الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الثلاثاء 28/3/2023 العدد 664

قسم العناوين الثلاثاء 28/3/2023
صحيفة هآرتس:
- نتنياهو استسلم للمتظاهرين
- يوعنا غونين: نتنياهو مدمن على الكذب
- يئير نتنياهو هو من أقال وزير الأمن وبنيامين نتنياهو لم يتوقع ردة الفعل الشعبية
- كتلة نتنياهو تخسر 10 مقاعد في استطلاعات للرأي
- للمرة الأولى جانتس يتفوق على نتنياهو في استطلاع حول من هو أفضل لأن يكون رئيسا للحكومة جانتس 37% ونتنياهو هبط إلى 30%
- الاعتداء على الفلسطينيين في حوارة وحرق حافلة من قبل المستوطنين
يديعوت أحرونوت:
- نتنياهو: إرجاء التشريعات حتى دورة الصيف بالكنيست
- الإضراب والمظاهرات وانضمام نقابة العمال إلى الإضراب والأضرار التي لحقت بالجيش أجبرت نتنياهو على تأجيل إقرار القوانين
- غانتس أعلن عن استعداده بالتفاوض على أساس مبادرة الرئيس الإسرائيلي
- قادة الاحتجاجات: سنواصل التظاهر إلى أن يلغي نتنياهو التشريعات
- المظاهرات ليلة أمس الأول لم يُخطط لها منذ قيام إسرائيل والديمقراطية في إسرائيل ربما ستموت يوما ما لكن ليس غدا ولا بعد الأسبوع أو حتى في الربيع
- الجنرال احتياط موطي ألموز: نتنياهو اهرب اهرب
- في كلمته تجاهل نتنياهو جالانت
- الجيش لبن غفير: نتنياهو خضع لابتزازه وأعلن عن إقامة الحرس الوطني الذي يسيطر عليه
- ضباط كبار أعلنوا عن معارضتهم للحرس الوطني لأنها ستكون سياسية تخدم بن غفير
- الشرطة تفرق مظاهرة تل أبيب بالعنف عبر رش المتظاهرين بالمياه وإطلاق القنابل الصوتية
- قلق مستقبلي: ارتفاع غير مسبوق في طلب الجنسيات الأجنبية من الإسرائيليين وفتح حسابات بنوك في الخارج
معاريف:
- الاحتجاج والتجميد
- نتنياهو يشيد بمظاهرة اليمين التي أغلقت الشوارع
- اعتقال 30 متظاهرا في تل أبيب
- نشطاء اليمين والداعمون لنتنياهو قاموا بإغلاق الشوارع في القدس وحرق الحاويات والإطارات ولم يعتقل أحد
- بن غفير يحتضن المتظاهرين في القدس بعد قيامهم بإغلاق الشوارع
- الشرطة: نشطاء اليمين اعتدَوا على الصحفيين وأفراد الشرطة
الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات |
هآرتس 28/3/2023
الخطوة الفضائحية لنتنياهو... يتـصرف كطاغية وفاجأ حتى مؤيديه
بقلم: رفیت هیخت
لم يتم بعد اقرار معظم قوانين الانقلاب النظامي، واصبح رئيس الحكومة الاسرائيلية يتصرف كطاغية عديم الكوابح ويعرض مشكلة كبيرة جدا في تقديراته وهو يدهور اسرائيل نحو كارثة.
خطوة نتنياهو العنيفة والفضائحية التي اقال فيها وزير الدفاع، يواف غالنت، فقط لأنه قام بدوره وحذر من خطر ملموس على أمن اسرائيل نتيجة للشرخ والخلافات في اوساط الشعب والجيش، هي خطوة غير معقولة حتى بمفاهيم الدراما المحلية التي تحيط بنا.
هذه الخطوة المجنونة فاجأت ايضا اعضاء الليكود أمس خلال اليوم قدر بعضهم بأن غالنت ما زال يمكن أن يصوت في نهاية الامر مع القانون الذي سيسمح للائتلاف بتعيين القضاة، وأنه كان يتوقع أن يلقي خطاب في الكنيست من اجل أن "يعدل لنفسه في ساحة الليكود". بالتحديد بخصوص الطلاق القطعي من ادلشتاين فان الآراء كانت حازمة اكثر: "يولي ادلشتاين لن ينتخب هنا مرة اخرى في الانتخابات التمهيدية"، قال وزير من الليكود في وقت سابق في نفس اليوم. "السيناريو الواقعي هو أن ادلشتاين سيبحث عن حزب آخر".
لكن بعد ذلك جاء نتنياهو وكالعادة بدد الجنون والخوف الى التصميم المستغرب بشأن تمرير التشريع بكل ثمن تضاف الآن هذه الاقالات الصادمة، وتغلق الدائرة على أي مصالحة مع الحكومة الاكثر خطورة في التاريخ ومع رئيس الحكومة الذي تثير خطواته الخوف والدهشة والاشمئزاز.
نتنياهو لم يتطرق أبدا الى صورة الاستخبارات التي عرضت عليه وعلى غالنت، أو الى جوهر، اقواله واثناء اليوم حاولوا في الليكود تقزيم التهديدات التي اسمعها غالنت "نحن" نشخص أن اساس التهديدات بخصوص الجيش يسمعها اشخاص من داخل موقع سياسي. وحسب تقديرنا فان الجيش لا يتعرض لخطر تفكك حقيقي"، قالوا هناك. اقالة غالنت تحول هذه المحاولات الى مهزلة وهمية ومخيفة. من غير المستبعد أن خطوة نتنياهو تنبع من ضائقة وضغط ازاء الاصوات التي تتزايد في الليكود.
"الليكود لا يفهم على الاطلاق الحدث. ليست لديه أي فكرة عما تورط فيه"، قال مصدر رفيع في المعارضة، مطلع على ما يحدث في الحزب الحاكم. ثلث اعضاء الليكود بشكل عام يعارضون التشريع بالصورة التي يجري فيها هم كانوا معنيين بوقفه ولكنهم يخافون من أنهم سيدفعون ثمنا سياسيا. هم لا يفهمون شيء بسيط وهو أن نفس اعضاء الكنيست الذين لا يدافعون عن مواقفهم هم الذين يحولون انفسهم الى اشخاص ليست لهم أي صلة لأن الليكود يمر بعملية مسرعة من التغيير ويتحول الى حزب لتالي غوتلب وشلومو قرعي وليس حزب لاسرائيل كاتب وغيلا غملئيل. الموضوع القانوني ربما يبلور ويجمع القاعدة ولكنه يقلل الناخبين ويعزل ليس اقل من ثلث ناخبي الليكود".
نتنياهو، الذي يسيطر عليه تماما من قبل تغريدات ابنه وبأيدي وحشية ياريف لفين، يعتقد أنه سيحقق خطوة مهددة كنتيجة لخطوته الوحشية. الحقيقة هي أن هذه الخطوة تزيد من حدة انقسام السلطة. أمام ابناء وبنات الدولة الطيبين، الذين يتحملون عبء حماية اسرائيل على اكتافهم ويقاتلون على صورتها الديمقراطية، تقف مجموعة زعران عنيفين لهم اعراف المافيا وخصائص فاشية ومستبدة. هذه هي الجغرافيا وهذه هي المعركة.
---------------------------------------------
يديعوت 28/3/2023
التظاهرات والتمرد في صفوف الجيش أجبرا نتنياهو على تجميد التشريع
بقلم: ناحوم برنياع
شاهدتُ خطاب نتنياهو في مقطورة قطار مليء حتى التعب، في الطريق من تظاهرتين في القدس. يعارض المسافرون، معظمهم إن لم يكن كلهم، ثورة لفين – روتمن، وقد شاهدوا الرجل الذي يتحدث بعدم اكتراث: ليس مهماً ما قال وما سيقول، فهم لا يصدقون أي كلمة. يخيل لي ان الثقة به ليست كبيرة حتى بين متظاهري اليمين الذين جاؤوا، أول من امس، بجموعهم.
يمكن أن يقال في الثناء على نتنياهو إنه يعرف كيف يحول بكلمات جميلة هزيمة نكراء الى تعادل مغسول. أما الحقائق فلن يغيرها هذا، ولا حقيقة أنه يعيش في كون آخر: المجتمع الإسرائيلي يشتعل، وكل ما يمكنه أن يعرضه عليه هو اجراءات.
أبدأ بما ليس في الخطاب. لم يكن فيه اي تفسير لإقالة وزير الدفاع، الذي بالإجمال عرض على نتنياهو أن يفعل بالضبط ما فعله، أول من أمس: أن يؤجل جدال التشريع عدة اشهر، وان يدعو الى الحوار. الناس في صدمة، لكنه لا يرى، ولا يسمع.
كما لم يكن في الخطاب ايضاً اي استعداد لأي تغيير في بنود القوانين التعسفية التي يعمل عليها الائتلاف في الكنيست. حتى لو أراد نتنياهو أن يتراجع عن بعض مشاريع القوانين فانه لا يستطيع. بن غفير، سموتريتش، ولفين يبتزونه.
ما الذي كان في الخطاب؟ كان ثمة عرض للحوار وشريك للحوار – بني غانتس. الحوار كلمة يحبها الجمهور. فهي تبث سخاء، كياسة، وإنصاتاً للآخر. ماذا يعمل الناس في الحوار؟ يتحدثون. دوائر خطاب. وماذا بعد ذلك؟ لا شيء. الحوار هو ما حصل في الأيام الاخيرة في لجنة الدستور برئاسة روتمن، مع قدر أكبر من الأدب.
ليس الحوار الوهمي هو ما نحتاجه، بل تشكيل لجنة جماهيرية، بدون سياسيين وبدون قضاة قائمين، تحقق وتستوضح بعمق في مداولات علنية، العلاقات القائمة بين السلطات في إسرائيل، ما الصحيح فيها وما يستوجب التعديل. هل يمكن الوصول إلى توافق على قانون أساس للتشريع، بل ربما دستور؟ نتنياهو لا يمكنه أن يشكل مثل هذه اللجنة، وذلك لأنه حتى تشكيلها ليس مريحا له، ولأنه أسير في أيدي شركائه في الحكم.
