الصحافة الإسرائيلية الملف اليومي صادر عن المكتب الصحفي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين الجمعة 11/4/2025 العدد 1281

الصحافة الاسرائيل– الملف اليومي

افتتاحيات الصحف + تقارير + مقالات

 

 

 

 

معهد بحوث الأمن القومي (INSS) 11/4/2025

 

 

ثلاثة بدائل استراتيجية لقطاع غزة

 

 

بقلم: عوفر غوترمان

 

 

ملخص تنفيذي

 

بعد قرابة عام ونصف من الحرب في قطاع غزة، تقف إسرائيل عند مفترق طرق، وعليها صياغة استراتيجية مناسبة لمستقبل القطاع. تواجه إسرائيل مجموعة من البدائل القاتمة، جميعها إشكالية في آثارها وجدواها: تشجيع “الهجرة الطوعية” – وهو خيار لم تُدرس عواقبه الاستراتيجية بدقة في إسرائيل، وإمكانية تحقيقه ضعيفة؛ احتلال القطاع وفرض حكم عسكري مطول – مع أن هذا قد يُضعف حماس بشدة، إلا أنه لا يضمن القضاء عليها، وينطوي على خطر تعريض الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لدى حماس للخطر، وتكبد تكاليف باهظة أخرى طويلة الأجل على إسرائيل؛ إقامة حكم فلسطيني معتدل في القطاع بدعم دولي وعربي – وهو خيار تكاليفه على إسرائيل منخفضة، لكنه يفتقر حاليًا إلى آلية فعالة لنزع سلاح القطاع وتفكيك قدرات حماس العسكرية؛ وأخيرًا، احتمال فشل مبادرات الاستقرار السياسي والعسكري، مما يُبقي حماس في السلطة.

الافتراض الأساسي في تحليل هذه البدائل هو أن عودة الرهائن أولوية أعلى من انهيار حكم حماس في القطاع. ولأغراض التحليل المهني، تم حذف خطة إطلاق سراح الرهائن من البدائل المختلفة لغزة، على أمل أن يتم السعي لتحقيقها بغض النظر عن البديل المُختار.

يكمن التوتر الرئيسي الناتج عن هذا التحليل في الرغبة في ضمان انهيار حكم حماس وتفكيك جناحها العسكري، مقابل التداعيات الجسيمة على إسرائيل لاحتلال القطاع والسيطرة عليه لفترة طويلة. في الوقت نفسه، يبدو أن التوجهات الجديدة للسياسة الخارجية لإدارة ترامب تؤثر أيضًا على إدارة الأزمة في غزة، مما يُضيّق نطاق المناورة السياسية لإسرائيل ويزيد من اعتمادها على مصالح وإملاءات الإدارة الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، بينما تبدو الإدارة ملتزمة بتحييد التهديد العسكري الذي تُشكله حماس، فإنها ترغب أيضًا في إنهاء الحرب في القطاع وتعزيز رؤية إقليمية للسلام والازدهار الاقتصادي، بما يتماشى مع تنافسها مع الصين على الهيمنة العالمية.

في ظل هذه الظروف، تُوصي هذه الوثيقة بتنفيذ استراتيجية ثنائية الأبعاد تجمع بين العمل العسكري والسياسي: جهد عسكري مكثف ومتواصل، لا يهدف فقط إلى تقويض حماس وقدراتها، بل أيضًا إلى إرساء أسس استقرار بديل حاكم لحماس؛ وبالتوازي مع ذلك، مبادرة سياسية لبناء بديل حاكم معتدل تدريجيًا في قطاع غزة، من شأنه أيضًا دعم وتسريع نجاح الجهد العسكري.

تتطلب هذه الاستراتيجية تعاونًا وثيقًا مع الدول العربية، وينبغي أن تكون جزءًا من اتفاق إقليمي يشمل التطبيع مع المملكة العربية السعودية وخطوات نحو إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي. بالنسبة للفلسطينيين، فإن الأفق السياسي المتوخى في هذه الاستراتيجية هو أفق استقلال وسيادة محدودين. أما بالنسبة لإسرائيل، فتحافظ الخطة على الحرية الأمنية والعملياتية والجهود المستمرة للقضاء على حماس وإحباط التهديدات الناشئة في القطاع، من خلال مزيج من التدابير العسكرية والاقتصادية والقانونية والسياسية.

هذه الاستراتيجية المقترحة أكثر تعقيدًا في التنفيذ مقارنةً بالبدائل أحادية البعد التي تُناقش حاليًا في إسرائيل. ولكن هذه الاستراتيجية واقعية من حيث جدواها العملية، وعلى النقيض من البدائل الأخرى، فإنها تمتلك القدرة على تشكيل قطاع غزة ضمن منظور واسع من المصالح الوطنية، ومن خلال إدارة أكثر ذكاء وتوازناً للمخاطر والموارد: موازنة المخاطر والاحتياجات الأمنية في غزة وغيرها من الساحات، والاستفادة من الفرصة السياسية لإنهاء الصراع الإسرائيلي العربي وإنشاء تحالف إقليمي من شأنه أن يحسن تاريخياً الموقف الاستراتيجي لإسرائيل، مع الأخذ في الاعتبار الآثار العميقة لقضية غزة على اقتصاد إسرائيل وسياساتها ومجتمعها.

 

 

-------------------------------------------

 

 

يديعوت احرونوت 11/4/2025  

 

 

ترامب يستخدم نتنياهو لتمرير الصفقات مع ايران وتركيا

 

 

بقلم: ناحوم برنياع

 

 

باب القسم الغربي من البيت الأبيض يفتح امام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فيخرج منه الى الشارع.  يرتدي بدلة غامقة، بربطة عنق حمراء وقميص ابيض. باب السيارة المكيفة يفتح. يخرج منها رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو. يرتدي بدلة غامقة، ربطة عنق حمراء وقميص ابيض. ترامب يرى امامه ترامب. البدلة ذاتها، ربطة العنق ذاتها، القميص ذاته، اقصر بنصف رأس. مثل داني دي فيتو وارنولد سفارتسنغر في فيلم التوأم. مثل امرأتين ارتديتا الفستان ذاته لعرس ما. هو لا يحب ما يراه. ما الذي تفعله إذ تخدعني بترامبي ذاتي. فهو يرى وكأنه يريد ان يقول لنتنياهو، لكنه يضبط نفسه. اما الغضب فينفسه عليه بعد ذلك قرب الأخ في الغرفة البيضوية.  نتنياهو تلقى هناك معاملة ستة في سلم زلنسكي. الاريكة الصفراء ذاتها، الجلسة الاضطرارية ذاتها، التوبيخ، الصمت، على طرف الاريكة، مثل السفير التركي في اللقاء مع داني ايلون.

 

 

عندما هبط الرئيس أوباما في إسرائيل، في آذار 2013، استقبله نتنياهو ببدلة مشابهة لبدلته، بقميص مشابه لقميصه. بربطة عنق مشابهة لربطته بلون ازرق فاتح. عندما نزع أوباما الجاكيت ووضعه على كتفه، نزع نتنياهو الجاكيت ووضعه على كتفه.   ان شئتم مثل صموئيل ل. جاكسون وجون تربولتا في فيلم “أدب رخيص”. الرؤساء لا يحبون المشابهين الذين ينفثون في قذالتهم.   لاحقا قال أوباما انه عندما تحدث معه نتنياهو لم يكن واثقا من منهما هو الرئيس الأمريكي ومن هو رئيس وزراء إسرائيل.

 

 

لا ادري ما الذي وعد به ترامب، اذا كان وعد، لنتنياهو في موضوع ايران؛ لا ادري ماذا تساوي وعود رئيس نزواته هي التي تتحكم به. لكن الحدث في واشنطن يمكنه ان يطلعنا على الثمن الذي يدفعه رئيس وزراء على وضع كل البيض في سلة واحدة. رئيس امريكي تقليدي كان سيفهم بان رئيس الوزراء ملزم بان يعود الى الديار مع شيء ما: ان لم يكن استثناء إسرائيل فعلى الأقل تعيين طاقم يراجع الاعداد؛ ان لم يكن توافق على خطوة عسكرية ضد ايران فعلى الأقل تصريح مشترك قبيل المحادثات؛ ان لم يكن ابعاد تركيا عن سوريا، فعلى الأقل توافق على تقاسم مناطق النفوذ. فلرئيس وزراء إسرائيل أيضا يوجد ناخبون هناك حاجة لاسعادهم.

