.
يقدم الدكتور “غوزانسكي” أربعة أسباب رئيسة لتحسين العلاقات:
1- تراجع النفوذ الأمريكي في المنطقة، قلة الاهتمام بالمشاكل الأمنية لحلفاء واشنطن التقليديين، ومحاولتهم خاصة السعودية ودول الخليج تحسين أوضاعهم بأنفسهم، حيث أدى تآكل النفوذ الأمريكي في المنطقة إلى دخول لاعبين مثل روسيا والصين، على سبيل المثال، كانت الصين الوسيط في الاتفاقية مع إيران، وتوسطت روسيا مع سوريا، وهذا تراجع بالتأكيد في الموقف الأمريكي.
2- رغبة الدول في توجيه اهتمامها إلى القضايا الداخلية، إذ إن الدول العربية تريد تهدئة الصراعات في المنطقة للتفرغ والتعامل مع المشاكل الداخلية، وخاصة الاقتصادية، وينعكس هذا على سبيل المثال في البلدان الفقيرة مثل تركيا، وبالعكس في دول الخليج المزدهرة التي تريد التركيز على الأحداث ومشاريع جنون العظمة.
3- تعزيز قوة إيران، إيران -وفق قوله- هي بالفعل دولة عتبة نووية، وهذا يعطيها نفوذاً كبيراً، وتدرك دول الخليج أنها غير قادرة على التعامل معها وتريد الاقتراب منها على أساس “أبق عدوك قريبًا”، التقديرات لدى دول الخليج هو أنه من المتوقع في نهاية المطاف صراع عسكري بين إيران و”إسرائيل”، يريدون الاقتراب منها والتصالح معها، حتى لا تشك فيهم على أنهم جزء من محور إقليمي ضدها في حال وقوع هجوم “إسرائيلي” على المنشآت النووية.
4- الوضع الداخلي في “إسرائيل”: الضعف الذي يظهر في “إسرائيل” يجعلها أكثر عرضة للخطر، يمكن للدول التي ترغب في مهاجمة الكيان أن ترى في ذلك فرصة جيدة لذلك، ومن ناحية أخرى، قد تصبح الدول صديقة “إسرائيل” في المنطقة أقل احتياجًا إلى القرب منها، وهذا يمكن أن يضر بعمليات التطبيع.
ويقدر الدكتور “تسيمت” أن اتفاق تجديد العلاقات بين إيران والسعودية لا يشير إلى تطبيع كامل بين البلدين، وبحسبه فإن الحل الأساسي لجميع الخلافات بينهما غير متوقع، وفي الوقت نفسه، يقول أن هذا الأمر يمكن أن يعزز بالتأكيد عمليات تخفيف التوترات، بما في ذلك الحرب في اليمن، حيث بذلت جهود حقيقية في الأسابيع الأخيرة لوضع حد لها بعد ثماني سنوات دامية.
يوضح الدكتور “جوزانسكي” أن الرغبة السعودية هي ضمان علاقات طبيعية مع جميع الأطراف واللاعبين في المنطقة، وتعظيم مصالح المملكة، إذ إن محمد بن سلمان قريبًا سيصبح ملكا على السعودية ويريد الهدوء من أجل الازدهار الاقتصادي وجعلها أكبر دولة واقتصاد في الشرق الأوسط، لهذا السبب، ينظم العلاقات مع كل من إيران وسوريا، وقطر، وربما أيضًا مع حماس وحزب الله.
الآثار المترتبة على “إسرائيل”..
يقول الدكتور “غوزانسكي” إن التقارب بين الدول العربية وإيران بالتأكيد ليس جيدًا “لإسرائيل”، فقد سوقت “إسرائيل” نفسها للعالم بأنها مع العرب ضد إيران وهنا يقترب العرب من إيران، كانت الرواية “الإسرائيلية” أنه لا يوجد توافق في المصالح فحسب، بل إن “إسرائيل” والعرب يستخدمون نفس الوسائل ويحاولون إيقافها في الطريق إلى السلاح النووي.
إلى جانب السلبيات بالنسبة “لإسرائيل” في سلسلة الاتفاقات السياسية الأخيرة في المنطقة، يجد الدكتور غوزانسكي أيضًا بعض المزايا، ويوضح أن معنى الاتفاقيات هو المزيد من الاستقرار في المنطقة بأكملها – وهو أمر قد يخدم بالتأكيد المصالح “الإسرائيلية” أيضًا، على الرغم من أن “إسرائيل” بعيدة عن اتفاق التطبيع مع السعودية، إلا أنه لا يزال بينهما مصالح مشتركة وتحافظ على التعاون المشترك معها في عدة مجالات.
يقول الدكتور تسيمت إن هناك بالتأكيد محاولة في إيران لتقديم الاتفاق مع السعودية على أنه إنجاز سياسي مهم، ويضيف أن ردود الفعل العدائية من جانب “إسرائيل”، خاصة على خلفية الأزمة السياسية في الكيان والتصريحات المختلفة من تل أبيب حول إمكانية التطبيع مع السعودية تعتبر إضافة إلى الشعور الإيراني بالإنجاز، لكنه يقدر أن إيران تتفهم أنه إذا كانت السعودية مهتمة بالتطبيع مع “إسرائيل” في المستقبل فلن يكون للاتفاق بينها وبين الرياض أي تأثير على ذلك، كما أنه لا علاقة بين اتفاقيات أبراهام وعلاقات طهران بالإمارات.
المسرح..
على الرغم من الأهمية الكبيرة للاتفاق بين إيران والسعودية، فمن الواضح أن الحدث السياسي الأكثر دراماتيكية في الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة هو عودة سوريا إلى مركز المسرح الإقليمي.
بعد أكثر من 12 عاماً مرت على بداية الحرب التي مزقت سوريا، يبدو في العامين الماضيين أن بشار الأسد، الذي كان حتى وقت قريب غير مرحب به في أي مكانة إقليمية، قد نجح في أن يعود قائدًا شرعيًا، سوريا تغير قواعد اللعبة وتعيد تدريجيًا العلاقات مع العالم العربي بعد سنوات من القطيعة.
على الرغم من التطور الإيجابي في العلاقات الخارجية السورية، والتي عادت مؤخرًا إلى جامعة الدول العربية، يبدو أنها تجري في عالمين متوازيين – في ظل الفجوة الكبيرة بين الوضع الداخلي في البلاد ونهضتها الدبلوماسية، تواجه سوريا وضعا اقتصاديا صعبا لا يطاق بينما هي مدمرة ومقسمة، يعيش أكثر من 90٪ من سكانها تحت خط الفقر وتعيش فس ظلام دامس، وذلك بسبب حقيقة أن السكان يضطرون للاكتفاء بأربع ساعات من الكهرباء وبنية تحتية مدمرة.
بوادر إعادة العلاقات مع سوريا..
الإمارات العربية المتحدة التي كانت أول من كسر مؤخراً الجليد مع “إسرائيل”، كانت أول من فهم حتى في وقت مبكر من 2018 – أن الأسد سيبقى، وكانت الرائدة في تطبيع العلاقات مع سوريا.
وقرر الشيخ محمد بن زايد إعادة فتح السفارة في دمشق، وقدم مساعدة اقتصادية للنظام تم التعجيل فيها في ظل وباء كورونا.
ومع ذلك، حتى بعد أن قرروا في أبو ظبي السير عكس التيار وإحداث التغيير، استمر الجمود في الدول العربية الأخرى، ولم يتمكنوا من فصل أنفسهم عن صورة الأسد المنبوذ في الشرق الأوسط، واستمروا في استبعاده، حتى نهاية عام 2021 تغيرت قواعد اللعبة.
تشير الدكتورة “كارميت فالينسي”، كبيرة الباحثين ورئيسة الساحة الشمالية في معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، إلى سبب هذا الانقلاب أو التحول، وتقول إنه بالإضافة إلى الفهم الأساسي بأن الأسد انتصر في الحرب وأنه يجب أن يتم إعادة العلاقات معه كان هناك أيضًا اعتبار اقتصادي.
لقد كانت هناك محاولة أردنية ومصرية لنقل أنبوب غاز من مصر عبر الأردن، إلى سوريا ولبنان للمساعدة في أزمة الغاز ونقص الطاقة الذي يعاني منه لبنان، وعلى طول الطريق يحصل الأسد أيضًا على حصة من أجل تحسين حالة البنية التحتية للغاز في سوريا.
في نهاية عام 2021، قرر الأردن إعادة العلاقات التي كانت سائدة في الماضي مع سوريا إلى طبيعتها، ولأول مرة منذ اندلاع الصراع في سوريا، أجرى الملك عبد الله الثاني ملك الأردن محادثة هاتفية مع الأسد بعد قطيعة استمرت عقدًا من الزمن، وهي محادثة أعرب فيها عن دعمه لـ “الحفاظ على السيادة” سوريا.
قبل أيام فقط من المحادثة النادرة أعاد الأردن فتح معبره الحدودي الرئيس مع سوريا أمام حركة الأفراد والبضائع، بعد إغلاقه بسبب تجدد القتال في جنوب سوريا بين الثوار وقوات النظام، قبل أسابيع قليلة أعلن نظام الأسد عن اتفاق مع الحكومة اللبنانية لنقل الغاز والكهرباء من مصر والأردن إليها عبر سوريا من أجل دعم البلد الذي يمر بأزمة طاقة خطيرة للغاية، في الوقت نفسه نشأ اتجاه للتقارب الاقتصادي بين الدول، والذي شمل قرارا من وزارة النقل الأردنية باستئناف الرحلات الجوية بين مطار دمشق الدولي والمطار في الأردن.
الرئيس السوري عرف كيفية الاستفادة من أخطر الأزمات لصالحه.
الزلزال العنيف الذي ضرب سوريا في شباط/فبراير وأدى إلى دمار حقيقي في المناطق التي عرفت أهوال الحرب، خلق في الواقع تعاطفًا إقليميًا كبيرًا تجاهه وتجاه شعبه، الصور الصعبة للآثار التي خرجت من شمال غرب سوريا والأشخاص الذين ظلوا محاصرين بدون مأوى، دفعت دول الشرق الأوسط إلى إرسال مساعدات إنسانية واحدة تلو الأخرى.
على سبيل المثال، أدى الزلزال إلى تعليق مؤقت للعقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على النظام، وبالتالي أصبح تدفق المساعدات إلى البلاد ممكنًا، حيث أزال الأمريكيون الصعوبات مؤقتًا، مما أعطى دول المنطقة شعورًا بأنه شيء يمكن تغييره، لقد أدركوا أنه بضغوط كافية سيكونون قادرين على إزالة هذه العقبة ونقل المساعدات الإنسانية إلى سوريا، دون التعرض للعقوبات من الولايات المتحدة”، بحسب ما أوضحت فالانسي.