الرئيس هرتسوغ كان يمكنه أن يشكل لجنة كهذه لكنه سيفضل، على نحو شبه مؤكد، اتصالات سرية، ومحامين، يركزون على كل حرف ولا يحلون شيئاً.
حوار من هذا النوع لا يولد إلا مقاعد في الاستطلاعات. لهذا سحره ايضا في نظر نتنياهو، وفي نظر غانتس أيضاً. المظهر يتغلب على الجوهر. كان غانتس في هذه القصة في الماضي، مع نتنياهو، وسيكون فيها مرة أخرى.
فتح خطاب نتنياهو فصلا طويلا في شجب الرفض. ودعا رئيس الاركان وألوية الجيش الإسرائيلي لوقفه بكل القوة، لا احتوائه، بل وقفه.
أنا أيضا أشعر بعدم ارتياح أمام طيار احتياط يبلغ قائده انه لن يمتثل للتدريب. شاركت، الأحد الماضي، في اجتماع لنحو 400 ضابط من سلاح الجو في الاحتياط، بعضهم طيارون، وبعضهم مشغلو مسيّرات، معظمهم يعتزمون التبليغ عن وقف تطوعهم في اللحظة التي تجاز فيها القوانين.
هم ليسوا رافضين، هم متطوعون. يعرف نتنياهو بأنهم ليسوا رافضين، وان رئيس الاركان لا يمكنه ان يوقفهم. وهو يفتري عليهم فرية عابثة ويجعل رئيس الاركان كبش فداء؛ هذه هي مساهمة خطابه لأمن الدولة.
الحقيقة بسيطة: بدون التظاهرات الجماهيرية وبدون الانكسار في الجيش كان "تسونامي" التشريع للفين، وروتمن، ونتنياهو، ودرعي سيمر بهدوء، مثل السكين في الزبدة. ولّد احتجاج الضباط تحذير غالنت، وولدت اقالته الخروج الجماهيري، الفوري، الى الميادين في كل البلاد. وحدها التظاهرات، والمواجهات مع الشرطة، والتمرد في الجيش جعلت نتنياهو ينصت، يحترم ويجمد التشريع.
مشهد شارع كابلن، الشارع المركزي في الكريا في دار الحكومة في القدس، امتلأ بالاعلام الوطنية، رائع. كانت هذه تظاهرة ثالثة لحركة الاحتجاج أمام مباني الحكومة والكنيست. يخيل أن عدد المتظاهرين مستقر وثقتهم بالنصر تزداد. إحدى اللواتي ألقين خطابات قالت: "قبل ثلاثة أشهر كان الكثيرون منا مكتئبين، وبحثوا عن حل في جوازات السفر الأجنبية. انظروا ما الذي حصل منذئذ.
قد أكون مخطئاً، ولكن يخيل لي أن الجمهور أكثر شباباً مما كان في التظاهرات الاولى. جيل كامل من الإسرائيليين وصل الى الوعي بأنه ملزم بأن يعمل سياسياً والا فان وجوده، ووجود دولته، في خطر. يحصل لهم ما حصل في اتفاق اوسلو لجيل القبعات المنسوجة.
عشرات الآلاف وصلوا الى تظاهرة اليمين: تدفقوا سيراً على الأقدام، في نزلة شارع الرئيس السادس (على اسم والد الرئيس الحالي) وحتى شارع رابين. كثيرون كانوا من مصوتي سموتريش – عائلات مستوطنين بنسائهم واطفالهم، ومجموعات من شباب المدارس الدينية الصهيونية وفتيات المدارس الدينية. كان هناك الكثيرون من مصوتي بن غفير، شبان بالقبعات السوداء، وفتيان داسوا بالأقدام، ومزقوا اللافتات التي تبقت من تظاهرة الاحتجاج. أما جمهور "الليكود" فلم يأتِ تقريبا – حاليا لم يأتِ.
كان مشوقاً أن نرى اللقاء بين متظاهرين من المعسكرين – هؤلاء وأولئك يحملون العلم الوطني وعلى الرغم من ذلك كان من السهل ان نشخص من ينتمي لمعسكر ما ومن ينتمي للآخر. في البداية جرى خطاب – بشكل عام يتحدث شخصان معاً دون أن يسمع الواحد الآخر – وبعد ذلك مزايدة أخلاقية وإهانات. وفي النهاية إدارة الظهر. لم أرَ عنفاً.
قبيلتان في إسرائيل تدعيان الصدارة – كل قبيلة وحججها. القصة ليست عن نتنياهو، بل عن المجتمع الإسرائيلي.
---------------------------------------------
هآرتس 28/3/2023
نجح المتظاهرون في تركيع نتنياهو
بقلم: يوسي فيرتر
يعرف كل من عاش هنا في العقود الأخيرة أنه لا يمكن الوثوق بتصريح لبنيامين نتنياهو.
وعوده تتحول وعوداً انتهت صلاحيتها في اللحظة التي تقال فيها.
في الغد، وبعد الغد، بعد أن يلتقي مع الابن و/أو بن غفير سيتم تبشيرنا بالتسريبات بأنه لم يقصد حقاً، وأن الطرف الثاني يعيق، وأن "التحريض ضد عائلتي" لا يتوقف.
تعليق التشريع وإعطاء فرصة للحوار حتى نهاية الدورة الصيفية في بداية آب هما أقل بكثير مما طلبه منه قبل شهر أو شهرين رئيس الدولة وبني غانتس وحتى يائير لابيد.
أعطى لهم أيضا – لكن بالأساس للاحتجاج – فوزا كبيرا دون أي مقابل.
تحترق الدولة مثلما لم تحترق في أي يوم. يتحطم الاقتصاد. هو معزول في الساحة الدولية. في الاستطلاعات "الليكود" في حالة تراجع. العلامات التي يحصل عليها كارثية. بعد ثلاثة أشهر لا يوجد لديه ما يعرضه باستثناء عدم القدرة وفقدان الطريق وفشل شامل متعدد الجبهات.
في الأسابيع القريبة القادمة المليئة بالأعياد سيكون بالإمكان فحص نوايا رئيس الحكومة. هذا لن يكون معقدا جدا. ربما سيتلاشى الاحتجاج قليلا، ويستريح ويستجمع قوته قبل دورة الكنيست الصيفية، التي سيتم افتتاحها في 1 أيار. ياريف لفين وسمحا روتمان، ملاكا تخريب الديمقراطية في إسرائيل، ظهرا، أول من أمس، مهانين تماما.
لم يبق أي شيء من تهديدات وزير العدل بالاستقالة على الفور إذا تم وقف التشريع.
لا يوجد لدى روتمان ما يهدد به. ومن شدة الإحباط ذهب إلى وسائل الإعلام، وكذب تقريباً في كل جملة قالها.
نتنياهو، الذي تحدث، أول من أمس، للأمة بعد عشر ساعات بالضبط عن الموعد الأصلي الذي وعد أن يلقي فيه خطابه، ظهر مهزوما ومتعبا.
الاحتجاج الرائع الذي تأثر به كل العالم جعله يركع. ولكن من ألقاه على الأرض وداس عليه هو شريكه السياسي، الحشرة التي حللها ورفعها عاليا، وزير الأمن الوطني.
خرج نتنياهو من هذا الحدث وهو معصور أكثر من حبة البرتقال عندما تكون في معصرة مصنع "بريغات".
خلال ساعات كان مصير الدولة والشرطة في يد شخص عنصري، مجرم، ومدان ومؤيد لـ "الإرهاب". نكّل بن غفير به يوما كاملا، هدده وصرخ عليه واستخدم ضده سلسلة أسر خاصة ونجح في أن ينتزع منه وعداً فضائحياً (كما يبدو لن ينفذ) وهو تأسيس مليشيا تكون خاضعة له.
نتنياهو القديم كان سيسقط رأس أي شريك في الائتلاف يتجرأ على التفاخر بهذه الطريقة دون أي تردد. وكان سيعرف أيضا كيفية تقليص الخسارة في الوقت المناسب.
خلال أقل من تسعين يوماً على تشكيل الحكومة اليمينية دمر دولة وحزباً، ودمّر صورته الشخصية.
قبل أيام، في خطوة هستيرية توجد بصمات ابنه عليها، قام بإقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، وجعل مئات آلاف الأشخاص يتدفقون، ليس في حافلات جمعيات اليسار، إلى الشوارع والميادين. من هنا انضمت أيضا الهستدروت للاحتجاج، وقامت بشل الاقتصاد. إلى هذه الدرجة وصلنا.
أيضا في بيان نتنياهو، أول من أمس، لم تختفِ البهارات التي يدسها في كل طبخة، التحريض، والتقسيم والأكاذيب والتنصل من المسؤولية وإلقاء الاتهامات على الآخرين. اتهم رؤساء أجهزة الأمن بـ "استيعاب الرفض" وتشجيعه وكأن هذا الأمر مرتبط بهم (في حين أن الرافضين والمتهربين هم جزء رئيس في حكومته وفي ائتلافه).
قال عن متظاهري اليمين في القدس: هم خلافاً للآخرين جاؤوا بشكل مستقل وغير منظم وغير ممول، في الوقت الذي كانت فيه في الخارج تقف طوابير طويلة من حافلات "الليكود"، والمزيد من التشويه وأنصاف الحقائق. هذا هو نتنياهو. من جهة أخرى، يجب الاعتراف، مع أخذ هوية المتحدث بالحسبان، بأن هذا كان خطابا على حدود العقلانية، نسبيا أو مؤقتا لا يمكننا معرفة ذلك بالطبع.
أول من أمس تم نشر استطلاعين كارثيين بالنسبة لـ "الليكود" وكتلة اليمين. ائتلاف الـ 64 مقعداً هبط بنحو 10 مقاعد. "الليكود" يتحطم، ومن جهة أخرى، المعسكر الرسمي برئاسة بني غانتس يرتفع ويتفوق للمرة الأولى على حزب "يوجد مستقبل". الاستنتاج بسيط إلى درجة الألم: يطمح الجمهور إلى الحياة الطبيعية والمسؤولية والرسمية وحتى الملل. وهذا ما يقدمه له غانتس. شتاء بنيامين نتنياهو هو ربيع بني غانتس. الاستراتيجية التي حاول قيادتها مع جدعون ساعر وغادي أيزنكوت في الحملة الانتخابية في السعي وراء "اليمين العقلاني" تؤتي ثمارها الآن بتأخر ما. الأزهار هي بالطبع لنتنياهو، فبغبائه وضعفه أبعد عنه جمهورا كبيرا وأهداه للمعسكر الرسمي.
