"دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية" في رسالة الى مئات الاحزاب حول تفاصيل مخطط الضم مشروع استعماري يضع الشعب الفلسطيني امام خيار واحد: المواجهة والمقاومة
Thu 10 April 2025

مواكبة لتطورات الاحداث في قطاع غزه والضفة الغربية، وفي اطار التواصل مع احزب العالم ونخبه السياسية والقانونية، بعثت "دائرة العلاقات الخارجية في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين" برسالة تفصيلة حول مخطط الضم في الضفة الغربية، وتداعياته على مختلف المستويات السياسية والقانونية والجغرافية، الى مئات الاحزاب والاطر القانونية والحقوقية والاعلامية والنقابية والمجتمعية العربية والدولية. (يمكن الحصول على الرسالة باللغات: العربية، الفرنسية، الانكليزية، المانية والاسبانية على موقع الدائرة:
وقالت الدائرة في رسالتها: بغض النظر عن مواقف الدول الغربية، ومنها الولايات المتحدة، فان مخطط الضم بات المشروع السياسي الوحيد في جعبة الحكومة الفاشية في اسرائيل، التي تعمل في السر والعلن وفي الليل والنهار من اجل فرضه ووضعه امام الشعب الفلسطيني والعالم كأمر واقع. ولا نحتاج لعناء كبير كي نؤكد ان التطبيقات العملية لهذا المخطط قد بدأت ترجماتها على الارض بأكثر من شكل.
من اجل ترجمة الضم واقعا على الارض وفقا للمخططات المقترحة، شنت قوات الاحتلال الاسرائيلي عملية عسكرية شملت مناطق في الضفة ومخيماتها، كتمهيد لعملية الضم، وتسعى اسرائيل عبر هذه العملية الى تحقيق هدفين: ضرب فصائل المقاومة او محاولة الحد من تأثيرها، وتهجير القسم الاكبر من سكان وابناء المدن والمخيمات المستهدفة بالاجتياحات، بهدف تغيير الطابع الديمغرافي في الضفة للقضاء بشكل نهائي على اية امكانية، مهما كانت ضئيلة، لقيام دولة فلسطينية مترابطة جغرافيا..
لقد احاطت اسرائيل هذه العملية بدائرة من الاجراءات القانونية والمليشياوية والاستيطانية.. وفي استعراض تفاصيل مخطط الضم، فقد استندت اسرائيل لتبرير مخططها الاستعماري والعنصري، والذي يرتقي الى درجة التطهير العرقي، الى التقسيمات التي احدثتها اتفاقية اوسلو 2 لعام 1995 والمعروفة باتفاق طابا. فما الذي قدمته هذه الاتفاقية وما هو مصيرها، وما هي المناطق المشمولة بالضم:
وفقا لتلك الاتفاقية، تم تقسيم الضفة الغربية التي تمتد على مساحة 5660 كيلومترا مربعا (باستثناء القدس وما يطلق عليه محيمات طبيعية..) إلى ثلاث مناطق (أ)، (ب) و (ج)، وهي ليست مناطق مترابطة او متصلة فيما بينها، بل تمتد في طول الضفة وعرضها وتفصل بينها مستوطنات وثكنات وحواجز عسكرية اسرائيلية وطرق التفافية، ويزيد عدد ساكنها على ثلاثة ملايين فلسطيني. مع الاشارة الى ان مساحة هذه المنطقة تقلّصت كثيرا، نتيجة عمليات الاستيطان والطرق الالتفافية التي بلغ طولها نحو 980 كيلومترا، وبلغت مساحة الأراضي المصادرة اكثر من 2000 كيلو متر اي ما يوازي ثلث مساحة الضفة الغربية.
مناطق (أ): وتشمل كافة المراكز السكانية الرئيسية في المحافظات (مثل جنين، رام الله، نابلس، طولكرم، الخليل، طولكرم..)، ويبلغ عدد سكانها اكثر من 2.4 مليون فلسطين، وتمتد على مساحة نحو الف كيلو متر مربع (21 بالمائة من مساحة الضفة)، وتستحوذ منطقة جنين على المساحة الاكبر من منطقة (أ) بمساحة تقرب من 284 كيلو متر مربع، تليها الخليل فنابلس ثم رام الله والبيرة.. ومن الناحية النظرية تخضع هذه المناطق امنيا واداريا لسيطرة السلطة الفلسطينية.
مناطق (ب): وتضم قرى بلدات الريف الفلسطيني، وتبلغ مساحتها نحو 1 كيلو متر مربع اي ما يوازي 18 بالمائة من مساحة الضفة الغربية، ويقترب عدد سكانها من 450 الف فلسطيني، وهي تشمل مناطق جغرافية في مختلف المحافظات الفلسطينية، وتستحوذ محافظة الخليل على المساحة الاكبر منها (238 كيلو متر مربع)، تليها نابلس (231)، ورام الله والبيرة (209)، ثم جنين (103) وطولكرم (88 كيلو متر مربع). وتخضع هذه المناطق إداريا (قطاعات التعليم والصحة) للسلطة الفلسطينية وأمنيا لإسرائيل..