بالإضافة إلى ذلك، استغل الحرس الثوري الإيراني أيضًا الزلزال الشديد، ووفقًا لتقارير مختلفة، قام بنقل كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر إلى سوريا تحت ستار شحنات المساعدات للضحايا، ويشير الدكتور “تسيمت” إلى أن إيران في وضع غير واضح فيما يتعلق بعملية التطبيع التي تعيشها سوريا مع دول المنطقة، من ناحية، تنظر إليها بدرجة من الرضا، لأنها اعتراف بالنظام الجديد في البلاد الذي كانت إيران مركزية في تشكيله”.
بينما استغل الأسد كارثة الزلزال لاحتياجاته الخاصة، صرح وزير الخارجية السعودي أن المملكة مستعدة لإذابة الجليد في العلاقات مع الأسد وإعادته إلى الحضن العربي، وهو تصريح أصبح فيما بعد أولى بوادر تجديد العلاقات بين البلدين، وهي عملية تأتي بعد أكثر من عقد منذ إغلاق السعودية سفارتها في دمشق وطرد السفير السوري، في نهاية الأسبوع الماضي قام الأسد، ولأول مرة منذ قطع العلاقات بزيارة تاريخية إلى جدة بمناسبة مشاركته في قمة الجامعة العربية.
وتجددت العلاقات الاقتصادية بين البلدين في كانون الثاني مع استئناف دخول البضائع السعودية إلى سوريا، وصل وزير الخارجية السوري فيصل المقداد في نيسان الماضي إلى جدة، ليصبح بذلك أول مسؤول من النظام يزور المملكة بعد أكثر من عقد، لكن هذه الزيارة جلبت معها حقبة جديدة في العلاقات بينهما، وفي إطار عملية التطبيع تقرر تجديد الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بينهما والتعاون في مكافحة تهريب المخدرات.
الأسباب الرئيسة للتطبيع مع السعودية هي:
1- فهم إقليمي أنه لا بديل للأسد الذي تمكن من الحفاظ على كرسي الحكم.
2- تآكل الدور الأمريكي في المنطقة، تجد دول المنطقة بالفعل صعوبة في الوثوق بالولايات المتحدة الأمريكية، وهي تدرك أنه ليس لديها نية لممارسة نفوذها في الشرق الأوسط أو مصلحة في القيام بذلك، وبالتالي يجب عليها التعامل مع التحديات والمشاكل بنفسها.
3– التهديد المشترك الذي تشكله إيران، هناك تصور إقليمي مشترك بأن إيران تشكل تهديدا وأن هناك توترات متبادلة، والدول العربية تطبع العلاقات معها.
يقول فالينسي: “الأساس في الرغبة العربية خلف هذه الصفقة العربية مع الأسد هو أن تؤدي على المدى الطويل إلى تقليل اعتماد الأسد على إيران، وشيئًا فشيئًا إلى إخراجها من سوريا، وأضاف: “إنهم ليسوا سذج ولكن مقابل ذلك سيكون للأسد مساحة أكبر للمناورة بين المزيد من اللاعبين ولن يكون معتمدا بشكل كامل على إيران وسيكون قادرا على التنقل بين الإمارات والسعودية وإيران.
وفي إطار الصفقة طالبت السعودية الأسد بتقليص وجود القوات الأجنبية، وكبح تهريب الكبتاغون، وحثته على تجديد الحوار مع المعارضة السورية تمهيدًا لاتفاق أوسع.
في قمة جامعة الدول العربية الأسبوع الماضي والتي شارك فيها الأسد في حدث تاريخي ودرامي، خرج أمير قطر تميم بن حمد من القاعة خلال خطاب الرئيس السوري.
خلال الأسابيع القليلة الماضية أفادت الأنباء أن القطريين على عكس معظم جيرانهم يعارضون تطبيع العلاقات مع الأسد وعودته إلى جامعة الدول العربية، ويشرح “إيلان زلايط”، الباحث في معهد دراسات الأمن القومي ومركز “دايان” في جامعة تل أبيب، أن قطر لا تملك الدافع الذي يدفع الدول المجاورة لسوريا إلى إنهاء القطيعة، وليس لديها تلك المصالح الاقتصادية الكبرى التي للسعودية والإمارات اللتين تغريهما الإمكانات الكبيرة لإعادة إعمار سوريا بعد الحرب.
مصر تنضم ..
على الرغم من أنهم في القاهرة ترددوا لفترة طويلة بشأن الاعتراف بالأسد، يبدو أنهم إلى حد ما يشاركون أيضًا الاتجاه الإقليمي، حتى لو كان بحذر شديد، في أبريل زار وزير الخارجية السوري القاهرة لأول مرة منذ بداية الربيع العربي، وخلال الزيارة اتفق البلدان على تعزيز التعاون بينهما، كما أن تونس تقترب من الأسد.
بعد بضعة أشهر من قيام التونسيين بتحويل الكثير من المساعدات إلى سوريا في أعقاب الزلزال، قرروا أيضًا اتخاذ المزيد من الخطوات العملية على الأرض، بعد أكثر من عقد على طرد السفير السوري من تونس في أعقاب الحرب الأهلية – أمر الرئيس التونسي قيس سعيد في أبريل / نيسان بتعيين سفير جديد في دمشق، بعده قررت سوريا إعادة فتح سفارتها في تونس من أجل إعادة العلاقات إلى مسارها الصحيح.
لا يزال الطريق إلى تسوية بين أنقرة ودمشق طويلاً:
في الأشهر الأخيرة، تم إجراء حوار دبلوماسي مبدئي بين سوريا وتركيا في محاولة لتعزيز التطبيع بين البلدين اللذين شهدا عداء تجاه بعضهما بعضا، ولكن حتى الآن يبدو أن الاتصالات من أجل ذلك تسير ببطء وأن هناك فجوات يصعب سدها.
يقول “فالنسي” هناك ضغط هائل جدًا من سوريا، ويقول الأتراك إنه اصبح ضغطا مؤلما تقريبًا عليهم للعودة إلى المفاوضات مع السوريين، الأسد يضع شرطًا مسبقًا للأتراك، الانسحاب من شمال سوريا، لكنهم لن يفعلوا ذلك حتى يتعهد الأسد بتفكيك الحكم الذاتي الكردي.
أصبحت العلاقات بين دمشق وأنقرة معقدة بعد التقدم العسكري التركي لشمال سوريا، في قتالها ضد القوات الكردية في المنطقة.
بوساطة من روسيا وإيران يجري الجاران محادثات مكثفة لإعادة العلاقات، وقد ظهرت إمكانية لقاء مباشر بين الأسد وأردوغان، حتى الآن، كانت هناك اجتماعات رباعية بين وزراء الدفاع ورؤساء المخابرات، بالإضافة إلى اجتماع آخر لوزراء خارجية الدول الأربعة.
قطر: من المقاطعة الخليجيية إلى لاعب إقليمي وعالمي..
دولة أخرى مهمة في الشرق الأوسط شهدت مؤخرًا ازدهارًا سياسيًا متجددًا هي قطر، التي استضافت منذ عدة أشهر بطولة كأس العالم لكرة القدم، لقد كان كأس العالم في التوقيت الذي أقيم فيه، بمثابة الختم النهائي تقريبًا للقطريين لعودتهم إلى المسرح الإقليمي والعالمي الكبير، الذين أصبحوا الآن ضمن قائمة واحدة مع الدول الأهم والأقوى.
قبل وقت ليس ببعيد، قبل بضع سنوات فقط، كان الوضع في الدوحة مختلفًا تمامًا، في عام 2017، فرضت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر مقاطعة على قطر، ويرجع ذلك بحسب قولهم إلى دعمها للإخوان المسلمين وعلاقاتها مع إيران، استمرت هذه المقاطعة أربع سنوات، وفي بداية عام 2021 أعلنت الدول إلغاء المقاطعة، ومنذ ذلك الحين جددوا العلاقات تدريجياً مع قطر، وفقط في الأشهر القليلة الماضية أفيد عن قرار الإمارات والبحرين بإعادة العلاقات مع قطر.
يرى “إيلان زلايط” أن ما فُرض على قطر في مايو 2017 كان أكثر من مقاطعة، ووصف ذلك بالحصار، حيث تم إغلاق الحدود البرية والجوية، وكان الدافع لذلك تعاون قطر مع إيران في مجالي الاقتصاد والطاقة، وتشجيع الإخوان المسلمين بشكل رئيس من خلال شبكة الجزيرة، الأمر الذي أغضب مصر والبحرين بشكل أساسي، اللتين عانتا من ذلك خلال أحداث الربيع العربي عام 2011.
وبحسبه، تغيرت الظروف منذ عام 2017 بسبب سلسلة من الخطوات، ولكن بشكل رئيسي بسبب الانسحاب المستمر للولايات المتحدة من المنطقة، ويقول إنه بين دول الخليج، تزايد الفهم أنه لم يعد هناك الغلاف الأمني الأمريكي الذي كان موجودًا في الماضي، ولا يمكنهم تحمل المواجهات على سبيل المثال مع إيران أو قطر، وبالتالي هناك هدوء الآن في الصراعات والحروب التي اندلعت منذ أحداث الربيع العربي.
لهذا السبب، أدركت دول الخليج ومصر أنه من الممكن النزول عن الشجرة فيما يتعلق بقطر، ومن جانبها صمدت واجتازت هذه المقاطعة بشكل جيد للغاية بعنادها وبمساعدة تركيا، والتعاون المشترك مع إيران.
على خلفية الحرب في أوكرانيا، كان هناك قفزة دراماتيكية في مكانة قطر في جميع أنحاء العالم وأمام الغرب، وهي قضية ساهمت على الأرجح في زيادة مكانتها وأهميتها في عيون دول الشرق الأوسط، حيث تعتبر قطر، على الرغم من كونها دولة صغيرة جغرافياً مصدراً مهماً للطاقة، وهي قضية أعطتها مكانة خاصة في أعقاب أزمة الطاقة الناتجة عن المقاطعات والعقوبات المفروضة على روسيا، في الواقع أصبحت مكانة قطر مميزة للغاية عندما منحها الرئيس الأمريكي بايدن مكانة حليف رئيسي من خارج الناتو، وحظي الأمير تميم بن حمد باستقبال الملوك خلال زيارته للبيت الأبيض.
الحرب في أوكرانيا هي دليل صارخ آخر على أن النظام الأمريكي لم يعد محصنًا، وعندما تنتهكه قوة مثل روسيا، يصعب على الغرب إنقاذ أوكرانيا، يوضح “زلايط”، ويقول: “من ناحية دول الخليج هذا دليل آخر على انتهاء عهد الهيمنة الأمريكية في المنطقة، وأنه يجب عليهم حل الأمور فيما بينهم، وما أبقى قطر مستمرة هو رغبة المملكة العربية السعودية في تعزيز مجلس التعاون الخليجي، والإبقاء على دول الخليج أعضاء فيه دون مساعدة الولايات المتحدة، كل دول المجلس تقف على الحياد في الصراع بين روسيا والغرب”.
ويرى بأن المملكة العربية السعودية هي التي قادت التحرك لإلغاء المقاطعة على قطر، لكن البحرين والإمارات بقيتا قلقتان لفترة متأخرة، ومؤخرا فقط، بعد تصالح الكل مع قطر، أعربوا عن استعدادهم لتجديد العلاقات معها، و-بحسب قوله- يبدو أن “قطر تخلت عن الإخوان المسلمين، وأصبح هناك اعتدال في خطاب الجزيرة ضد الأنظمة العربية، ومن الواضح أن هناك شيئًا يشبه الانفراجة هناك”.