أثبتت هذه الأشهر للجميع أن حكومة يمين – حريديين – مستوطنين غير مؤهلة لإدارة مخزن للخردة. تعديل: هذه ليست حكومة يمينية، هذه حكومة فاشية، عنصرية ومسيحانية، مع أصحاب مناصب فاشلين وغير مناسبين (حتى لو كان يوجد شاذ واحد، وقد تمت إقالته من قبل والد رئيس الحكومة الحقيقي). أول من أمس من قام بالإقالة لم يجد أنه من الصحيح أن يشرح للجمهور سبب هذه الخطوة المهينة، ويبدو أنهم لم يعطوه الموافقة في البيت، وكأن نتنياهو لم يشهد ما يكفي من الإهانة في هذا اليوم الطويل، وجاء الإعلان من قصر حاكم الإمارات بن زايد، الذي التقى مع نفتالي بينيت.
لا يريدون دعوة رئيس الحكومة. ولكن سلفه تم استقباله في القصر بحفاوة. عن ذلك قيل إن الكأس مليء بالسم.
---------------------------------------------
هآرتس 28/3/2023
"الليكود" يتحطّم ..
بقلم: رفيت هيخت
على هامش الهزة الأرضية في إسرائيل من الجدير الانتباه إلى الدراما التي تحدث في اليمين بشكل عام وفي "الليكود" بشكل خاص.
معظم الوزراء وأعضاء الكنيست من "الليكود" يؤيدون رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي هو نفسه ظهر مشوشاً. قال الجميع إنه إذا أراد نتنياهو أي شيء فهم يؤيدونه.
أول من أمس كانت هناك كبسولة زمنية، جسدت إلى أي درجة نتنياهو ضائع.
بعد ليلة "الشاباك" في أيالون أراد نتنياهو الإعلان عن وقف التشريع، لكنه ببساطة لم ينجح في إيصال نفسه إلى هذا الموقف. وللتحلية فقد اضطر إلى الخضوع (مرة أخرى) للشخص الأكثر شقاوة في الحكومة.
النكتة التي يتم تداولها هي أن اسمه إيتمار بن غفير. نتنياهو ليس فقط لا يسيطر على الوضع، بل هو أيضا لا ينجح في صياغة سلوك متماسك: في لحظة قام بإقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، بشكل وحشي، وبعد لحظة توسل من أجل وقف التشريع.
في لحظة أعلن أنه "دخل إلى الحدث، وهو يمسك بالمقود. وبعد ثوانٍ ينحني أمام كل ولد وقح يتجول في محيطه".
في "الليكود" اليوم يتهمون اليسار، الطيارين، الأشكناز، قساة القلب وكل من لا يؤيد التدمير المدوي الذي يقوده الانقلاب النظامي والفوضى السائدة في الدولة.
لن تسمعوا تقريبا، باستثناء من يؤيدون يولي أدلشتاين الذين ما زالوا أقلية صغيرة، أي كلمة سيئة عن نتنياهو أو عن وزير العدل، ياريف لفين.
صحيح أنكم تسمعون أصواتا بأن الأمر سيستغرق جيلا آخر إلى أن "يسيطروا" وبحق، وأنه في المرة القادمة سيأتون إلى محاولة الانقلاب – الإصلاح القضائي حسب تعبيرهم – وهم منتصبو القامة وأكثر صلابة.
ولكن من وراء الالتفاف الليكودي التقليدي حول الزعيم يمكن أن نشاهد عدا ضعف نتنياهو أيضا مشكلة معينة يوجد فيها معسكر لفين، الذي علّق كل الآمال على تطبيق "الإصلاح". باستثناء لفين نفسه، الذي نجح في قيادة الدولة إلى حرب أهلية وأيضا دون أن يمرر خطته، أيضا أشخاص مثل شلومو قرعي وتالي غوتلب وغاليت ديستل اتبريان، سيدفعون ثمنا سياسيا عندما سيتلاشى غبار المعركة.
الآن هم يظهرون كمن يضربون على الحديد الساخن للقاعدة، لكن جمهور "الليكود" الواسع – ليس الذين يتنافسون بالشتائم في الواتس اب، ويتجولون في أروقة الكنيست، وبالأساس يسمعون الكثير من الضجة – سيعاقبهم على هذا الاندفاع، لأنهم حددوا بتصرفهم ما أصبح عليه "الليكود" الآن: حزب جريح يستسلم لكل أزعر متطرف، ويتحطم في الاستطلاعات.
يتآكل "الليكود" الآن من الجانبين. فالمعتدلون وأتباع الحوار يهاجرون إلى بني غانتس. ولكن المتطرفين ومن لهم ميول كهانية والمحبة المحدودة للديمقراطية يغازلون بن غفير. بعد أن يكتشفوا بأنه لا شيء، إذا أدار الشرطة الخاصة التي وعد بها مثل الأمور الأخرى التي هي تحت رعايته، فإن المتظاهرين بالتأكيد يمكنهم أن يهدؤوا، فهم سيجدون على الأغلب شعبوياً يمينيا آخر. لن يذهبو إلى الأستاذ سموتريتش. في أرض "الليكود"، العميقة جداً والصقورية، يتهمونه بالمماطلة في المفاوضات الائتلافية، التي جعلت، حسب رأيهم، "اليسار ينتظم في معسكر ضد الإصلاح". الأمر المشترك لكل الأصوات في "الليكود" بالمناسبة هو أن الحكومة مع هذين الشخصين هي في وضع كابوسي مستحيل.
ربما أن ما نراه الآن كان في الواقع هو الهدف غير المدرك (أو المدرك) للفين، عندما انطلق بمغامرته الهستيرية: تصفية نتنياهو؛ الإظهار للقاعدة التي تحب الكهانية، أنه "يميني حقيقي" من جهة، والإظهار للمعتدلين أن نتنياهو وبحق هو ديكتاتور مناهض للديمقراطية. فقط في الطريق هو أيضا قام بالقضاء على نفسه. ولكن ماذا يقولون هناك؟ ثمة صنف آخر.
---------------------------------------------
هآرتس 28/3/2023
رغم تعليقه الانقلاب.. نتنياهو من “الرجل الأقوى في العالم” إلى “المسيح الدجال”
بقلم: غيدي فايس
في الأسبوع الماضي، عشية سفر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إلى لندن رن الهاتف في ضيعة أرنون ملتشن الضخمة في إقليم ساسكيس، وكان على الطرف الثاني من الخط نائبة المدعي العام للدولة، ليئات بن آري، وكان لديها طلب: لا تلتقِ مع نتنياهو.
توجد لملتشن الثري جداً شقة في محيط فندق "سافوي" الفاخر، الذي نزل فيه في نهاية الأسبوع الماضي رئيس الحكومة وزوجته. في النيابة العامة خافوا من أن الشاهد الرئيسي القادم في محاكمة ملفات الآلاف، إذا استمرت كالعادة، سيلتقي مع المتهم رقم واحد أثناء الزيارة.
كان التحذير مبالغا فيه. لم يقم ملتشن بزيارة الشقة قرب "سافوي" في السنتين الأخيرتين. وفي الأصل هو لا ينوي الالتقاء مع الشخص الذي أغدق عليه طوال سنين الهدايا بمبالغ ضخمة. يعرف رجل الأعمال جيدا موقف رئيس الوزراء الساخر من الآخرين، ويدرك أنه لن يخرج أي خير من علاقته معه. كلفت هذه العلاقة ملتشن أن يدفع ثمنها محاميه بوعز بن تسور.
في شهادته في الملف 1000 توقف المخرج الهوليوودي عند الأساس النفسي الذي يوفر المفتاح لفهم السلوك الغريب لنتنياهو في الفترة الأخيرة. "هو يعتقد أنه يدافع عن الكيان اليهودي من جوليات"، قال لمحققي الشرطة. "افتراض نتنياهو... بعد ما حدث في الكارثة، وأنا هنا استخدم أقواله، نقف أمام كارثة الآن (قنبلة نووية)... إذا سقطتُ فإن شعب إسرائيل سيسقط. لا يوجد أي شخص يمكنه الوقوف أمام الأميركيين وأمام الروس".
الشعور بأنه يحمل رسالة مسيحانية تغذيه منذ سنوات مجموعة من المتملقين الذين أحاطوا برئيس الحكومة، لا سيما أبناء عائلته النووية. "الأقوى في العالم"، قالت عنه زوجته في شهادتها في الملف 4000. "الحارس والمدافع عن إسرائيل... معجبون به في كل أرجاء العالم، زعماء وحتى جمهور كبير. عندما يمشي في الشارع في نيويورك يصفقون له. حتى في الشارع في أستراليا وقفوا وصفقوا له... هو ببساطة زعيم يحظى بالإعجاب... هو يفعل أموراً كبيرة لشعب إسرائيل".
نجله يائير قال في شهادته في الملف 1000: "أبي له وزن في بقاء الشعب اليهودي في أرض إسرائيل. استمرارية الشعب ملقاة على كاهله".
ثمة أقوال مشابهة بصيغ مختلفة قالها نتنياهو لمن يريدون مصلحته، في الجهاز السياسي وخارجه، ممن حاولوا طوال أسابيع إقناعه بوقف الانقلاب النظامي حتى بثمن استقالة ياريف لفين.
من ناحيته، هكذا فهموا، وزير العدل هو اللبنة التي سيؤدي سقوطها إلى سقوط كل الحكومة.
وإذا سقط فالدولة أيضا ستنهار. هذا هو الواقع الذي يعيش فيه، حتى في الوقت الذي تنهار الدولة فيه بسببه.