 

 

لكن ترامب، بشرانية تتخفى في صورة سخاء، اختار أن يذكر نتنياهو بان إسرائيل تتلقى مساعدة من أمريكا بمبلغ 4 مليارات دولار في السنة (هي تتلقى اقل، لكن ترامب لا تهمه الحقائق). “مبروك عليك”، هنأه ترامب بذات النبرة المريرة، التهكمية التي يهنئون بها الحساد من فاز بالجائزة الكبيرة في اليانصيب.

 

 

بدلا من لجم اردوغان، هو يعانقه؛ بدلا من ردع ايران، يغازلها. في مكالمة هاتفية اجراها مع نتنياهو بينما كان هذا في بودابست لم يتكبد عناء ان يروي له بانه بدأ بمحادثات مع ايران. نتنياهو سمع عن ذلك فقط من المبعوث ويتكوف بعد أن وصل الى واشنطن.

 

 

بالنسبة لترامب، فان الزعماء الأجانب أيضا هم وظائف ثقة. فكروا بالمفارقة: نتنياهو، الذي يسعى لان يحول كل الوظائف العليا في  الدولة الى وظائف ثقة، يكتشف في واشنطن انه في وظيفة ثقة لدى الرئيس الأمريكي، بدون محكمة العدل العليا لتحميه. هذه هي الملاكة، هذا هي المكانة: إما أن تطيع أو ترحل. ترامب يستخدم القوة العسكرية لإسرائيل كي يصل الى صفقة مع تركيا ومع ايران. لكن إسرائيل لا تهمه. هي مجرد أداة.

 

 

نتنياهو مركز على هدف. والهدف هو ابعاد ايران عن النووي. حسب نهجه، يمكن لهذا ان يتم بهجوم جوي، بمشاركة او باسناد أمريكيين؛ يمكن لهذا ان يتم باتفاق تملي شروطه إسرائيل. ترامب هو المفتاح: بدونه لا يمكن لاي شيء أن يحصل. ولهذا تأتي الممالأة. لكن يوجد الكثير جدا من الممالأة في المحيط، بحيث أن ثناء نتنياهو يستقبل بعدم اكتراث.

 

 

في شريط فيدو حرص على ان يصوره وينشره بعد اللقاء، طرح نتنياهو شرطا للاتفاق: ان تفجر ايران مشروعها النووي، مثلما فكك حاكم ليبيا معمر القذافي مشروعه في 2003 خوفا من هجوم امريكي. هذا طلب مرحب به لكنه غير عملي: تفكيك المشروع كان خطأ مأساويا من القذافي. فالتهديد بسلاح نووي كان يمكنه أن ينقذه وينقذ نظامه حين صفي في 2011. النظام الإيراني تعلم الدرس. وهو سيفعل كل ما في وسعه كي يبقى دولة حافة. التشبيه الذي اجراه نتنياهو مع ليبيا كان يستهدف تغذية المخاوف الإيرانية، التخريب على المفاوضات.

 

 

ستيف ويتكوف، الموالي لترامب، يفترض أن يدير بالتوازي ثلاث مفاوضات منفصلة، محملة بالمصير: تحرير المخطوفين وانهاء الحرب في غزة؛ انهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا؛ تفكيك النووي الإيراني.

 

 

ويتكوف هو رجل عقارات ناجح، نشيط، بلا تجربة دبلوماسية. حتى كيسنجر كان سيصعب عليه أن يأخذ على عاتقه ثلاث مهام كهذه، في نفس الوقت. ويتكوف يتعين عليه أن يفاضل. تحرير المخطوفين ستكون المهمة الأولى التي سيعالجها. نتنياهو لن يعارض: وجهته نحو ايران.

 

 

هو يراهن على تفجير المفاوضات وهجوم امريكي. هل هذا سيحصل؟ مشكوك جدا. هل سيصفي الهجوم التهديد النووي؟ مشكوك حتى اكثر من جدا. لكن اذا حصل هذا، يمكن لنتنياهو أن يقول لناخبيه: صنعت تاريخا، هاجمت ايران، طبعت العلاقات مع السعودية، انقذت إسرائيل، غيرت وجه الشرق الأوسط.

وعندها، أو عندها، يدعي مقرب لمقرب جدا، هو سيعقد صفقة قضائية ويعلن أنه يعتزل الحياة العامة؛ يعتزل في ذروته، محبوب ومعجب به من الجميع.  هل هذا سيحصل؟ شك عظيم. أُم – أُم – أُم  الشك.

-------------------------------------------

 

 

هآرتس 11/4/2025  

 

 

يستمر القتال في غزة على نار هادئة، وترى إدارة ترامب فرصة للتوصل إلى اتفاق آخر

 

 

بقلم: عاموس هرئيلِ

 

 

السر المحفوظ نسبيا هو أن القتال في قطاع غزة يكاد يكون معدوماً. لقد أنهت إسرائيل وقف إطلاق النار، مع القصف الجوي في 18 مارس/آذار الذي أودى بحياة نحو 400 فلسطيني، بما في ذلك كبار المسؤولين في حماس ومئات النساء والأطفال، ولكن منذ ذلك الحين لم يعد الجانبان إلى القتال حقا. يدير الجيش الإسرائيلي، بشكل محدود، ثلاثة فرق في قطاع غزة، ولكن هذه المقرات سيطرت على مناطق محدودة على مشارف القطاع، ولا تقتحم المدن المدمرة.

 

 

ولا يزال معظم جنود الاحتياط ينتظرون في منازلهم الدعوة، على الأقل خلال عطلة عيد الفصح. ولكن حماس أيضاً لا تستعجل زيادة الاحتكاك العسكري. هناك شكوك في أن الأطراف تتوقع تحقيق تقدم متجدد في المفاوضات بشأن صفقة الرهائن، وهو ما قد يعفيهم مؤقتا على الأقل من مواصلة الحرب.

 

 

الانطباع الواضح هو أن رئيس الأركان إيال زامير، الذي صاغ الخطط الهجومية الجديدة، حريص على عدم التورط في مواجهات قد تؤدي إلى سقوط عدد كبير من الضحايا. على الأقل طالما لا يوجد توجيه مباشر من الحكومة لإعادة احتلال القطاع. وتستعد إسرائيل بالفعل لاحتلال وتدمير مدينة رفح والسيطرة عليها، كنوع من العقوبة على الفلسطينيين إذا فشلت المفاوضات، لكنها في الوقت الراهن تتقدم ببطء شديد.

 

 

زار وزير الامن إسرائيل كاتس، يوم الثلاثاء، مشارف مدينة رفح برفقة وفد صحفي، مكملا بذلك ثلاث زيارات إلى سوريا ولبنان وقطاع غزة. وتفاخر كاتس بالسيطرة على قطاعات جديدة، منها السيطرة على محور موراج شمال رفح، وهو ما قال إنه يشدد الحصار على المدينة. في الممارسة العملية، كانت هذه خطوة هجومية تتطلب شركة. في الوقت نفسه، أوضح الجيش أن هدف العملية هو القضاء على لواء رفح. لكن الجيش الإسرائيلي كان قد أعلن بالفعل عن حل اللواء وهزيمته في 12 سبتمبر/أيلول من العام الماضي. بعد أسبوعين من قيام حماس بقتل ستة من الرهائن في نفق بالقرب من الحدود المصرية. نأمل أن نكون قد قضينا على لواء رفح؛ وأوه، ها هي تعود. ربما يكون هذا هو تقسيم شرودنجر بشكل عام، الموجود وغير الموجود في نفس الوقت.