يدعي “زلايط” أن الأسباب وراء إلغاء المقاطعة تنبع أساسًا من اعتبارات السياسة الواقعية: “حيث يفهم الطرفان أن هذه المقاطعة الآن تجلب ضررًا أكثر من نفعها، ولا يتعلق الأمر بتوأفق جوهري وأيديولوجي بين الأطراف.
تقوية محور المقاومة..
الصورة التي خرجت من لبنان في عيد الفصح أثبتت توحد محور المقاومة الفلسطيني ومحور إيران – حزب الله في تصعيد متعدد الساحات، لقد نشرت صورة الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وهو جالس إلى جانب كبار مسؤولي حماس، وعلى رأسهم رئيس المكتب السياسي إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري، المسؤول عن ملف حماس في الضفة الغربية والذي يعتبر مسؤولاً عن إطلاق الصواريخ من لبنان إلى “إسرائيل”.
ويبدو أن الهدف من الاجتماع المشترك، من بين أمور أخرى، هو إيصال رسالة، بموجبها أن الأطراف متعاونة وتنسق فيما بينها، تضاف هذه الأشياء إلى التقرير بعد أيام من عيد الفصح، حول توجيه صريح من إسماعيل قآني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري لتنفيذ عمليات إطلاق صواريخ باتجاه شمال البلاد خلال فترة الأعياد.
يقول الدكتور “ميخائيل ميلشطاين” رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في جامعة تل أبيب جامعة وباحث كبير في معهد السياسات والاستراتيجيات (IPS) في جامعة رايخمان، إن الإيرانيين يؤيدون حماس، لكن المسؤول الرئيس عما حصل هو حماس ولا يمكن “لإسرائيل” الهروب من ضرورة التعامل معها، كما يؤكد أن قيادة حماس لا تستطيع إطلاق الصواريخ بدون حزب الله .
دفء في العلاقات بين حماس والسعودية..
لأول مرة منذ 15 عاما حصلت زيارة دراماتيكية للمملكة الشهر الماضي، حيث قام وفد من حماس بقيادة هنية وزعيم التنظيم في الخارج خالد مشعل بزيارة المملكة العربية السعودية من أجل تحسين العلاقات التي تدهورت وتسببت في انقطاع طويل في العلاقات، فقبل الزيارة قرر البيت الملكي السعودي تقديم بادرة مصالحة لحماس وأفرج عن الدكتور محمد حسن عاشور، أحد كبار مسؤولي حماس الذي كان مسجونًا في السعودية منذ حوالي أربع سنوات إلى جانب معتقلين آخرين.
ويبدو تقريبًا أن هناك تحول في هذه العلاقات، فالسعوديون يفتحون الباب أمام حماس كجزء من رغبتهم في الاقتراب من الإيرانيين والتواصل مع حزب الله في عملية أبطأ أيضًا.
في النهاية يتعزز لدى السعوديين الفهم من خلال التواصل مع الإيرانيين وتجديد مصالحهم أنه يجب عليهم أيضًا جلب عناصر موالية لإيران مثل حماس التي لم تدخل المملكة العربية السعودية لسنوات عديدة في ظل الأزمة.
في نفس وقت زيارة وفد حماس، دعا البيت الملكي السعودي أيضًا رئيس السلطة الفلسطينية أبو مازن إلى مائدة الإفطار، واجتمع مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وحدهما، من الواضح أن هذه محاولة من السعوديين للتلميح لرام الله بأنهم لا يقودون تحولاً سياسياً لكنهم يسعون لتحقيق التوازن.
ويخلص الدكتور “ميلشطاين” إلى أن “حماس تشعر أنها في الجانب المنتصر من التاريخ، حقيقة أنها تتكئ على إيران، التي تظهر قوتها، بينما “إسرائيل” في ورطة”، والتفاؤل العام الذي تطور لدى حماس يتزايد في الآونة الأخيرة وجزء منه بسبب ضعف السلطة الفلسطينية، والضعف والأزمة الداخلية في “إسرائيل”.
---------------------------------------------
عن "مباط عال" 28/5/2023
مبدأ "التناسبية" في القتال: حرب غزة نموذجاً
بقلم: عنات شابيرا وعيديت شفران غيتلمان
باحثتان في مركز أبحاث الأمن القومي
يأمر القانون الدولي وقواعد أخلاق الحرب بالتفريق ما بين الأهداف المدنية والأهداف العسكرية، ويسمحون بالهجوم على أهداف عسكرية فقط. هذا المبدأ القانوني والأخلاقي يسمى "مبدأ التفريق"، ويشكل حجر أساس في قواعد أخلاق الحرب. وعلى الرغم من الانتقادات لهذا التفريق، فإن هناك اتفاقاً عاماً ينصّ على أن المدنيين غير المتورطين بقضايا الحرب يتمتعون بنوع من أنواع الحصانة، ويجب عدم توجيه الضربات إليهم. ولكن، على الرغم من حصانة غير المقاتلين، فإنه من المتعارف عليه تفسير قوانين الحرب بشكل يسمح بإلحاق الضرر غير المقصود بالمدنيين، أو بأهداف مدنية، نتيجة لضرب أهداف "شرعية"، ما دامت تحترم شروط التناسبية، التي تقضي بضرورة وجود توازُن ما بين الفائدة المتوقعة من تنفيذ العملية وبين الضرر المتوقع الذي سيلحق بالمدنيين خلالها، وفي حالات الضرورة، بحيث لا توجد طريقة أُخرى أقل ضرراً من أجل تحقيق الهدف.
العقيدة المركزية التي تعالج حالات تتعلق بعملية محددة تؤدي، بشكل لا يمكن تفاديه، إلى نتيجة غير مرغوب فيها، بالإضافة إلى النتيجة المرغوب فيها، تسمى "عقيدة النتيجة المضاعفة". وهذه العقيدة تميز بين نتيجة مقصودة ونتيجة متوقعة، لكنها غير مقصودة. وكيف يمكن فحص ما إذا كان الضرر المرافق للعملية يتماشى مع هذه الظروف، وهل الضربة فعلاً تتماشى مع مبدأ التناسبية؟ هذه الأسئلة المركّبة، لا نجد إجابة واحدة مقبولة لها. ومع غياب معادلة عامة لقياس "التناسبية"، يتم الوصول إلى هذه الإجابات، غالباً، بقياس مجمل التبريرات والاعتبارات المطروحة. ومع ذلك، وحتى من دون صيغة حساب شاملة، فإنه يمكن طرح عدة توضيحات بشأن مبدأ "التناسبية"، وطريقة تفسيره.
أولاً، بحسب "مبدأ التناسبية"، يجب أن يكون هناك توازُن بين الفائدة المتوقعة جرّاء تنفيذ العملية وبين الضرر المتوقع أن يلحق بالمدنيين. الأضرار الأُخرى التي يمكن أن تنتج عن العملية، وبصورة خاصة الأضرار التي ستلحق بمقاتلي العدو، لا تُحسب فقط مقارنةً بفائدتها، إنما تؤخذ أحياناً في إطار حسابات الفائدة من تنفيذ العملية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الضرر الذي سيلحق بالمدنيين يجب أن يكون "عرضياً"، بما معناه أنه حتى لو كان متوقعاً، يجب ألا يكون مقصوداً. الادّعاء المتعارف عليه هو أننا "لم نقصد" قتل الأطفال، إذا كنا نعلم بوجودهم في محيط الهدف الذي يُعتبر "شرعياً"، ومن الواضح أن الضربة ستؤدي إلى مقتلهم؟ لقد جرى اختبار هذا الادّعاء كثيراً. أحد الاختبارات المقبولة هو "اختبار الحاجة"، وبحسبه، يجب فحص ما إذا كان يمكن تنفيذ العملية من دون الوصول إلى النتيجة غير المتوقعة. وللتعامل مع حالتنا - هل كانت إسرائيل ستستهدف قيادات "الجهاد" إذا كانت تعلم بأن هناك مدنيين سيُقتلون خلال الضربة. إذا كان الجواب نعم، فإن الحديث يدور عن ضرر متوقع، لكنه غير مقصود. وفي المقابل، إذا كان المسؤول عن العملية امتنع من تنفيذها لأنها لن تؤدي إلى أضرار جانبية، فهذا يعني أن العملية كانت تستهدف النتيجة السيئة وتقصدها.
بُعد إضافي لطلب مبدأ "التناسبية"، وعلى عكس التفسيرات السائدة لهذا المبدأ في الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، هو حقيقة أنه يتطرق إلى المستقبل، وليس إلى الماضي. فبحسب قوانين الحرب كما جاءت في البروتوكول الإضافي لـ"وثيقة جنيف"، فإن أنواع الضربات التي يتم التعامل معها على أنها لا تفرّق، كالتالي: ضربات من المتوقع أن تؤدي إلى سقوط قتلى مدنيين عرضياً، وإصابة مدنيين، وأضرار تلحق بأهداف مدنية، أو مزيج من هذه الضربات، بشكل يكون مبالَغاً فيه نسبةً إلى الفائدة العسكرية الضرورية والمباشرة المتوقعة. وهو ما يعني أن الإجابة عن سؤال ما إذا كانت العملية المحددة تتماشى مع مبدأ التناسبية، لا يتعلق بالمقارنة ما بين الضرر الذي جرى سابقاً وبين الضرر المتوقع من العملية. المقارنة المقبولة هي بين الوضع القائم من دون تنفيذ العملية، وبين الضرر الذي يمكن منعه أو تقليله نتيجة الوصول إلى الفائدة العسكرية المرجوة من تنفيذها. لذلك، فإن اتخاذ القرار، مثلاً، باغتيال قائد تنظيم "إرهابي"، لا يتعلق بحجم الضرر الذي قام به هذا القائد سابقاً نسبة إلى حجم الضرر الذي سيؤدي إليه اغتياله في صفوف المدنيين، إنما الأضرار التي سيمنعها هذا الاغتيال، مستقبلاً، في صفوف المدنيين. لذلك، فإن عناوين على نمط "إغلاق الدائرة"، أو بثّ مقولات عن الانتقام، لا تتماشى مع "مبدأ التناسبية". وأكثر من ذلك، فإن المقارنة يجب ألا تكون مع الأضرار التي حدثت فعلاً، إنما مع الأضرار المتوقعة في وقت اتخاذ القرار، استناداً إلى المعلومات المتوفرة لدى متّخذي القرار. وعلى الرغم من ذلك، فإنه تقع على متّخذي القرار مسؤولية محاولة تقليل الضرر المتوقع أكثر ما يمكن.
