نشوة قلق وضجيج عالي

نشوة قلق وضجيج عالي لئن غوصت في أعماق تفكير حكومة الاحتلال وشعبها الآن بعد موجة العمليات ، لوجدت أن الغالبية العظمى منهم يتمنى انكسار وسحق الروح المعنوية للشعب الفلسطيني وقتل الصغار قبل الكبار ، لذلك تجد دولة الحرب في حالة انعقاد دائمة من أجل تقييم الوضع الأمني بشكل مستمر في ظل احتدام الصدام والشعور بالعجز أمام رغبة الفلسطينيين بالتحرر الذاتي. الفلسطينيين لن يتخذوا قرار التصعيد الأخير لانه جاء وفق سياسة ممنهجة ومدروسة من دولة الاحتلال .
اذن الاحتلال هو من يصعد ، لتحقيق أهداف وغايات ورسالة منحوتة على أجندة الحكومة الاسرائيلية تود تنفيذها وتحتاج إلى مبررات ، وباعتقادي الشخصي ان السناريو الأسهل والأقرب لعقليتهم لإعادة الهيبة المفقودة واستعادة الدور المناط بهم من الغرب هو ، (نموذج عملية السور الواقي) ، بما فيه من نتائج كارثية ممكن ان تتكرر على الشعب والقيادة الفلسطينية ، وأيضًا على الواقع الفلسطيني بشكل عام. لكن هناك متغيرات جديدة طرأت مختلفة عن عام٢٠٠٢ ، لها علاقة بقوة العقيدة القتالية للأطراف والمزاج الذي يميل لتحقيق نتائج سريعة قد تؤدي للوصول لمرحلة الا عودة إلى نهج استمر عقدين ونصف من تاريخ إدارة الصراع وربما كرة الثلج تكبر وتتمدد تنتقل من جنين في أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب في غزة ، وبالتالي ستجبر هذه الأخيرة بكل مكوناتها وألوانها على المشاركة في كاسر الأمواج من أجل تحقيق أهداف تكتيكية لا استراتيجية ، وربما تتمدد إلى أراضي ال ٤٨ ، من هنا القرار سيكون محفوف بالمخاطر للجميع. أزعم ان دولة الاحتلال الآن تعمل اتصالات مكثفة مع دول بعينها بهدف الحصول على الموافقة على إقرار العملية ،
تحت شعار الحفاظ على ماء الوجه وان نظرية الأمن القومي الاسرائيلي تحت المقصلة والتهديد وجودي . مدى تفهم الأطراف للمبررات أو عدمها هو سيد الموقف. هنا يكمن دور السلطة الفلسطينية في إحباط هذا التوجه الاستباقي الوقائي العنيف ضد شعبنا في اتصالاتها مع الأطراف الدولية القادرة على كبح جماح الشهوة الاسرائيلية في إراقة دماء الفلسطينيين. اما الخيار الثاني هو المراوحة والانهاك للطرف الفلسطيني بعمليات محدودة بدون ضجيج عالي وفعل يومي ورد فعل يَجبرُ الفلسطينيين الانغماس به على شكل انتفاضة شعبية ومسلحة في نفس الوقت تعمل اسرائيل على نموذج الفوضى والعودة إلى مرحلة ما قبل السلطة والتنظيم . وبالعودة إلى مسرح العمليات الحالية فأنني أزعم ان الفلسطينين بجميع مكوناتهم تعلموا الكثير ولديهم الخبرة في إدارة شؤون تحررهم فلن يكونوا هم الآن من ، سيشعلون الفتيل ولكنهم أناروا الضوء في النفق السياسي فالأيام القادمة ستكون بداية جديدة لتاريخ مشرق شعاره الأول والأخير التحرر الوطني والثقة بالنفس . الردود الواقعية تقول : ثالثًا / الفلسطيني دائمًا فى حالة دفاع عن النفس لا يهرب من المواجهة ولكن لا يوجد فى قاموسه قرار بالتصعيد . التصعيد يأتي من الاحتلال ولكن هل هنالك مصلحة لأحد فى التصعيد ؟ هذا سؤال مهم لانه عليه نستطيع معرفة من يقف خلف ما يجري وما هو الهدف. كل ما ندركه بحواسنا اليوم ان هنالك حرب ضروس على الأرض الاوكرانية تشغل بال روسيا والحلف الاطلسي بأكمله . هل يريد الاحتلال استغلال هذا الانشغال وتصفية حسابات معينة على الأرض الفلسطينية؟ على ذكر العمليات المسلحة ما نسمعه انها فردية تلقى تأييدًا من مختلف القوى الفلسطينية وهذا يؤكد بان الحالة الفلسطينية تتفق على شيئ واحد اسمه انعدام الأفق إزاء اى تحرك سلمي. شيء أخر أود الاشارة إليه ان التحرك الاسرا ،،،،ئلي المقبل سيجيب على ما يدور فى ذهن كل منا اذ نحن أمام جدلية كبيرة لابد وان نعرف الاجابة عنها جيدًا ، بخصوص التوجه للعمليات العسكرية حاليًا داخل الخط الاخضر ، هل اتخذت بقرار أو انها جاءت بسبب فقدان الأمل بإمكانية تدخل الأطراف المعنية لوقف اعتداءات الاحتلال حيث انها مستمرة منذ فترة طويلة . ليس بيد الفلسطيني سوى الثبات على أرضه وليس هو من يصعد ولكنه فى النهاية يواجه ، انطلاقًا من انه صاحب حق أما وان رأي الاحتلال ان ابناءنا قد اشتد عودهم ، ولابد من كسر شوكتهم فنحن نعود للمربع الأول للمواجهة بعيدًا عن السلام المنشود ولكن لسان حالنا يردد ما ضاع حق وراءه مطالب . د حسن السعدوني.