 

 

تفسير هذه الظاهرة بسيط. وفي الأشهر التي ضاعت في مفاوضات غير مثمرة، حتى فرض ترامب اتفاقا أوليا على الأطراف، بدأت حماس تتعافى. وقد امتلأت صفوف التنظيم بعشرات الآلاف من الإرهابيين الجدد، من الشباب والمدربين بشكل سيء، ولكنهم يعرفون ما يكفي لإطلاق النار من بندقية كلاشينكوف أو إطلاق صاروخ آر بي جي. وبدأت حماس أيضًا في إعادة بناء منظومة إنتاج الصواريخ، ولن يكون مفاجئًا إذا حاولت تعطيل ليلة عيد الفصح غدًا. لا يزال زامير على حق في ملاحظته الأساسية.

 

 

ستواجه إسرائيل صعوبة بالغة في العيش مع نظام حماس على الجانب الآخر من الحدود في غزة، بعد أهوال المذبحة التي وقعت في السابع من أكتوبر/تشرين الأول. وستزداد الصعوبة في ضوء عودة المزيد من السكان إلى المنطقة. وفي الطرف الشمالي للقطاع، تقوم قوات الدفاع الإسرائيلية حاليا بعمليات تدمير واسعة النطاق لمنع الفلسطينيين من العودة إلى المناطق المقابلة للمستوطنات الإسرائيلية القريبة من السياج، من كيبوتس زيكيم إلى نحال عوز.

 

 

ولا يزال المسار البديل للصفقة قيد الدراسة. أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الليلة الماضية، أنه “يقترب من إعادة الرهائن إلى ديارهم”، وقال إن بلاده تجري محادثات مع إسرائيل وحماس بشأن هذه القضية. ويقود هذا المسار ستيف ويتكوف، مبعوث الرئيس. وفي محادثات متكررة مع عائلات الرهائن، يحدد ويتكوف الاستراتيجية: العودة إلى المفاوضات على أساس الاتفاق المصري وصياغة مرحلة انتقالية جديدة لعودة الرهائن. حماس تعرض إطلاق سراح خمسة رهائن أحياء في المرحلة الأولى وتطالب إسرائيل بـ11. وهناك خلافات أيضاً حول مفاتيح الإفراج (كم عدد الأسرى “الثقيلين” الذين سيتم إطلاق سراحهم مقابل كل أسير مخطوف) ومدة وقف إطلاق النار (50 إلى 70 يوماً). لكن ما يسعى ويتكوف إلى ضمانه هو التكملة؛ لوضع الأطراف على مسار يمكّنهم من التقدم نحو اتفاق لإنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الرهائن والقتلى. وينتظرهم اقتراح مصري آخر، وهو ما لا يرغب نتنياهو، بدعم من ترامب، في مناقشته الآن على الإطلاق. وتتحدث القاهرة عن إقامة نظام بديل في قطاع غزة، تحت غطاء حكومة خبراء، مع تواجد عسكري عربي، وتقليص القوة العسكرية لحماس.

 

 

من الممكن أن نرى مرة أخرى هذا الأسبوع مدى اهتمام رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمحنة المختطفين، عندما وصفت تغريدة رسمية من مكتبه عمري ميران من ناحال عوز بـ “المختطف المجري”، دون حتى أن يكلف نفسه عناء ذكر اسمه. ولكن ليس مشاعر نتنياهو هي التي ستقرر مصير الصفقة واستمرار الحرب، بل الخوف. لقد كتب في كثير من الأحيان أن رئيس الوزراء هو مجموع كل مخاوفه. في الوقت الحالي، وبفضل التحويلات المالية والصفقات السياسية المشبوهة، حكومته لا تزال مستقرة نسبيا. وفي المستقبل، قد يضطر نتنياهو إلى المناورة بشكل أكبر بين المطالب المتضاربة، من الوزير بتسلئيل سموتريتش من جهة، وترامب من جهة أخرى. علينا أن نأمل أن يكون خائفاً من ترامب أكثر من ذلك.

 

 

رد خطير

 

 

تبادل جنود الاحتياط في سلاح الجو، الذين وقعوا على الرسالة التي تدعو إلى العودة الفورية لجميع المختطفين، حتى لو كان ذلك على حساب وقف فوري للحرب في غزة، عدة روايات فيما بينهم في الأسابيع الأخيرة. النسخة النهائية التي نشرت أمس كانت جيدة إلى حد ما. ولا يتضمن حتى تلميحًا إلى نية إيقاف الخدمة احتجاجًا. في الواقع، من بين حوالي ألف من الموقعين، أعضاء طاقم الطائرة، حوالي 90% منهم هم من الضباط المتقاعدين الذين لا يخدمون بشكل نشط في الاحتياط. وتتضمن الرسالة انتقادات لاذعة لاستمرار الحرب، حيث تنص (بشكل مبرر) على أن كل يوم إضافي يعرض حياة الرهائن للخطر.

 

 

ويتبنى الموقعون على هذه الرسالة موقفا معقدا، ربما كان من المسلم به في السابق. يمكن للجندي الاحتياطي أن يفقد الثقة في أهداف الحرب الكبرى كما حددتها الحكومة، وفي الوقت نفسه يستمر في أداء واجبه، انطلاقا من شعوره بالالتزام. ويمكنه، عندما لا يكون يرتدي الزي العسكري، أن يعبر علناً عن هذا التنافر. لكن قائد سلاح الجو، اللواء تومر بار، بدعم من رئيس الأركان زامير، قرر أن ينظر إلى هذه الكلمات باعتبارها تعبيرا عن عدم الثقة بنفسه وبالقيادة العليا لسلاح الجو. وأعلن بار وزامير أمس بعد نشر الرسالة أن جنود الاحتياط الذين وقعوا عليها سيتم فصلهم من الخدمة. وكما كان متوقعا، سارع نتنياهو وكاتس إلى تقديم التهنئة.

 

 

ولكن من الناحية العملية فإن هذا يعد رد فعل مبالغ فيه على رسالة لا تتضمن حتى أدنى تلميح إلى الرفض، وهو مبرر بالحجة غير ذات الصلة بأننا “لن نعود إلى الوضع الذي شهدناه في السادس من أكتوبر”. وفي الممارسة العملية، اتخذ الطيارون والملاحون (الأغلبية العظمى منهم سابقون)، في نظرهم، خطوة احتجاجية مدروسة في ظل ظروف مستحيلة. وليس من المرجح أن يؤدي رد فعل الجيش الإسرائيلي إلى خلق أزمة أعمق فحسب، من العدم تقريباً ــ بل إنه يتجاهل كل ما يثير غضب الموقعين على العريضة: اغتراب الحكومة عن الرهائن، وهجمات نتنياهو الجامحة والمتكررة على قوات الأمن، وتراجع مصداقية الموقف الإسرائيلي بعد أن تم ضبط الجيش الإسرائيلي متلبساً بالكذب في قضية قتل العاملين في فريق الهلال الاحمر والقافلة الطبية في رفح. وبدلاً من التصرف كما لو كان سموتريتش وأوريت ستروك وعميت سيجال في قمرة القيادة معه، كان من الأفضل لبار أن يتبادل الحديث مع بعض أسلافه في المنصب.

 

 

هدف مذهل في مرماه

 

 

عندما سعى نتنياهو لفترة وجيزة إلى تعيين اللواء المتقاعد إيلي شارفيت رئيسا لجهاز الأمن العام (الشاباك) في وقت سابق من هذا الشهر، كان هناك على الأقل شخص واحد استجاب بشكل إيجابي للفكرة – رئيس الجهاز الحالي، رونين بار. ورأى أن ذلك قد يكون وسيلة لتخفيف حدة التوتر في المواجهة مع رئيس الوزراء. وسارع رئيس الأركان السابق غادي آيزنكوت (المعسكر الوطني) وغيره من كبار المسؤولين المتقاعدين إلى نشر بيانات أشادت شارفيت. وقد أبدى بار أيضًا إعجابه بما سمعه.

