في عيد المرأة..الشاعرة الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير تلبس "المرأة الغزية" وشاحا مطرزا بالصبر والتحدي..

إلى المرأةِ الغزّيةِ في عيدِها..." قصيدة نجحت في توثيق

  المرأة الفلسطينية الحاملة لبطاقة التعريف الكنعانيّة،وتثبيتها داخل ثنايا النص)

لا يحيد القول عن جادة الصواب إذا قلت أن إن الثامن من مارس/ آذار يشكل مناسبة لتكريس المضامين النضالية للنساء حول العالم من أجل تحقيق المساواة والعدالة للنساء.وتأتي هذه المناسبة من جديد والنساء الفلسطينيات يعشن تحت نير الإحتلال الإسرائيلي الغاشم،الذي يمارس التميز والقتل بحقهن من جهة،ومن جهة أخرى يواجهن غياب الإرادة السياسية لتحقيق العدالة للنساء داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة،في ظل غياب القوانين الرادعة لحماية المرأة..!

ولكن..ما يُميّز المرأة الفلسطينية،هي تلك الصلابة التي تشبه صلابة الصخر.كأن النساء الفلسطينيات عموماً،استمدَدْنَ هذه القوّة من أحكام التاريخ والجغرافيا،ولكأن تاريخ الاحتلال الصهيوني للبلاد لم يؤدّ إلا إلى زيادة منسوب الشجاعة والعَزم والإرادة لديهن..

إنّها سيرورة حياتية لصدّ السيرورة الإلغائية التي نشهد الآن أقصى فظاعاتها الدرامية في غزّة.وبفضل ذلك اقترَنت صفة البطولة بالمرأة الفلسطينية حصراً. 

وإذا كانت الأساطير والروايات والآداب عموماً قد جسّدت البطولة كقيمة عبر التخييل،فإن النساء الفلسطينيات صنعْنَ البطولة حتى أصبحنَ مصدرَ إلهام.

وإذن ؟

لا عجب إذا،أن يتغنّى الشعراء بالأم الفلسطينية التي تُرضِع أبناءها حليب البطولة وتُعبّئهم بطاقة الحياة،حتى وَصَفَها الشاعر اللّبناني حسن عبد اللّه بأجمل الأمّهات: "أجمل الأمّهات التي انتظرت إبنها/ وعادْ/ عادَ مُستشهداً/ فبكتْ دَمعَتَيْن ووردة/ ولم تنزوِ في ثياب الحداد". وطَمْأنها الشاعر الفلسطينيّ محمود درويش بأنّ جذور التّين راسِخة في الصخر..وفي الطين تعطيك غصوناً أخرى.. وغصون..وطرزتها الشاعر الفلسطينية المغتربة الأستاذة عزيزة بشير وشاحا لتخرج من تحت الركام تصرخ بصوت مشنوق : هنا غزة..إما البقاء..وإما الإندثار..ولكأني أراها ( المرأة الغزية) تهزّ سَريراً  لِلوَليدِ  يَمينُها..وَثَثني بكَوْنٍ  لِلوَرى..يُسراها! على حد توصيف شاعرتنا الفذة الأستاذة عزيزة بشير-بتصرف طفيف.فقد كتبت :

....إلى المرأةِ الغزّيةِ في عيدِها....

غزِّيّةٌ  أمُّ  المَكارِمِ عيدُها 

بيْنَ الرّكامِ وفي العَرا………مَمْشاها

 

هِيَ أُمّةٌ بيْنَ الخيامِ ..تمايلتْ

شِقٌّ تُحمِّلُ بالجِراحِ ……….ضَناها

 

شِقٌّ تُحمِّل بالمَواجِعِ  أُسرَةً

قَتَلَ الصّهايِنُ رأسَها……….وَمُناها

 

هِيَ وردةٌ  بالرّثِّ  مِن أثوابها     

وشَذاها يَسْبِقُ ……خطْوَها  ولِقاها

 

ويهُبُّ يحمِلُ بالّرّوائحِ  خُبْزَها

وطعامُ  مِنْ باقِي الحبوبِ…..شذاها

 

  فتَخالُ فيها أمّةً ..في واحِدٍ

جمَلَ المَحامِلِ في الخِيامِ… …تَراها

 

 أمٌّ بغزّةَ ،تلقَى فيهَا جَحافِلاً

أمّاً وأختاً وابنةً …………….بِعَطاها

 

هِيَ مَرأةٌ وَحبيبةٌ في عَطفِها

أمُّ  الشّهيدِ وزَوْجُهُ……….…..أوّاها

 

وهْيَ الصّديقةُ في الشدائدِ وَالرَّخا

 وهْيَ المُجاهِدُ في الوغى …لِحِماها!