مناطق (ج): هي الاكبر بين المناطق الثلاث، وتمتد على مساحة جغرافية تبلغ نحو 3375 كيلو متر مربع في ما ما يزيد عن 61 بالمائة، ويسكنها اكثر من 300 الف فلسطين. وهذه المنطقة تخضع بشكل كامل للسيطرة الامنية والادارية الاسرائيلية، وتتركز فيها المستوطنات الإسرائيلية والثكنات العسكرية.. وهي تعتبر من أغنى مناطق الغربية لكونها تتميز بالموارد الطبيعية، سواء مصادر المياه والمحميات الطبيعية، أراضي زراعية، إضافة إلى بعض الأماكن الأثرية.
ووفقا للاتفاقيات الموقعة (اوسلو وغيرها)، كان يفترض انتهاء المرحلة الانتقالية في ايار من العام 1999، لكن الذي حدث، وبدلا من تسليم اسرائيل لمنطقتي (ب و ج) الى السلطة الفلسطينية لتضمها الى المناطق (أ) كمقدمة لاعلان الدولة الفلسطينية، قامت اسرائيل عام 2000 باجتياح كل مدن ومخيمات الضفة الغربية في عملية عسكرية اطلق عليها اسم "السور الواقي"، التي الغت عمليا كافة التقسيمات السابقة واصبحت المناطق الثلاث خاضعة امنيا وبشكل كامل للسيطرة الاسرائيلية.
اليوم، تختلف التسميات حول مستقبل الضفة الغربية وطريقة تعاطي اسرائيل معها. فهناك من يتحدث ان اسرائيل تريد ضم غالبية مناطق (ج)، وآخرون يتحدثون عن ضم المستوطنات الاسرائيلية وفرض السيادة والقانون الاسرائيلي عليها، لكن في كلا الحالتين، فان ما تنوي اسرائيل فعله هو عملية استعمارية عنصرية، تتطلب من وجهة نظرهم، تشريعات قانونية وادارية وقرارات سياسية تحول الضفة الغربية من اراض فلسطينية محتلة الى كونها جزء لا يتجزأ من اراضي "دولة اسرائيل"، بكل ما يترتب على ذلك من سيطرة على اراض جديدة وتهجير القسم الاكبر من سكان الضفة الى مناطق (أ) والى خارج فلسطين..
ان ما يجري الحديث عنه الآن هو ان اسرائيل ستقوم بشكل رسمي بالغاء التقسمات السابقة عبر ضم مناطق (ب) الى (ج) وضمها بالكامل الى اسرائيل، والغاء مناطق (أ) لتتحول الى (ب)، اي حكم ذاتي فلسطيني على مساحة لا تتجاوز 20 بالمائة من مساحة الضفة يقطنها نحو ثلاثة ملايين فلسطيني.. مع الجزم بأن نجاح هذا المخطط يتطلب تهجير عشرات الآلاف من الفلسطينيين وارتكاب عملية تطهير واسعة بحقهم.. وهذا هو بالضبط ما يطلق عليه مخطط الضم والحسم..
إن مخطط الضم بات هو المشروع الوحيد على طاولة الحكومة الاسرائيلية، وهو مشروع لا يستهدف فصيل بعينه أو قوى دون غيرها من القوى الموجودة داخل منظمة التحرير او خارجها، كما لا يستهدف السلطة ايضا، او فريقاً سياسياً فلسطينياً دون غيره، بل هو يطال مجموع الحالة الفلسطينية بكل عناصرها وأطرافها، وأطيافها، وبعبارة ادق هو يستهدف المشروع الوطني بكل تعبيراته، بما في ذلك ما تبقى من تعبيرات في ملامح السلطة الفلسطينية بواقعها الراهن، الأمر الذي يتوجب التأكيد عليه مرة أخرى وبكل قوة أن لا خيار امام الشعب الفلسطيني سوى نقطة القوة الاساسية وهي وحدته الوطنية والمؤسساتية والبرنامجية، وفق رؤية وطنية موحدة وهامة، في الميدان، بكل أشكال المقاومة، وفي المحافل الدولية..
ان مخطط الضم الذي كانت عناصرة وتفاصيله محاطة بسرية تامة اصبح اليوم علنيا، ووزراء الحكومة والاعلام الاسرائيلي يتحدثون بشكل علني عنه، غير آبهين بالرفض الدولي لهذا المخطط الذي لا يعني فقط انهاء مسار بدأ في العام 1993 وما قبل، بل انهاء المسار السياسي بشكل كامل ووضع الشعب الفلسطيني امام خيار واحد هو المقاومة. وطالما ان هذا المخطط قد تم البدء بتطبيقاته الميدانية، اي لا امكانية، كما يتوهم البعض لمحاولة تغييره سليما، فان لا خيار امام الشعب الفلسطيني الا مواجهته ومقاومته بكل الاشكال النضالية المتاحة.