ثمة قضية إضافية مهمة في إطار الحديث عن "التناسبية" في مجال الأضرار "الجانبية" تتطرق إلى الادّعاء الذي نسمعه دائماً عن أن النشطاء "الإرهابيين" يختبئون في أوساط المدنيين، ويستخدمونهم كدروع بشرية. وفي الحقيقة، فإن الضربات التي تم تنفيذها يوم 9 أيار، لا تندرج في إطار الحالة "الكلاسيكية" لاستخدام الدروع البشرية، فاستهداف "المخربين" جرى وهُم في منازلهم، ولكن هذه القضية تحتاج إلى توضيح. ففي الوقت الذي يُعَد فيه الامتناع من إلحاق الضرر بالمدنيين الأبرياء أساساً طبيعياً وعادلاً، فإن قيام "العدو" ذاته بتعريض مدنيّيه للخطر، كجزء من استراتيجيا مقصودة، يجعل الالتزام بمبدأ التفريق مترافقاً مع شعور بالظلم الواضح: العدو ذاته يخرق القواعد ويستغل التزام الطرف الآخر، ومَن يدفع الثمن هو الطرف الملتزم بقواعد الحرب. صحيح أن المدنيين لدى العدو الذين يُستخدمون كدروع هم مدنيون أبرياء، ولذلك، ممنوع استهدافهم، لكن عندما يضعهم العدو في خطر، قصداً، منذ البداية، يجب عليه هو تحمُّل مسؤولية إسقاطات ذلك. هذا بالإضافة إلى أن الحفاظ على مبدأ التفريق في حالات كهذه، يدفع الأطراف المشارِكة في الحرب إلى استخدام المدنيين في القتال، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى ضرر أكبر بالمدنيين.
على الرغم من أن القانون الدولي يمنع منعاً باتاً استخدام الدروع البشرية، فإنه لا يعطي إجابات واضحة عن سؤال: كيف يجب التصرف في حالات يقوم فيها العدو بخرق القواعد ويستخدم المدنيين كدروع. وهنا يجب الإشارة إلى مبدأين ينطبقان على هذه الحالات: المبدأ الأول هو أن المدنيين يُستخدمون كمدنيين أبرياء؛ والمبدأ الثاني هو أن المسؤولية ليست محصلتها صفرا، بمعنى: حقيقة أن "التنظيم الإرهابي" يتحمل المسؤولية المركزية عن موت المدنيين، لا تلغي مسؤولية الطرف الآخر المهاجم عن موتهم. قيام العدو باستغلال النساء والأطفال كدروع، لا يعني أن هؤلاء النساء والأطفال ليسوا أبرياء، وهذا لا يعفي المهاجم من ضرورة أخذ هذا الضرر بعين الاعتبار. لذلك، فإن استعمال "الدروع البشرية" لا يمنح السماح، تلقائياً، بتنفيذ ضربات تُلحق بهم بالضرر، إنما يتطلب الاستمرار في تقييم التناسبية في تنفيذ العملية بسبب هذا الضرر.
أحياناً، يصرّح السياسيون وذوو المناصب المختلفة، بفخر، بأن "إسرائيل سترد على كل هجوم عليها بشكل غير متناسب." طبعاً، يقصدون التحذير من اليد الطولى للجيش وجاهزيته لرد عنيف. ولكن تشير أقوال بهذه الروح، عملياً، إلى أن إسرائيل ستخرق القانون الدولي الملتزمة به، والأسوأ - مبادئ الأخلاق الأساسية. هناك فرق بين رد قاس وجدّي، وبين رد "غير متناسب"، على الرغم من صعوبة تعريف التناسبية وفحصها. لذلك، من المفضل أخذ هذا الفرق بعين الاعتبار والتعامل مع التحديات التي يفرضها، وخصوصاً أن الحروب ضد "التنظيمات الإرهابية" تجعل مهمة التفريق بين المقاتلين وغير المقاتلين صعبة، وأحياناً، لا يمكن تحقيق الهدف العسكري الشرعي من دون أضرار جانبية في صفوف المدنيين. وأكثر من ذلك، وكما في جميع الهجمات التي جرت خلال حملة "درع وسهم"، ومن أجل الإقرار ما إذا كان الضرر الذي سيلحق بالمدنيين "شرعياً"، أحياناً، يجب الوصول إلى معلومات مخفية عن الجمهور. وعلى الرغم من أن الضرر الذي سيلحق بالمدنيين سيكون "شرعياً" أحياناً، فإن إلحاق الضرر بالمدنيين يجب الامتناع دائماً من حدوثه، ولا يمكن أن يتم تشريعه باسم الانتقام، أو نزع البراءة عن المدنيين، بسبب انتمائهم إلى مجتمع "العدو".
---------------------------------------------
القناة الـ 12- 28/5/2023
دوامة التصعيد والتغيير الخطير الذي يمر به نصر الله
بقلم: تامير هايمان
يقول اللواء احتياط في جيش العدو “تامير هايمان”: على أبواب حرب يسعى فيها عدونا جاهدا لشن معركة شاملة ضدنا، أشار رئيس الأركان ورئيس شعبة الاستخبارات إلى خيار أكثر واقعية لحدث تكتيكي (على سبيل المثال، عملية من قبل حزب الله)، والتي من شأنها أن تؤدي إلى رد فعل “إسرائيلي” كبير من شأنه أن يؤدي إلى رد فعل مضاد، ومن هنا إلى تصعيد غير منضبط يؤدي إلى معركة قصيرة.
أما بخصوص ما كشفه وزير الجيش، عن نشاط إيراني في المجال البحري أيضاً فلا جديد فيه، وبالتأكيد لا تغيير في الميزان أمام إيران كما سيتم التوسع في ذلك لاحقاً، من ناحية أخرى فإن الكشف عن المنشأة تحت الأرض، يوضح حاجة “إسرائيل” إلى استراتيجية جديدة في التعامل مع البرنامج النووي الإيراني.
كان رئيس الأركان محقاً عندما حذر (الثلاثاء) في السياق الإيراني من تطورات سلبية في الأفق قد تؤدي إلى عملية، لا، هذا ليس اختراقاً إيرانياً كبيراً تجاه القنبلة، وإنما استمرار لتقدمها الحازم في المشروع النووي.
في اختبار الواقع إيران أقرب من أي وقت مضى إلى أن تكون دولة عتبة نووية، هي تستمر في التقدم في البرنامج وتخصب اليورانيوم إلى المستويات التي تم تعريفها في السابق على أنها خط أحمر يتطلب العمل، والأثمان التي تدفعها مقابل ذلك هي الأثمان التي تعلمت العيش معها منذ فترة طويلة.
“إسرائيل” تتصرف في مواجهة التحدي باستراتيجية غير مُحدثة، وأمام واقع تغير بشكل كبير منذ انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي، وهذا واقع تواصل فيه إيران برنامجها النووي ولا تدفع ثمناً باهظاً مقابل ذلك، تتطلب الاستراتيجية الجديدة للتعامل مع التحدي تنسيقاً وثيقاً مع الأمريكيين، حيث أن أي عملية لا تحقق إنجازاً استراتيجياً (القضاء على التهديد النووي لسنوات عديدة) يمكن أن تضر أكثر مما تنفع.
القاعدة الأساسية للاستراتيجية الجيدة هي أن تفتح خيارات للعمل ولا تقللها، والرسائل التي تصدر من “إسرائيل” والتي تقول بأن الوقت ينفد” قد تفعل العكس تماماً، على سبيل المثال، يمكن الافتراض أن الجهة التي بادرت إلى الكشف عن منشأة تخصيب اليورانيوم الجديدة تحت الأرض في الأيام الأخيرة، أرادت أن تبث بأن الوقت ينفذ كما ذكرنا للقيام بعمل عسكري ضد المنشآت النووية.
كما يجب أن يؤخذ في الاعتبار أنه في تصور الطرف الآخر، فإن مثل هذا الكشف قد يُفهم بالعكس، إن الشعور بالإلحاح في مثل هذا النشر يظهر بأن نطاق الخيارات يضيق، وأن تأثير الردع النووي الإيراني فعال ورادع (يمنع أي مبادرة غربية)، هذا الأمر يزيد من حدة الحاجة الملحة لتغيير “الاستراتيجية الإسرائيلية” في مواجهة البرنامج النووي الإيراني.
أما بالنسبة للمنشأة نفسها التي تم الكشف عنها، فإن منشآت التخصيب تحت الأرض في إيران ليست شيئاً جديداً، ففي كل مرة تتعرض فيها منشأة للهجوم، يتعلمون الدروس ويحاولون إنشاء منشآت أكثر حماية ضد الهجمات.
المطلعون على هذه القضايا يعلمون أن كل منشأة يوجد فيها نقاط ضعف والقدرة على مهاجمة مثل هذه المنشآت لا تعتمد فقط على ما ينشر في وسائل الإعلام، هذا جزء من مسابقة التعلم وجانب آخر لإيصال رسالة قوة وكأن المشروع النووي حصين، وأنه يجري توسيع المشروع وتعميقه وتقويته، ومن المعروف أن كل شيء يبنيه الإنسان بيديه يمكن أن يدمره أيضاً.
أما كلام “وزير الجيش” عن نشاط إيراني في المجال البحري فلا جديد فيه، إيران تعمل منذ فترة على إنشاء قواعد إطلاق لطائرات بدون طيار وصواريخ بعيداً عن حدودها، كما انها تنتج مثل هذه القواعد في لبنان وسوريا والعراق واليمن وفي البحر أيضاً، المنطق من وراء هذه الخطوة هو امتلاك القدرة على المهاجمة دون تحمل المسؤولية عن الفعل.
بمعنى آخر إطلاق طائرات بدون طيار على سبيل المثال باتجاه الكيان يضع “إسرائيل” في معضلة ضد من نرد وبماذا ترد، ومثلما يفعلون ذلك من قواعد برية هم يفعلون ذلك أيضاً من البحر بهدف توسيع الدائرة والقدرة على العمل بشكل هجومي، الكشف عن هذا النشاط الإيراني في البحر لا يضيف تهديداً جديداً لـ “إسرائيل”، هذا تهديد قائم تم استخدامه في الماضي، ولكنه حتى الآن لم يكن فعالاً للغاية، لذلك يجب وضع الأمور في النسب المطلوبة.
وفي الختام، يجب ذكر ما هو بديهي وهو أنه إلى جانب تطوير الفكرة العملياتية العسكرية، يجب خلق أفق لاتفاق نووي مُحسّن، حيث أنه من المعلوم من التجارب السابقة مع البلدان التي عقدت العزم على الحصول على أسلحة نووية أن مخطط اتفاق خاضع للإشراف والرقابة هو الأداة الأكثر كفاءة وملاءمة لتأخير مشروع نووي لدولة ما.
منذ فترة طويلة ونحن نلاحظ التغيير الذي يحدث لنصر الله، في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) نسمي ذلك: “شعور زائد ومبالغ فيه بالثقة بالنفس لدى حسن نصر الله”، هذا الشعور به خطر لأنه قد يؤدي به إلى سوء تقدير “رد فعل إسرائيل المتوقع”، إذا ما عاد وحاول مهاجمتها، في الماضي هو اعترف بالخطأ الذي ارتكبه عندما خاطر، وهو خطأ أدى إلى حرب لبنان الثانية، لكنه مثل كل شخص لديه القدرة على الإقناع وذو خبرة، يضع الحقائق جانباً.