ذات يوم قبل فترة طويلة حث ملتشن على إقالة يده اليمنى، هداس كلاين، لأنها رفضت أن تعطيه تفاصيل سرية عن الوضع النفسي للملياردير جيمس باكر. "بيبي قال لأرنون: افعل بها مع فعلته لإسرائيل كاتس – إنذار مدته 30 ثانية، وإلا فعليها الذهاب إلى البيت"، شهدت كلاين. في العام 2016 هدد نتنياهو بإقالة وزير المواصلات، الذي اتهمه بالأزمة بينه وبين الأحزاب الدينية بشأن أعمال القطار في أيام السبت.
في السنوات الجيدة له فإن نتنياهو، الذي أجرى رحلات مكوكية بين ترامب وبوتين وقاد إلى اتفاقات إبراهيم، كان يمكن أن نجد علاقة واهية بين صورته الذاتية وبين الواقع. الآن في الوقت الذي يصمم فيه أنه من الحيوي أن يبقى في منصبه، هو يظهر كالمسيح الدجال على صيغة شبتاي تسفي.
الأشخاص الذين يعرفونه منذ سنوات تفاجؤوا، مؤخراً، بضعفه وبرفضه الاستماع إلى التحذيرات من كارثة تقترب ومن استسلامه للخوف. فقد أوضح، مرة تلو الأخرى، أن يده تمسك بالمقود، لكن من تحدثوا معه عن جهاز القضاء تولد لديهم الانطباع بأنه يكرر شعارات مثل "أسير في فيتنام"، حسب قول أحدهم.
يبدو أنه وجد صعوبة في الاعتراف، أمام نفسه أيضا، بأنه لا يقود بل هو مَقُود وخاضع لأوهام لفين وإيتمار بن غفير ونتنياهو الابن.
في المفاوضات الائتلافية قال نتنياهو لرجاله إنه لن يسمح "للجنون" بأن يندلع.
كان على قناعة بأنه يستطيع الركوب على ظهر النمر، وأن يروض بن غفير وسموتريتش، وأنه من اللحظة التي سيتعودون فيها على الكراسي في مكاتبهم سيجدون صعوبة في التنازل عن ملذات الحكم. كانت خطته تشكيل إرثه بمساعدة اتفاق سلام مع السعودية، وبعد ذلك الاستقالة كمنتصر في ظل صفقة مخففة.
انهارت هذه الخطة. أيضا بنتسور، الذي تحول في السنوات الأخيرة إلى أحد مقربي نتنياهو، ـ وضح في السابق أنه لن يبقى إلى جانبه إذا لم يتم وقف الانقلاب. "ليس فقط أن الانقلاب المفترس يعارض موقف بنتسور"، قال للصحيفة رجل قانون يعرفه جيدا، "هو أيضا كان على قناعة بأن الهجوم العنيف على جهاز القضاء يضر بمصلحته، وأن الطريقة الصحيحة هي تحقيق إنجازات في قاعة المحكمة. حتى لو واصل تمثيل رئيس الحكومة فمن المشكوك فيه إذا كانت العلاقة بينهما ستعود إلى حالها. أول من أمس انقضّت عليه كلاب صيد المتهم التي حملته في السابق على الأكتاف.
أول من أمس أعلن نتنياهو عن تعليق التشريع، لكن فقط "لفترة زمنية". المتطرفون، الذين يقفون وراء الانقلاب، في الائتلاف وفي "الليكود"، لا ينوون تحريره من قبضتهم. هذه هي الطبعة الأخطر له. فمن تعود على الحكم وفقده يجد صعوبة في التسليم بالوضع المحبط الجديد، يمكن أن يقوم بخطوات متطرفة في محاولة للإثبات أنه ما زال يركب الحصان.
المثال الأخير هو إقالة وزير الدفاع، يوآف غالانت، في اندفاعة ديكتاتورية. إذا لم يرجع نتنياهو إلى رشده، بشكل مفاجئ، فربما تكون الخطوات التالية مدمرة أكثر.
---------------------------------------------
هآرتس 28/3/2023
إلى لفين “الغبي”: متى تدرك أن نتنياهو يتخذ “العليا” صديقة وفية لتمرير الأبرتهايد؟
بقلم: ديمتري شومسكي
نحن مضطرون إلى التحدث عن غباء وزير العدل ياريف لفين، رغم أن هذا لا يتفق مع الصورة الذكية التي بناها لنفسه والتي تنميها وسائل الإعلام، بما في ذلك هذه الصحيفة. بشكل عام، من غير الجيد ومن غير المناسب في هذه الأثناء تقسيم العالم إلى أذكياء وأغبياء. هذا التقسيم كان مقبولاً في اليونان القديمة، في الفلسفة الرواقية والساخرة على سبيل المثال. ولكن ما شأننا وحكماء اليونان المتعنتين والعقائديين الذين لم يعرفوا ما هي التعددية الفكرية؟ عندنا، في عهد ما بعد الحداثة، من المعتاد استيعاب مواقف وسلوكيات مختلفة، ومحظور وصف الآخر بأوصاف مهينة ومتعالية.
لكن التعالي مسموح على لفين. في نهاية المطاف، يدور الحديث عن أشكنازي، ابن بروفيسور في كلية العلوم الإنسانية في الجامعة العبرية، المتوفى آريه لفين، خريج كلية الحقوق في الجامعة نفسها. إذا كان غبياً، وهو هكذا حقاً، فمسموح قول ذلك عنه بفم مليء دون المخاطرة بالتنديد بي كصاحب امتيازات ونخبوي وأبوي.
لفين يشوه جهاز القضاء في إسرائيل بشكل عام والمحكمة العليا بشكل خاص، لأنه يحب مشروع الاحتلال ومشروع الاستيطان. يعتقد بأن المحكمة العليا عدوة الاستيطان، لكن ليس رئيستها. المحكمة العليا هي الصديقة المخلصة للمشروع الاستعماري الإسرائيلي لأنها توفر له قبة حديدية قانونية. والغبي تماماً غير قادر على فهم هذه الحقيقة الأساسية. بغبائه، يفعل لفين كل شيء لتحطيم القبة الحديدية القانونية للاحتلال. هو يجد صعوبة في تقدير الخدمة التي هي أثمن من الذهب التي يقدمها جهاز القضاء في إسرائيل لنظام القمع والاستعباد للشعب الفلسطيني في مناطق 1967.
لقد غاب عنه بأنه عندما أرادت المحكمة العليا الدفاع بشكل ضئيل هنا وهناك عن حقوق الإنسان للفلسطينيين، فإنها تعطي للديكتاتورية الإسرائيلية العسكرية في الضفة الغربية ما يشبه سلطة القانون، وبذلك تسكت ضمير الغرب المستعد لابتلاع المزيد من ضفادع الأبرتهايد مع صلصة سميكة ومضللة من “الديمقراطية الإسرائيلية”.
نتنياهو الذكي يعرف جيداً بأنه بدون جهاز قضاء قوي ومستقل وكيف يشرعن الاحتلال في مغسلة كلمات ومفاهيم ليبرالية قريبة من قلب الديمقراطيات، فإنه يصعب على الرأي العام في الغرب استيعاب وضبط النفس أمام الخروقات المنهجية للقانون الدولي من قبل إسرائيل.
صمود نتنياهو لسنوات وهو يدافع عن استقلالية جهاز القضاء في إسرائيل كان أحد المركبات الأساسية من خلال استراتيجية كاملة، التي أشار إليها أحد أبواقه في وسائل الإعلام ذات مرة، عميت سيغل، والتي كان هدفها إبعاد القضية الفلسطينية عن جدول الأعمال الدولي.
من أجل ذلك، قدر نتنياهو الذكي بأنه مطلوب محكمة عليا قوية، التي بمساعدتها سيتم استيعاب كذبة “الاحتلال المتنور” بسهولة في وعي الغرب، وسيغض أصدقاء الليبراليون النظر عن إسرائيل المحتلة.
وعندما علق في مشكلات قانونية وجد نفسه في قفص الاتهام؛ إما مواصلة العمل كأحد “أكبر المدافعين عن جهاز القضاء”، كما قال عنه ذلك رئيس المحكمة العليا المتقاعد أهارون براك، من أجل ضمان الحصانة القانونية الدولية لمشروع الاحتلال والاستيطان وأن يعرض نفسه لخطر الإدانة والسجن، أو أن يمد اليد ليساهم في تدمير جهاز القضاء ويقود إلى إلغاء محاكمته بثمن تعريض مستقبل الاحتلال للخطر، الذي سيكون مكشوفاً لضغط دولي فعال بدون القبة الحديدية القانونية.
من نافل القول إن نتنياهو، المعروف بأنه يفضل التمسك بالمبادئ بدلاً من مصالحه الشخصية، اختار بالإكراه أن يتنازل عن السترة الواقية القانونية للاحتلال، شريطة أن يحقق النجاة من ذعر المحاكمة. ولكن لأنه مهم له، لنتنياهو الذكي، ألا يلقي عليه أحد المسؤولية حول الإسهام في إضعاف الحماية القانونية للاستيطان، فقد وجد لفين الغبي، المتحمس لتخريب سلطة القانون في إسرائيل لصالح أوهام الضم، ليفعل أعمال التدمير من أجله. هنا ولدت الرواية التفسيرية الشعبية التي لا أساس لها، والتي ترافق الانقلاب النظامي في الفترة الأخيرة، والتي تقول بأن “نتنياهو الذكي” أسير في يد لفين “الغبي”. واضح لماذا تخدم هذه الرواية نتنياهو، لأنها تمكنه من صيد عصفورين بحجر واحد؛ من جهة، بمساعدتها يعد لنفسه عذراً مبرراً إذا كان، ونتيجة لتدمير جهاز القضاء سيقف نظام الأبرتهايد في إسرائيل عارياً أمام التسونامي السياسي الذي يتمثل بفرض عقوبات دولية. ومن جهة أخرى، إذا اضطر لإيقاف تشريع قوانين الانقلاب لفترة معينة إزاء قوة الاحتجاج (مثلما يظهر الآن) يمكنه الظهور كبالغ ومسؤول تمرد أخيراً على عودة المتعصب لفين وقد حرر الدولة من قبضته.
