الدلالات السياسيه لتعليق الإعتراف بإسرائيل

 ليست هذه المرة ألأولى التي يتم فيها إتخاذ قرار بتعليق الإعتراف بإسرائيل من قبل المجلس المركزى ،وبقيت القرارات معلقه بتنفيذ اللجنة التنفيذية للمنظمة. وللوقوف على أهمية هذه القررارت ودلالاتها نشير أنه في أدبيات الإعتراف الدولى أن الإعتراف لا ينشأ الدول ، الدولة تكتمل بإكتمال عناصر ها الثلاث الأرض والشعب والإقليم. الإعتراف يعنى الرغبه في التعامل مع الدولة المعترف بها ، وتصريح رسمي بوجودها.وألإعتراف يتم بين دول مستقله متساويه، فهو تعبير عن إراده سياديه وقرار حر غير ملزم لأى دوله. والأساس في شرعية الدولة ان تنال عضوية ألأمم المتحده. وهذا شرطا ضروريا لأى دوله. بعده الدول حره في ان تعتر ف أو لا تعترف. لكن عدم الإعتراف لا يعنى ان الدولة غير قائمه. والإعتراف يأخذ شكلان صريح ومباشر وشكل آخر ضمنى .والإعتراف المباشر له شكلان أيضا ألأول تبادل العلاقات الدبلوماسيه، والثانى بصدور بيان حكومي رسمي بالإعتراف بالدولة ألأخرى .اما الشكل الضمنى فيكون على شكل المسميات كأن يعتمد مسمى ريس الدولة او رئيس الحكومه او الدولة ذاتها. فعندما نقول رئيس وراء إسرائيل فهذا إعترافا ضمنيا,. وبالشكل الثانى تكون غالبية الدول العربية معترفه بإسرائيل، حتى على المستوى الفلسطينى ، فالإعتراف الضمنى واضح في الخطاب السياسى والإعلامى.
وفى الحاله الفلسطينية نحن أمام نموذجا غير مسبوق في أدبيات الأعتراف الدولى . فهو أولا إعتراف ليس بين دولتين مستقلتين متساويتين، وهو إعتراف صريح ومباشر من قبل منظمة التحرير بإسرائيل كدوله ولا يقابله إعترافا إسرائيليا بالدولة الفلسطينيه بل بمنظمة التحرير كممثل شرعى فقط ، وهنا الإعتراف غير متكافئ.وهو إعتراف بين دولة محتله وشعب تحت الاحتلال. وهذه خطورته، وخطورته الثانيه انه إعتراف تعبيرا عن إراده شعبيه ، ولم يحدد الإعتراف بإسرائيل كدوله لها حدودها، فترك هذه المسأله مفتوحه وهذه لها تداعيات سياسيه خطيره.هذا والإحتلال وطبيعة العلاقات القائمه وعدم وجود دولة فلسطينيه فرضت أن يأخذ الإعتراف الشكل الصريح في صورة البيان الرسمي والذى سبقه تعديلا لميثاق المنظمه لكنه لم يكن بنفس المستوى من قبل إسرائيل فجاء الإعتراف غامضا وليس مباشرا. وهنا أكثر من ملاحظه:كما أشرنا الإعتراف لم يكن بين دولتين متساويتين، فالإعتراف بين إسرائيل كدوله قائمه وبين منظمة التحرير ككيان له صفة التمثيل الشرعى ، اى بعباره أخرى له الحق او السلطه في هذا الإعتراف، فلا يملك أى فصيل او تنظيم هذا الحق. وثانيا جاء الإعتراف وإسرائيل لم تعلن حدودها حتى الأن ،مما يعنى التفاوض على كل الأراضى المحتله، فإسرائيل لا تتكلم عن حدودها الواقائمه بل ان ما تحتله وفقا لها الإعتراف سيكون خاضعا للتفاوض ، وهذا له دلالاله سياسه أيضا سلبيه.والملاحظه الأخرى وهى الأهم ان إسرائيل ليست في حاجه للإعتراف الفلسطينى لتزيد عدد الدول المعترف بها ، بل هي في حاجه لهذا الإعتراف ليضفى عليها شرعيتها ،فهو إعترف بشرعية وجودها من قبل الطرف الآخر في الصراع والذى يرفض الإعتراف بشرعيتها مما قد يسقط الكثير من القضايا التفاوضيه، او يحولها للتفاوض وليس كحق نهائي مثل قضية اللاجئيين والقدس والحدود والأمن وغيرها.والملاحظه الأخرى أن الإعتراف تم ببيان رسمي ومن ثم حقق الهدف والغاية منه، وإذا أرادت المنظمه سحب الإعتراف وليس تعليقه لأنه لا يوجد شيء أسمه تعليق فيكون ببيان سياسى رسمي كما صدر ، إلا ان صدور بيان رسمي بسحب الإعتراف يعنى الإعلان الرسمي عن إلغاء إتفاق أوسلو الحاكم والمنظم للعلاقات، ويعنى أيضا الإعلان الصريح عن قيام الدولة الفلسطينية ومن ثم إلغاء كل مؤسسات السلطه والذهاب لإنتخابات مؤسسات الدولة ، وبداية مرحلة نضال سياسى جديد بين الطرفين على أساس الدولة. وعليه فإن البيان الذى صدر من المجلس المركزى وهو يمثل السلطه العليا يعتبر غير كاف ، وكان ألأجدر ان يكون بيانا صريحا وقاطعا ومرتبطا بقيام الدولة الفلسطينية وخصوصا ان هذه الدولة قائمه في الأمم المتحده تحت مسمى دوله مراقب، وان عدم إكتمالها بسبب الإحتلال لكنها تحمل صفة الدولة وهذا عنصر مهم جدا للبناء عليه.وهو ما يمنحهم الحق في إلغاء إتاقات أوسلو والإعلان عن مرحلة الدولة.ومن ثم يكون التفاوض والإعتراف على مستوى الدوله.وان تكون مرجعية التفاوض الدولة الفلسطينية. ومن ناحيه أخرى تكون مسؤولية الأمم المتحده رفع الاحتلال عن دول عضو فيها. والملاحظه الأخرى المهمه هنا وحيث ان الدولة تعتبر أعلى المؤسسات السياسيه تصبح عندها المنظمة أحد أذرعها وأحد مؤسساتها ، وتنتقل صلاحياتها للدولة ، اى سلطات الدولة . وهو ما يعنى أيضا مراجعة البنية السياسية القائمه وتأهيلها بما يتناسب والدولة.وبالعودة لتعليق الإعتراف فلا أعتقد حسب أدبيات الإعتراف انه له قيمه قانونيه وحتى سياسيه كبيره لأن الإعتراف حقق الهدف منه. وسوف لا تترتب عليه اى تداعيات على العلاقات القائمه والتي تفرضها حالة الإعتماد المتبادل.فالسلطة لا تستطيع أداء وظائفها بدون القدرات الماليه التي تتحكم بها إسررائيل ،ولا التنسيق الأمني المتبادل الذي يسمح بالحفاظ على حالة الأمر الواقع.وتعليق الإعتراف لا يعنى إلغاء الإعتراف على وضعية إسرائيل كدوله، التعليق قد يؤثر على المفاوضات وإحتمالات إستئنافها ، وماذا لو أستؤنفت المفاوضات؟ وماذا لو تم إختيار رئيسا جديدا؟ويبقى ان القرارات التي أتخذت ا تتوقف على القوة وإرادة التنفيذ التى بقيت معلقه باللجنة التنفيذيه لمنظمة التحرير وببيقاء الرئيس.

 

 

disqus comments here