يواصل نصر الله ترسيخ الرواية القائلة بأنه خبير في “الشؤون الإسرائيلية” ويعرف كيفية تقييم رد فعل “إسرائيل” على أفعاله، إن إحساسه بالأمن يستند على استكمال تنفيذ خطط حزب الله المتعددة السنوات، والتي أدت إلى تزود التنظيم وتجهيز نفسه بشكل مثير للإعجاب بأسلحة مختلفة بعضها بجودة عالية وبأعداد كبيرة، ويستند أيضاً إلى تحليله الخاطئ لامتناع “إسرائيل” من مهاجمة مراكز قوته في لبنان، من ناحيته هذا ردع متبادل.
كما أن قضية حقل الغاز “كاريش” التي انتهت حسب رأيي باتفاق يخدم مصلحة “إسرائيل”، تدفعه إلى الادعاء بأنه فرض الاتفاق بحكم الردع تجاه “إسرائيل”، هذا الشعور بالأمن خاطئ لأن نصر الله غير مدرك تماماً لقدرات “إسرائيل” والتحسن الكبير في قدرات “الجيش الإسرائيلي”، والتي تم تطورت بعشرات النسب منذ حرب لبنان الثانية، ومنذ أن فقد نصر الله رئيس أركانه (عماد مغنية) في شباط (فبراير) 2008، وهو ليس على دراية جيدة بقدراته (نصر الله رجل سياسي أكثر منه قائد عسكري)، هذا الوضع يمكن أن يخلق تقييماً خاطئاً يقوده إلى حساب مخاطر غير صحيح وإلى وضع تصعيدي ينتهي بسيناريو متطرف “الحرب”.
وتجدر الإشارة إلى أنه بالرغم من العلاقة الوثيقة بين إيران وحزب الله، إلا أن نصر الله لا يتلقى تعليمات عمل مفصلة من طهران، إنه مهيمن للغاية في محور المقاومة وأحد آخر “الآباء المؤسسين” الذين ما زالوا على قيد الحياة، كأسطورة أخيرة التي لا تزال قائمة.
هناك حوار بين نصر الله وطهران وليست علاقة قائد ومرؤوس – فهو يهتم أولاً وقبل كل شيء بمصلحة حزب الله في لبنان كما يراها، وبعد ذلك فقط بالمصلحة الإيرانية، في جميع الأحوال لا إيران ولا حزب الله لديهما أي مصلحة في حرب شاملة مع “إسرائيل”.
إيران لا تريد “إهدار” وحرق قوة حزب الله في معركة تحدث نتيجة حادث تكتيكي، يريدون إبقاء حزب الله هناك إلى يوم الحساب “حرب شاملة”، من وجهة نظرهم، اليوم الذي يقرر فيه أحد مهاجمة إيران، كما أن نصر الله ليس مهتماً حقاً بحرب واسعة مع “إسرائيل”، إذا كانت هناك حرب، فستكون، نتيجة سوء تقدير فقط، نصر الله مهتم بيوم معركة أو جولة قصيرة على الأكثر، جولة تُذكر بأن حزب الله منظمة مقاومة لكن دون أن يؤدي ذلك إلى تدمير لبنان.
أما بالنسبة لـ “إسرائيل” فلا بد من الاعتراف بصدق بأنها في نيسان (أبريل) الماضي، بعد إطلاق أكثر من 30 صاروخاً من قبل حركة حماس من لبنان على الكيان ضيعت فرصة لتجاوز توقعات حزب الله والتلميح له بمسؤوليته، إذا عاد نصر الله للعمل مرة أخرى، يجب أن يوضح له من خلال الأفعال المفاجئة التي تفوق توقعاته الثمن الباهظ الذي سيدفعه إذا أخطأ مرة أخرى يجب أن يسير هذا الإجراء “الإسرائيلي” على خط رفيع للغاية بين تعزيز الردع وتجنب حرب شاملة.
---------------------------------------------
هآرتس 28/5/2023
نكبة ثانية أو دولة واحدة يقودها فلسطيني
بقلم: جدعون ليفي
أحد الإنجازات الكبيرة، الذي يمكن لنتنياهو تسجيله على اسمه، هو إزالة حل الدولتين عن الطاولة. إضافة إلى ذلك فإن نتنياهو في سنوات ولايته نجح في إنزال كل القضية الفلسطينية عن جدول الأعمال. ففي البلاد وأيضاً في الخارج لم يعودوا يهتمون بها، باستثناء الضريبة الكلامية على الأقل حتى الآن. بالنسبة لليمين فإن الحديث يدور عن إنجاز كبير، وحسب رأيي بالنسبة لكل شخص آخر، فإن هذا الأمر يجب أن يعتبر تطوراً كارثياً، تجاهله كارثي أكثر.
لا يبقي نتنياهو لنا على المدى البعيد إلا حلين اثنين لا ثالث لهما: نكبة ثانية أو دولة ديمقراطية واحدة بين البحر والنهر. أي حل آخر لن يكون قابلاً للتطبيق، وهو ليس أكثر من وهم مثل سابقيه، وهم استهدف إعطاء فترة أخرى من أجل تعميق الاحتلال، ليس لأن هناك الكثير من أجل تعميقه، بل الاحتلال هو عميق بما فيه الكفاية وراسخ وقوي وغير قابل للتراجع عنه. ولكن إذا كان يمكن ترسيخه أكثر، لمزيد الثقة، فلم لا. وإقصاء القضية عن جدول الأعمال على الأقل سيمكن من الإعلان بشكل رسمي عن موت حل الدولتين، بعد عشرات السنين من موته الفعلي.
أراد نتنياهو قمع التحدث عن حل الدولتين وقد نجح في ذلك بشكل كبير. هذا ليس غريباً؛ لأن جميع الأطراف تعرف بشكل جيد أنه لم يتم اقتراح أي حل عميق أساسي منذ أن دخل المستوطنون فندق "بارك" في الخليل. في الأصل بين النهر والبحر لا يوجد أي مكان حقيقي لدولتين قوميتين مع كل خصائص الدول المستقلة وبما في ذلك الجيش. على الأكثر يوجد مكان لدولة إقليمية يهودية قوية ومقابلها دولة فلسطينية دمية، في أفضل الحالات. يجب تقدير من يواصلون النضال من أجل حل الدولتين في أحلامهم وسجلاتهم وجداولهم وخرائطهم، لكن أي قاعدة بيانات لن تغير حقيقة أن الدولة الفلسطينية الحقيقية لن تقام هنا، ودون ذلك لا يمكن أن يكون هنا حل الدولتين.
بسبب قتل هذا الحل فإن نتنياهو يكون قد وضع أمامنا حلين آخرَين لا ثالث لهما. الأغلبية الساحقة من الإسرائيليين، بمن فيهم نتنياهو نفسه، تثق باستمرارية الأبارتهايد إلى الأبد. يبدو أن هذا السيناريو يعتبر في الوقت الحالي السيناريو الأكثر معقولية. ولكن تعزز اليمين المتطرف في إسرائيل وروح نضال الفلسطينيين التي لم تخفت بالكامل، لن يسمحا لهذا الوضع بالاستمرار إلى أبد الآبدين.
الأبارتهايد حل مؤقت، ربما يكون بعيد المدى. فقد مر أكثر من خمسين سنة وربما سيستمر خمسين سنة أخرى، لكن نهايته ستأتي. ولكن كيف؟ هناك سيناريوهان فقط لا ثالث لهما. السيناريو الأول، المفضل لدى اليمين المتطرف، وللأسف ربما تقريباً لدى جميع الإسرائيليين، هو نكبة ثانية. إذا انتهت جميع الخيارات ووقفت إسرائيل في مواجهة خيارات صعبة وهي إما دولة واحدة ديمقراطية للشعبين وطرد الفلسطينيين من أجل الحفاظ على الدولة اليهودية، فإنه تقريباً أي إسرائيلي يهودي سيفضل الطريقة الثانية. وبما أن حل الدولتين غير وارد فلا يوجد أمامهم أي خيار آخر.
من الجيد أن حل الدولتين تمّت إزالته عن الأجندة. لأن استمرار الانشغال العقيم به تسبب فقط بالضرر. ها هو حل جاهز على الرف وفي الوقت المناسب سيتم تطبيقه فعلياً. هكذا قام العالم بتعزية نفسه، وهكذا قام اليسار والوسط في إسرائيل بتعزية نفسَيهما، وبذلك تجاهلوا مئات آلاف المستوطنين العنيفين والأقوياء سياسياً الذين تسببوا بالضربة القاتلة لهذا الحل. في ضفة خالية من اليهود ربما سيكون لذلك احتمالية ضعيفة، لكن الأمر ليس هكذا في جزء من البلاد الذي أسياده هم المستوطنون. في هذه الأثناء فإن الخمسة ملايين فلسطيني الذين يوجدون بين النهر والبحر سيبقون هنا ولن يذهبوا إلى أي مكان.
سيأتي ذلك اليوم، حتى لو كان يبدو الآن بعيداً جداً، وسيتم توجيه المسدس للرأس: نكبة ثانية، وضمن ذلك طرد "عرب إسرائيل"، أو دولة ديمقراطية واحدة مع رئيس حكومة فلسطيني أو وزير دفاع فلسطيني، جيش مشترك، علمان، نشيدان وطنيان، ولغتان. لأنه لا يوجد أي حل آخر. فما الذي ستختارونه؟
---------------------------------------------
يديعوت 28/5/2023
التظاهرات لا تسقط الحكومة لكن تكبح جماحها
بقلم: ناحوم برنياع
رغم الحر الشديد، ورغم الإحساس بأن كل سبت يشبه سابقه، الأزقة ذاتها، اليافطات ذاتها، لا تزال الجماهير تتدفق إلى كابلن في تل أبيب وإلى أماكن أخرى في البلاد. 21 أسبوعاً، ولا يزال الاحتجاج حياً ويتنفس. المثابرة هي الرسالة.
الائتلاف هو الآخر حي يتنفس ويركل. قانون الميزانية، الذي أُجيز، الأسبوع الماضي، في الكنيست إنجاز كبير لنتنياهو والحكومة، رغم أنه يتعارض مع كل ما يفترض بقانون ميزانية طبيعي أن يفعله. يعطي القانون نتنياهو سنة ونصف السنة لا يمكن فيهما إسقاط حكومته إلا بحجب ثقة بنّاء. هذا ما كان مهماً له وهذا ما حققه. أكثر من هذا: تخصيص الأموال الفاسد، الذي لم يشهد له مثيل منذ قيام الدولة، وثّق فقط التعليم المتبادل داخل ائتلافه. تربط رزمة السلب كل الـ 64 نائباً من الائتلاف معاً. تم السطو. والآن ينتظر الجميع توزيع الغنيمة.
