تحقيق استقصائي دولي يؤكد بالصور والتحليل الجنائي للأسلحة قتل الاحتلال شيرين أبو عاقلة

اجرى موقع Bellingcat للصحافة الاستقصائية الحائز على عدة جوائز، ويضم محققين متفرغين ومتطوعين دراسة وتحليلا لمجموعة من الخرائط الجوية والصور ومقاطع الفيديو التي نشرت ارتباطا بمقتل الصحافية شيرين أبو عاقلة، شملت تحليلا جنائيا لصوت وسرعة الرصاص الذي يسمع في تلك المقاطع الى جانب زاوية النظر وما يستدل من كل ذلك عن أماكن تواجد الجنود والمسلحين الفلسطينيين، يؤكد ان الرصاص الذي اطلق نحو شيرين وزملائها كان متعمدا وان مصدره انطلق من موقع تواجد الجنود، وفيما يلي ترجمة لنص التحقيق الذي اجراه هذا الموقع أجراها وطن للانباء.
وشكل قتل الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة مركز الاحداث حول العالم خلال الايام الماضية.
واستشهدت شيرين بع اصابتها بعيار ناري في الرأس في ١١ مايو ٢٠٢٢ خلال غارات متعددة شنتها قوات الاحتلال في جنين. والتقطت مقاطع فيديو تمت مشاركتها بسرعة على وسائل التواصل الاجتماعي. وتظهر اللقطات التي توثق اللحظات الأولى التي أعقبت إطلاق النار على الصحفية، اصابتها بعيار ناري في الرأس، كما وتظهر محاولات آخرين للوصول إلى جسدها ووجود مراسلة أخرى وهي شذى حنايشة، بالإضافة لارتداء الصحفيتين سترات الصحافة والخوذ اللازمة لحمايتهم.
بعد ساعات قليلة من استشهاد أبو عاقلة، ادعى رئيس وزراء حكومة الاحتلال نفتالي بينيت في البداية أن هناك "فرصة كبيرة" في أن يكون "فلسطينيون مسلحون هم المسؤولون عن استشهادها، حيث قال وزير أمن الاحتلال بيني غانتس: "يمكن أن يكون الفلسطينيون هم من أطلقوا النار عليها، مضيفا: "قد يكون في هذا صالحنا، ونحن نحقق في ذلك".
وشكك الفلسطينيون على نطاق واسع بشأن حيادية الادعاء "الإسرائيلي" في جريمة قتل أبو عاقله وألقت السلطة الفلسطينية، وكذلك قناة الجزيرة نفسها، باللوم على قوات الاحتلال، التي ذكرت بتحقيقها الأولي في يوم إطلاق النار أنه "غير حاسم" ما إذا كانت قد قُتلت أبو عاقلة بنيران "إسرائيلية" أو فلسطينية.
بشهادة الصحفيين الذين كانوا موجودين في المكان برفقة شرين عندما استهدفها جنود الاحتلال، فانهم يعتقدون أنه تم استهدافهم كصحفيين عمداً.
وعلى الرغم من قبول قوات الاحتلال باحتمال أن يكون أحد جنودها مسؤولاً عن جريمة قتل أبو عاقلة، فإن النتائج المؤقتة التي توصل إليها، وصدرت في 13 مايو / أيار، لم تقدم سوى سيناريوهات كانت فيها عملية قتل شيرين عرضية.
وفي حين أن الصور ومقاطع الفيديو مفتوحة المصدر قد لا تكون كافية وحدها لإثبات من أطلق الرصاصة التي قتلت أبو عاقله، فان يمكن البدء في تكوين صورة لكيفية تطور الأحداث في مكان الحادث ومقارنتها بالبيانات والشهادات الرسمية لمعرفة ما إذا كان هناك أي تناقض.
