تقرير أمريكي: عقبات تواجه محاولات كسر الجمود في العلاقات المصرية التركية

قال موقع ”المونيتور“ الأمريكي، إن هناك مؤشرات على ذوبان الجليد في العلاقات بين تركيا ومصر، حيث ربما تكون المصالحة الخليجية قد أثرت بصورة إيجابية على رغبة أنقرة في رأب الصدع مع القاهرة.

وأضاف، في تقرير نشره يوم السبت: ”بعد 7 سنوات من الجمود الشديد في العلاقات، فإن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قال أمس الجمعة إنه لا توجد مشكلة في استئناف العلاقات على مستوى رفيع مع مصر، وهذا بمثابة تحول من جانب تركيا، في أعقاب جمود العلاقات مع مصر، عقب الإطاحة بالرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين المدعومة من أنقرة“.

تغير اللهجة التركية

وتابع التقرير: ”أشار أردوغان إلى أن التوجه نحو دفء العلاقات لم يصل حتى الآن إلى أعلى المستويات الرسمية بالنسبة للبلدين، ما يعني أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لم يوافق رسميا على استئناف العلاقات“.

وأضاف: ”التغيير في العلاقات التركية المصرية سيكون له تأثير هائل على المنطقة، حيث تتشابك العلاقات السياسية والدبلوماسية بشكل عميق، وربما لا يكون الأمر مصادفة أن يحدث تواصل أردوغان مع مصر بعد تحسن العلاقات بين القاهرة وقطر، أهم شريك عربي بالنسبة لتركيا“.

وأردف: ”قرار الرباعي العربي، مصر والإمارات والسعودية والبحرين، بدفن الضغائن مع قطر، في مصالحة تمت برعاية الولايات المتحدة والكويت، أجبر أنقرة على إعادة النظر في استراتيجيتها الإقليمية، ومن بينها علاقاتها مع السعودية، التي وصلت إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق“.

وأشار الموقع الأمريكي إلى أن أردوغان، الذي حاول استثمار مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، في الضغط على ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لم يستغل التقرير الاستخباراتي الأمريكي حول مقتل خاشقجي في التصعيد مع الرياض، بل كان رد الفعل التركي ”صامتا“، ولم يلجأ إلى التصعيد.

ما هي أهداف أردوغان من التقارب مع مصر؟

ورأى ”المونيتور“ أن الأولوية على المدى القصير بالنسبة لأردوغان تتمثل في جلب مصر إلى جانب تركيا في نزاعها مع اليونان حول إعادة ترسيم الحدود البحرية في البحر المتوسط، التي تتضمن السيادة على حقول الغاز، في الوقت الذي لا توجد فيه مؤشرات حول تحقيق هذا الهدف من جانب تركيا.

ونقل عن ”فهيم تاسكتين“، خبير الشؤون التركية، قوله إن الاتفاقيات المتداخلة بين مصر واليونان وقبرص من جهة، وبين تركيا وليبيا من جهة أخرى، أدت إلى حصار القاهرة وأنقرة، على الأقل في الوقت الحالي.

وذهب ”تاسكتين“ إلى أن نية مصر بالحفاظ على الاتفاق البحري الذي توصلت إليه مع اليونان وقبرص ستقيّد فرص المفاوضات مع تركيا، ويعني ذلك في المقابل أن هدف تركيا من التحالف مع مصر لمواجهة مزاعم الحقوق البحرية من جانب اليونان وقبرص سوف يذهب هباءً، خاصة أن الاتفاق الذي توصلت إليه أنقرة مع حكومة طرابلس الليبية يتداخل مع اتفاقات مصر مع اليونان وقبرص.

توابع دفء العلاقات على ليبيا

وعلى الجانب الآخر من البحر المتوسط، فإن التقارب المصري التركي يمكن أن يكون له عواقب إيجابية على ليبيا، حيث تدعم القاهرة قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر، في حين أرسلت أنقرة مقاتلين من سوريا للقتال إلى جانب حكومة الوفاق.

ودخلت مصر ومعظم القوى الإقليمية والخارجية على خط الهدنة التي تم إعلانها في ليبيا، أكتوبر/تشرين الأول 2020، التي سمحت بالمضي قدما في العملية السياسية، والتصويت من جانب مجلس النواب الليبي على دعم الحكومة الليبية المؤقتة التي يرأسها عبد الحميد دبيبة.

وتملك الحكومة الليبية المؤقتة أجندة شاقة للغاية، ومن ضمنها توحيد المؤسسات الليبية المنقسمة نتيجة عقد من الحرب الأهلية، بالإضافة إلى الانتخابات المقررة في ديسمبر المقبل، ولن تكون هناك فرصة على الإطلاق أمام ليبيا إذا ما قررت القوى الخارجية إشعال الصراع العسكري مجدداً.

وطالب بيان خماسي من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا وألمانيا بانسحاب كل المقاتلين والمرتزقة الأجانب من ليبيا، في رسالة إلى تركيا وروسيا.

صراع النفوذ في أفريقيا

دخلت تركيا في تحدٍ مع مصر حول النفوذ في أجزاء من أفريقيا، هذه معركة شاقة، وأحياناً ما تقوم وسائل الإعلام الإقليمية بالمبالغة فيها، حيث كانت تركيا تملك علاقات وثيقة مع الرئيس السوداني السابق عمر حسن البشير، المشتبه في كونه مجرم حرب، والذي تمت الإطاحة به في عام 2019، حيث يشترك أردوغان والبشير في الانتماء لجماعة الإخوان والعلاقات الفاترة مع مصر.

وانطلقت العلاقات المصرية السودانية في أعقاب تولي عبد الله حمدوك منصب رئيس الوزراء بعد الإطاحة بالبشير، وزار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الخرطوم الأسبوع الماضي، في خطوة تحمل رسائل سياسية وأمنية ضد قرار إثيوبيا بالبدء في ملء سد النهضة دون التشاور مع مصر والسودان.

وفي نفس الوقت فإن مصر وتركيا استمرتا في التواصل الدبلوماسي مع دول في القارة الأفريقية، مثل غينيا بيساو والسنغال وغانا والصومال.

عقبات رئيسية

ورأى الموقع الأمريكي أن إصلاح العلاقات التركية المصرية سوف يستغرق وقتاً طويلاً، في ظل التواجد العسكري التركي في ليبيا، ودعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين التي تصنّفها القاهرة كمنظمة إرهابية، بالإضافة إلى مواقف الرئيسين السيسي وأردوغان، وجميعها عوامل ستكون بمثابة عقبات رئيسية أمام تحسين العلاقات المصرية التركية.

وقال: ”رغم أن أردوغان تراجع كثيراً عن لهجته النارية ضد السيسي، فإنه لا يزال يُحيي أنصاره بعلامة رابعة، التي تمثل إشارة المقاومة بالنسبة لجماعة الإخوان“.

disqus comments here