إسرائيل والإمارات تحتفلان بتنامي العلاقات والتجارة بينهما

بعد عامين من التوقيع على "اتفاقيات إبراهيم"، يسود جو من الحماس والذهول في مؤتمر تل أبيب للأعمال بمشاركة الوفد الإماراتي .
قالت فهيمة البستكي، كبيرة مسؤولي تطوير الأعمال والأسواق في سوق أبوظبي للأوراق المالية في تجمع لقادة الأعمال والمسؤولين الإماراتيين والإسرائيليين يوم الثلاثاء في تل أبيب: “والدتي ترسل تحياتها إلى مواطني إسرائيل”، وسط ضحكات الجمهور .
ربما تعكس الكلمات البسيطة بأفضل شكل الإثارة والحماس والذهول التي تحيط بالعلاقات المتنامية بين الإسرائيليين والإماراتيين منذ توقيع “اتفاقيات إبراهيم” في حديقة البيت الأبيض قبل عامين، مع وعد بانفتاح ثقافي وسياحي وإقتصادي جديد لمواطني البلدين.
وقال أحد الحاضرين في المؤتمر الذي عُقد في بورصة تل أبيب، التي استضافت يوم الثلاثاء أكبر وفد تجاري من أبو ظبي يصل إلى إسرائيل، “إنه أمر سريالي” أن تكون في تل أبيب.
وأضاف: “من كان يظن أن هذا ممكن أن يحدث في زماننا”. وهي كلمات تكررت مرارا خلال المؤتمر الذي نظمته بورصة تل أبيب للوفد، الذي تضمن ممثلين من المركز المالي “سوق أبوظبي العالمي” (ADGM)، وصندوق أبو ظبي للتنمية، وشركة مبادلة للاستثمار، وشركة بترول أبو ظبي الوطنية (ADNOC)، وسوق أبو ظبي للأوراق المالية، من بين مؤسسات أخرى.
وقال الرئيس التنفيذي لبورصة تل أبيب، إيتاي بن زئيف، في الحدث، حيث قام هو وسفير الإمارات لدى إسرائيل محمد آل خاجة، ومدير سوق أبو ظبي العالمي، أحمد الزعابي، بقرع جرس الافتتاح وسط قصاصات ورق ملون وابتسامات عريضة، “من كان يظن قبل عامين حدوث ذلك؟”
وأضاف بن زئيف أن الإسرائيليين يتطلعون عادة إلى الغرب عندما يتعلق الأمر بأعمالهم، ولكن “حان الوقت للذهاب شرقا” بحثا عن الفرص في التجارة والاستثمار والموارد المالية.
وقالت بورصة تل أبيب في بيان إن الهدف من المؤتمر هو تعريف مجتمع الأعمال في أبو ظبي على الشركات الإسرائيلية المدرجة في بورصة تل أبيب، والتعرف بشكل أفضل على الاقتصاد المحلي.
يأتي ذلك في أعقاب زيارة مسؤولي بورصة تل أبيب إلى الإمارات وسوق أبوظبي العالمي في مارس، لزيادة تعزيز التعاون في القطاع المالي وتسهيل الممر الاقتصادي بين الإمارات وإسرائيل. وقال البيان إنه سيتم خلال زيارة سبتمبر توقيع “عدة اتفاقيات ذات منفعة متبادلة” في مجموعة متنوعة من المجالات.
وقال السفير آل خاجة في خطابه “قبل عامين فقط، لم نكن نحلم بذلك. استيقظ الكثير من الإماراتيين للمرة الأولى هنا” في تل أبيب، وأعطوا أنفسهم “قرصة” للتأكد من أنهم لا يحلمون.
وأضاف “بالعمل معا، يمكن لرواد ورجال الأعمال في إسرئيل والإمارات أن يكونوا بمثابة حافز للتغيير في المنطقة”. يمكن لهذه العلاقات أن تظهر للعالم “أن أمورا جيدة يمكن أن تحدث في هذه المنطقة، وخلق سرد أفضل” و”مسار بديل لشعوبنا”.
وقال إنه تم توقيع أكثر من 120 مذكرة تفاهم بين البلدين، في انتظار توقيع المزيد في المستقبل، إلى جانب اتفاقية الازدواج الضريبي واتفاقية التجارة الحرة. وأضاف أن هناك حاليا 72 رحلة جوية يتم تسييرها أسبوعية بين إسرائيل والإمارات، سترتفع إلى ما يقرب من 80 رحلة أسبوعية في الأسابيع المقبلة.
وأشار آل خاجة إلى ازدهار العلاقات التجارية، و “نعتقد أن بإمكاننا أن نكون بسهولة من أكبر خمسة شركاء تجاريين لإسرائيل” في غضون خمس سنوات.
وقالت شيرا غرينبرغ، كبيرة الاقتصاديين في وزارة المالية، في المؤتمر، إنه منذ بدء العلاقة، شهدت التجارة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة قفزة تجاوزت 500% إلى حوالي 1.2 مليار دولار في عام 2021، من 190 مليون دولار في عام 2020. تم التفاوض على اتفاقية استثمارية موقعة بين البلدين لوضع البنية التحتية لتمكين الاستثمارات المتبادلة وتم التوقيع عليها في أسبوع واحد فقط.