وأشار البيان المؤقت لقوات الاحتلال إلى أن رصاصة جندي "إسرائيلي" ربما تكون أصابت الصحفية عن "غير قصد"، حيث لا توجد لقطات فيديو لأي مسلحين في هذا الشارع بين قوات الاحتلال والمراسلين الصحفيين في المنطقة. وهذه الرواية للأحداث تعني أيضًا أن جميع الشهود والصحفيين الموجودين في مكان الحادث لم يروا أو أغفلوا ذكر وجود مقاتلين على طول الطريق الضيق الذي يفصلهم عن الجنود وهذا غير ممكن".
كما افترض بيان قوات الاحتلال نفسها أن مسلحين أطلقوا النار على القوات الإسرائيلية، وكان من الممكن أن يصيبوا أبو عاقلة في هذه العملية. ويظهر مقطع فيديو نشر على وسائل التواصل الاجتماعي مسلحين وهم يطلقون رشقات نارية سريعة من زقاق، ربما باتجاه الجنود، ومع ذلك، فإن الطلقات النارية التي يمكن سماعها عندما يتم تصوير رجل يحاول استعادة جثة أبو عاقلة في اللحظات التي تلت وفاتها، كما ويسمع صوت رصاص غير عشوائي بالمطلق بل هو رصاص بطئ ومتعمد، الامر الذي يوحي بالاستهداف لشخص أو لشيء، كما أن موقع المسلحين الذين تم تصويرهم في مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي، يشير الى انهم أبعد بكثير عن مكان استشهاد أبو عاقلة مما كانت عليه قوات الاحتلال.
كما تبدو الصور ومقاطع الفيديو الأخرى، بالإضافة إلى تحليل صوتي اجراه موقع Bellingcat ، متوافقة إلى حد كبير مع ذكره الشهود في افاداتهم.
وتُظهر لقطات الفيديو التي نُشرت على فيسبوك بعد لحظات فقط من ظهور التقارير الأولى عن قتل أبو عاقلة، تواجد قوات جيش الاحتلال في موقع على مسافة 190 إلى 250 مترًا جنوبًا من المكان الذي أصيبت فيه شيرين برصاصة قاتلة، ومن المحتمل أن يكون هذا مهمًا لأن التحليل الصوتي لمقطع فيديو آخر تم نشره على تويتر يقدر بأن الطلقات التي تم إطلاقها تجاه زملاء أبو عاقلة وهي ميتة صدرت من مسافة 177 إلى 184 مترًا، كما يبدو أن نفس اللقطات تصور إطلاق نار من الجنوب نحو رجل حاول سحب جسدها (جسد شيرين).
ولا يمكن لمقطع الفيديو على فيسبوك تأكيد الوقت الدقيق لوصول قوات الاحتلال إلى الموقع في الجنوب (من الموقع الذي تم فيه إطلاق النار على أبو عاقلة)، علما ان البيانات الوصفية من اللقطات التي صورها مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي والمصورين والكاميرات في مكان الحادث ، وتلك التي صورتها قوات الاحتلال نفسها، يمكن أن توفر المزيد من الوضوح فيما يتعلق بهذه النقطة (وقت وصول المدرعات لإخلاء الجيش من المكان الذي اطلقت فيها النار على شيرين).
موقع القتل
ونشر شهود عيان وزملاء شيرين عدة مقاطع فيديو تظهر آثار إطلاق النار في جنين، ويمكن تحديد الموقع الجغرافي لموقع إطلاق النار في شارع بلاط الشهداء غرب المدينة، ولقطة الشاشة أدناه مأخوذة من مقطع فيديو يظهر آثار إطلاق النار على أبو عاقلة، وقد شاركه أحد منتجي الجزيرة على تويتر، ويمكن مطابقته مع نفس الموقع لصورة التقطت عام 2020 من مستخدم لموقع "Mapillary" وهو مورد من مصادر جماهيرية يجمع صورًا على مستوى الشوارع من كاميرات على لوحة القيادة والكاميرات المثبتة على السيارات.
