وفقاً لـ “ثلاثيته المقدسة”.. هل ينجح نتنياهو في عزل الفلسطينيين بسيف “الإبراهيميات”؟

يقترح رئيس الوزراء الأسبق، بنيامين نتنياهو، ثلاثيه المقدس لضمان مستقبل دولة إسرائيل والسلام والمصالحة مع العالم العربي: قوة اقتصادية، وعسكرية، وسياسية. بالفعل، لا يمكن التقليل من أهمية التقدم الذي طرأ على كل واحدة من هذه الجبهات في السنوات الأخيرة. غير أن التهديد الأكثر جدية على مستقبل إسرائيل كمجسدة للحلم الصهيوني يحظى بالتجاهل من جانب نتنياهو في أفضل الأحوال وإلى التزييف في أسوئها. في هذه الأيام بالذات، نتعلم بأن القوة العسكرية والسياسية والاقتصادية لا تكفي لهزيمة شعب يكافح ضد احتلال أجنبي، وسطو للأراضي، وضم مندفع وسحق لحقوق الإنسان.

كما أن “الثلاثي الحديدي” لنتنياهو لا يتصدى للواقع الديمغرافي والسياسي بين البحر والنهر، الذي يجعل إسرائيل، عملياً، دولة أبرتهايد. مدعي التاج من جديد برئاسة الوزراء يعرض الجانب الفلسطيني كعائق أمام السلام وكمنتهك مواظب للاتفاقات. في تحليلاته، “نسي” نتنياهو أن يشير إلى أن الحكومة التي كان من مسؤوليها صادقت في العام 2003 على “خريطة الطرق” التي تضمنت التزاماً بتفكيك كل البؤر الاستيطانية التي أقيمت منذ آذار 2001 والتجميد التام لمشروع الاستيطان (بما في ذلك النمو الطبيعي).

في عهد حكم نتنياهو، أضيف في الضفة نحو 50 بؤرة استيطانية جديدة وارتفع عدد المستوطنين بـ 50 في المئة (من 300 ألف إلى أكثر من 450 الفاً). يدعي نتنياهو بأن الفلسطينيين يعارضون السلام مع إسرائيل ويرغبون في تصفيتها،  بل وإنهم “استخدموا الفيتو” على أي تقدم إضافي للسلام مع دولة عربية. هذا كذب. يتجاهل نتنياهو الدعم الدائم من م.ت.ف والسلطة الفلسطينية لمبادرة السلام العربية، التي تقوم على أساس تطبيع العلاقات مع الدول العربية مقابل انسحاب إسرائيلي من “المناطق” [الضفة الغربية]. تنتظر المبادرة رداً إسرائيلياً منذ أكثر من عقدين.

“اتفاقات إبراهيم” التي يتباهى بها نتنياهو، وعن حق، كانت أحد عناصر “صفقة القرن” للرئيس دونالد ترامب، والتي قامت على أساس حل الدولتين. يقترح نتنياهو انتظار هذا السلام إلى أن تقوم الدول العربية “بعزل الفلسطينيين” ودفعهم للاعتراف بدولة قومية يهودية، والتي هي بالنسبة له شرط ضروري لإنهاء النزاع معهم. هذا شرط يستهدف إفشالاً مسبقاً للمفاوضات، وبالفعل، مثلما تبين لنتنياهو الآن، فإن هذا الشرط – الذي لم يعرض على أي دولة عربية – هو قضاء لا يمكن لأي قيادة فلسطينية أن تحتمله. السبيل للسلاح لا يتجاوز رام الله، كما يدعي نتنياهو. من يسعى لتجاوز رام الله وإخفاء ما تبقى من أفق سياسي عن الفلسطينيين، إنما يقود إسرائيل إلى حائط حديدي بلا مخرج.

بقلم: أسرة التحرير

 هآرتس 16/10/2022

 

disqus comments here