العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية لن تتأثر مع حكومة متطرفة وستحرص إدارة بايدن على جلب المزيد من الدول العربية لمسار التطبيع

من السذاجة الاعتقاد بأن العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية ستشهد أي توترات حقيقية بسبب انضمام العديد من المتطرفين اليهود إلى حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، فالمحادثات الهاتفية الأخيرة بين الرئيس الأمريكي جو بايدن ونتنياهو كانت «دافئة ورائعة» وهي تؤكد أن الروابط غير قابلة للكسر، على حد تعبير توم نيدز، السفير الأمريكي لدى إسرائيل.
وعلى النقيض من ذلك، تعهد بايدن لنتنياهو بأن تساعد الولايات المتحدة إسرائيل على توسيع اتفاقيات إبراهام، لتشمل العديد من الدول العربية والإسلامية، وقال نتنياهو أن بايدن اتصل به ليؤكد له أن التحالف الأمريكي-الإسرائيلي مرن للغاية كما كان دائماً وأنه ملتزم بأمن إسرائيل ومنع إيران من الحصول على أي أسلحة نووية.
واستخدم بيان صادر عن حزب الليكود «مصطلحات شخصية» للحديث عن المحادثات بين بايدن ونتنياهو، حيث أرسل كل واحد منهما التحيات إلى زوجة الآخر، ووصف بايدن نتنياهو بشقيقه.
وعلى أي حال، لن يتسبب انضمام حزب « الصهيونية الدينية» في الحكومة الإسرائيلية المقبلة إلا بالقليل من «المطبات» في العلاقة مع إدارة بايدن، وهي تداعيات لا تفسر إثارة ضجة غير مفهومة في وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية بشأن وجود بتسلئيل سموتريش وإيتامار بن غفير في حكومة يمينية إسرائيلية متطرفة من الأصل.
وبالنسبة إلى العديد من المحللين الأمريكيين، هناك وضوح أكثر مما ينبغي في دعوات بن غفير في معارضة حل الدولتين وضم الضفة الغربية المحتلة إلى إسرائيل وتحقيق حلم إسرائيل الكبرى، وهذا الوضوح سيؤدي إلى صعوبات في إدارة العلاقات بين إسرائيل والحلفاء، خاصة مع إدارة بايدن، التي وضعت قضايا حقوق الإنسان كأحد أولويات سياستها الخارجية، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يصبح التهديد النووي الإيراني والصراع مع الجماعات الفلسطينية، أيضًا، من بؤر الخلاف بين واشنطن وتل أبيب نظرًا لأن هذه العلاقات أدت في الماضي إلى اضطراب العلاقات الأمريكية الإسرائيلية.
وقد أثار الخبراء في الولايات المتحدة أيضاً، مخاوف بشأن العوائق في العلاقات الإسرائيلية الناشئة مع بعض الدول العربية، ومصير اتفاقية ترسيم الحدود البحرية الموقعة مؤخرًا بوساطة أمريكية مع لبنان، ومستقبل الاختراق الدبلوماسي الناشئ مع تركيا.
وزعم العديد من المحللين الأمريكيين أن اتفاقيات إبراهام، التي وقعها نتنياهو كرئيس للوزراء مع الإمارات والبحرين والمغرب والسودان، قد غيرت ديناميكيات الصراع العربي الإسرائيلي وأدت إلى معادلة جديدة في الشرق الأوسط، وهناك مخاوف أمريكية من كيفية إدارة العلاقات بين إسرائيل ودول التطبيع العربية إذا قامت حكومة نتنياهو بضم الضفة الغربية، في حين سخر بعض الخبراء من هذا الطرح، وقالوا إن الدول العربية لن تتراجع عن اتفاقيات التطبيع مهما حدث.
ويمكن أن تخرج العملية الدبلوماسية مع تركيا، أيضاً، عن مسارها نظرًا لأن الرئيس رجب طيب اردوغان وحزبه العدالة والتنمية (AKP) يتجهان إلى انتخابات صعبة، وفيما يتعلق بالاتفاقية مع لبنان، هناك مخاوف أمريكية وإسرائيلية من التسبب في احتكاكات بين إسرائيل من جهة وإدارة بايدن ولبنان من جهة أخرى، إذا قرر بعض أعضاء الحكومة الإسرائيلية أثارة الصفقة البحرية.