وقت القتل
احتوت سلسلة من مقاطع الفيديو المصورة التي تُظهر الموقع الذي سقط فيه جسد أبو عاقلة على ظلال تسمح بتقدير وقت قتلها، حيث تمت مشاركة مقطع الفيديو الأول الذي يُظهر مشهد إطلاق النار الذي تمكنت "Bellingcat من العثور عليه على تيلغرام في الساعة 6:36 صباحاً بالتوقيت المحلي ونشره الصحفي علي السمودي الذي كان بالقرب من أبو عاقلة عندما أصيبت وأصيب هو الآخر بطلق ناري، وقام ببث رحلته إلى مستشفى محلي ابتداءً من الساعة 6:33 صباحًا. ويمكن تحديد الوقت التقريبي لالتقاط هذا الفيديو من خلال فحص الظلال المرئية وفي الفيديو المذكور الذي نشره منتج الجزيرة حيث تتجه الكاميرا غرباً على طول شارع بلاط الشهداء، قبل أن تتجه جنوباً نحو جسد أبو عاقلة، وكما يظهر في الفيديو، فإن الظلال الطويلة لكل من الأشخاص ولافتات الطرق تتتجه في اتجاه الغرب والجنوب الغربي.
وباستخدام موقع" SunCalc" ، وهي أداة مجانية عبر الإنترنت تحسب الوقت التقريبي لوقت وقوع الظل على الارض، يمكننا تأكيد أن مقاطع الفيديو هذه تم التقاطها بالفعل في الصباح الباكر من يوم 11 مايو، وليس من الحكمة تحديد وقت الالتقاط الدقيق باستخدام SunCalc بدون نقاط مرجعية واضحة، ولكن بتقدير ارتفاع الجسم الذي يلقي بظلاله (في هذه الحالة، واقتراب الأشخاص من موقع الجريمة) واتجاه الظلال (من الغرب إلى الجنوب الغربي)، يمكننا تقدير إطار زمني تقريبي في حوالي الساعة 6:30 إلى السابعة صباحًا بالتوقيت المحلي، وهو ما يتوافق مع التقارير الأولية.
اشتباكات الصباح في جنين
وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي ذلك الصباح، أن الاشتباكات في المنطقة بدأت بحلول السادسة صباحًا. وفي أحد مقاطع الفيديو التي تمت مشاركتها على تليغرام في الساعة 5:59 صباحًا بشكل دقيق، وتم تسجيله على بعد حوالي 120 مترًا شرق المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقله لاحقًا، ويسمع فيه صوت طلقات نارية، ويمكن رؤية الدخان الأبيض يتصاعد فوق المباني، وفي أعقاب مقتل شيرين، سعى بعض المعلقين الإسرائيليين إلى لفت الانتباه إلى عدة مقاطع فيديو تزعم بأنها تظهر مسلحين (فلسطينيين) يطلقون النار على أهداف غير مرئية في جنين.
ويظهر مقطع فيديو آخر (يُشار إليه من الآن فصاعدًا باسم "الفيديو الثاني") رجلاً يطلق النار من بندقية في زقاق، ذكرت تقارير إعلامية عبرية بأن الرجل الذي تم تصويره وهو يطلق النار هو جزء من مجموعة مسلحين آخرين شاركوا في تبادل لإطلاق النار ادعت "اسرائيل في البداية أنه أدى إلى قتل أبو عاقلة، ولكن تحليل هذه اللقطات يدحض مثل هذه الادعاءات.
وقامت منظمة "بتسيلم" وهي منظمة غير حكومية محلية تدعم حقوق الإنسان في "إسرائيل" والأراضي الفلسطينية المحتلة، بزيارة الموقع الذي تم فيه تسجيل الفيديو الثاني سالف الذكر، وصورت مقطعا يظهر المنطقة بوضوح، وسمح هذا التسجيل bellingcat وآخرين بتأكيد الموقع الجغرافي للفيديو الثاني في زقاق يبعد حوالي 270 مترًا عن الموقع الذي قُتلت فيه أبو عاقلة، علاوة على ذلك يُظهر فيديو بتسيلم أن الزقاق الذي كان يطلق منه المسلح في الأسفل ينتهي بجدار، وليس إلى المكان الذي أصيبت فيه شيرين، وهذا يعني أنه لا يمكن أن يكون الشخص الذي شوهد في الفيديو الثاني يطلق النار قد قتل أبو عاقله بهذه الطلقات.