 

 

وأعد نفسه لمواجهة مع شارفيت وفكر في الانسحاب من المواجهة مع نتنياهو، وهو ما برر به أساسا بالخوف من تعيين شخص لا يستحق أن يحل محله. ولكن بعد بضع ساعات، ظهرت مشكلة. كان مرافقو نتنياهو مهووسين بصورة هراوة أحد المتظاهرين في شارع كابلان، وهو يرتدي العلم الوطني. لقد اندلعت شجار وتم إلغاء الموعد. والنتيجة معروفة: وقبيل جلسة الاستماع في الالتماسات المقدمة ضد إقالته، تم نشر وثيقة مثيرة للاهتمام قدم فيها تفاصيل أولية لإثبات ادعاءاته بأن نتنياهو حاول استخدام جهاز الشاباك بشكل غير مناسب لأغراض سياسية.

 

 

وفي جلسة الاستماع ذاتها، يوم الثلاثاء من هذا الأسبوع، سجل محامي رئيس الوزراء، المحامي صهيون عامير، هدفاً في مرماه مذهلاً عندما اتهم بار بعدم “التحرك ضد الرافضين للخدمة العسكرية”، أي جنود الاحتياط الذين هددوا بإلغاء تطوعهم في الجيش الإسرائيلي احتجاجاً على الانقلاب القضائي. ومن الواضح أن القضاة أصيبوا بالصدمة، ولكنهم على الأقل تلقوا تذكيراً بالعواقب الخطيرة المترتبة على تعيين رئيس للشاباك نيابة عن الحكومة.

 

 

أما بار، فيمكن الافتراض أنه شعر بالإهانة من السهولة التي تلا بها ممثل رئيس الوزراء في قاعة المحكمة نصوصاً من آلة السم، التي تتهم رئيس الجهاز بالإهمال المتعمد في التعامل مع التحذير من هجوم حماس ليلة السابع من أكتوبر/تشرين الأول. كما لاقت الاتهامات صدى بين حفنة من الشخصيات من الدرجة الثانية في الجمهور، الذين سيطروا على أجواء جامحة وسامّة بشكل خاص داخل وخارج القاعة.

 

 

ولم يكتف القضاة بتأجيل قرار الفصل، بل أصدروا تعليماتهم للحكومة والمستشارة القانونية غالي بهاراف ميارا ــ اللذان يقفان على جانبي السياج في الجلسة ــ بمحاولة صياغة ترتيب بديل حول رحيل بار، بحلول العشرين من الشهر الجاري. إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق، يجوز للنيابة تقديم بيان خطي إلى المحكمة العليا للعدل خلال مدة تصل إلى أربعة أيام لاحقة. وهذه وسيلة ضغط مهمة ضد نتنياهو، الذي لا يريد بالتأكيد الكشف عن المزيد من التفاصيل المحرجة، إلى جانب الادعاءات التي سبق أن قدمها بار وسابقوه في المنصب، ناداف أرغمان ويورام كوهين.

 

 

الإشارة التي وجهتها المحكمة العليا إلى نتنياهو واضحة: من أجل مصلحتك، حاول التوصل إلى حل وسط. وسمح له القضاة بمواصلة مقابلات المرشحين لخلافة بار، ولكن ليس بإكمال عملية الفصل نفسها. ومن خلال التلميحات التي قدموها، فمن المرجح أنهم سيحيلون في المستقبل بقية المناقشة إلى لجنة التعيينات العليا التي يرأسها القاضي المتقاعد آشر جرونيس. ويمكن الافتراض أنهم سيحرصون على عدم إقالة بار من منصبه طالما أن الشكوك المتعلقة بالعلاقات المالية بين مستشاري نتنياهو وقطر قيد التحقيق.

 

 

وبعبارة أخرى، ربما كانت المناورة القذرة التي قام بها رئيس الوزراء كافية لضمان بقاء بار في منصبه لعدة أشهر أخرى. وهذا ليس وضعاً مرغوباً فيه، بالمناسبة، عندما تكون العلاقات بين الاثنين متوترة إلى هذا الحد، ولكنه أفضل من تعيين خليفة مطيع ومقتضب في المنصب، ناهيك عن تجاهل الإجراءات.

 

 

في وضع طبيعي، يمكن للمرء أن يتخيل مئات الآلاف من المواطنين يسيرون في الشوارع حاملين المشاعل بعد نشر رسالة بار. هذه المرة، يبدو أن أغلب الجمهور استقبل الخبر باستياء شديد. بعد ليلتي غالانت الأولى والثانية، واستقالة رئيس الأركان السابق هيرتسي هاليفي، وإعلان نتنياهو عن إقالة بار، أصبح الإسرائيليون بالفعل على حافة اللامبالاة، وغير مبالين تقريبا بالأخبار السيئة. وفي أروقة الشاباك نفسه، يبدو الجو صعباً.

 

 

ويشعر العديد من الموظفين بأن الحانة تعرضت للظلم، ويشعرون بالغضب من أجواء الاضطهاد التي يواجهونها. ولكن في الوقت نفسه، هناك أيضًا اشمئزاز متزايد من الوضع الذي نشأ وتوقعات بتسوية من شأنها أن تنقذ مقر الخدمة من الطريق المسدود الذي فرضه الصراع بين نتنياهو وبار.

 

 

وفي هذه الأثناء، وليس من قبيل المصادفة، ظهرت قصة اللواء اليهودي في الخدمة. وتم تسجيل قائد اللواء (أ) سراً أثناء محادثاته مع ضابط الشرطة أفيشاي معلم، المفضل لدى الوزير إيتمار بن جفير، والذي تم اعتقاله للاشتباه في ارتكابه سلسلة من جرائم الفساد. وفي جلسة الاستماع أمام المعلم، وصف (أ) المشتبه بهم اليهود في جرائم الإرهاب بأنهم “عاهرات”، ووصف كيف يتم اعتقالهم في بعض الأحيان “حتى من دون أدلة”.

 

 

وقد تسربت هذه الكلمات بطريقة ما إلى عدد من الصحفيين ووسائل الإعلام المقربة من نتنياهو، في توقيت مثالي، قبل يومين ونصف من جلسة المحكمة العليا. وأصدر مكتب رئيس الوزراء بيانًا آخر صريحًا ومثيرًا للصدمة، اتهم فيه بار وبهاراف ميارا بتلفيق قضية للمجرم. أ. اضطر إلى الإعلان عن تعليق عمله.

 

 

قبل الانضمام إلى الصدمة، من المفيد أن نتذكر السياق الأوسع. في الوقت الذي يتهم فيه نتنياهو جهاز الأمن العام (الشاباك) بتقويض الديمقراطية، فإنه يحاول تفكيك النظام الديمقراطي في إسرائيل. الإعلان عن رئيس القسم اليهودي يهدف إلى تقديم الخدمة كعدو لقطاع المستوطنين بأكمله، في حين أن أحد القضاة في اللجنة هو نعوم سولبيرج. مقيم في غوش عتصيون. في حين أن اليمين يميل إلى التمرد ضد انتهاكات حقوق المشتبه بهم فقط عندما يكونون مرتبطين بها (النضال من أجل القاتل عميرام بن أوليئيل، وعلى النقيض من ذلك، التعبئة من أجل إيلي فيلدشتاين، المتحدث باسم نتنياهو، حتى أصبح من الواضح أن مصالح هذين الاثنين لم تعد تتقاطع).