ليس واضحاً لماذا كثير من المحللين السياسيين في البلاد، بما في ذلك محللو هذه الصحيفة، يتعاونون مع هذا التضليل الإعلامي المهذب. إن تصريح لفين عقب نية نتنياهو تعليق التشريع بأنه “سيحترم أي قرار” (أي أنه لن يقدم استقالته إذا تم وقف الانقلاب) لا يدل أبداً، مثل ألف شاهد، على أن الأمر يتعلق بنمر من ورق يخضع لأوامر سيده. من غير المفهوم تماماً أنه من المستبعد أن الذكي سينجر وراء الغبي، إلا إذا كان الذكي معنياً بعرض الأمور بشكل مضلل كهذا.
---------------------------------------------
يديعوت أحرونوت 28/3/2023
نتنياهو أمام سؤال العالم: كيف تحولت من ساحر إلى أرنب؟
بقلم: ليمور لفنات
ماذا حصل له، يسأل كثيرون من الجمهور الإسرائيلي. ماذا حصل لنتنياهو، الساحر، ملك الحملات، الخطيب العظيم، ذاك الذي تسير كاريزميته وسحره الشخصي أمامه؟
ماذا حصل له؟ تسأل الإدارة الأمريكية وزعماء أوروبا. إلى أين يقود الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط فيما يحاول تحطيم جهاز القضاء، ذاك الذي هو نفسه تباهى به جداً، ذاك الذي بفضل مكانته الدولية، طيارونا، ضباطنا ومقاتلونا، الذين يعملون خلف خطوط العدو، لا يقدمون إلى المحاكمة في لاهاي؟
ماذا حصل له؟ يسأل أصدقاء إسرائيل ومؤيدوها في العالم كله. إلى أين يركض، لماذا العجلة؟ لماذا هذا التعاون مع الكهانيين، والمسيحانيين، والمعادين للبشر، المتعصبين؟ العالم لا يفهم.
ليس العالم وحده هو من لا يفهم، الليكود أيضاً لا يفهمون.
كثيرون في قيادة الليكود وحتى بين النواب، لا يفهمون ماذا حصل لنتنياهو الذي عرفوه، الذكي، الحاد، المتفكر، الأمني، الخبير في الاقتصاد والذي أنقذ الاقتصاد كوزير للمالية – لكنهم ينقصهم الشجاعة اللازمة للنهوض وللقيام بفعل ما، تلك الشجاعة التي أبداها يوآف غالنت قبل يومين.
لقد ارتكب رئيس الوزراء كل الأخطاء الممكنة. في الأشهر الثلاثة الماضية من لحظة نصره الكبير في الانتخابات، لم يعالج غلاء المعيشة والسكن، ولا الحوكمة، ولا الأمن – لكنه نجح في دفع مئات آلاف الأشخاص للخروج إلى الشوارع على مدى 12 أسبوعاً، وأحياناً أكثر من مرة في الأسبوع، في احتجاج شعبي لم يكن له مثيل في إسرائيل.
وما الذي حققه بذلك؟ ما الذي حققه في العجلة المجنونة لتشريع مناهض للديمقراطية في لجنة الدستور برئاسة سمحا روتمان من حزب هامشي؟ ما الذي حققه بتعيينات هاذية لسموتريتش الذي دعا إلى محو حوارة، أو محب إشعال النيران بن غفير كوزير مسؤول عن الشرطة؟ أو بتعيين وزيرة الإعلام غاليت ديستل التي وصفت الطيارين بـ “سقط بعوض”، أو الوزير كرعي الذي بعث بهم إلى الجحيم – مجموعة رعاع لا علاقة بينها وبين الليكود الذي كان ذات مرة يميناً رسمياً – ليبرالياً.
هكذا فقد نتنياهو كل العوالم. اضطر إلى الإعلان عن وقف الإصلاح في خطاب مقسم ألقاه أمس، وعندما بدأ ائتلافه ينزف اضطر لإعطاء بن غفير مهراً في شكل ميليشيات مسلحة تكون تابعة مباشرة إليه.
إن إقالة وزير الدفاع يوآف غالنت لكونه عكس صورة الوضع بمسؤولية وبشجاعة، فاقمت الاحتجاج لدرجة إضراب الاقتصاد، واختفى نتنياهو، اختبأ يومين عن عين الجمهور. لا يؤدي مهامه.
هذا ليس احتجاج يساريين ولا فوضويين كما حاول أن يسوق للجمهور. نحن لسنا خونة ولا إرهابيين، هذا احتجاج وطنيين، صهاينة، يمينيين ويساريين، علمانيين ومتدينين، يرون دولة إسرائيل تتحطم أمام عيونهم عشية يوم الاستقلال الـ 75 لها والقائد الذي وعد بأن تكون يداه على الدفة لم يعد القائد إياه الذي عرفناه.
في السنوات الأخيرة أعود لأحذر من على صفحات هذه الصحيفة ومن على كل منصة ممكنة: نتنياهو الذي عملت معه سنوات طويلة لم يعد نتنياهو إياه. ماذا حصل له؟ يمكن التخمين، لكن واضح أن بيبي فقد هذا.
الوضع الآن خطير. عندما لا يكون رئيس وزراء إسرائيل، الدولة المحوطة بالأعداء وتحت التهديدات الأمنية الأخطر في العالم، مركزاً أو منصتاً لمحافل الأمن، ولا يعقد الكابينت لشهر ونصف، ثم يقيل وزير دفاعه ويصر على إجازة قوانين تمس بالديمقراطية، حينئذ ثمة سبب للقلق. وعليه، يجب الدخول إلى مسار الحوار انطلاقاً من أمل بالنجاح، ثم مواصلة رفع أعلام إسرائيل إلى الأعلى فأعلى.
---------------------------------------------
هآرتس 28/3/2023
هآرتس.. للمعارضة وقادتها: احذروا ألاعيب نتنياهو
بقلم: أسرة التحرير
أعلن رئيس الوزراء نتنياهو أمس بأنه يعلق التصويت بالقراءتين الثانية والثالثة على قانون تغيير تركيبة اللجنة لانتخاب القضاة، حتى الدورة التالية للكنيست. والسبب الرسمي الذي قدمه: “الرغبة في منع الشرخ في الشعب” كي “يتم التوصل إلى توافق واسع”. أما الحقيقة فهي أن هدفه الوحيد من هذا التعليق القصير هو إنقاذ حكمه من الاحتجاج المدني الهائل الذي قام ضده.
بعد أن خصص اليوم كله كي ينظم احتجاج دعم “عفوي” ولهذا الغرض أجّل إعلانه، ثبت نتنياهو في خطابه تماثلاً زائفاً وكاذباً بين معارضي الانقلاب ومؤيديه. حاول أن يحرف الانتباه إلى ظاهرة الرفض، رغم أن رفض التطوع لخدمة الاحتياط كان من مظاهر الاحتجاج الأكثر إبهاراً وأهمية.
بلا خجل، شبه نتنياهو الوضع السياسي في إسرائيل بمحاكمة شلومو، وقال إنه في الخلاف الحالي داخل إسرائيل “يدعي الطرفان محبة الرضيع، ومحبة دولتنا”. وذلك في الوقت الذي ما يقسم إسرائيل إلى قسمين ويهددها ليست محاكمة شلومو، بل محاكمة نتنياهو ومحاولات المتهم تشويه القانون لأغراضه والسيطرة على تعيين قضاته بكل ثمن.
لقد وافق رئيسا المعارضة بني غانتس ويئير لبيد على الدخول بحذر إلى حوار كي يمنعا حرباً أهلية. وبعملهما هذا، عليهما أن يكونا حذرين للغاية، وذلك لأن التجربة تفيد بأن نتنياهو لا يتردد في التلاعب والأكاذيب والمناورات، وطبيعته الثانية هي زرع ألغام لا تنكشف إلى أن يفوت الأوان – غانتس نفسه شعر بالصدمة الموجودة في خرق اتفاق التناوب الذي عقده مع نتنياهو.
يجب أن تكون فرضية عمل غانتس ولبيد أن خطة نتنياهو جاءت لقمع الاحتجاج، وقد يتبين أن دعوته للحوار ليست إلا محاولة لقمع زخمه. ثمة دليل على انعدام نية طيبة لدى نتنياهو، نجده في وعده السائب لإقامة حرس وطني يتبع وزير الأمن القومي بن غفير. رئيس الوزراء يرشو اليمين المتطرف بوعد لإقامة ميليشيا تعرض مواطنين إسرائيليين للخطر وأساساً متظاهرين ضد الانقلاب، مقابل أن تنجو حكومته الخطيرة وتواصل البقاء. محظور الموافقة على ذلك.
لم يتحدث نتنياهو في خطابه عن إقالته الفضائحية لوزير الدفاع يوآف غالانت الذي حذر عن حق من خطر أمني. وعليه فإن أقواله عن الحاجة إلى وحدة الشعب ليست سوى أقوال عليلة. ثمة مكان لمواصلة الاحتجاج بل ولتوسيعه إلى جانب استيضاح جذري ينبغي لغانتس ولبيد أن يجرياه بالنسبة إلى مدى استعداد نتنياهو لوقف التشريع. في الشهرين القادمين سيتبين إذا كانت إسرائيل توقفت قبل الهوة أم أن نتنياهو ورفاقه الخطيرين يصرون على تحطيمها. محظور التراخي ومحظور وقف الضغط إلى أن يسحب التشريع.
---------------------------------------------
الاستراتيجية النووية السعودية وثمن السلام مع “إسرائيل”
إن نصيب الأسد من رؤية المملكة العربية السعودية 2030، التي وقعها ولي العهد والحاكم الفعلي محمد بن سلمان، مكرسٌ لضرورة الحد من اعتمادها على النفط وإنشاء اقتصاد متنوع وتنافسي ومستدام.
كما قررت المملكة أن تسلك المسار النووي والتقدم في إنتاج الطاقة، والجانب الاقتصادي كان المبرر لذلك، بالرغم من أنها مدفوعة في هذا السياق بشكل أساسي من تراجعها الاستراتيجي مقارنة بتقدم إيران، ولاعتبارات الهيبة والمكانة.
في عام 2012 أعلنت المملكة -وهي من الدول الموقعة على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية- عن رؤية لبناء 16 مفاعلاً للطاقة بحلول عام 2032، لكن الهدف تم تأجيله، وأصبح الآن في عام 2040، وهو هدف غير واقعي أيضاً.