 

هزّتْ  سَريراً  لِلوَليدِ  يَمينُها 

وَثَنَتْ  بِكَوْنٍ  لِلوَرى…………يُسراها!

 

لولاها ما سكنَ الجَمالُ بُيوتَنا

  وَلَمَا استقرَّ  مُقامُنا  …………لَوْلاها !

 

فَإليكِ مِنّا يَوْمَ عيدِكِ دَعوَةً

   رَبّي ، لِتَحْفَظْ عِزّها ………….وبَهاها!

 

ربّي لِتسحَقْ بالفناءِ عدوَّها

لِتعودَ غزّةُ  أهلُها …………….وَهناها

 

‏ وَأَنَا أُحَصِّنُ غزَّتي مَعْ ضِفّتي

  رَبِّي ،لتَحْفَظْ معْهُمُ ………(أقصاها)!

 

ِولْتَحفَظِ اللهُمَّ كلَّ نسائنا

ورِجالِنا وبِلادِنا …………….وهَواها !

 

                  عزيزة بشير

 

والسؤال الذي ينبت على حواشي هذه القصيدة الموشحة بالدم والدموع :

ألا نخجل من تسطير الحروف وحسب،بينما تخجل الفلسطينية الجاسرة من الإستسلام،فتحوّل مسيرة الحياة إلى نقمة لا تملك فيها سوى الرفض والتحدي.؟

ويظل السؤال عاريا،حافيا ينخر شفيف الروح.

قد لا أرمي الورود جزافا،إذا قلت أن الأستاذة الفلسطينية المغتربة عزيزة بشير شاعرة مكسورة بين الغربة والإغتراب،والحضور والغياب،الذاكرة والحاضر،والنسيان والتمدد في عمق التاريخ الفلسطيني الملون بالمواجع،لكن نبرتها على الرغم من هذه الأثقال،ظلت تفاؤلية وتؤسس لغد مشرق مطرز بالنصر المبين.

"ربّي لِتسحَقْ بالفناءِ عدوَّها..لِتعودَ غزّةُ  أهلُها …وَهناها.."

صبرا جميلا يا-عزيزة بشير-ستصمد المرأة الفلسطينية الشامخة شموخ الرواسي أمام العواصف،وستواصل بعزيمة فذة وإرادة لا تلين قهر العدو المدجج بالكراهية في نخاع العظم  من خلال إصرارها على البقاء بين الأنقاض..فلا أحد غيرها يملك ثقتها العظيمة بالواحد القهّار...وإيمانها العميق بقدرة رجالها على إعادة إعمار ديار خربها حفاة الضمير..

لست أحلم-يا شاعرتنا السامقة-لكنه الإيمان الأكثر دقة في لحظات التاريخ السوداء من أراجيف نتنياهو..وتهديدات ترامب.

 

*تنويه : قد لا تفكّر-المرأة الغزية-إن بقيت على قيد البقاء في الإحتفال بيوم المرأة العالميّ..هذا اليوم المتصدّع من كثرة ازدواجيّته وخوائِهِ ولا معناه..!

كل التحية للمرأة في عيدها العالمي،وكل التحية للمرأة الفلسطينية المناضلة عبر هذه الإطلالة السريعة على قصيدة الأستاذة عزيزة بشير،رغم الكثير مما يجب أن يكتب عنها،مذكرين بالأسرى والأسيرات والحرية الواجبة لجميع المعتقلين والأسرى والأسيرات كاولوية لدى المقاومة الفلسطينية والعالم الحر.

بقي لي أن أعتز بدور المرأة الفلسطينية ونضالاتها وإنجازاتها ودورها البطولي في مسيرة الثورة والنضال الفلسطيني المتواصل من أجل الحرية والعودة وبناء الدولة المستقلة وعاصمتها القدس، وما قدمته من تضحيات وحققته من إنجازات وسطرته من بطولات نفتخر بها في زمن فقد فيه العالم الطريق إلى الحكمة.!

disqus comments here