 

 

وفي الخلفية، تظهر العلاقة المؤلمة بين اللواء اليهودي ومنطقة الشرطة، التي كان المعلم قائداً لوحدتها المركزية. وعندما تولى بن جفير منصبه، اكتشف جهاز الأمن العام (الشاباك) سريعاً أن روح قائد جديد قد سيطرت على المنطقة ــ عدم اتخاذ أي إجراء ضد المشتبه بهم اليهود بالإرهاب. وقد حدث هذا في شتاء وربيع عام 2023، عندما قام المتطرفون من اليمين المتطرف، رداً على الهجمات التي أصيب فيها المستوطنون وقتلوا، باستبدال كتابات “دفع الثمن” على الجدران بمذابح جماعية في قرى مثل حوارة ودوما. وأرسل جهاز الأمن العام (الشاباك) تحذيرات مفصلة إلى الشرطة بشأن أنشطة عنيفة مخطط لها في القرى، لكنه اكتشف أن ضباط المنطقة غير مستعدين لفعل أي شيء. وكانت المحادثات التي أجراها أ. – الذي يوصف بأنه مدير لامع، حاد اللسان، وميال إلى حد ما إلى الكوارث – تهدف إلى تجنيد المعلم للمهمة. والآن اتضح أن شخصًا ما، ربما كان طرفًا في المحادثات، حرص على تسجيلها. نتنياهو، في تصرف لا يمكن تصوره (سيكون من الخطأ وصفه بأنه مجرد صبياني)، قرر عدم استدعاء جميع رؤساء الأجهزة الأمنية لمناقشة مجلس الوزراء بشأن غزة وإيران مساء الثلاثاء، فقط لتجنب مقابلة بار. رسميا، هو لا يقاطع رئيس في الخدمة، لكن الوزراء المقربين منه يلمحون إلى أنه عمليا هذا هو ما ينوي القيام به طوال عطلة عيد الفصح. ولكن رئيس الوزراء لا يستطيع وقف التحقيق القطري، وحسب تصريحاته وسلوكه فإنه لا يزال متوتراً جداً بشأن هذا الأمر، واحتمال أن ينقلب أحد مستشاريه ضده في هذه القضية. ويظل بار، الذي لا يزال في منصبه، لاعبا رئيسيا في توجيه التحقيق، إلى جانب قسم التحقيقات في الشرطة الذي يحاول بن جفير ونتنياهو إخصائه.

 

 

وفي الخلفية، هناك نشاط قوي من قبل حسابات X (التي كانت تعرف سابقًا باسم تويتر) الناطقة باللغة العبرية في هذه القضية. وتنشر حسابات عدة بشكل منتظم شكوكاً وتكهنات وأحياناً مؤامرات حول عمق التغلغل القطري في مكتب نتنياهو وقطاع الأعمال في إسرائيل. في الماضي، عندما تم نشر اتهامات ووثائق غير مؤكدة بشأن نتنياهو والقطريين، كان جزء من هذا النشاط يُعزى إلى محاولات التأثير الأجنبية، ربما لأن القطريين جيران في الخليج. هذه المرة. وبناءً على مستوى الصياغة وعمق التوجه، يبدو أن هؤلاء هم المتحدثون الأصليون للغة العبرية. هذه حملة تأثير تقاوم، لأول مرة، نتنياهو وبوتاته، باستخدام أدوات مألوفة لدى الجميع.

 

 

هناك حاجة إلى خبير

 

 

لقد طغت قصة الرسوم الجمركية الأميركية على هذا الأسبوع. لقد هز الرئيس ترامب الاقتصاد العالمي بشدة ثم رفع المخاطر في الحرب التجارية مع الصين، فقط لكي يقوم بنصف تحول مساء الثلاثاء ويعلق التحركات لمدة ثلاثة أشهر. وفي الوقت نفسه، كان يتفاخر بأن رؤساء الدول كانوا يقومون برحلات حج إليه “لتقبيل مؤخرتي”، على حد تعبيره، في محاولة للتراجع عن شر المرسوم، أو على الأقل الحد منه. فهل كان يقصد أيضاً نتنياهو الذي سارع لزيارته (بدعوة من ترامب) يوم الاثنين؟ وفي الوقت نفسه، تعيش الأسواق العالمية حالة من الفوضى. لا يسع المرء إلا أن يتساءل عما إذا كان شخص ما مرتبط بطريقة ما بإدارة ترامب أو عائلته قد حصل على أرباح غير عادية من استثمار مستنير هذه الأيام.

 

 

وأمام الكاميرات يوم الاثنين، ألقى الرئيس قنبلة أخرى عندما أعلن استئناف المحادثات النووية مع إيران وعقد اجتماع في وقت مبكر من يوم السبت، غدا. ولم يكن نتنياهو متفاجئا، ولكنه بالتأكيد لم يكن مسروراً. إضافة إلى الإطراء الذي فرض على رئيس الوزراء عندما كان من الضروري ضمان خفض العجز التجاري بين البلدين، أجبره ترامب على إضفاء الشرعية على التحرك الأميركي ضد إيران، وهو ما يتناقض مع كل ما بشر به نتنياهو.

 

 

ويبدو، وفقاً للتسريبات المتكررة من حاشيته إلى وسائل الإعلام، أن إسرائيل والولايات المتحدة كانتا على بعد لحظات من تنفيذ هجوم مشترك على إيران. وهنا، مرة أخرى، يتبين أن ترامب يفضل قناة المفاوضات. ويشكل التهديد بالقصف حاليا رافعة لدفع المحادثات نحو إرضاء الأميركيين، رغم أنه قد يعود إلى الواجهة إذا فشلت الاتصالات. عاد ترامب أمس وذكر باحتمال وقوع هجوم.

 

 

المفاوضات أفضل من الحرب، ولكن كالعادة يجدر بنا أن نتجنب الأوهام. إن ترامب ليس رجلاً يهتم بالتفاصيل، والتهديد النووي، حتى لو كان يعارضه من حيث المبدأ، لا يثير اهتمامه بشكل خاص. من المرجح أن ما يريده نتنياهو حقا هو إعلان أنه نجح في حل صراع طويل الأمد وخرج باتفاقية أفضل من تلك التي صاغها في عام 2015 عدوه اللدود الرئيس باراك أوباما (انسحب ترامب، تحت تأثير نتنياهو، من تلك الاتفاقية بعد ثلاث سنوات). في إسرائيل، الناس قلقون من حقيقة أن موجة الاستقالات والإقالات في الإدارة، منذ أن أدى ترامب اليمين الدستورية كرئيس، تركت الأميركيين بلا خبراء نوويين عاملين تقريبًا. بدون خبراء في أي شيء، في الواقع. وهناك خطر يتمثل في أن الافتقار إلى المعرفة على المستوى المهني، إلى جانب إصرار ترامب على تقديم إنجاز، قد يلعب لصالح الإيرانيين في المفاوضات. ولكن من يجرؤ على تحذير الرئيس من مثل هذا الاحتمال؟

 

 

وفيما يتعلق بسوريا، فمن المشكوك فيه أيضاً ما إذا كان نتنياهو راضياً. واستولت إسرائيل على أراض في مرتفعات الجولان السورية وجبل الشيخ بعد انهيار نظام الأسد وسيطرة المتمردين السنة على البلاد في ديسمبر/كانون الأول الماضي. وبالنظر إلى الماضي، اتضح أن ترامب كان يعتقد أن إسرائيل كان ينبغي لها أن تستغل الوضع وتحتل المزيد من الأراضي. إن غزو سوريا له أسباب تكتيكية: فبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، أصبح من الصعب الدفاع عن المستوطنات الحدودية من خط الحدود، وخاصة أنه على الجانب الآخر هناك رجال مسلحون يتجولون في شاحنات بيك اب تويوتا، وبعضهم يريد تنفيذ مذبحته الخاصة. ولكن التحركات الإسرائيلية لم تتوقف عند هذا الحد. بعد تدمير مخازن الأسلحة للجيش السوري، مباشرة بعد سقوط النظام، بدأت مؤخراً حملة منظمة لمهاجمة المطارات والمستودعات العسكرية. والخلفية هي صراع على النفوذ مع تركيا، التي لم تعد تخفي نيتها في نشر أجنحتها على النظام الجديد وتعزيز مكانتها الإقليمية.

 

 

المشكلة هي أن كل هذا النشاط المستمر والاستباقي يزيد من خطرين: فتح صراع محلي لإخراج إسرائيل من الأراضي السورية وجبل الشيخ والجولان، على غرار الصراع الذي خاضه حزب الله في جنوب لبنان في التسعينيات؛ وإلى جانب زيادة التوترات مع تركيا، على خلفية العلاقة الصعبة بين نتنياهو والرئيس أردوغان وكراهيته لإسرائيل. ولم يترك ترامب مجالا للشك في مشاعره في هذه المسألة أيضا. وأكد أن أردوغان هو صديقه المقرب، وأن الرئيس الأميركي يتوقع من الأطراف أن تعمل على تسوية خلافاتها. وفي أول أمس، اجتمعت وفود من البلدين في أذربيجان، واتفقت على قناة اتصال بينهما لمنع تدهور الوضع الأمني.