(صورة تظهر الزقاق الذي كان يطلق منه احد المسلحين النار نحو الجيش)
حقيقة تسجيل الفيديو الثاني في صباح 11 مايو / أيار أثناء مداهمة جنين تدعمها عدة حقائق فقد تمكّن Bellingcat من العثور على الفيديو عبر Telegram في 11 مايو الساعة 6:41 صباحًا، ولم تسفر عمليات البحث العكسي المتعددة للإطار العام للصور من هذا الفيديو عن أي نتائج قبل هذا الوقت. وثانيًا وأخيرًا، يتضح من مقطع الفيديو الخاص بكاميرات مثبتة على أجساد الجنود انهم (الجنود) يظهرون في زقاق مواز للمكان الذي كان يتواجد فيه مطلق النار (المسلح الفلسطيني).
وتُظهر لقطات الكاميرات المثبة على أجساد الجنود التي تم نشر بعضها من قبل قوات الاحتلال في وقت لاحق من اليوم جنودًا يتحركون في أحد الأزقة نفسها التي تظهر في فيديو "بيتسيلم".
وتشير المقارنة بين هذين المقطعين إلى أن المسلحين في الفيديو الثاني وقوات الاحتلال في فيديو كاميرا الجسد كانوا موجودين في أزقة متوازية، كما يبدو أنه يشير إلى أن المجموعتين قد اشتبكتا بالأسلحة النارية في وقت قتل أبو عاقلة.
وفي نهاية مقطع الفيديو الخاص بالكاميرا الجسدية لقوات الاحتلال، فقد ركض الجنود إلى شارع توجد فيه خمس عربات مدرعة كانت في انتظارهم، جنوبًا على طول نفس الشارع من المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة، وكانت السيارة التي تقود القافلة على بعد حوالي 190 متراً جنوباً من مكان إطلاق النار على أبو عاقلة. ويلاحظ أن المبنى الموجود في لقطات كاميرا الجسد لجنود الاحتلال يطابق المبنى الذي شوهد على Mapillary على بعد 220 مترًا جنوبًا تقريبًا من الموقع الذي تم فيه إطلاق النار على أبو عاقلة.
(المبنى المتوقع ان يكون تواجده فيه القناص الذي اطلق النار نحو شرين وقتلها)
ويُظهر مقطع فيديو تمت مشاركته على Facebook وتم تحميله على المنصة في الساعة 6:40 صباحًا نفس قافلة المركبات التابعة لقوات الاحتلال وهي تسير وتتوقف في نفس الموقع حيث شوهدوا في لقطات كاميرا الجسد "الإسرائيلية" ووضع وقت التحميل حدًا أقصى لموعد وصول قوات الاحتلال إلى الموقع: بمعنى آخر ، يجب أن يكون الفيديو قد تم تسجيله قبل 6:40 صباحًا، عندما تم تحميله على Facebook ولأن هذا الفيديو بدا وكأنه مسجّل من داخل منزل فلن نذكره حرصا على سلامة الشخص الذي قام بتسجيله.
وتم تسجيل موقع قوات الاحتلال في نهاية مقطع الفيديو الخاص بكاميرا الجسد في سلسلة من ستة مقاطع فيديو بواسطة طاقم تصوير على بعد حوالي 100 متر شمالًا، ( بين موقع قوات الاحتلال والمكان الذي تم فيه إطلاق النار على أبو عاقله وتم نشر مقاطع الفيديو هذه على Telegram.)