السفينتان، سفينة الاحتجاج وسفينة الائتلاف، تبحران في هذه اللحظة بالتوازي. بينهما تناور قوارب أحزاب المعارضة بصعوبة. حدد لابيد وغانتس 15 حزيران موعداً أقصى. في هذا الموعد يفترض أن تعيّن لجنة تعيين القضاة. إذا وقفنا الآن على المحادثات الوهمية في مقر الرئيس، كما يدعيان، فإن الائتلاف سيعين لجنة تعيينات ليس فيها مندوب للمعارضة. وبدلاً من تعيين قضاة بالحوار سنتلقى تعيين قضاة بالإكراه. سيحتفل الانقلاب القضائي بانتصاره الكامل. أوقف لفين وروتمان حين حاولا أن يدخلا من الباب الأمامي، من خلال التشريع. أما الآن فإنهما سيدخلان عبر النافذة.
بكلمات أخرى أصبح قادة المعارضة رهائن لقرار ليس لهم. في هذه الأثناء يسعون ليقوموا بالمهمة التي انتخبوا باسمها. في الماضي كانت لجنة المالية تجلس على قانون الميزانية شهرين على الأقل، في جلسات على مدى خمسة أيام في كل أسبوع، في القدس وتل أبيب. أما جفني فقد أجاز قانون الميزانية في يومين - ثلاثة. لم تتمكن المعارضة من تأخير العملية بوسائل برلمانية.
لا غرو أن نتنياهو كان معتداً غداة إقرار الميزانية. سكرة القوة التي دفعته لسلسلة أخطاء في بداية ولاية الحكومة عادت للحظة. "بالتأكيد"، قال حين سأله مراسل متعاطف هل سيستأنف الإصلاح القضائي أم لا؟ في غضون ساعات سقط الشيكل واضطر نتنياهو ليتراجع.
رغم أنه توجد للائتلاف أغلبية في الكنيست، فإن مجال عمله محدود. نتنياهو مكبل بالوعود التي أعطاها لشركات التصنيف وللرئيس بايدن. وهو لا يسارع ليدفع ثمناً اقتصادياً وسياسياً لقاء تنفيذ أحلام أعضاء ائتلافه. عندما هاجمت دول أوروبية بكل قوتها قانون الجمعيات الذي يستهدف المسّ بمساعدتها لمحافل حقوق الإنسان، تراجعت الحكومة، مؤقتاً على الأقل.
يقول هذا شيئاً ما عن نجاعة الاحتجاج: هذا لن ينجح باللين. فطالما كانت التظاهرات تخرج في كل سبت إلى الشوارع الجادة المركزية للأمن والاقتصاد في إسرائيل، وطالما كانت الحكومات في الغرب تتابع وتهدد بالغد، فإن نتنياهو وأعضاء ائتلافه يتخذون جانب الحذر من السير إلى الحد الأقصى. التظاهرات لا تسقط الحكومة لكنها تلجمها. لا يوجد الكثير من السحر في اللجم، لكن يوجد فيه غير قليل من المواساة.
---------------------------------------------
إسرائيل اليوم 28/5/2023
إيران و"حزب الله" يُصعّدان: إسرائيل بحاجة إلى أعصاب قوية واستعداد دائم
بقلم: ايال زيسر
تدل التحذيرات والتهديدات التي أطلقها كبار مسؤولي جهاز الأمن في مؤتمر هرتسيليا، الذي انعقد، الأسبوع الماضي، عن التخوف من مواجهة بل حرب شاملة مع إيران و"حزب الله"، على أنه حان موسم المؤتمرات الاستراتيجية التي تعقدها كل سنة معاهد البحوث المختلفة العاملة في إسرائيل.
يقف مسؤولو جهاز الأمن في هذه المؤتمرات كالجنود المنضبطين، ورفعاً للعتب يصدرون تصريحات تلقى بشكل طبيعي صدى إعلاميا واسعا. تطرح الأسئلة: هل تغير شيء ما أيضا في الميدان نفسه وهل بالفعل ازداد خطر الحرب؟
كما يذكر، في المؤتمر أعلن رئيس الأركان، الفريق هرتسي هليفي، أن إيران تقدمت في تخصيب اليورانيوم. ومع أن طهران لم تتخذ بعد قراراً بإنتاج قنبلة نووية فإن تطورات سلبية في منطقتنا من شأنها أن تؤدي إلى قرار كهذا وعلى أي حال تلزم إسرائيل بالعمل. حذر رئيس شعبة الاستخبارات "أمان"، اللواء اهرون حليوة، من جهته من أن أمين عام "حزب الله"، حسن نصر الله، قريب من ارتكاب خطأ سيدهور المنطقة إلى حرب، ومع أن نصر الله لا يزال مردوعا وغير معني بالمواجهة ففي غروره الكثير، فهو مقتنع بأنه يقرأ إسرائيل كما يقرأ كف يده، ولهذا هو يتجرأ على أن يتحداها مثلما لم يتجرأ في الماضي.
في رد على التصريحات التي انطلقت في إسرائيل، سارع مسؤول إيراني كبير ليهدد بأن ضرب المنشآت النووية الإيرانية سيشعل حربا شاملة ستتحمل إسرائيل المسؤولية عنها، أما تنظيم "حزب الله"، تحت العيون المغمضة للقوة الدولية عديمة المنفعة، فإنه أجرى في جنوب لبنان مناورة عسكرية تشبه اختطاف جنود واعتداء على بلدات إسرائيلية على طول خط الحدود. غير أن كل هذا لا يبشر بعد بحرب قريبة.
حدد رئيس الأركان ورئيس "أمان"، عن حق، إيران بأنها التهديد المركزي الذي تقف أمامه إسرائيل. لكن هذا التهديد ليس جديدا، ومن غير المتوقع أيضا حسم أو انعطافة دراماتيكية فيه في الزمن القريب القادم. فقد حقق الإيرانيون عمليا ما أرادوه؛ أصبحوا دولة عتبة نووية، وتوجد تحت تصرفهم قدرات ومعرفة تسمح لهم باقتحام النووي في غضون وقت قصير من لحظة اتخاذ القرار في طهران.
أمام واقع كهذا من شأنه أن يتواصل على مدى أشهر بل سنين، ومن المطلوب من إسرائيل أعصاب قوية وتحفز دائم. فبعد كل شيء من الأفضل لإيران أن تبقى دولة عتبة نووية تفرض ظلا مهددا على محيطها من مواجهة جبهوية شاملة. وفي السطر الأخير، فإن التحدي الإيراني هنا، وينبغي الافتراض بأنه في الأشهر القادمة أيضا بل في السنوات القادمة، سيواصل إشغالنا.
"حزب الله"، وبقدر ما أيضا بشار الأسد، الذي استيقظ على الحياة في الأسابيع الأخيرة بعد أن عاد إلى حضن العالم العربي، هما موضوع آخر. هنا التخوف من استفزاز أو عملية "إرهاب" لـ"حزب الله" قد تؤدي إلى رد إسرائيلي يهز أركان لبنان. هذه أمور يجب أن نتذكرها ونذكرها، وبخاصة عند اقتراب يوم الذكرى السنوية لحرب لبنان الثانية، مع أن أحدا لم يرغب فيها، لا "حزب الله" ولا حكومة إسرائيل.
تستهدف التحذيرات التي يطلقها مسؤولون في إسرائيل التحذير والتنبيه، وتدل التجربة على أن نصر الله يدرك ويفهم في الغالب مثل هذه التحذيرات كتعبير عن الضعف والتخوف في الجانب الإسرائيلي، الأمر الذي يشجعه فقط على أن يبقى على حاله.
إن حرباً مع "حزب الله" ليست لعبة أطفال، وبالتأكيد لا يدور الحديث هنا عن بث معاد لعمليات الاغتيال الناجحة التي خاضتها إسرائيل ضد "الجهاد الإسلامي" في غزة. لكن في كل مواجهة مباشرة وجبهوية مع "حزب الله" في الماضي كانت يد الجيش الإسرائيلي هي العليا.
غير أنه ليس في التصريحات والتهديدات ما يكفي للانتصار في المعركة، فإذا وجدت إسرائيل نفسها مرة أخرى مع أصحاب قرار مترددين لا يعرفون كيف يحددون هدفا وغاية للمعركة، وإذا لم تعد الجبهة الداخلية كما ينبغي لمواجهة مع "حزب الله"، والتي تتعاظم على أي حال في استوديوهات وسائل الإعلام إلى حجوم وحشية، فإننا لا نكون فعلنا شيئا.
والأهم من كل شيء، يجدر بنا أن نتخلى منذ البداية عن جولة مواجهة غايتها هي تمديد الزمن حتى جولة المواجهة التالية بعدها. وكما قال في حينه مناحم بيغن: النصر الأكبر الذي يمكن تحقيقه في الحرب هو منعها.
---------------------------------------------
معاريف 28/5/2023
الحكومة المتلونة أهانت يهود أميركا.. شرخ مع يهود الشتات؟
بقلم: شلومو شامير
من المتوقع أن يشارك 9 وزراء في مؤتمر دعمٍ لـ "إسرائيل" في نيويورك في الأسبوع المقبل، والخبر أثار ردود فعلٍ غاضبة وسط مسؤولين ووجهاء مركزيين في المجتمع اليهودي الأميركي.
وفي حديثٍ مع صحيفة "معاريف"، قال إريك يوفا، الذي عمل لسنوات رئيساً للحركة الإصلاحية وينشط وسط مجتمع يهود نيويورك: "سمعتُ من أصدقاء، وكلهم صهاينة، عن مجيء الوزراء والوزيرات المتوقع إلى المسيرة السنوية. سمعتُ أيضاً أن سيمحا روتمان (عضو كنيست ورئيس لجنة الدستور والقانون والعدل) سيكون من بينهم. لن نسير معه".
أبراهام فوكسمان، زعيم يهودي مشهور ومُقدّر، الذي عمل لخمسين سنة مديراً عام لرابطة منع التشهير، رد في محادثة على الزيارة المتوقعة للوزراء إلى نيويورك ومشاركتهم في مسيرة الدعم لـ"سرائيل"، وقال: "يا له من نفاق. كثيرون من وزراء حكومة "إسرائيل" يأتون إلى نيويورك لتمجيد "إسرائيل" مع المجتمع اليهودي الأميركي في مسيرة تحية لـ "إسرائيل". ليس لديهم أي احترام ليهود أميركا، لتراثهم، أو للطريقة التي يقيمون فيها يهوديتهم ويحافظون عليها. لماذا يأتون؟ فيما الكثير من الوزراء يهينون ويحقّرون ويلحقون الضرر بالمجتمع وقيمه".
المسيرة السنوية لدعم "إسرائيل" في نيويورك تُعتبر واحدة من المناسبات المركزية للمجتمع اليهودي هناك، ويشارك فيها ممثلو منظمات وطلبة وحركات شبابية، ومن المتوقع أن يحضرها الآلاف.
خبر المجيء المخطط لوزراء حكومة نتنياهو (إلى المسيرة) عوّم الاعتراض والإدانة لحكومة نتنياهو لدى غالبية حاسمة من الليبراليين وسط المجتمع (اليهودي). وبحسب الصحيفة، من بين الوزراء الذين يخططون للمجيء إلى نيويورك: نير برقات، عميحاي شيكلي، غاليت ديستل أطباريان، أوفير سوفِر، عميحاي إلياهو ومئير بروش.