 

 

لم يكن الأسبوع سهلاً بالنسبة لنتنياهو، مع وصول أنباء مخيبة للآمال ومقلقة من كل حدب وصوب. هل كان الأسبوع الماضي أفضل للمجتمع الإسرائيلي؟ ويعتمد هذا على التطورات في محكمة العدل العليا وفرصة التقدم بصفقة أسرى أخرى، دون تجديد الحرب في غزة بكامل قوتها. توفي أمس الصحافي المخضرم إسرائيل كاتسوفر، الذي عمل مراسلا عسكريا للصحافة الدينية والحريدية لأكثر من خمسة عقود (معظمها تحت اسم مستعار أ. بار).

قليل من الصحفيين يستطيعون الادعاء بأنهم نجحوا في الإطاحة بحكومة، في إسرائيل أو في أي بلد آخر. ولكن هذا ما فعله كاتسوفر عندما كان مراسلاً عسكرياً شاباً في عام 1976، كشف عن وجود احتفال لاستقبال طائرات إف-15 أثناء تدنيس السبت، مما تسبب في انهيار حكومة إسحاق رابين الأولى. بعد 49 عامًا، وبعد ذلك، وبين وزراء الحكومة التي قُتل تحت قيادتها أكثر من 1800 جندي ومدني واختطف 251، ولا يزال 59 منهم عالقين في الأنفاق في غزة، لا يوجد حتى تفكير في الاستقالة أو حل الائتلاف.

-------------------------------------------

 

هآرتس 11/4/2025  

 

اقالة الطيارين هي تطهير سياسي في الجيش

 

 

بقلم: يغيل ليفي

 

قرار رئيس الأركان اقالة الموقعين على عريضة رجال سلاح الجو ليس إلا بداية تطهير سياسي في صفوف الجيش. في نهاية المطاف الحديث لا يدور عن رجال ونساء في الاحتياط، الذين غيروا قواعد اللعب واعلنوا عن تعليق أو الغاء التطوع اذا استمر الانقلاب النظامي، كما حدث في 2023، بصورة انحرفت وبحق عن المباديء الأساسية للجيش في مجتمع ديمقراطي.

في هذه الحالة الحديث يدور عن رجال ونساء في الاحتياط (إضافة الى الذين ليسوا في الخدمة الفعلية)، يعبرون عن موقف سياسي مشروع. هم لا يربطون استمرار الخدمة بقبول هذا الموقف، بل يكتفون بالتعبير عن موقف والدعوة لتطبيقه.

تصريح قائد سلاح الجو، تومر بار، بأن “من وقع على نص يقول بأن استئناف الحرب هو بالأساس سياسي ويضر بإعادة المخطوفين لا يمكنه أداء مهمته في الاحتياط”، هذا يعتبر تآكل للمبدأ العالمي الذي يرتكز اليه الجيش. الجيش، لا سيما الخدمة الإلزامية، (الذي هو في الأصل جلب الطيارين الى دورات الطيران)، يملي الفصل بين الرؤية السياسية لجندي الاحتياط وبين مهمته العسكرية.

نحن سنحاول فقط تخيل ماذا كان سيحدث لو أن رؤية زمير – بار كانت سائدة في حرب الاستنزاف في لبنان في الأعوام 1982 – 1985. في تلك الفترة تظاهر عدد كبير من جنود الاحتياط ضد استمرار الحرب بدون رفض الخدمة. وقد مظاهراتهم اثرت على انتشار الجيش، كما أوضح ذلك وزير الدفاع في حينه موشيه آرنس. لو أن رئيس الأركان في حينه موشيه ليفي اتبع خطى زمير وطرد آلاف جنود الاحتياط الذين كانوا يتظاهرون، فان هذا التطهير السياسي كان سيمنع الجيش من مواصلة القتال في لبنان. هذه بشرى جيدة بحد ذاتها، لكنها ليست جيدة بالنسبة لأداء الجيش.

ما يطالب به الآن رئيس الأركان زمير ليس فقط تنفيذ المهمة، بل التماهي العسكري معها. هذا يعتبر تطهير سياسي على صيغة الجيش التركي، الذي من غير الواضح أين سيتوقف. ولا يقل عن ذلك خطورة تجند زمير وبار لمنع نشر الرسالة، الامر الذي يحولهما من منفذين لسياسة الحكومة كما هو مطلوب من قادة الجيش، الى وكلاء سياسيين للمنتخبين. أي رئيس اركان لم يتجرأ على اجتياز هذا الخط الأحمر.

زمير لا يعرف كيف يعمل الجيش في ظل التجنيد الالزامي في ظل نظام ديمقراطي. المسؤولية عن ترسيخ ثقة رجال ونساء الاحتياط بمهمات الجيش هي من مسؤولية القيادة السياسية المنتخبة. الثقة ليست مجرد واجب امتثال ملقى على رجال الاحتياط، بل هي قيمة يتم امتلاكها من خلال الحوار بين الدولة ومواطنيها بشكل عام وجنودها بشكل خاص.

حيث فشلت القيادة في الحصول على الثقة فان المخرج هو تغيير السياسة أو استثمار الجهود لاعادة الثقة – لكن ليس التطهير السياسي. صحيح أنه كان من الأفضل عدم تطور هذا النوع من العمل الجماعي تحت اسم سلاح الجو، لكن القيادة هي المسؤولة عن ازمة الثقة التي أدت الى ذلك.

زمير أيضا لا يدرك بأن النظام التاريخي الذي بني هنا مكن هؤلاء المساهمين في الجيش من اسماع صوتهم بفضل اسهامهم العسكري، الذي يربط احتجاج رجال الاحتياط من الوسط – يسار في حرب لبنان الأولى باحتجاج معتمري القبعات على سياسة انضباط الحكومة في العقد الأخير واحتجاج الطيارين الحالي. من يحاول نزع هذا الحق فانه يشوه أسس النظام الذي يمكن من وجود جيش الاحتياط.

هل بالصدفة الإقالة تأتي بعد يوم من محاولة تصفية قائد كتيبة الشجاعية، التي زادت حماس اليمين – 36 قتيل وعشرات المصابين كـ “ضرر جانبي” بسبب القصف من الجو؟ هل هذه هي نتيجة تشير الى الروح الهجومية لرئيس الأركان الجديد؟.

-------------------------------------------

 

هآرتس 11/4/2025  

 

أسلوب الصدمة الترامبي نجح أيضا مع نتنياهو

 

 

بقلم: نحاميا شترسلر

 

هذا كان أسبوع اقتصادي هستيري، استثنائي وغير مسبوق. دونالد ترامب اصعد الاقتصاد العالمي على قطار جبلي مجنون، الذي تم هزه من اعلى ومن اسفل بشكل هستيري. بورصات انهارت ونهضت، الدولار سار بتمايل وكأنه ثمل، توفيرات مسحت وبعد ذلك عادت، كل الاقتصاديين في العالم تنبؤوا بركود مخيف – الى أن قام ترامب بتغيير الاتجاه وأعادنا الى الوضع الطبيعي نسبيا.

أيضا في هذه المرة هو استخدم “أسلوب الصدمة” خاصته. قبل عشرة أيام انزل الضربة الأولى الكبيرة، عندما قام بفرض الجمارك على 87 دولة. إعلانه هذا أدى الى هبوط أسعار حاد في البورصات، وصرخة استغاثة من كل جهة. المرحلة الثانية في الخطة كانت ابلاغ العالم بطلب عشرات زعماء الدول رفع عنهم هذا القرار. وقد رد على طلبهم بالفظاظة التي تميزه: “هناك دول تقوم بالاتصال وتقبل مؤخرتي من اجل التفاوض على الجمارك”.

بعد ذلك جاءت المرحلة الثالثة في “أسلوب الصدمة”: تحويل اتجاه ثلاثي. خفض الجمارك الى مستوى معقول هو 10 في المئة (باستثناء جمارك كبيرة على الصين)، والموافقة على مفاوضات ستلغي الجمارك المفروضة على التصدير الأمريكي. هذا في نهاية المطاف كان هدفه الرئيسي. هل ربما هو غير غبي جدا كما يحب كثيرون القول؟.