وبينما تُظهر لقطات كاميرا الجسد "الإسرائيلية" ومقاطع فيديو تلغرام أن الاحتلال كان يسيطر على جزء من الشارع على بعد أقل من 200 متر من المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة، يبدو أن أدلة الفيديو تظهر أن السيطرة على الشوارع الجانبية القريبة كان متنازع عليها، ولا توجد لقطات أو صور متاحة تشير إلى تمركز أي مقاتلين فلسطينيين بين الجنود وأبو عاقلة في أي مرحلة. ومع ذلك، يظهر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي (يشار إليه من الآن فصاعدًا باسم الفيديو الثالث) مجموعة من الرجال في زاوية شارع قريب. ويبدو أن هؤلاء الرجال في خضم معركة بالأسلحة النارية ويمكن تحديد الموقع الجغرافي لمقطع الفيديو في هذا الموقع، عبر موقع تحديد الخرائط Mapillary ، على بعد مبنى واحد تقريبًا جنوب قافلة المركبات المدرعة التابعة لقوات الاحتلال، ويمكن سماع إطلاق عدة طلقات في تتابع سريع.
ومجتمعة فان الفيديوهات المختلفة (الثاني ، والثالث ، وكاميرات الجسد التابعة لقوات الاحتلال) تسمح بتقريب تحديد المواقع التي كان يشغلها الطرفان، صباح ذلك اليوم، ولم يكن من الممكن تحديد توقيت نشر الفيديو الثالث والوقت الدقيق الذي تم التقاطه فيه.
ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أنه في مقطع الفيديو الذي يُظهر زميل أبو عاقلة يتعرض لإطلاق نار ونشره صحفي في قناة الجزيرة، يبدو أن الطلقات كانت موجهة ومتعمدة وليست رشقات عشوائية غير موجهة. ويشير هذا النمط من إطلاق النار إلى إمكانية استهداف الصحفيين عن قصد من قبل مطلق النار، بدلاً من إطلاق النار العرضي الذي كان سيحدث إذا تم الافتراض بان المسلحين في الفيديو الثالث هم مصدر محتمل لإطلاق النار الذي أصاب الصحفيين.
ويقع موقع الرجال في الفيديو 3 على مسافة أبعد إلى الجنوب من قافلة قوات الاحتلال، وعلى مسافة أكبر من موقع أبو عاقلة. وعلاوة على ذلك ، يشير تحليل صوتي بتكليف من bellingcat إلى أن الطلقات التي أطلقت باتجاه موقع أبو عاقلة بعد وقت قصير من وفاتها كانت من مسافة أقرب مما كان يتمركز فيه المسلحون في الفيديو الثالث.
صوت الرصاصة وسرعتها
طلب موقع bellingcat من روبرت سي ماهر، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسوب في جامعة ولاية مونتانا الذي يجري بحثاً في تحليل الطب الشرعي الصوتي، إلقاء نظرة على لقطات وسائل التواصل الاجتماعي ومحاولة تقدير المسافة بين مطلق النار والشخص الذي يحمل الكاميرا بالقرب من أبو عاقلة في هذا الفيديو، استنادًا إلى الأسلحة التي شوهدت تُستخدم من قبل قوات الاحتلال والمسلحين الفلسطينيين، في مقطع الفيديو.
وفي رد بالبريد الإلكتروني، كتب ماهر أنه "من التسجيل الصوتي المصاحب للفيديو، هناك مؤشران مسموعان لطلقات نارية في الوقت المنقضي بالتوقيت 1:56.25 إلى 2:19.538 ويتكون كل من التقريرين المسموعين من صوت طلقة أولية قوي (" فرقعة") متبوعًا بما يقرب من 300 مللي ثانية (0.3 ثانية) لاحقًا بصوت طلقة منخفض ("دوي").
