رغم المظاهرات الواسعة.. فرنسا: المجلس الدستوري يوافق على رفع سن التقاعد.. والنقابات تتوعد

أعطى المجلس الدستوري الفرنسي الضوء الأخضر لمشروع قانون رفع سن التقاعد، الذي طرحه الرئيس إيمانويل ماكرون، وأثار موجة من الاحتجاجات الشعبية لأسابيع، مما يسرع بتحويله إلى قانون ودخوله حيز التنفيذ.
وينص مشروع القانون على رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاماً، لكنه تسبب في احتجاجات ضخمة وأحياناً عنيفة في الأسابيع الأخيرة، وفق رويترز.
تحفظات بسيطة..
كما أعطى المجلس الضوء الأخضر لمشروع القانون مع إبداء بعض التحفظات البسيطة عليه في خطوة قد تمثل مصدر ارتياح كبير لماكرون وحكومته.
وقال إن إجراءات الحكومة جاءت متوافقة مع الدستور ومن ثم وافق على رفع سن التقاعد، مع إلغاء بعض الإجراءات التي تعزز فرص العمل للعمال الأكبر سناً، على أساس أنهم غير معنيين بهذا التشريع.
وقال مكتب ماكرون إنه مع تصاعد حدة التوتر قبل ساعات من صدور القرار، دعا الرئيس النقابات العمالية إلى اجتماع يوم الثلاثاء "أيا كان قرار المجلس الدستوري".
وطلبت النقابات الفرنسية من ماكرون عدم إصدار قانون إصلاح نظام التقاعد بعدما صادق عليه المجلس الدستوري، مشيرة إلى أنها ترفض الاجتماع مع الحكومة قبل الأول من أيار/ مايو.
وجاء في بيان للنقابات أنه "في مواجهة الرفض الكبير لهذا الإصلاح، تطلب منه (الرئيس) تنسيقية النقابات رسميا عدم إصدار القانون، وهو السبيل الوحيد لتهدئة الغضب المنتشر في البلد".
وأضافت النقابات أنها قررت "عدم قبول الاجتماع مع السلطة التنفيذية" حتى الأول من أيار/ مايو، موعد عيد العمال الذي دعت إلى جعله "يوم تعبئة استثنائية".
1 سبتمبر..
من جهته كشف وزير العمل أوليفييه دوسوبت أن مشروع القانون سيدخل حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر، حسب ما كان مخططاً له في البداية، متجاهلاً مطالب النقابات العمالية بعدم إصداره على خلفية المعارضة الشعبية الحاشدة.
وعند إعلان المجلس قراره بشأن مشروع القانون، تجمع متظاهرون خارج مبنى مدينة باريس ورفعوا لافتات كُتب عليها "مناخ الغضب" و"الإضرابات مستمرة حتى سحب مشروع القانون".
الحد من الاحتجاجات
يشار إلى أن استطلاعات الرأي تظهر أن الغالبية العظمى تعارض رفع سن التقاعد، فضلاً عن أن الحكومة استندت إلى المادة 49.3 من الدستور التي تسمح لها بتمرير مشروع القانون دون تصويت نهائي في البرلمان.
فيما يأمل ماكرون وحكومته في أن يؤدي هذا القرار إلى الحد من الاحتجاجات التي تقودها النقابات العمالية، والتي تحولت في بعض الأحيان إلى أعمال عنف.
لا تراجع..
وكان ماكرون قد قال في وقت سابق من هذا الأسبوع: "يجب أن تستمر البلاد في المضي قدماً والعمل ومواجهة التحديات التي تنتظرنا". لكن المعارضة والنقابات العمالية حذرت من أنها لن تتراجع عن موقفها.
كذلك رفض المجلس الدستوري اقتراحاً تقدمت به المعارضة لتنظيم استفتاء للمواطنين حول مشروع القانون.
وقامت المعارضة بمحاولة أخرى لإجراء استفتاء على مشروع القانون، غير أن المجلس لن ينظر في هذا الأمر إلا في أوائل مايو.
ويأتي قرار المجلس الدستوري عقب أشهر من احتجاجات اتسمت بالعنف في بعض الأحيان ومناقشات حادة في الجمعية الوطنية، وسيكون الخطوة الأخيرة قبل نشر النص في الجريدة الرسمية ودخوله حيز التنفيذ.
والهيئة القضائية العليا متمركزة في مبنى الباليه رويال العريق بوسط باريس، الذي أطلق "وطنيون" منه في 12 تموز/يوليو 1789 العصيان الذي أدى إلى سقوط الباستيل.
وتتكون من تسعة أعضاء. يعين رئيس الجمهورية رئيس المجلس، والثمانية الآخرون يعينهم رئيس الجمهورية ورئيس الجمعية الوطنية ورئيس مجلس الشيوخ لمدة تسع سنوات. إضافة إلى رؤساء الجمهورية السابقين الذين يحق لهم الانضمام إلى المجلس.وتبقى بعد ذلك
معرفة رد فعل معارضي الإصلاح وهم مئات الآلاف ممن يتظاهرون بانتظام منذ منتصف كانون الثاني/يناير.
ويذكر أن تبني النص في 20 آذار/مارس قسرا من قبل الحكومة دون تصويت في الجمعية الوطنية مستندة في ذلك إلى نص دستوري يسمح بذلك، أدى إلى موجة تعبئة كبيرة شهدت أعمال العنف الأولى التي تكررت بعد ذلك.
لكن التراجع كان واضحا الخميس في يوم التعبئة الثاني عشر. فللأسبوع الثالث على التوالي انخفض عدد المتظاهرين إلى 380 ألفا حسب السلطات لكنه بلغ "أكثر من 1,5 مليون" حسب الاتحاد العام للعمال (سي جي تي).
وتراجع مستوى العنف الخميس لكن المجلس الدستوري شهد محاولة قصيرة لتعطيل عمله قام بها متظاهرون فرقتهم قوات الأمن.
وحذر رئيس نقابة "الكونفدرالية الفرنسية للعمال المسيحيين" سيريل شابانييه سابقا من أنه "إذا لم نحصل على الأقل على استفتاء المبادرة المشتركة فسيكون الغضب الاجتماعي شديدا جدا".
التقى المسؤولون النقابيون مساء الخميس لصياغة ردهم المشترك على السيناريوهات المختلفة.
وقبل صدور القرار كشفت مذكرة صادرة عن الاستخبارات أن هناك 131 تحركا متوقعا بعد قرار المجلس.
وتعتمد فرنسا سن تقاعد من الأدنى في الدول الأوروبية، وتبرر السلطة التنفيذية مشروعها بالحاجة إلى معالجة التدهور المالي لصناديق التقاعد وشيخوخة السكان.