في عام 2017 نشر السعوديون مناقصة دولية لبناء أول مفاعلين، لكنهم لم يلتزموا بالجدول الزمني، وتعود أسباب التأجيل جزئياً إلى الصعوبات في التوصل إلى اتفاقية تعاون نووي مع الولايات المتحدة.
على مر السنين، أكدت المملكة أن برنامجها النووي للأغراض السلمية فقط.
ومع ذلك فإن كبار المسؤولين السعوديين، بمن فيهم ولي العهد والحاكم الفعلي محمد بن سلمان صرحوا علناً وصراحة أنه إذا امتلكت إيران قدرة نووية، فإن المملكة ستمتلك أيضاً مثل هذه القدرة.
بشكل عام، يريد السعوديون تقديم أنفسهم على أنهم مساوون لإيران، ولهذا فلهم حق تخصيب اليورانيوم، -كما يقول السعوديون- كما يرغب السعوديون في إبقاء جميع الخيارات النووية مفتوحة، حتى لو لم يسعو على الفور لتطوير أسلحة نووية.
في الوثيقة التي ترسم سياستها بشأن الملف النووي، تتعهد المملكة بتطوير برنامج نووي للأغراض السلمية فقط، وهو ما يتماشى مع المعاهدات الدولية الملزمة للأمان النووي والشفافية في المجال التنظيمي والتشغيلي؛ لاستخراج الموارد (اليورانيوم بشكل رئيسي) الموجودة في أراضيها.
يحرز السعوديون تقدماً بطيئاً في تحقيق رؤيتهم النووية، وبالتأكيد مقارنة بجارتهم الإمارات العربية المتحدة، التي تشغل ثلاثة من أربعة مفاعلات كورية الصنع (APR1400) مبنية على أراضيها، وقد تخلت الإمارات العربية المتحدة مقابل مساعدات دولية في هذا المجال عن تخصيب اليورانيوم ومعالجة البلوتونيوم – وهي سابقة أطلق عليها اسم “المعيار الذهبي”، لا تقبل المملكة العربية السعودية بهذا المعيار، وقد اختارت مساراً مختلفاً عن جارتها وتروج بشكل منهجي لبرنامجها النووي من خلال عدة قنوات.
تخصيب اليورانيوم
في يناير 2023 صرح وزير الطاقة السعودي وشقيق ولي العهد عبد العزيز بن سلمان، أن المملكة تعتزم استغلال طبقات اليورانيوم في أراضيها لتخصيبها إلى مستوى منخفض (LEU)، يضاف هذا التصريح إلى كلام كبار المسؤولين السعوديين في السنوات الأخيرة الذي يؤكد نية المملكة للاستقلال في تشغيل دائرة وقود نووي.
هل يوجد بالفعل نشاط فعلي في هذا المجال؟
في عام 2020، تم الإعلان عن اكتشاف منشأة استخراج “الكعكة الصفراء” في المملكة، وهي الخطوة الأولى في إنتاج اليورانيوم لأي استخدام، والتي تم بناؤها بالتعاون المشترك مع الصين، حتى الآن، لم يتم “اكتشاف” مرافق لتحويل أو تخصيب اليورانيوم في المملكة، -عدم الجدوى الاقتصادية للتخصيب المستقل والبدائل من مصدر خارجي موثوق، وإمكانات الطاقة الشمسية واحتياطيات المملكة من النفط – كل ذلك يغذي شكوكاً معقولة بأن توجه المملكة ليس فقط لبرنامج نووي مدني.
مفاعلات الطاقة
في عام 2022، نشرت المملكة مناقصة لبناء مفاعلين، 1.4 جيجاوات لكل منهما تبنى على حافة الخليج.
وتدرس المملكة مقترحات لبناء مفاعلات من روسيا والصين وفرنسا والولايات المتحدة وكوريا الجنوبية.
وبحسب “معهد أبحاث الأمن القومي”، يُنسب إلى كوريا الجنوبية أعلى فرص الفوز، بسبب التعاون القائم بالفعل بين الدول، وبفضل الخبرة المكتسبة لدى سيؤول من بناء المفاعلات الإماراتية، ويجب التأكيد على أنه لكي تشتري المملكة العربية السعودية المفاعلات من كوريا الجنوبية، تحتاج سيؤول إلى موافقة الولايات المتحدة، بسبب اعتبارات سياسية وربما تكنولوجية (يزعم الأمريكيون أن التكنولوجيا المستخدمة في بناء المفاعلات تعود لشركة Westinghouse)، وهناك عقبة أخرى هي توقيع السعودية على “اتفاقية 123” للتعاون النووي مع الولايات المتحدة (سميت على اسم بند من قانون الطاقة النووية الأمريكي لعام 1954).
التنظيم والأبحاث
على أراضي مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتكنولوجيا (KACST)، يجري حالياً بناء مفاعل أبحاث صغير من صنع الأرجنتين، وهو مشروع تشارك فيه كوريا الجنوبية أيضاً (سيتطلب شحن الوقود في المفاعل اتفاقية جديدة بين المملكة العربية السعودية والوكالة الدولية للطاقة الذرية) مفاعل الماء الخفيف ذو طاقة منخفضة (30 كيلو وات) مخصص بشكل أساسي لتدريب الأفراد، ولا يشكل أي خطر من حيث الإنتشار، المملكة لديها منظمة أخرى تعمل في مجال البحوث النووية، مدينة الملك عبد الله للأبحاث النووية والطاقة المتجددة (KACARE)، في عام 2022 وقعت المنظمتان اتفاقية تعاون وتكامل بين مختلف مجالات النشاط، وفي العام نفسه تم الكشف عن وجود شركة قابضة نووية تركز على بناء منشآت نووية وتدريب الكوادر في الميدان.
طرق مختصرة
للمملكة العربية السعودية علاقة استراتيجية طويلة الأمد مع باكستان، وبينما لا تزال الرياض تمثل داعماً اقتصادياً لإسلام آباد، فقد تساعدها باكستان بعدة طرق لتحقيق رد سريع وجاهز للتعامل مع هجوم نووي إيراني، إن باكستان ليست الدولة الوحيدة، فقد تساعد كوريا الجنوبية المملكة العربية السعودية أيضاً ويجب أن تؤخذ في الاعتبار، الدونية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية مقارنة بإيران، فضلاً عن طبيعة قيادتها الحالية ومواردها الهائلة – كل ذلك يزيد من احتمالية أنه في حالة امتلاك إيران لسلاح نووي فإن الرياض ستتجه إلى تحقيق “الخيار الباكستاني، “التقارب الهادئ الأخير بين الرياض وطهران لا يغير بشكل كبير هذه البيانات الأساسية أو تصور التهديد الإيراني لدى المملكة، حتى أن السعوديين رسموا مؤخراً الخط الأحمر بالنسبة لهم، والذي سيجبرهم ضمنياً على امتلاك قدرة نووية ربما من الجاهزة، وهذا الخط الاحمر هو امتلاك ايران أسلحة نووية عملياتية، في كانون الأول (ديسمبر) 2022، قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، إنه في مثل هذه الحالة “كل الرهانات مفتوحة “.
الانتشار النووي وثمن التطبيع..
ناقشت إدارتا الرئيسين أوباما وترامب مع المملكة العربية السعودية اتفاقية 123، ويبدو أن السبب الرئيسي لعدم إحراز تقدم يكمن في رفض المملكة لشروط الولايات المتحدة: التخلي عن تخصيب اليورانيوم ومعالجة البلوتونيوم على أراضيها والتوقيع على لبروتوكول الإضافي” للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الذي يسمح بمراقبة أوثق لمنشآتها ويقدم صورة أكمل للجهود النووية السعودية”.
في كل ما قيل من أجل تطوير برنامج نووي مدني وفي محاولة للضغط على واشنطن لمراجعة شروطها لتوقيع اتفاقية للمشاركة في الميدان، من الممكن أن يستخدم السعوديون وسيلة أخرى للضغط، وهي التطبيع مع إسرائيل، وبالفعل، أفادت الأنباء أن أحد شروط المملكة لإقامة علاقات مع إسرائيل هو السماح بالنشاط النووي في المملكة. وفق هذه الصيغة، سيسعى السعوديون إلى تخفيف الشروط الأمريكية للتعاون النووي معهم مقابل إجراءات بناء الثقة من اتجاههم تجاه إسرائيل.
وأوضح المعهد، أن “هناك علاقة هادئة بين تل أبيب والرياض، حتى أن رئيس وزراء العدو “بنيامين نتنياهو” أعلن عزمه السعي لتوقيع اتفاقية سلام مع المملكة، ولكن عندما تزن “إسرائيل” الأثمان المحتملة لمثل هذه الاتفاقية، يجب عليها أيضاً أن تأخذ في الحسبان جوانب الانتشار النووي، يجب أن يضاف إلى الانتشار النووي الإقليمي في السياق السعودي خطر الضرر الناتج عن مهاجمة هذه المفاعلات التي ستقوم ببنائها، على سبيل المثال بواسطة طائرات بدون طيار أو صواريخ إيرانية أو بتلك التي يمتلكها وكلائها، (في الماضي تفاخر الحوثيون بأنهم أطلقوا صواريخ باتجاه عمال المناجم الإماراتيين في براكة – وهو ما نفته أبوظبي)، من بين المخاطر التي يجب إدراجها أيضاً الاستخدام غير المصرح به وفقدان السيطرة على الأسلحة إن وجدت، أو ربما على المواد النووية”.
وأشار المعهد إلى أنه “يجب أن يكون هناك نقاش حول هذه القضية، حتى لو لم يكن علناً، وهذا يختلف عن العملية التي أدت إلى التطبيع مع الإمارات العربية المتحدة والتي تم خلالها على ما يبدو الحصول على موافقة “إسرائيل” على شراء الإمارات لطائرة F-35، يجب على إسرائيل معارضة اتفاقية التعاون النووي بين واشنطن والرياض، إذا لم تتضمن اعتماد “المعيار الذهبي”، في الماضي، أخفت المملكة جوانب من برنامجها الصاروخي والنووي، ومن المهم الحفاظ على اليقظة الاستخباراتية بشأن ما يحدث على أراضيها في هذا المجال”.