هناك أمر واحد مؤكد وهو أن نتنياهو لا يفهمه على الاطلاق. هو لم يقرأه ولا يتنبأ بتوجهه. هو في الواقع يعرض ترامب كالصديق الأفضل، لكن الرئيس يستخف به ويستغله.

في المؤتمر الصحفي في الغرفة البيضوية جلس نتنياهو وهو متكدر بسبب الخوف. للوهلة الأولى كان يبتسم ابتسامة مصطنعة حاول من خلالها إخفاء الاحراج. لقد خاف من أنه اذا قال كلمة تحفظ واحدة فان ترامب “سيفعل به ما فعله بزيلنسكي”. لذلك هو صمت. فقط في اليوم التالي عندما وقف بجانب طائرة “جناح صهيون” في طريق العودة الى البلاد، وبعد أن فحص بأن ترامب غير موجود في المحيط، جند القليل من الشجاعة (غير الموجودة لديه) واطلق بعض جمل متحفظة حول الموضوع الإيراني. اريئيل شارون وصفة بشكل دقيق عندما قال “نتنياهو هو شخص مضغوط وضاغط، يدخل الى حالة الخوف ويفقد رباطة الجأش. هو لا يمكنه القيادة”.

تبين ايضا أن نتنياهو مفاوض سيء بشكل خاص. فهو في الواقع لا يعطي ويأخذ، بل يعطي ويعطي. مثلما في المفاوضات الائتلافية هكذا أيضا في موضوع الجمارك. لقد خفض مسبقا الجمارك على استيراد المواد الغذائية من أمريكا، وهكذا قام باضاعة الورقة الوحيدة التي كانت لديه. في الواقع ليس فقط لم يحصل على مقابل من ترامب، بل هو حصل على ضربة أخرى عندما قال الرئيس بأن إسرائيل تحصل على 4 مليارات دولار كل سنة من الولايات المتحدة، وكأن الامر يتعلق بمنحة وليس صفقة استراتيجية. في نهاية رحلة الإهانة مدح ترامب بالذات رجب طيب اردوغان، مثلما مدح في الولاية السابقة له حاكم كوريا الشمالية كيم جونغ اون، الى درجة أن الأخير ضحك عليه ولم يقم بتفكيك أي منشأة نووية. اردوغان هو لاسامي يكره إسرائيل، لكن ترامب قال: “أنا أحبه وتوجد لي علاقة رائعة معه. أي مشكلة مع تركيا سأساعد في حلها. فقط يجب عليكم أن تكون عقلانيين”. عقلانيون؟ في نهاية المطاف اردوغان أمل بأن “يدمر الله إسرائيل”.

ذروة الإهانة جاءت عندما اعلن ترامب بشكل مفاجيء أنه سيقوم باجراء مفاوضات مباشرة مع ايران حول اتفاق نووي جديد في يوم السبت. نتنياهو أمل أن يهدد ترامب بهجوم عسكري، لكن الرئيس أراد “صفقة”. الإيرانيون يحبون الصفقات. هم يطالبون الآن بـ “بادرة حسن نية” على شاكلة رفع العقوبات الاقتصادية، ومن الواضح أن أي اتفاق لن يوقفهم عن مواصلة السير نحو القنبلة.

منذ العام 1993 ونتنياهو يثرثر حول موضوع النووي الإيراني، لكنه لا يفعل أي شيء باستثناء التكلم وعرض رسومات توضيحية في الأمم المتحدة. إضافة الى مسؤوليته عن المذبحة في 7 أكتوبر فان الشخص الأكثر حقارة في تاريخ الشعب اليهودي هو المسؤول أيضا عن الفشل في مسألة النووي الإيراني.

-------------------------------------------

 

هآرتس 11/4/2025  

 

هناك اكثر من تفسير لقرار نتناهو الامتثال لقرار المحكمة العليا

 

 

بقلم: يوسي فارتر

 

في الدقائق الثمانين التي مرت منذ اصدار قرار المحكمة العليا بشأن رئيس الشباك رونين بار حتى رد رئيس الحكومة حلق في الجو سؤال واحد فقط وهو هل سيمتثل أم لا. كانت هناك كل الأسباب للاعتقاد أن بنيامين نتنياهو سيستخف بالقرار. فقد لمح لذلك اكثر من مرة. وفي نهاية المطاف هو امتثل ولكن مع التنهد.

عدد من الوزراء لم يحبوا هذا الاستخذاء اليساري. شلومو قرعي وايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش بالطبع. أيضا الوزير المناويء للتعليم والشاحنة السياسية يوآف كيش غرد برأيه غير الحكيم: “رونين بار يجب أن ينهي منصبه في 10/4”. ما هو الغريب عندما مئات الطلاب العباقرة الذين كل واحد منهم كان يمكن أن يكون وزير للتعليم افضل منه، يطردونه من مباني الأمة.

لماذا تراجع نتنياهو؟ حسب احد التفسيرات هو خشي من أن يفتحوا عليه باب جهنم اذا تم طرد بار؛ مظاهرات كبيرة، اضراب عام. حسب تفسير آخر فان الصفعة التي حصل عليها من الرئيس ترامب جعلته ينثني. لقد فقد بعض ثقته بنفسه. الآن بقي فقط رؤية هل التغريدة هي ظاهرية فقط – أي أن بار سيتم ابعاده عن النقاشات الأمنية (لم يتم اول أمس استدعاء أي من قادة جهاز الامن للمشاركة في جلسة الكابنت)، أو أن العقلانية ستعود لرئيس الحكومة.

النقاشات في المحكمة العليا، لا سيما الظهور المتغطرس لمندوب الحكومة تسيون أمير، عكست بشكل دقيق العالم المشوه لمن ارسله. سلسلة طويلة من الذرائع التي كانت مضحكة في أسوأ الحالات وكاذبة في الحالات الأكثر سوءا. أسلوب المسرح لم يغطي وبحق على مضمونها التشهيري. مثلا، يمكن الافتراض بأن اتهام رئيس الشباك بعدم معالجة قضية رفض الخدمة في السنة التي سبقت هجوم حماس، كان بتوجيه من نتنياهو. ومشكوك فيه اذا كان امير، الذي كان يثق كثيرا بنفسه، عرف أن ادعاءه يعزز شهادات بار ونداف ارغمان ويورام كوهين. الثلاثة تحدثوا كل واحد بطريقته بأن نتنياهو طلب منهم استخدام قدرات الجهاز ضد مواطني إسرائيل.

امير هو في نهاية المطاف جندي صغير في حرب نتنياهو لهزيمة مؤسسات الدولة، وتغيير طابعها الى الأسوأ بشكل دائم، مثل الوزراء وأعضاء الكنيست والابواق. النقاشات في المحكمة العليا كانت في ذروة قتال الجيش في قطاع غزة. في كل الأيام التي سبقتها فان العملية العسكرية العبثية هذه لن تتعيد أي مخطوف (هناك تقارير تقول بأن ترامب يعمل على صفقة شاملة)، لكنها خلقت اعداد فظيعة من القتلى الفلسطينيين غير المشاركين. ويضاف اليهم الانتقاد الدولي الذي نحن لا نوفر له أي أسباب كافية للتوقف عن التهديد.

نتنياهو لا يهمه وبحق تدمير جهاز القضاء في إسرائيل من وجهة النظر الدولية. وها هو يشاهد النتائج: ترامب ارسل تهديد فارغ للمحكمة الدولية في لاهاي مثل آلاف التهديدات الفارغة حول آلاف المواضيع التي يطلقها كل يوم؛ فيكتور اوربان، مع كل المراسيم والزينة الملكية المصطنعة والمخصصة بشكل خاص للضيوف الذين يحبون الملذات، انسحب من البلاط اثناء زيارة نتنياهو. هذه لفتة بين الديكتاتوريين.

