المشاركة السياسية والاقتصادية للمرأة الفلسطينية ودورها في صنع القرار
Sun 09 November 2025
المرأة الفلسطينية لطالما كانت رمزا للصمود والنضال، ليس فقط في مواجهة الاحتلال والتحديات اليومية، بل أيضا في السعي نحو تحقيق المساواة والمشاركة الفاعلة في المجتمع. مشاركتها السياسية والاقتصادية ليست مجرد حق، بل ضرورة لتحقيق العدالة والديمقراطية، وإثراء القرارات الوطنية التي تؤثر على حياة المجتمع ككل.
على الأرض، نجد أن النساء الفلسطينيات يعملن في بيئات مختلفة، من المخيمات إلى المدن، ومن المؤسسات الحكومية إلى الجمعيات والنقابات، حيث يثبتن قدرتهن على القيادة والإبداع، رغم العقبات الكثيرة التي تواجههن. هناك نساء يواجهن رفض بعض الزملاء أو المسؤولين لتولي المناصب القيادية، مستندين إلى أفكار مسبقة عن أن "القيادة وظيفة للرجال". تقول إحدى العضوات في اتحاد نقابي:
"في البداية، كان بعض الزملاء يعارضون أن أتولى منصبًا قياديًا، بحجة أني امرأة، لكن بعد عدة أشهر من العمل، أصبح الجميع يعتمد على أفكاري، وأدرت الفريق بكفاءة."
في المقابل، هناك من يفضلون أن تكون المرأة المسؤولة، لأنها تفهم احتياجات الفريق، وتتمتع بأسلوب إدارة أكثر مرونة، وتستطيع التعامل مع الضغوط بطريقة عادلة، كما تقول إحدى النساء العاملات في جمعية نسائية:
"عندما توليت إدارة مشروع، لاحظ الجميع أن القرارات صارت أكثر انسجامًا مع الجميع، وأن فرق العمل تعمل بانسجام أكبر، والنتائج كانت مبهرة."
لكن التحديات ليست فقط من الرجال أو المجتمع؛ هناك نساء لا يرغبن بالمشاركة رغم كفاءتهن العالية، ربما خوفا من التحامل أو البيئة التقليدية، بينما توجد نساء مؤهلات بالكامل لكن لا تتاح لهن الفرص لتولي المناصب أو المشاركة في صنع القرار. هذا الواقع يبرز أن تمكين المرأة لا يقتصر على منصب رسمي، بل يشمل توفير بيئة داعمة، موارد، تدريب، ومساحة للإبداع والمبادرة.
الاتحادات الفلسطينية والنقابات المهنية تلعب دورًا أساسيا في تمكين المرأة سياسيًا واجتماعيًا. عبر هذه المنابر، تستطيع المرأة المشاركة في وضع السياسات، الدفاع عن حقوقها وحقوق المجتمع، وتقديم مقترحات استراتيجية تؤثر في القرارات العامة. مشاركة المرأة في الانتخابات المحلية والمجالس النقابية، وفي لجان صنع القرار بالمجتمع المدني، تعزز من تأثيرها السياسي وتفتح أمامها فرصًا لتطوير مهارات القيادة وإدارة الفرق.
قصص النجاح كثيرة:
سيدة كانت عضوة في جمعية خيرية في المخيم، واجهت تحاملًا مستمرًا بسبب جنسها، لكنها نجحت في قيادة مشروع لتطوير برامج الشباب، وأصبحت نموذجا يُحتذى به.
أخرى كانت عضوة في اللجان الشعبية واجهت اعتراضات على وجودها في البداية، لكنها تمكنت من تقديم أفكارها ومشاركتها نال ثقة الجميع، وأثبتت أن المرأة قادرة على إدارة شؤون المجتمع بكفاءة واحترافية.
ولا يقتصر دور المرأة الفلسطينية على الداخل، فهناك نساء عالميات ساهمن في دعم القضية الفلسطينية ونصرتها على الصعيد الدولي. على سبيل المثال:
فرانسيسكا ألبانيزي، الناشطة الإيطالية، التي كرّست جهودها للقضايا الإنسانية والدفاع عن حقوق الفلسطينيين، وواجهت تحديات كبيرة في إظهار الحقيقة والدفاع عن القيم الإنسانية على مستوى المجتمع الدولي.
نساء الأسطول الحرية اللواتي شاركن في محاولات كسر الحصار عن غزة، حيث أبدين شجاعة استثنائية ومثابرة في مواجهة التهديدات والتحديات الدولية. هذه النماذج العالمية تذكّرنا أن التمكين والمشاركة السياسية للمرأة ليسا محدودين بالمكان أو الوقت، بل هما حق عالمي وواجب إنساني.
رغم النجاحات، ما زلنا نواجه واقعا صعبا أحيانا: حضور اجتماع يحتوي على امرأة واحدة فقط، بينما يهيمن الرجال على النقاشات والقرارات، واقع يفرض علينا تحديًا مزدوجا: إثبات الكفاءة، والمطالبة بالتمثيل العادل. تمكين المرأة الفلسطينية ليس رفاهية، بل ضرورة اجتماعية وإنسانية لضمان اتخاذ قرارات عادلة ومتوازنة. كل منصة تمنح للمرأة، وكل فرصة تُتاح لها لتكون فاعلة ومؤثرة، تعني خطوة نحو مجتمع أكثر عدالة وتقدمًا.
المرأة الفلسطينية، سواء في الداخل أو على المستوى الدولي، تثبت يوميًا أن القيادة ليست حكرا على أحد، وأن مشاركتها تصنع فرقًا ملموسًا على الأرض. حان الوقت أن نضمن حضورها في كل اجتماع، كل لجنة، وكل قرار مصيري، لأن المجتمع الذي لا تمثل فيه النساء نصف السكان هو مجتمع مفقود نصف قوته وإبداعه.