جيش الاحتلال يضم في صفوفه ميلشيا حريدية متطرفة تعمل في خدمة المستوطنين

شهدت الأيام والأسابيع الأخيرة جدلا واسعا في دولة الاحتلال حول وجود ما يشبه الميليشيا ، التي تعمل بشكل رسمي كإحدى الوحدات العسكرية الملحقة بجيش الاحتلال تدعى كتيبة " نيتساح يهودا " . وقد تصاعد الجدل حول هذه الكتيبة الحريدية في ضوء استشهاد المسن الفلسطيني عمر عبد المجيد أسعد في قرية جلجيا في محافظة رام الله والبيره ، حيث جاءت جريمة مقتله على يد عناصر هذه الكتيبة تسلط الضوء من جديد على مدى انحطاط القيم التي تحكم تصرفات جيش الاحتلال . فقد وصف تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية الاسبوع الماضي  كتيبة " نيتساح يهود ا"، التي يخدم فيها يهود متعصبون دينيا ويسكن قسم منهم في البؤر الاستيطانية العشوائية في الضفة الغربية ، بأنها "ميليشيا تطورت تحت أنظار جيش الاحتلال " وينفذ جنودها  الذين ينتمون لعائلات (مستوطنين) في المنطقة اعتداءات ضد الفلسطينيين . وتعمل هذه الكتيبة في الضفة الغربية فقط ، وبشكل دائم ، وليس مثل باقي الكتائب والوحدات التي يتنقل جنودها إلى المناطق الحدودية. وقد جرت محاولات لتفكيك هذه الكتيبة الا ان التقديرات تشير أن تفكيك هذه الميليشيا الحريدية سيكون بمثابة إعلان حرب بالنسبة لقيادة المستوطنين.  وبحسب مفهومهم ، فإن هذه الكتيبة تنتمي إليهم، وهي قوة تعمل لصالح المستوطنات وعادة ما يدخل قادة المستوطنين إلى (مقر) الكتيبة بصورة حرة ويتحدثون مع الجنود. ويدخل حاخامون إلى مقر الكتيبة ويتجولون بحرية، ويلقون دروسا ويتحدثون مع الجنود حول أحداث عسكرية، الأمر الذي حولها الى نوع من ميليشيا . وتتمثل مهمات الجنود في هذه الميليشيا ، بحسب إفادات جنود مسرحين منها وتحقيقات الجيش نفسه، بإيقاف سيارات فلسطينية وإنزال ركابها منها والتنكيل بهم في أحيان كثيرة، والاعتداء عليهم جسديا. وأحيانا يصادرون سيارات بادعاء أنها ليست صالحة للاستخدام ، لكن بعد ذلك يستخدمها جنود وضباط في الكتيبة لاحتياجاتهم الخاصة . كذلك يقتحم جنود هذه الكتيبة منازل الفلسطينيين ، من خلال تكسير أبوابها ونوافذها والاعتداء على سكانها. وأحيانا، يلقون قنابل باتجاه سيارات فلسطينية مارة، "فقط من أجل التسلية ".

 

وقد أظهرت معطيات إسرائيلية أن 3.8% فقط من الجرائم التي ترتكب على خلفية قومية من قبل عناصر تعمل في كتيبة نيتساح يهودا ومن مجموعات المستوطنين  بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية ، تنتهي في نهاية المطاف بلا لائحة اتهام ، حيث تم إغلاق أكثر من 221 شكوى فلسطينية من أصل 263، ما بين أعوام 2018 – 2020، وهناك 10 فقط تم حتى الآن تقديم لوائح اتهام فيها والبقية لا زالت قيد التحقيق حيث تصعب الشرطة الإسرائيلية على الفلسطينيين تقديم شكاوى ولا تطلع فرق الدفاع عنهم على ما يحدث في القضايا وتجاهل شرطة الاحتلال لوثائق بحوزتهم تكون وثقتها كاميرات أو غيرها، كما أنه لا يتم استدعاء أي من المستوطنين للاستجواب وفي أحيان يغلق التحقيق في حينه دون أدنى تحقيق، وتكشف معطيات لمنظمة “يش دين”، أن غالبية القضايا تقيد على أنها ضد مجهول، مشيرةً إلى أن ما بين أعوام 2005 إلى 2021 تم إغلاق 92% من الشكاوى التي قدمتها بدون لائحة اتهام، وكان سبب إغلاق 65% هو عدم قدرة الشرطة على تحديد مرتكبي تلك الجرائم.