“كانت هذه أسرع اتفاقية” توقّع عليها إسرائيل قط، بحسب غرينبرغ، التي أشارت إلى أهمية بناء العلاقات بين الجانبين.
في النصف الثاني من عام 2022، بلغ إجمالي التجارة (الواردات والصادرات) مع الإمارات 774 مليون دولار، وفقا لوزارة الاقتصاد والصناعة.
كما ازدادت التجارة مع البحرين والمغرب، وهما أيضا جزء من اتفاقيات إبراهيم. تجاوز إجمالي التجارة مع البحرين في النصف الأول من عام 2022، في الفترة من يناير إلى يونيو، إجمالي التجارة لعام 2021 بالكامل – 8.2 مليون دولار، مقارنة بـ 7.3 مليون دولار. بلغ إجمالي التجارة مع المغرب 83 مليون دولار في الفترة من يناير إلى يونيو 2022، بعد أن ارتفعت إلى 148 مليون دولار في عام 2021 من 69 مليون دولار فقط في عام 2020.
يبدو أن العلاقات بين إسرائيل والإمارات، أول البلدان الموقعة على اتفاقيات إبراهيم، هي الأقوى في الوقت الحالي. تشمل الصفقات البارزة بين البلدين على مدار العامين الماضيين، بحسب تقارير، استثمار شركة مبادلة للاستثمار التابعة لإمارة أبو ظبي مبلغ 100 مليون دولار في صناديق رأس مال استثماري إسرائيلية وفي شركة Beewise الناشئة، في حين استحوذت مبادلة للبترول على حصة 22% من احتياطي غاز “تمار” الإسرائيلي في 2021 مقابل حوالي مليار دولار.
في يناير، صادقت إسرائيل على صندوق مشترك بملايين الدولارات مع الإمارات لدعم التعاون في المشاريع التقنية. هناك أيضا مشاريع مشتركة في دول ثالثة: في يونيو، دخلت إسرائيل والإمارات في تعاون لتمويل مشروع رعاية صحية في غانا، في حين دخل مزود خدمة الإنترنت الإسرائيلي “بيزك إنترناشونال” في شراكة مع Arc Solutions، مزود حلول البنية التحتية للاتصالات ومقره دبي، لتوفير اتصالات مشتركة بين تل أبيب ودبي.
في المؤتمر الذي عقد يوم الثلاثاء، قال محمد البنعلي، المسؤول عن النمو والاستراتيجية في Hub71، وهو النظام البيئي العالمي للتكنولوجيا في أبو ظبي المدعوم من مبادلة ومكتب أبوظبي للاستثمار وسوق أبوظبي العالمي، إن ستة صناديق استثمار رأسمالي إسرائيلية أصبحت بالفعل جزءا من نظامها الإيكولوجي وهي تعمل على أول شركة ناشئة إسرائيلية.
وقال “هذه مجرد بداية وصول الإسرائيليين إلى نظامنا البيئي”.
وقال إسماعيل عبد الله، الرئيس التنفيذي لشركة Strata، وهي شركة متخصصة في مجال تصنيع أجزاء هياكل الطائرات ومملوكة بالكامل من قبل شركة مبادلة، إن الشركة تبحث عن شركاء في إسرائيل للعمل في مجالات الأدوية الحيوية والروبوتات وتقنيات المياه والتكنولوجيا الزراعية، وبعضها من القطاعات الجديدة التي تستهدفها الشركة.
وتحدث مشاركون آخرون في المؤتمر عن الأهمية في ألا يقوم الإسرائيليون والإماراتيون عن البحث عن علاقة معاملات سريعة، بل العمل على إقامة علاقات طويلة الأمد، والتعرف على ثقافة وطرق عمل بعضهم البعض، على أساس “الثقة والشفافية”.
السفير الإماراتي لدى إسرائيل محمد آل خاجة. (Shoshanna Solomon)
يجب أن يتعاون رواد الأعمال على كلا الجانبين، ليس للاستحواذ على حصة السوق في ساحة اللعب الخاصة ببعضهم البعض ولكن بهدف السعي “وراء بقية العالم”. وقال المتحدثون إن إسرائيل يجب أن تكون بوابة إلى الغرب للإماراتيين، بينما يجب أن تكون الإمارات بوابة إلى الشرق للإسرائيليين، مضيفين أن العلاقات حتى الآن “لم تخدش سوى السطح”.
وقال بن زئيف على هامش المؤتمر إن العلاقات يمكن أن تساعد أيضا في تعزيز السيولة في البورصات المحلية. يمكن للوسطاء الإسرائيليين عرض الأسهم الإماراتية على المستثمرين الإسرائيليين، في حين يمكن للوسطاء الدوليين تقديم فرص استثمارية جذابة للإماراتيين في الأوراق المالية الإسرائيلية.
“هناك الكثير من الإمكانات في إنشاء مجمعات السيولة هذه”.
وأضاف أنه في غضون سنوات قليلة، سيعمل الإسرائيليون والإماراتيون معا عبر مجموعة واسعة من قطاعات الأعمال، وقال “هذه فرصة كبيرة لإسرائيل للقيام بالعديد من الأشياء الرائعة في مناطق لم يعملوا معها من قبل”.