وقال يوفا: "في "إسرائيل" حكومة راديكالية وعنصرية، ويهود أميركا لا يريدون إظهار أي مظهر دعمٍ لهذه الحكومة.
من جهته، تساءل مسؤول يهودي قديم، يُحسب على أنه أحد ناطقي اليمين في المجتمع اليهودي: "هل أن الوزراء الذين يخططون للمجيء إلى نيويورك والمشاركة في المسيرة لا يعرفون شهرة المجتمع كمعقل وحصن الليبرالية في الولايات المتحدة؟ أم أنهم يعلمون ويأتون إلى المسيرة بهدف المناكفة والاستخفاف بيهود المجتمع".
---------------------------------------------
هآرتس 28/5/2023
أيها الإسرائيليون الآمنون: أتدرون ما يفعله الجنود والمستوطنون في الضفة الغربية؟
بقلم: عميره هاس
يجب عليكم أن تعرفوا، “أنتم الذين تعيشون في أمان”:
عندما استيقظتم على صلاة “اسمع يا إسرائيل” في الراديو، كانت جرافة الإدارة المدنية قد بدأت في هدم مدرسة وثلاث خيام وبئر مياه، وتجمع على الحواجز عشرات آلاف العمال.
عندما قمتم بتنظيف أسنانكم، فإن الشباب الأشكناز كانوا قد اقتلعوا أشجار زيتون، ومر من الحواجز آلاف العمال. عندما أعددتم العجة كان الجنود أوقفوا راعياً وعصبوا عينيه وأخذوه إلى موقع عسكري.
عندما ذهب أبناؤكم إلى المدارس، أطلق الجنود الغاز المسيل للدموع على الأطفال والنساء فاختنقوا.
عندما جاءت مربية طفلكم، كان رجال الشرطة الذين تخفوا بملابس بائعي الخضار قد اقتحموا مخيم جنين للاجئين.
عندما ركبتم الدراجة، كان هناك 3 قتلى و8 مصابين في المخيم، ومدرسة مهدومة وخمسة أمتار مكعبة من المياه التي اشتريت تدفقت وذهبت هباء في الرمل، وخيمة للسكن هدمت، وقطعان مفزوعة تفرقت، وامرأة فقدت الوعي بسبب الغاز المسيل للدموع ونقلت إلى المستشفى، و13 شجرة تم اقتلاعها، والجنود الراضون عن فعل الإثارة هذا عادوا إلى السيارة العسكرية، ووصل العمال إلى مواقع البناء بعد أربع ساعات على خروجهم من بيوتهم.
عند وصولكم إلى العمل وصلتكم رسالة على “الواتساب” من الأخ الجندي يقول فيها بأنه مشتاق وأنه سيعود في الغد إلى حياته الطبيعية.
عندما تفحصون الرسائل الإلكترونية فإن ثلاثة ضباط في الإدارة المدنية رفضوا طلبات لـ 286 مزارعاً من أجل الحصول على تصاريح لدخول أراضيهم وراء جدار الفصل.
عندما تحدثتم مع أحد الزملاء فإن الصليب الأحمر يكون قد أعلن للأم بأن الجيش لا يسمح لها بزيارة ابنها المريض في السجن.
عندما خرجتم إلى الاستراحة لشرب القهوة، ثمة طفل انفجر بالبكاء لأن جندياً صوب البندقية نحوه على حاجز طيار في الطريق إلى نابلس.
عندما ذهبتم للتبول، تكون الإدارة المدنية قد صادقت على بناء 48 وحدة سكنية في البؤرة الاستيطانية التي تمت شرعنتها.
عندما أرسلتم التقرير الأسبوعي للمديرة، أعلن وزير المالية بأنه سيسرق 120 مليون شيكل أخرى من مدخولات السلطة الفلسطينية.
عندما صعدتم على سطح المبنى من أجل التدخين والاستراحة، فإن فتى نقل إلى الزنزانة بعد 15.5 ساعة من التحقيق والتكبيل على كرسي قصير في اليوم الثامن على اعتقاله.
عندما اتفقتم مع الوالدة على طبخة يوم الجمعة، أعلن وزير المالية الفلسطيني بأنه لن يدفع إلا 60 في المئة من راتب هذا الشهر لموظفي القطاع العام، وأن 62 سيارة كانت تنتظر على الحاجز.
عندما أطفأتم السيجارة، كان الطبيب أعطى حبة مسكن للشاب الذي يتم التحقيق معه والذي اشتكى من ألم في ظهره وأصبح لا يشعر بيديه، والجندي على الحاجز الطيار أطلق قنابل الصوت نحو السائقين والمسافرين الذين خرجوا من السيارات.
عندما رجعتم إلى الحاسوب، فإن ضابط البنى التحتية في الإدارة المدنية أمر بتدمير أنبوب مياه في قرية في غور الأردن.
عندما خرجتم من المكتب لم تلاحظوا العمال الذين يبنون بين أشجار الفيكس الكثيفة بيتاً سكنياً فاخراً في إطار إخلاء – بناء.
عندما أعدتم الابن الكبير من المدرسة (هدية يوم الخميس)، ملأ سائق بلدية الخليل الصهريج بالمياه من أنبوب رئيسي على مدخل بلدة بني نعيم فيما الجنود أطلقوا سراح الراعي الذي اعتقلوه، عانى من دوار لأن الجنود لم يسمحوا له بشرب الماء.
عندما أخبركم ابنكم عن لعبة كرة القدم، فإن أربعة شباب يحملون علماً إسرائيلياً كبيراً اقتحموا بيتاً قرب نبع سيطروا عليه منذ فترة في قرية غربي رام الله.
عندما دخلتم إلى البقالة، وزع سائق الصهريج المياه على حي في الخليل لم تصله المياه في الأنبوب منذ ثلاثة أشهر لأن ضغط المياه منخفض، وذلك أن إسرائيل تقيد الكميات لغير اليهود.
عندما رجعتم إلى البيت، قام شباب يرتدون القبعات بركل عجوز يرتدي الكوفية، والجنود أطلقوا قنابل الصوت على المارة الذين حاولوا التدخل.
عندما قمتم بتغيير حفاضات الطفل، فإن أحد شباب “شبيبة التلال” [مستوطن] غرد وقال “الحمد لله، في أعقاب حضور يهودي كبير إلى المنطقة واحتلال رعاة أغنام اليهود المنطقة من جديد، فإن البدو العرب في عين سامية يغادرون المنطقة… نأمل أن يغادروا كلهم هذه البلاد. هناك مكان رعي أفضل في السعودية”.
عندما قطعتم البندورة، نشروا في التلفاز عن إدانة عربي بالتحريض واعتقاله لمدة سنة.
عندما قرأتم قصة لابنكم قبل النوم، فإن قضاة المحكمة العليا وقعوا على قرارين ذكيين: المصادقة للدولة على هدم قرى لصالح منطقة تدريب، وعلى بناء بيوت لليهود، ومصادقة لـ”الشاباك” على مواصلة اعتقال فلسطيني بدون محاكمة وبدون أدلة مدة 19 شهراً متتالية.
عندما أيقظكم بكاء الطفل، فإن جنوداً ملثمين اقتحموا 17 قرية ومخيماً للاجئين، واعتقلوا 8 أشخاص. وعندما عدتم للنوم، ثمة طفل ابن 4 سنوات تبول في سرواله لأن الجنود أخرجوا أبناء عائلته إلى الساحة وهم يصوبون البنادق نحوهم.
عندما استيقظتم، كان رئيس الإدارة المدنية انتظر توقيع تسعة أوامر لسرقة الأراضي صاغها قانونيون في الجيش.
---------------------------------------------
هآرتس 28/5/2023
بإذن وزير الدفاع: تهيئة التربة لإقامة “حومش” الاستيطانية.. وسموتريتش يشكر غالنت
بقلم: هاجر شيزاف
بدأ مستوطنون الخميس في تهيئة “أراضي دولة” في “حومش” بهدف نقل المدرسة التي أقيمت كبؤرة استيطانية على أرض فلسطينية خاصة. هذه أعمال لم تتم المصادقة عليها، وتجري خلافاً للقانون. الجنود الموجودون في البؤرة منعوا في البداية المستوطنين من إدخال معدات هندسية إلى الأرض، بعد ذلك تدخل وزير الدفاع يوآف غالنت والوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش، وأعطيت أوامر للجيش بالسماح للمستوطنين باستخدام حفار لتسوية الأرض. بل سمح لهم بإدخال “كرفانات” إلى المنطقة.
قبل بضعة أيام من ذلك، توجه المجلس الإقليمي “شومرون” للإدارة المدنية وطلب إذناً لتخطيط البناء في “حومش”. مع ذلك، لا يوجد للمجلس أي إذن لتنفيذ أعمال في المنطقة. الأربعاء، حاول مستوطنون إدخال شاحنات كثيرة إلى “حومش” تحمل أدوات عمل وعدة كرفانات، لكن سمح لهم بإدخال جرافة واحدة وكرفان واحد. في المحادثات التي جرت الخميس، أوضح الأشخاص ذوو العلاقة في جهاز الأمن للمستوى السياسي بوجوب وقف الأعمال، لكن المستوى السياسي امتنع عن وقفها.
صباح الخميس، توجهت جمعية “يوجد حكم” لقائد المنطقة الوسطى، يهودا فوكس، وطلبت منه أن يوقف الجيش الأعمال في المنطقة.
المحامي شلومي زخاريا توجه لقائد المنطقة الوسطى باسم الجمعية، وكتب: “نطلب منكم العمل على وقف الأعمال غير القانونية على الأرض بشكل فوري، بكل الوسائل التي تمتلكونها. هذا طبقاً لواجبكم لاستخدام الوسائل المطلوبة من أجل تطبيق القانون والنظام في الضفة الغربية والدفاع عن حقوق السكان الفلسطينيين المحميين”. قبل نحو أسبوع ونصف، وقع فوكس على أمر يسمح للإسرائيليين بالوجود في منطقة البؤرة الاستيطانية “حومش” في الضفة الغربية التي أقيمت على أراض فلسطينية خاصة في منطقة مستوطنة “حومش”، التي تم إخلاؤها أثناء خطة الانفصال في 2005. وقع فوكس على الأمر حسب تعليمات الوزير غالنت بهدف شرعنة البؤرة الاستيطانية وصد الالتماس الذي قدمه الفلسطينيون أصحاب الأراضي للمحكمة العليا والذي طلبوا فيه إخلاء البؤرة الاستيطانية والسماح لهم بالوصول إلى أراضيهم. ووقع فوكس أيضاً على أمر تسري بحسبه صلاحيات المجلس الإقليمي “شومرون” على قطع الأراضي في المكان والتي ليست بملكية خاصة فلسطينية.
