إسرائيل ومعضلة بقائها ووجودها

ما زلنا نذكر ونتذكّر ونتفكّرو"نتندّر" في صاروخي الظافر والقاهر التي تحدّث عنها وهدّد بها، المرحوم الرئيس جمال عبد الناصر، "الكيان الصهيوني، في حينه في السبعينيّات من القرن الماضي.
لكن ومع مزيدٍ من الاسف فلا الظاهر ظهر ولا القاهر قهر، وبقيت القاهرة سابتة تُراوح مكانها، حتى حلّت حرب ال 73 التحريكية، وهرولنا بعد ذلك وراء اسرائيل وأمريكا نخطب ودّهما في سلامٍ مأمول منتظر‘ على مدى سنوات وسنوات وجولات وجولات ونهفات ونهفات وصولات"وكبوات" "ونبوات" "ويا طويل العمر هات وهات"!!!
وجاء مُبارك وذهب مُبارك وحلّ محلّه السيسي، وكان جاء صدّام و"شُنق" صدّام اضحية للعيد، و"صُلب" القذّافي على الخازوق.
وذهبنا إلى أوسلو ونحن ارضا مُحتلّة ورجعنا "ألف باء جيم" ارصا مُحتلّة و"مُتنازع عليها".
ودارت الايّام وعربدت اسرائيل بسيف أمريكا ورمح بريطانيا وتُرس فرنسا و"لطمت الامم المتحدة (امها) على خدّيها، وأوغلت في الاستيطان وفي غرس يديها بدماء الفلسطينيين والعرب الابرياء.
لكن ومن نعم الله وفضله وبما انّ الارض كرويّة وتلفُّ وتدور فان اسرائيل لم تعد في الجانب العلوي من الكرة وانّما تدحرجت و"تزخلقت إلى مستوى منخفض بفعل نهوض وتعاضد وتكامل وترابط وتماسك قوى المقاومة المحيطة باسرائيل من جميع الجوانب والجهات والاتجاهات والجبهات، ومع شروق الشمس وغُروبها ومع "زخّات المطر" و"صفير الرياح".
اسرائيل تواجه حاليّا مُعضلتين شديدتي الوقع: الاولى هي المعضلة الداخلية حيث الانقسام الحاد في المجتمع الاسرائيلي والاحزاب السياسية الاسرائيلية وحتى في اوساط "بقرتهم المقدسة" الجيش الاسرائيلي.
مظاهرات ومظاهرات مضادة وتنابز وتلاسن وصراعات على القضاء ودوره في "الدولة المُصطنعة".
نتنياهو يحمل سوطا يجلد به مُناوئيه ومعارضيه وهم يندفعون بالاعلام والرايات لاسقاطه أو "فرملته" من مغبة تخريب القضاء ورمي اسرائيل في احصان ملعب دول العالم الثالث بلا ديمقراطية ولا حكم رشيد.
كرة الثلج الساخنة الداخلية ما زالت تتدحرج وتتفاقم نتائجها.
المستوطنون المُتطرّفون وفي اعلى هرم السلطة في اسرائيل امثال بن غفير وسموتريتش فبقدر ما هم متعصبون ضدنا وضد أي وجود فلسطيني على ارصنا التاريخية فهم يُمثّلون ايضا مسامير تُدق في "نعش اسرائيل"، نتيجة "خوازيقهم واسافينهم الداخليّة والخارجيّة"، تطبيقا للمثل الشعبي: "جاجةٍ حفرت على راسها عفرت!!!".
أما المعضلة الثانية الخارجيّة الجدّية والتي تحسب اسرائيل لها ألف حساب فتتمثّل في تعاظم وجهوزيّة قوى المقاومة من حولها من جبال خُراسان وحتى ميناء العقبة وايلات.
في سنوات سابقة كانت اسرائيل تنام في العسل ليلها الطويل وتحلم احلاما ورديّة فقد كانت محاطة بدول عربية تعيش في "البيات الشتوي" صيفا شتاء خريفا ربيعا. لكن الاحوال تبدّلت من جبال صعدة حتى جنوب لبنان وحتى تخوم نهر النيل وقناة السويس وحدائق ما بين النهرين دجلة والفرات.
قوى المقاومة باذرعها وحواضنها تقف متأهبة بالمرصاد لأي اعتداء أو عدوان اسرائيلي.
هناك آلاف الصواريخ المنصوبة والموجّهة الدقبقة الجاهزة للانطلاق، أنواع واحجام ومقاسات اخرى ليس بينها "الظافر والقاهر"، لكن "الفجر والسكود والكاتيوشا"، ومئات المُسيّرات المتوثّبة للطيران والتنفيذ.
لم تعد اسرائيل تستطيع أن تنقل المعركة سريعا إلى ارض الخصم، لكن المعارك القادمة ستدور كل لحظة على أراضيها "فلسطسن المغتصبة"، وستصل صواريخ المقاومة إلى عسقلان وإلى ما بعد عسقلان وإلى حيفا وإلى ما بعد حيفا.