وقال ماهر "أفسر الدافع الأولي على أنه موجة من رصاص تفوق سرعة الصوت (تنتقل أسرع من سرعة الصوت) وتمر بالقرب من ميكروفون التسجيل، والصوت التالي الأكثر هدوءًا هو صوت انفجار "الرصاصة من السلاح"."
والغالبية العظمى من الأسلحة النارية المستخدمة في هذا الحادث من قبل قوات الاحتلال والمقاتلين الفلسطينيين، التي كانت مرئية في مقاطع الفيديو المذكورة أعلاه في مكان الحادث، يبدو أنها من طراز M4 أو CAR-15 من عيار 5.56 ملم ، بأطوال ماسورة تتراوح من 292 إلى 368 ملم وتم نشر مقارنة كاملة بين سرعة البندقية وفوهة البندقية لهذه الأسلحة النارية في عرض تقديمي لخبير سويدي على مجموعة الأسلحة ومستشعرات تابعة لحلف الناتو في عام 2010.
وباستخدام ذخيرة SS109 5.56mm وهي جولة قياسية لحلف شمال الأطلسي ، سيؤدي ذلك إلى سرعة رصاصة تقريبية تتراوح ما بين 820 إلى 866 مترًا في الثانية (م / ث) ، مما يشير إلى مسافة تقارب 177 إلى 184 مترًا من البندقية إلى الكاميرا.
وأضاف ماهر منبها بشأن هذه الحسابات، قائلا بأن "تقدير المسافة يعتمد على درجة حرارة الهواء، لأن ذلك يؤثر على سرعة الصوت" وفي حين أن عيار الرصاصة التي تم تحليلها يتوافق أيضًا مع التقارير التي تفيد بأن الرصاصة التي قتلت أبو عاقلة كانت من عيار 5.56 ملم، فمن المهم أيضًا ملاحظة أن هذا الحساب لا يفسر احتمال أن يكون هناك سلاح آخر غير مرئي أو تم التقاطه في مقاطع فيديو من مكان الحادث قد استعمل.
علاوة على ذلك، أشار ماهر إلى أن الاختلاف الطفيف في السرعة المفترضة للرصاصة يمكن حتى أن يؤدي إلى تغيير في الحسابات: "ربما يكون السؤال الأكبر هو افتراضي حول سرعة الرصاصة، فإذا كانت تسير بسرعة أبطأ من سرعة الصوت، فسيكون تقدير المسافة أطول مما إذا كانت الرصاصة تسير بسرعة تفوق سرعة الصوت، حيث سيكون تقدير المسافة أقصر.
خطوط النظر والرؤية:
وتوفر الصور من المنطقة مزيدًا من الأدلة حول مكان إطلاق النار فيما يتعلق بأبو عاقلة والصحفيين الآخرين. والتقطت صورة نشرتها قناة مخيم جنين على تلغرام في المكان الذي قتلت فيه أبو عاقلة، إنه جزء من مجموعة تظهر فلسطينيين يضعون الزهور في موقع وفاتها. وتتجه الكاميرا إلى الجنوب مباشرة، مما يسمح لنا باستنتاج خط الرؤية نحو ما كان يمكن أن يكون موقع قافلة قوات الاحتلال والمسلحين، وتم إعاقة خط الرؤية شمالًا من مواقع قافلة المركبات التابعة لقوات الاحتلال لمواقع المسلحين في الفيديو الثاني والثالث جزئيًا بسبب الجدار المحيط بالمقبرة. والمقبرة وجدارها لهما تأثير في تقليل عرض الطريق إلى ممر ضيق واحد لحركة المرور، ويمكن رؤية هذا الجدار في صور القمر الصناعي، وكذلك في لقطات من المشهد في ذلك اليوم.
ولم يكن جدار المقبرة هو الشيء الوحيد الذي كان يعيق خط الرؤية شمالًا على طول الطريق.
