هآرتس: الإدانة.. كل ما يملكه الأوروبيون إزاء حكومة التطرف في "إسرائيل"

قالت صحيفة هآرتس في عددها الصادر يوم الثلاثاء 20/12، منذ فوز نتنياهو في الانتخابات الأخيرة، والآن قبل انتهاء المفاوضات الائتلافية، "تُسمع أصوات غير قليلة تتوقع أو تأمل فرض عقوبات دولية على "إسرائيل". حدث هذا أيضاً في السابق في أوساط من يؤيدون السلام الذين يئسوا من الطريق المسدود في المفاوضات مع الفلسطينيين، لكن هذا التوق آخذ في التعزز الآن.

للأسف، عليّ أن أخيب أملكم. فهذا لن يحدث".

بهذه الكلمات الواضحة انطلق الكاتب يوسي ميلمان مقالته، بصحيفة هآرتس، مضيفا، في محادثات مع متخذي القرارات ومع موظفين في مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل، تولد لديّ انطباع بأنهم وبحق يقلقون من تصريحات من يتوقع أن يصبحوا وزراء في الحكومة الجديدة. معظمهم لم يسمعوا عن ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش واوريت ستروك وآفي معوز وأعضاء أحزاب اليمين المتطرف المكلفين بتولي مناصب رفيعة. أولاً، هم يخشون من معاملة عدائية وهجومية للحكومة الجديدة تجاه الفلسطينيين، المتمثلة في توسيع المستوطنات والإعلان عن ضم الضفة الغربية وتجاهل (وحتى تشجيع) مجموعات مسلحة مثل “شبيبة التلال” التي ستزيد أعمال التنمر ضد الفلسطينيين.

وثمة خوف آخر، وهو المس باستقلالية جهاز القضاء وتقليص حرية الصحافة والحرية بشكل عام وتآكل قيم الديمقراطية الأساسية كما يحدث في هنغاريا وبولندا وسلوفانيا وسلوفاكيا ودول أخرى تنازلت عن نموذج الليبرالية الغربي. تفشت هذه التوجهات في "إسرائيل" منذ عودة نتنياهو إلى الحكم في 2009، والتي يتوقع أن تشتد. كما يقلقهم أيضاً محاولة الحكومة الجديدة تقليص نشاطات جمعيات وهيئات غير حكومية (مثل إن.جي.أو) التي تشجع على التعايش بين اليهود والعرب والتعليم الديمقراطي ومساعدة اللاجئين ودعم طائفة المثليين. الاتحاد الأوروبي يضخ ملايين الدولارات سنوياً لهذه الهيئات خلافاً لرغبة جمعيات يمينية مثل “إن.جي.أو. مونتر” للبروفيسور جيرالد شتاينبرغ، وجمعية “إذا شئتم”، و”هذه بلادنا” وغيرها، التي تحاول بالوشاية أن تخرج منظمات لحقوق الإنسان خارج القانون.

ويؤكد ميلمان: رغم القلق إلا أن سيناريوهات فرض عقوبات عسكرية أو اقتصادية على "إسرائيل" غير واقعية. يجب اتخاذ قرارات الاتحاد بإجماع الـ 27 دولة الأعضاء فيها. خلال السنين، قام نتنياهو بتنمية علاقات وثيقة مع دول في شرق ووسط أوروبا، مثل رئيس حكومة هنغاريا فيكتور أوربان، ورئيس حكومة بولندا متاوش مورفتسكي، مع غض النظر عن دعمهم لجهات قومية متطرفة، كثير منها لاسامية. وقد فعل ذلك كي تقطع هذه الدول الطريق أمام أي محاولة لدول غربية في أوروبا لاتخاذ خطوات عقابية ضد "إسرائيل".

مجال مناورة الاتحاد الأوروبي في كل ما يتعلق بالنشاطات ضد "إسرائيل" صغير جداً. الأداة الرئيسية التي لديه هي بند الاستثناء. "إسرائيل" والاتحاد الأوروبي وقعوا على اتفاق باسم “هورايزن” (الأفق) الذي ينص على تحول "إسرائيل" نحو 2.5 مليار دولار خلال سبع سنوات لشركات خاصة وحكومات في الاتحاد من أجل تمويل بحث وتطوير مشترك في مجال الصناعة والثقافة والأكاديميا. هذه الاستثمارات تساعد الاتحاد على توسيع المشاريع، ثم تؤدي إلى استثمارات راجعة بحجم أكبر في "إسرائيل".

"الإسرائيليون"، سواء كانوا مواطنين أم جمعيات، لا يستطيعون الاستفادة من هذا البرنامج. اليمين قال “لا”، لكن حكومات نتنياهو وبينيت (بما في ذلك يئير لبيد)، صادقت بالفعل على خطة الاتحاد بمقاطعة المستوطنين. ولكن مؤخراً، بضغط من آييلت شكيد، طلب بينيت من لبيد تأجيل الانضمام للخطة، ووافق على ذلك. الآن يصعب التصديق بأن الحكومة الجديدة ستوافق على بند الاستثناء. أيديولوجيا أرض "إسرائيل" ستتغلب على الاعتبارات السياسية والاقتصادية. وإذا تم تجميد التعاون مع خطة “هورايزون”، أي أن "إسرائيل" ستكون مرة أخرى رهينة في يد المستوطنين، فإن هذا الأمر سيلحق الضرر بمشاريع ثقافية وصناعية و”هايتيك”.

والتعاون وتبادل المعلومات في مجال الصحة والإعلام قد يتضرر في هذه الحالة. مثلاً، ربما تجد شركات الهواتف المحمولة نفسها مقاطعة بشكل يمنع، أو على الأقل يصعب أو يزيد التكلفة، استخدام "الإسرائيليين" لهواتفهم المحمولة في الخارج.

 وختم ميلمان مقالته بالقول: إذا احتجت الحكومة "الإسرائيلية" الـ 37 فسيضطر الاتحاد إلى الرد، لكن قدرته محدودة ولن يتمكن من اتخاذ خطوات تهز "إسرائيل" وتؤثر في نمط حياتها. لن تتم مقاطعة "الإسرائيليين" في أوروبا، ولن يتم تقليص العلاقات التجارية معها بشكل كبير، على الأكثر سيكون هناك إزعاج بسيط وعدم هدوء ولدغة سهلة هنا وهناك. كل من يعتقد أن الاتحاد سيفرض عقوبات مؤلمة على إسرائيل من أجل أن تغير حكومة اليمين سياستها، يحلم. الاتحاد الأوروبي، حتى لو لم يرغب في ذلك وحتى إذا أدان خطوات الحكومة الجديدة، إلا أنه سيتكيف مع الواقع الجديد في "إسرائيل" ولن يخرج حبة الكستناء من النار التي أشعلها اليمين.

disqus comments here