حين يلمعُ نجمَ شباطَ كلَ عامٍ وينشدُ للحريةِ

■ يحتفل شعبنا الفلسطيني في الوطن والشتات في 22 شباط من كل عام بذكرى تأسيس الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، فهذا اليوم يُعد بمثابة العرس الوطني لرفيقات ورفاق الجبهة الديمقراطية ولعموم شعبنا، وهو ليس بذكرى عادية، إنما ذكرى لعام جديد خاضته الجبهة الديمقراطية بمحطاته النضالية المتنوعة متجاوزة مجموعة من التحديات الكبرى باقتدار سياسي وتنظيمي منقطع النظير، مستجيبة فكريًا للحالة الفلسطينية ومتغيراتها، متسلحة بمبادرتها السياسية لترتيب البيت الفلسطيني، متقدمة بجرأة الموقف، ومتشرفة وفخورة بمجموعة كبيرة من الشهداء قدمتهم خلال العام الماضي من حياتها، لتستحق عن جدارة أن تكون حزب الشهداء والأسرى وحزب العمليات البطولية والنوعية على مدار تاريخ ثورتنا الفلسطينية المعاصرة. وقدمت الجبهة كوكبة جديدة من شهدائها الأبطال شهداء المقاومة الشعبية الباسلة والمقاومة المسلحة الصامدة وهم: يامن نافذ جفال (16 عاماً- 6/3/2022)، علي حسن حرب (26 عاماً- 21/6/2022)، فايز خالد دمدوم (18 عاماً- 1/10/2022)، مهدي محمد لدادوة (17 عاماً- 29/4/2022)، محمد توفيق بدارنة (26 عاماً- 30/11/2022)، حسن منصور(27 عاماً).
وتأتي الذكري الـ 54 لانطلاقة الجبهة هذا العام في ظل تطورات وتحديات سياسية كبرى اعتبرتها الجبهة محطة نضالية هامة لاستنهاض الحركة الشعبية وبناء أدواتها الجماهيرية للضغط من أجل استعادة الوحدة الوطنية وترتيب البيت الفلسطيني باعتباره أولوية هذه المرحلة لمجابهة مجمل هذه التحديات والمشكلات ومعالجتها وفي مقدمتهم معالجة القضايا الحياتية للمواطنين التي حولت حياتهم لجحيم لا يطاق.
وبالحديث عن ذكرى 22 شباط فقد شكلت انطلاقة الجبهة الديمقراطية منعطفاً تاريخيًا بأبعاده المختلفة، لأنها الفصيل اليساري الديمقراطي الذي جاهر بيساريته، ويضم في صفوفه مناضلات ومناضلين من العمال والفلاحين والشبيبة والمثقفين وصغار الكسبة والكادحين، ومن المرأة والشباب، من أجل التحرر الوطني الناجز للشعب الفلسطيني. وهي جزء أصيل من الطبقة العاملة الفلسطينية وتعمل لتوحيد العلاقة الكفاحية بين فصائلها وسائر مكوناتها، تستند إلى تحليل فكري وسياسي متماسك مسترشدة بالاشتراكية العلمية كمنهج لتحليل الواقع الاجتماعي ودليل للعمل من أجل تغييره.
تقف الجبهة حصنًا منيعًا في صون بندقية المقاومة في غرفة عمليات مشتركة ذات مرجعية سياسية موحدة، وتدافع عن البرنامج الوطني الموحَد والموحِد طريق الوحدة الوطنية الشاملة الجامعة والائتلافية، طريق الانتفاضة والمقاومة وتدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية، طريق دحر الاحتلال وتفكيك الاستيطان، ومجابهة صفعة العصر الأميركية، هذا الطريق الذي أعاد التأكيد عليه المجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية في أيار 2018، بوقف المراهنة على بقايا أوسلو والبحث عن هوامش تتيح التعايش مع «صفقة القرن»، عبر إسقاط اتفاق أوسلو ووقف العمل بقيوده الأمنية والسياسية والاقتصادية، وتطوير الانتفاضة وحمايتها على طريق العصيان الوطني الشامل، وتدويل القضية والحقوق الفلسطينية.
وفي ذكرى 22 شباط لا بد من تحية للسواعد المقاتلة من أجل فلسطين، أبناء كتائب المقاومة الوطنية سليلة القوات المسلحة الثورية، الجناح العسكري للجبهة الديمقراطية التي تؤكد في كل المحطات الهامة أن بنادقها ستبقى مصوّبة ومشرّعة نحو الاحتلال الاسرائيلي حتى تحقيق حلم شعبنا بالعودة والحرية والاستقلال، وأن طريق المقاومة هو الحل مع الاحتلال الاسرائيلي الذي ينكل بأبناء شعبنا ويواصل عدوانه واستيطانه.
وفي يوم تأسيس الجبهة الديمقراطية نجدد العهد لكل الشهداء والأسرى البواسل بأن نمضي قدمًا على طريقهم طريق المقاومة الباسلة وأن التجارب علمتنا بأنه لا مستحيل بالمقاومة وأن خط العمليات الفدائية يقودنا إلى النصر الحتمي للشعب الفلسطيني وأن أي حماقات ترتكبها قوات الاحتلال الصهيوني لكسر عزيمة شعبنا وصموده الأسطوري لن تفلح، فالتاريخ يذكر جيدًا كيف لعمليات الجبهة الديمقراطية قد أوجعت الاحتلال في عقر داره انطلاقاً من معالوت- ترشيحا وصولا لعمليتي مارغنيت والطريق إلى فلسطين.
عاش العيد ال 54 للانطلاقة المجيدة للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، 22 شباط فجر جديد في تاريخ الثورة والشعب والوطن■

disqus comments here