طوال الصباح، كانت هناك مركبات متوقفة على الجانب الغربي من الطريق، كان من شأنها أن تجعل إطلاق النار شمالًا من موقع على مستوى الشارع لقافلة قوات الاحتلال، والرؤية في الفيديو 2 والفيديو 3 أكثر صعوبة، إن لم يكن مستحيلًا. وتظهر العوائق في خط الرؤية بسبب جدار المقبرة والمركبة الصفراء في هذه الصورة المشتركة على Telegram.
كما يتضح من الصورة أعلاه، يبدو أن هناك خط رؤية ضيق من موقع قافلة قوات الاحتلال إلى المكان الذي قُتلت فيه أبو عاقلة، ومن المحتمل أن يكون هذا مهمًا، لأن سلوك الرجل الذي يرتدي القميص الأبيض الذي ذهب لمساعدة أبو عاقله (كما هو موضح في الصورة أدناه) يشير إلى أنهم ما زالوا يتعرضون لإطلاق النار من الجنوب، كما يظهر في هذا الفيديو. وفي الساعة 01:56 و 02:20 ، كسر الرجل الغطاء الذي شكله الحائط والشجر عن طريق التحرك شرقًا، باتجاه منتصف الطريق، أثناء محاولته التقاط أبو عاقلة. وفي المرتين نسمع طلقة واحدة، ومن الواضح أنها قريبة بدرجة كافية من الرجل لإجباره على التراجع إلى جدار في الجانب الغربي.
.
ويبدو أن هناك أيضًا احتمالا بأن يكون مطلق النار قد أطلق النار من موقع مرتفع، نظرًا لوجود مبنى شاهق إلى الغرب قليلاً من موقع قوات الاحتلال. وكان من المحتمل أيضًا أن يوفر هذا خط رؤية إلى المكان الذي كانت فيه أبو عاقلة وزميلها، إذا خرجوا من خلف الشجرة وابتعدوا عن الجدار. وهذا يعني أن الرجل الذي يرتدي القميص الأبيض كان سيظهر مرة أخرى لمطلق النار المتمركز في وضع مرتفع أثناء تحركه في منتصف الطريق وبعيدًا عن الحائط.
ملخص مفتوح المصدر:
وفي حين أن أدلة الفيديو مفتوحة المصدر، المتوفرة حاليًا، لا توضح بالتفصيل اللحظة الدقيقة أو اللقطة التي قتلت أبو عاقلة، فإن شهادات الشهود المتعددة تلقي باللوم على قوات الاحتلال ولا توفر أدلة الفيديو المتاحة أسبابًا جيدة للشك في هذه الرواية، كما يُظهر دليل الفيديو مفتوح المصدر، عندما اشتبكت قوات الاحتلال ومجموعة مسلحة في الشارع، حيث استشهدت أبو عاقله في النهاية.
وكان لموقع قافلة قوات الاحتلال مسار واضح، وقد كان أقرب إلى الموقع الذي قتلت فيه أبو عاقلة، وذلك بعكس موقع الجماعات المسلحة. وقد كانت قافلة الجيش التي شوهدت في لقطات كاميرا الجسم على بعد حوالي 190 متراً من المكان الذي أصيب فيه أبو عاقله، في حين كانت المجموعة المسلحة (الفلسطينية) التي شوهدت تطلق النار في الشارع في الفيديو 3 تتواجد على بعد 300 متر.
ويشير التحليل الصوتي الأولي لمقطع الفيديو الذي تم التقاطه في أعقاب مقتل أبو عاقلة أيضا إلى أن إطلاق النار حدث على بعد 177 إلى 184 مترًا تقريبًا. وعلى افتراض أن السلاح والمقذوف المستخدم متسقة مع تلك المستخدمة من قبل قوات الاحتلال، فان هذا التقدير يتسق بشكل وثيق مع المسافة التقريبية بين موقع قوات الاحتلال وموقع مقتل الصحفية، أكثر مما هو عليه من المسافة بين الشهيدة أبو عاقلة وموقع المسلحين الفلسطينيين.
المصدر :bellingcat
ترجمة : إيناس الحج علي