وقال محللون أمريكيون من معهد دراسات الأمن إنه من المرجح أن تبقى إيران قضية رئيسية للحكومة الإسرائيلية الجديدة، ولكن اليمين، الجناح الأكثر تشدداً في استخدام القوة العسكرية ضد طهران قد يخلق احتكاكات بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن، التي لا تزال تدعو إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران.
وتبدو فرص توصل الولايات المتحدة إلى اتفاق بشأن الانضمام إلى الصفقة النووية ضئيلة، وحتى إذا تم فتح طريق للدخول مرة أخرى، فإن نتنياهو أصبح الآن أكثر وعياً بحدوده وليس من المرجح أن يحاول مرة أخرى إثارة الكونغرس ضد الرئيس الأمريكي، ولكن التيار الأكثر تطرفاً في حكومته قد يدفعه إلى المزيد من المغامرات.
وهناك توقعات أمريكية بأن تسبب سياسة إسرائيلية أكثر عدوانية ضد الفلسطينيين بالمزيد من الاحتكاك مع إدارة بايدن، على الرغم من عدم محاولة إحياء عملية السلام، ويمكن أن تكون هناك تحديات بشأن مسألة مراجعة الولايات المتحدة لقرار إغلاق قنصليتها في القدس الشرقية، وهو أحد الوعود التي قدمها بايدن خلال حملته الانتخابية ولكن لم يتم الوفاء بها بعد.
وعلى أي حال، يعتقد العديد من المحللين الأمريكيين أن القضية الفلسطينية ليست نقطة خلاف بين نتنياهو وبايدن، حيث أعلن بايدن هدفه المحدود للغاية المتمثل في إبقاء حل الدولتين على قيد الحياة من دون طرح خطة سلام أو محاولة التوصل لاتفاقية طويلة الأمد.
وهناك توقعات بالعودة إلى عهد التعليقات الانتقادية التي يتم الإعراب عنها في المؤتمرات الصحافية لوزارة الخارجية والتعبير على استحياء من السياسات الأمريكية، وعلى سبيل المثال، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس، إلى نية نتنياهو إضافة أعضاء من المتطرفين إلى ائتلافه بالقول إن الولايات المتحدة تأمل «أن يقوم جميع أعضاء الحكومة الإسرائيلية بالاستمرار في مشاركة قيم المجتمع المنفتح والديمقراطي، بما في ذلك التسامح واحترام الجميع في المجتمع المدني، ولا سيما مجموعات الأقليات» وعندما حضر بن غفير، الشريك المستقبلي لنتنياهو في الائتلاف حفل تأبين الإرهابي مئير كهانا، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: «لا توجد كلمة أخرى، إنها بغيضة».
وتحدث محللون عن «متاعب مزعومة» في العلاقات بين إسرائيل والتيار الليبرالي عند يهود الولايات المتحدة بسبب وجود عناصر يمينية متطرفة في حكومة نتنياهو، ولكن الخبراء قللوا أيضاً من أي تداعيات في هذه المسألة بالذات، وقالوا إن اليسار الأمريكي اليهودي يركز على القضايا المحلية وقضايا الديمقراطية أكثر من اهتمام اليسار الإسرائيلي نفسه بقضية حل الدولتين.
وأشار محللون إلى أن اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة قد بدأ التحرك، بواسطة رجاله في الكونغرس، ضد مكتب التحقيقات الفيدرالي بسبب فتح قضية استشهاد الصحافية الفلسطينية-الأمريكية شيرين أبو عاقلة، وعلى الرغم من ابتعاد البيت الأبيض ووزارة الخارجية بشكل واضح عن التحقيقات إلا أن اللوبي بدأ حملة ضد المكتب، ما قد يثير القليل من المتاعب في العلاقة بين إسرائيل وإدارة بايدن.