سموتريتش شكر غالنت على التعاون والدفع قدماً بهذه العملية، وقال: “وعدنا بتسوية استمرار تعلم التوراة في المدرسة الدينية في “حومش” وها نحن ننفذ ذلك. واستمراراً لتعديل قانون الانفصال في الكنيست، وقع قائد المنطقة الوسطى على أمر مواز لإلغاء منع المكوث في “حومش” وعلى ضم المستوطنة لأراضي المجلس الإقليمي “شومرون” لإعادة تخطيط المدرسة الدينية”.
وقد أدانت الولايات المتحدة وفرنسا الأسبوع الماضي، التوقيع على الأمر الذي يسمح بمكوث الإسرائيليين في البؤرة الاستيطانية. وحسب المتحدث بلسان وزارة الخارجية الأمريكي، ماثيو ميلر، فإن الأمر خرق لتعهد رسمي لإسرائيل للولايات المتحدة. وقال: “تشجيع الاستيطان في الضفة الغربية يعتبر عائقاً أمام تطبيق حل الدولتين”. هذه هي المرة الثانية في الأشهر الأخيرة التي اتهمت فيها الولايات المتحدة الحكومة الإسرائيلية بخرق صريح لتعهدات رسمية لها حول “حومش”.
انضمت فرنسا للإدانة، وطلبت من حكومة إسرائيل فحص هذا القرار مجدداً. في بيان نشرته وزارة الخارجية الفرنسية، كتب أن “هذا القرار يعارض القانون الدولي ويعارض التعهدات التي أخذتها إسرائيل على عاتقها في لقاء العقبة ولقاء شرم الشيخ”.
في آذار الماضي، صادقت الكنيست على تعديل قانون الانفصال الذي ينص على أنه يمكن المكوث في المناطق التي تم إخلاؤها في 2005 شمالي الضفة الغربية. استهدف التعديل السماح للمستوطنين بالمكوث في بؤرة “حومش”، لكن صيغته تسمح فعلياً بإعادة بناء المستوطنة في المنطقة. هذا لأنه يشمل بنداً يسمح للإسرائيليين بأن يكون لهم الحق على الأراضي في شمال السامرة. هذا الأمر سيسمح للمستوطنين بمحاولة شراء أراض فلسطينية خاصة في المناطق التي تم إخلاؤها، أو سيسمح للدولة بتخصيص أراض في المنطقة لهم مستقبلاً. حتى تعديل قانون الانفصال، فقد شمل بنداً ينص على أن كل الحقوق على الأراضي التي كانت للإسرائيليين قبل الانفصال، تعتبر لاغية. وينص التعديل الجديد على أنه لن يتم الاعتراف بالحقوق التي كانت قبل الانفصال، باستثناء الحقوق التي ستتبلور منذ لحظة المصادقة عليها.
الناطق بلسان الجيش رفض إعطاء أي رد. وتم توجيه الصحيفة لمكتب غالنت. وهناك أيضاً لم يتم إعطاء أي رد. وسموتريتش أيضاً رفض إعطاء أي رد.
---------------------------------------------
هآرتس 28/5/2023
الانتخابات التركية: القومية المتطرفة هي الحاسم بين المتنافسَين
بقلم: تسفي برئيل
نحو 8 ملايين شخص من أصحاب حق الاقتراع الذين لم يشاركوا في جولة الانتخابات السابقة في تركيا، هم الأمل الأخير لزعيم المعارضة كمال كليتشدار أوغلو لتحقيق انتصار تاريخي. ولكن تنبؤات الاستطلاعات في غير صالحه؛ فاثنان على الأقل من الاستطلاعات الرئيسية الثلاثة يتوقعان فوز الرئيس الحالي رجب طيب اردوغان. والتجربة تدل على أن نسبة المشاركة في الانتخابات في الجولة الثانية ستكون أقل منها في الجولة الأولى. وإذا هزم، فإن كليتشدار يمكنه تعزية نفسه بأنه الزعيم الأول الذي تحدى وبحق الرئيس. وإذا فاز فسيبقى 28 سنة متتالية.
فرز الأصوات في الجولة السابقة أوضح بشكل جيد أن الرأي العام في تركيا ينقسم تقريباً بشكل متساو بين اردوغان وخصمه. ورغم الأزمة الاقتصادية الشديدة التي تمر بها الدولة وفقدان الثقة بالليرة التركية وارتفاع الأسعار غير المسبوق والزلزال الفظيع الذي جبى حياة نحو 50 ألف شخص وترك الملايين بدون مأوى وقمع حقوق الإنسان والسياسة الخارجية الهجومية التي أضرت بمكانة تركيا، فإن نصف الشعب على الأقل ما زال يرى اردوغان الخيار الأقل سوءاً والزعيم الوحيد الذي يمكنه إنقاذ الدولة من الهاوية.
اجتاز اردوغان حقل الألغام الاقتصادي بتوجهه إلى المسار الآمن للأجندة القومية المتطرفة. هذه الأجندة التي فيها نضال ضد الأكراد وتوق إلى “تطهير” تركيا من اللاجئين السوريين (وغيرهم) وصمود أمام الضغط الأمريكي والأوروبي، استخدمت ليس فقط كشعار أيديولوجي؛ فقد تم تسويقها على أنها دواء حيوي للتغلب على الأزمة الاقتصادية. على سبيل المثال، من يعارضون سياسة خفض الفائدة، التي أصبحت رمز السياسة الاقتصادية لاردوغان، اعتبروا عصابة تؤيد رفع الفائدة تعمل “بدعم وتشجيع من دول أجنبية تسعى إلى إسقاط حكم اردوغان”. اللاجئون السوريون الذين استقبلوا في البداية بأذرع مفتوحة بصورة اعتبرت نموذجاً لـ “التضامن الإنساني والإسلامي”، حسب تعبير اردوغان، أصبحوا عبئاً اقتصادياً بل وبؤرة للمواجهات مع المواطنين الأتراك، إذ غذوا كراهية الأجانب وعملوا على تنمية سياسة طرد اللاجئين كوسيلة اقتصادية حيوية.
في الضواحي والمناطق الهامشية، لا سيما المناطق الفقيرة في جنوب شرق تركيا، التي تؤيد فيها الأغلبية حزب العدالة والتنمية (حزب اردوغان)، والتي حصلت على شعبية كبيرة، دليل على أن الرئيس لا يصغي فقط للشكاوى التي يقدمونها، بل وينوي ويمكنه المساعدة، وكأنه إذا تم طرد نحو أربعة ملايين لاجئ من الدولة فسيعود الرخاء والازدهار وسيرتفع سعر الليرة وستنخفض الأسعار. اللاجئون خدموا (ويخدمون) بشكل جيد سياسة اردوغان الخارجية، الذي في السنة الأخيرة، بدأ باستئناف العلاقات الدبلوماسية مع الرئيس السوري بشار الأسد بعد القطيعة التي بدأت في 2011، والتي جعلت قطيعة شخصية شديدة بين الزعيمين اللذين كانا كأخوين. اردوغان الذي أعلن بأنه لن يستأنف العلاقات مع سوريا ما دام الأسد في الحكم، يبحث الآن عن مسارات إلى دمشق وهو يفسر الانقلاب في سياسته بالحاجة إلى إعادة اللاجئين إلى بلادهم.
أجندة اردوغان القومية المتطرفة بدأت في النمو في العام 2015 بعد فشل محادثات المصالحة بين الحكومة وحزب العمال الكردي “بي.كي.كي”. وقد شكل ائتلافاً مع الحزب اليميني القومي المتطرف “ام.اتش.بي” برئاسة دولت بهتشيلي، الذي ساعده في تمرير تعديلات الدستور في استفتاء عام، التي حولت طريقة الحكم من جمهورية برلمانية إلى نظام رئاسي أعطى صلاحيات كبيرة لاردوغان وقضى على التوازن والكوابح البرلمانية المتبعة في أنظمة غربية مشابهة. وقد انضم إلى هذا الحلف الآن المتنافس الذي وصل إلى المكان الثالث في التنافس على الرئاسة، وهو قومي متطرف معروف باسم سنان أوغان. أساس الحلف القومي المتطرف وضع في العام 2016 بعد فشل محادثات المصالحة بين حكومة اردوغان وحزب العمال الكردي.
ليس فقط شعارات قومية متطرفة
حملة اردوغان الانتخابية القومية المتطرفة فرضت على خصمه أجندة مشابهة. كليتشدار الذي صعب عليه عرض خطة اقتصادية واقعية وموثوقة ترمم الاقتصاد التركي، وجد نفسه في منافسة على البطاقة القومية المتطرفة التي فيها لاردوغان أفضلية واضحة. قبل الجولة الثانية، بدأ زعيم المعارضة في التصريح بأنه إذا انتخب فسيبعد من تركيا عشرة ملايين لاجئ، وحتى إنه حذر من أنه إذا لم يتم طرد اللاجئين فإن عددهم سيصل إلى 30 مليون لاجئ. لا أساس لهذه المعطيات، ولكنها تدل على الذعر القومي المتطرف الذي يسيطر على زعيم يطرح نفسه كمدافع عن حقوق الإنسان وكمن سيعيد الديمقراطية الحقيقية للدولة. ليس فقط شعارات وتصريحات ينثرها زعيم المعارضة، بل إنه عقد تحالفاً سياسياً في الأسبوع الماضي مع أوميت أوزداغ، زعيم حزب النصر، وهو قومي متطرف شعاره الانتخابي “حزب النصر سيفوز واللاجئون سيذهبون”. وأصدر حزبه أيضاً ونشر فيلم فيديو بعنوان “الغزو الهادئ”، يصف كيف ستكون تركيا في العام 2043 عندما سيسيطر اللاجئون على الدولة، ويصبح المواطنون الأتراك خادمين.
أوزداغ الحاصل على شهادة الدكتوراه، والذي نشر 28 كتاباً ومئات المقالات، هو أيضاً محارب شجاع ضد الأكراد ويعتبرهم خطراً على وجود تركيا. “حزبي سيفعل كل ما في استطاعته لمنع فلسطنة تركيا”، أعلن قبل سنة من خلال مقارنة تركيا مع إسرائيل، التي حسب قوله تفقد مناطق للفلسطينيين. شخص قومي متطرف كهذا، يعتقد كليتشدار أولو، أنه قد يمنحه القليل من الأصوات من الجناح اليميني جداً، وأن يعرضه كمن يستطيع أن ينافس أجندة اردوغان.
الخوف الكبير هو أن انضمام أوزداغ للحلف سيضر دعم الأكراد لكليتشدار أوغلو. ولكن السياسة التركية لن تتوقف عن المفاجأة؛ فقيادة الحزب المؤيد للأكراد (اتش.دي.بي) أعلنت أنها ستواصل تأييد مرشح المعارضة لأن “اردوغان ليس خيارها”.
اليوم سيتبين قومية من ستفوز. سيكون من المفاجئ إذا أصبح كليتشدار هو الرئيس القادم لتركيا. ولكن لا يوجد يقين، حتى لو فاز، بأن يتمكن ائتلافه من إحداث ثورة حقيقية أمام البرلمان الذي رسخ مكانة حزب العدالة والتنمية لائتلاف اردوغان مع وجود أكثر من نصف المقاعد له.
------------------انتهت النشرة------------------