على صعيد آخر تصاعدت وتيرة الاستيطان الإسرائيلي في القدس المحتلة ضمن محاولات الاحتلال فرض وقائع جديدة على الارض بهدف تغيير هوية القدس وطابعها العربي الإسلامي ، حيث صادقت لجنة المالية التابعة لبلدية الاحتلال في القدس على سلسلة مشاريع ومخططات تهدف لربط المستوطنات المحيطة بالمدينة  فقد تم رصد نحو مليار شيقل ، أي ما يعادل 300 مليون دولار أميركي لهذه المشاريع وخصصتها لتطوير بنى تحتية وربط شبكات المواصلات بين مختلف الأحياء الاستيطانية في المدينة مع الشطر الغربي في القدس. ويسعى الاحتلال من خلال ربط هذه الشبكات عبر تعزيز وتوسيع طرق ومسارات لربط سكة القطار الداخلية "الترام"، في المدينة من أقصى شمال المدينة في "مستوطنة راموت وبسجغات زئيف " وحتى جنوبي المدينة عند المالحة. وتبلغ ميزانية بلدية الاحتلال في القدس عموماً للعام الحالي 12 مليار شيقل ، رصد منها مليار شيقل لأعمال تحديث في شبكات الطرق والمحاور الرئيسية، لربط مختلف أنحاء المدينة بشقيها (الشطر الغربي المحتل عام 1948، والشطر الشرقي المحتل عام 1967) في منظومة مواصلات واحدة . وفي التفاصيل ، فقد رصد 200 مليون شيقل أخرى لتوسيع وتطوير شبكة القطار المحلي الداخلي "الترام".ورصد كذلك54 مليون شيقل تحت مسمى "توسيع الطريق المركزي" من حي جبل المكبر إلى عين اللوزة في سلوان، لتسهيل وصول المستوطنين وربط البؤر الاستيطانية في سلوان عبر هذا الطريق بمركز المدينة، بينما رصد 50 مليون شيقل لضبط ومراقبة شبكات السير والمرور في المدينة. كما رصدت بلدية الاحتلال 17.1 مليون شيقل لتوسيع الطريق الرابط بين مستوطنتي" بسجاف زئيف ونافيه يعقوف "شمالي القدس المحتلة على طريق شعفاط بيت - حنينا بمركز المدينة وشطرها الغربي ، فيما رصدت تحت بنود مشاريع مختلفة أكثر من 6 ملايين شيقل لبنى تحتية في البؤرة الاستيطانية "جفعات همطوس" جنوبي القدس القريبة من بيت صفافا

 

وتعتزم بلدية الاحتلال ووزارة البناء والإسكان تنفيذ خطة جديدة لبناء 5250 وحدة استيطانية ، بهدف مسح ما يسمى بـالخط الأخضر الفاصل بين الأراضي المحتلة عامي 1948 و1967 أي (الأراضي الواقعة بين حدود القدس الغربية والشرقية على مساحة 840 دونمًا من أراضي تلال جنوب غربي القدس المحتلة . المخطط الإسرائيلي الجديد يستهدف مناطق جنوب غربي القدس، التي تبدأ من أراضي قرى عين كارم، الولجة، صطاف، والمالحة، والتي هجر الاحتلال سكانها عام 1948، وأقيم على جزء من أراضي المالحة حديقة حيوانات ضخمة، وكانت هذه الخطة قد طرحت عام 2018، لكنها واجهت مُعيقات كثيرة، وجرى تقديم اعتراضات عليها من مؤسسات تعني بالبيئة ونشطاء آخرين ، إلا أنه تم رفضها، وتعطلت الخطة حتى تم إقرارها الأسبوع الماضي .  وتشمل الخطة الإسرائيلية التي خصص الاحتلال لها 2.8 مليار شيكل، إنشاء حي استيطاني جديد في محيط ما يعرف بمستوطنة "جفعات مسوئة"  يضم مبان ضخمة من 5 -12 طابقًا، قرب حديقة الحيوانات جنوب القدس، وإقامة 300 غرفة فندقية ومواقع

  •  
disqus comments here