هل بسبب اوربان، ترامب ونتنياهو، المؤسسات الدولية ببساطة ستنهار وتختفي؟ لا. وماذا بشأن آلاف الجنود والضباط الذين سيهددهم خطر الاعتقال في عشرات الدول؟ ليسافروا الى بودابست. وباعادة صياغة النكتة المبتذلة فانه اذا لم يسافر بيبي الى حيث يرغب فان لا أحد سيسافر الى حيث يرغب.

الإسرائيليون العقلانيون يتابعون بقلق جميع جبهات القتال: المحكمة العليا، الشباك، المستشارة القانونية للحكومة والمخطوفين. جزء من العمليات اقل ضجة، لكنها لا تقل عن غيرها خطورة. هذا هو الاجراء الذي اطلقه نتنياهو من اجل المس بما بقي من وسائل الاعلام الحرة. في معظم المواضيع الموجودة على الاجندة (قانون التصنيف والشركات وما شابه)، وزير الاعلام السام شلومو قرعي عمل الكثير لوحده، بدون الكثير من الدعم والجهد من قبل نتنياهو. الآن الديكتاتور الطموح هذا اصبح جاهز للتقدم الى الامام بدون أي قيود.

اوربان قام بتعليمه أنه من اجل استكمال المهمة يجب السيطرة، أو على الأقل شل في نفس الوقت جميع الأجهزة: منظومة انفاذ القانون، المحكمة، البرلمان، الخدمات العامة، الامن السري وبالطبع، الاعلام. بعد سنة ونصف على الحرب التي سبقها انقلاب نظامي كارثي فان هذه هي بشرى بنيامين نتنياهو. الكثير من الاوصاف السيئة والمبررة ارتبطت بهذا الشخص. يجدر الذكر بأن هناك واحدة منها لا تقل أهمية عنها جميعا وهي أنه شخص متعب. كم دولة يمكنه أيضا أن يحتمل؟ كم يمكنه العيش طوال الوقت في حالة قلق من نشرة الاخبار القادمة؟ التنهد بيأس امام فشل آخر ومظالم أخرى وتشهير آخر والاشمئزاز من كشف آخر للشر (انقضاض البيبيين القبيح على ليري الباغ)، التحريض (الهجوم القبيح لنتنياهو على رجال سلاح الجو الذين سماهم “رافضين للخدمة” و”مجموعة هامشية متطرفة”، في الوقت الذي يضخ فيه مليارات الشواقل للصارخين “نموت ولا نتجند”)، الفوضى (الهياج القبيح والمنسق في المحكمة العليا)، الانقسام (التجاهل القبيح لياريف لفين، المارق في جهاز القضاء، لرئيس المحكمة العليا اسحق عميت. الفاشية والوقاحة تسيران معا مثل السمك والفجل). ما هو الحل اذا لدى من اوجد ذلك؟ تغيير التغطية الاعلامية وليس الواقع.

 

دكتوراة في عدم الاحترام

 

عندما بشر الرئيس ترامب العالم بالبدء في محادثات مباشرة على مستوى عال بين الولايات المتحدة وايران نتنياهو ظهر مثل الذي يفضل أن يكون في قاعة القاضية الرحيمة رفقة فريدمان – فيلدمان. عيونه نظرت الى كل الجهات مثل الحيوان في ضائقة. بعد ذلك جاءت تصريحات المحبة لاردوغان بعد أيام من أمل الأخير: “ليت الله يدمر إسرائيل”؛ أيضا ترامب رمى عظمة لرئيس الحكومة (“هو زعيم كبير”)؛ مديح مشابه حصل عليه منه في السابق فلادمير بوتين وكيم كونغ أون.

الضربات لم تتوقف للحظة، حتى عندما وصل نتنياهو الى البلاد. ففي حدث احتفالي للحزب الجمهوري ترامب استهزأ بالزعماء الذين “يقبلون مؤخرتي” من اجل منحهم اعفاء في موضوع الجمارك؛ للحظة الدعوة التي تفاخر بها نتنياهو، “أن يكون الزعيم العالمي الأول” الذي تمت دعوته من الرئيس من اجل مناقشته في القضية الاقتصادية، أصبحت سيف ذو حدين، نوع من القبعة الحمراء مثل لون ربطة عنقه المتملقة. يبدو أن الأفضلية الجيوسياسية الوحيدة في هذه الاثناء من ناحية رئيس الحكومة هي أن يكون في الجانب الجيد لهذا الازعر العالمي. هذه ليست بالضبط استراتيجية للمدى البعيد. ترامب استخدم نتنياهو من اجل ارسال رسالة للعالم: انتبهوا الى أي درجة بيبي محكوم لي؛ هو يصعد الى الطائرة مع مهلة يوم ويأتي ويقول جملتين – يحصل في المقابل على لا شيء ولا شيء – تقريبا كان سيصاب بنوبة قلبية عندما اكتشف بأنني أجري محادثات مع ايران (التي ستستمر في يوم السبت)، ولكن لسوء الحظ يجب عليه الابتسام. فهو محكوم لي.

بعد اللقاء الذي لا ينسى قام نتنياهو بنشر فيلم قال فيه: “هذه كانت زيارة جيدة جدا! زيارة دافئة!”. لا شك أنه تعرق. في حالة فزع وخيبة أمل بسبب رفض الرئيس، بالسر والعلن، طلبه لتخفيض تعرفة الجمارك التي فرضها على إسرائيل من 17 في المئة الى 10 في المئة، قام بإصدار تصريح دراماتيكي: سأقوم بمحو العجز التجاري بين الدولتين، الذي يبلغ 7 مليارات دولار. هذا يذكرني بتصريح (دراماتيكي) سابق له، في خطابه الأول في الكونغرس قبل ثلاثة عقود تقريبا. من أجل أن يبتز تصفيق الجمهور وعد بأن تتنازل إسرائيل على مراحل عن كل المساعدات الأمنية الامريكية (التي تبلغ الآن 4 مليارات دولار في السنة كما ذكر ذلك الرئيس الأمريكي بشكل حامض. هذا هو الرجل: ينثر التصريحات الفارغة مثل قطع الورق الملونة في حفل زفاف بدون مراعاة للمعنى. أي اقتصادي مبتديء يعرف أن “انهاء العجز التجاري” امام الولايات المتحدة سيلحق بمواطني إسرائيل ضرر كبير، حتى اكثر من الجمارك. نتنياهو يجب عليه معرفة ذلك.

الرحلة الطويلة في ارجاء العالم في طائرته الخاصة، ظروف انطلاقه وكل ما تراكم اثناء الرحلة، تثبت بشكل جيد سوء وفظاعة الفترة التي نعيش فيها. زعيم يتهرب من البشرى ويتملص من التحقيق بعد لحظة من البدء في تصفية حراس العتبة الذين ما زالوا يدافعون عن إسرائيل الديمقراطية منه. الوضع في الجامعة العامة في بودابست كان مخيف جدا. لقد بدأ نتنياهو خطابه بقصة: “والدي المتوفى قال لي: كي تقود دولة يجب أن تكون واسع المعرفة، وإلا فان الموظفين سيسيطرون عليك”، قال وأضاف. “هذا ما يسمى بـ “الدولة العميقة”.

رئيس حكومة إسرائيل يقف في جامعة عامة في دولة أيضا التعليم العالي فيها وجهاز القضاء ووسائل الاعلام أيضا تم تدجينها منذ زمن؛ ويحصل على “دكتوراة فخرية” ملوثة، التي أي زعيم أوروبي كان سيخجل من الحصول عليه؛ ويلقي خطاب عن حربه ضد دولته مرة أخرى، اثناء تواجده في عاصمة اجنبية. في وضع معاكس هو وطائفته كانوا سيسمون ذلك “مسرحية كراهية الذات واللاسامية الذاتية”.

اثناء زيارته في بودابست، في المحادثة الثلاثية مع اوربان وترامب، أمل نتنياهو تأسيس الحلف الهنغاري، بعد واشنطن، الحلف الهنغاري لم ينشأ، لكن الحلف التركي ربما سيتم فرضه على إسرائيل.

-----------------انتهت النشرة-----------------

disqus comments here