ويرى المعهد، أن هذه المعضلة ليست بسيطة لأن “لإسرائيل” مصلحة واضحة في تعاون السعوديين مع الولايات المتحدة في المجال النووي، وليس مع الصين أو روسيا، كما لا يجب أن تعارض “إسرائيل” مبدئياً برنامجًا نوويًا مدنيًا في المملكة العربية السعودية، بعد كل شيء، لن تكون المعارضة ذات فائدة لأنه لن يكون من الممكن الآن وقف ذلك، التطبيع مع السعودية هدف مهم وجدير بأن تنظر أو تدرس “إسرائيل” تقديم تنازلات من أجل تحقيقه، ومع ذلك، يجب على “إسرائيل” أن تفكر ملياً في ثمن السلام المحتمل مع السعودية إذا تضمن نشاطاً نووياً في المملكة لا يتوافق مع “المعيار الذهبي”، يجب على “إسرائيل” أن تعطي الأولوية لتنظيم العلاقات مع المملكة، وأن تكون مستعدة لتقديم تنازلات مختلفة، ولكن ليس في المجال النووي”.
---------------------------------------------
نيويورك تايمز: أمريكا لم تعد تثق بنتنياهو وعليه الاعتذار عن اتهامه واشنطن بالتحريض ضد انقلابه
قال المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز” توماس فريدمان إنه لا يمكن الثقة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معلقا أن إجبار المجتمع المدني الإسرائيلي رئيس الوزراء على تأجيل الإصلاحات القضائية كشف للولايات المتحدة وللمرة الأولى أن رئيس الوزراء في إسرائيل ليس شخصا عقلانيا بل ويمثل خطرا على الإسرائيليين والمصالح والقيم الأمريكية أيضا.
كل هذا يستدعي إعادة تقييم من إدارة بايدن والجماعات المؤيدة لإسرائيل في الولايات المتحدة والذين أخبرهم نتنياهو “ثقوا بالعملية” و”ديمقراطية إسرائيل في عافية” وهمس أيضا “لا تقلقوا حول المتحمسين الدينيين ودعاة التفوق اليهودي، وأنا جلبتهم إلى السلطة لمساعدتي في منع محاكمتي بتهم الفساد. وسأحافظ على إسرائيل في إطار السياسة التقليدية والخارجية، فأنا نفسي، صديقكم القديم”.
كانوا يريدون الثقة به وكل ما حصلوا عليه هو الكذب. ومنذ اليوم الأول، كان واضحا للجميع أن الحكومة الإسرائيلية ستذهب إلى أعلى حالات التطرف التي لم تذهب إليها حكومة في السابق. وبدون دعامات حماية، كانت تريد أخذ الولايات المتحدة ويهود العالم إلى خطوط حمر لم تتخيل أنها ستجتازها، وربما زعزعة استقرار الأردن وتقويض اتفاقيات إبراهيم وقتل حل الدولتين وأخذ إسرائيل في الذكرى الـ 75 على إنشائها نحو الحرب الأهلية.
كانت الخطوة الأولى لتحقيق أجندة الحكومة هي التخلص من استقلالية المحكمة العليا، التي تعتبر آخر مؤسسة مستقلة تستطيع الحد من طموحات نتنياهو وشركائه المتطرفين في التحالف، وعبر عملية تم التستر عليها من خلال “إصلاحات قضائية”.
وبعد تركيع القضاء، كانت إسرائيل ستبدو مثل دولة يحكمها مستبدون. وقام نتنياهو وشركاؤه بالعمل على تحقيق السيطرة على المحاكم أكثر من أي هدف وأولوية تعهدوا بها، مما وضع إسرائيل على حافة الحرب الأهلية، وهو ما اعترف به نتنياهو في خطابه ليلة الإثنين. وعرض نتنياهو بعد تمرد غير مسبوق من قطاعات المجتمع المتنوعة والقوات العسكرية وحتى أعضاء في تحالفه، تأجيل عملية الاستيلاء على مؤسسات الدولة ومنح شهرا للتفاوض مع المعارضة من أجل البحث عن تسوية. وأهم ما بدا في كل هذا هو أن نتنياهو أصبح شخصية غير عقلانية على المستوى الدولي، وأصبح شخصا لم يعد أحد يتكهن بتصرفاته ويجب على بايدن ألا يثق بكلامه.
أصبح نتنياهو شخصية غير عقلانية على المستوى الدولي، وشخصا لم يعد أحد يتكهن بتصرفاته وعلى بايدن ألا يثق بكلامه
وكبداية، على الولايات المتحدة التأكد من عدم استخدام نتنياهو أي سلاح أمريكي كي يبدأ حربا مع إيران أو حزب الله بدون مصادقة كاملة من الجيش الإسرائيلي والقيادة العليا التي عارضت انقلاب.
وتساءل الكاتب عن سبب طرحه سؤالا عن تحول نتنياهو للاعب غير عقلاني بالقول إن الجواب يحتاج إلى سؤال آخر.
فماذا نقول عن رئيس وزراء وابنه وبعد خمسين عاما من إرسال الولايات المتحدة مليارات المليارات من الدولارات كمساعدات اقتصادية وعسكرية، ينشران الكذبة أن الحكومة الأمريكية تقف وراء التظاهرات الحاشدة ضد رئيس الوزراء، وأنه لا يمكن أن تكون هذه تظاهرات خارجة من القاعدة الشعبية، ويجب أن يكون المحرض عليها هو أمريكا. وأشار الكاتب إلى ما قام يائير نتنياهو المستشار السياسي المقرب لوالده بمشاركة تغريدات في الأسبوع الماضي، حسبما أوردت صحيفة “جيروزاليم بوست”، من قبيل “تقف وزارة الخارجية الأمريكية خلف الاحتجاجات في إسرائيل، بهدف الإطاحة بنتنياهو ومن أجل التوصل على ما يبدو لاتفاقية مع إيران”.
ويعتقد الكاتب أن هذا الكلام من نتنياهو نفسه، فقبل أسبوعين نشرت “تايمز أوف إسرائيل” خبرا عندما كان نتنياهو الأب في زيارة إلى روما ونقلت عن “مسؤول بارز” كان يرافقه والجميع يعرف أنه نتنياهو، قوله وبدون أي دليل أن “الاحتجاجات ممولة ومنظمة بملايين الدولارات، وهي منظمة بشكل واسع”. وأكد مسؤول في حاشية رئيس الوزراء أن “المسؤول البارز” كان يشير إلى أمريكا. وهذا هو نفس الأسلوب التآمري الذي استخدمه قادة إيران لنزع المصداقية عن التظاهرات الشعبية ضدهم.
واعتبر الكاتب أن انقلاب نتنياهو وابنه ضد أمريكا بنفس الطريقة المثيرة للشفقة في إيران هو أمر مخجل وجنون، قائلا إنه يجب عدم السماح لأي منهما بدخول أمريكا حتى يعتذرا. وتساءل “أي زعيم يخاطر بتفكيك الجيش عبر محاولة السيطرة على القضاء في وقت تواصل فيه إيران عمليات تخصيب اليورانيوم لصناعة القنبلة في أسبوعين وتعيد علاقاتها مع حلفاء إسرائيل العرب”.
وقبل أسبوع، أعطى وزير الدفاع غالانت يواف نتنياهو خيارين: تجميد انقلابه القضائي بدون حوار وطني أو المضي قدما به. ولكنه أجبر وزير دفاعه على الاستقالة ودفع عددا من قوات الجيش والجو لرفض القيام بالواجب.
وكان تحرك نتنياهو مثيرا للدهشة، وكما كتب محرر شؤون الدفاع في “هآرتس” أنه لم يعثر على أي مسؤول بارز في الدفاع لم يصدم من قرار نتنياهو. ودار النقاش بين المسؤولين الحاليين والسابقين في الدفاع حول ضرورة قيام الجنرال والألوية باستقالة جماعية لوقف الجنون. وتساءل “أي رئيس وزراء عاقل يخاطر بتدمير أهم إنجاز دبلوماسي بين إسرائيل والدول العربية للسيطرة على القضاء ومنح اليد الطولى لدعاة التفوق اليهودي والقوميين المتحمسين في حكومته؟”.
وكان الكاتب يشير إلى وزير المالية بتسلئيل سموتريش، الذي ألقى خطابا في باريس بخريطة على المنصة تضم الأردن والضفة الغربية كجزء من إسرائيل، وزعم أن الفلسطينيين هم اختراع. وهو ما أثار مخاوف الإمارات والبحرين، علاوة على الأردن، الذي يعتبر دعامة الإستراتيجية الأمريكية في الشرق الأوسط. ولو زعزع نتنياهو وحلفاؤه استقرار الأردن فسيزرعون الريح ويحصدون الزوبعة.
وتساءل “ماذا يريد رئيس وزراء من تمرير قانون لتعيين مدان ثلاث مرات بالغش الضريبي والاحتيال”، في إشارة لزعيم حركة شاس، أرييه درعي كوزير صحته وداخليته وبوعد تعيينه وزيرا للمالية في أي عملية تعديل وزاري قادم.
وتحدث الكاتب عن مخالفات درعي، الذي أجبر على الاستقالة من الحكومة في 1993 بتهم الفساد، ولكنه ظل زعيما لشاس حتى 1999، وحكم عليه بالسجن 3 أعوام. وفي 2021 وافق على تسوية في مخالفتين مقابل الاستقالة من الكنيست ودفع غرامة. وفي كانون الثاني/يناير، أقرت المحكمة العليا أن درعي لا يصلح للعمل في الحكومة. وكان نتنياهو يريد الدفع بتشريع يلغي قرار المحكمة العليا لكي يستطيع هذا الشخص الذي سرق الخزانة الإسرائيلية، التي تبرع لها دافع الضريبة الأمريكي مليارات الدولارات وعلى مدى نصف قرن، لكي يتولى هذا الشخص حقيبة الخزانة. ويشي هذا الاحتقار لدافع الضريبة الإسرائيلي وللقانون في إسرائيل والمحكمة العليا في إسرائيل وأمريكا كيف بات هذا الزعيم متحررا من القيود الأخلاقية.
