عملية القدس الثانية بتاريخ 13/11/1975

بعد أسبوعين فقط من تنفيذ عملية القدس الأولى، عملية جديدة لمقاتلي الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، ليس في قلب القدس فحسب، بل في المكان ذاته الذي نفذوا فيه العملية الأولى، بعد ما كان قد ظن العدو أنه اتخذ الإجراءات اللازمة لسد الطريق امامهم.

ضربة ثانية في القدس، تقول للعدو، لا أمن ولا استقرار الا مع الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وبرحيل الاحتلال والاستيطان.

وقد أصدرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين البيان التالي:

نفذت قوات الداخل للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، واحدة من أجرأ العمليات العسكرية في الأراضي المحتلة. ففي مساء يوم 13/11/1975 قام ثوار الجبهة بزرع عبوات ناسفة شديدة الانفجار في سوق الخضار، في القدس الغربية. وقال بيان عسكري صادر عن قيادة قوات الداخل للجبهة الديمقراطية، إن مجموعة الشهيد النقيب جورج حداد، قامت بزرع عدد من العبوات الناسفة شديدة الانفجار في سوق الخضار في شارع “محنا يهودا” وفي ساحة صهيون في القدس الغربية. وقد انفجرت العبوات في تمام الساعة السابعة مساء يوم 13/11/1975، وادى انفجارها إلى تدمير عدد من الأبنية المجاورة وقتل وجرح عدد كبير من افراد العدو.

وكان مكتب الأرض المحتلة للجبهة الديمقراطية قد اودع مسبقاً، رسالة بتفاصيل هذه العملية، وخريطة لها لدى خالد الفاهوم رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، وعبد الرحيم حمد، أمين سر جبهة التحرير العربية، وسكرتير المكتب التنفيذي لشؤون الجبهة الوطنية الفلسطينية، وأسفرت العملية عن وقوع 35 إصابة، منهم عدد من القتلى حسب إعترافالعدو حتى العاشرة مساءاً.

ومن ناحية آخرى ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية في نبأ لها من القدس، أن العبوة الناسفة وضعت داخل صندوق يقع في منعطف الطريق الذي وقع فيه الانفجار. وقدرت الوكالة العبوة بخمسة كيلو غرامات من الديناميت.

ونقلت إذاعة لندن، في نشرتها المسائية بتاريخ 13/11/1975، نقلاً عن مراسلها في القدس المحتلة، واصفاً لآثار الدمار والخراب الذي  خلفه إنفجار العبوات الناسفة، التي زرعها ثوار ومقاتلي الجبهة الديمقراطية، فقالت إن جثث القتلى إنتشرت على الأرصفة، ودمرت عدة مباني مجاورة، كما أن زجاج منازل آخرى تحطم وتحول الى شظايا، وبدت ساحة الانفجار وكأنها ساحة حرب، فيما كانت سيارات الإسعاف  تهرع للمكان مسرعة، وقوات الاحتلال  تحاصر وتغلق منطقة الإنفجار.

مغزى العملية سياسياً

 تأتي عملية القدس الثانية البطولية التي نفذها رفاق القائد الشهيد جورج حداد، داخل الأرض المحتلة، وفي وقت تنامى فيه الكفاح الجماهيري والعسكري والسياسي والدبلوماسي للثورة في كل الميادين والمواقع، حتى تشكل العملية رافداً في مجرى النهر العظيم لكفاح كل الشعب وثورته وحركته الوطنية.  وهي انطلاقاً من هذا كله تحمل عدداً من المعاني والأهداف التالية:

1-  ان هذه العملية العسكرية تشكل الرد العملي على البطش الاجرامي الذي تمارسه قوات الاحتلال ضد الجماهير العزلاء، التي هبت ولا زالت في انتفاضة شعبية عارمة ومظاهرات جماهرية، ملأت  ساحات وشوارع مدن الأرض المحتلة، وتحولت إلى عملية عصيان وانتفاض شعبي كاسخ، نصبت فيه المتاريس، وتمت مواجهة الاحتلال بسدود بشرية لا تتزحزح.

 

2-  ان القوات العسكرية للجبهة الديمقراطية، أحد الأذرع الضاربة لحركة الجماهير وأداة  حمايتها من أجل الإقتصاص من قمع العدو، تثبت من خلال هذه العملية، إنها جزء مكمل للحركة الجماهرية، لا تنفصل عنها، وليست بديلاً لها، بل وسيلة لحمايتها وتطويرها وتعميقها. وبهذا تأخذ الانتفاضة الشعبية بعداً عسكرياً وجماهيراً متكاملاً.

3- إن هذه العملية تأتي مترافقة مع الانتصار السياسي التاريخي الذي حققته منظمة التحرير في الأمم المتحدة، وهي تثبت أن الكفاح المسلح لن يتوقف حتى تتحقق إرادتنا والإرادة الدولية الكاسحة، التي أجمعت على حق الشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير وإقامة الدولة المستقلة. وادانت الصهيونية بصفتها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز في عالمنا. وإن الإدانة العالمية للصهيونية على منبر الأمم المتحدة، تأتي والثوار يفجرون ساحة صهيون، رمز العجرفة والإضطهاد والاغتصاب الصهيوني، وبهذا يؤكد الثوار تصميمهم على متابعة الكفاح، حتى اجبار إسرائيل على التسليم بالحقوق الوطنية لشعبنان في العودة وتقرير المصير وقياد الدولة المستقلة.

4- تأتي هذه العملية كذلك حتى تثبت أن كل المؤمرات الرجعية ضد الثورة في لبنان أو غيره، وكل الخطط الامريكية واليمينية الرجعية، التي عبرت عن نفسها في  اتفاقية سيناء الثانية، ومشاريع الحلول التصفوية للقضية الفلسطينية، ولحقوق شعوبنا العربية، لا تلهي على الاطلاق الثوار عن متابعة كفاحهم ضد عدوهم الرئيسي، ولا تضعف  عزيمتهم، بل على العكس تعطيهم الثقة والتصميم على متابعة كفاحهم البطولي.

disqus comments here