بعد شرعنتها احتلال الفلسطينيين.. "الإسرائيليون" في حفل الأقنعة: “العليا” ذخيرتنا ضد "لاهاي"!

منذ الانتخابات في 1 تشرين الثاني، يمر (الكيان) بعملية مسرعة من إزالة الأقنعة، وقد وصلت إلى الذروة الرسمية عند نشر الاتفاقات الائتلافية. البشرى الإعلانية لقانون الأساس: تم تفصيل القومية من العام 2018 في هذه الاتفاقات إلى كثير من عروض التفوق اليهودي في كل مكان تحكم فيه "إسرائيل" بين البحر والنهر. ولا تنقصنا أمثلة على ذلك.

في بداية الخطوط الأساسية للحكومة كتب “الشعب اليهودي له حق حصري لا جدال فيه على كل أرجاء أرض إسرائيل”، ويضاف إلى هذا الإعلان خطوات لشرعنة بؤر استيطانية في الضفة، والمعالجة المتوقعة بـ “الميزان الديمغرافي” في النقب والجليل، والتطلع إلى فرض قانون لجان القبول أيضاً على بلدات فيها 600 عائلة وأكثر. في الدولة التي يعدّ فيها “الاستيطان اليهودي” “قيمة قومية”، كما نص قانون الأساس الذي لم يتم إلغاؤه في المحكمة العليا، يعدّ تفوق اليهود هو البوصلة. الحكومة الـ 37، بلطفها، تحرص على التلويح بكل ذلك.

لكن إلى جانب عملية إزالة الأقنعة يتم توظيف عمل كثير في تسويق أقنعة أخرى. القصة التي بحسبها “المناطق تسيطر على إسرائيل” تقترح علينا الاستناد إلى "إسرائيل" متنورة، التي سيتم بعد لحظة احتلالها على يد الشرق الجامح في “المناطق”، حيث ديمقراطية ومساواة وسيادة للقانون، في حين يتعمق الأبرتهايد في “المناطق”، التي يحاولون فيها القول لنا بأن ما يحدث “هناك” قد يصل إلى “هنا".

كل ذلك منزوع، سواء من التاريخ أو من الواقع أيضاً؛ لأن "إسرائيل" لم تحتل “المناطق” فحسب، بل وطبقت “هناك” ممارسات كانت طبقتها في السابق “هنا” منذ العام 1948. هذه الممارسات تشمل فرض الحكم العسكري والمضي بـ “الاستيطان اليهودي”، الذي يعني سيطرة اليهود على أراضي الفلسطينيين وإعادة هندسة القوة السياسية للجغرافيا والديمغرافيا في الفضاء: كل شيء بدأ هنا، وهو يطبق هناك أيضاً منذ العام 1967. نفس الأيديولوجيا ونفس السياسة “في كل أرجاء أرض إسرائيل".

الاتكاء على الأقنعة القائمة يسبب أداء بشعا وبحق إذا فحصنا الردود على التغييرات التي تعهدت الحكومة الجديدة بتطبيقها فيما يتعلق بالطبيعة التي تدير فيها "إسرائيل" جوانب معينة من مشروع السلب والطرد في الضفة الغربية. وتم استقبال هذه التغييرات باحتجاجات شديدة على “نقل صلاحيات” من الجيش إلى جسم مدني، وعلى المس “باستقلالية” المستشار القانوني للحكومة في “مناطق يهودا والسامرة” (الضفة الغربية المحتلة)، وعلى عدم قانونية هذه الخطوات حسب القانون الدولي. ولكن مم الخوف؟ هل الخوف من وجود حاكم “منفصل” في الضفة؟ حيث تطبق الإدارة المدنية سياسة الحكومة، وليس سياسة مستقلة، منفصلة، التي يضعها قائد المنطقة الوسطى بسبب التزامه العميق بالقانون الدولي وبالجمهور الفلسطيني؟

المستشار القانوني في “مناطق يهودا والسامرة” (الضفة الغربية) عمل دائماً على توفير شرعية قانونية لسرقة الأراضي الفلسطينية على يد "إسرائيل". هكذا كان في حكومات “اليسار” وهكذا سيكون في الحكومة “اليمينية الخالصة”. سياسة "إسرائيل" في “المناطق”، التي كانت كالآتي: سياسة "إسرائيل" في “المناطق” [الضفة الغربية] ليست إدارة منفصلة أو نظاما منفصلا، ولم ينتظر أحد تعيين وزير مسؤول عن هذه الأمور في وزارة الدفاع، رجل “اليمين المتطرف”. وزراء ومشرعون، مدعون عامون وضباط، أشخاص رسميون وعقلانيون، هم الذين وضعوا البنية التحتية السياسية والإدارية والقانونية التي تستخدمها "إسرائيل" من أجل تطبيق هذه السياسة.

والمحكمة العليا نفذت دورها بإخلاص. "إسرائيل" الليبرالية تردد صبح مساء شعار وجوب الدفاع عن المحكمة العليا من مخربي الديمقراطية ومن الذين يريدون إسقاط سلطة القانون. ما الذي يحاولون إخفاءه هنا؟ بالأساس الدور الذي لعبته المحكمة العليا في شرعنة مشروع نهب الفلسطينيين والدفاع عن المجرمين المسؤولين عن كل ذلك من المساءلة. مثلما بادر اليكيم روبنشتاين، المستشار القانوني السابق للحكومة وقاضي المحكمة العليا، أن يفسر هنا في الشهر الماضي: “ما هو الدرع الذي يحمينا ضد لاهاي؟ بالأساس المحكمة العليا… إن إضعاف هذه المحكمة هو إضعافنا أمام لاهاي”. أي أنه لا توجد هنا محكمة تدافع عن حقوق الإنسان، بل محكمة تدافع عن "إسرائيليين" من المساءلة عن المس بحقوق الإنسان للفلسطينيين. ومن أجل أن نتمكن من مواصلة ذلك بدون أن يتدخل العالم، يجب الحفاظ على “استقلالية” المحكمة. هذه المحكمة ستواصل شرعنة، بشكل مستقل، إطلاق النار وقتل المتظاهرين الفلسطينيين، وسرقة أراضي الفلسطينيين، وهدم بيوت الفلسطينيين، ومواصلة اعتقال مضربين عن الطعام فلسطينيين يحتضرون، وكل شيء يحتاجه نظام التفوق اليهودي من أجل الدفع قدماً بحقوقنا الحصرية.

disqus comments here