على الحكومة الأمريكية والكونغرس الأمريكي واللوبي اليهود الأمريكي، الذي كان دائما المساعد لنتنياهو، التأكيد أنهم سيشاركون في الاحتجاجات الإسرائيلية التي انضم إليها الجيش ومدراء شركات التكنولوجيا والجامعات والمجتمعات الدينية التقليدية والأطباء والممرضين والطيارين والمصرفيين واتحادات العمال.
---------------------------------------------
استمرار النزيف برغم التسوية.. إلى أين تتجه الأزمة الداخلية الإسرائيلية بعد تعليق نتنياهو التشريعات؟
وديع عواودة
قال رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ إنه عقب إعلان رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو إرجاء المصادقة على التشريعات القضائية، فتحت فرصة لحوار حقيقي ومسؤول. معرباً عن أمله بأن وقف التشريعات سيعمل على تهدئة الخواطر، وإخماد ألسنة اللهب، والدفع نحو تسوية توافقية واسعة. وتابع: “لا شك أننا الآن أمام لحظة حساسة. جدران العداوة والريبة عالية جداً، وأكثر مما كان في الماضي، وعلينا أن نتحلّى بالمسؤولية”.
لكن قادة الاحتجاجات أعلنوا أنها مستمرة، فيما انقسمت المعارضة حيال ذلك، بعدما أعلن الائتلاف الحاكم أنه قام بإنهاء كل التحضيرات اللازمة لطرح أهم قانون في خطة الإصلاحات (قانون انتخاب القضاة) للمصادقة عليه في القراءة الأخيرة داخل الكنيست، بحال لم تنجح مفاوضات التسوية، وهذا ما اعتبرتْه أوساط سياسية وإعلامية كثيرة مؤشراً على نوايا خبيثة مبيتة لدى نتنياهو.
الانقسامات بدأت تتفاقم نتيجة أسباب داخلية وتحوّلات اجتماعية وديموغرافية تغيّر وجه المجتمع الإسرائيلي.
فيما أعلن حزب “هناك مستقبل” برئاسة يائير لبيد، و”الحزب الدولاني” برئاسة بيني غانتس، عن تشكيل طواقم مفاوضات للحوار مع الائتلاف، يلتزم حزب “العمل” برئاسة ميراف ميخائيلي، الصمت. بينما دعا رئيس حزب “يسرائيل بيتنا” أفيغدور ليبرمان لعدم المشاركة بالمفاوضات، وحذّرَ من أن نتنياهو يكذب ويخادع. ونبّه ليبرمان أنه لن يشارك ما دام الائتلاف الحاكم لم يسحب مشاريع القوانين التي يهدد بالمصادقة عليها.
مسدس على طاولة الحوار
وقبل تبليغ ليبرمان هرتسوغ بموقفه، عبر مكالمة هاتفية، كان ليبرمان قد قال، في تغريدة، إنه “كما حذّرتُ من قبل، نتنياهو يكذب مجدداً. بدلاً من الذهاب لحوار حقيقي واستعادة اللحمة بين الإسرائيليين. الائتلاف يبصق في وجه الجمهور، وهو يضع مجدداً نص قانون تغيير طريقة انتخاب القضاة على طاولة الكنيست. معنى ذلك القيام بأي لحظة بطرح مشروع القانون للمصادقة عليه نهائياً. هذا يعني أيضاً وضع مسدس على طاولة المفاوضات. لماذا هذا الاستعجال؟ وما الخطب الملّح؟ هذه ليست مفاوضات”.
وسارع الائتلاف الحاكم للتوضيح بأنه لا ينوي طرح مشروع القانون للمصادقة عليه، زاعماً أن هذه خطوة تقنية بيروقراطية فقط.
وعبّر قادة حزبي “هناك مستقبل” و”الحزب الدولاني” عن تحفظهما من المبادرة، بعدما عَلِما بطرح الائتلاف الحاكم النصَّ النهائي لمشروع القانون الخلافي حول تعيين القضاة في إسرائيل. وأوضحوا أنهم فوجئوا بطرح مشروع القانون المذكور في الكنيست، رغم الاحتمال بأن يكون موجهاً بالأساس لإرسال رسالة لأحزاب اليمين، مفادها أن الائتلاف الحاكم لا ينوي إضاعة الفرصة لتشريع الإصلاحات القضائية. كما أكدوا أنهم لن يسمحوا بالتقدم في التشريعات في فترة الحوار، وأعربوا عن أملهم أن يدرك قادة المعسكر الآخر مسؤوليتهم.
من جهته أوضح رئيس تحالف “الجبهة/التغيير”، النائب أيمن عودة، لـ “القدس العربي”، إنه، وزملاءه في الكتلة، سيشاركون في المفاوضات تحت رعاية رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ، فور تلقيه دعوة منه للمشاركة، منبهاً أنه سيقوم بعرض موقف مختلف جوهري. وتابع: “هناك سنؤكد على أننا معنيون بديمقراطية حقيقية تنهي الاحتلال، وتكفل المساواة القومية والمدنية التامة للجميع”.
من جهته كان رئيس “القائمة العربية الموحدة” النائب منصور عباس قد أبدى موقفاً مشابهاً، وأوضحَ، في تغريدة، “أننا نريد أن نكون جزءاً من الحوار، وأن هذه ستكون غلطة إذا تم استثناء المواطنين العرب منه”.
كاذب ابن كاذب
ويبدو أن احتمالات نجاح المفاوضات ليست كبيرة، لفقدان الثقة بنتنياهو، الذي قال عنه وزير المالية في حكومته باتسلئيل سموتريتش إنه “كاذب ابن كاذب”، كما تبيّنَ من تسريب تسجيل صوتي من اجتماع داخلي، وهذا ما أكدّه وزراء الأمن السابقون إيهود براك وموشيه ياعلون وأفيغدور ليبرمان، اليوم الثلاثاء. ويبدو أن نتنياهو لا يستطيع، وربما غير راغب (بسبب مصلحته بالسيطرة على الجهاز القضائي الذي يتقاضى أمامه بتهم فساد) بالتراجع فعلياً عن خطة الإصلاحات القضائية، وذلك لأن شركاءه في الائتلاف مصممون على تطبيق الخطة، وهو اليوم أيضاً يقف بين خسارة الخطة القضائية الإصلاحية، وبين خسارة حكومته، وعلى ما يبدو، سيختار الأخيرة. هذا يعني أن نتنياهو يطمع الآن في إثارة خلافات بين صفوف مكونات المعارضة، ويراهن على تخدير الشارع الإسرائيلي، وتهدئة النفوس، مستغلاً الرغبة الكبيرة لدى أغلبية الإسرائيليين بالخروج من المأزق، وعندها يعود لمواصلة تطبيق مخططته، هو ومن والاه في حزبه وائتلافه، وهذا ما يحذّر منه مراقبون ومسؤولون كثر.
الربيع والتطبيع العربييّن
على خلفية ذلك، من غير المستبعد أن تعود الاحتجاجات مع بدء الصيف، وعندها ستكون أكثر حدة وتحاملاً على الحكومة، في ظلّ وجود شكوك كبيرة بنوايا نتنياهو منذ البداية. لكن، حتى لو تمّت تسوية بوساطة رئيس الدولة، رغم كل المعيقات والتناقضات، فهناك ضرر حقيقي قد لحق بصورة ومكانة وهيبة الدولة، وليس الحكومة فحسب، وهناك احتمال بأن تنفجر مجدداً المواجهات الداخلية، في ظل وجود فجوة كبيرة في الموقف والرؤى بين المعسكرين المتناحرين، والأهم وجود فوارق وتغيرات وتوترات عميقة بين الدولة العميقة المسيطر عليها من قبل الصهاينة المؤسسين، وهم من اليهود الغربيين والعلمانيين، وبين من هم في رئاسة الحكومة من الشرقيين والتقليديين والمتدينين. هذه الانقسامات العميقة أجّجتْها خطةُ الإصلاحات القضائية التي أخطأ نتنياهو بطرحها دفعة واحدة، وبكمية كبيرة وبفظاظة السلطان المستبد، لكن
أحداث الربيع العربي، والتطبيع العربي، أقنعت الإسرائيليين بأن تراجعاً كبيراً قد طرأ على التهديدات الخارجية.
الانقسامات بدأت تتفاقم قبل ذلك نتيجة أسباب داخلية وتحولات اجتماعية (اتساع التديّن) وديموغرافية (زيادة طبيعية كبيرة لدى الشرقيين، وتناقص عدد الغربيين) تغير وجه المجتمع الإسرائيلي، ونتيجة عوامل خارجية، منها أحداث الربيع العربي، والتطبيع العربي التي أقنعت الإسرائيليين بأن تراجعاً كبيراً قد طرأ على التهديدات الخارجية التي كانت توحّد صفوفهم حتى الآن رغم التباينات، وإن كبرت.
انكسار الزجاج
في روايته الشهيرة “الزهير” يورد الأديب العالمي باولو كويهلو حِكماً وخلاصات حياتية تناسب البشرية كلّها، منها أن هناك أوقاتاً للتمزّق بين الناس، وأوقاتاً أخرى للترقيع. قال كويهلو “الترقيع”، ولم يقل “استعادة اللحمة”، فعندما ينكسر الزجاج ربما يكون ممكناً استعادة سلامته، لكن سيبقى هشاً متصدعاً، وهذا ما حذّر منه رئيس إسرائيل السابق رؤوفين ريفلين بأعلى صوته، في خطاب “الأسباط” الشهير، ضمن مؤتمر هرتزليا للمناعة القومية عام 2015، وفيه أكد أن حالة الانسجام العميق بين الجماعات المتنوعة في إسرائيل أخطر عليها من قنبلة إيران.
نتنياهو أرجأَ، ولم يلغ، التشريعات، والمعارضة، منذ الآن، لا تثق به، وهي الأخرى يفترض أنها ستعلّق الاحتجاجات في أحسن الأحوال، وستعود إليها أكثر قوة، وقد لا تتوقف، رغم المفاوضات.
-------------------انتهت النشرة----------------